مقدمة:
تعتبر النجاعة القضائية سلوك المساطر القانونية في أسرع الآجال لتحقيق العدالة، وتوزيعها على المتقاضين إنهاء للخصومة القضائية، فالنجاعة القضائية ادن تتمثل في أسلوب عمل يتضمن هدفا وغاية ويكون فيه الأسلوب مبررا وسريعا وفي نفس الوقت تكون الغاية فيه إنهاء الخصومة في وقت سريع ووفقا للقواعد والنصوص القانونية.
ومن النتائج الناجمة عن ضعف النجاعة القضائية بطئ البث في القضايا وزيادة الهوة بين حجم القضايا المسجلة والقضايا المحكومة، وينتج أيضا عن ضعف النجاعة القضائية في عدم تفعيل إجراءات التنفيذ وكذا غياب المعلومة القانونية وضعف جودة الأحكام والقرارات القضائية، إضافة إلى الكم الهائل من القضايا المتراكمة على القاضي أي الاهتمام بالكم وإهمال الجودة.
وفي إطار النجاعة القضائية تبرز أهمية المفوض القضائي، والذي منحه المشرع المغربي صلاحية التبليغ والتنفيذ وفق المادة 31 من قانون 03.81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين الصادر سنة 2006.
وقد منح المشرع المغربي للمفوض القضائي مجموعة من الصلاحيات القانونية لممارسة اختصاصه ومساهمته أيضا في حقل العدالة ومن خلاله المساهمة كفاعل في تحقيق النجاعة القضائية، إلا أن هذه الصلاحيات ليست كافية أمام ما يكابده المفوض القضائي في سبيل المشاركة في تحقيق النجاعة القضائية، وهذا ما سيكون موضوع هذه المقالة تحت الإشكالية التالية:
إلى أي حد يمكن اعتبار المفوض القضائي فاعلا ايجابيا في حقل العدالة ومن خلاله تحقيق النجاعة القضائية، وما الإشكالات التي قد تعترضه في سبيل خدمة مرفق العدالة؟
الفقرة الأولى: بعض الإشكالات المرتبطة بالتبليغ
إن من بين الإشكالات التي قد يواجهها المفوض القضائي في ممارسته لإجراءاته القانونية مختلفة ومتعددة نذكر من بينها:
أولا: تغيير عنوان المحكوم عليه أو المبلغ له
سواء تعلق الأمر بتبليغ حكم أو استدعاء لحضور الجلسة أو إنذارا أو اعذارا، فان المفوض القضائي في سبيل قيامه باجراءه القانوني قد يصادف تغييرا واقعا في الموطن الحقيقي للمبلغ ومن تم عدم إيجاد المعني بالأمر، وإرجاع شهادة التسليم للمحكمة بملاحظة فحواها انتقال المعني بالأمر أو عدم تواجده، وهذا لا يحقق النجاعة القضائية ويؤدي إلى البطء في إصدار الأحكام وعدم توصل أصحاب الحقوق بحقوقهم، ورب قائل بأن المسؤولية تعود للمفوض القضائي الذي يجب عليه التحري والتقصي، وان فرضنا جدلا أن المفوض القضائي ملزم بذلك فانه يفتقر للآليات القانونية للوصول للمعلومة القانونية، ومن تم حاجته إلى نصوص قانونية تلزم السلطات العامة وأي مؤسسة كيفما كانت بمنح المعلومة القانونية للمفوض القضائي، وبالتالي ففراغ النص القانوني يعتبر أيضا مساهما في ضعف النجاعة القضائية والقانونية أيضا.
وربما لاحظنا بعض البوادر لحل إشكال التبليغ في التصريح الصادر من السيد وزير العدل والحريات مفاده أنه عقد عدة لقاءات مع وزارة الداخلية، من أجل إحداث آلية عامة تسمح بضبط عناوين المواطنين، لتجاوز المشاكل التي يخلفها عدم التبليغ، وإذا تحقق هذا الهدف -يقول الرميد- فإن: "المسؤولين في المحاكم ستوضع رهن إشارتهم قاعدة بيانات البطاقة الوطنية"، وأفاد أن "من غيّر عنوانه ولم يعلن عنوانه الجديد، فإن المحكمة ستعتبر التبليغ قد تم".
وإذا ما تحقق هذا الأمر فسيعبد الطريق للمفوض القضائي في تحقيق النتيجة من الإجراء المراد القيام به، بدل إرجاع شواهد التسليم بملاحظة أو قرارات التنفيذ بمحاضر إخبارية.
