مقدمة
تسعى الدولة لتحقيق وظائفها وأهدافها إلى القيام بأنشطة متعددة في سبيل إشباع الحاجات العامة. وتتخذ هذه الأنشطة الإدارية للدولة أسلوبين أساسين هما : أسلوب الضبط الإداري وأسلوب المرفق العام،واللذان يعتبران من أساسيات أدوار الدولة.
بحيث يهدف الأسلوب الأول إلى مراقبة وتنظيم نشاط الأفراد ذاتيين أو اعتباريين من أجل حماية المصلحة العامة والنظام العام، في إطار ما يسمى بالشرطة الإدارية أو الضبط الإداري[1]. في حين يتمثل الأسلوب الثاني في المرفق العام والذي من خلاله تتدخل الدولة لإشباع الحاجات العامة وأداء الخدمات العامة، غير أنه لما كان من شأن إشباع هذه الحاجات العامة المساس بصميم حياة الأفراد، فقد استقر الرأي الفقهي والقضائي على إخضاع المرافق العمومية لمجموعة من القواعد والمبادئ التي تمليها الإعتبارات العملية والعدالة الاجتماعية، ومن بين هذه المبادئ نجد مبدأ المساواة ومبدأ قابلية المرفق العمومي للتعديل والتغيير ومبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، الذي يعتبر من بين أهم المبادئ التي تحكم سير المرافق العمومية نظرا للأهداف التي يحققها ولرتباطه بالمصلحة العامة.وفضلا عن كونه إحدى أوجه استمرارية الدولة ودوامها.
الأمر الذي دفع المشرع الدستوري المغربي إلى الإرتقاء به إلى مصاف القواعد الدستورية[2]، جاعلا منه الضمانة الأساسية التي تحكم المرافق العمومية في أداء خدماتها. وبهذا يعتبر هذا المبدأ أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العمومية، ويقتضي أن تستمر مرافق الدولة بانتظام ودون انقطاع في تقديم الخدمات الضرورية للأفراد، فالحاجة الجماعية التي ينشأ المرفق العام لإشباعها ،لا تعتبر قد اشبعت بشكل كافي إلا إذا كان هذا الإشباع بشكل مستمر ومستدام.
لكن بالرغم من الأهمية التي يحظى بها هذا المبدأ،إلّا أنه يثير مجموعة من الإشكالات الكبرى، لاسيما عندما يتعلق الأمر بممارسة الحقوق والحريات النقابية للموظف العمومي[3]، لاسيما الحق في الإضراب الذي يعتبر من بين أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للموظف العمومي.ويستمد هذا الحق مشروعيته من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكذا من الدستور والقوانين الوطنية التي تكرسه كإحدى الحقوق والحريات الأساسية، بحيث يلجأ إليه الموظفون العموميون كآخر وسيلة للضغط على الإدارة أو الجهات المعنية بحسب الحالة، من أجل تحقيق مطالبهم المهنية وذلك عبر التوقف الجماعي المدبر والمؤقت عن أداء واجباتهم المهنية.
غير أن ممارسة هذا الحق لاسيما في المرافق العمومية سيؤدي لا محالة إلى الإخلال والمس بمدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، و تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الإخلال بالنظام العام ، بالتالي فالأمر على هذا النحو يؤدي إلى تضارب المصلحة العامة المتمثلة في استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات والمصلحة الخاصة المتمثلة في حق الموظف العمومي في حق الإضراب.
وبالتالي فالحق في الإضراب يعد من بين أخطر الحقوق التي تهدد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدما ت، الأمر الذي دفع المشرع إلى تجريمه، ثم تقييده أحيانا، لاسيما في المرافق العمومية. وإذا كانت بعض التشريعات قد وفقت نوعا ما،في التوفيق بين الحق في الإضراب كحق دستوري واستمرارية المرفق العمومي كمبدأ دستوري أيضا،فإن بعض التشريعات لازال يعتريها الكثيرالغموض، وهو حال التشريع المغربي في انتظار صدور قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة الاضراب، والذي وعد به المشرع الدستوري منذ صدور أول دستور للمملكة المغربية سنة 1962[4].
تحديد المفاهيم:
قبل البدء في دراسة وتحليل محاور هذا البحث، فإنه يكون من اللازم علينا التوقف على مسألة شرح وتحليل الجوانب المفاهمية للموضوع، والتي ستساعدنا في تأطير مسار هذا البحث و معرفة الخطوط العريضة والركائز التي يقوم عليها، ومن خلال الصياغة المعتمدة كعنوان لهذا البحث، يتضح على أنه يقوم على ثلاثة مفاهيم رئيسية وهي على النحو التالي:
المرفق العام: يقصد به ذلك النشاط الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة ، يدار من قبل ألاشخاص المعنوية العمومية أو الخاصة أو هما معا وبتمتعه ببعض امتيازات السلطة العامة فهو يخضع كليا أو جزئيا للقانون الإداري كما يخضع لمراقبة سلطة الوصاية.[5]
وعموما تعتبر المرافق العمومية إحدى الأساليب التي تتدخل الدولة من خلالها لإشباع الحاجات العامة إما بطريقة مباشرة بواسطة ألاشخاص المعنوية العامة،[6] أو بطريقة غير مباشرة عن طريق منح تسييرها لفائدة الخواص.
الإضراب : يعد حق الإضراب من أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للموظف ويقصد به الامتناع عن العمل لمدة لمدة معينة بهدف الاحتجاج على وضعية أو المطالبة بحقوق.وعليه، فالإضراب يشكل تهديدا لمبدأ دوام سير المرافق العمومية بانتظام واطراد ،لهذا بادرت معظم الدول في بداية الأمر إلى منعه وتحريمه.[7]
مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات: يعد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، من بين أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العمومية. ويقتضي هذا المبدأ أن يستمر المرفق المرفق العمومي في أداء خدماته بانتظام واطراد ودون انقطاع مهما كانت الصعوبات.
التطور التاريخي:
إن الإضراب يعتبر ظاهرة عالمية في عالم العمل،فقد ظهر نتيجة لنضالات عمالية قادها العمال والنقابيون منذ بروز الحركة العمالية في تنظيم العمل، وكان الإضراب في بداية ظهوره عملا مجرما ، ومن تم أصبح الإضراب كخطأ يستوجب العقوبة أو الفصل عن العمل، وبعد ذلك تم الاعتراف بالحق في الإضراب وفق ضوابط وشروط محددة،إلى أن وصل الإضراب الى مرحلة الاعتراف به كحق دستوري ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين. فأصبح الإضراب من الحقوق السامية للعامل والموظف في أغلب التشريعات.[8]
وقد عرفت ممارسة حق الإضراب مجموعة من التحولات والمراحل الداخلية والخارجية الكبرى. وبناء على هذا النحو سنتطرق للتطور التاريخي للحق في الإضراب على مستوى التشريع المغربي ثم على مستوى التشريع الفرنسي الذي كان له الفضل الكبير في تطور ظاهرة الحق في الإضراب سواء في فرنسا أو في المغرب.
وعلى المستوى الوطني، عرفت ممارسة حق الإضراب مدا وجرا على مر تاريخ الحياة السياسية المغربية، حيث يرجع أصل ممارسة هذا الحق إلى فترة احتلال المغرب (أ) واتخذ منحى آخر تمثل في إصدار بعض القوانين والتشريعات في فجر الاستقلال (ب) كما اكتسب زخما أكبر مع الدخول في مرحلة دسترة هذا الحق في أول دستور للمملكة (ج) إلا أن هذا التنصيص الدستوري الذي لم يعرف طريقه إلى التنظيم خلق ارتباكا وفوضى كبيرة جراء الفراغ القانوني، وذلك بمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة.
أ-) مرحلة الحماية:
عرف المغرب في هذه المرحلة حدث عنيفا هز كيانه السياسي، وكان له انعكاس كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد، وتمثل هذا الحدث في توقيع معاهدة الحماية في 30 مارس سنة 1912، لتبدأ فرنسا في سياستها الإستعمارية في البلاد. وابتداء من سنة 1912 الى غاية سنة 1956 فقد عرفت هذه الفترة حرمان الموظفين المغاربة من الحق في الاضراب، على اعتبار أن النصوص القانونية التي كانت في هذه الفترة كانت تهم الموظفين المستوطنين الفرنسيين وفقط[9].
ب – مرحلة الإستقلال و ما قبل وضع الدستور:
بعد حصول المغرب على استقلاله ، اقتضت الضرورة انفتاح السلطات على القيام بمجموعة من الإجراءات التي تعكس أهمية هذه اللحظة التارخية. وهو ما تجلى في إعادة النظر في ظهير سنة 1936 المتعلق بالنقابات العمالية، وتبلور ذالك عبر اصدار ظهير جديد يعيد الإعتبار للعمل والحريات النقابية بالمغرب، وتمظهر ذلك في ظهير 16 يوليوز 1957[10]. إضافة إلى اصدار مرسوم 5 فبراير 1958[11]. الذي بموجبه تم الاعتراف للموظفين المغاربة بالحق النقابي دون الحق في الإضراب، وذلك بصريح المادة الخامسة من نفس المرسوم[12] السالف الذكر.
غير أن ما ينبغي أن نشير إليه في هذا الاطار، هو أنه إذا كان المرسوم الأخير اعترف للموظفين بالحق النقابي بمفهومه الشامل بموجب الفصل الأول منه، فإنه سرعان ما تراجع على ذلك بموجب الفصل الخامس والأخير من نفس المرسوم، وبشكل مثير للغرابة، وهو ما أثار العديد من الإشكالات خاصة بعد صدور الظهير المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية بتاريخ 24 فبراير 1958[13]، والذي لم يتطرق لمقتضيات متعلقة بتوقف الموظفين عن العمل تلغي مقتضيات مرسوم 5 فبراير 1958، وإنما اكتفى بالإشارة إلى الحق النقابي في الفصل 14[14] منه دون الحق في الإضراب.
ج- مرحلة دسترة حق الإضراب :
دخلت ممارسة حق الإضراب منعطف واضحا بعد إصدار أول دستور للمملكة[15]، ذلك أن دستور 1962 نص في الفصل 14 منه على أن " حق الإضراب مضمون" مع الإشارة إلى أن تنظيمه سيتم عن طريق قانون تنظيمي، وقد حافظ هذا الفصل على نفس الصياغة في الدساتير اللاحقة إلى غاية آخر دستور عرفه المغرب وهو دستور 2011[16]، بحيث تم التأكيد مرة أخرى على الإضراب كحق دستوري مطلق ولم يقيده المشرع الدستوري بأي شرط أو قيد، مع الإحالة أنه سيصدر قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة هذا الحق ، والذي لم يصدر الى حدود اليوم ونحن في سنة 2024.
أما على مستوى التشريع المقارن لاسيما التشريع الفرنسي، باعتباره المرجع التاريخي للقانون المغربي، فقد عرفت ممارسة حق الإضراب مجموعة من التحولات والمراحل الكبرى فقبل سنة 1946 اعتبر الإضراب عملا غير مشروعا في جميع المرافق العمومية الفرنسية لأسباب عدة، أهمها المساس والإخلال بمدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات ويعتبر الإضراب خطأ جسيما لا يتمتع به الموظف بضمانات المسطرة التأديبية.[17]
ولقد استمر هذا الوضع إلى غاية سنة 1864، حيث صدر قانون بتاريخ 25 مايو والذي أزال الطابع الجنحي على تكتل(تجمع) المهنيين لتمكينهم من الدفاع عن مصالحهم المهنية من جهة، وجرم عرقلة حرية العمل، لكن على مستوى القانون المدني كانت ممارسة الإضراب تعتبر خطأ يبرر فسخ عقد الشغل، وذلك إلى حين صدور قانون 11 فبراير 1950 الذي أقر أن الإضراب يوقف عقد الشغل ولا ينهيه . وفي إطار الدستور الصادر في 1946/10/27 تم التنصيص على أن حق الإضراب يمارس في إطار القوانين التي تنظمه واعتبرت ديباجة الدستور أن الإضراب وسيلة أساسية للدفاع عن المصالح المهنية.[18]
ولقد تفادى المشرع الفرنسي وضع إطار قانوني يحدد كيفيات وشروط ممارسة حق الاضراب، الأمر الذي دفع القضاء الإداري الفرنسي إلى تفعيل دوره الإنشائي. وقام بابتكار وابتداع مبادئ وقواعد جديدة تحدد كيفية وشروط ممارسة حق الاضراب. والتأكيد على مشروعيته، وذلك بموجب القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي Dehaen[19] . لكن بعد إحداث المجلس الدستوري الفرنسي سنة 1958، برز توجه جديد للإجتهاد القضائي الدستوري بحيث اعتبر المجلس أن الطابع الدستوري للإضراب يتوجب تحديد شروط وضوابط ممارسة هذا الحق، عن طريق قوانين يقرها المشرع الفرنسي لكن المشرع الفرنسي اكتفى بهذا التقنين فقط في القطاع العام. في حين أن التقنين في القطاع الخاص لم يرى النور بعد، لكن الاجتهاد القضائي الفرنسي لعب دورا مهما في تأطير ممارسة الحق في الإضراب في هذا المجال.[20]
أهمية الموضوع:
يستمد هذا الموضوع أهمية كونه يتناول بالدراسة والتحليل المسائل الأكثر جدلا اليوم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المغربية، فعلى المستوى النظري تكمن أهمية هذا البحث،كون أن المنظومة القانونية المغربية اليوم لازالت لم تشهد قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب فضلا عن قلة البحوث الأكاديمية والاحكام القضائية المرتبطة بهذا الموضوع، ولاسيما أن الحق في الاضراب يعد ممارسة دستورية، بالتالي فهذا البحث يعتبر إغناء للنقاش العمومي الدائر اليوم حول الحق في الإضراب .أما على المستوى العملي فتتجلى أهمية التطرق لموضوع الحق في الإضراب إلى الإشكالات الكبرى التي تثيرها ممارسة هذا الحق من تضارب للمصالح فضلا عن تعطيل سير المرافق العمومية والإخلال بالنظام العام.
دواعي اختيار الموضوع:
إستنادا لمبدأ السببية الذي ينص على أن لكل بحث سبب أو أسباب، فأسباب اختيارينا لموضوع " إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي بالمغرب " تتراوح بين ما هو "ذاتي"، وما هو "عملي"
ففيما يخص الدواعي الذاتية التي جعلتنا نختارالبحث في هذا الموضوع، هو الراهنية السياسية والأكاديمية له خاصة على المستوى الوطني، ولاسيما أننا اليوم عشنا إضراب شل المنظومة التعليمية من قبل الأساتذة الممضربين لأكثر من شهرين متتالية ،فضلا عن مواكبتنا المستمرة للمستجدات ذات الصلة بهذا الموضوع ،بالإضافة الى اهتماماتنا الشخصية بموضوعات القانون الإداري، كالموظف العمومي والوظيفة العمومية والمرفق العام.
أما فيما يتعلق بالدواعي الموضوعية، فاختيارنا هذا الموضوع راجع بالأساس إلى كون الحق في الإضراب إحدى تجليات الحرية النقابية المكفولة ممارستها دستوريا. والذي يعتبر إحدى أهم الوسائل التي يستخدمها الموظفون والعمال للمطالبة بحقوقهم المهنية أو الاحتجاج على وضعياتهم قصد تحسينها، فضلا على كونه إحدى مواضيع الساعة المطروحة بقوة اليوم على مستوى النقاش العمومي.
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على مفهوم وأنواع وآثارالحق في الإضراب، وذلك بالتطرق الى تطوره التاريخي وموقف القضاء الإداري منه، والتعرف على كيفية ممارسته ولاسيما أن اليوم، أن أكثر ممارسي حق الاضراب يجهلون ضوابط وشروط وحدود ممارسته. بالإضافة إلى التعرف إلى أي حد تؤثر ممارسة حق الاضراب على استمرارية المرفق العمومي. والتعرف أيضا إلى أي حد استطاع القضاء الإداري المغربي التوفيق بين الحق الدستوري(الإضراب) واستمرارية المرفق العمومي(المبدأ الدستوري)[21].
صعوبات البحث:
لقد واجهتنا العديد من الصعوبات التي كادت أن تدفعنا إلى العدول عن انجاز هدا البحث لولا اصرارنا ورغبتنا القوية على المضي فيه، ومن بين هذه الصعوبات قلة المراجع باللغة العربية المخصصة لهذا الموضوع ،أما بالنسبة للمراجع باللغة الفرنسية فإنها متوفرة، لكن بالإضافة الى الصعوبات الني تعترضنا في اللغة الفرنسية، فإن كل هذه المراجع تتحدث عن الإضراب في التشريع الفرنسي والدول الأوربية، إضافة الى قلة البحوث الأكادمية المخصصة لهذا الموضوع بسبب الفراغ التنظيمي التي تعرفه ممارسة حق الإضراب على مستوى التشريع المغربي، الأمر الذي خلق ارتباكا كبيرا بمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة.
الإشكالية الرئيسية: إذا كان الإضراب يعتبر حقا دستوريا لا نقاش فيه، ويستمد مشروعيته أيضا من المواثيق الدولية، يتمتع به الموظفون والعمال على حد سواء ،وهو بذلك إحدى أهم الوسائل التي يلجأ إليها المضربون سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص لتحقيق مطالبهم المهنية وتحسين أوضاعهم الاجتماعية، وذلك من خلال التوقف المدبر الجماعي والمؤقت عن أداء واجباتهم المهنية، فممارسة هذا الحق على هذا النحو، تؤدي الى الاخلال بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات وبالتالي تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الاخلال بالنظام العام الأمر الذي طرح إشكالية وجدلية التوفيق بين الحق الدستوري (الحق في الإضراب) واستمرارية المرفق العمومي (المبدأ الدستوري).لذا فالأمر على هذا النحو يفرض التوفيق بين الأمرين على نحو قانوني سليم وفعال، لكن الأمر صعب إلا أنه ضروري الأمر الذي يدفعنا الى التساؤل : إلى أي حد استطاع القضاء الإداري المغربي في ظل غياب قانون تنظيمي يؤطر ممارسة حق الإضراب الموازنة والتوفيق بين الحق الدستوري واستمرارية المرفق العمومي؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية الكبرى مجموعة من الإشكاليات الفرعية وهي كالتالي:
ما المفهموم اللغوي والفقهي والقانوني لحق في الإضراب؟
ما أنوع الإضراب وما هي آثاره؟
ما المكانة التي يحظى بها الإضراب على المستوى الوطني والدولي ؟
كيف تعامل القضاء الإداري المغربي مع الحق في الإضراب ؟
إلى أي حد تعد ممارسة الحق في الإضراب مسا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي؟
إلى أي حد استطاع القضاء الإداري المغربي إرساء ضوابط وشروط تحدد كيفية ممارسة الحق في الإضراب في ظل غياب القانون التنظيمي؟
وإلى أي حد وصل مسلسل القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب والذي وعد به المشرع الدستوري في أول دستور للمملكة ؟
ما هي الأسباب التي حالت دون صدور هذا القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع الدستوري منذ أول دستور للمملكة؟
هذه الإشكالات السابقة فإنه يمكن معالجتها من خلال فرضيتين أساسيتين وهما على النحو التالي:
الفرضية الأولى:
هو أن إضراب الموظفين والمستخدمين والعمال في المرافق العمومية للدولة يتعارض مع مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، ويترتب عن ممارسته تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الاخلال بالنظام العام،وعليه فالامر هنا يفرض هنا تحريم وتجريم الإضراب في المرافق العمومية للدولة أو تقييده بشروط تكبيلية شديدة تحول دون المس باستمرارية المرفق العمومي، وهو الاتجاه الذي ذهبت إليه بعض الدول لاسيما تلك التي لم تكرسه دستوريا في تشريعاتها الوطنية.
الفرضية الثانية:
وتتمثل في الاعتراف والإقرار بممارسة حق الإضراب كما هم منصوص عليه في الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتوفيق والموازنة بينه وبين استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات.
المنهج المعتمد:
لمقاربة موضوع "إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي" بشكل يتماشى مع حجم الإشكالات التي يثيرها هذا الموضوع، ووفق منهجية قانونية سليمة. فإننا سنوظف بعض مناهج البحث العلمي، من بينها المنهج التاريخي وذلك بالتطرق للتطور التاريخي للتنظيم القانوني لحق الإضراب على المستوى الوطني والتشريع المقارن لاسيما التشريع الفرنسي، باعتباره المرجع التاريخي للقانون المغربي، كما سنوظف أيضا المنهج التحليلي الوصفي من خلال تحليل وتشخيص مفهوم الإضراب وبيان وأنواعه وعناصره وآثاره على مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، كما سنوظفه أيضا من خلال قراءة تحليلية لمقتضيات مشروع قانون تنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 وبيان أسباب عدم خروجه إلى حيز الوجود.
