عانى نادي قضاة المغرب من سياسة الإقصاء منذ إنشائه, حيث منع القضاة من ولوج القاعة التي تم استئجارها لعقد الجمع العام التأسيسي لناديهم ، وأغلقت الأبواب في وجه أزيد من 500 قاض جاؤوا من مختلف ربوع المملكة, لتأسيس أول جمعية قضائية مهنية مستقلة في ظل الدستور الجديد الذي منحهم الحق في تأسيس جمعيات مهنية والحق في التعبير.
وبالرغم من كل ذلك أصر القضاة على تأسيس جمعيتهم بكل صمود وسط الشارع العام وكأن لا حق لهم في هذا الحلم المشروع، واضطرت الجهات التي كانت وراء هذا المنع إلى الاعتراف بنادي قضاة المغرب على مضض كجمعية مهنية تدافع عن حقوق القضاة وعن استقلال السلطة القضائية، بل وأضحت هذه الجمعية الجديدة تضم وفي وقت وجيز عددا لا يستهان به من قضاة المملكة.
إلا أن السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل والحريات استمرت في نهج سياسة العصا والجزرة معها, وأضحت تساوم نادي قضاة المغرب على مواقفه من خلال عدة قضايا كان في مقدمتها حق هذه الجمعية المهنية في الاستفادة من مقر ومنحة مالية تمنحها الدولة للجمعيات المهنية.
واستطاع نادي قضاة المغرب بمجهودات ذاتية وبفعل تعزيز مبدأ التضامن بين أعضائه من العمل عبر مختلف المستويات بدء من استكمال بناء أجهزته الوطنية والجهوية، مرورا إلى الاسهام في تشخيص واقع منظومة العدالة بالمغرب، من خلال سلسلة الندوات الوطنية والجهوية التي عقدها في كل أنحاء المملكة وفاق عددها 20 ندوة، اضافة إلى مجموعة المقالات والمساهمات الفكرية والعلمية المنشورة على نطاق وطني ودولي واسع لأعضائه، دون أن ننسى التوصيات التي خرجت بها الدورة الاولى لمجلسه الوطني التي أضحت مرجعا للمهتمين بالشأن القضائي.
إن محاور إصلاح منظومة العدالة سبق تشخيصها من خلال الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 20/08/2009، كما سبق وأن شكلت محاور لبرامج ومقترحات إصلاح قدمتها الوزارات السابقة المتعاقبة على حقيبة العدل، إلا أن وزارة العدل والحريات فاجأت الجميع بعزمها تجاوز كل التراكمات والاجتهادات السابقة والانطلاق بحوار من الصفر، بكلمات و مفاهيم فضفاضة عامة يتيه معها مفهوم الإصلاح و يفقد معناه. وادعت الوزارة المذكورة أنها تتبنى مقاربة تشاركية والحال أنها أقصت من خلال الهيأة العليا للحوار فعاليات هامة وعديدة في مقدمتها نادي قضاة المغرب بوصفه أول جمعية مهنية قضائية تولد في ظل الدستور الجديد، بل ولجأت الوزارة إلى إدراج نقطة الزيادة في أجور القضاة ضمن محاور هذا الحوار بالرغم من أن هذه النقطة حسم فيها الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 20/08/2009، لتدخل بذلك مطالب القضاة المشروعة في متاهة لا متناهية وتواجه بمسلسل جديد من التسويف و المماطلة.
لقد برهن نادي قضاة المغرب من خلال عدة مؤشرات وخطوات عن نيته الصادقة في المشاركة بشكل جاد ومسؤول في الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة مثلما برهن وبشكل واضح عن مشروعية خوضه لأشكال احتجاجية غير مسبوقة للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية من خلال الدورة الثانية لمجلسه الوطني التي عرفت مشاركة أزيد من 2000 قاض اتفقوا على وجوب الاحتجاج من حيث المبدأ لتحقيق مطالبهم المشروعة. في المقابل لم تقدم وزارة العدل والحريات على أي مبادرات للتعبير عن حسن نواياها اتجاه نادي قضاة المغرب بل استمرت في سلوكها المشوب أحيانا بالترغيب وفي أحيان أخرى بالتهديد من خلال إشهار واجب التحفظ.