ثانيا: عدم أداء واجبات المفوض القضائي
إن مهنة المفوضين القضائيين مهنة حرة، وبالتالي يتقاضي إتعابه من طالب الإجراء فهذا الأخير كثيرا ما يطلب من المفوض القضائي القيام بإجراءات قانونية إلا أنه لا يدفع له أتعابه، ما يدفع المفوض القضائي إلى حفظ الملف مؤقتا إلى حين أداء الأتعاب المتفق عليها، والمفوض القضائي في ذلك مسلح بنصوص قانونية تضمن له حقه في استخلاص أتعابه، ونجد سنده في ذلك ما تم التنصيص عليه في المادة 28 من قانون 03.81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، والتي جاءت كالتالي:
" يتقاضى المفوض القضائي عن مزاولة مهامه في الميدان الجنائي تعويضا تؤديه الإدارة وفق ما هو مقرر في نص تنظيمي.
وفي غير ذلك من الميادين ، يتقاضى أجرا عن أعماله حسب تعرفة تحدد بنص تنظيمي تتضمن من بين مقتضياتها مبلغا ثابتا.
يؤدى للمفوض القضائي مسبقا المبلغ الثابت.
يمنع على المفوض القضائي أن يطلب أو يتسلم مبالغ تفوق الواجبات المحددة.
يقوم المفوض القضائي بإنجاز الإجراءات في القضايا المستفيدة من المساعدة القضائية على أن يستخلص مستحقاته عند تصفية الصوائر القضائية.
كل مخالفة لهذه المقتضيات تعرض مرتكبها للعقوبات المنصوص عليها في الفصل 243 من القانون الجنائي"
والمادة 29 التي تنص على ما يلي:
"يتقاضى المفوض القضائي أجرته مباشرة من طالب الإجراء مقابل تسليم وصل بذلك من كناش ذي جذور.
تعتبر أجرة المفوض القضائي جزءا من الصوائر القضائية"
الفقرة الثانية: بعض الإشكالات المرتبطة بالتنفيذ
يتعرض المفوض القضائي للعديد من الإشكاليات في مجال التنفيذ على غرار مجال التبليغ، ومن بعض تلك الإشكالات ما يلي:
أولا: إتلاف المحجوز
فكثيرا ما يجد المفوض القضائي نفسه عاجزا عن إتمام إجراءات التنفيذ أمام قيام المنفذ عليه بنقل أو تهريب الأشياء والمنقولات المحجوزة بسبب عدم أداءه لدينه، إما بنقلها لمكان مجهول أو حتى ببيعها وتفويتها للأغيار، وهذا لا يعتبر خطأ المفوض القضائي فالنجاعة تأتي في قيام النيابة العامة بدورها في تفعيل الفصل 542 من القانون الجنائي والمتعلق بجريمة إتلاف وتبديد محجوز، والذي جاء فيها ما يلي:
الفصل 542
"يعاقب بعقوبة النصب المقررة في الفقرة الأولى من الفصل 540 من يرتكب بسوء نية أحد الأفعال الآتية:
1 - أن يتصرف في أموال غير قابلة للتفويت.
2 - أن يتصرف في مال برهنه عقاريا أو حيازيا أو إعطاء حق انتفاع أو كراء أو أي تصرف آخر، إضرارا بمن سبق له التعاقد معه بشأنه.
3 - أن يستمر في تحصيل دين انقضى بالوفاء أو التجديد"
ونلاحظ في الجانب العملي أن مسألة تبديد المنقول أما ببيعه أو تفويته للأغيار من قبل المنفذ عليه، يفتح بابا آخر لكثرة الشكايات ضد المفوض القضائي وأعني بذلك أن من صدر الحكم لصالحه قد يعتمد على مفوض قضائي في بيع تلك المنقولات وإذا ما تم تبديدها من قبل المنفذ عليه، قام صاحب الإجراء برفع شكوى ضد المفوض القضائي بكونه قد تآمر مع المنفذ عليه لحصول واقعة التبذيذ، فالنجاعة تستلزم معاقبة أي شخص يريد اهانة المفوض القضائي بوشايات كاذبة ما يؤدي إلى انعدام هيبة الفاعلين في حقل العدالة ومن ثم الانصياع للأحكام القضائية واحترامها لما في ذلك من تحقيق للنجاعة بمفهومها الواسع.
