رغم ان صدور قرار محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير مؤقتة وفرض إجراءات على إسرائيل لمنع الإبادة الجماعية يعتبر صفعة دولية جديدة في وجه الكيان المحتل الا انه لم يكن علي القدر المرتقب والمنتظر من العدالة الدولية والإنسانية.
فعدم اتخاذ محكمة العدل الدولية قرار بوقف الحرب على غزة جعل القرار وكأنه أم تعنف ابنتها المدللة عما اقترفته من أخطاء لا يمكن تبريرها للمجتمع الدولي فبدلا من اتخاذ موقف حازم وصارم اضطرت المحكمة للتوبيخ والتعنيف حفاظا على ما تبقي من شعارات العدالة الدولية والإنسانية وشرعية المنظمات الدولية.
ورغم ان ذلك القرار لم يكن علي القدر المنشود لوقف العدوان علي غزة ووقف الكوارث الإنسانية ومنع تطور الأمور الي حروب إقليمية ودولية الا انه يعد انتصارا قانونيا وتاريخيا لدولة جنوب افريقيا على إسرائيل في اكثر من شق الا اننا سوف نتناول ذلك الانتصار من الناحية القانوني فقط حيث منذ اللحظة الاولي من قيام دولة جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر 2023، بتقديم طلبًا إلى قلم المحكمة لإقامة دعوى ضد إسرائيل فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة للالتزامات المنصوص عليها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية وإسرائيل تسعي لرفض الدعوي من أساسها ومنع إصدار اي أمر قضائي مؤقت من المحكمة باي تدابير مؤقتة ضد إسرائيل.
الا ان ما قامت به دولة جنوب افريقيا من جهد قانوني جبار يستحق الإشادة والتقدير حال دون حصول دولة الاحتلال على مرادها واكال لها صفعة تاريخية وقانونية دولية كون دائماً ما يُظهر الكيان الصهيوني نفسه على كونه ضحية عانت أكثر من أي شعب أخر من جرائم الإبادة الجماعية وكان سعية الأول من خلال جلسة الاستماع الاولي في محكمة العدل الدولية طلب رد الدعوي لعدم اختصاص المحكمة وعدم احقية دولة جنوب افريقيا في إقامة تلك الدعوي ورفض طلب التدابير المؤقتة المقدم من دولة جنوب افريقيا.
الا ان سعى دولة جنوب أفريقيا في طلبها لمحكمة العدل الدولية جاء مبني على اختصاص المحكمة استنادا علي:
– الفقرة 1 من المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة: حيث نصت على ” تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليهـا المتقـاضون، كمـا تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفـة خاصة في ميثاق “الأمم المتحدة” أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها. – وعلى المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية: حيث نصت على ” تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة”.
وفي جلسة الاستماع الاولي زعمت إسرائيل أن دولة جنوب إفريقيا فشلت في إثبات الاختصاص الظاهري للمحكمة بموجب المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
كما انها دفعت أولاً:
بأنه لا يوجد أي نزاع بين طرفي الدعوي او “معارضة إيجابية” بينهم استنادا على الأمور الاتية:
– أن دولة جنوب إفريقيا لم تمنح إسرائيل أي فرصة للرد عليها حول الإبادة الجماعية قبل أن تتقدم دولة جنوب إفريقيا بطلبها لمحكمة العدل الدولية.
– أن البيانات العامة لدولة جنوب إفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، والوثيقة التي نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، لم تكن موجهة بشكل مباشر أو حتى غير مباشر إلى جنوب إفريقيا، وذلك لا يكفي لإثبات وجود “معارضة إيجابية” للآراء بين الطرفين.
– كما اكدت دولة الاحتلال أن المذكرة الشفوية من سفارة إسرائيل في بريتوريا إلى إدارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا، بتاريخ 27 ديسمبر 2023، جاءت ردًا على المذكرة الشفوية لجنوب إفريقيا، بتاريخ 21 ديسمبر 2023، واقترحت إسرائيل عقد اجتماع بين الطرفين وبأن دولة جنوب إفريقيا تجاهلت هذه المحاولة.
– وتدفع إسرائيل أن تأكيدات دولة جنوب إفريقيا احادية الجانب ضد إسرائيل، في غياب أي تفاعل ثنائي بين الطرفين قبل تقديم الطلب، وذلك لا يكفي لإثبات وجود نزاع وفقًا للمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
ودفعت إسرائيل ثانياً:
بأن الأعمال التي تشكو منها جنوب أفريقيا لا يمكن أن تندرج ضمن أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية وذلك استناداً علي الأمور الاتية:
– النية المحددة اللازمة لتدمير وابادة الشعب الفلسطيني، كلياً أو جزئياً، لم تثبت، حتى على أساس ظاهري.
– وفقًا للرواية الإسرائيلية، في الفظائع التي ارتكبت في 7 أكتوبر 2023، كانت في مواجهة الهجمات الصاروخية العشوائية من قبل حركة حماس ضد إسرائيل، وتصرفت فيها إسرائيل بنية الدفاع عن نفسها، وإنهاء التهديدات ضدها وإنقاذ الرهائن.
– أن ممارسات اسرائيل المتمثلة في التخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين وتيسير المساعدة الإنسانية تدل على عدم وجود أي نية للإبادة الجماعية.
– من خلال مراجعة القرارات الرسمية المتعلقة بالنزاع في غزة التي اتخذتها السلطات المختصة في إسرائيل منذ اندلاع الحرب، وخصوصا القرارات التي اتخذتها اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي ومجلس الوزراء الحربي، وكذلك مديرية العمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي، جميعها تظهر التركيز على الحاجة إلى تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية مما يتضح معه بوضوح أن مثل هذه القرارات تفتقر إلى نية الإبادة الجماعية.
ورغم كل ما دفعت به إسرائيل امام محكمة العدل الدولية من إشكالات في الاختصاص وعدم صحة الادعاء قانونا الا ان التفوق القانوني الواضح لدولة جنوب افريقيا والتخطيط المسبق للدعوي والبناء القانوني والخبرة القانونية لمحامين وممثلين دولة جنوب افريقيا ادي الي الانتصار الساحق في معركة الاختصاص لصالح دولة جنوب افريقيا.
وجاء ذلك واضحا فيما نص عليه قرار محكمة العدل الدولية في الرد على دفوع دولة الاحتلال فيما دفعت به من ناحية الاختصاص بقولها:
“تشير المحكمة إلى أنه، لأغراض تحديد ما إذا كان هناك نزاع بين الطرفين في وقت تقديم الطلب، فإنها تأخذ في الاعتبار على وجه الخصوص أي بيانات أو مستندات متبادلة بين الطرفين، وكذلك أي تبادلات تتم في بيئات متعددة الأطراف. وعند القيام بذلك، فإنه يولي اهتمامًا خاصًا لصاحب البيان أو المستند، والمرسل إليه المقصود أو الفعلي ومحتواه. وجود نزاع هو مسألة للفصل الموضوعي من قبل المحكمة؛ إنها مسألة جوهرية، وليست مسألة شكل أو إجراء”.
وقد استندت المحكمة لما قامت به دولة جنوب افريقيا كمثال، في الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 ديسمبر 2023، والتي كانت إسرائيل ممثلة فيها، وذكر فيها ممثل جنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة أن “أحداث الأسابيع الستة الماضية في غزة أوضحت أن إسرائيل تتصرف بشكل مخالف لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية” واعتبرته المحكمة دليلا على إثبات وجود خلاف بين أطراف الدعوي حول اتفاقية الإبادة الجماعية ووجود “معارضة إيجابية” للآراء بين الطرفين وفقًا للمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
كما إن إشارة دولة جنوب إفريقيا إلى هذا البيان في مذكرتها الشفوية المؤرخة 21 ديسمبر 2023 الموجهة إلى سفارة إسرائيل في بريتوريا دليلا على التخطيط الجيد من قبل دولة جنوب افريقيا وان كلمتها امام الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت مدروسة ومخططة قانونا لتكون سندا في دعواها ضد دولة إسرائيل وقدد حققت بذلك انتصارا قانونيا رائعاً وأغلقت على إسرائيل فرصة رفض الدعوي التي كانت تعتمد عليها إسرائيل في المقام الأول وتعول عليها في دفوعها امام المحكمة.
كما اعمدت المحكمة علي أن إسرائيل رفضت أي اتهام بالإبادة الجماعية في سياق النزاع في غزة ودلت المحكمة علي ذلك بما ورد في وثيقة نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية في 6 ديسمبر 2023 والتي تم تحديثها لاحقًا واستنساخها على الموقع الإلكتروني لجيش الدفاع الإسرائيلي في 15 ديسمبر 2023 تحت عنوان “الحرب ضد حماس: الإجابة على أسئلتك الأكثر إلحاحًا”. ، واشرت اسرائيل إلى أن فيها الي ان”اتهام الإبادة الجماعية ضد إسرائيل ليس فقط لا أساس له من الصحة من حيث الواقع والقانون، بل إنه بغيض أخلاقيًا” وفي الوثيقة، ذكرت إسرائيل أيضًا أن “اتهام الإبادة الجماعية … ليس فقط غير متماسك من الناحية القانونية والواقعية، بل هو فاحش” وأنه “لا يوجد … أساس صالح، في الواقع أو القانون، لاتهام الإبادة الجماعية الفاحش”. .
وهنا كان دليلا اخر علي انتصار الخبرة القانونية لدولة جنوب افريقيا حيث تعمدت جنوب افريقيا اطلاق التصريحات حول الإبادة الجماعية في اكثر من لقاء وفاعلية دولية حتي أجبرت إسرائيل علي الرد حول مزاعم الإبادة الجماعية ليكون رد إسرائيل هو نفسه سندا لدعواها امام محكمة العدل الدولية وهو ما اثبته دولة جنوب افريقيا في طلبها امام المحكمة وهو ما اقتنعت به محكمة العدل الدولية وذكرته في قرارها حول ردها علي الدفوع المقدمة من دولة الاحتلال في مسالة توافر عناصر وجود نزاع متعلق بتفسير أو تطبيق أو تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية حيث ذكرت المحكمة انه:
“في ضوء ما سبق، ترى المحكمة أنه يبدو أن الطرفين لديهما وجهات نظر متناقضة بوضوح بشأن ما إذا كانت بعض الأفعال أو الإغفالات التي يُزعم أن إسرائيل ارتكبتها في غزة ترقى إلى انتهاكات من جانب الأخيرة لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. وترى المحكمة أن العناصر المذكورة أعلاه كافية في هذه المرحلة لإثبات وجود نزاع بين الطرفين فيما يتعلق بتفسير أو تطبيق أو تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية”.
