يقول الفقيه القانوني المغربي محمد الإدريسي العلمي المشيشي بالتخلي عن مادة مدونة الأسرة التي تفتح الباب للقضاة للرجوع إلى اجتهادات الفقه المالكي في ما لم يرد به نص في المدونة، نظرا لصعوبة تطبيقها وغموضها وفتحها الباب لاجتهادات غير قابلة للحصر.
وفي تقديم كتاب “مدونة الأسرة بين الآنية ومتطلبات الإصلاح”، الصادر عن منشورات مركز سوس ماسة للدراسات القانونية والقضائية المعاصرة، شرح وزير العدل الأسبق والأستاذ الفخري بجامعة محمد الخامس موقفه من “المادة 400″، التي تقول إن “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”.
وتابع عَلَم الفقه القانوني: “لا شك أن المقصود من هذه القاعدة هو سد ثغرات المدونة، لكن الثغرات ليست هي السبب الوحيد لصعوبة تطبيق عدد من مقتضيات المدونة، فهناك الغموض والتوزيع بين فصول مختلفة والتجاوز بفعل الزمن وتطور المجتمع في المعاملات غير الدينية؛ ولا تقرر المدونة قاعدة محددة لحلها، بحيث تبقى خاضعة للقاعدة القانونية أي اجتهاد القضاء”.
وذكر المشيشي أنه “لا أحد يمانع أو يجادل في شرعية هذه القاعدة، لما لها من طبيعة عضوية أو بنيوية في العمل القضائي، وفي تطوير وتحسين التشريع”، لكنه استغرب “تخلي المشرع عنها لسد ثغرات المدونة؛ علما أن مضمون الإحالة ذاته يزعج ويعقد جهد القاضي بصرف النظر عن صواب الموقف الذي سيصل إليه”.
وحول رأي أن “المادة 400 لا تحصر الإحالة على المذهب المالكي وحده، لأنها تعطف عليه الاجتهاد”، علق القانوني بقوله إن “الصياغة لا تسعف، لأنها عامة ولا تبين محل الاجتهاد، أي هل هو المذهب المالكي أم الاجتهاد القضائي كما هو معلوم؟”، وزاد: “لا نعرف هل أثيرت هذه المسألة، وهل لمحكمة النقض قول فيها. وعلى كل حال إذا تصيَّر المعنى إلى الاجتهاد القضائي فإن الإحالة على المذهب تفقد فائدتها وتصير حشوا مخلا بأسلوب القانون وصياغته. أما إذا كانت الإحالة على الاجتهاد الفقهي في المذهب فإن الأمر يزداد صعوبة وتعقيدا، لأن الإحالة على المذهب المالكي فقط، بدون إضافة الاجتهاد، تنطوي هي ذاتها على إشكال عويص”.
ويذكّر الكاتب ذاته بأن الإمام مالك لم يكتب مذهبه، “بل رفض حتى كتابة مؤلف يجمع المسلمون عليه رغم طلبه من الخليفة أبي جعفر المنصور نفسه، وما يُتعارف عليه بمذهبه هو التوجه المستنتج من مضمون كتاب الموطأ”، واسترسل شارحا: “الموطَّأ تجميع للدروس التي ألقاها حوالي أربعين سنة، وكان يزيد فيها أو ينقص أو يصحح أو يترك بين الفينة والأخرى حسب ما يستقر عليه اجتهاده. ومن الضروري الاعتراف بأن الكتاب لا يعني المذهب؛ ويتجلى ذلك بوضوح في تعدد النسخ التي حررها طلبته كل طبقا لما سمعه وقت تتلمذه على الإمام، وبلغ عددها عشرين نسخة عند القاضي عياض؛ كما يتجلى بقوة في الشروح الغزيرة المطبقة على كل نسخة. ولم تدخل كل تلك النسخ إلى المغرب، وغالب الظن أن المعمول به هو النسخة المنسوبة إلى يحيى الليثي كما أخذها عنه أو أخذها هو عن علي ابن زيادي العبسي التونسي، التي دخلت إلى المغرب عبر الأندلس”.
وواصل العلمي المشيشي: “من المعلوم أن ما كتبه العلماء انطلاقا من الموطأ كما هو متداول في المغرب يستعصي حصره، وكله يدخل في مفهوم المذهب المالكي، وبالتالي يجوز لنا التساؤل عن المدلول الدقيق لعبارة المذهب المالكي في المادة 400 من مدونة الأسرة؛ لأن كل فقيه أو عالم في المذهب يعطي رأيا أو حلا، بحيث قد يصل ذلك إلى عشرة أو أكثر تدعي كلها المذهب المالكي، فأيها يختار القاضي الراجع إلى المذهب؟”.
ولا يرى الفقيه القانوني مخرجا “باللجوء إلى الراجح أو المشهور، أو ما جرى به العمل، فكل ذلك يتغير ويتطور مع مرور الزمن”، وبالتالي فإن “الحل يكمن في التخلي عن مضمون المادة 400 وترك باب الاجتهاد القضائي التقليدي مفتوحا ومؤطرا بمحكمة النقض”، وفق تعبيره.