لذا لم يتفاجئ القضاة المنخرطون في نادي قضاة المغرب من اقصائهم من الهيأة العليا للحوار الوطني خاصة وأنهم اعتادوا على سياسة الاقصاء وتجاهل الوزارة والحكومة لتمثيليتهم إذ لا يمكن أن ننسى كيف تجاهل رئيس الحكومة طلب المقابلة التي تقدم بها نادي قضاة المغرب بعيد الاعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، مثلما قاطع وزير العدل والحريات الأنشطة التي ينظمها النادي بالرغم من أنه يحرص على حضور أنشطة أخرى مماثلة تنظمها بعض "الجمعيات المهنية للقضاة" ..
كيف لا ينسحب إذن نادي قضاة المغرب من الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة و قضاته مغضوب عليهم وغير مرغوب فيهم؟ وأي تبريرات يمكن أن تعطى لهذا الاقصاء غير المبرر
لنادي قضاة المغرب من تشكيلة الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة؟
لقد حاول وزير العدل والحريات تبرير هذا الاقصاء من خلال عدة مبررات من بينها مثلا كونه لا يتوفر على أي معطيات رسمية تؤكد أن نادي قضاة المغرب يمثل الجمعية المهنية الأكثر تمثيلا للقضاة، كما أنه اضطر لاختيار ممثل عن الجمعيات المهنية للقضاة من خلال رئيس الودادية الحسنية للقضاة لكونه معينا من طرف جلالة الملك،..
ومن الواضح أن كل الأعذار المقدمة إلى حدود الساعة تبقى غير مقبولة، فمن جهة ليس هناك ما يلزم أي جمعية مهنية للقضاة بتقديم ما يثبت كونها الجمعية المهنية الأكثر تمثيلية للسلطة التنفيذية، مع أن الوزارة تدرك ذلك بوضوح من خلال الأرقام التي توصلت بها رسميا من طرف المسؤولين القضائيين بخصوص نسبة انخراط القضاة في الأشكال التعبيرية التي أعلن عنها النادي، واعلان عدة وسائل اعلام وطنية ودولية من بينها القناة الحكومية الأولى أن الدورة الاستثنائية الثانية للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب التي انعقدت بتاريخ 05/05/2012 حضرها ازيد من 2000 قاض، مع العلم بأن عدد قضاة المملكة لا يتجاوز 3700 قاض، مما يؤكد أن نادي قضاة المغرب هو الجمعية الأكثر تمثيلية للقضاة خاصة وأن نظامه الأساسي لا يسمح بالجمع بين العضوية بينه وبين أي جمعية أخرى لها نفس أهدافه.
كما أن تبرير تمثيلية الودادية الحسنية للقضاة في الهيأة العليا للحوار بكون رئيسها معين من طرف الملك يبقى مبررا غير مقبول وغير كاف للحديث عن تمثيلية هذه الجهة للقضاة خاصة اذا استحضرنا السياق التاريخي الذي جعل رئيس هذه الجمعية المهنية يعين وفق طريقة خاصة وهو سياق يختلف تماما عن الوضع الجديد الذي كرسه دستور 2011 الذي اعترف للقضاة بالتعددية في مجال الجمعيات المهنية، بل وإذا تأملنا في مثل هذا التبرير سنجد ان قيمة الجمعيات المهنية للقضاة في منظور السيد وزير العدل لا تتحدد بالنظر إلى مدى تمثيليتها للقضاة بقدر ما لها علاقة بمعايير أخرى مثل صفة وطريقة تعيين رئيسها, الشيء الذي يضرب عرض الحائط كل المكتسبات التي جاء بها دستور 2011 وفي مقدمتها الاعتراف بالمرجعية الكونية لحقوق الانسان.