كما اكدت المحكمة بانها ترى أن بعض الأفعال والإغفالات التي تدعي جنوب أفريقيا أنها ارتكبتها إسرائيل في غزة يمكن أن تندرج على الأقل ضمن أحكام الاتفاقية.
وقد جاء تتويج ذلك الانتصار والجهد المبذول من قبل فريق دفاع دولة جنوب افريقيا في قرار المحكمة بشأن الاستنتاج فيما يتعلق بالاختصاص لمحكمة العدل الدولية حيث قررت المحكمة بالآتي:
في ضوء ما سبق، تخلص المحكمة إلى أن لها، للوهلة الأولى، اختصاصًا بموجب المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية للنظر في القضية.
وبالنظر إلى الاستنتاج أعلاه، ترى المحكمة أنه لا يمكنها الموافقة على طلب إسرائيل بشطب القضية من القائمة العامة.
واستكملا للتفوق القانوني لفريق المحاميين لدولة جنوب افريقيا على ممثلين دولة الاحتلال حيث جاء رد المحكمة حول اشكالية مكانة دولة جنوب افريقيا في الدعوي كونها ليست طرفاً في النزاع بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية وبذلك لا يحق لها رفع دعوى أمام المحكمة جاء رد المحكمة انتصارا اخر وتفوق وخبرة قانونية لمحامين دولة جنوب افريقيا حيث ذكرت المحكمة في ردها على ذلك الدفع بانه:
” تنطوي المصلحة المشتركة في الامتثال للالتزامات ذات الصلة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية على أنه يحق لأي دولة طرف في الاتفاقية، دون تمييز، الاحتجاج بمسؤولية دولة أخرى طرف في الاتفاقية عن انتهاك مزعوم لالتزاماتها تجاه الكافة. وبناءً على ذلك، وجدت المحكمة أنه يجوز لأي دولة طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية الاحتجاج بمسؤولية دولة اخري طرف في الاتفاقية، بما في ذلك من خلال رفع دعوى أمام المحكمة، بهدف تحديد الفشل المزعوم في الامتثال لالتزاماتها تجاه الكافة بموجب الاتفاقية وإنهاء هذا الفشل واستشهدت المحكمة في ذلك بحكم محكمة العدل السابقة في قضية (غامبيا ضد ميانمار)، وتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (غامبيا ضد ميانمار)، حيث تم الاحتجاج أيضاً بالمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
(الاعتراضات الأولية، الحكم، تقارير محكمة العدل الدولية 2022 (II)،516-517، الفقرات. 107-108 و 112).
ومن هنا جاء قرار المحكمة بانها تخلص، للوهلة الأولى، إلى أن جنوب أفريقيا لها الحق في أن تقدم إليها النزاع مع إسرائيل بشأن الانتهاكات المزعومة للالتزامات بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
واما عن الانتصار الأخير والتاريخي لدولة جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية كان حول فرض التدابير المؤقتة فقد استندت دعوي دولة جنوب افريقيا الي المادة 41 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي ينص علي:”1- للمحكمة ان تقرر التدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق كل من الأطراف وذلك متى رأت ان الظروف تقضي بذلك. 2- الي ان يصدر الحكم النهائي يبلغ فوراً أطراف الدعوي ومجلس الأمن نبأ التدابير التي يُري اتخاذها.”. وكذلك استنادا علي المواد 73 ، 74 ، 75 من قواعد محكمة العدل الدولية.
واستنادا على عرض ما رصدته دولة جنوب افريقيا من الانتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية وعرض المجازر الدموية التي قامت بها دولة الاحتلال ضد سكان غزة امام محكمة العدل الدولية ومن خلال عرض شامل حول القضية الفلسطينية وتاريخ الصراع ورصد معاناة الشعب الفلسطيني فقد تقدمت جنوب افريقيا بطلب العديد من التدابير المؤقتة
وتتلخص فيما يلي:
1- يجب على إسرائيل تعليق عملياتها العسكرية في غزة وضدها على الفور.
2- تضمن إسرائيل ألا تتخذ أي وحدات عسكرية أو وحدات مسلحة غير نظامية قد توجهها أو تدعمها أو تتأثر بها، وكذلك أي منظمات أو أشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، أي خطوات لتعزيز العمليات العسكرية المشار إليها في النقطة (1) أعلاه.
3- تتخذ كل من جمهورية جنوب أفريقيا وإسرائيل، وفقاً لالتزاماتهما بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، جميع التدابير المعقولة في حدود سلطتهما لمنع الإبادة الجماعية.
4- يجب على إسرائيل وفقًا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني كمجموعة محمية بموجب الاتفاقية ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية والكف عن ارتكاب أي من الاعمال التي تقع ضمن نطاق المادة (2) من الاتفاقية وبشكل خاص:
(أ) قتل أفراد واعضاء الجماعة. (ب) التسبب في إلحاق أذى جسدي أو عقلي لأفراد الجماعة. (ج) اخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً. (د) فرض تدابير ترمي إلى الحيلولة دون الإنجاب داخل الجماعة؛ (هـ) نقل أطفال المجموعة بالقوة إلى مجموعة أخري”.
5- يجب على إسرائيل، وفقًا للنقطة (4) (ج) أعلاه، فيما يتعلق بالفلسطينيين، الامتناع عن اتخاذ جميع التدابير التي في وسعها واتخاذها بما في ذلك إلغاء الأوامر ذات الصلة و/أو القيود و/أو المحظورات لمنع
(أ) الطرد والتهجير القسري من ديارهم. (ب) الحرمان من: الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء ؛ والحصول على المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الحصول على ما يكفي من الوقود والمأوى والملابس والنظافة والصرف الصحي. والإمدادات الطبية والمساعدة. (ج) تدمير الحياة الفلسطينية في غزة.
6- يجب على إسرائيل فيما يتعلق بالفلسطينيين ضمان عدم ارتكاب جيشها وكذلك أي وحدات أو أفراد مسلحين غير نظاميين قد يتم توجيههم أو دعمهم أو التأثير عليهم بأي شكل من الأشكال، وأي منظمات أو أشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، لا يرتكبون أي أعمال موصوفة في (4) و (5) أعلاه، أو يشاركون في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أو محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، وبقدر ما يشاركون فيها، يتم اتخاذ خطوات نحو معاقبتهم وفقًا للمواد 1، 2 ،3 ،4 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
7- يجب على إسرائيل اتخاذ تدابير فعالة لمنع وتدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادعاءات ممارسة إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضمن المادة 2 من الاتفاقية وتحقيقًا لهذه الغاية، لا يجوز لدولة إسرائيل أن تعمل على منع أو تقييد وصول بعثات تقصي الحقائق والولايات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة للمساعدة في ضمان الحفاظ على الأدلة المذكورة والاحتفاظ بها.
8- يجب على إسرائيل تقديم تقرير الي المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الامر خلال أسبوع واحد اعتباراً من تاريخ هذا الامر، وبعد ذلك بفترات منتظمة كما تامر المحكمة حتى صدور قرار نهائي من قبل المحكمة.
9- يجب على إسرائيل الامتناع عن أي اعمال وضمان عدم اتخاذ أي إجراءات قد يفاقم او يمد النزاع امام المحكمة او يجعل حله أكثر صعوبة.
وقد نجت دولة جنوب افريقيا نجاحا ساحقا وتاريخيا في الحصول على اغلبية أعضاء المحكمة فقد حصلت جنوب افريقيا علي موافقة 15 عضو من اصل 17 في الاستجابة الي جل طلباتها في فرض التدابير المؤقتة باستثناء طلب وقف العمليات العسكرية في غزة على الفور فلم تستجب له المحكمة ورغم عدالته الإنسانية فان ذلك الطلب من الناحية القانونية فنري ان الزريعة التي قد تكون اتخذتها المحكمة من عدم اصدار قرار بوقف العدوان علي غزة نري ارجاعه الي عدم تمثيل حركة المقاومة الفلسطينية في تلك القضية وكونها ليست طرف في الدعوي المعروضة امام محكمة العدل الدولية فيصعب علي محكمة العدل الدولية اتخاذ قرار بوقف اطلاق النار من طرف واحد.
ورغم ان عدم الاستجابة الي طلب وقف العدوان علي غزة يمثل شرخا في العدالة الدولية والإنسانية الا انه من خلال البحث و التدقيق فيما اعتمدت عليه المحكمة من ادلة لبحث مسألة الحقوق المطلوب حمايتها من قبل دولة جنوب افريقيا وبحث الصلة بين هذه الحقوق والتدابير المؤقتة التي تسعي دولة جنوب افريقيا لفرضها على إسرائيل نجد التفوق الملحوظ في السردية القانونية لمحامين دولة جنوب افريقيا وممثليها كونهم لم يعتمدوا في اثبات مسالة حقوق الشعب الفلسطيني في فرض التدابير المؤقتة واثبات خطورة وكارثية الوضع الحالي في غزة فقط علي الأدلة الداخلية والتوثيق الإعلامي والتصريحات الرسمية من السلطة الفلسطينية بل جاء الشق الأكبر من السردية القانونية لمسالة الصلة بين هذه الحقوق والتدابير المؤقتة المطلوب فرضها على التصريحات الصادرة من قبل المنظمات الدولية وتصريحات المبعوثين الأمميين مثل التقارير والتصريحات الصادرة من الأمم المتحدة وكذلك إفادات منظمة الصحة العالمية (WHO) وبيانات وتصريحات المفوض العام وممثلي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وكذلك تاريخ الصراع بين إسرائيل وفلسطين والمأساة التي عانها اهل غزة علي مدار العقود السابقة وقبل احداث السابع من اكتوبر.