وفي تقديم كتاب “مدونة الأسرة بين الآنية ومتطلبات الإصلاح”، الصادر عن منشورات مركز سوس ماسة للدراسات القانونية والقضائية المعاصرة، شرح وزير العدل الأسبق والأستاذ الفخري بجامعة محمد الخامس موقفه من “المادة 400″، التي تقول إن “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”.
وتابع عَلَم الفقه القانوني: “لا شك أن المقصود من هذه القاعدة هو سد ثغرات المدونة، لكن الثغرات ليست هي السبب الوحيد لصعوبة تطبيق عدد من مقتضيات المدونة، فهناك الغموض والتوزيع بين فصول مختلفة والتجاوز بفعل الزمن وتطور المجتمع في المعاملات غير الدينية؛ ولا تقرر المدونة قاعدة محددة لحلها، بحيث تبقى خاضعة للقاعدة القانونية أي اجتهاد القضاء”.
وذكر المشيشي أنه “لا أحد يمانع أو يجادل في شرعية هذه القاعدة، لما لها من طبيعة عضوية أو بنيوية في العمل القضائي، وفي تطوير وتحسين التشريع”، لكنه استغرب “تخلي المشرع عنها لسد ثغرات المدونة؛ علما أن مضمون الإحالة ذاته يزعج ويعقد جهد القاضي بصرف النظر عن صواب الموقف الذي سيصل إليه”.
وحول رأي أن “المادة 400 لا تحصر الإحالة على المذهب المالكي وحده، لأنها تعطف عليه الاجتهاد”، علق القانوني بقوله إن “الصياغة لا تسعف، لأنها عامة ولا تبين محل الاجتهاد، أي هل هو المذهب المالكي أم الاجتهاد القضائي كما هو معلوم؟”، وزاد: “لا نعرف هل أثيرت هذه المسألة، وهل لمحكمة النقض قول فيها. وعلى كل حال إذا تصيَّر المعنى إلى الاجتهاد القضائي فإن الإحالة على المذهب تفقد فائدتها وتصير حشوا مخلا بأسلوب القانون وصياغته. أما إذا كانت الإحالة على الاجتهاد الفقهي في المذهب فإن الأمر يزداد صعوبة وتعقيدا، لأن الإحالة على المذهب المالكي فقط، بدون إضافة الاجتهاد، تنطوي هي ذاتها على إشكال عويص”.
ويذكّر الكاتب ذاته بأن الإمام مالك لم يكتب مذهبه، “بل رفض حتى كتابة مؤلف يجمع المسلمون عليه رغم طلبه من الخليفة أبي جعفر المنصور نفسه، وما يُتعارف عليه بمذهبه هو التوجه المستنتج من مضمون كتاب الموطأ”، واسترسل شارحا: “الموطَّأ تجميع للدروس التي ألقاها حوالي أربعين سنة، وكان يزيد فيها أو ينقص أو يصحح أو يترك بين الفينة والأخرى حسب ما يستقر عليه اجتهاده. ومن الضروري الاعتراف بأن الكتاب لا يعني المذهب؛ ويتجلى ذلك بوضوح في تعدد النسخ التي حررها طلبته كل طبقا لما سمعه وقت تتلمذه على الإمام، وبلغ عددها عشرين نسخة عند القاضي عياض؛ كما يتجلى بقوة في الشروح الغزيرة المطبقة على كل نسخة. ولم تدخل كل تلك النسخ إلى المغرب، وغالب الظن أن المعمول به هو النسخة المنسوبة إلى يحيى الليثي كما أخذها عنه أو أخذها هو عن علي ابن زيادي العبسي التونسي، التي دخلت إلى المغرب عبر الأندلس”.
وواصل العلمي المشيشي: “من المعلوم أن ما كتبه العلماء انطلاقا من الموطأ كما هو متداول في المغرب يستعصي حصره، وكله يدخل في مفهوم المذهب المالكي، وبالتالي يجوز لنا التساؤل عن المدلول الدقيق لعبارة المذهب المالكي في المادة 400 من مدونة الأسرة؛ لأن كل فقيه أو عالم في المذهب يعطي رأيا أو حلا، بحيث قد يصل ذلك إلى عشرة أو أكثر تدعي كلها المذهب المالكي، فأيها يختار القاضي الراجع إلى المذهب؟”.
ولا يرى الفقيه القانوني مخرجا “باللجوء إلى الراجح أو المشهور، أو ما جرى به العمل، فكل ذلك يتغير ويتطور مع مرور الزمن”، وبالتالي فإن “الحل يكمن في التخلي عن مضمون المادة 400 وترك باب الاجتهاد القضائي التقليدي مفتوحا ومؤطرا بمحكمة النقض”، وفق تعبيره.