الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشر، يكتسي أهمية سياسية كبيرة، نظرا لكونه ركز على قضية الصحراء المغربية، التي تشكل القضية الوطنية الأولى للمغرب. ومن خلال هذا الخطاب الملكي السامي، يمكن استخلاص مجموعة من الرسائل السياسية الهامة :
أولا: النجاح الدبلوماسي، بحيث أشاد الملك بالدور بالنجاح الدبلوماسي الذي حققه المغرب في قضية الصحراء، خصوصاً مع اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي، هذا التحول في الموقف الفرنسي يعد إنجازا سياسيا كبيرا، لأنه يأتي من دولة ذات تأثير قوي على المستوى الدولي، وعضو دائم في مجلس الأمن. هذا الاعتراف يعزز موقف المغرب ويضعف حجج الأطراف المعارضة التي كانت تعتمد على الدعم الدولي لتحركاتها.
ثانيا: تأكيد المبادرة المغربية من خلال التأكيد على مبادرة الحكم الذاتي، هذه المبادرة تطرح كخيار واقعي وعملي يحظى بدعم متزايد من المجتمع الدولي، بما في ذلك القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب الدول الإفريقية والعربية، هذه الاستراتيجية تهدف إلى إضفاء الشرعية الدولية على سيادة المغرب في الصحراء وتثبيت الموقف القانوني والسياسي للمغرب.
ثالثا: الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، بحيث أشار الملك إلى التحول في سياسة المغرب من رد الفعل إلى أخذ زمام المبادرة، هذا التحول يعكس وعيا بضرورة لعب دور أكثر فعالية واستباقية على المستوى الدولي؛ فالمغرب لم يعد يكتفي بالدفاع عن موقفه، بل بات يسعى إلى توسيع دائرة الدعم من خلال تفعيل الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية وتوجيه الجهود نحو كسب المزيد من الاعترافات بمغربية الصحراء.
رابعا: أهمية التحالفات الدولية من الناحية الاستراتيجية، أبان الملك في خطابه أهمية التحالفات الدولية في تعزيز الموقف المغربي، من خلال دعم دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب العلاقات المتينة مع دول الاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية والعربية، بحيث أكد أن المغرب نجح في تشكيل جبهة دولية قوية تدعم وحدته الترابية، وأن هذه التحالفات تمثل ورقة ضغط مهمة في مواجهة الأطراف التي تعارض مغربية الصحراء، وتزيد من عزلة تلك الأطراف دوليا.
خامسا: توجيه رسالة للأطراف المعارضة الخطاب وجه رسالة غير مباشرة للدول التي لم تعترف بعد بمغربية الصحراء، دعى الملك محمد السادس إلى توجيه الجهود نحو إقناع هذه الدول بالاعتماد على الأدلة القانونية والسياسية والتاريخية، في إشارة إلى استعداد المغرب لمواصلة معركته الدبلوماسية على كافة الأصعدة.
سادسا: الداخل المغربي كوحدة متماسكة داخليا، أكد الملك على دور جميع المغاربة، سواء في الداخل أو في الخارج، في تحقيق هذا النجاح، الشيء الذي يعكس توجه الدولة نحو تعزيز اللحمة الوطنية وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية، كما شدد الملك على أهمية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، مما يعزز مكانتها كمحور استراتيجي بين المغرب وعمقه الإفريقي.
سابعا: الانفتاح على المحيط المغاربي والإقليمي على الرغم من النجاح الديبلوماسي، بحيث أكد الملك التزام المغرب بالانفتاح على محيطه المغاربي والإقليمي، هذه الرسالة التي تأكد على النهج المغربي الذي يسعى إلى تعزيز الاستقرار والتنمية المشتركة في المنطقة، وتقديم المملكة المغربية كقوة إقليمية تسعى للحلول السلمية والتعاون. خلاصة القول، الخطاب الملكي بالبرلمان اليوم يعكس رؤية استراتيجية محكمة لمواصلة تعزيز المكاسب في قضية الصحراء المغربية، ويؤكد التزام المغرب بمواصلة الدفاع عن وحدته الترابية مع تعزيز علاقاته الدولية ومكانته الإقليمية.