وكان اهم ما أوردته دولة جنوب افريقيا والتي جعلها تفوز في فرض التدابير المؤقتة على إسرائيل من قبل محكمة العدل الدولية وتحقق انتصارا قانونيا وتاريخيا هو ما قدمته دولة جنوب افريقيا الي المحكمة بعدد من البيانات التي أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين تدعم اثبات قيام إسرائيل بارتكاب مجازر إبادة جماعية بحق الفلسطينيين واتجاه نيتهم للإبادة الجماعية لأهل غزة وفي هذا الصدد ظهرت براعة الممثلين القانونين لدولة جنوب افريقيا حيث أغلقت السبل امام إسرائيل في تبريرها انها تقوم بذلك لتدمير حماس ورد العدوان حيث اكدت دولة جنوب إفريقيا في دعواها أن أي نية معلنة من قبل المدعى عليه إسرائيل لتدمير حماس لا تمنع نية الإبادة الجماعية من قبل إسرائيل تجاه كل أو جزء من الشعب الفلسطيني في غزة.
فوفقا لما ذكرته المحكمة في نص قرارها من توصيف الحالة الإنسانية بقطاع غزة والعدوان الصهيوني علي القطاع واتخذت من تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، حول الأعمال العدائية في قطاع غزة وإسرائيل” مرجعا لها.
حيث أوردت محكمة العدل الدولية في قرارها بعض صور المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد اهل غزة واتخذت من التصريحات الأممية والتقارير الدولية مرجعا لها كدليل اثبات لتوصيف الواقع المرير الذي يواجه اهل غزة فذكرت في قرارها انه:
“تشير المحكمة إلى أن العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023 قد أسفرت عن عدد كبير من الوفيات والإصابات، فضلاً عن التدمير الهائل للمنازل، والتهجير القسري للغالبية العظمى من السكان، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية. في حين لا يمكن التحقق من الأرقام المتعلقة بقطاع غزة بشكل مستقل، تشير المعلومات الحديثة إلى أن 25,700 فلسطيني قد قتلوا، وتم الإبلاغ عن أكثر من 63,000 إصابة، وتم تدمير أكثر من 360,000 وحدة سكنية أو تضررت جزئيًا، ونزح ما يقرب من 1.7 مليون شخص داخليًا”.
وتستمر المحكمة في سرد ما قدمته دولة جنوب افريقيا من تقارير دولية وتصاريح لمسئولين الأمم المتحدة وتقارير المبعوثين الدوليين وذلك بهدف بحث المحكمة للحقوق المطلوب حمايتها والصلة بين هذه الحقوق والتدابير المؤقتة المطلوبة من قبل دولة جنوب افريقيا.
حيث ذكرت في قرارها انه:
“تحيط المحكمة علماً، في هذا الصدد، بالبيان الذي أدلى به وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، السيد مارتن غريفيث، في 5 كانون الثاني/يناير 2024:
“أصبحت غزة مكاناً للموت واليأس……تنام العائلات في العراء مع انخفاض درجات الحرارة. تعرضت المناطق التي طُلب من المدنيين الانتقال إليها من أجل سلامتهم للقصف. تتعرض المرافق الطبية لهجمات لا هوادة فيها. تعاني المستشفيات القليلة التي تعمل جزئيًا من حالات الصدمة، وتفتقر بشدة إلى جميع الإمدادات، ويغمرها أشخاص يائسون يبحثون عن الأمان. تتكشف كارثة صحية عامة. تنتشر الأمراض المعدية في الملاجئ المكتظة مع انتشار المجاري. تلد حوالي 180 امرأة فلسطينية يوميًا وسط هذه الفوضى. يواجه الناس أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المسجلة على الإطلاق. المجاعة قاب قوسين أو أدنى. بالنسبة للأطفال على وجه الخصوص، كانت الأسابيع الـ 12 الماضية مؤلمة: لا يوجد طعام. ممنوع استخدام الماء. لم التحق بالمدرسة لا شيء سوى أصوات الحرب المرعبة، يومًا بعد يوم. وببساطة أصبحت غزة غير صالحة للسكن. ويشهد شعبها تهديدات يومية لوجودهم ذاته — بينما يراقب العالم “.
(مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، “رئيس الإغاثة التابع للأمم المتحدة: يجب أن تنتهي الحرب في غزة”، بيان مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، 5 يناير 2024).
وتناولت محكمة العدل الدولية في قرارها تقرير منظمة الصحة العالمية وحيث ذكرت انه:
” بعد بعثة إلى شمال غزة، أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) أنه اعتبارًا من 21 ديسمبر 2023: “يواجه 93 ٪ من سكان غزة مستويات غير مسبوقة من الجوع، مع عدم كفاية الغذاء وارتفاع مستويات سوء التغذية. تواجه أسرة واحدة على الأقل من كل 4 أسر “ظروفًا كارثية “: تعاني من نقص شديد في الغذاء والمجاعة ولجأت إلى بيع ممتلكاتها وغيرها من التدابير المتطرفة لتحمل تكلفة وجبة بسيطة. المجاعة والعوز والموت واضحة “.
(منظمة الصحة العالمية، “مزيج قاتل من الجوع والمرض يؤدي إلى المزيد من الوفيات في غزة”، 21 ديسمبر 2023 ؛ انظر أيضًا برنامج الأغذية العالمي، “غزة على حافة الهاوية حيث يواجه واحد من كل أربعة أشخاص الجوع الشديد”، 20 ديسمبر 2023).
كما تلاحظ المحكمة البيان الصادر عن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، السيد فيليب لازاريني، في 13 يناير 2024:
“لقد مر 100 يوم منذ بدء الحرب المدمرة، مما أسفر عن مقتل وتشريد الناس في غزة، في أعقاب الهجمات المروعة التي نفذتها حماس وغيرها من الجماعات ضد الناس في إسرائيل. لقد مر 100 يوم من المحنة والقلق على الرهائن وعائلاتهم. في الأيام المائة الماضية، تسبب القصف المستمر في جميع أنحاء قطاع غزة في النزوح الجماعي للسكان الذين هم في حالة تغير مستمر وأجبروا على المغادرة بين عشية وضحاها، فقط للانتقال إلى أماكن غير آمنة. كان هذا أكبر نزوح للشعب الفلسطيني منذ عام 1948. أثرت هذه الحرب على أكثر من مليوني شخص من جميع سكان غزة. سيحمل الكثيرون ندوبًا تدوم مدى الحياة، جسدية ونفسية على حد سواء. الغالبية العظمى، بما في ذلك الأطفال، يعانون من صدمة عميقة. وذكر المفوض العام للأونروا أيضًا أن الأزمة في غزة “تتفاقم بسبب اللغة اللاإنسانية”.
وأصبحت ملاجئ الأونروا المكتظة وغير الصحية الآن “موطنًا” لأكثر من 1.4 مليون شخص. يفتقرون إلى كل شيء، من الطعام إلى النظافة إلى الخصوصية. يعيش الناس في ظروف غير إنسانية، حيث تنتشر الأمراض، بما في ذلك بين الأطفال. إنهم يعيشون من خلال ما لا يمكن العيش فيه، حيث تدق الساعة بسرعة نحو المجاعة.
إن محنة الأطفال في غزة مفجعة بشكل خاص. يعاني جيل كامل من الأطفال من الصدمة وسيستغرقون سنوات للشفاء. قُتل الآلاف وشُوهوا وتيتموا. مئات الآلاف محرومون من التعليم. مستقبلهم في خطر، مع عواقب بعيدة المدى وطويلة الأمد”. (الأونروا، “قطاع غزة: 100 يوم من الموت والدمار والنزوح”، بيان فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، 13 يناير 2024).
وفي إطار الدفوع المقدمة من دولة الاحتلال في هذا الصدد دفعت إسرائيل أن الإطار القانوني المناسب للنزاع في غزة هو القانون الإنساني الدولي وليس اتفاقية الإبادة الجماعية.
واخذت تجادل وتحاول تبرير اتهامها بأنه في حالات حرب المدن، قد تكون الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة غير مقصودة للاستخدام المشروع للقوة ضد أهداف عسكرية، ولا تشكل أعمال إبادة جماعية.
وردت إسرائيل على ادعاءات دولة جنوب إفريقيا وادلة اثباتها بانها قد أساءت عرض الحقائق على أرض الواقع وأن جهود اسرائيل للتخفيف من الضرر عند إجراء العمليات العسكرية والتخفيف من المشقة والمعاناة من خلال الأنشطة الإنسانية في غزة يعمل كل ذلك على تبديد أي ادعاء بنية الإبادة الجماعية.
وردت إسرائيل علي ما قدمته دولة جنوب افريقيا من ادلة وتصريحات وبيانات تخص كبار المسؤولين في إسرائيل تثبت انتهاك إسرائيل لاتفاقية الإبادة الجماعية ودليل علي قيام إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة وتوافر نية الإبادة الجماعية لسكان غزة، ردت إسرائيل علي تلك الأدلة بان تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي قدمتها جنوب إفريقيا “مضللة في أحسن الأحوال” و “لا تتوافق مع سياسة الحكومة”.
كما لفتت إسرائيل انتباه المحكمة في محاولة منها لتبرير تلك التصريحات وللهروب من ذلك المأزق التي وضعتها فيه دولة جنوب افريقيا إلى ما إعلانه المدعي العام بأن “أي بيان يدعو، في جملة أمور، إلى إلحاق الأذى المتعمد بالمدنيين … قد يرقى إلى جريمة جنائية، بما في ذلك جريمة التحريض” وأن “العديد من هذه الحالات يتم فحصها على وجه السرعة من قبل سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية”.
