MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




كليات القانون فى جامعات المستقبل

     

د/ أحمد عبد الظاهر
أستاذ القانون الجنائي



كليات القانون فى جامعات المستقبل
الصورة النمطية السائدة فى العالم العربى عن دراسة القانون أنه يعتمد على الحفظ والتلقين، ويتوهم البعض أن خريجى القسم الأدبى بالثانوية العامة هم الأصلح والأقدر على الدراسة بكليات الحقوق، ولا يخفى على أحد أن كليات الحقوق لا تعتبر من كليات القمة على حد التعبير الشائع فى بلادنا، وبحيث يمكن للحاصلين على أقل من 70% فى الثانوية العامة الالتحاق بها، وهنا ينبغى أن نستذكر عبارة الفيلسوف اليونانى الكبير «أرسطو»، وهى أن «القانون منطق مجرد من الهوى، والإنسان المستقيم هو أفضل الكائنات» أما إذا ابتعد الإنسان عن القانون والعدالة أصبح أسوأ الكائنات على الإطلاق»، وهكذا، يمكن القول إن دراسة القانون تقوم على الفهم والتفكر، وليس الحفظ والتلقين، الأمر الذى ينبغى أن ينعكس على مضمون المناهج الدراسية فى كليات القانون، وبحيث يتم التركيز على الفلسفة التى تبناها المشرع فى كل حكم أو إجراء قانونى وتعزيز ثقافة التفكير النقدى لدى طلاب القانون، كذلك، فإن القانون هو الوسيلة لتنظيم المجتمعات، وينبغى بالتالى أن يكون رجال القانون من أكثر الفئات ذكاء فى المجتمع وأكثرهم مقدرة على الفهم والتحليل واستنباط الأحكام، فالإصلاح يبدأ بالقانون، ولن يتحقق أى إصلاح إلا إذا كان طلاب القانون من المتفوقين فى الثانوية العامة مع تقليص أعدادهم.

من ناحية أخرى، وكما يقولون، «القانون هو مرآة الواقع»، وهو ما يعنى وجوب أن تعكس النصوص القانونية الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة فى المجتمع ودرجة التطور التى وصل إليها، وإذا كان هذا هو شأن القانون، فينبغى أن يكون كذلك حال الدراسات القانونية، ومع ذلك، وأثناء دراستى الجامعية فى نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضى، تضمنت المناهج الدراسية بكليات الحقوق موضوعات مثل «الكمبيالة» ونظام المقايضة ونظريات آدم سميث ومالتس فى علم الاقتصاد، وأغلب الظن أن هذه الموضوعات لم يطرأ عليها أى تغيير منذ أن كانت كلية الحقوق تحمل اسم «مدرسة الحقوق»، وما زالت هذه الموضوعات يتم تدريسها حتى تاريخه، دون أن يطرأ عليها أى تعديل، ودون أن يتم الإشارة ولو على استحياء إلى الموضوعات الحديثة مثل «النقود الرقمية» و«اقتصاد المعرفة» أو «الاقتصاد الرقمى» و«التقاضى الإلكترونى».

ومن ناحية ثالثة، بدأ الحديث فى أوروبا وأمريكا عن مستقبل الخدمات القانونية فى ظل الثورة الصناعية الرابعة، وبحيث تنبأ البعض باختفاء مهنة المستشار القانونى (lawyer). فقد أثبت الروبوت مقدرة فائقة على إعداد العقود وتقديم الاستشارات القانونية، وقامت جمعية المحامين فى إنجلترا وويلز بإعداد تقرير عن «مستقبل الخدمات القانونية»، حيث تؤكد مقدمة هذا التقرير أن «التغييرات فى الخدمات القانونية سوف يكون لها تأثير لا مفر منه على مهنة المحامى، ويحدد التقرير المحددات الرئيسية للتغيير فى المشهد الحالى للخدمات القانونية، ويحاول بالتالى التنبؤ بكيفية عمل المحامين والقانونيين والتأثير المتوقع على عملهم فى المستقبل، حيث سيواجهون المنافسة من الإنسان الآلى، وما هى الفرص المتاحة أمامهم لتقديم أنفسهم فى ظل تغييرات السوق»، وينبغى أن يكون لهذا التغيير انعكاساته على مناهج الدراسة بكليات القانون، وقد استرعى انتباهى أن (Jeanne Charn) أستاذة القانون بجامعة هارفارد تقوم بتدريس مادة بعنوان «سوق جديد للخدمات القانونية»، كما تقوم بتدريس مادة أخرى بعنوان «الاحتياجات المالية والقانونية لذوى الدخل المتوسط والمحدود»، ومن ثم، يحق لنا أن نتساءل: متى تتم إعادة النظر فى مناهج الدراسة بكليات الحقوق، بحيث تستجيب للتطورات الوطنية والعالمية المعاصرة؟!!! والله من وراء القصد.



الجمعة 19 أبريل 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

عناوين أخرى
< >

السبت 30 نونبر 2024 - 16:09 تجدد رفض قانون الإضراب!


تعليق جديد
Twitter