خطة البحث:
تأسيسا على ماسبق وبهدف الوصول إلى إجابة وافية للإشكالات المطروحة سابقا، واتباعا منا للمنهجية القانونية، وأخذا بعين الاعتبار الصعوبات المشار إليها أعلاه، فإننا سنعالج موضوع إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي من خلال فصلين أساسين وهما على النحو التالي:
الفصل الأول : التأطير النظري لإشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي.
الفصل الثاني: تنظيم ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي.
الفصل الأول : التأطير النظري لإشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي
يتخد تدخل الدولة للقيام بأداء الخدمات العامة في أغلبيته صورة المرفق العام، الذي أصبح بمثابة الوظيفة الأساسية للدولة، التي تتسع كلما نقص النشاط الفردي الخاص في الدولة و تضيق كلما زادت الأنشطة الخاصة للإفراد في الدولة، فالمرفق العام يعد من بين المفاهيم الأساسية في القانون الإداري .والذي من خلاله تتدخل الدولة لتلبية الخدمات العامة.
ولما كان من شأن تدخل الدولة لإشباع هذه الحاجات العامة المساس بصميم حياة الافراد، فقد استقر الرأي الفقهي على إخضاع المرافق العمومية لمجموعة من المبادئ والقواعد التي تمليها الإعتبارات العملية والعدالة الاجتماعية، من بينها مبدأ استمراررية المرفق العمومي في أداء الخدمات ، والذي يقضي أن يستمر المرفق العمومي في أداء خدماته بانتظام وا طراد مهما كانت الصعوبات.
غير أن هذا المبدأ يثير مجموعة من الصعوبات والإشكالات التي تحد من تطبيقه بصورة مطلقة، خاصة عندما يتعلق بممارسة الحقوق والحريات النقابية للموظف لاسيما الحق في الإضراب، الذي يعتبر من بين أكثر المسائل جدلا اليوم في المغرب، وذلك لكون الإضراب وسيلة احتجاج يلجأ إليها الموظفون والمستخدمون من أجل تحقيق مطالبهم المهنية المتنوعة، خاصة اليوم في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية التي تعرفها سائر المجتمعات، الأمر الذي طرح إشكالية التوفيق بين الإضراب كحق دستوري وبين استمرارية المرفق العمومي كمبدأ دستوري تقتضيه المصلحة العامة.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سوف نعالج هذه الإشكالية من خلال تخصيص (المبحث الأول ) للحديث عن مفهوم الحق في الإضراب وعناصره وأنواعه و آثاره، وفيما بعد سنخصص (المبحث الثاني ) للحديث عن مبدأ استمرارية المرفق العمومي، وذلك من خلال التطرق لمضمونه والضمانات التي أقرها المشرع والإجتهاد القضائي، ومدى تأثر هذا المبدأ بممارسة الحق في الإضراب.
المبحث الأول:الإطار النظري للحق في الإضراب
يعتبر حق الإضراب من بين أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكفولة ممارستها دستوريا بموجب التشريعات الوطنية، ودوليا بموجب المواثيق الدولية، والذي يتمتع به الموظفون والاجراء والمستخدمون على حد سواء، غير أن هذا الحق يعد من بين أكثر المفاهيم إثارة للجدل، مما جعل منه مجالا خصبا لاختلاف فقهاء القانون العام سواء تعلق الأمر بتحديد مفهوم الحق في الاضراب أوعناصره (المطلب الأول) أو تعلق الأمر بتحديد أنواعه وآثاره ومرجعيته القانونية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم الاضراب وعناصره
يعتبر الاضراب حقا دستوريا،[22] غير أن هذا الحق يعتبر من بين أكثر المفاهيم تعقيدا وإثارة للجدل، سواء أمورس هذا الحق في القطاع العام أوالقطاع الخاص، مماجعل منه مجالا خصبا لتضارب واختلاف آراء الفقهاء ورجال القضاء الإداريين، بشأن إيجاد تعريف جامع ومانع له، (الفقرة الأولى) كما أن ممارسة حق الاضراب تستلزم توفر مجموعة من العناصر والأركان منها ماهو مادي، ومنها ما هو معنوي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم الحق في الإضراب
تعتبر مسالة تعريف الحق في الإضراب تعريفا جامعا ومانعا من المسائل التي اشتد الخلاف حولها في الفقه والقضاء الإداريين معا، ومرد ذلك أن المشرع في كل من القانونين المغربي والفرنسي لم يعرف حق الإضراب بطريقة محددة ومباشرة، نظرا لكونه من بين الحقوق والمسائل الحساسة والأكثر إثارة للجدل ، ومن تم فقد ترك المجال لاجتهاد الفقه والقضاء الإداريين.
وعليه فإننا سنتحدث( أولا) عن تعريف الحق في الإضراب لغة وتشريعا وفيما بعد سنتحدث (ثانيا )تعريف الإضراب فقها وقضاء.
أولا:التعريف اللغوي والتشريعي لحق الإضراب
يشير الدكتور صلاح علي حسن في كتابه>>تنظيم حق الإضراب<< إلى أن >>الأصل التاريخي لكلمة الإضراب<<La grève>> يرجع إلى مكان يوجد بالعاصمة الفرنسية باريس يطلق عليه<<Place de grève>> وهذا المكان يقع بجوار البلدية << Hôtel de ville>> حيث كان العمال العاطلون يتجمعون في هذا المكان للبحث عن العمل ،ومن اسم هذا المكان أخذ الإضراب نفس التسمية.
ووجدت عبارة<<Fait grève>>وكان يقصد بها السيطرة على مكان ما، وذلك للمطالبة بالحصول على فرصة عمل، وبعد ذلك ارتبط الإضراب بنزاعات العمل الجماعية.[23] غير أن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الإطار هو أنه ليس هناك تعريف موحد لحق الإضراب.و>Fait greve المكان أخذ الاضراب نفس التسمية،ووجدت عبارة الد هذا الفراغ التشريعيددة ومباشرة .نظرا لكونه من بين الحقوق والمسائل ال
أ): التعريف اللغوي لحق الإضراب
يُعرف الإضراب لغة بأنه الكف والإعراض. فيقال : " أضرب عن الشيء " أي كف وأعرض عنه ويقال: أضرب العمال، أي كفوا عن العمل حتى يُجاب إلى مطالبهم. والإضراب مصدر من الفعل الرباعي " أضرب " ، وبالتالي فالإضراب في اللغة يعني الإعراض عن القيام بشيء معين، و (أضرب) في الْمَكَانِ أَقَامَ وَلم يبرح وسكن لا يَتَحَرَّك .وأطرق. والعمال وَنَحْوهم: كفوا عَن الْعَمَل حَتَّى تُجاب مطالبهم.[24]
ويقصد بالإضراب لغة :الكف عن الشيء أو الإعراض: ويقال أضربت عن الشيء أي كففت وأعرضت،وضرب عنه الذكر وأضرب عنه أي أعرض.[25]
"[وقال الله تعالى: "فنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين"] [الاية الخامسة سورة الزخف]" ، أي: أفنعرض عنكم، ونترك إنزال الذكر إليكم، ونضرب عنكم صفحا، لأجل إعراضكم، وعدم انقيادكم له؟ بل ننزل عليكم الكتاب، ونوضح لكم فيه كل شيء، فإن آمنتم به واهتديتم، فهو من توفيقكم، وإلا قامت عليكم الحجة، وكنتم على بينة من أمركم.[26]
ب): التعريف التشريعي
لقد درج المشرع في جل الدول التي تعترف بالحق في الإضراب على عدم إعطاء تعريف محدد للحق في الإضراب وعدم إبراز عناصره وأركانه المختلفة. وذلك نظرا لصعوبة استيعاب كل جوانب هذا الحق. وهكذا فإن التعاريف التشريعية تعتبر ناذرة. لكن بعض التشريعات وضعت تعاريف لمفهوم الحق في الإضراب انطلاقا من تعاريف عمل الإجتهاد القضائي.
وعلى سبيل المثال فإن مدونة الشغل الموريتانية عرفت الاضراب بأنه" الإضراب العام أو الجزئي هو توقف جماعي عن العمل متفق عليه من طرف عمال مؤسسة او عدة مؤسسات للحصول على الإستجابة لمطالبهم المهنية طبقا للقوانين المعمول بها".[27]
وفي المقابل فإن المشرع المغربي سار على نهج غالبية التشريعات، بحيث لم يضع تعريفا محددا لحق الاضراب، وإنما اكتفى منذ أول دستور للمملكة بالإعتراف به كحق دستوري مطلق، ولم تردعليه أي قيود مع الإشارة أنه سينظم ممارسته قانون تنظيمي والذي لم يخرج على حدود اليوم.[28]
مع الإشارة أيضا له في نصوص قانونية متفرقة دون تعريفه، ومنها مدونة الشغل التي اعتبرته حالة من حالات توقف الشغل،[29] وتم الإشارة إليه أيضا عندما اعترف المشرع بالحق النقابي للموظف العمومي دون الإعتراف بحق الإضراب صراحة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.[30]
وأخيرا بقي أن نشير إلى أن مشروع قانون المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 والذي لم يخرج إلى حدود اليوم ، عرف الإضراب بأنه:" هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة ، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أوالاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين.[31]
ثانيا:التعريف القضائي والفقهي
إذا كان المشرع في جل الدول والتشريعات تفادى تعريف مفهوم الحق في الإضراب نظرا لحساسية هذا الحق، إضافة إلى الإشكالات التي يثيرها من تضارب للمصالح، فإن نفس الامر انعكس على مجال الفقه والقضاء بحيث اعتبر تعريف حق الإضراب مجالا خصبا لتضارب واختلاف آراء الفقهاء ورجال القضاء الإداريين.
أ):التعريف القضائي لحق الإضراب
يعتبر الاجتهاد القضائي مصدرا من مصادر القانون، إلا أن الإ جتهاد القضائي لاينشئ نصوص قانونية أو يعدلها، وإنما يفسر القواعد القانونية ويؤولها من أجل سد الفراغ الذي يشوب التشريع. وبما أن جل التشريعات لم تعرف مفهوم الحق في الأضراب، فإن ذلك جعل منه مجالا خصبا للإجتهاد القضائي ولتفعيل الدور الإنشائي لهذا الأخير.
ساهم مجلس الدولة الفرنسي إلى جانب محكمة النقض الفرنسية في تعريف مفهوم الحق في الإضراب، وذلك من خلال إعطاء مجموعة من التعاريف وهي على النحو التالي:
وهكذا قد عرفت محكمة النقض الفرنسية الإضراب في الحكم الصادر في 28 يونيو1951 بكونه" وسيلة العمال للدفاع عن المطالب المهنية"[32] وأضافت في حكم آخر بأنه"توقف العمال المدبر عن العمل بقصد الموافقة على تحسين شروط عمل"[33].وبصفة عامة قد استقر موقف محكمة النقض الفرنسية على أن الإضراب هو "توقف مدبر عن العمل بغرض تأييد مطالب مهنية محددة سلفا رفض صاحب العمل تحقيقها ".[34]
وعلى مستوى الإجتهاد القضائي المغربي فقد ذهب الى ما استقر عليه الإجتهاد القضائي الفرنسي،مؤكدا على أن الإضراب حق مشروع منصوص عليه في أسمى قانون في البلاد وهو الدستور شريطة. وينبغي عند ممارسته مراعاة مجموعة من الضوابط والقيود وهي على النحو التالي:
فمن جهة أولى فقد اشترط الا جتهاد القضائي المغربي في الإضراب التوقف الجماعي عن العمل، حيث جاء في حكم المحكمة الإدارية في فاس[35] أن : "حق الإضراب هو توقف بعض أو كل موظفي المرافق العامة عن العمل كوسيلة للضغط على جهة الإدارة قصد إظهار الاستياء من أمر محدد من أجل تحسين ظروف العمل أو القيام بنشاط معين...".
ومن جهة أخرى يجب أن يكون الإضراب لمدة محددة وهو ما جاء في قرار محكمة النقض[36] أن "لما كان الثابث من إقرار الأجير بمذكرة دفاعه أنه قد خاض إضرابا عن العمل لمدة غير محددة وأنه قد إقترن باعتصام بمقر الشركة المشغلة، فإن الإضراب وإن كان حق دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفا".وهو أيضا ما تم التأكيد عليه من خلال حكم المحكمة الإدارية بالرباط[37].
ومن جهة أخرى اشترط الاجتهاد القضائي المغربي أن يهدف الإضراب إلى تحقيق مطالب مهنية، وبهذا يعتبر الإضراب السياسي والتضامني غير مشروع[38].
ب):التعريف الفقهي
لقد تعددت التعاريف الفقهية لمفهوم الحق في الإضراب سواء في الفقه الفرنسي أو الفقه المغربي.
فعلى مستوى الفقه الفرنسي، عرف الاستاذان الفرنسيان Jean savatier وjean rivero الإضراب بأنه "كل توقف جماعي عن العمل من الأجراء يهدف حمل المؤاجر على قبول وجهة نظرهم في المسألة التي كانت موضوع خلاف".[39]
كما عرفه الأستاذ jean latournerie بأنه " كل توقف جماعي عن العمل من طرف أجراء مؤسسة أو عدة مؤسسات أوبعض من هؤلاء حينما يكون هذا التوقف ناتجا عن خلاف جماعي بينهم وبين مؤاجرهم بهدف الضغط عليه وحمله على الإستجابة لمطالبهم".[40]
أما على مستوى الفقه المغربي فقد عرفه الأستاذ محمد الأعرج بأنه "اتفاق مجموعة من الموظفين و المستخدمين على الامتناع عن العمل لفترة مؤقتة قصد إبراز استيائهم من أمر ما أو تحقيق بعض المطالب المتعلقة بظروف العمل و الحياة المعيشية بصفة عامة ".[41] أما الأستاذ أحمد بوعشيق فيرى بأن الإضراب هو كل توقف عن العمل بصفة مدبرة بقصد الضغط على المشغل للإستجابة للمطالب النقابية للعمال دون أن تنصرف نية المضربين إلى التخلي عن وظائفهم نهائيا،[42] كما عرفته الأستاذة مليكة الصروخ بأنه "اتفاق بعض العمال على الإمتناع عن تأدية أعمالهم بصفة مؤقتة، تعبيرا عن عدم الرضى عن أمر معين،هدفهم الوصول إلى تحقيق بعض المطالب.[43]
وعموما فمن خلال التعاريف السالفة الذكر بكل أنواعها، يمكن أن نعرف الإضراب بأنه ذلك التوقف الجماعي عن العمل لمدة محددة ومؤقتة بهدف الضغط على الإدارة أو المشغل من أجل تحقيق مطالب وحقوق مهنية ممكنة ومشروعة سواء في القطاع العام أو الخاص.
الفقرة الثانية: عناصر الحق في الإضراب
لممارسة حق الإضراب على نحو سليم لابد من توفر مجموعة من الأركان والعناصر لكي يعتبر الإضراب مشروعا وهي العناصر المادية( أولا )والعناصر المعنوية (ثانيا).
أولا: العناصر المادية لممارسة حق الإضراب
تتكون العناصر المادية لحق الإضراب من عنصرين وهما التوقف عن العمل (أ) والتوقف الجماعي عن (ب).
أ) التوقف عن العمل
يعتبر التوقف عن العمل العنصر الجوهري لحق الإضراب، حيث يؤدي تخلفه إلىى عدم إضفاء صفة الإضراب عن العمل الصادر عن الموظفين والعمال، ويقتضي هذا الركن أن يكون الموظفون أو المستخدمون أو الاجراء ملزمون قانونا بأداء العمل الذي امتنعوا عن تنفيذه سواء كان مصدر هذا الإلتزام عقد شغل أوعقد نظامي أو نص قانوني أو نظاما داخليا. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون التوقف عن العمل كامل، بمعنى على العمال الإمتناع عن أداء العمل المطلوب منهم كاملا، فإذا قام العمال بالإبطاء في العمل فذلك غير كافي لتحقق عنصر التوقف عن العمل، لأن التوقف الكامل عن العمل من شأنه أن يظهر بوضوح الرغبة الشديدة في ممارسة حق الإضراب للدفاع عن مصالحهم المهنية، كما يجب أن يكون التوقف عن العمل ملزم، بمعنى أنه يجب أن يكون هذا الامتناع عن أداء عمل ملزم بغض النظر عن مصدر هذا الإلزام سواءا كان نتيجة عقد عمل فردي، اتفاقية عمل جماعية.[44]
غير أن ما ينبغي ان نشير إليه في هذا الإطار هوأن الإمتناع عن العمل في الساعات الإضافية لا يدخل في حكم مفهوم حق الإضراب.
ب) التوقف الجماعي عن العمل
يعتبر التوقف الجماعي عن العمل العنصر الثاني من العناصر المادية للإضراب. ويقصد بالتوقف الجماعي: امتناع عدد من العمال عن أداء العمل امتناعا مدبرا. ويعني ذلك أن توقف عامل بمفرده عن أداء العمل لا يعد إضرابا ولو كان ذلك بقصد تحقيق مطالب مهنية.[45]
لكن الإشكال المطروح هنا هو مامدى شرعية الإضراب الذي يقوم به أجير أو موظف واحد خاصة أمام الصيغة المطلقة التي تم التنصيص فيها على الإضراب سواء في الدستور أو المواثيق الدولية. لكن غالبية الفقه والقضاء الإداريين أقرو على ضرورة أن يتأخذ الإضراب شكلا جماعيا وأن يتم تأطيره من طرف نقابة ذات تمثيلية ومشكلة تشكيلا قانونية.
غير أنه إذا كانت الجماعية صفة أساسية في التوقف عن العمل كعنصر الإنضمام الى الإضراب فإنه يلزم وضع معيار لتحديد عدد العمال الذي يحقق التوقف الجماعي. ويوجد معيارين في هذا الشأن أحدهما عضوي والأخر عددي:[46]
1: المعيار العضوي ( التنظيم النقابي)
يقتضي هذا المعيار أن يتم تأطير ممارسة حق الإضراب من طرف نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا ، وفي المغرب يأخذ التشريع المغربي بهذا المعيار وهم ما تم التأكيد عليه في حكم المحكمة الإدارية بمكناس.[47] وهو أيضا ما أكد عليه في مشروع قانون تنظيمي المتعلق بالإضراب رقم 97.15.[48]
2: المعيار العددي
خلافا للمعيار العضوي يوجد المعيار العددي الذي يفيد أن الإمتناع الجماعي عن أداء العمل الملزم يعد إضرابا سواء تم تنظيم الإضراب وإعلانه عن طريق منظمة نقابية أو عن طريق الجمع العام للعمال وقد تبني قانون العقوبات المصري هذا المعيار حيث استلزمت المادة 124 منه أنه يمتنع عن أداء العمل ثلاثة أو أكثر من الموظفين أو المستخدمين.[49]
لكن نادرا ما يتم اللجوء لهذا المعيار،إذ أن غالبية التشريعات تأخذ بالمعيار العضوي (التنظيم النقابي) لإضفاء المشروعية على ممارسة حق الإضراب.
ثانيا:العناصر المعنوية لحق الإضراب
لا يكفي أن تتوفر في التوقف الجماعي العناصر المادية للإضراب ، بل لابد أن تتوفر مجموعة من العناصر المعنوية وهي نية أو قصد الإضراب (أ) وتدبير الإضراب (ب) ثم المطالب المهنية المشروعة (ج).