ومن وجهة نظر إسرائيل، لا تؤدي تلك التصريحات ولا نمط سلوكها في قطاع غزة إلى “استنتاج معقول” لنية الإبادة الجماعية. كما ادعيت إسرائيل أنه نظرًا لأن الغرض من التدابير المؤقتة هو الحفاظ على حقوق كلا الطرفين، فيجب على المحكمة، في هذه القضية، النظر في “موازنة” حقوق كل من دولة جنوب إفريقيا وإسرائيل. وأكدت إسرائيل في ذلك الصدد للمحكمة أنها تتحمل مسؤولية حماية مواطنيه، بمن فيهم أولئك الذين تم أسرهم واحتجازهم كرهائن نتيجة للهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر 2023. ونتيجة لذلك، فأن حقها في الدفاع عن النفس أمر بالغ الأهمية لأي تقييم للوضع الحالي.
ومن خلال مطالعة قرار محكمة العدل الدولية نجد ان ما قدمته دولة جنوب افريقيا للمحكمة من ادلة اثبات وخاصة التصريحات العديدة لكبار المسؤولين في إسرائيل التي تحرض على الإبادة الجماعية والتي تثبت تعمد ارتكاب إسرائيل مجازر إبادة جماعية في حق سكان غزة كان لها بليغ الأثر في فرض محكمة العدل الدولية للتدابير المؤقتة على إسرائيل ويلاحظ ذلك فيما نصت عليه قرار المحكمة:
“وفي هذا الصدد، أحاطت المحكمة علما بعدد من البيانات التي أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين. ويسترعي الانتباه، على وجه الخصوص، إلى الأمثلة التالية.
(في 9 أكتوبر 2023، أعلن السيد يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، أنه أمر بـ “حصار كامل” لمدينة غزة وأنه “لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود” وأنه “تم إغلاق كل شيء”. في اليوم التالي، قال الوزير غالانت، متحدثًا إلى القوات الإسرائيلية على حدود غزة: لقد أفرجت عن جميع القيود . . . لقد رأيت ما نقاتل ضده. نحن نحارب الحيوانات البشرية. هذا هو داعش غزة. هذا ما نحارب ضده . . . غزة لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل. لن يكون هناك حماس. سنقضي على كل شيء. إذا لم يستغرق الأمر يومًا واحدًا، فسيستغرق الأمر أسبوعًا، وسيستغرق أسابيع أو حتى أشهر، وسنصل إلى جميع الأماكن “).
(في 12 أكتوبر 2023، صرح السيد إسحاق هرتسوغ، رئيس إسرائيل، في إشارة إلى غزة: “نحن نعمل، ونعمل عسكريًا وفقًا لقواعد القانون الدولي. -أجل و من دون تحفظ إنها أمة بأكملها هناك هي المسؤولة. ليس صحيحًا أن هذا الخطاب حول المدنيين لا يدركون ولا يشاركون. هذا غير صحيح على الإطلاق. كان من الممكن أن ينهضوا. كان بإمكانهم محاربة ذلك النظام الشرير الذي استولى على غزة في انقلاب. نحن في حالة حرب نحن في حالة حرب نحن في حالة حرب نحن ندافع عن المنازل نحن نحمي بيوتنا. إنها الحقيقة. وعندما تحمي أمة منزلها، فإنها تحارب. وسنقاتل حتى نكسر عمودهم الفقري “.).
(في 13 أكتوبر 2023، صرح السيد إسرائيل كاتز، وزير الطاقة والبنية التحتية في إسرائيل آنذاك، على موقع إكس (تويتر سابقًا):”سنحارب منظمة حماس الإرهابية وندمرها. يُطلب من جميع السكان المدنيين في غزة المغادرة على الفور. سنربح لن يحصلوا على قطرة ماء أو بطارية واحدة حتى يغادروا العالم “)” .
وقد تكللت جهود دولة جنوب افريقيا في نجاحها في فرض التدابير المؤقتة ضد إسرائيل من خلال اثبات وجود الصلة بين الحقوق التي تطالب بها وبين التدابير المؤقتة التي تطلبها حيث نص قرار المحكمة على انه:
– “وترى المحكمة أن بعض التدابير المؤقتة التي التمستها جنوب أفريقيا، بحكم طبيعتها، تهدف على الأقل إلى الحفاظ على الحقوق المعقولة التي تؤكدها على أساس اتفاقية الإبادة الجماعية في هذه القضية، وهي حق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية والأفعال المحظورة ذات الصلة المذكورة في المادة الثالثة، وحق جنوب أفريقيا في التماس امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. لذلك، توجد صلة بين الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا والتي رأت المحكمة أنها معقولة، وعلى الأقل بعض التدابير المؤقتة المطلوبة”.
– “في ضوء القيم الأساسية التي تسعى اتفاقية الإبادة الجماعية إلى حمايتها، ترى المحكمة أن الحقوق المعقولة المعنية في هذه الإجراءات، وهي حق الفلسطينيين في قطاع غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية والأفعال المحظورة ذات الصلة المحددة في المادة الثالثة من اتفاقية الإبادة الجماعية وحق جنوب إفريقيا في السعي إلى امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، هي من النوع الذي يضر بها قادر على التسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه”.
– “وترى المحكمة أن السكان المدنيين في قطاع غزة لا يزالون ضعفاء للغاية. ويشير إلى أن العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أسفرت، في جملة أمور، عن عشرات الآلاف من الوفيات والإصابات وتدمير المنازل والمدارس والمرافق الطبية وغيرها من الهياكل الأساسية الحيوية، فضلاً عن التشريد على نطاق واسع. تشير المحكمة إلى أن العملية مستمرة وأن رئيس وزراء إسرائيل أعلن في 18 يناير 2024 أن الحرب “ستستغرق أشهرًا طويلة أخرى”. في الوقت الحاضر، لا يستطيع العديد من الفلسطينيين في قطاع غزة الحصول على المواد الغذائية الأساسية أو مياه الشرب أو الكهرباء أو الأدوية الأساسية أو التدفئة”.
وذكرت محكمة العدل الدولية في نص قرارها انه في ضوء الاعتبارات المبينة أعلاه، ترى المحكمة أن هناك حاجة ملحة، بمعنى أن هناك خطرًا حقيقيًا ووشيكًا بأن يحدث ضرر لا يمكن إصلاحه للحقوق التي رأت المحكمة أنها معقولة، قبل أن تصدر قرارها النهائي.
وبناء على ما سلف ذكره من تداعيات بين أطراف الدعوي وبعد جلسات الاستماع وتقديم الطلبات صدر قرار محكمة العدل الدولية فرض تدابير مؤقتة ضد إسرائيل استجابة لطلبات دولة جنوب افريقيا وكان نصها كالاتي: “لهذه الأسباب:
1- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين”، تتخذ إسرائيل، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، جميع التدابير التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأعمال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من هذه الاتفاقية، ولا سيما: (أ) قتل أفراد الجماعة (ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة؛ (ج) التصرف المتعمَّد الذي يستهدف حياة الجماعة بقصد إحداث تدمير مادي كلي أو جزئي. (د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
2- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين”تضمن إسرائيل بأثر فوري أن جيشها لا يرتكب أي أعمال موصوفة في النقطة 1 أعلاه. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
3- “بأغلبية ستة عشر صوتاً مقابل صوت واحد” تتخذ إسرائيل جميع التدابير التي في وسعها لمنع التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية فيما يتعلق بأعضاء المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة والمعاقبة عليه. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي.
4- “بأغلبية ستة عشر صوتاً مقابل صوت واحد”، تتخذ إسرائيل تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية السيئة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة؛ حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي.
5- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين” تتخذ إسرائيل تدابير فعالة لمنع التدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادعاءات الأفعال التي تدخل في نطاق المادتين الثانية والثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ضد أفراد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
6- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين”، تقدم دولة إسرائيل تقريراً إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر في غضون شهر واحد من تاريخ هذا الأمر. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
وبصدور ذلك القرار بالتدابير المؤقتة يكون القرار نهائي واجب التنفيذ من قبل إسرائيل وعلي حلفائها من الدول الممولة بالسلاح والمحرضة لها علي الإبادة الجماعية بوجوب وقف تمويلها لدولة الاحتلال وينبغي في الأيام التالية للقرار ملاحظة تغير في الموقف السياسي الدولي لحلفاء إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية لسكان غزة وإدخال المساعدات بشكل فعال وتخفيف المعاناة بشكل ملحوظ وخاصة مع الزام تقديم إسرائيل لمحكمة العدل الدولية تقريرا مفصلا عن ما قدمته من اجل تنفيذ تلك التدابير المؤقتة خلال شهر من صدور قرار المحكمة وينبغي اطلاع دولة جنوب افريقيا علي ذلك التقرير وتقديم رداً عن ذلك التقرير للمحكمة وفي حالة عدم التزام إسرائيل وحلفائها بقرار محكمة العدل الدولية بذلك نكون رسمياً امام ما يسمي بنظام البلطجة الدولية بديلا عن نظام العدالة الدولية.
ورغم ان هيمنة سياسة الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وضغطها على المنظمات الدولية لتمرير موقفها برفض وقف العدوان علي الشعب الفلسطيني بات واضحا بشكل ملحوظ ومتعمد، الا ان الحرب على غزة وكمية الدمار والحالات الإنسانية الكارثية بها كشف عن عورات النظام العالمي الحالي وزيف الشعارات الدولية والقيم الإنسانية الدولية وادي ذلك الي التساؤل عن مدي شرعية المنظمات الدولية ومدي نجاحها في تحقيق هدفها الرئيسي من إحلال السلم والامن الدوليين في ظل وجود حق الفيتو وهيمنة الدول الكبرى علي القرارات الدولية وعن مدي الشرعية الدولية وجدوى وجود ذلك الفيتو اذا كان هدفه عرقلة أي قرار دولي لصالح دولة فلسطين الابية وتعطيل أي تحرك دولي من اجل وقف تلك الكارثة الإنسانية في غزة ومنع تطور الامر الي حروب إقليمية ودولية ان ما تقوم به الولايات المتحدة من تعطيل للعدالة الدولية وما تقوم به إسرائيل من تحدي لسيادة القانون الدولي والإنساني وعجز المنظمات الدولية من اتخاذ إجراءات فعالة تضمن إحلال السلم والامن الدوليين وما قامت به دولة جنوب افريقيا في دعم المقاومة الفلسطينية هو دليل علي بداية انهيار للنظام العالمي الحالي وبداية تشكيل نظام عالمي جديد علي انقاضه.