ثانيا: الحماية القانونية في مجال التنفيذ
تنص المادة 27 من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين، على ما يلي:
" يتمتع المفوض القضائي أثناء مزاولة مهامه، بالحماية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين 263 و 267 من القانون الجنائي"
فالمفوض القضائي يقوم بهمة عامة في تبليغ وثائق وأحكام وقرارات صادرة من المحكمة، والعقوبات الجنائية منصوص عليها حسب المادة المذكورة سابقة في فصلين كالتالي:
الفصل 263
يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها، أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم.
وإذا وقعت الإهانة على واحد أو أكثر من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في محكمة، أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنة إلى سنتين.
وفي جميع الأحوال، يجوز لمحكمة القضاء، علاوة على ذلك، أن تأمر بنشر حكمها وإعلانه، بالطريقة التي تحددها، على نفقة المحكوم عليه، بشرط ألا تتجاوز هذه النفقات الحد الأقصى للغرامة المقررة في الفقرة الأولى
الفصل 267
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد من رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها.
وإذا ترتب عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض أو إذا ارتكب مع سبق الإصرار أو الترصد، أو ارتكب ضد أحد من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنتين إلى خمس سنوات.
فإذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أي عاهة مستديمة، فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت، دون نية إحداثه، فإن العقوبة تكون السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت مع توفر نية إحداثه، تكون العقوبة الإعدام.
وعلاوة على ذلك يجوز بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس الحكم بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات'
إلا أن عدم ملائمة النصوص القانونية مع الواقع، أفرز العديد من الاعتداءات الكثيرة ضد المفوضين القضائيين، وتحقيق النجاعة القانونية من طرف المفوض القضائي تستلزم أن يحس الفاعلون في حقل العدالة بالأمان، فالمفوض ينتقل إلى محل التنفيذ أو التبليغ ويعرض نفسه لكل أشكال التهديد أو الاعتداء وقد لا يتم اعتقال الجاني، فأي نجاعة في ظل عدم تفعيل النصوص القانونية.
المراجع المعتمدة:
تعتبر النجاعة القضائية سلوك المساطر القانونية في أسرع الآجال لتحقيق العدالة، وتوزيعها على المتقاضين إنهاء للخصومة القضائية، فالنجاعة القضائية ادن تتمثل في أسلوب عمل يتضمن هدفا وغاية ويكون فيه الأسلوب مبررا وسريعا وفي نفس الوقت تكون الغاية فيه إنهاء الخصومة في وقت سريع ووفقا للقواعد والنصوص القانونية.
ومن النتائج الناجمة عن ضعف النجاعة القضائية بطئ البث في القضايا وزيادة الهوة بين حجم القضايا المسجلة والقضايا المحكومة، وينتج أيضا عن ضعف النجاعة القضائية في عدم تفعيل إجراءات التنفيذ وكذا غياب المعلومة القانونية وضعف جودة الأحكام والقرارات القضائية، إضافة إلى الكم الهائل من القضايا المتراكمة على القاضي أي الاهتمام بالكم وإهمال الجودة.
وفي إطار النجاعة القضائية تبرز أهمية المفوض القضائي، والذي منحه المشرع المغربي صلاحية التبليغ والتنفيذ وفق المادة 31 من قانون 03.81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين الصادر سنة 2006.