نية الإضراب
يقصد بنية الإضراب توجه إرادة المضربين إلى التحلل مؤقتا من تنفيذ واجباتهم المهنية الملزمون بها، طبقا للأنظمة والمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. دون أن تنصرف إرادتهم إلى التخلي عن العمل نهائيا، كما لا يعد الإمتناع الذي يرجع لسبب خارجي، كالقوة القاهرة أو خطأ صاحب العمل إضرابا، لأن التوقف هنا يكون رغما عن إرادة العمال وليس برغبتهم، كذلك توقف العمال أو امتناعهم عن أداء العمل بموافقة صاحب العمل، لانتفاء نية الإضراب ففي هذه الحالة لا يعتبر من قبيل الإضراب، والجدير بالذكر أن نية العمال أوالموظفين يجب أن تتجه إلى أن يكون التوقف الجماعي عن العمل يرمي للضغط على صاحب العمل أو الإدارة من أجل تحقيق مطالبهم المهنية المشروعة والممكنة.[50]
تدبير الإضراب
يعتبر تدبير الإضراب من العناصر المعنوية لحق الإضراب. وهو ما تم التأكيد عليه سواء في التعاريف الفقهية أو القضائية،[51] بأن الإضراب هو ذلك التوقف المدبرعن العمل من أجل تحقيق مطالب مهنية، بالتالي لا يجب أن يكون التوقف عن الشغل بطريقة جماعية مجرد تزامن لحالات امتناع فردية لأسباب متباينة. وقد تم التأكيد أيضا على هذا العنصر في مشروع قانون تنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15، بأن الإضراب هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة..."[52]
ويتأكد هذا العنصر من خلال اتخاذ قرار الإضراب من طرف النقابات الأكثر تمثيلا،أو الجموع العامة للأجراء في حالة عدم وجود نقابة، ويتم هذا الاتفاق في الغالب قبل إعلان الإضراب بأي طريقة ينظمها القانون، أوبواسطة الانظمة الأساسية للنقابة،أو اتفاقات الأطراف سواء عن طريق التصويت فيما بين العمال أو بواسطة النقابة. ويتحقق تدبير الإضراب في حالتين:
الحالة الأولى :وهي الإتفاق السابق على الإضراب، وهي الحالة الأكثر شيوعا في الإعلان عن اتخاذ قرار الإضراب.
الحالة الثانية : و تتمثل عندما يتم تدبير والقيام بلإضراب عند تلاقي نوايا المضربين حول الإضراب، بمعنى أن يكون كل واحد منهم قد توقف عن العمل بهدف تحقيق نفس الهدف وهو تحقيق مطالب مهنية. أما إذا اختلفت أسباب الإضراب بين الأجراء أو الموظفين فلا نكون أمام إضراب، ومثال ذلك عندما يمتنع موظف أو أجير عن العمل لإعتقاده بوجود عطلة في حين يتوقف الثاني عن العمل على أساس موافقة المشغل،بينما يمتنع الثالث عن العمل العمل لتحقيق مطالب مهنية فهذا لا يدخل في حكم الإضراب.
ج) المطالب المهنية المشروعة
تعتبر المطالب المهنية العنصر الجوهري للعناصر المعنوية لحق الإضراب، بحيث يؤدي تخلفها إلى انتفاء صفة الإضراب عن التوقف الجماعي عن العمل،ويقصد بهذا العنصر: أنه يجب أن يكون الدافع والباعث على الإضراب هو المطالب المهنية. أما إذا امتنع العمال عن العمل بصفة جماعية دون أن يهدفون إلى تحقيق مطالب مهنية فإن هذا الإضراب لايعتبر مشروعا.لأن الإضراب في نهاية المطاف ما هوإلا وسيلة للضغط على الإدارة أوصاحب العمل من أجل تحقيق مطالب مهنية ومشروعة وممكنة، وهو ما التأكيد عليه في حكم المحكمة الإدارية بمكناس في قضية محمد شيبان ضدد وزير التربية الوطنية.[53]
وفي حالات عديدة قد يكون التوقف الجماعي عن العمل، مبعثه اعتبارات سياسية لا مطالب مهنية ومثاله الإضراب للتضامن مع قضية سياسية ما ،ويطلق على هذا النوع من الإضراب (الإضراب السياسي) ويرى الإجتهاد القضائي المغربي أن هذا النوع من الإضراب غير مشروع كما سنرى لاحقا.
المطلب الثاني :أنواع الإضراب وآثاره ومرجعيته القانونية
أدى الإعتراف الدستوري بالحق في الإضراب وتكريسه في المواثيق الدولية إلى تعدد أشكال ممارسته، لاسيما في الدول التي كرسته في دساتيرها الوطنية. خاصة أمام تنامي دور النقابات كطرف أساسي في التشجيع على اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب كوسيلة للمطالبة بمطالب مهنية، كل هذه المعطيات أفرزت العديد من أنواع الإضراب.غيرأنه إذا كان الإضراب وسيلة يحقق بها المضربون مطالبهم المشروعة، عن طريق التوقف عن العمل، إلا أن ذلك غالبا يؤدي إلى الإخلال بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، وأحيانا الإخلال بالنظام العام وتعطيل مصالح المرتفقين ،بل تصل آثار الإضراب إلى المضربين أنفسهم ،وذلك من خلال حرمانهم من الأجر، وإن اقتضى الأمر اتخاذ عقوبات تأديبية في حقهم.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سنحاول التحدث عن أنواع الإضراب وآثاره (الفقرة الأولى) ثم سنتطرق بعد ذلك إلى المرجعية القانونية لممارسة حق الإضراب(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أنواع الإضراب وآثاره
أولا: أنواع الإضراب
يتخذ الإضراب صورا وأشكالا متعددة، وذلك بالنظر الى مكان ممارسته، أو الهدف الذي يسعى الموظفون والمستخدمون إلى تحقيقه أو المدة التي يستغرقها ، أو الكيفية التي يمارس بها، لا سيما في الدول التي تعترف بمشروعية هذا الحق.
وتأسيسا على ماسبق فإننا سوف نتحدث عن أنواع حق الإضراب من حيث الشكل (أ) ثم فيما بعد سنتحدث عن أنواع حق الإضراب من حيث الأهداف (ب).
أ-) أنواع الإضراب من حيث الشكل
يتخذ حق الإضراب من حيث الشكل صورا عديدة، فهناك الإضراب التقليدي والإضراب الدائر والإضراب عن الإنتاج والإضراب المبرقع والإضراب مع احتلال أماكن العمل وأخيرا الإضراب القصير والمتكرر.
الإضراب التقليدي(la grève classique )
يقصد بالإضراب التقليدي: امتناع العمال عن أداء العمل بشكل جماعي وكامل ومدبر.[54] وهذا النوع من الإضراب هوالأكثر شيوعا بين أنواع الإضراب الأخرى، ويتم فيه انقطاع المضربين عن العمل في نفس الوقت وبكيفية محكمة ومنظمة ومدروسة، وإذا كان الإضراب التقليدي متصفاً في الماضي بالبساطة والمحدودية، فإنه خرج اليوم عن هاتين الصفتين اللتين كان معروفا بهما، بحيث صار يتطلب لضمان فرص نجاحه تنظيما محكما،[55] وغالبا ما يتم ذلك بواسطة النقابات والتي تأخذ فيه هذه الأخيرة جميع الإحتياطات اللازمة وتراعي الظروف الاقتصادية المحيطة من أجل نجاح الإضراب، بهدف تحقيق المطالب المهنية. كما تلتزم النقابة بضمان الحد الأدنى من الخدمة من أجل ضمان استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات.
بالتالي فإن هذا الشكل من الإضراب يبقى مشروعا طالما أنه استجمع كافة عناصر الإضراب المشروع: شكلا باعتباره توقف جماعي مدبر عن العمل، وموضوعا: باعتباره يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية تخص العمال المضربين أنفسهم،[56]أوالموظفين العموميون بحسب الحالة.
الإضراب الدائر (la grève tournante )
يتطلب هذا النوع من الإضراب تخطيطا محكما ومنسجما، بحيث يتميز هذا النوع من الإضراب بكونه يتمثل في التوقف عن العمل في عدة وحدات وأقسام للمرفق العمومي بصفة متتالية ومتتابعة، إذ يبدأ الموظفون والمستخدمون في الإضراب في مصلحة ثم ينتقل بعد ذلك الإضراب إلى المصالح الأخرى بالتتباع والتناوب ،وهكذا فإن الموظفون والمستخدمون يتناوبون فيما بينهم على القيام بالإضراب إذ تضرب مجموعة منهم ثم تستأنف عملها وبعد ذلك تضرب مجموعة ثانية وثالثة.
أما بخصوص شرعية أو عدم مشروعية هذا النوع من الإضراب فإن الراجح لدى الفقه المغربي هو عدم مشروعية هذا النوع من الإضراب لعدم توفر ركن التوقف الجماعي عن العمل فضلا عن النتائج الخطيرة التي يخلفها هذا النوع من الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص.
وهو ما تم الـتأكيد عليه أيضا في مشروع قانون تنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15.[57]
الإضراب المبرقع (la grevé perlée )
يتخذ هذا النوع من الإضراب تسميات عديدة، فيسمى الإضراب عن الإنتاج أو المردودية أو الجزئي. وهو الأخطر على المرفق العمومي من بين أنواع الإضراب الأخرى بحيث يؤثر على جودة ومردودية المرفق العمومي في أداء الخدمات، ويتميز هذا النوع من الإضراب بكونه لايؤدي إلى التوقف الكلي عن العمل،ولكنه يؤدي إلى البطء في الإنجاز أي نقص الإنتاج عمدا،[58] بالتالي التأثير على وثيرة الإنتاج وإلحاق خسارة كبيرة بالمرفق العمومي وذلك من خلال الإبطاء في معدل الأداء الوظيفي للمضربين، وغالبا ما يلجأ الموظفون والمستخدمون لهذا النوع من الإضراب من أجل المحافظة على أجورهم وحتى لا يتعرض المضربون لعقوبات تأديبية، أويتم تعويض المضربين بعمال أخرين أو فشل الإضراب.
وقد ذهب أغلب الفقه إلى عدم اعتبار الإبطاء في العمل إضرابا لعدم توفر أركان الإضراب لاسيما الأركان المادية كالتوقف عن العمل والتوقف الجماعي عن العمل،[59] كما يرى أستاذنا الدكتور عبد اللطيف خالفي أن مثل هذا التصرف لا يمكن أن تضفى عليه صفة "الإضراب"فهذا الأخير يقتضي توقفا جماعيا ومدبراً عن الشغل، في حين أن "إضراب" الإنتاج لا يتوقف خلاله الأجراء عن الشغل، بل يستمرون فيه، وفي تنفيذ عقود شغلهم،ولكن في ظل شروط وظروف غير تلك المتفق عليها بموجب هذه العقود، فما يسمى بإضراب الإنتاج في نظرنا هو تنفيذ معيب لمقتضيات عقد الشغل بما يخل بمبدأ حسن النية وبالتزامات الأجراء التعاقدية، مع ما يترتب على ذلك من نتائج، ولا مجال للتحدث عن إضراب غير مشروع أو حتى تعسفي لانتقاء العناصر اللازمة في أي إضراب،لذلك نرى أنه فيما يسمى بإضراب الإنتاج، نكون في الحقيقة إزاء تصرف غير مشروع للأجراء مع كل ما يستتبع ذلك من آثار قانونية.
وفيما يخص موقف القضاء المغربي من مدى مشروعية هذا النوع من الإضراب فقد ذهب إلى اعتباره عملا غير مشروع بل خطأ جسيما وهو ما أكدت عليه محكمة الإستئناف بمكناس في إحدى قراراتها.[60]
الإضراب مع احتلال أماكن العمل((Grève avec occupation des lieux du travail يعتبر عدم تواجد العمال بمكان العمل في الوقت المحدد لأدائه وسيلة لإثبات الإضراب، على أن الإضرب قد يقترن باحتلال أماكن العمل.[61] وهذا النوع من الإضراب يتميز بكونه يمارس في ظروف شديدة التوتر وأنه يمثل وسيلة من وسائل الضغط من طرف المضربين على المشغل وعلى السلطات العمومية لإثارة الإنتباه إلى مشاكلهم وإيجاد الحلول لها.[62]
وفيما يخص موقف القضاء المغربي من مشروعية هذا النوع من الإضراب فقذ ذهب في نفس الإتجاه الذي ذهب إليه المشرع الفرنسي، ألا وهو اعتبار الإضراب مع احتلال أماكن العمل غير مشروع طالما اتخذ شكل اعتصام داخل مقرات العمل.[63]
الإضراب القصير والمتكرر(Grève de courte durée et répétées )
يتمثل الإضراب القصير المدة والمتكرر، في امتناع العمال عن أداء العمل لفترات قصيرة ومتكررة فقد يتم التوقف عن العمل لمدة نصف ساعة ثم يعودوا للعمل ثم يتوقفوا ربع ساعة أخرى ثم يعودوا للعمل وهكذا.[64] بالتالي فهذا الإضراب هو عبارة عن توقفات عديدة ومتكررة للمضربين مع البقاء في أماكن العمل.ومايميز هذا النوع من الإضراب عن الإضراب مع احتلال أماكن العمل هو تواجد المضربين في أماكن العمل ويقومون بأداء عملهم لكن على فترات متقطعة مختلفة.
وفيما يخص مدى مشروعية هذا النوع من الإضراب فإن أغلب الفقه والقضاء يجمعون على مشروعية هذا النوع من الإضراب طالما أنه استجمع كافة عناصر وأركان الإضراب المشروع، فلا يعقل أن يتحول الحق المشروع إلى حق غير مشروع نتيجة تكرار استعماله لذلك فالإضرابات القصيرة المدة والمتكررة تعتبر مشروعة.[65]
الإضراب المفاجئ (Grève soudaine)
يقصد بالإضراب المباغث أو المفاجئ توقف العمال بغتة ودون إخطار سابق لصاحب العمل أو الجهة الإدارية بنيتهم في ذلك.[66] وبالتالي فهذا النوع من الإضراب يتم بصورة فجائية ودون سابق إنذار أو إخبار للجهات المعنية ،ويعتبر هذا النوع من الإضراب غير مشروع ويعرض الموظف أو المستخذم المشارك فيه للمسائلة التأديبية.
وبخصوص مدى مشروعية الإضراب المباغث اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس أن ممارسة حق الإضراب "تستلزم قيام التنظيم النقابي بإخطار الإدارة مسبقا يتضمن الهدف من اللجوء إلى الإضراب وبدايته ونهايته ،وإعطائه مهلة محددة قبل القيام به حتى يمكن اتخاذ الإجراءات والإحتياطات الضرورية للمحافظة على الأمن العام وتأمين تقديم الخدمات للجمهور لكون الإضراب المباغث أو الطارئ يعتبر غير مشروع"[67] وبهذا يكون الإضراب المباعث غير مشروع.
ب-) أنواع الإضراب من حيث الأهداف
يتخذ الإضراب صورا وأشكالا مختلفة، وذلك بحسب الأهذاف التي يهدف تحقيقها الموظفون والمستخدمون. فهناك الإضراب المهني والإضراب السياسي والإضراب التضامني والإضراب الدفاعي.
الإضراب المهني(Grève professionnelle )
إن الإضراب الذي يمارسه الموظفون والمستخدمون لاسيما بعد فشل المفاوضات الجماعية، من أجل الضغط على المشغل أو الإدارة أو الجهة المعنية بحسب الحالة، لتحقيق مطالبهم المهنية المشروعة والممكنة دون أن تنصرف نيتهم وإرادتهم لتحقيق مطالب سياسية أو غيرها، يعد إضرابا مهنيا ووسيلة مشروعة يلجأ إليها الموظفون والمستخدمون للمطالبة بتحقيق مطالبهم المهنية كتحسين ظروف العمل وتحسين الأجور وغيرها من المطالب المهنية الأخرى.
الإضراب الدفاعي(Grève défensive )
يرمي الإضراب الدفاعي إلى الحفاظ على المكتسبات والحقوق التي يقرها التشريع الوطني أو اتفاقيات الشغل الجماعية.[68] بمعنى أن هذا النوع من الإضراب يهدف إلى الدفاع عن الحقوق والمكتسبات التي تقرها الدساتير، كالحق في ولوج الوظائف العمومية حسب الإستحقاق[69] ،أو حتى تلك التي تقرها المواثيق الدولية شريطة أن تكون الدولة المعنية قد صادقت عليها، وغالبا ما يمارس هذا النوع من الإضراب على مستوى نطاق القطاع أو الوزارة أوعلى المستوى الوطني، تنديدا واستنكارا بتشريعات جديدة تمس الحقوق والمكتسبات السابقة. كالإضراب الذي عرفه مرفق التعليم مؤخرا في سنة 2024 والذي استمر لمدة دامت لأكثر من شهرين على المستوى الوطني نتيجة لإخراج النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية[70]،والذي تم تجميده بسبب هذا الإضراب الدفاعي.
الإضراب التضامني(Grève solidarité )
يعتبر إضرابا تضامنيا ذلك الإضراب الذي يمارسه الموظفون والمستخدمون ليس لتحقيق مطالب مهنية تهم مباشرة، بل لتحقيق مطالب مهنية تتعلق بموظفين ومستخدمين آخرين يشتغلون في مرفق أو مقاولة أخرى. وذلك للتضامن معهم، ولتحسين معنوياتهم ولتحقيق مطالبهم المهنية الأمر الذي يثير إشكالية مدى مشروعية هذا النوع من الإضراب؟
وفيما يخص مدى مشروعية الإضراب التضامني يرى المجلس الأعلى سابقا أن" الإضراب،وإن كان حقا مشروعا فإن الغاية منه الدفاع عن حقوق مشروعة للعمال، وأن الإضراب التضامني مع عامل تم توقيفه لا يهدف إلى مصلحة عامة للمضربين ويشكل بالتالي عملا غير مشروع"[71] أما محاكم الموضوع فإنها تسير في اتجاه آخر وترى أن "الإضراب التضامني مشروع ما دام لم يخرج عن نطاق المؤسسة."[72]
الإضراب السياسي(Grève politique )
يمارس هذا النوع من الإضراب للمطالبة بمطالب سياسية، بحيث أنه عندما يقوم به الموظفون والمستخدمون فإنهم لا يطالبون بمطالب مهنية اتجاه المشغل أو السلطات الإدارية المسؤولة عن المرفق، وإنما للتعبير عن مواقف سياسية كرفض مواقف حكومية أو معارضتها أوتأيدها أو للتعبير عن مواقف اتجاه قضايا وطنية ودولية. ويدعم مؤيدو هذا النوع من الإضرابات باستحالة الفصل بين ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي ومهني.[73]
وينفرد الإضراب السياسي عن الإضراب المهني بمجموعة من الخصائص وهي كالتالي:
الإضراب السياسي لا يوجه ضد الإدارة أو المشغل.
الإضراب السياسي يهدف إلى الإعتراض على قضايا سياسية وطنية أودولية. ولا يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية مشروعة وممكنة.
الموظف أو المستخدم الذي يشارك في الإضرب السياسي يتصرف كمواطن عادي وليس كموظف أو مستخدم.
بالتالي فإذا كان هذا النوع من الإضراب يهدف إلى تحقيق مطالب سياسية لا مهنية،فإن هذا يثير إشكالية مدى مشروعة هذا النوع من الإضراب؟ خاصة وأن الإضراب ما هو إلا وسيلة لتحقيق مطالب مهنية مشروعة وممكنة.
وقد اختلف الفقه بشأن مشروعية هذا النوع من الإضراب حيث يوجد اتجاهين في هذا الصدد أولهما يقر بمشروعيته، والآخر يرى عكس ذلك.
الاتجاه الأول : يعتقد أنصار هذا الاتجاه أن الإضراب السياسي شأنه شأن الإضراب المهني من حيث المشروعية، وذلك نظرا لصعوبة التمييز أو الفصل بينهما .كما أنه لا يوجد نص تشريعي ينفى مشروعية الإضراب السياسي حيث جاء الاعتراف الدستوري بمشروعية حق الإضراب عاماً.[74]
الإتجاه الثاني: وهو الغالب في الفقه والقضاء. والذي ينفي المشروعية عن هذا النوع من الإضراب لكونه لا يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية مشروعة وممكنة.
وفيما يخص مشروعية هذا النوع من الإضراب اعتبرت المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها رقم 63/2001 بتاريخ 12/07/2001 المشار إليه سابقا، أنه يجب أن يهدف الإضرب إلى تحقيق مطالب مهنية أو الدفاع عنها، وبمفهوم المخالفة فإن الإضراب السياسي لا يعتبر إضرابا مشروعا. وعموما وإن كان الإضراب حقا مضمونا بموجب الدستور لتحقيق مطالب مهنية في إطار التمثيلية النقابية فإنه لا ينبغي أن يمارس بشكل تعسفي أو يستغل لتحقيق مكاسب سياسية.
ثانيا: آثار ممارسة حق الإضراب
يترتب عن ممارسة حق الإضراب والشروع فيه بالمرافق العمومية مجموعة من الأثار سواء بالنسبة للموظفين أو المستخدمين المضربين، أو بالنسبة للمرفق العام الذي مورس به هذا الإضراب.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سنتحدث عن الأثار المترتبة عن ممارسة حق الإضراب بالنسبة للموظفين والمستخدمين (أ) ثم سنتحدث بعد ذلك عن آثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمرفق العام"مرفق التعليم نمودجا"(ب).