فعدم اتخاذ محكمة العدل الدولية قرار بوقف الحرب على غزة جعل القرار وكأنه أم تعنف ابنتها المدللة عما اقترفته من أخطاء لا يمكن تبريرها للمجتمع الدولي فبدلا من اتخاذ موقف حازم وصارم اضطرت المحكمة للتوبيخ والتعنيف حفاظا على ما تبقي من شعارات العدالة الدولية والإنسانية وشرعية المنظمات الدولية.
ورغم ان ذلك القرار لم يكن علي القدر المنشود لوقف العدوان علي غزة ووقف الكوارث الإنسانية ومنع تطور الأمور الي حروب إقليمية ودولية الا انه يعد انتصارا قانونيا وتاريخيا لدولة جنوب افريقيا على إسرائيل في اكثر من شق الا اننا سوف نتناول ذلك الانتصار من الناحية القانوني فقط حيث منذ اللحظة الاولي من قيام دولة جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر 2023، بتقديم طلبًا إلى قلم المحكمة لإقامة دعوى ضد إسرائيل فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة للالتزامات المنصوص عليها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية وإسرائيل تسعي لرفض الدعوي من أساسها ومنع إصدار اي أمر قضائي مؤقت من المحكمة باي تدابير مؤقتة ضد إسرائيل.
الا ان ما قامت به دولة جنوب افريقيا من جهد قانوني جبار يستحق الإشادة والتقدير حال دون حصول دولة الاحتلال على مرادها واكال لها صفعة تاريخية وقانونية دولية كون دائماً ما يُظهر الكيان الصهيوني نفسه على كونه ضحية عانت أكثر من أي شعب أخر من جرائم الإبادة الجماعية وكان سعية الأول من خلال جلسة الاستماع الاولي في محكمة العدل الدولية طلب رد الدعوي لعدم اختصاص المحكمة وعدم احقية دولة جنوب افريقيا في إقامة تلك الدعوي ورفض طلب التدابير المؤقتة المقدم من دولة جنوب افريقيا.
الا ان سعى دولة جنوب أفريقيا في طلبها لمحكمة العدل الدولية جاء مبني على اختصاص المحكمة استنادا علي:
– الفقرة 1 من المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة: حيث نصت على ” تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليهـا المتقـاضون، كمـا تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفـة خاصة في ميثاق “الأمم المتحدة” أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها. – وعلى المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية: حيث نصت على ” تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة”.
وفي جلسة الاستماع الاولي زعمت إسرائيل أن دولة جنوب إفريقيا فشلت في إثبات الاختصاص الظاهري للمحكمة بموجب المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
كما انها دفعت أولاً:
بأنه لا يوجد أي نزاع بين طرفي الدعوي او “معارضة إيجابية” بينهم استنادا على الأمور الاتية:
– أن دولة جنوب إفريقيا لم تمنح إسرائيل أي فرصة للرد عليها حول الإبادة الجماعية قبل أن تتقدم دولة جنوب إفريقيا بطلبها لمحكمة العدل الدولية.
– أن البيانات العامة لدولة جنوب إفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، والوثيقة التي نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، لم تكن موجهة بشكل مباشر أو حتى غير مباشر إلى جنوب إفريقيا، وذلك لا يكفي لإثبات وجود “معارضة إيجابية” للآراء بين الطرفين.
– كما اكدت دولة الاحتلال أن المذكرة الشفوية من سفارة إسرائيل في بريتوريا إلى إدارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا، بتاريخ 27 ديسمبر 2023، جاءت ردًا على المذكرة الشفوية لجنوب إفريقيا، بتاريخ 21 ديسمبر 2023، واقترحت إسرائيل عقد اجتماع بين الطرفين وبأن دولة جنوب إفريقيا تجاهلت هذه المحاولة.
– وتدفع إسرائيل أن تأكيدات دولة جنوب إفريقيا احادية الجانب ضد إسرائيل، في غياب أي تفاعل ثنائي بين الطرفين قبل تقديم الطلب، وذلك لا يكفي لإثبات وجود نزاع وفقًا للمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
ودفعت إسرائيل ثانياً:
بأن الأعمال التي تشكو منها جنوب أفريقيا لا يمكن أن تندرج ضمن أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية وذلك استناداً علي الأمور الاتية:
– النية المحددة اللازمة لتدمير وابادة الشعب الفلسطيني، كلياً أو جزئياً، لم تثبت، حتى على أساس ظاهري.
– وفقًا للرواية الإسرائيلية، في الفظائع التي ارتكبت في 7 أكتوبر 2023، كانت في مواجهة الهجمات الصاروخية العشوائية من قبل حركة حماس ضد إسرائيل، وتصرفت فيها إسرائيل بنية الدفاع عن نفسها، وإنهاء التهديدات ضدها وإنقاذ الرهائن.
– أن ممارسات اسرائيل المتمثلة في التخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين وتيسير المساعدة الإنسانية تدل على عدم وجود أي نية للإبادة الجماعية.
– من خلال مراجعة القرارات الرسمية المتعلقة بالنزاع في غزة التي اتخذتها السلطات المختصة في إسرائيل منذ اندلاع الحرب، وخصوصا القرارات التي اتخذتها اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي ومجلس الوزراء الحربي، وكذلك مديرية العمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي، جميعها تظهر التركيز على الحاجة إلى تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية مما يتضح معه بوضوح أن مثل هذه القرارات تفتقر إلى نية الإبادة الجماعية.
ورغم كل ما دفعت به إسرائيل امام محكمة العدل الدولية من إشكالات في الاختصاص وعدم صحة الادعاء قانونا الا ان التفوق القانوني الواضح لدولة جنوب افريقيا والتخطيط المسبق للدعوي والبناء القانوني والخبرة القانونية لمحامين وممثلين دولة جنوب افريقيا ادي الي الانتصار الساحق في معركة الاختصاص لصالح دولة جنوب افريقيا.
وجاء ذلك واضحا فيما نص عليه قرار محكمة العدل الدولية في الرد على دفوع دولة الاحتلال فيما دفعت به من ناحية الاختصاص بقولها:
“تشير المحكمة إلى أنه، لأغراض تحديد ما إذا كان هناك نزاع بين الطرفين في وقت تقديم الطلب، فإنها تأخذ في الاعتبار على وجه الخصوص أي بيانات أو مستندات متبادلة بين الطرفين، وكذلك أي تبادلات تتم في بيئات متعددة الأطراف. وعند القيام بذلك، فإنه يولي اهتمامًا خاصًا لصاحب البيان أو المستند، والمرسل إليه المقصود أو الفعلي ومحتواه. وجود نزاع هو مسألة للفصل الموضوعي من قبل المحكمة؛ إنها مسألة جوهرية، وليست مسألة شكل أو إجراء”.
وقد استندت المحكمة لما قامت به دولة جنوب افريقيا كمثال، في الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 ديسمبر 2023، والتي كانت إسرائيل ممثلة فيها، وذكر فيها ممثل جنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة أن “أحداث الأسابيع الستة الماضية في غزة أوضحت أن إسرائيل تتصرف بشكل مخالف لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية” واعتبرته المحكمة دليلا على إثبات وجود خلاف بين أطراف الدعوي حول اتفاقية الإبادة الجماعية ووجود “معارضة إيجابية” للآراء بين الطرفين وفقًا للمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
كما إن إشارة دولة جنوب إفريقيا إلى هذا البيان في مذكرتها الشفوية المؤرخة 21 ديسمبر 2023 الموجهة إلى سفارة إسرائيل في بريتوريا دليلا على التخطيط الجيد من قبل دولة جنوب افريقيا وان كلمتها امام الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت مدروسة ومخططة قانونا لتكون سندا في دعواها ضد دولة إسرائيل وقدد حققت بذلك انتصارا قانونيا رائعاً وأغلقت على إسرائيل فرصة رفض الدعوي التي كانت تعتمد عليها إسرائيل في المقام الأول وتعول عليها في دفوعها امام المحكمة.
كما اعمدت المحكمة علي أن إسرائيل رفضت أي اتهام بالإبادة الجماعية في سياق النزاع في غزة ودلت المحكمة علي ذلك بما ورد في وثيقة نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية في 6 ديسمبر 2023 والتي تم تحديثها لاحقًا واستنساخها على الموقع الإلكتروني لجيش الدفاع الإسرائيلي في 15 ديسمبر 2023 تحت عنوان “الحرب ضد حماس: الإجابة على أسئلتك الأكثر إلحاحًا”. ، واشرت اسرائيل إلى أن فيها الي ان”اتهام الإبادة الجماعية ضد إسرائيل ليس فقط لا أساس له من الصحة من حيث الواقع والقانون، بل إنه بغيض أخلاقيًا” وفي الوثيقة، ذكرت إسرائيل أيضًا أن “اتهام الإبادة الجماعية … ليس فقط غير متماسك من الناحية القانونية والواقعية، بل هو فاحش” وأنه “لا يوجد … أساس صالح، في الواقع أو القانون، لاتهام الإبادة الجماعية الفاحش”. .
وهنا كان دليلا اخر علي انتصار الخبرة القانونية لدولة جنوب افريقيا حيث تعمدت جنوب افريقيا اطلاق التصريحات حول الإبادة الجماعية في اكثر من لقاء وفاعلية دولية حتي أجبرت إسرائيل علي الرد حول مزاعم الإبادة الجماعية ليكون رد إسرائيل هو نفسه سندا لدعواها امام محكمة العدل الدولية وهو ما اثبته دولة جنوب افريقيا في طلبها امام المحكمة وهو ما اقتنعت به محكمة العدل الدولية وذكرته في قرارها حول ردها علي الدفوع المقدمة من دولة الاحتلال في مسالة توافر عناصر وجود نزاع متعلق بتفسير أو تطبيق أو تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية حيث ذكرت المحكمة انه:
“في ضوء ما سبق، ترى المحكمة أنه يبدو أن الطرفين لديهما وجهات نظر متناقضة بوضوح بشأن ما إذا كانت بعض الأفعال أو الإغفالات التي يُزعم أن إسرائيل ارتكبتها في غزة ترقى إلى انتهاكات من جانب الأخيرة لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. وترى المحكمة أن العناصر المذكورة أعلاه كافية في هذه المرحلة لإثبات وجود نزاع بين الطرفين فيما يتعلق بتفسير أو تطبيق أو تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية”.