وقد منح المشرع المغربي للمفوض القضائي مجموعة من الصلاحيات القانونية لممارسة اختصاصه ومساهمته أيضا في حقل العدالة ومن خلاله المساهمة كفاعل في تحقيق النجاعة القضائية، إلا أن هذه الصلاحيات ليست كافية أمام ما يكابده المفوض القضائي في سبيل المشاركة في تحقيق النجاعة القضائية، وهذا ما سيكون موضوع هذه المقالة تحت الإشكالية التالية:
إلى أي حد يمكن اعتبار المفوض القضائي فاعلا ايجابيا في حقل العدالة ومن خلاله تحقيق النجاعة القضائية، وما الإشكالات التي قد تعترضه في سبيل خدمة مرفق العدالة؟
الفقرة الأولى: بعض الإشكالات المرتبطة بالتبليغ
إن من بين الإشكالات التي قد يواجهها المفوض القضائي في ممارسته لإجراءاته القانونية مختلفة ومتعددة نذكر من بينها:
أولا: تغيير عنوان المحكوم عليه أو المبلغ له
سواء تعلق الأمر بتبليغ حكم أو استدعاء لحضور الجلسة أو إنذارا أو اعذارا، فان المفوض القضائي في سبيل قيامه باجراءه القانوني قد يصادف تغييرا واقعا في الموطن الحقيقي للمبلغ ومن تم عدم إيجاد المعني بالأمر، وإرجاع شهادة التسليم للمحكمة بملاحظة فحواها انتقال المعني بالأمر أو عدم تواجده، وهذا لا يحقق النجاعة القضائية ويؤدي إلى البطء في إصدار الأحكام وعدم توصل أصحاب الحقوق بحقوقهم، ورب قائل بأن المسؤولية تعود للمفوض القضائي الذي يجب عليه التحري والتقصي، وان فرضنا جدلا أن المفوض القضائي ملزم بذلك فانه يفتقر للآليات القانونية للوصول للمعلومة القانونية، ومن تم حاجته إلى نصوص قانونية تلزم السلطات العامة وأي مؤسسة كيفما كانت بمنح المعلومة القانونية للمفوض القضائي، وبالتالي ففراغ النص القانوني يعتبر أيضا مساهما في ضعف النجاعة القضائية والقانونية أيضا.
وربما لاحظنا بعض البوادر لحل إشكال التبليغ في التصريح الصادر من السيد وزير العدل والحريات مفاده أنه عقد عدة لقاءات مع وزارة الداخلية، من أجل إحداث آلية عامة تسمح بضبط عناوين المواطنين، لتجاوز المشاكل التي يخلفها عدم التبليغ، وإذا تحقق هذا الهدف -يقول الرميد- فإن: "المسؤولين في المحاكم ستوضع رهن إشارتهم قاعدة بيانات البطاقة الوطنية"، وأفاد أن "من غيّر عنوانه ولم يعلن عنوانه الجديد، فإن المحكمة ستعتبر التبليغ قد تم".
وإذا ما تحقق هذا الأمر فسيعبد الطريق للمفوض القضائي في تحقيق النتيجة من الإجراء المراد القيام به، بدل إرجاع شواهد التسليم بملاحظة أو قرارات التنفيذ بمحاضر إخبارية.
ثانيا: عدم أداء واجبات المفوض القضائي
إن مهنة المفوضين القضائيين مهنة حرة، وبالتالي يتقاضي إتعابه من طالب الإجراء فهذا الأخير كثيرا ما يطلب من المفوض القضائي القيام بإجراءات قانونية إلا أنه لا يدفع له أتعابه، ما يدفع المفوض القضائي إلى حفظ الملف مؤقتا إلى حين أداء الأتعاب المتفق عليها، والمفوض القضائي في ذلك مسلح بنصوص قانونية تضمن له حقه في استخلاص أتعابه، ونجد سنده في ذلك ما تم التنصيص عليه في المادة 28 من قانون 03.81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، والتي جاءت كالتالي:
" يتقاضى المفوض القضائي عن مزاولة مهامه في الميدان الجنائي تعويضا تؤديه الإدارة وفق ما هو مقرر في نص تنظيمي.
وفي غير ذلك من الميادين ، يتقاضى أجرا عن أعماله حسب تعرفة تحدد بنص تنظيمي تتضمن من بين مقتضياتها مبلغا ثابتا.
يؤدى للمفوض القضائي مسبقا المبلغ الثابت.
يمنع على المفوض القضائي أن يطلب أو يتسلم مبالغ تفوق الواجبات المحددة.
يقوم المفوض القضائي بإنجاز الإجراءات في القضايا المستفيدة من المساعدة القضائية على أن يستخلص مستحقاته عند تصفية الصوائر القضائية.
كل مخالفة لهذه المقتضيات تعرض مرتكبها للعقوبات المنصوص عليها في الفصل 243 من القانون الجنائي"
والمادة 29 التي تنص على ما يلي:
"يتقاضى المفوض القضائي أجرته مباشرة من طالب الإجراء مقابل تسليم وصل بذلك من كناش ذي جذور.