أ-) أثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمضربين بالمرفق العمومي
يترتب عن ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمضرب مجموعة من النتائج بالمرفق العمومي. والتي تختلف باختلاف طبيعة العلاقة التي تجمع المضرب بالمرفق العمومي، بحيث أن نتائج ممارسة هذا الحق تختلف بحسب ما إذا كان المضرب موظفا عموميا خاصعا للنظام العام الأساسي للوظيفة العمومية(1) أو مستخدما خاضعا لمدونة الشغل(2).
آثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للموظف العمومي
يلاحظ من خلال ما دأب إليه العمل القضائي في المملكة في ملفات كثيرة، وما جرت به العادة عند ممارسة حق الإضراب في نطاق الوظيفة العمومية هو الإقتطاع من أجور المضربين وحرمانهم منه طيلة مدة الإضراب. الأمر الذي أثار مجموعة من الإشكالات الكبرى، تتمثل في أساسا حول مدى مشروعية الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين،خاصة أما التنصيص الدستوري على هذا الحق واعتبار أن هذا الإقتطاع ما هو إلا تكبيل لهذا الحق الدستوري وإفراغ من محتواه.
بالرجوع إلى الإجتهاد القضائي المغربي علاقة بموضوع الحق في الإضراب. نجد تضارب الأحكام والقرارات القضائية حول مسألة مشروعية الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين حيث نجد اتجاهين أساسيين: يتمثل الإتجاه لأول في اعتبار الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين قرارا قانونيا مشروعا، في حين يعتبر الإتجاه الثاني أن الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين قرار قانونيا غير مشروع.
الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين يعد قرارا قانونيا مشروعا
يؤسس هذا الإتجاه القضائي مشروعية الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين على مجموعة من المقتضيات القانونية سواء تلك الواردة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية أو تلك الواردة في نصوص قانونية أخرى خاصة أو ما سار عليه الإجتهاد القضائي المغربي في هذا الشأن.
فبالعودة إلى مقتضيات الفصل الثالث من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.[75] نجد أنه ينص على أنه يوجد"الموظف في حالة قانونية ونظامية إزاء الإدارة" الأمر الذي يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي: هل يوجد الموظف المضرب في علاقة نظامية اتجاه الإدارة؟ أي هل يعتبر المشرع المغربي الموظف المضرب في وضعية القيام بالوظيفة العمومية؟
للإجابة عن هذا التساؤل نعود للفصل السابع والثلاثين من نفس القانون الذي نص على أنه "يكون كل موظف في إحدى الوضعيات الآتية:
1)-في حالة القيام بالوظيفة؛ 2)-في حالة الإلحاق؛ 3)-في حالة التوقيف المؤقت عن العمل؛ 4)-في وضعية الجندية.
الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل من جديد مرة أخرى: هل يعتبر الموظف المضرب في وضعية القيام بالوظيفة؟ وهنا تفرض الإجابة ضرورة العودة إلى التعريف الذي قدمه المشرع المغربي للموظف الذي يوجد في وضعية القيام بالوظيفة، وفي هذا الإطار نصت المادة الثامنة وثلاثون على أنه" يعتبر الموظف في وضعية القيام بالوظيفة إذا كان مرسما في درجة ومزاولا بالفعل مهام إحدى الوظائف المطابقة لها بالإدارة التي عين بها. ويعتبر في نفس الوضعية الموظف الموضوع رهن الإشارة والموظف المستفيد من الرخص الإدارية والرخص لأسباب صحية والرخص الممنوحة عن الولادة والأبوة والكفالة والرضاعة، والرخص بدون أجرة والتفرغ النقابي لدى إحدى المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا".
من خلال ما سبق يمكن القول أن المشرع المغربي من خلال قانون الوظيفة العمومية أنه لم يعتبر الموظف المضرب في حالة القيام بالوظيفة العمومية، وبالتالي إذا كان الموظف المضرب لا يوجد لا في وضعية نظامية ولا وضعية القيام بالوظيفية العمومية فإنه لا يستحق تلقي الأجر خلال مدة إضرابه عن العمل، طبقا لمقتضيات قانون الوظيفية العمومية. واستنادا أيضا لقاعدة الأجر مقابل العمل.
وما يعزز هذا التوجه هو ذهاب القضاء الأداري المغربي إلى تطبيق قاعدة الأجر مقابل العمل في نطاق الوظيفة العمومية، من خلال مقتضيات الفصل 41 من القانون المنظم للمحاسبة العمومية.[76] الرامي إلى تعليق الأداء إلا بعد التأكد من انجاز العمل المطلوب،وكذا مقتضيات القانون 81.12 [77] والذي صدر لتنفيذه المرسوم رقم 2.99.1216 [78]بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية المتغيببن عن العمل بصفة غير مشروعة والذي قد نقل الموظف المضرب من وضعية عدم القيام بالالتزامات المهنية المطلوبة منه (إمكانية التعرض للعقوبات التأديبية) إلى وضعية التغيب وعدم إنجاز المهام، التي تعرضه فقط للاقتطاع من راتبه بما يوازي مدة العمل غير المنجز.[79]
وهو الموقف الذي تبنته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قضية خالد روشدي ضد وزير الصحة العمومية.[80] عندما اعتبرت أن ممارسة حق الإضراب في شكل امتناع عن العمل يؤدي إلى فقدان حق الحصول على أجرة استنادا على مقتضيات الفصل 41 من نظام المحاسبة العمومية والقانون81.12 ومما جاء في قرارها ما يلي : لئن كان حق الإضراب مضمونا دستوريا ومكرسا في مختلف المواثيق الدولية، فإنه لا يعني بالضرورة أن يتم في شكل الانقطاع عن العمل قصد شل حركة المرفق العمومي وخاصة مرفق الصحة هذا فضلا عن أن الطاعن لم يدل بما يثبت أنه قد تقدم بطلب الإذن بالتغيب، حتى تتمكن الإدارة المذكورة من اتخاذ التدابير الكفيلة بحسن سير مرفق الصحة العمومية مما يبقى معه ما أثير من أسباب بدون أساس.
وهو نفس الموقف أيضا الذي تبنته محكمة النقض في مجموعة من القرارات الكثيرة. وقد جاء في إحدى قراراتها ما يلي: إن الوظيفة الأساسية للأجر تتجلى في كونه يقابل العمل الذي يؤديه الموظف، وأن ثبوت امتناع الموظف أو المستخدم عن القيام بعمله يقابله الاقتطاع من أجره ولو كان حاضرا بمقر عمله، فعلة الاقتطاع هي عدم إنجاز العمل وليس التغيب غير المشروع عن العمل،وأن قاعدة الأجر مقابل العمل تقتضي ألا يستحق أجرا متى ثبت عدم إنجاز العمل،واعتبارا لكون الأجر يؤدى مقابل قيامه بالوظيفة المسندة إليه، وبالتالي فإن السبب القانوني لأداء الأجر هو إنجاز العمل، ومشروعية الوقفة الاحتجاجية من عدمها لا علاقة لها باستحقاق الأجر من عدمه وبالتبعية بقانونية الاقتطاع من عدمه، والمحكمة لما بتت،دون مراعاة ما ذكر، لم تجعل لما قضت به أساسا من القانون وعللت قرارها تعليلا فاسدا يوازي انعدامه."[81]
كما جاء أيضا في إحدى قراراتها ما يلي: من حق الإدارة الاقتطاع من أجر الموظف إذا تغيب للمشاركة في وقفة احتجاجية بمقتضى القانون رقم 81.12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين بصفة غير مشروعة، وكذا المرسوم عدد 2.99.1216 الصادر في مايو 2000 حول شروط وكيفيات تطبيق هذا القانون. وإضفاء الشرعية على الوقفة الاحتجاجية لا يجعل قرار الاقتطاع من أجر الموظف مشوبا بالشطط في استعمال السلطة.[82]
بالتالي فوفقا لهذا الإتجاه القضائي فالإدارة عندما تقوم بالإقتطاع من أجور الموظفين المضربين، فإنها لاتقوم به بسبب ممارسة حق الإضراب ولا علاقة لهذا الإقتطاع من الأجر بشرعية أو عدم شرعية ممارسة حق الإضراب. بل تقوم به بعلة التغير الغير المشروع أو بعبارة أخرى التغيب بدون ترخيص عن العمل. وحق الإضراب كما رأينا سابقا لا يتم إلا في إطار التوقف الجماعي والمدبر عن العمل.
وبالتالي فإذا أردنا أن تتم ممارسة حق الإضراب بدون إقتطاع من الأجر بسبب ممارسة هذا الأخير، فالأمر هنا على هذا النحو يفرض إيجاد صيغة جديدة لممارسة حق الإضراب تكون فيها ممارسة حق الإضراب غير مقرونة بالتوقف عن العمل أو مقرونة بالتوقف عن العمل المرخص به وهذا يبدو صعب المنال نوعا ما.
وأخيرا بقي أن نشير إلى أن هناك الكثير من القرارات لمحكمة النقض المغربية التي تصب في نفس الإتجاه والتي لا يسعنا عرضها والتفصيل فيها كلها.
الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين يعد قرارا غير مشروع
يؤسس هذا الاتجاه قراراته بالربط ما بين مشروعية الإضراب والاقتطاع من أجور الموظفين المضربين، وذلك من خلال مراقبته مدى احترام الموظفين المضربين للإجراءات والشروط التي استقر عليها الفقه والقضاء الإداريين، بمعنى ضرورة إخطار السلطات الإدارية بالإضراب وتحديد أسبابه موضوعه ومدته وصدوره من نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا وضرورة ضمان الحد الأدنى من الخدمة ، وذلك طبعا حتى لا يتأثر السير العادي للمرفق العمومي في أداء خدماته. وهو ما صرحت به المحكمة الإدارية بمكناس في أحد أحكامها حيث جاء فيه ما يلي " حق الإضراب حق دستوري أكدته جميع الدساتير المتعاقبة ..... وعدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الاضراب، لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود بل لابد من ممارسته في إطار ضوابط تمنع من إساءة استعماله مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العامة ... وعدم ثبوت كون الاضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة لذلك لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني وبالتالي تكون عقوبة الانذار على هذه الواقعة لاغية".[83]
وعليه، حسب هذا الإتجاه فالإضراب عندما يمارس طبقا للشروط والكيفيات التي أقرها الإجتهاد القضائي، فإن الإقتطاع من الأجر في هذه الحالة لا يعتبر مشروعا. وقد بنى هذا الإتجاه موقفه على مجموعة من الأسس وهي على النحو التالي:[84]
إن ممارسة الحق لا يقابل بالجزاء السلبي أو السيء، إلا إذا تبث التزيد أو التعدي.
القانون 81.12 بشأن الإقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية يتحدث عن الإقتطاع مقابل التغيب غير مشروع بدون ترخيص، وحق الإضراب ممنوح دستوريا ولا يحتاج لترخيص، ثم إنه تغيب مشروع ومضمون بصريح الفصل 14 من دستور 1962 والفصل 29 من دستور 2011 وليس بغير مشروع.
إن المرسوم رقم 2.99.1216 بشأن تحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 81.12 يتحدث عن التغيب بدون ترخيص،وكما ذكرناسابقا الإضراب لا يحتاج لترخيص.
إن الإقتطاع الممكن إعماله عند إضراب الموظف العمومي هو في حالة الإضراب المفاجئ والغير معلن عنه، والمتسب في سوء سير المرافق العامة، شريطة أن يكون الإقتطاع متناسبا مع حجم الضرر الذي خلفه هذا الإضراب، الذي إن صحت لدينا تسميته بالغير مشروع، فإنه لدى غيرنا مشروع وهنا تتضح الأهمية الإجرائية والضرورة القصوى لصدور قانون تنظيمي يتعلق بالإضراب.
القول بأنه يحق للإدارة أن تنظم ممارسة حق الإضراب تحت رقابة قاضي المشروعية مادام لم يصدر القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، هو قول يفتقر للصحة والأساس القانوني السليم. إذا لاحق للمحكمة الإدارية أن تنحو هذا المنحى. فغني عن البيان أن القوانين التنظيمية من اختصاص السلطة التشريعية ولا علاقة لها بالمجال التنظيمي الذي يدخل في اختصاص رئيس الحكومة بصريح الفصل 90 من دستور 2011.
بالتالي فهذا التوجه القضائي يشكل قفزة نوعية في مجال المنازعات التأديبية المتعلق بممارسة حق الإضراب. وذلك بالإنتقال إلى عدم ترتيب جزاء أو عقوبات تأديبية عند ممارسة هذا الحق في انتظار صدور القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب.
وأخيرا بقي أن نشير إلى أنه حتى إذا تقبلنا تطبيق قاعدة الأجر مقابل العمل في نطاق الوظيفية العمومية. وأنه من نتائج ممارسة حق الإضراب الحرمان من الأجر طول مدة الإضراب، على اعتبار أن الإضراب ما هو إلا توقف عن العمل وأن الموظف المضرب لا يستحق الأجر خلال مدة الإضراب، لأنه لم يقم بواجباته المهنية. فإنه يحق لنا التساؤل اليوم عن مدى مشروعية التوقيفات الكثير عن العمل في صفوف الموظفين المضربين لاسيما موظفي وزارة التربية والتكوين. الذين بالإضافة إلى الإقتطاع من أجورهم طيلة مدة الإضراب،يقابلون اليوم بتوقيفات كثيرة عن العمل وعقوبات تأديبية تتسم نوعا ما بالتعسف في استعمال السلطة بسبب ممارسة حق الإضراب؟.
أثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمستخدم في المرفق العمومي
عرف تدبير المرافق العمومية في المغرب تغيرات وتطورات عميقة في الأونة الأخيرة، تمثلث أساسا في إشراك القطاع الخاص في تدبير المرافق العمومية، بعدما كان ذلك حكرا على الدولة، أو بالأحرى الأشخاص المعنوية العامة، وهو ما ترتب عليه إمكانية تصور ممارسة حق الأضراب من طرف المستخدمين الذين يعملون في هذه المرافق العمومية لاسيما تلك المسيرة من طرف الخواص سواء في بواسطة أسلوب التدبير المفوض أو أسلوب الإمتياز أو باقي أساليب إدارة المرافق العمومية الأخرى. كما أنه ليس هناك ما يمنع أن تلجأ السلطات الإدارية المسؤولة عن تدبيرالمرافق العمومية إلى توظيف مستخدمين في نطاق مدونة الشغل.
في ظل غياب صدور القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب حاولت مدونة الشغل الجديدة[85] التنصيص على أحكام تنظيمية لممارسة هذا الحق في نطاق القطاع الخاص وإن كانت قليلة.
يلاحظ بداية أن مدونة الشغل من خلال المادة 32 اعتبرت أن من بين أسباب توقف عقد الشغل مدة الإضراب الأمر الذي يشكل تطورا مهما في نظرة المشرع المغربي لهذا الحق كحق لا يترتب عليه فسخ عقد الشغل، وإنما تعليقه بكافة عناصره المتمثلة أساسا في الأجر والعمل وعلاقة التبعية.[86]
كما أنه ضمانة من المشرع ولتكريس ضمان ممارسة حق الإضراب منع إحلال عمال أو مستخدمين جدد محل العمال المضربين بصريح المادة 496 من مدونة الشغل. نفس الأمر أكد عليه المشرع في المادة 16 من نفس القانون المتعلقة بحالات إبرام عقد الشغل المحدد المدة بحيث منع إحلال أجير محل آخر إذا كان التوقف ناتج عن ممارسة حق الإضراب.
وفي باب معالجة نزاعات الشغل الجماعية أشارت المدونة في مادتها 549 إلى إمكانية أن يكون أحد طرفي نزاعات الشغل الجماعية جماعة من الأجراء. وفي ذلك إضفاء لطابع الشرعية على الإضرابات العفوية الغير مؤطرة بواسطة النقابات.
غير أن ما يأخذ على المشرع هو تصنيفه عرقلة حرية العمل ضمن الأخطاء الجسيمة التي تبرر فصل الأجير بالرغم بالتنصيص على معاينة مفتش الشغل لعرقلة حرية العمل وتحرير محضر بشأنها.[87]وفي اتجاه التضيق من دائرة مشروعية الإضراب نجد المادة 549 من مدونة الشغل أنها ربطت نزاعات الشغل الجماعية بالمطالب المهنية الجماعية وفي ذلك استبعاد للإضرابات السياسية والتضامنية.
وأخير بقي أن نشير أن إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص لا تثير العديد من الإشكالات خلافا لنظيرتها في القطاع العام، وذلك بسبب الطبيعة التعاقدية للقطاع الخاص والتي تجعل قاعدة الأجر مقابل العمل تطبق بسلاسة ودون أن تثير أية مشاكل.
ب-) آثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمرفق العام"مرفق التعليم نمودجا"
يعد الإضراب من بين أهم الحقوق التي يمارسها موظفي وزارة التربية والتكوين للمطالبة بحقوقهم والمهنية والأجتماعية، ولأهمية قطاع التعليم ونظرا للآثار السلبية التي يتركها الإضراب على المتمدرسين والمجتمع، ففي كل إضراب وطني، وككل احتقان مألوف في مجال التربية والتعليم، تتفاقم الاحتجاجات بشدة، وتكثر تذمرات الكثيرين من هدر الزمن المدرسي، وتتوتر أعصاب أولياء وآباء وأمهات التلاميذ، ويستمر الوضع المتأزم كما كان عليه منذ سنوات، والنتيجة الحتمية والمفروضة، استعباد للأساتذة والمعلمين، وحرمان جرمي للمتعلمين من حق مقدس، وهو حق التربية والتعليم.[88]
وقد عرف قطاع التعليم في المغرب مجموعة من الإضرابات التي شلت المنظومة التعليمية، منذ عهد الإستقلال، كان آخرها الإضراب الذي عرفه قطاع التعليم في بداية الموسم الدراسي الجاري لسنة 2023/2024 والذي استمر لأكثر من شهرين ونصف، وما ترتب عن ذلك من هدر للزمن المدرسي. واستياء كبير لدى أباء وأولياء التلاميذ بخصوص المدرسة العمومية، مما دفع عدد كبير من الأسر إلى تنقيل أبنائهم إلى المدارس الخصوصية إضطرارا. بالرغم من زيادة الأعباء المالية لدى هذه الأسر، وقد قوبل ذلك بإصلاحات ترقيعية قامت بها الوزارة الوصية على القطاع "وزارة التربية الوطنية والتعليم" والمتمثلة أساسا في تمديد السنة الدراسية لمدة أسبوع واحد في جميع المسالك فكيف يعقل أن يتم الإضراب لمدة دامت لأكثر من شهرين وفي المقابل يتم تمديد السنة الدراسية لمدة أسبوع؟.
الفقرة الثانية: المرجعية القانونية لممارسة حق الإضراب
بعد الإعتراف بحق الإضراب كوسيلة قانونية للدفاع عن المطالب المهنية والاجتماعية للموظفين والعمال فقد تمت دسترت هذا الحق في دساتير العديد من الدول، من بينها المغرب، بحيث نص الفصل 29 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 "حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظیمی شروط و كيفيات ممارسته "،[89] كما وردت هذه العبارة أيضا في جميع الدساتير السابقة التي عرفها المغرب منذ دستور سنة 1962 ، غير أن هذا القانون التنظيمي الذي أحالت عليه هذه الدساتير لم يصدر بعد لحدودالساعة.
كما صادق المغرب أيضاعلى العديد من المواثيق الدولية، التي تؤكد وتقر الحق في الإضراب من بينها العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والميثاق العربي لحقوق الإنسان والعديد من المواثيق الدولية الأخرى سواء تلك ذات الطابع الإقليمي أو العالمي.
و يجد حق الأضرب مشروعيته وسنده القانوني في مجموعة من المصادر كالمصادر الدولية (أولا) مثل المواثيق الدولية والتوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية ذات الصلة بالشغل والعمل، والمصادر الوطنية(ثانيا) كالتشريعات الداخلية والمقتضيات الدستورية والإجتهادات القضائية الإدارية بالخصوص.
أولا) المصادر الدولية لممارسة حق الإضراب
ليست هناك أي اتفاقية دولية، تطرقت بصفة مباشرة وصريحة إلى الحق في الإضراب، وإنما تم التطرق لحق الإضراب، إما ضمن الحرية النقابية أو المفاوضة الجماعية، ومن بين الإتفاقيات التي تناولت حق الإضراب نجد:
الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي والمفاوضات الجماعية: والتي كان الإضراب أحد اهم مظاهرها، حيث أشارت إلى حق منظمات العمال والمشغلين، التي تستهدف إنعاش والدفاع عن حقوق أعضائها، في تنظيم طرق تدبيرها وأنشطتها وبلورة برامج عملها.
العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية: كفل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 16 دجنبر 1966، والذي دخل حيز التنفيذ في 3 يناير 1976،ممارسة حق الإضراب بحيث نصت المادة الثامنه منه على مايلي:
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:
(أ) حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها، دون قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، من أجل تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها. ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرينوحرياتهم.
(ب) حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الإنضمام إليها.
(ج) حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دون قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعنى.(....).
وقد صادت المملكة المغربية على العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية بتاريخ 3مايو 1979.
الميثاق الاجتماعي الأوربي لـ 18 أكتوبر 1961: والموقع من قبل ستة عشر دولة أوربية، والذي يضم مادة فريدة خاصة بحق الإضراب، فبعد أن نص هذا الميثاق في مادته الخامسة على ضرورة أن تضمن الدول المتعاقدة تدعيم حرية الأجراء والمؤاجرين في تكوين منظمات محلية ووطنية ودولية لحماية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، نص في مادته السادسة على حق الأجراء في اللجوء إلى الإضراب، بل إن هذا النص الأوربي أشار صراحة إلى حق المواطنين من الموظفين في اللجوء إلى هذه الوسيلة للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، مع بعض الاستثناءات التي تشمل بعض الفئات التي بحكم المهام المنوطة بها يمنع عليها هذا الحق.
الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 1994:والذي نص في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة وثلاثون منه "تكفل كل دولة طرف الحق في الإضراب في الحدود التي ينص عليها التشريع النافذ.
ثانيا) المصادر الوطنية لممارسة حق الإضراب
أما على المستوي الوطني فقد تمت دسترة حق الإضراب منذ أول دستور لسنة 1962 وكذا جميع دساتير المملكة المتعاقبة لسنوات1970و1973و1992و1992و2011. وبدوره هذا الأخير، لم يأت بأي جديد فيما يخص الإضراب وإنما إكتفى بدوره في المادة 29 بإعادة نفس الصياغة الواردة في الفصل 14 من أول دستور للمملكة.
بحيث نص الفصل 29 من دستور المملكة لسنة 2011 في الفقرة الثانية منه على أن" حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظیمی شروط و كيفيات ممارسته "،[90] هذا القانون التنظيمي التي لم يكتب له الصدور إلى غاية اليوم ونحن في سنة 2024، كما أن الحكومة المغربية تسعى جاهدة إلى إخراجه إلى حيز الوجود، وذلك لتنظيم ممارسته سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، حيث كان أخر مشروع هو القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. والذي سنتناوله بالدراسة والتحليل في المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذا البحث المتواضع.
فبعدما كرس دستور 2011 حق الإضراب وأحال على قانون تنظيمي سينظم هذا الحق. تم التنصيص في الفصل 86 من نفس الدستور على أنه "تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لايتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور "، وها نحن اليوم في سنة 2024 بعد تلاثة عشر سنة من صدور دستور 2011 .الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الجزاء المترتب في حالة عدم احترام الأجل المنصوص عليه في هذا الفصل لعرض مشاريع القوانين التنظيمية، نعتقد أن الدستور لم يتضمن جزاء محددا، وهو ما يجعل هذا الالتزام سياسيا معنويا وفقط. كما أن مشاريع القوانين التنظيمية قد يكون مصدرها الحكومة أو البرلمان، ومن تم فالمسؤولية ملقاة على المؤسستين معا.[91]
وأمام هذا الفرغ التنظيمي لتنظيم حق الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص فعل القضاء الإداري المغربي دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الشروط والضوابط التي ينبغي احترامها لممارسة حق الإضراب،[92] في انتظار صدور القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع منذ أول دستور للمملكة المغربية.
المبحث الثاني: الإطار النظري لمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات
لقد أصبح تدخل الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة الأخرى للقيام بأداء الخدمات العامة يتخذ في أغلبيته صورة المرفق العام .الذي أصبح بمثابة الوظيفة الرئيسية للدولة التي تتسع كلما نقص النشاط الفردي الخاص في الدولة، وتضييق كلما زادت الأنشطة الخاصة للأفراد في الدولة ،فالمرفق العام عد من المفاهيم الأساسية في القانون الإداري . فالعلامة "Duguit"، مؤسس مدرسة المرفق العام، اعتبر أن فكرة المرفق العام، تفسر كل القانون الإداري، وفي نظر هذه المدرسة فإن القانون الإداري هو قانون المرفق العام، والدولة هي مجموعة من المرافق العامة: فالمرافق العامة في الدولة تهدف إلى إشباع الحاجات الحيوية، والخدمات الأساسية للجمهور، ولما كانت من شأن هذه الخدمات المساس بصميم حياة الأفراد الشخصية. كان من الضروري أن تخضع في إدارتها لمجموعة من القواعد التي تضمن تحقيق الغرض من إحداثها.و لهذا استقر الفقه والقضاء الإداريين وبعدهما المشرع على إخضاع المرافق العمومية لمجموعة من المبادئ و القواعد الأساسية التي تمليها الاعتبارات العملية والعدالة الاجتماعية.
ويعد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات بانتظام واطراد من أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة، ويقتضي هذا المبدأ ضرورة أن تستمر مرافق الدولة بانتظام دون توقف أو انقطاع في تقديم الخدمات الضرورية للجمهور.
فالحاجة الجماعية التي ينشأ المرفق العام لإشباعها لا تعتبر قد أشبعت بشكل كاف إذا كان هذا الإشباع بشكل وقتي ومتقطع،بالتالي فإن حدوث أي انقطاع أو تعطيل في استمرارية خدمات المرفق العمومي سيؤدي لا محالة إلى تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الإخلال بالنظام العام ،ولهذا عمل المشرع والإجتهاد القضائي الإداري على تنظيم المعيقات والأوضاع القانونية التي تحول دون استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات.
وبناء على ما سبق فإننا سوف نتحدث عن مضمون مبدأ استمرارية المرفق العمومي وأساسه القانوني(المطلب الأول) ثم سنتحدث بعد ذلك عن معيقات مبدأ استمرارية المرفق في الظروف العادية والإستثنائية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: مضمون مبدأ استمرارية المرفق العمومي وأساسه القانوني
نظرا للأهمية البالغة والمميزة التي يحظى بها مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، بانتظام ودون انقطاع ونظرا لكونه أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة، تعين علينا التطرق لمضمونه وأهميته ( الفقرة الأولى) ثم التطرق فيما بعد لأساسه القانوني (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : مضمون مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات
يعتبر مبدأ استمرارية المرفق العمومي أهم المبادئ التي تحكم سير المرافق العامة ،وهو أحد أوجه مبدأ استمرارية الدولة ودوامها، ويحتم هذا المبدأ على السلطات الإدارية ضمان سير المرفق بانتظام، فهدف المرفق العام هو إشباع حاجة لها طابع المنفعة العامة.[93] فالمرافق العامة تقوم بخدمات أساسية لازمة للجمهور وللنظام العام. فإذا توقف سيرها أو تعطلت ولو مؤقتا عن العمل نتجت عن ذلك أضرار ومضايقات عديدة للجمهور من ناحية،وإخلال بالنظام العام من ناحية أخرى. ولهذا كان من أهم واجبات السلطة العامة أن تعمل على ضمان سير المرافق العامة بانتظام واستمرار ولهذا يلزم الموظفون الذين يعملون في خدمة المرافق بتحقيق هذا الغرض.[94] بالتالي فأي توقف في خدمات المرفق العمومي سيؤدي إلى تأخر مصالح المرتفقين وأحيانا الإخلال بالنظام العام في الدولة، ولنا أن نتصور مدى حجم الاضرار التي سوف تقع عند توقف مرفق التعليم أو الصحة أو الأمن وما يترتب عن ذلك من انعكاسات على الأمن الداخلي أو الخرجي للدولة . لذلك فإن مبدأ دوام سير المرافق العامة يعد من المبادئ الأساسية التي لا يحتاج تقريرها لنص تشريعي خاص لأن طبيعة المرافق العامة تستلزم ضمان سيرها بانتظام واستمرار في خدمة النفع العام[95].
ويتنافى مبدأ استمرارية المرفق العام مع تذرع السلطة العامة بوجود صعوبات مالية أو إدارية، للإمتناع عن ضمان تقديم خدمات للمرتفقين، فالمرفق العام ولو كان تجاريا أو صناعيا فهو لا يهدف الحصول على الأرباح كما هو شأن المقاولات بل تحقيق النفع العام، لذلك فإذا كانت الضرورة تدعو إلى تنظيم المرافق العامة وفق معايير المردودية فإن هذا لا يمكن أن يبرر تعطيل نشاط المرفق لمجرد ظهور عجز في تدبير شؤونه،[96] ولذا يتعين على السلطات الإدارية المسؤولة على المرفق العمل على ضمان استمراريته مهما كانت الصعوبات لارتباطه بالمصلحة العامة.
الفقرة الثانية: الأساس القانوني لمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات
فضلا على أن مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات يعتبر من المبادئ التي لا يحتاج تقريرها نصا تشريعيا، نظرا لإرتباطه بالمصلحة العامة وبطبيعة نشاط المرفق العام التي تستدعي الإستمرارية والإنتظام بدون انقطاع. فإن هذا لم يمنع المشرع من التدخل لإرساء أحكام هذا المبدأ، وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 154من الدستور على أنه " يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات، وتخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور". [97]وبعد التكريس الدستوري لهذا المبدأ فقد أكد عليه المشرع في مجموعة من القوانين الأخرى ذات الصلة بتدبير المرافق العمومية والحكامة الجيدة.
وهذا فقد نصت المادة 5 من القانون 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية على أنه "تخضع المرافق العمومية للمبادئ التالية:... الأستمرارية في أداء الخدمات، من خلال ضمان انتظام سير المرفق العام..."[98]. كما نصت المادة 3 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية على أنه" يتولى المفوض إليه مسؤولية المرفق العام مع التقيد بمبدأ المساواة بين المرتفقين ومبدأ استمرارية المرفق ومبدأ ملاءمته مع التطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية.ويقدم المفوض إليه خدماته بأقل كلفة وفي أحسن شروط السلامة والجودة والمحافظة على البيئة.[99]
فمن خلال ما سبق يتبين أن المشرع المغربي اعتبر مبدأ استمرارية المرفق العمومي من المبادئ الدستورية التي يقوم عليها النسق السياسي المغربي. كما عمل أيضا على التأكيد عليه في مختلف النصوص القانونية، ذات الصلة بالوظيفة العمومية وتدبير المرافق العمومية والحكامة الجيدة. أما فيما يخص الإجتهاد القضائي الإداري المغربي فقد اعتبر ضمان استمرارية المرفق العمومي مقرونة بمشروعية ممارسة حق الإضراب كما سنرى لاحقا.
المطلب الثاني: معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي
بالرغم من الأهمية التي يحظى بها مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى الإجتهاد القضائي ،إلّا أنه لا يمكن تطبيقه بكيفية مطلقة، بحيث تحول دون تطبيقه مجموعة من المعيقات التي نميز فيها بين معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف العادية (الفقرة الأولى) التي نظمها المشرع ومعيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف الإستثنائية (الفقرة الثانية)التي أقرها الإجتهاد القضائي الإداري.
الفقرة الأولى : معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف العادية
تحول دون تطبيق مبدأ استمرارية المرفق العمومي بكيفة مطلقة في الظروف العادية مجموعة من المعيقات. لذا عمل المشرع على تنظيم ممارسة حق الإضراب(أولا) وتنظيم ممارسة حق الإستقالة (ثانيا)فضلا عن إقرار قاعدة منع الحجز على أموال المرافق العمومية(ثالثا) وزجر تغيبات الموظفين الغير مشروعة بالمرافق العمومية (رابعا).
أولا: تنظيم ممارسة حق الإضراب
يقصد بالإضراب هو ذلك التوقف الجماعي المدبر والمؤقت عن العمل، الذي يقوم به مجموعة من الموظفين والمستخدمين والعمال من أجل تحقيق مطالب مهنية ممكنة ومشروعة. وبهذا يكون الإضراب من بين المسائل التي تهدد مبدأ استمرارية المرافق العمومية في أداء الخدمات، بالتالي تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الإضرار بالمصلحة العامة.
وبالرغم من التكريس الدستوري لهذا الحق كما ورد في الفصل 29 من الدستور الحالي على أن" حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظیمی شروط و كيفيات ممارسته. [100] إلا انه بسبب عدم خروج هذا القانون التنظيمي إلى حيز الوجود الذي يؤطر هذه الممارسة الدستورية ، وبمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة وما صاحب ذلك من إضرار بالمصلحة العامة وتعطيل للمرافق العمومية. فقد دفع ذلك القاضي الإداري إلى تفعيل دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الضوابط التي ينبغي احترامها عند ممارسة حق الإضراب كما سنرى لاحقا.
ثانيا: تنظيم ممارسة حق الإستقالة
تعتبر الإستقالة إحدى وضعيات الخروج من الوظيفة العمومية ويقصد بها رغبة الموظف في أن يترك العمل نهائيا وهي حق للموظف يجوز له استعماله متى شاء،[101] أو بصيغة أخرى فالإستقالة هي الوسيلة التي يمكن بواسطتها للموظف ان يضع حدا للعمل الذي يقدمه للإدارة.[102] وعموما يمكن اعتبار الإستقالة رغبة الموظف في أن يترك العمل نهائيا وليس بصفة مؤقتة كما هو الأمر في الإضراب. بالتالي فالإستقالة حق للموظف العمومي يجوز له استعماله متى شاء وتبعا لذلك لايجوز إرغام موظف على القيام بعمل لا يريد القيام به. لكن مادامت الإستقالة حق يترتب عن ممارسته تأثير وتهديد لمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات فقد أقر القضاء والتشريع ضوابط وقيود تحد من التعسف في اسعمال هذا الحق، على نحو يوفق بين مبدأ استمرارية المرفق العمومي والحق في ترك الوظيفة وهو ماقام به المشرع عندما نص في الفصل 76 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية[103] على اعتبار الإستقالة المقبولة بصفة قانونية كإحدى حالات الإنقطاع عن العمل التي تؤدي إلى فقدان صفة الموظف وفي نفس الوقت حدد ضوابط وشروط تقديم الإستقالة والموافقة عليها في الفصل 77 من قانون الوظيفة العمومية فنص على أنه:
"لا تنتج الإستقالة إلا عن طلب كتابي يعرب المعني بالأمر فيه من غير غموض عن رغبته في مغادرة أسلاك إدارته أو مصلحته بكيفية غير التي يحال بها على التقاعد. ولا عمل للاستقالة إلا إذا قبلتها السلطة التي لها حق التسمية والتي يجب أن تصدر مقررها في أجل شهر واحد ابتداء من التاريخ الذي تسلمت فيه طلب الاستقالة. ويجري العمل بالاستقالة ابتداء من التاريخ الذي تحدده السلطة المذكورة."
وجاء أيضا في الفصل 78 من نفس القانون على " إن قبول الإستقالة يجعلها غير مستدركة. ولا تمنع الاستقالة عند الاقتضاء من القيام بمتابعة تأديبية بسبب الأعمال التي ربما تتجلى للإدارة بعد ذلك القبول. وإذا امتنعت السلطة ذات النظر من قبول الإستقالة يجوز للموظف المعني بالأمر أن يحيل القضية على اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء التي تبدي رأيا معللا بالأسباب وتوجهه إلى السلطة ذات النظر".
وجاء في الفصل 79من نفس القانون" أن الموظف الذي يوقف قبل التاريخ المحدد من طرف السلطة التي يرجع لها النظر في قبول الإستقالة، يمكن أن تصدر عليه عقوبة تأديبية."
ويلاحظ أن المشرع المغربي من خلال الفصول المذكورة أعلاه، عمل على تحديد شروط الإستقالة، وعمل القضاء كلما اتيحت له الفرصة على تأكيدها وتوضحيها. ومن بين القواعد التي أرساها التشريع والقضاء في هذا الإطار ما يلي:[104]
إن طلب الإستقالة ينبغي أن يكون مكتوبا بشكل صريح: بحيث لا يعتد بالإستقالة المقدمة شفويا ولا بالاستقالة الضمنية ولا بالإستقالة المكتوبة التي لا يعبر فيها الموظف عن رغبته الحقيقية في مغادرة أسلاك الوظيفة العمومية الوظيفة بشكل نهائي. أو تلك التي تصدرعن الموظف في حالة غضب أوطيش أو الطلب الذي يتضمن مجرد التهديد بالإستقالة.
إن قبول الإستقالة يكون من قبل سلطة التعيين: فطبقا لقاعدة توازي الشكليات السلطة التي لها حق التسمية لها أيضا سلطة قبول أو رفض الإستقالة .
لا تسري الإستقالة ولا تنتج أثرها إلا من تاريخ قبولها من طرف السلطة المختصة ومن التاريخ الذي تحدده هي.
ضرورة استمرار الموظف أو المستخدم في أداء مهامه إلى حين قبول إستقالته:بحيث لا يجوز للموظف الذي قدم طلبا بالإستقالة أن يتوقف عن مباشرة مهام وظيفته قبل قبول الإستقالة أو قبل التاريخ المحدد لسريانها، وإلا فإن السلطة المختصة يمكنها أن تتابعه تأديبيا وهو ما تم التأكيد عليه في الفصل 79 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية المشار إليه سابقا.
إن تقديم الإستقالة وقبولها لا تمنع عند الاقتضاء من القيام بمتابعة الموظف تأديبيا بسبب الأعمال التي تظهر للإدارة بعد ذلك القبول، ولا يمكنه التذرع بقبول إستقالته للإفلات من المتابعة .
السلطة المختصة يجب أن تصدر مقررها بالقبول أو الرفض في أجل شهر واحد ابتداء من التاريخ الذي تسلمت فيه طلب الإستقالة .
في حالة رفض الإستقالة من طرف السلطة المختصة، يجوز للموظف المعني بالأمر أن يحيل القضية على اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء التي تبدي رأيها مسببا وتوجهه إلى السلطة المختصة.
إن الرأي المعلل الذي تبديه اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء غير ملزم للإدارة في حالة إصرارهاعلى موقفها الرافض لطلب الإستقالة .
يبقى دائما للموظف إمكانية الطعن بالإلغاء أمام القضاء الإداري في قرار الرفض الصريح أو الضمني لطلب الإستقالة .
لا يمكن الإعتداد بالإستقالة المقدمة تحت التهديد أو من طرف موظف في حالة مرض نفسي أوتحت إكراه مادي.
الإستقالة الجماعية محرمة وتعتبرها معظم الدول نوعا من أنواع الإضراب بل تعاقب الموظفين العموميين المستقيلين جماعيا بالعقوبات الجنائية وذلك لما ترتبه من آثار سيئة على المرافق العمومية .
إن قبول الإستقالة يجعلها نهائية وغير مستدركة، ما لم يكن الطلب في أصله غير مستوفي للشروط المطلوبة.
وحينما يتقدم الموظف بطلب الإستقالة إلى السلطة المختصة، فإن هذه الأخيرة تتوفر على أجل شهر واحد للجواب على الطلب. وموقف الإدارة لن يخلو من إحدى الحالات الثلاث الآتية :
قبول الإستقالة، ومن ثم فالأمر هنا لا يطرح أي إشكال .
رفض صريح للإستقالة: والأمر في هذه الحالة يستلزم ضرورة تعليل قرار الرفض أي تضمينه الأسباب الحقيقية التي دعت السلطة المختصة إلى الرفض، طبقا للقانون رقم 03.01[105] المتعلق بإلزام الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بضرورة تعليل قراراتها السلبية تحت طائلة عدم المشروعية . وفي هذه الحالة يمكن للمعني بالأمر عرض الأمر على أنظار اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء لإبداء رأيها المعلل أو الطعن مباشرة في قرار الرفض أمام القضاء الإداري .
رفض ضمني ناتج عن عدم جواب الإدارة داخل الأجل المخول لها : فبالرغم من أن المشرع لم يحدد لنا مآل طلب الإستقالة في حالة سكوت الإدارة وعدم جوابها، رغم انتهاء الأجل المحدد لها قانونا هل يشكل ذلك قبولا أو رفض لطلب الإستقالة. إلاّ أنه بالرجوع إلى القواعد العامة يعتبر سكوت الإدارة وعدم جوابها على طلبات الأفراد في مدة معينة بمثابة رفض، يخول للمعنيين بالأمر إمكانية الطعن فيه بالإلغاء أمام القضاء الإداري.