كما اكدت المحكمة بانها ترى أن بعض الأفعال والإغفالات التي تدعي جنوب أفريقيا أنها ارتكبتها إسرائيل في غزة يمكن أن تندرج على الأقل ضمن أحكام الاتفاقية.
وقد جاء تتويج ذلك الانتصار والجهد المبذول من قبل فريق دفاع دولة جنوب افريقيا في قرار المحكمة بشأن الاستنتاج فيما يتعلق بالاختصاص لمحكمة العدل الدولية حيث قررت المحكمة بالآتي:
في ضوء ما سبق، تخلص المحكمة إلى أن لها، للوهلة الأولى، اختصاصًا بموجب المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية للنظر في القضية.
وبالنظر إلى الاستنتاج أعلاه، ترى المحكمة أنه لا يمكنها الموافقة على طلب إسرائيل بشطب القضية من القائمة العامة.
واستكملا للتفوق القانوني لفريق المحاميين لدولة جنوب افريقيا على ممثلين دولة الاحتلال حيث جاء رد المحكمة حول اشكالية مكانة دولة جنوب افريقيا في الدعوي كونها ليست طرفاً في النزاع بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية وبذلك لا يحق لها رفع دعوى أمام المحكمة جاء رد المحكمة انتصارا اخر وتفوق وخبرة قانونية لمحامين دولة جنوب افريقيا حيث ذكرت المحكمة في ردها على ذلك الدفع بانه:
” تنطوي المصلحة المشتركة في الامتثال للالتزامات ذات الصلة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية على أنه يحق لأي دولة طرف في الاتفاقية، دون تمييز، الاحتجاج بمسؤولية دولة أخرى طرف في الاتفاقية عن انتهاك مزعوم لالتزاماتها تجاه الكافة. وبناءً على ذلك، وجدت المحكمة أنه يجوز لأي دولة طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية الاحتجاج بمسؤولية دولة اخري طرف في الاتفاقية، بما في ذلك من خلال رفع دعوى أمام المحكمة، بهدف تحديد الفشل المزعوم في الامتثال لالتزاماتها تجاه الكافة بموجب الاتفاقية وإنهاء هذا الفشل واستشهدت المحكمة في ذلك بحكم محكمة العدل السابقة في قضية (غامبيا ضد ميانمار)، وتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (غامبيا ضد ميانمار)، حيث تم الاحتجاج أيضاً بالمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
(الاعتراضات الأولية، الحكم، تقارير محكمة العدل الدولية 2022 (II)،516-517، الفقرات. 107-108 و 112).
ومن هنا جاء قرار المحكمة بانها تخلص، للوهلة الأولى، إلى أن جنوب أفريقيا لها الحق في أن تقدم إليها النزاع مع إسرائيل بشأن الانتهاكات المزعومة للالتزامات بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
واما عن الانتصار الأخير والتاريخي لدولة جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية كان حول فرض التدابير المؤقتة فقد استندت دعوي دولة جنوب افريقيا الي المادة 41 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي ينص علي:”1- للمحكمة ان تقرر التدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق كل من الأطراف وذلك متى رأت ان الظروف تقضي بذلك. 2- الي ان يصدر الحكم النهائي يبلغ فوراً أطراف الدعوي ومجلس الأمن نبأ التدابير التي يُري اتخاذها.”. وكذلك استنادا علي المواد 73 ، 74 ، 75 من قواعد محكمة العدل الدولية.
واستنادا على عرض ما رصدته دولة جنوب افريقيا من الانتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية وعرض المجازر الدموية التي قامت بها دولة الاحتلال ضد سكان غزة امام محكمة العدل الدولية ومن خلال عرض شامل حول القضية الفلسطينية وتاريخ الصراع ورصد معاناة الشعب الفلسطيني فقد تقدمت جنوب افريقيا بطلب العديد من التدابير المؤقتة
وتتلخص فيما يلي:
1- يجب على إسرائيل تعليق عملياتها العسكرية في غزة وضدها على الفور.
2- تضمن إسرائيل ألا تتخذ أي وحدات عسكرية أو وحدات مسلحة غير نظامية قد توجهها أو تدعمها أو تتأثر بها، وكذلك أي منظمات أو أشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، أي خطوات لتعزيز العمليات العسكرية المشار إليها في النقطة (1) أعلاه.
3- تتخذ كل من جمهورية جنوب أفريقيا وإسرائيل، وفقاً لالتزاماتهما بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، جميع التدابير المعقولة في حدود سلطتهما لمنع الإبادة الجماعية.
4- يجب على إسرائيل وفقًا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني كمجموعة محمية بموجب الاتفاقية ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية والكف عن ارتكاب أي من الاعمال التي تقع ضمن نطاق المادة (2) من الاتفاقية وبشكل خاص:
(أ) قتل أفراد واعضاء الجماعة. (ب) التسبب في إلحاق أذى جسدي أو عقلي لأفراد الجماعة. (ج) اخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً. (د) فرض تدابير ترمي إلى الحيلولة دون الإنجاب داخل الجماعة؛ (هـ) نقل أطفال المجموعة بالقوة إلى مجموعة أخري”.
5- يجب على إسرائيل، وفقًا للنقطة (4) (ج) أعلاه، فيما يتعلق بالفلسطينيين، الامتناع عن اتخاذ جميع التدابير التي في وسعها واتخاذها بما في ذلك إلغاء الأوامر ذات الصلة و/أو القيود و/أو المحظورات لمنع
(أ) الطرد والتهجير القسري من ديارهم. (ب) الحرمان من: الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء ؛ والحصول على المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الحصول على ما يكفي من الوقود والمأوى والملابس والنظافة والصرف الصحي. والإمدادات الطبية والمساعدة. (ج) تدمير الحياة الفلسطينية في غزة.
6- يجب على إسرائيل فيما يتعلق بالفلسطينيين ضمان عدم ارتكاب جيشها وكذلك أي وحدات أو أفراد مسلحين غير نظاميين قد يتم توجيههم أو دعمهم أو التأثير عليهم بأي شكل من الأشكال، وأي منظمات أو أشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، لا يرتكبون أي أعمال موصوفة في (4) و (5) أعلاه، أو يشاركون في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أو محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، وبقدر ما يشاركون فيها، يتم اتخاذ خطوات نحو معاقبتهم وفقًا للمواد 1، 2 ،3 ،4 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
7- يجب على إسرائيل اتخاذ تدابير فعالة لمنع وتدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادعاءات ممارسة إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضمن المادة 2 من الاتفاقية وتحقيقًا لهذه الغاية، لا يجوز لدولة إسرائيل أن تعمل على منع أو تقييد وصول بعثات تقصي الحقائق والولايات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة للمساعدة في ضمان الحفاظ على الأدلة المذكورة والاحتفاظ بها.
8- يجب على إسرائيل تقديم تقرير الي المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الامر خلال أسبوع واحد اعتباراً من تاريخ هذا الامر، وبعد ذلك بفترات منتظمة كما تامر المحكمة حتى صدور قرار نهائي من قبل المحكمة.
9- يجب على إسرائيل الامتناع عن أي اعمال وضمان عدم اتخاذ أي إجراءات قد يفاقم او يمد النزاع امام المحكمة او يجعل حله أكثر صعوبة.
وقد نجت دولة جنوب افريقيا نجاحا ساحقا وتاريخيا في الحصول على اغلبية أعضاء المحكمة فقد حصلت جنوب افريقيا علي موافقة 15 عضو من اصل 17 في الاستجابة الي جل طلباتها في فرض التدابير المؤقتة باستثناء طلب وقف العمليات العسكرية في غزة على الفور فلم تستجب له المحكمة ورغم عدالته الإنسانية فان ذلك الطلب من الناحية القانونية فنري ان الزريعة التي قد تكون اتخذتها المحكمة من عدم اصدار قرار بوقف العدوان علي غزة نري ارجاعه الي عدم تمثيل حركة المقاومة الفلسطينية في تلك القضية وكونها ليست طرف في الدعوي المعروضة امام محكمة العدل الدولية فيصعب علي محكمة العدل الدولية اتخاذ قرار بوقف اطلاق النار من طرف واحد.
ورغم ان عدم الاستجابة الي طلب وقف العدوان علي غزة يمثل شرخا في العدالة الدولية والإنسانية الا انه من خلال البحث و التدقيق فيما اعتمدت عليه المحكمة من ادلة لبحث مسألة الحقوق المطلوب حمايتها من قبل دولة جنوب افريقيا وبحث الصلة بين هذه الحقوق والتدابير المؤقتة التي تسعي دولة جنوب افريقيا لفرضها على إسرائيل نجد التفوق الملحوظ في السردية القانونية لمحامين دولة جنوب افريقيا وممثليها كونهم لم يعتمدوا في اثبات مسالة حقوق الشعب الفلسطيني في فرض التدابير المؤقتة واثبات خطورة وكارثية الوضع الحالي في غزة فقط علي الأدلة الداخلية والتوثيق الإعلامي والتصريحات الرسمية من السلطة الفلسطينية بل جاء الشق الأكبر من السردية القانونية لمسالة الصلة بين هذه الحقوق والتدابير المؤقتة المطلوب فرضها على التصريحات الصادرة من قبل المنظمات الدولية وتصريحات المبعوثين الأمميين مثل التقارير والتصريحات الصادرة من الأمم المتحدة وكذلك إفادات منظمة الصحة العالمية (WHO) وبيانات وتصريحات المفوض العام وممثلي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وكذلك تاريخ الصراع بين إسرائيل وفلسطين والمأساة التي عانها اهل غزة علي مدار العقود السابقة وقبل احداث السابع من اكتوبر.