تعتبر أجرة المفوض القضائي جزءا من الصوائر القضائية"
الفقرة الثانية: بعض الإشكالات المرتبطة بالتنفيذ
يتعرض المفوض القضائي للعديد من الإشكاليات في مجال التنفيذ على غرار مجال التبليغ، ومن بعض تلك الإشكالات ما يلي:
أولا: إتلاف المحجوز
فكثيرا ما يجد المفوض القضائي نفسه عاجزا عن إتمام إجراءات التنفيذ أمام قيام المنفذ عليه بنقل أو تهريب الأشياء والمنقولات المحجوزة بسبب عدم أداءه لدينه، إما بنقلها لمكان مجهول أو حتى ببيعها وتفويتها للأغيار، وهذا لا يعتبر خطأ المفوض القضائي فالنجاعة تأتي في قيام النيابة العامة بدورها في تفعيل الفصل 542 من القانون الجنائي والمتعلق بجريمة إتلاف وتبديد محجوز، والذي جاء فيها ما يلي:
الفصل 542
"يعاقب بعقوبة النصب المقررة في الفقرة الأولى من الفصل 540 من يرتكب بسوء نية أحد الأفعال الآتية:
1 - أن يتصرف في أموال غير قابلة للتفويت.
2 - أن يتصرف في مال برهنه عقاريا أو حيازيا أو إعطاء حق انتفاع أو كراء أو أي تصرف آخر، إضرارا بمن سبق له التعاقد معه بشأنه.
3 - أن يستمر في تحصيل دين انقضى بالوفاء أو التجديد"
ونلاحظ في الجانب العملي أن مسألة تبديد المنقول أما ببيعه أو تفويته للأغيار من قبل المنفذ عليه، يفتح بابا آخر لكثرة الشكايات ضد المفوض القضائي وأعني بذلك أن من صدر الحكم لصالحه قد يعتمد على مفوض قضائي في بيع تلك المنقولات وإذا ما تم تبديدها من قبل المنفذ عليه، قام صاحب الإجراء برفع شكوى ضد المفوض القضائي بكونه قد تآمر مع المنفذ عليه لحصول واقعة التبذيذ، فالنجاعة تستلزم معاقبة أي شخص يريد اهانة المفوض القضائي بوشايات كاذبة ما يؤدي إلى انعدام هيبة الفاعلين في حقل العدالة ومن ثم الانصياع للأحكام القضائية واحترامها لما في ذلك من تحقيق للنجاعة بمفهومها الواسع.
ثانيا: الحماية القانونية في مجال التنفيذ
تنص المادة 27 من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين، على ما يلي:
" يتمتع المفوض القضائي أثناء مزاولة مهامه، بالحماية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين 263 و 267 من القانون الجنائي"
فالمفوض القضائي يقوم بهمة عامة في تبليغ وثائق وأحكام وقرارات صادرة من المحكمة، والعقوبات الجنائية منصوص عليها حسب المادة المذكورة سابقة في فصلين كالتالي:
الفصل 263
يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها، أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم.
وإذا وقعت الإهانة على واحد أو أكثر من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في محكمة، أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنة إلى سنتين.
وفي جميع الأحوال، يجوز لمحكمة القضاء، علاوة على ذلك، أن تأمر بنشر حكمها وإعلانه، بالطريقة التي تحددها، على نفقة المحكوم عليه، بشرط ألا تتجاوز هذه النفقات الحد الأقصى للغرامة المقررة في الفقرة الأولى
الفصل 267
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد من رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها.
وإذا ترتب عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض أو إذا ارتكب مع سبق الإصرار أو الترصد، أو ارتكب ضد أحد من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنتين إلى خمس سنوات.
فإذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أي عاهة مستديمة، فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت، دون نية إحداثه، فإن العقوبة تكون السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت مع توفر نية إحداثه، تكون العقوبة الإعدام.
وعلاوة على ذلك يجوز بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس الحكم بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات'
إلا أن عدم ملائمة النصوص القانونية مع الواقع، أفرز العديد من الاعتداءات الكثيرة ضد المفوضين القضائيين، وتحقيق النجاعة القانونية من طرف المفوض القضائي تستلزم أن يحس الفاعلون في حقل العدالة بالأمان، فالمفوض ينتقل إلى محل التنفيذ أو التبليغ ويعرض نفسه لكل أشكال التهديد أو الاعتداء وقد لا يتم اعتقال الجاني، فأي نجاعة في ظل عدم تفعيل النصوص القانونية.
المراجع المعتمدة:
- عبد المجيد امباركي، طرق التنفيذ الجبري للأحكام المدنية دراسة عملية بدائرة محكمة الاستئناف بمكناس، المعهد الوطني للدراسات القضائية، الرباط، 2000/2002.
- http://www.marocdroit.com