ومن خلال ما سبق يتبين أن ممارسة حق الإستقالة تشكل تهديدا لمبدأ استمرارية المرفق العمومي. شأنها شأن ممارسة حق الإضراب، بحيث أن كلا التصرفين يتخدان صورة الإمتناع عن العمل فضلا عن مشروعيتهما معا ويختلفان في كون أن ممارسة حق الإضراب تكون بصورة جماعية أما الإستقالة فغالبا ما تتم ممارستها بصفة فردية.
ثالثا:قاعدة تحريم الحجز على أموال المرافق العمومية
يحتاج المرفق العامأساسا إلى أموال تمكنه من أداء الخدمة الموكولة إليه أداؤها،[106] بانتظام ودون انقطاع ضمانا لاستمرارية اشباع الحاجات العامة، لكن التساؤل المطروح في هذا الإطار هو ما إذا كان من الممكن الحجز على أموال المرفق العمومي أو بيعها في المزاد العلني في حالة عدم الوفاء بديونه خاصة في حالة تمتعه بالشخصية العنوية؟
فالقاعدة العامة المعمول بها القانون المدني أن "أموال المدين ضمان عام لدائنيه"....[107]
لكن تطبيق هذه القاعدة على أموال المرافق العمومية يهدد مبدأ استمرارية المرفق بانتظام واطراد، ويتعارض مع تخصيصها للمنفعة العامة، فظهرت الحاجة إلى تحريم الحجز على أموال المرافق العمومية أيا كانت طريقة إدارتها( مؤسسة عمومية- الإستغلال المباشر- أسلوب الإمتياز- التدبير المفوض...)
غير أن هناك اتجاه قضائي جديد يقضي بجواز الحجز على أموال الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية في حالة رفضها تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها ومنها المرافق العمومية ذات الطبيعة الاقتصادية التجارية أو الصناعية، المتمتعة بالشخصية المعنوية العامة التي تستهدف من نشاطها تحقيق الربح . فوفقا لهذا الاتجاه أموال المرافق العمومية غير المخصصة لاستخدام الجمهور ومنتجاتها المعروضة للبيع لا يؤثر الحجز عليها أو بيعها على سير المرفق العمومي . كما أن السيارات المخصصة للتنقلات الشخصية لمسؤولي المرافق العمومية التي ليست من قبيل الأموال العامة المرصدة الخدمة المرفق العمومي لا يترتب على حجزها وبيعها تعطيل المرفق العمومي.[108]
رابعا: زجر تغيبات الموظفين الغير مشروعة عن العمل بالمرافق العمومية
يعتبر كل تغيب عن العمل خارج إطار الرخص المسموح بها طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل ، تغيبا غير مشروع. يترتب عنه تعطيل مصالح المرتفقين و إعاقة السير العادي و المطرد للمرفق العام وأحيانا الإخلال بالنظام العام . وهو ما تطلب من المشرع التدخل لزجر كل تغيب غير مشروع من خلال إصدار القانون رقم 81.12[109] الذي صدر لتنفيذه المرسوم رقم 2.99.1216[110]بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، وعليه يعتبر كل تغيب عن العمل خارج الحالات المنصوص عليها في النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل ، إخلالا بالالتزامات الوظيفية، ولا تتردد معه الإدارة المعنية في تطبيق المقتضيات و المساطر القانونية لاسيما منها تلك المتعلقة بترك الوظيفة (1) ، و المسطرة التأديبية ( 2) . والإقتطاع من الأجور(3).
ترك الوظيفة
يعد في حالة ترك الوظيفة كل موظف تعمد الانقطاع عن العمل خارج الحالات المبررة قانونا . ويعد حينئذ متخليا عن الضمانات التأديبية المنصوص عليها في الباب الخامس من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية .وفي هذه الحالة تقوم المصالح المعنية بتفعيل مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي نص على أنه: " باستثناء حالات التغيب المبررة قانونا، فإن الموظف الذي يتعمد الانقطاع عن عمله، يعتبر في حالة ترك الوظيفة.ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات التأديبية التي ينص عليها هذا النظام الأساسي. و يوجه رئيس الإدارة إلى الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة، إنذارا لمطالبته باستئناف عمله: يحيطه فيه علما بالإجراءات التي يتعرض لها في حالة رفضه استئناف عمله. ويوجه هذا الإنذار إلى الموظف بآخر عنوان شخصي له مصرح به للإدارة وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول بإشعار بالتسلم.
إذا انصرم أجل سبعة أيام عن تاريخ تسلم الإنذار ولم يستأنف المعني بالأمر عمله فلرئيس الإدارة صلاحية إصدار عقوبة العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف حق المعاش وذلك مباشرة وبدون سابق استشارة المجلس التأديبي. إذا تعذر تبليغ الإنذار أمر رئيس الإدارة فورا بإيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة. إذا لم يستأنف هذا الأخير عمله داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ قرار إيقاف الأجرة وجب تطبيق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة أعلاه، وفي حالة ما إذا استأنف الموظف عمله داخل الأجل المذكور عرض ملفه على المجلس التأديبي. وتسري عقوبة العزل في الحالات المنصوص عليها في هذا الفصل، ابتداء من تاريخ ترك الوظيفة."
المسطرة التأديبية
يعتبر كل تغيب عن العمل دون ترخيص مسبق أو مبرر مقبول ، إخلالا بالواجبات المهنية مما يدفع السلطة الإدارية المختصة لتحريك المسطرة التأديبية في حق المعني بالأمر، وترتيب العقوبة المناسبة حسب الحالة ،تفعيلا لمقتضياتالفصل 66 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والذي نص على أنه " تشتمل العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على ما يأتي، وهي مرتبة حسب تزايد الخطورة :
1 - الانذار؛
2 - التوبيخ ؛
3 - الحذف من لائحة الترقي ؛
4 - الانحدار من الطبقة ؛
5 - القهقرة من الرتبة ؛
6 - العزل من غير توقيف حق التقاعد ؛
7 - العزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد...
الإقتطاع من الأجور
يؤدي تغيب الموظف عن عمله بدون ترخيص مسبق ، ولا عذر مقبول، إلى الاقتطاع من الراتب الشهري ، وذلك وفقا للقانون رقم 81.12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة.
الفقرة الثانية : معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف الإستثنائية
يخول مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات للسلطات العمومية اتخاذ مختلف التدابير لضمان استمرارية المرفق العمومي. وتبقى مسؤولة عن الأضرار اللاحقة بالمرتفقين، ما لم يثبت وجود قوة قاهرة أو حدث فجائي والذي يخول لها من أجل ضمان استمرارية المرفق العمومي اتخاذ تدابير استثنائية قد تكون غير مشروعة في الظروف العادية لسير المرفق العمومي.
ولضمان استمرارية المرفق العمومي في الظروف الأستثنائية كحالة الحرب أو الحصار. أقر الإجتهاد القضائي لاسيما الفرنسي مجموعة النظريات لضمان استمرارية المرفق العمومي في الظروف الإستثنائية ويتعلق الأمر بنظرية الموظف الفعلي (أولا) ونظرية الظروف الطارئة (ثانيا).
أولا: نظرية الموظف الفعلي
يقصد بالموظف الفعلي أو الواقعي ذلك الشخص الذي يعترف القضاء في بعض الظروف بصحة تصرفاته في ميدان الوظيفة التي يزاول مهامها فيها رغم أنه لم يعين تعيينا صحيحا،[111] فالموظف الفعلي أو الواقعي هو ذلك الشخص الذي عين في الوظيفة العمومية تعيينا معيبا أو لم يصدر بتعيينه أي قرار. ومع ذلك فإن الأعمال التي صدرت عنه تعتبر مشروعة وفق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي، التي خلقها وطبق أحكامها مجلس الدولة الفرنسي سواء في الظروف الاستثنائية أو الظروف العادية.[112]
فالأصل في ممارس الوظيفة العمومية أن تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون للتعيين في تلك الوظيفةالعمومية. إلا أنه حفاظا على استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات اعتبر القضاء الأعمال الصادرة عن الأشخاص الذين يحلون محلهم، والذين لا تتوفر فيهم صفة الموظف العمومي أعمالا مشروعة ومنتجة لكافة آثارها القانونية. لأن الفعل والواقع هو الذي جعل منهم موظفين عموميين وليس القانون.
ويعود الفضل في ابتكار هذه النظرية للقضاء الإداري الفرنسي وذلك للحفاظ على استمرار سير المرافق العمومية بانتظام واطراد. فقد طبقها أول مرة أثناء إحتلال الألمان لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية وما نتج عن ذلك من فتن واضطرابات أدت إلى تغيب وفرار الموظفين المختصين من أماكن عملهم، فحل محلهم في مزاولة مهامهم أشخاص عاديين،وذلك لضمان استمرار سير المرافق العمومية، فاعتبرت تصرفاتهم مشروعة.[113]
وتجد هذه النظرية تطبيقاتها في الظروف العادية مثلا، في ذلك الموظف التي يتم توظيفه بناء على شواهد معينة، ثم يتبين لاحقا أن هذه الشواهد مزورة ففي هذه الحالة تعتبر تصرفات هذا الموظف صحيحة ومنتجة لكافة آثارها رغم بطلان قرار توظيفه.وفي الظروف الإستثنائية كحالة الحرب أو الحصار...).
ثانيا: نظرية الظروف الطارئة
ترتبط نظرية الظروف الطارئة ارتباطا وثيقا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، وتطبق أساسا في مجال العقود الإدارية، والمقصود بهذه النظرية أن المتعاقد مع الإدارة الذي يجد صعوبة في تنفيذ التزاماته التعاقدية بسبب وقوع أحداث مفاجئة وغير متوقعة أو وجود قوة قاهرة، له الحق في أن تتدخل الإدارة مرة أخرى لتصحيح وإعادة العقد لتوازنه المالي والإقتصادي، حرصا منها على ضمان استمرارية المرفق في أداء خدماته.
و لقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظرية في قراره الصادر بتاريخ 30 مارس 1916 في قضية الشركة العامة لإنارة بوردو. [114]وتتلخص وقائع هذه القضية في كون الشركة المذكورة عملت على استغلال مرفق الغاز والكهرباء بمقتضى عقد امتياز، إلا أن الحرب العالمية الأولى أدت إلى ارتفاع في أسعار الفحم الذي يستخدم في إنتاج الغاز مما أدى إلى الارتفاع في تكلفته ،وبالتالي أدى ذلك إلى قلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة استحال معها تنفيذه من قبل الشركة، بالشروط المتفق عليها مسبقا مع الإدارة مانحة الامتياز، وهذه الزيادة لم يكن يستطيع الطرفان المتعاقدان توقعها. فأقامت الشركة العامة للإنارة بوردو دعوى ضد مدينة بوردو أمام مجلس الدولة الذي قضى بضرورة استمرار العقد وتحمل السلطة العامة مانحة الامتياز الأعباء التي يتطلبها استمرار المرفق العمومي في أداء الخدمات.
غير أنه لتطبيق هذه النظرية يجب توفر مجموعة من الشروط وهي على النحو التالي:
أن يصبح تنفيذ العقد مهددا للمتعاقد بخسائر دون أن تجعله مستحيلا.
أن ينتج ذلك عن حوادث غير عادية وغير متوقعة عند إبرام العقد كالحرب أو الجفاف أوالفيضانات...)
أن تؤدي هذه الظروف إلى قلب التوازن المالي للعقد رأسا على عقب.
ألا يكون لأحد المتعاقدين دور في حدوث الظرف الطارئ.
وقد نص المشرع المغربي سواء في القانون رقم 54.05 [115]المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية أو في القانون رقم [116]86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص على بعض المقتضيات المتعلقة بحق المتعاقد مع الشخص العام في إعادة التوازن المالي للعقد إذا حدث ما من شأنه أن يخل بهذا التوازن.
الفصل الثاني: تنظيم ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي
تعتبر ممارسة حق الإضراب، أحد أبرز تجليات الحريات النقابية، باعتباره وسيلة في يد الطبقة العاملة من أجل تحقيق مطالبها، والدفاع عن حقوقها المهنية والإجتماعية، كما أنه حق دستوري تم التنصيص عليه منذ إقرار أول دستور للمملكة بعد الاستقلال ،حيث نص الفصل 14 من الدستور المغربي لسنة 1962[117] على أن "حق الإضراب مضمون". وقد تم الاحتفاظ بنفس الصيغة في جميع المراجعات الدستورية اللاحقة، مقرونا بفقرة ثانية تنص على أنه سيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات اللازمة لممارسة هذا الحق". وعلى نفس النهج نصت الفقرة الثانية من الفصل 29 من الدستور المغربي لسنة2011[118]على أن "حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته. وإذا كان هذا الفصل قد جاء لتأكيد حق دستوري معترف به منذ أول دستور مغربي بعد الاستقلال، فإنه قد جاء أيضا بجديد سواء على مستوى الهيكلة الدستورية لهذا الحق من خلال التنصيص عليه في فصل واحد مع سائر الحريات الجماعية التي من بينها الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي، بعد أن كان يخصص له المشرع الدستوري فصلا فريدا في باقي المراجعات الدستورية منذ 1962 . وعلى مستوى الصياغة ألغى أيضا عبارة " سيبين" التي تدل على المستقبل مستعملا عبارة " يحدد" التي تدل على الحاضر، أثناء إحالته على شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق التي يحددها قانون تنظيمي.
كما أن الفصل 86 من الدستور المغربي لسنة 2011 نص على أنه " تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لايتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور ". الأمر الذي دفع الحكومة إلى إعداد مجموعة من صيغ مشاريع قوانين تنظيمية متعلقة بالإضراب، كان أخرها مشروع قانون تنظيمي متعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15. لكن ها نحن اليوم في سنة 2024 بعد تلاثة عشر سنة من صدور دستور 2011. الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الجزاء المترتب في حالة عدم احترام الأجل المنصوص عليه في هذا الفصل لعرض مشاريع قوانين تنظيمية قصد المصادقة عليها، نعتقد أن الدستور لم يتضمن جزاء محددا، وهو ما يجعل هذا الالتزام سياسيا معنويا وفقط.
وأمام هذا الفرغ التشريعي لتنظيم ممارسة حق الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص. فعل القضاء الإداري المغربي دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الشروط والضوابط التي ينبغي احترامها لممارسة حق الإضراب ،والمستلهمة من الإجتهاد القضائي الفرنسي. في انتظار صدور القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع منذ أول دستور للمملكة المغربية.
وتأسيا على ما سبق فإننا سنحاول التحدث عن التكييف القانوني لتنظيم ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية (المبحث الأول)ثم بعد ذلك سنقوم بقراءة تحليلية تحليلية لمشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب (المبحث الثاني)باعتباره آخر مشروع قانون تنظيمي تم إعداده من طرف الحكومة.
المبحث الأول: التكييف القانوني لتنظيم ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
يعد الحق في الإضراب من بين أخطر الحقوق التي تهدد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدما ت، الأمر الذي دفع المشرع في أغلب التشريعات إلى تجريمه، ثم تقييده أحيانا لاسيما في المرافق العمومية ،وإذا كانت أغلب التشريعات قد وفقت نوعا ما بين الحق في الاضراب كحق دستوري واستمرارية المرفق العمومي كمبدأ دستوري أيضا،فإن بعض التشريعات لازال يعتريها الكثيرالغموض وهو حال التشريع المغربي، في انتظار صدور قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة الاضراب والذي وعد به المشرع الدستوري منذ صدور أول دستور للمملكة المغربية سنة 1962.
وقد عرفت ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية مدا وجرا على مر تاريخ الحياة السياسية المغربية، بحيث كان محرما على العاملين في المرافق العمومية وفيما بعد تم الإعتراف به كحق دستوري مطلق لم ترد عليه أي قيود ،والإحالة على أنه سيصدر قانون تنظيمي ينظم هذا الحق منذ أول دستور للمملكة، غير أن هذا القانون التنظيمي لم يكتب له الصدور بعد، وبمناسبة ممارسة هذا الحق في كل مرة لاسيما في مرفق الصحة والتعليم. فعّل القضاء الإداري دوره الإنشائي، وأرسى مجموعة من الضوابط والشروط التي ينبغي مراعاتها واحترامها عند ممارسة حق الإضراب في انتظار صدور القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع منذ أول دستور للمملكة.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سنحاول التطرق إلى تطور ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي (المطلب الأول ) ثم سنتطرق فيما بعد إلى الشروط والضوابط التي وضعها الإجتهاد القضائي المغربي لتنظيم ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية في ظل الفراغ التنظيمي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تطور تنظيم ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي
إذا كان حق الإضراب يعتبر من بين أهم الحقوق التي تشكل ممارستها مسا صارخا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، فإن المشرع المغربي على طول تاريخ الحياة السياسية المغربية، قد تردد في الإعتراف بمشروعية هذا الحق لاسيما في المرافق العمومية. بحيث تميزت المرحلة الأولى بمنع ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية (الفقرة الأولى) في حين تميزت المرحلة الثانية بالإقرار بمشروعية ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مرحلة منع ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
عرف المغرب في هذه المرحلة حدث عنيفا هز كيانه السياسي، وكان له انعكاس كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد وتمثل هذا الحدث في توقيع معاهدة الحماية في 30مارس سنة 1912، لتبدأ فرنسا سياستها الإستعمارية في البلاد،وابتداء من سنة 1912 الى غاية سنة 1956 فقد عرفت هذه الفترة حرمان الموظفين المغاربة من الحق في الاضراب ، على اعتبار النصوص القانونية التي كانت في هذه الفترة كانت تهم الموظفين المستوطنين الفرنسيين فقط[119]، استجابة للنقابات العمالية الفرنسية التي كانت تدعوا إلى ذلك. وقد استمر الوضع لما هو عليه إلى غاية نهاية الاحتلال الفرنسي سنة 1958.
بعد حصول المغرب على استقلاله ، اقتضت الضرورة انفتاح السلطات على القيام بمجموعة من الإجراءات التي تعكس أهمية هذه اللحظة التارخية ،وهو ما تجلى في إعادة النظر في ظهير سنة 1936 المتعلق بالنقابات العمالية ،وتبلور ذالك عبر اصدار ظهير جديد يعيد الإعتبار للعمل والحريات النقابية بالمغرب وتمظهر ذلك في ظهير 16 يوليوز 1957[120] بشأن النقابات المهنية،. إضافة إلى اصدار مرسوم 5 فبراير 1958[121] بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي الذي بموجبه تم الاعتراف للموظفين المغاربة بالحق النقابي بصريح الفصل الأول منه الذي نص على أنه "يعترف بالحق النقابي لموظفي وأعوان الإدارات والمكاتب والمؤسسات العمومية طبق الشروط والتحفظات المبينة فيما بعد". لكن في نفس الوقت نص الفصل الخامس من نفس المرسوم على أنه " كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الإنقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عنه علاوة على (بدون مراعاة) الضمانات التأديبية ويعم هذا جميع الموظفين".
هذا المرسوم الذي تضمن خمسة فصول فقد أثار مجموعة من الإشكالات، بحيث أعطى الحق النقابي بمفهومه الشامل لجميع الموظفين، بمقتضى الفصل الأول، ويلاحظ أن المرسوم تراجع عنه وبشكل مثير للغرابة بمقتضى الفصل الخامس والأخير من المرسوم،مما أثار العديد من الإشكالات الكبرى خاصة بعد صدور الظهير المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 والذي لم يتعرض لمقتضيات توقف الموظفين عن العمل تلغي مقتضيات مرسوم 5 فبراير 1958، وإنما اكتفى بالإعتراف للموظف العمومي بالحق النقابي دون الحق في الإضراب بحيث نص الفصل 14 من قانون الوظيفة العمومية على أنه"يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج على الإنتماء أو عدم الإنتماء إلى نقابة ما،أية تبعبة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم، أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة" وبهذا عندما يكون المشرع المغربي قد اعترف للموظف العمومي بالحق النقابي مرة أخرة. فإنه يكون ضمنيا قد اعترف للموظف العمومي بالحق في الإضراب، نظرا لوجود ارتباط قوي بين الحق النقابي والحق في الإضراب.