وكان اهم ما أوردته دولة جنوب افريقيا والتي جعلها تفوز في فرض التدابير المؤقتة على إسرائيل من قبل محكمة العدل الدولية وتحقق انتصارا قانونيا وتاريخيا هو ما قدمته دولة جنوب افريقيا الي المحكمة بعدد من البيانات التي أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين تدعم اثبات قيام إسرائيل بارتكاب مجازر إبادة جماعية بحق الفلسطينيين واتجاه نيتهم للإبادة الجماعية لأهل غزة وفي هذا الصدد ظهرت براعة الممثلين القانونين لدولة جنوب افريقيا حيث أغلقت السبل امام إسرائيل في تبريرها انها تقوم بذلك لتدمير حماس ورد العدوان حيث اكدت دولة جنوب إفريقيا في دعواها أن أي نية معلنة من قبل المدعى عليه إسرائيل لتدمير حماس لا تمنع نية الإبادة الجماعية من قبل إسرائيل تجاه كل أو جزء من الشعب الفلسطيني في غزة.
فوفقا لما ذكرته المحكمة في نص قرارها من توصيف الحالة الإنسانية بقطاع غزة والعدوان الصهيوني علي القطاع واتخذت من تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، حول الأعمال العدائية في قطاع غزة وإسرائيل” مرجعا لها.
حيث أوردت محكمة العدل الدولية في قرارها بعض صور المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد اهل غزة واتخذت من التصريحات الأممية والتقارير الدولية مرجعا لها كدليل اثبات لتوصيف الواقع المرير الذي يواجه اهل غزة فذكرت في قرارها انه:
“تشير المحكمة إلى أن العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023 قد أسفرت عن عدد كبير من الوفيات والإصابات، فضلاً عن التدمير الهائل للمنازل، والتهجير القسري للغالبية العظمى من السكان، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية. في حين لا يمكن التحقق من الأرقام المتعلقة بقطاع غزة بشكل مستقل، تشير المعلومات الحديثة إلى أن 25,700 فلسطيني قد قتلوا، وتم الإبلاغ عن أكثر من 63,000 إصابة، وتم تدمير أكثر من 360,000 وحدة سكنية أو تضررت جزئيًا، ونزح ما يقرب من 1.7 مليون شخص داخليًا”.
وتستمر المحكمة في سرد ما قدمته دولة جنوب افريقيا من تقارير دولية وتصاريح لمسئولين الأمم المتحدة وتقارير المبعوثين الدوليين وذلك بهدف بحث المحكمة للحقوق المطلوب حمايتها والصلة بين هذه الحقوق والتدابير المؤقتة المطلوبة من قبل دولة جنوب افريقيا.
حيث ذكرت في قرارها انه:
“تحيط المحكمة علماً، في هذا الصدد، بالبيان الذي أدلى به وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، السيد مارتن غريفيث، في 5 كانون الثاني/يناير 2024:
“أصبحت غزة مكاناً للموت واليأس……تنام العائلات في العراء مع انخفاض درجات الحرارة. تعرضت المناطق التي طُلب من المدنيين الانتقال إليها من أجل سلامتهم للقصف. تتعرض المرافق الطبية لهجمات لا هوادة فيها. تعاني المستشفيات القليلة التي تعمل جزئيًا من حالات الصدمة، وتفتقر بشدة إلى جميع الإمدادات، ويغمرها أشخاص يائسون يبحثون عن الأمان. تتكشف كارثة صحية عامة. تنتشر الأمراض المعدية في الملاجئ المكتظة مع انتشار المجاري. تلد حوالي 180 امرأة فلسطينية يوميًا وسط هذه الفوضى. يواجه الناس أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المسجلة على الإطلاق. المجاعة قاب قوسين أو أدنى. بالنسبة للأطفال على وجه الخصوص، كانت الأسابيع الـ 12 الماضية مؤلمة: لا يوجد طعام. ممنوع استخدام الماء. لم التحق بالمدرسة لا شيء سوى أصوات الحرب المرعبة، يومًا بعد يوم. وببساطة أصبحت غزة غير صالحة للسكن. ويشهد شعبها تهديدات يومية لوجودهم ذاته — بينما يراقب العالم “.
(مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، “رئيس الإغاثة التابع للأمم المتحدة: يجب أن تنتهي الحرب في غزة”، بيان مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، 5 يناير 2024).
وتناولت محكمة العدل الدولية في قرارها تقرير منظمة الصحة العالمية وحيث ذكرت انه:
” بعد بعثة إلى شمال غزة، أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) أنه اعتبارًا من 21 ديسمبر 2023: “يواجه 93 ٪ من سكان غزة مستويات غير مسبوقة من الجوع، مع عدم كفاية الغذاء وارتفاع مستويات سوء التغذية. تواجه أسرة واحدة على الأقل من كل 4 أسر “ظروفًا كارثية “: تعاني من نقص شديد في الغذاء والمجاعة ولجأت إلى بيع ممتلكاتها وغيرها من التدابير المتطرفة لتحمل تكلفة وجبة بسيطة. المجاعة والعوز والموت واضحة “.
(منظمة الصحة العالمية، “مزيج قاتل من الجوع والمرض يؤدي إلى المزيد من الوفيات في غزة”، 21 ديسمبر 2023 ؛ انظر أيضًا برنامج الأغذية العالمي، “غزة على حافة الهاوية حيث يواجه واحد من كل أربعة أشخاص الجوع الشديد”، 20 ديسمبر 2023).
كما تلاحظ المحكمة البيان الصادر عن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، السيد فيليب لازاريني، في 13 يناير 2024:
“لقد مر 100 يوم منذ بدء الحرب المدمرة، مما أسفر عن مقتل وتشريد الناس في غزة، في أعقاب الهجمات المروعة التي نفذتها حماس وغيرها من الجماعات ضد الناس في إسرائيل. لقد مر 100 يوم من المحنة والقلق على الرهائن وعائلاتهم. في الأيام المائة الماضية، تسبب القصف المستمر في جميع أنحاء قطاع غزة في النزوح الجماعي للسكان الذين هم في حالة تغير مستمر وأجبروا على المغادرة بين عشية وضحاها، فقط للانتقال إلى أماكن غير آمنة. كان هذا أكبر نزوح للشعب الفلسطيني منذ عام 1948. أثرت هذه الحرب على أكثر من مليوني شخص من جميع سكان غزة. سيحمل الكثيرون ندوبًا تدوم مدى الحياة، جسدية ونفسية على حد سواء. الغالبية العظمى، بما في ذلك الأطفال، يعانون من صدمة عميقة. وذكر المفوض العام للأونروا أيضًا أن الأزمة في غزة “تتفاقم بسبب اللغة اللاإنسانية”.
وأصبحت ملاجئ الأونروا المكتظة وغير الصحية الآن “موطنًا” لأكثر من 1.4 مليون شخص. يفتقرون إلى كل شيء، من الطعام إلى النظافة إلى الخصوصية. يعيش الناس في ظروف غير إنسانية، حيث تنتشر الأمراض، بما في ذلك بين الأطفال. إنهم يعيشون من خلال ما لا يمكن العيش فيه، حيث تدق الساعة بسرعة نحو المجاعة.
إن محنة الأطفال في غزة مفجعة بشكل خاص. يعاني جيل كامل من الأطفال من الصدمة وسيستغرقون سنوات للشفاء. قُتل الآلاف وشُوهوا وتيتموا. مئات الآلاف محرومون من التعليم. مستقبلهم في خطر، مع عواقب بعيدة المدى وطويلة الأمد”. (الأونروا، “قطاع غزة: 100 يوم من الموت والدمار والنزوح”، بيان فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، 13 يناير 2024).
وفي إطار الدفوع المقدمة من دولة الاحتلال في هذا الصدد دفعت إسرائيل أن الإطار القانوني المناسب للنزاع في غزة هو القانون الإنساني الدولي وليس اتفاقية الإبادة الجماعية.
واخذت تجادل وتحاول تبرير اتهامها بأنه في حالات حرب المدن، قد تكون الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة غير مقصودة للاستخدام المشروع للقوة ضد أهداف عسكرية، ولا تشكل أعمال إبادة جماعية.
وردت إسرائيل على ادعاءات دولة جنوب إفريقيا وادلة اثباتها بانها قد أساءت عرض الحقائق على أرض الواقع وأن جهود اسرائيل للتخفيف من الضرر عند إجراء العمليات العسكرية والتخفيف من المشقة والمعاناة من خلال الأنشطة الإنسانية في غزة يعمل كل ذلك على تبديد أي ادعاء بنية الإبادة الجماعية.
وردت إسرائيل علي ما قدمته دولة جنوب افريقيا من ادلة وتصريحات وبيانات تخص كبار المسؤولين في إسرائيل تثبت انتهاك إسرائيل لاتفاقية الإبادة الجماعية ودليل علي قيام إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة وتوافر نية الإبادة الجماعية لسكان غزة، ردت إسرائيل علي تلك الأدلة بان تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي قدمتها جنوب إفريقيا “مضللة في أحسن الأحوال” و “لا تتوافق مع سياسة الحكومة”.
كما لفتت إسرائيل انتباه المحكمة في محاولة منها لتبرير تلك التصريحات وللهروب من ذلك المأزق التي وضعتها فيه دولة جنوب افريقيا إلى ما إعلانه المدعي العام بأن “أي بيان يدعو، في جملة أمور، إلى إلحاق الأذى المتعمد بالمدنيين … قد يرقى إلى جريمة جنائية، بما في ذلك جريمة التحريض” وأن “العديد من هذه الحالات يتم فحصها على وجه السرعة من قبل سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية”.
ومن وجهة نظر إسرائيل، لا تؤدي تلك التصريحات ولا نمط سلوكها في قطاع غزة إلى “استنتاج معقول” لنية الإبادة الجماعية. كما ادعيت إسرائيل أنه نظرًا لأن الغرض من التدابير المؤقتة هو الحفاظ على حقوق كلا الطرفين، فيجب على المحكمة، في هذه القضية، النظر في “موازنة” حقوق كل من دولة جنوب إفريقيا وإسرائيل. وأكدت إسرائيل في ذلك الصدد للمحكمة أنها تتحمل مسؤولية حماية مواطنيه، بمن فيهم أولئك الذين تم أسرهم واحتجازهم كرهائن نتيجة للهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر 2023. ونتيجة لذلك، فأن حقها في الدفاع عن النفس أمر بالغ الأهمية لأي تقييم للوضع الحالي.