لكل هذا انسحب نادي قضاة المغرب و انسحب بعده فاعلون آخرون في منظومة العدالة, لكن هذا الانسحاب لا يعني انسحابه من النقاش حول هذا الموضوع بل سيواصل شرح تصوراته لكل الفعاليات المهتمة وسيستمر في النضال من أجل تأسيس سلطة قضائية مستقلة، سلطة قوامها قضاء قوي نزيه يرضي القاضي والمتقاضي و كل الفاعلين في المجال. و ما يبقى على المواطن استيعابه والتساؤل بخصوصه ...هو من يا ترى يرعبه إصلاح حال القضاء؟
وبالرغم من كل ذلك أصر القضاة على تأسيس جمعيتهم بكل صمود وسط الشارع العام وكأن لا حق لهم في هذا الحلم المشروع، واضطرت الجهات التي كانت وراء هذا المنع إلى الاعتراف بنادي قضاة المغرب على مضض كجمعية مهنية تدافع عن حقوق القضاة وعن استقلال السلطة القضائية، بل وأضحت هذه الجمعية الجديدة تضم وفي وقت وجيز عددا لا يستهان به من قضاة المملكة.
إلا أن السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل والحريات استمرت في نهج سياسة العصا والجزرة معها, وأضحت تساوم نادي قضاة المغرب على مواقفه من خلال عدة قضايا كان في مقدمتها حق هذه الجمعية المهنية في الاستفادة من مقر ومنحة مالية تمنحها الدولة للجمعيات المهنية.
واستطاع نادي قضاة المغرب بمجهودات ذاتية وبفعل تعزيز مبدأ التضامن بين أعضائه من العمل عبر مختلف المستويات بدء من استكمال بناء أجهزته الوطنية والجهوية، مرورا إلى الاسهام في تشخيص واقع منظومة العدالة بالمغرب، من خلال سلسلة الندوات الوطنية والجهوية التي عقدها في كل أنحاء المملكة وفاق عددها 20 ندوة، اضافة إلى مجموعة المقالات والمساهمات الفكرية والعلمية المنشورة على نطاق وطني ودولي واسع لأعضائه، دون أن ننسى التوصيات التي خرجت بها الدورة الاولى لمجلسه الوطني التي أضحت مرجعا للمهتمين بالشأن القضائي.
إن محاور إصلاح منظومة العدالة سبق تشخيصها من خلال الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 20/08/2009، كما سبق وأن شكلت محاور لبرامج ومقترحات إصلاح قدمتها الوزارات السابقة المتعاقبة على حقيبة العدل، إلا أن وزارة العدل والحريات فاجأت الجميع بعزمها تجاوز كل التراكمات والاجتهادات السابقة والانطلاق بحوار من الصفر، بكلمات و مفاهيم فضفاضة عامة يتيه معها مفهوم الإصلاح و يفقد معناه. وادعت الوزارة المذكورة أنها تتبنى مقاربة تشاركية والحال أنها أقصت من خلال الهيأة العليا للحوار فعاليات هامة وعديدة في مقدمتها نادي قضاة المغرب بوصفه أول جمعية مهنية قضائية تولد في ظل الدستور الجديد، بل ولجأت الوزارة إلى إدراج نقطة الزيادة في أجور القضاة ضمن محاور هذا الحوار بالرغم من أن هذه النقطة حسم فيها الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 20/08/2009، لتدخل بذلك مطالب القضاة المشروعة في متاهة لا متناهية وتواجه بمسلسل جديد من التسويف و المماطلة.
لقد برهن نادي قضاة المغرب من خلال عدة مؤشرات وخطوات عن نيته الصادقة في المشاركة بشكل جاد ومسؤول في الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة مثلما برهن وبشكل واضح عن مشروعية خوضه لأشكال احتجاجية غير مسبوقة للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية من خلال الدورة الثانية لمجلسه الوطني التي عرفت مشاركة أزيد من 2000 قاض اتفقوا على وجوب الاحتجاج من حيث المبدأ لتحقيق مطالبهم المشروعة. في المقابل لم تقدم وزارة العدل والحريات على أي مبادرات للتعبير عن حسن نواياها اتجاه نادي قضاة المغرب بل استمرت في سلوكها المشوب أحيانا بالترغيب وفي أحيان أخرى بالتهديد من خلال إشهار واجب التحفظ.