كما أن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) ظل متمسكا بتطبيق مقتضيات الفصل الخامس من مرسوم 5 فبرابر 1958 وهو ما يتضح بجلاء في قضة السيد الحيحي محمد. ويتعلق الأمر هنا بطعن قدمه السيد الحيحي محمد ، وكان آنذاك معلماً بمدينة آزرو،بتاريخ 8 شتنبر 1960 يطلب فيه من المجلس الأعلى إلغاء قرار وزير التربية الوطنية والشبيبة والرياضة الصادر بتاریخ 28 مارس 1960. والقاضي بتوقيف الطاعن ابتداء من 25 من نفس الشهر، وبدون راتب، من منصبه في قسم الشبيبة والرياضة بالرباط، وكذلك إبطال قرار نفس الوزير بتاريخ 15 أبريل 1960 بفسخ عقد الطاعن بعد غيابه يوم 25 مارس 1960. وبحذف اسمه من أطر قسم الشبيبة والرياضة ابتداء من فاتح أبريل 1960.[122]
وقد قرر المجلس الأعلى في نهاية المطاف رفض الطعن المقدم من قبل السيد محمد الحيحي. وبالتالي اعتبار قرار وزير التربية قراراً شرعياً يتوقيف وطرد الطاعن، لأنه ارتكز على الفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958، والذي اعتبره المجلس الأعلى يدخل ضمن اختصاصه.
بالتالي يلاحظ أن القضاء الإداري المغربي اعتبر ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية أمرا ممنوعا خلال هذه الفترة،ويمكن معاقبة ممارسه خارج الضمانات التأديبة المنصوص عليها قانونا، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958.
الفقرة الثانية: مرحلة الإقرار بمشروعية ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
دخلت ممارسة حق الإضراب منعطف واضحا بعد إصدار أول دستور للمملكة، ذلك أن دستور 1962[123] نص في الفصل 14 منه على أن " حق الإضراب مضمون" مع الإشارة إلى أن تنظيمه سيتم عن طريق قانون تنظيمي وقد حافظ هذا الفصل على نفس الصياغة في الدساتير اللاحقة، إلى غاية دستور 2011.
غير أنه بمناسبة ممارسة حق الإضراب كل مرة وخوفا من شل المرافق العمومية لاسيم تلك المرافق السيادسة كمرفق الأمن والقضاء والجيش...) عمل المشرع المغربي على إصدار مجموعة من القوانين الرامية إلى منع ممارسة حق الإضراب في مجموعة من القطاعات الحساسة والتي تشكل ممارسة حق الإضراب فيها تهديدا لسيادة الدولة الداخلية والخارجية.
وهكذا فقد تم إصدار ظهير فاتح مارس من سنة 1963[124] المتعلق بمتصرفي وزارة الداخلية، حيث ينص في فصله الخامس عشر على أنه " كل انقطاع مدبر عن العمل... أوكل عمل جماعي يتسم بالخروج عن النظام يجردهم من الضمانات التأديبية".
كما ثم إصدار ظهير يهم رجال القضاء وذلك في 11 من نوفمبر 1974[125] حيث يمنع بمقتضى الفصل الثالث عشر منه " كل عمل من شأنه إيقاف أو عرقلة سير المحاكم...".
كما تم إصدار مرسوم بتاريخ 12 نونبر 1974[126] والخاص بموظفي إدراة السجون والذي منع كسابقه على هذه الفئة ممارسة حق الإضراب حيث نص في الفصل 24 منه على أن " موظفي مؤسسة السجون ملزمون بالإقامة في المدينة التي يعملون فيها ويتعين عليهم الاستجابة لطلبات رؤسائهم كلما احتاجوا إليها ليلا أو نهارا" مما يعني معه عدم إمكانية الدخول في إضراب يمنع من الاستجابة لرؤساء العمل.
بل إن المنع تجاوز موظفي الدولة الذين اعتبرت المهام الموكولة إليهم حساسة، ومن شأن دخولهم في الإضراب الإخلال بالنظام العام.
بحيث تجاوزهم إلى غيرهم من أصحاب المهن الحرة كالمحاماة والتي تم منع الإضراب فيها بموجب القانون رقم 19.79[127] والذي صدر في 8 نونبر 1979 والمتعلق بتنظيم نقابة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة ، حيث بفهم من هذا المنع[128] بأنه حفاظا على مبدأ الإستمرارية في أداء الخدمات وضمان الخدمة داخل المحاكم أن منع الإضراب عن المحامين ولو إنها مهنة حرة إلى أن عمل موظفي الدولة (القضاة) رهينا بعمل مهنة المحاماة، وهو توسيع في مفهوم النظام العام الذي يصعب ضبطه أو حصره.
وتبقى هذه النماذج المقدمة على سبيل المثال لاعلى سبيل الحصر ، إذ هناك فئات أخرى تمنع من العمل النقابي برمته بما فيه ممارسة حق الإضراب، تماشيا مع فكرة ضرورة اتصافها بالحياد والاستقامة والانضباط التام والجهوزية على مدار الأسبوع والشهر.. كالقوات المسلحة الملكية بمختلف تشاكيلها والدرك والوقاية المدنية.
ورغم المنع الصريح لهذه الفئات العريضة من ممارسة الحق الدستوري المتمثل في حق ممارسة الإضراب، إلا أن الموظفون والعمال تمكنوا على الأقل من انتزاع الاعتراف الدستوري وإن بقي دون تنظيم إلى حدود اليوم .غيرأنه رغم الفراغ التنظيمي لممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي وبمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة ،وأخذا بعين الإعتبار الإشكالات التي تثيرها ممارسة هذا الحق لاسما تعطيل المرافق العمومة، وأحيانا الإخلال بالنظام العام. فعّل القضاء الإداري المغربي دوره الإنشائي، وأرسى مجموعة من الضوابط والشروط التي يتعين احترامها لممارسة الحق في الإضراب، ويكون أنا داك أكد على مشروعية ممارسة حق الإضراب مرة أخرى بالمرافق العمومية.
وهو ما تجسد من خلال موقف المحكمة الإدارية بمكناس في حكم السيد محمد شيبان.[129] وتتلخص وقائع هذا الحكم "كون أن المعلم محمد شيبان لم يحضر إلى مقر عمله في 1 مارس 2000 لأنه كان مضربا، وتزامن هذا الإضراب مع زيارة المفتش، ونتيجة لهذا حصلى على عقوبة تأديبية (الإنذار) من وزير التربية الوطنية تحذيرا له على إخلاله بواجباته المهنية.
واستأنف السيد محمد شيبان بالطعن أمام المحكمة الإدارية بمكناس، من أجل إلغاء القرار الإداري الصادر عن وزير التربية الوطنية حيث اعتبر أن العقوبة المتخذة في حقه تتناقض مع حقه في الاضراب المنصوص عليه بمقتضى الدستور وقد قضت المحكمة الإدارية بمكناس بإلغاء القرار الصادر عن وزير التربية الوطنية بتاريخ 18 أبريل 2001 القاضي باتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيد محمد شيبان"، واعتبرت المحكمة أن:
الإضراب حق دستوري أكدته جميع الدساتير المتعاقبة.
عدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الإضراب لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود، بل لابد من ممارسته في إطار ضوابط تمنع إساءة استعماله وتضمن انسجامه مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العمومية على تحو لا يمس سيرها المنتظم بشكل مؤثر.
عدم ثبوت كون الإضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة، لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني
وهو نفس الموقف الذي سارت عليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 7 فبراير 2006، مؤكدة على حق الموظفين في ممارسة حق الإضراب. وأن ذلك لا يتوقف على صدور القانون التنظيمي مكرسة مجموعة من الضوابط التي يجب أن تضبط ممارسته [130].
وبهذا يكون القضاء الإداري المغربي قد أكد على عدم مشروعية مقتضيات مرسوم 5فبرير1958، والتي تضمنت منعا كاملا لممارسة حق الإضراب المكفول دستوريا منذ أول دستور للمملكة . بالتالي التأكيد على أن القواعد الدستورية تحتل الصدارة في نطاق تدرج القواعد القانونية وأن مقتضيات المرسوم السابق تعتبر لاغية لكونها تخالف أسمى قانون في البلاد وهو الدستور.كما أن مقتضيات هذا المرسوم تنظم اختصاصا جعله المشرع الدستوري من اختصاص السلطة التنظيمة (القانون التنظيمي) بالتالي التأكيد مرة أخرى على مشروعية ممارسة حق الإضراب وعلى عدم مشروعية مرسوم 5فبراير 1958.
ويلاحظ أن موقف المحكمة الإدارية بمكناس يماثل تماما ما انتهى إليه قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية Dehaene الصادر بتاريخ 7 يوليوز 1950 الذي أقر بحق ممارسة الإضراب بالاستناد إلى تصدير الدستور (دستور الجمهورية الرابعة ) الذي كان ينص على أن حق الإضراب يمارس في إطار القوانين التي تنظمه» دون الالتفات إلى بعض القوانين التي كانت تحرم الإضراب على بعض الفئات من الموظفين، وبالمقابل اعتبر أن ممارسة حق الإضراب يجب أن تتم دون تعسف مقرا بحق الإدارة في تقييد ممارسته حفاظا على استمرارية المرافق العمومية، تحت رقابة القضاء. فدور القاضي الإداري هو إيجاد التوازن بين مبدأ استمرارية المرفق العمومي وحق ممارسة حق الإضراب.[131]
المطلب الثاني: ممارسة حق الإضراب بين الفراع التنظيمي واجتهادات القضاء الإداري والقيود القانونية الواردة عليه
بعدما نص الفصل 29 من دستور 2011 على على أن "حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته"، وها نحن اليوم في سنة 2024 ولم يصدر هذا القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع الدستوري منذ أول دستور للمملكة سنة 1962، وبمناسبة ممارسة هذا حق الأضراب كل مرة لاسيما في مرفق الصحة والتعليم... فعّل القاضي الإداري دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الضوابط والشروط التي يتعين احترامها لممارسة حق الإضراب (الفقرة الأولى)، غير أنه إذا كانت ممارسة حق الإضراب تتعلق بممارسة دستورية مؤطرة بموجب أسمى قانون في البلاد ،إلا أنه توجد مجموعة من النصوص القانونية التي تحد من هذه الممارسة الدستورية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجتهاد القضائي وتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
تجدر الإشارة بداية أن مهمة القاضي تقتصر على تطبيق القانون والنطق بحكمه بصدد حالة معينة، لكن وظيفة القاضي الإداري تتجاوز ذلك، فالقضاء الإداري لم يكن مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني، بل قضاء إنشائيا يبتدع النظريات ويبتكر المبادئ القانونية، ويجد الحلول المناسبة التي تتفق مع طبيعة العلاقات التي تنشأ بين الإدارة والأفراد، خاصة عند غياب نص قانوني يحكم المنازعة الناشئة عن مثل هذه العلاقات.[132] بالتالي أمام غياب القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب فعّل القاضي الإداري المغربي دوره الإنشائي وابتكر وابتدع مجموعة من الشروط والضوابط لممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية والتي استلهمها من الإجتهاد القضائي الفرنسي وهي على النحو التالي:
أن يؤطر الإضراب من طرف نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا:
نص الفصل 14 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية[133] على أنه "يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج على الانتماء أو عدم الانتماء إلى نقابة ما، أية تبعة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم ، أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة."
وبهذا يكون المشرع المغربي اعترف للموظفين والمستخدمين الخاضعين لهذا القانون بالحق في تنظيم وتسيير المرافق العمومية ،لأنه جوهر مبدأ الديمقراطية الإدارية، وذلك بالسماح لهم بالحق في تشكيل نقابات مهنية وظيفية والتي أضحت وسيلة لتحقيق مطالبهم المهنية والدفاع عن مصالح المنخرطين فيها.[134]
بالتالي وفقا لهذا الشرط، يجب أن يصدر ويؤطر قرار اتخاذ الإضراب من قبل نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونية. طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 1.57.119 بشأن النقابات المهنية المحددة لشروط تأسيس النقابة المهنية.غير أن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الإطار هو أن القضاء لم يتطرق بشكل أساسي لاشتراط اشراف النقابة على الإضراب لكي يعتبر مشروعا، ماعدا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها عدد دد 63-2001 بتاريخ12/7/2001 المشار إليه سابقا الذي أكد على أن "ممارسة حق الإضراب يجب أن تكون بناء على توجيه من نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا".
وجدير بالذكر أن الإضرابات التي تقوم بها أطر وزارة التربية التكوين اليوم تعتبر غير مشروعة لكونها صادرة عن تنسيقيات ليس لها تشكيلا قانونيا ولا شرعية اتخاذ قرار الإضراب ، لكن السؤال المطروح اليوم ماهو دافع اللجوء إلى اتخاذ قرار الإضراب من طرف التنسيقيات التي ليس لها إطار قانوني، ولا يعرف من يقودها بالرغم من وجود النقابات التي لها شرعية اتخاذ قرار الإضراب ؟
للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نشير إلى أننا اليوم في المغرب، لازلنا لم نفهم معنى الديمقراطية بعد، وأن مقولة "الحقوق تأخذ ولا تعطى" لا زالت تعرف صدى وانتشار كبيرا في المجتمع المغربي بسبب تراجع منسوب الثقة في رجل السياسة والنقابات لكونها حسب الكثيرين لا تعتبر ممثلا حقيقيا للطبقة الشغيلة .الأمر الذي دفع الطبقة الشغيلة إلى إنشاء هذه التنسيقات كبديل لممارسة العمل النقابي والدفاع عن مصالح وحقوق الطبقة الشغيلة عوض النقابات التي تعاني اليوم من الشيخوخة سواء في هياكلها التنظيمية أو البشرية، وبالتالي اليوم أصبحت التنسيقيات امتدادا للإرادة الجماعية وسلطة بديلة مضادة في ظل تراجع وتكاسل واضمحلال دور النقابات ومؤسسات الوساطة بعد أن ارتدت عباءة السياسي، وابتعدت كل البعد عن هدفها الرئيسي وهو الدفاع عن المصالح والحقوق المهنية للطبقة الشغيلة.
لكن بالرغم من الطبيعة اللاقانونية للتنسيقيات والقرارات التي تتخذها، إلا أنه لا يمكننا أن ننكر اليوم التأثير الكبير الذي تحدثه هذه التنسيقيات على استمرارية المرفق العمومي. لاسيما في مرفق التعليم عندما تتخذ قرار الإضراب وأبرز مثال على ذلك الإضراب الأخير الذي عرفه مرفق التعليم خلال الموسم الدراسي الحالي لسنة 2023/2024 والذي دام لمدة لأكثر من شهرين وما ترتب عن ذلك من هدر للزمن المدرسي واقتطاع من أجور المضربين وتوقيفهم أحيانا عن العمل.
تحديد مدة الإضراب:
من خصائص ممارسة حق الإضراب أن يكون محدد المدة حتى لايتحول إلى تعطيل تام للمرفق العمومي في أداء خدماته.
غير أن تحديد مدة الإضراب لا تخضع لقواعد محكمة ومحددة، وإنما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار اختلاف المرافق العمومية ونوعية الخدمات التي تؤديها،فالإضراب في مرفق الصحة ليس هو الإضراب في مرفق التعليم بالرغم من أهميت المرفقين معا . في هذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها في قضية محمد شيبان المشار إليه سابقا بشرعية الإضراب الذي لم يدم سوى يوم واحد. نفس الأمر أكدت عليه محكمة النقض في إحدى قراراتها وهو أن الإضراب وإن كان حقا دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفا.[135]
تحديد أسباب الإضراب وموضوعه:
فضلا عن الضوابط السالفة الذكر، فالإضراب ماهو إلا ذلك التوقف المؤقت المدبر عن العمل من أجل تحقيق مطالب مهنية، بالتالي لايمكن استغلاله لتحقيق مطالب أو مزاعم سياسية فكل إضراب يخرج عن المطالب المهنية لا يعتبر اضرابا مشروع.[136] وهو ما أكدت عليه المحكمة الإدارية بمكناس في حكم قضة السيد محمد الشيبان والمحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 2006.[137] كما أن تحديد أسباب الإضراب وموضوعه يعطي للجهات المعنية دراسته وإمكانية تداركه.
ممارسة حق الإضراب لا تخول احتلال الأماكن الإدارية من قبل المضربين:
منعت المحاكم الإدارية على المضربين أن يحتلوا أماكن الإدارة باعتبارها فضاء للعمل و الأداء الخدمات لا فضاء للتجمعات و النداءات.[138]
وجوب إخبار السلطات الإدارية بالإضراب:
طبقا لهذا الشرط يجب على كل من أراد القيام بالإضراب لأسباب مهنية كما أشرنا سابقا أن يخبر الإدارة أو الجهات المعنية بحسب الحالة بالإضراب، لكي يتنسنى لها أن تتخذ احتياطاتها الضرورية. ويجب أن يضم هذا الإخبار أوالإخطار أسباب الإضراب ومدته وموضوعه والجهة الداعية إليه.
وعمليا فالإخبار وسيلة مهمة لفتح الحوار بين المضربين والجهات المعنية. لأنه يمكن لهذه الأخيرة الإطلاع عن على أسباب الإضراب (المطالب المهنية) وتستجيب لها بالتالي تفادي الإضراب المفاجئة. ومعنى الإخبار هنا لا يفيد الترخيص بل مجرد إخبار للجهات المعنية. كما أقرت بذلك المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 7 فبراير 2006 والمشار إليه سابقا : " الإضراب الذي انخرط فيه المعني بالأمر لم يكن مسبوقا بإشعار، الشرط الأساسي لشرعيته ".
الحد الأدنى من الخدمة كضمانة للموازنة بين حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي
إذا كانت ممارسة حق الإضراب من الناحية المبدئية تشكل مسا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، فإن بعض التشريعات قد وفقت نوعا ما في التوفيق بين استمرارية المرفق العمومي وممارسة حق الإضراب، ويكون ذلك عن طريق التزام المضربين بتقديم الحد الأدنى من الخدمة لضمان استمرارية المرفق العمومي ويتعلق الأمر هنا بالخدمات الأساسية والضرورية التي يقدمها المرفق العمومي.
وهو ما دأب إليه الإجتهاد القضائي المغربي بحيث جاء في حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/2001 المشار إليه سابقا أن" عدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الإضراب لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود بل لابد من ممارسته في إطار ضوابط تمنع من إساءة استعماله وتضمن انسجامه مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العامة على نحو لا يمس بسيرها المنتظم ... وأن عدم ثبوت كون الإضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة، لذلك لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني، وبالتالي تكون عقوبة إنذار المؤسسة على هذه الواقعة لاغية...".
الفقرة الثانية: القيود القانونية الواردة على ممارسة حق الإضراب
بالرغم من التكريس الدستوري لحق الإضراب منذ أول دستور للمملكة سنة 1962 إلى غاية دستور 2011. إلا أنه توجد مجموعة من النصوص القانونية لاسيما في القانون الجنائي ومدونة الشغل التي تحد من هذه الممارسة الدستورية، وهكذا فقد نص الفصل 288 من القانون الجنائي[139] على أنه " يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه، أو حاول ذلك مستعملا الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس متى كان الغرض منه هو الإجبار على رفع الأجور أو خفضها أو الإضرار بحرية الصناعة أو العمل.
وإذا كان العنف أو الإيذاء أو التهديد أو التدليس قد ارتكب بناء على خطة متواطأ عليها، جاز الحكم على مرتكبي الجريمة بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات".
وتعتبر النقابات ومختلف الفاعلين الحقوقيين والإجتماعيين أن هذا الفصل من القانون الجنائي يناقض الفصل 29 من الدستور، الذي ينص على أن “حق الإضراب مضمون”؛ ويعتبر إحدى مظاهر التضييق على ممارسة حق الإضراب والمساس به أحيانا وإذا كان المشرع بموجب هذا الفصل من القانون الجنائي يهدف إلى حماية حرية الشغل من المساس بها من قبل المضربيين، فإن موقفه هذا كان ومازال محط انتقاد الفقه المغربي،[140] كما نجد أن مختلف المنظمات الحقوقية والنقابية لا تتردد في كل مرة بالمطالبة بإلغاء هذا الفصل بحيث لا يمكن أن نتعرف من جهة بشرعية ممارسة حق الإضراب. ومن جهة أخرى نجرم الأفعال التي تصاحب ممارسة حق الإضراب.