ومن خلال مطالعة قرار محكمة العدل الدولية نجد ان ما قدمته دولة جنوب افريقيا للمحكمة من ادلة اثبات وخاصة التصريحات العديدة لكبار المسؤولين في إسرائيل التي تحرض على الإبادة الجماعية والتي تثبت تعمد ارتكاب إسرائيل مجازر إبادة جماعية في حق سكان غزة كان لها بليغ الأثر في فرض محكمة العدل الدولية للتدابير المؤقتة على إسرائيل ويلاحظ ذلك فيما نصت عليه قرار المحكمة:
“وفي هذا الصدد، أحاطت المحكمة علما بعدد من البيانات التي أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين. ويسترعي الانتباه، على وجه الخصوص، إلى الأمثلة التالية.
(في 9 أكتوبر 2023، أعلن السيد يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، أنه أمر بـ “حصار كامل” لمدينة غزة وأنه “لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود” وأنه “تم إغلاق كل شيء”. في اليوم التالي، قال الوزير غالانت، متحدثًا إلى القوات الإسرائيلية على حدود غزة: لقد أفرجت عن جميع القيود . . . لقد رأيت ما نقاتل ضده. نحن نحارب الحيوانات البشرية. هذا هو داعش غزة. هذا ما نحارب ضده . . . غزة لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل. لن يكون هناك حماس. سنقضي على كل شيء. إذا لم يستغرق الأمر يومًا واحدًا، فسيستغرق الأمر أسبوعًا، وسيستغرق أسابيع أو حتى أشهر، وسنصل إلى جميع الأماكن “).
(في 12 أكتوبر 2023، صرح السيد إسحاق هرتسوغ، رئيس إسرائيل، في إشارة إلى غزة: “نحن نعمل، ونعمل عسكريًا وفقًا لقواعد القانون الدولي. -أجل و من دون تحفظ إنها أمة بأكملها هناك هي المسؤولة. ليس صحيحًا أن هذا الخطاب حول المدنيين لا يدركون ولا يشاركون. هذا غير صحيح على الإطلاق. كان من الممكن أن ينهضوا. كان بإمكانهم محاربة ذلك النظام الشرير الذي استولى على غزة في انقلاب. نحن في حالة حرب نحن في حالة حرب نحن في حالة حرب نحن ندافع عن المنازل نحن نحمي بيوتنا. إنها الحقيقة. وعندما تحمي أمة منزلها، فإنها تحارب. وسنقاتل حتى نكسر عمودهم الفقري “.).
(في 13 أكتوبر 2023، صرح السيد إسرائيل كاتز، وزير الطاقة والبنية التحتية في إسرائيل آنذاك، على موقع إكس (تويتر سابقًا):”سنحارب منظمة حماس الإرهابية وندمرها. يُطلب من جميع السكان المدنيين في غزة المغادرة على الفور. سنربح لن يحصلوا على قطرة ماء أو بطارية واحدة حتى يغادروا العالم “)” .
وقد تكللت جهود دولة جنوب افريقيا في نجاحها في فرض التدابير المؤقتة ضد إسرائيل من خلال اثبات وجود الصلة بين الحقوق التي تطالب بها وبين التدابير المؤقتة التي تطلبها حيث نص قرار المحكمة على انه:
– “وترى المحكمة أن بعض التدابير المؤقتة التي التمستها جنوب أفريقيا، بحكم طبيعتها، تهدف على الأقل إلى الحفاظ على الحقوق المعقولة التي تؤكدها على أساس اتفاقية الإبادة الجماعية في هذه القضية، وهي حق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية والأفعال المحظورة ذات الصلة المذكورة في المادة الثالثة، وحق جنوب أفريقيا في التماس امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. لذلك، توجد صلة بين الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا والتي رأت المحكمة أنها معقولة، وعلى الأقل بعض التدابير المؤقتة المطلوبة”.
– “في ضوء القيم الأساسية التي تسعى اتفاقية الإبادة الجماعية إلى حمايتها، ترى المحكمة أن الحقوق المعقولة المعنية في هذه الإجراءات، وهي حق الفلسطينيين في قطاع غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية والأفعال المحظورة ذات الصلة المحددة في المادة الثالثة من اتفاقية الإبادة الجماعية وحق جنوب إفريقيا في السعي إلى امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، هي من النوع الذي يضر بها قادر على التسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه”.
– “وترى المحكمة أن السكان المدنيين في قطاع غزة لا يزالون ضعفاء للغاية. ويشير إلى أن العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أسفرت، في جملة أمور، عن عشرات الآلاف من الوفيات والإصابات وتدمير المنازل والمدارس والمرافق الطبية وغيرها من الهياكل الأساسية الحيوية، فضلاً عن التشريد على نطاق واسع. تشير المحكمة إلى أن العملية مستمرة وأن رئيس وزراء إسرائيل أعلن في 18 يناير 2024 أن الحرب “ستستغرق أشهرًا طويلة أخرى”. في الوقت الحاضر، لا يستطيع العديد من الفلسطينيين في قطاع غزة الحصول على المواد الغذائية الأساسية أو مياه الشرب أو الكهرباء أو الأدوية الأساسية أو التدفئة”.
وذكرت محكمة العدل الدولية في نص قرارها انه في ضوء الاعتبارات المبينة أعلاه، ترى المحكمة أن هناك حاجة ملحة، بمعنى أن هناك خطرًا حقيقيًا ووشيكًا بأن يحدث ضرر لا يمكن إصلاحه للحقوق التي رأت المحكمة أنها معقولة، قبل أن تصدر قرارها النهائي.
وبناء على ما سلف ذكره من تداعيات بين أطراف الدعوي وبعد جلسات الاستماع وتقديم الطلبات صدر قرار محكمة العدل الدولية فرض تدابير مؤقتة ضد إسرائيل استجابة لطلبات دولة جنوب افريقيا وكان نصها كالاتي: “لهذه الأسباب:
1- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين”، تتخذ إسرائيل، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، جميع التدابير التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأعمال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من هذه الاتفاقية، ولا سيما: (أ) قتل أفراد الجماعة (ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة؛ (ج) التصرف المتعمَّد الذي يستهدف حياة الجماعة بقصد إحداث تدمير مادي كلي أو جزئي. (د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
2- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين”تضمن إسرائيل بأثر فوري أن جيشها لا يرتكب أي أعمال موصوفة في النقطة 1 أعلاه. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
3- “بأغلبية ستة عشر صوتاً مقابل صوت واحد” تتخذ إسرائيل جميع التدابير التي في وسعها لمنع التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية فيما يتعلق بأعضاء المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة والمعاقبة عليه. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي.
4- “بأغلبية ستة عشر صوتاً مقابل صوت واحد”، تتخذ إسرائيل تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية السيئة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة؛ حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي.
5- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين” تتخذ إسرائيل تدابير فعالة لمنع التدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادعاءات الأفعال التي تدخل في نطاق المادتين الثانية والثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ضد أفراد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
6- “بأغلبية خمسة عشر صوتاً مقابل صوتين”، تقدم دولة إسرائيل تقريراً إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر في غضون شهر واحد من تاريخ هذا الأمر. حيث عارض القرار: “القاضي سيبوتيندي ؛ والقاضي الخاص باراك “.
وبصدور ذلك القرار بالتدابير المؤقتة يكون القرار نهائي واجب التنفيذ من قبل إسرائيل وعلي حلفائها من الدول الممولة بالسلاح والمحرضة لها علي الإبادة الجماعية بوجوب وقف تمويلها لدولة الاحتلال وينبغي في الأيام التالية للقرار ملاحظة تغير في الموقف السياسي الدولي لحلفاء إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية لسكان غزة وإدخال المساعدات بشكل فعال وتخفيف المعاناة بشكل ملحوظ وخاصة مع الزام تقديم إسرائيل لمحكمة العدل الدولية تقريرا مفصلا عن ما قدمته من اجل تنفيذ تلك التدابير المؤقتة خلال شهر من صدور قرار المحكمة وينبغي اطلاع دولة جنوب افريقيا علي ذلك التقرير وتقديم رداً عن ذلك التقرير للمحكمة وفي حالة عدم التزام إسرائيل وحلفائها بقرار محكمة العدل الدولية بذلك نكون رسمياً امام ما يسمي بنظام البلطجة الدولية بديلا عن نظام العدالة الدولية.
ورغم ان هيمنة سياسة الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وضغطها على المنظمات الدولية لتمرير موقفها برفض وقف العدوان علي الشعب الفلسطيني بات واضحا بشكل ملحوظ ومتعمد، الا ان الحرب على غزة وكمية الدمار والحالات الإنسانية الكارثية بها كشف عن عورات النظام العالمي الحالي وزيف الشعارات الدولية والقيم الإنسانية الدولية وادي ذلك الي التساؤل عن مدي شرعية المنظمات الدولية ومدي نجاحها في تحقيق هدفها الرئيسي من إحلال السلم والامن الدوليين في ظل وجود حق الفيتو وهيمنة الدول الكبرى علي القرارات الدولية وعن مدي الشرعية الدولية وجدوى وجود ذلك الفيتو اذا كان هدفه عرقلة أي قرار دولي لصالح دولة فلسطين الابية وتعطيل أي تحرك دولي من اجل وقف تلك الكارثة الإنسانية في غزة ومنع تطور الامر الي حروب إقليمية ودولية ان ما تقوم به الولايات المتحدة من تعطيل للعدالة الدولية وما تقوم به إسرائيل من تحدي لسيادة القانون الدولي والإنساني وعجز المنظمات الدولية من اتخاذ إجراءات فعالة تضمن إحلال السلم والامن الدوليين وما قامت به دولة جنوب افريقيا في دعم المقاومة الفلسطينية هو دليل علي بداية انهيار للنظام العالمي الحالي وبداية تشكيل نظام عالمي جديد علي انقاضه.