لذا لم يتفاجئ القضاة المنخرطون في نادي قضاة المغرب من اقصائهم من الهيأة العليا للحوار الوطني خاصة وأنهم اعتادوا على سياسة الاقصاء وتجاهل الوزارة والحكومة لتمثيليتهم إذ لا يمكن أن ننسى كيف تجاهل رئيس الحكومة طلب المقابلة التي تقدم بها نادي قضاة المغرب بعيد الاعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، مثلما قاطع وزير العدل والحريات الأنشطة التي ينظمها النادي بالرغم من أنه يحرص على حضور أنشطة أخرى مماثلة تنظمها بعض "الجمعيات المهنية للقضاة" ..
كيف لا ينسحب إذن نادي قضاة المغرب من الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة و قضاته مغضوب عليهم وغير مرغوب فيهم؟ وأي تبريرات يمكن أن تعطى لهذا الاقصاء غير المبرر
لنادي قضاة المغرب من تشكيلة الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة؟
لقد حاول وزير العدل والحريات تبرير هذا الاقصاء من خلال عدة مبررات من بينها مثلا كونه لا يتوفر على أي معطيات رسمية تؤكد أن نادي قضاة المغرب يمثل الجمعية المهنية الأكثر تمثيلا للقضاة، كما أنه اضطر لاختيار ممثل عن الجمعيات المهنية للقضاة من خلال رئيس الودادية الحسنية للقضاة لكونه معينا من طرف جلالة الملك،..
ومن الواضح أن كل الأعذار المقدمة إلى حدود الساعة تبقى غير مقبولة، فمن جهة ليس هناك ما يلزم أي جمعية مهنية للقضاة بتقديم ما يثبت كونها الجمعية المهنية الأكثر تمثيلية للسلطة التنفيذية، مع أن الوزارة تدرك ذلك بوضوح من خلال الأرقام التي توصلت بها رسميا من طرف المسؤولين القضائيين بخصوص نسبة انخراط القضاة في الأشكال التعبيرية التي أعلن عنها النادي، واعلان عدة وسائل اعلام وطنية ودولية من بينها القناة الحكومية الأولى أن الدورة الاستثنائية الثانية للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب التي انعقدت بتاريخ 05/05/2012 حضرها ازيد من 2000 قاض، مع العلم بأن عدد قضاة المملكة لا يتجاوز 3700 قاض، مما يؤكد أن نادي قضاة المغرب هو الجمعية الأكثر تمثيلية للقضاة خاصة وأن نظامه الأساسي لا يسمح بالجمع بين العضوية بينه وبين أي جمعية أخرى لها نفس أهدافه.
كما أن تبرير تمثيلية الودادية الحسنية للقضاة في الهيأة العليا للحوار بكون رئيسها معين من طرف الملك يبقى مبررا غير مقبول وغير كاف للحديث عن تمثيلية هذه الجهة للقضاة خاصة اذا استحضرنا السياق التاريخي الذي جعل رئيس هذه الجمعية المهنية يعين وفق طريقة خاصة وهو سياق يختلف تماما عن الوضع الجديد الذي كرسه دستور 2011 الذي اعترف للقضاة بالتعددية في مجال الجمعيات المهنية، بل وإذا تأملنا في مثل هذا التبرير سنجد ان قيمة الجمعيات المهنية للقضاة في منظور السيد وزير العدل لا تتحدد بالنظر إلى مدى تمثيليتها للقضاة بقدر ما لها علاقة بمعايير أخرى مثل صفة وطريقة تعيين رئيسها, الشيء الذي يضرب عرض الحائط كل المكتسبات التي جاء بها دستور 2011 وفي مقدمتها الاعتراف بالمرجعية الكونية لحقوق الانسان.
لكل هذا انسحب نادي قضاة المغرب و انسحب بعده فاعلون آخرون في منظومة العدالة, لكن هذا الانسحاب لا يعني انسحابه من النقاش حول هذا الموضوع بل سيواصل شرح تصوراته لكل الفعاليات المهتمة وسيستمر في النضال من أجل تأسيس سلطة قضائية مستقلة، سلطة قوامها قضاء قوي نزيه يرضي القاضي والمتقاضي و كل الفاعلين في المجال. و ما يبقى على المواطن استيعابه والتساؤل بخصوصه ...هو من يا ترى يرعبه إصلاح حال القضاء؟