وفي هذا الإطار يؤكد أستاذنا عبد اللطيف خالفي، وعلى غرارباقي التنظيمات النقابية الأخرى بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، باعتباره قيداً تشريعيا على ممارسة الحق في الإضراب، يمس في الجوهر فعاليته من جهة، ومن جهة ثانية لأن الحماية القانونية التي توفرها قواعد القانون الجنائي في غير نص الفصل 288. كافية لصيانة حقوق الأجراء غير المضربين من أي عنف أو تهديد أو إيذاء قد يتعرضون له أثناء الإضراب، فلا حاجة إذن إلى فصل خاص، يتضمن عقوبة أشد من العقوبات الواردة في غير الفصل 288، [141] الذي يكشف عن تبعية مشوهة من قانوننا للقانون الفرنسي، تبعية لم تراع خصوصية تطور النظام القانوني" للإضراب بالمغرب.[142]
وبالعودة إلى مقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل نجد أن المشرع ذهب إلى نفس الأمر، عندما صنف عرقلة حرية العمل ضمن الأخطاء الجسيمة التي تبرر فصل الأجير بالرغم بالتنصيص على معاينة مفتش الشغل لعرقلة حرية العمل وتحرير محضر بشأنها.[143] وفي ذلك أيضا تضييق على شرعية ممارسة حق الإضراب.
المبحث الثاني :قراءة تحليلية لمشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب وأسبابه عدم خروجه الى حيز الوجود
إذا كان الفصل 29 من دسور 2011 أكد على مشروعية ممارسة حق الإضراب، وأحال على على قانون تنظيمي سيحدد كيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب، فإن الفصل 86 من نفس الدستور نص على أن" تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لايتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور ". الأمر الذي ألزم الحكومة إعداد مجموعة من صيغ مشاريع قوانين تنظيمية متعلقة بالإضراب كان أخرها مشروع قانون تنظيمي متعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 الذي يتكون من 49 مادة مبوبة على ستة أبواب.
وقد أثار هذا المشروع الكثير من الجدل بين الأوساط المهنية بسبب الصيغة والمضامين التي جاء بها، بحيث تم رفضه رفضا تاما من طرف النقابات والفاعلين الإجتماعيين والحقوقيين واعتبره البعض مشروع تكبيلي يتناقض مع مقتضيات الفصل 29 من الدستور الذي يضمن ممارسة حق الإضراب. لكن السؤال المطروح هنا إلى أي حد استطاع هذا المشروع المثير للجدل التوفيق بين الحق في الإضراب واستمرارية المرفق العمومي؟ وإلى أي حد استطاع هذا المشروع وضع آليات وشروط واضحة لضمان ممارسة الحق في الإضراب؟ وهل فعلا أجاب على مختلف الاشكاليات المتعلقة بممارسة حق الاضراب ؟أم أنه مجرد قانون وضع لنقول انه لدينا مشروع قانون تنظيمي للإضراب فقط؟ وما هي أسباب عدم خروج هذا المشروع قانون إلى حيز الوجود إلى الأن؟
وقد ورد في مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب الذي تمت إحالته على البرلمان سنة 2016 وتم سحبه فيما بعد، في 49 مادة موزعة على ست أبواب جاءت وفق الشكل التالي:
الباب الأول: أحكام عامة (من المادة 1 إلى المادة6)
الباب الثاني: شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص (من المادة 7 إلى المادة29)
الباب الثالث: شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (من المادة 30 إلى المادة33)
الباب الرابع: أحكام خاصة بالإضراب في المرافق الحيوية (المادة 34)
الباب الخامس: العقوبات(من المادة 35 إلى المادة 46)
الباب السادس: أحكام مختلفة وختامية (من المادة 47 إلى المادة 49)
غير أنه قبل دراسة الجانب الموضوعي لهذا المشروع فقد تم تسجيل مجموعة من الملاحظات المثيرة للجدل على المستوى الشكلي وهي على النحو التالي:
غياب الدباجة: يتضح ان هذا المشروع صدر بدون ديباجة بل تم حذفها بعد دراسته والمصادقة عليه من قبل المجلس الحكومي، حيث أن مشروع القانون من حيث طريقة الوضع لدى البرلمان قدم بدون مذكرة تقديمية توضح خلفيات تنزيله والمرجعيات التي ينهل منها.[144]
عدم توازن أبواب المشروع: يلاحظ أن أغلب مقتضيات هذا المشروع تتعلق بممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، بحيث تم تخصص 22 مادة من أصل 49 كلها تتحدث كيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، وكأن الإضراب يمارس في القطاع الخاص فقط، في حين تم تخصيص 4 مواد من أصل 49 لتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام، مما يجعلنا نستنتج أن هذا القانون جاء بعيدا كل البعد عن الممارسة العملية والواقعية للإضراب لأن الإشكالات التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (مرفق التعليم والصحة نودجا) أكثر بكثير وأقل تأثيرا من تلك التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص.
هيمنة الطابع الجزري على المشروع: يلاحظ أن الباب الخامس المخصص للعقوبات تضمن 12 المادة من أصل 49 مادة من هذا المشروع، بالتالي فالمشرع من خلال هذا المشروع استحضر البعد الجزري أكثر لتنظيم هذا الحق الدستوري.
للإجابة عن مختلف هذه الإشكالات السالفة الذكرأعلاه ، فإننا سوف نقوم بقراءة تحليلية لهذا المشروع وذلك بالقيام بتحليل كل باب على حدة ثم كل مادة على حدة، وذلك وفق التصميم التالي:
المطلب الأول:قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الأول والثاني والثالث من مشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب
المطلب الثاني : قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الرابع والخامس والسادس من مشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب وأسباب عدم صدوره
المطلب الأول: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الأول والثاني والثالث من مشروع قانون رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب
و بناء على ما سبق سوف نقوم بقراءة تحليلية للباب الأول المعنون بـ أحكام عامة (الفقرة الأولى) وبعدها نقوم بقراءة تحليلية للباب الثاني المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص(الفقرة الثانية)، ثم بعدها سنقوم بقراءة تحليلية للباب الثالث المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الأول المعنون بـ أحكام عامة
نصت المادة 1 على أنه" تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من الدستور، يحدد هذا القانون التنظيمي شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب"[145]
يلاحظ أن المشروع من خلال هذه المادة أعاد التأكيد على مشروعية ممارسة الحق الدستوري المتمثل في الإضراب، تطبيقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من دستور 2011. وأن هذا المشروع سيحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب كما أحال عليه المشرع الدستوري.
نصت المادة 2 على أنه "الإضراب هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين.[146]
إذا كان المشرع في أغلب الدول التي تعترف بمشروعية ممارسة حق الإضراب، تتفادى تعريف الحق في الإضراب، نظرا لحساسية هذا الحق الدستوري وأيضا لحجم للإشكالات التي يثيرها على مستوى سير المرافق العمومية. بالإضافة إلى إلى أن تعريف المصطلحات والمفاهيم القانونية من اختصاص الفقه والقضاء، فإن المشرع من خلال هذا المشروع عرف الحق في الإضراب وضيق نطاقه، بالرغم شساعة هذا الحق ويثير هذا التعريف مجموعة من الملاحظات بخصوص ممارسة حق الإضراب وهي على النحو التالي:
أن يكون الإضراب في شكل توقف جماعي: اشترط المشروع في الإضراب أن يتم بشكل جماعي. ويكون بذلك قد استبعد الإضراب الفردي.
أن يتم الإضراب بصفة مدبرة: اشترط المشروع في الإضراب أن يتم بصفة مدبرة، ويكون بذلك قد استبعد الإضراب المفاجئ[147] من نطاقه. والإضراب المدبر غالبا ما يكون تحت تأطير واشراف النقابة أو الجمع العام للعمال أو الموظفين عند غياب النقابة.
أن يكون الإضراب لمدة محددة: اشترط المشروع أيضا في الإضراب أن يكون في مدة محددة. ويكون بذلك استبعد الإضراب الغير محدد المدة من نطاق مشروعيته، غيرأنه إذا كان المشروع اشترط في الإضراب أن يكون محدد المدة ،فإنه يعاب عليه أنه لم يحدد الحد الأدنى أو الأقصى لمدة الإضراب، وجعلها خاضعة للقواعد العامة بحسب المرفق الذي مورس فيه هذا الإضراب. وإذا كان البعض يعتبر تحديد مدة الإضراب تقيدا لهذا الحق[148]. فمحكمة النقض مؤخرا ترى خلاف ذلك، بحيث جاء في إحدى قراراتها[149] أن "لما كان الثابث من إقرار الأجير بمذكرة دفاعه أنه قد خاض إضرابا عن العمل لمدة غير محددة وأنه قد إقترن باعتصام بمقر الشركة المشغلة، فإن الإضراب وإن كان حق دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفا".وهو أيضا ما تم التأكيد عليه من خلال حكم المحكمة الإدارية بالرباطةسابقا.[150]
أن يهدف الإضراب إلى الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين: اشترط المشروع في الإضراب أن يهدف إلى الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين، كان من الأجدر والأحسن أن يستبدل هذا العبارة بعبارة " يهدف الإضراب إلى الدفاع عن المصالح المهنية والمشروعة والممكنة للمضربين"، لأن مفهموم المصالح الاجتماعية والإقتصادية مفهوم شاسع يصعب تحديد نطاقه. كما أن المشروع ربط مشروعية ممارسة حق الإضراب بالمصالح المباشرة للأجراء المضربين، ويكون ذلك واضعوا المشروع قد استبعدو مجموعة من أنواع الإضراب من نطاق المشروعية،لاسيما الإضراب التضامني والسياسي والإضراب العام.
وإذا كان هذا المشروع يهدف إلى تنظيم ممارسة حق الإضراب بشكل عام في جميع القطاعات والأنشطة، فإننا نعتقد من وجهة نظرا المتواضعة، أنه يجب إعادة صياغة المشروع كاملا، حتى تتلائم مقتضياته مع بعض الفئات الخاصة، والأجراء المستقلين، والعاملات والعمال المنزليين، وبعض المهن الحرة، وغيرها من الفئات،[151] لأن المشروع ربط ممارسة حق الإضراب بالأجراء المضربين كما ورد في آخر عبارة من هذه المادة.
نصت المادة 3 على أنه" يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بالمصطلحات التالية،ما يلي:
أ) - الأجير : كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني، ويعمل تحت إمرة مشغل، يكون تابعا له، وذلك مقابل أجر، أيا كان نوعه أو طريقة أدائه سواء كان يعمل في القطاع الخاص أو في القطاع العام ؛
ب) - المشغل : يعتبر مشغلا في القطاع الخاص كل شخص ذاتي أو اعتباري خاضع للقانون الخاص، يستأجر خدمات أجير للقيام بأعمال، في مقاولة أو مؤسسة. ويعتبر مشغلا في القطاع العام كل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام يسهر على تدبير مرفق عمومي، ويمارس بهذه الصفة صلاحيات السلطة العمومية ؛
ج) - الجهة الداعية إلى الإضراب هي :
النقابة الأكثر تمثيلا، طبقا للتشريع الجاري به العمل، أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني سواء تعلق الأمر بإضراب على الصعيد الوطني في القطاع العام أو القطاع الخاص ؛
النقابة الأكثر تمثيلا، طبقا للتشريع الجاري به العمل على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي المعني، وفي حالة عدم وجودها، النقابة التي حصلت على أكبر نسبة من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو أغلبية المأجورين في حالة عدم وجود تمثيلية عن النقابة في المقاولة أو المؤسسة المعنية أو المرفق العمومي المعني إذا تعلق الأمر بإضراب على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي ؛
د) - المرافق الحيوية : هي المرافق التي تقدم خدمات أساسية والتي من شأن توقف العمل بها كليا أو جزئيا أن يعرض حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم للخطر؛
هـ) - الحد الأدنى من الخدمة : قدر كاف من الخدمات الأساسية يجب تأمينه لضمان استمرارية تقديمها للمرتفقين في حالة ممارسة حق الإضراب."[152]
يلاحظ أن واضعوا المشروع ذهبوا إلى تعريف المفاهيم والمصطلحات الواردة في هذا المشروع كالأجير والحد الأدنى من الخدمة والمشغل والمرافق الحيوية.. ) غير أنه كان من الأجدر أن يعرف هذا المشروع مجموعة من المفاهيم والمصطلحات الغامضة والتي تم تكرارها أكثر من مرة في هذ المشروع،ويتعلق الأمر بالقطاع العام والقطاع الخاص والجمع العام للأجراء والخدمات الأساسية.
نصت المادة 4 على أنه"يمكن أن يمارس حق الإضراب وفق أحكام هذا القانون التنظيمي كل من :
-الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة لشغل :
-الموظفين والأعوان والمستخدمين لدى إدارات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية ولدى كل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام"[153]
يلاحظ من خلال هذه المادة أنها تتناقض مع مقتضيات الدستور وسنوضخ ذلك على النحو التالي:
نصت الفقرة الأولى من الفصل السادس من دستور 2011 للمملكة على أنه" القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له." في حين نصت الفقرة الثانية من الفصل 29 من نفس الدستور على أنه " حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته" بالتالي فالصيغة التي جاء بها الفصل 29 من الدستور جاءت مطلقة ولم ترد عليها شروط، وتبعا لهذا فالأمر يفرض هنا أن يتمتع بممارسة حق الإضراب جميع الفئات الشغيلة والطبقة العاملة. لكن المشروع قيد التحليل اسثنى مجموعة من الفئات من ممارسة هذا الحق الدستوري، لاسيما الأشخاص الذين لا تسري عليهم مدونة الشغل كعمال المنازل وبوابوا العمارات وأجراء القطاع التقليدي الصرف بالإضافة إلى مجموعة من الفئات الأخرى التي لا تسري عليها مدونة الشغل.
وإذا كان واضعوا المشروع حددو نطاق ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، وذلك باقتصاره على الفئات الخاضعة لمدونة الشغل كما يظهر جليا في المادة الرابعة، فإن واضعوا المشروع لم يتطرقوا إلى مسألة غاية في الأهمية ،وهي هل يمارس حق الإضراب وفق أحكام هذا المشروع قانون على الأشخاص الخاضعون بشكل مطلق لمدونة الشغل أم الأشخاص الخاصعون لمدونة الشغل احتياطيا أم استثناء. بالتالي فالأمر هنا يفرض حسما في هذه المسألة المهمة لأن هذا سيؤدي إلى حرمان فئات عريضة من هذا الحق الدستوري لذلك يجب أن يعاد النظر في صياغة هذه المادة لأنها تتسم بالمحدودية وعدم الدقة.
نصت المادة 5 من المشروع على أنه" كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة. ويعتبر كل إضراب الأهداف سياسية ممنوعا"[154]
بتحليلنا هذه المادة يتبين أن واضعوا المشروع اعتبرو أن كل دعوة إلى الإضراب تمت خلافا للكيفيات والشروط التي حددها المشروع، تعتبر باطلة ويكون المشروع بهذا قنن وحدد وضيق نطاق مشروعية الإضراب بحيث يسهل التمييز بين الإضراب المشروع والغير مشروع نوعا ما.
غير أنه بالعودة إلى الفقرة الثانية من هذه المادة يتبين أن المشروع منع الإضراب الذي يمارس لأهداف ومزاعم سياسية، غير أنه في بعض الأحيان يصعب التمييز بين الإضراب السياسي والإضراب الذي يرمي إلى الدفاع عن المصالح المهنية للمضربين. ويحدث ذلك عندما يقوم الموظفون والأجراء والعمال بالإضراب عن العمل ضد سياسة ما للحكومة تمس مصالحهم أوأوضاعهم القانونية كتغيير قيمة الحد الأدنى من الأجور أوتغيير قيمة الضريبة عن الدخل أو الإحتجاج على تمرير هذا المشروع بنفسه ... ) بحيث يصعب هنا التمييز بين الإضراب السياسي والإضراب الرامي إلى الدفاع عن المصالح المهنية للمضربين ، بالتالي كان من الأحسن أن يتضمن هذا المشروع معاييرا وشروط للتميز بين الإضراب المهني والإضراب السياسي نظرا لتداخلهما وصعوبة التمييز بينهما.
نصت المادة 6 من المشروع على أنه " يجب على كل أجير أراد المشاركة في ممارسة حق الإضراب التقيد بأحكام هذا القانون التنظيمي وكذا بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل"[155]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع يخاطب بصفة فردية كل أجير أراد المشاركة في ممارسة حق الإضراب التقيد بأحكام هذا المشروع وكذا بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، دون أن يخاطب النقابة باعتبارها المشرف والمؤطر لممارسة حق الإضراب. كما أن المشرع من خلال هذا المشروع كعادته لم يحدد هذه النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بحيث ترك المجال مفتوحا. فالمغرب بالرغم من عدم وجود قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة حق إلا انه توجد مجموعة من النصوص القانونية المتشتتة المتعلقة بتنظيم بممارسة حق الإضراب أو التوقف عن العمل خاصة في مدونة الشغل[156]والقانون الجنائي[157]ومرسوم المحاسبة العمومية[158] والقانون 81.12 بشأن الإقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة[159]بالإضافة إلى مجموعة من النصوص القانونية الأخرى.
بالتالي كان على المشرع من خلال هذا المشروع تحديد هذه النصوص القانونية حتى لا يبقى الباب مفتوحا لتقييد هذه الممارسة الدستورية.
الفقرة الثانية: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الثاني المعنون بـ شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص
نصت المادة 7 من المشروع على أنه " لا يمكن اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب إلا بعد انصرام أجل 30 يوما من تاريخ توصل المشغل بالملف المطلبي من الجهة التي يمكن لها الدعوة إلى الإضراب.
قبل اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب، يتوجب القيام، خلال الأجل المذكور في الفقرة السابقة، بإجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للأجراء قصد البحث عن حلول متوافق عليها. ولهذه الغاية، يمكن للأطراف الاتفاق على تعيين وسيط.
وفي حالة تعذر إجراء المفاوضات أو فشلها لأي سبب من الأسباب يتعين القيام ببذل جميع المساعي اللازمة لإجراء محاولة التصالح بين الطرفين طبقا للتشريع الجاري به العمل، وطبقا لمقتضيات اتفاقيات الشغل الجماعية عند وجودها.
وإذا لم تؤد محاولة التصالح إلى أي نتيجة، وقررت الجهة المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه الدعوة إلى الإضراب، وجبت ممارسته طبقا للشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي."[160]
بعد قراءتنا لهذه المادة يتبين جليا أن المشروع منع بشكل ضمني الإضراب الفجائي، بحيث جعل ممارسة حق الإضراب مشروطة بانصرام مدة 30 يوما، ابتداء من تاريخ توصل المشغل بالملف المطلبي من طرف الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب، وبذلك يكون المشروع جعل ممارسة حق الإضراب أخر الحلول وفي ذلك إعطاء فرصة للمشغل من أجل تدارس الملف المطلبي وإمكانية تدارك ممارسة حق الإضراب وذلك بالإستجابة لتلك المطالب المدرجة في الملف المطلبي.
غير أن المشروع هنا لم يتطرق لمسألة غاية في الأهمية، وهي ماذا يجب فعله عندما يرفض المشغل تسلم الملف المطلبي، وفي المقابل نجد أن المشروع ربط مشروعية ممارسة حق الإضراب بانصرام 30 يوما بعد تقديم الملف المطلبي بالتالي فالأمر هنا يجعلنا نقر بأن هذا المشروع يحد من هذه الممارسة الدستورية لحق الإضراب.
وإذا كان المشروع خلال مدة الثلاثين يوما السالفة الذكر اشترط اجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي، من أجل الوصول إلى حلول متوافق عليها، وأتاح للأطراف إمكانية تعيين وسيط، فإنه من جهة لم يحدد من هي الجهة التي يجب عليها أن تبادر لفتح باب المفاوضات، ومن جهة أخرى لم يحدد كيفية ومسطرة تعيين هذا الوسيط، هل هو من القطاع العام أم من القطاع الخاص وهل يقوم بهذه الوساطة بشكل مجاني أم بمقابل ومن سيؤدي هذا المقابل وما القانون الواجب التطبيق عن هذه الوساطة.
وإذا كان المشروع نص على أنه في حالة تعذر إجراء المفاوضات أو فشلها لأي سبب من الأسباب يتعين القيام ببذل جميع المساعي اللازمة لإجراء محاولة التصالح بين الطرفين طبقا للتشريع الجاري به العمل، وطبقا لمقتضيات اتفاقيات الشغل الجماعية عند وجودها، فإنه لم يحدد الجهة التي لها صلاحية البث في مدى فشل أونجاح تلك المفاوضات، كما أن المشروع لم يحدد المسؤولية المترتبة عن فشل المفاوضات في حالة ما إذا كان السبب يرجع للمشغل أو المضربين. كما ان المشروع لم يحدد الجهة التي يتعين عليها المبادرة لإجراء التصالح خاصة في ظل توتر العلاقة بين المضربين والمشغل. وفي الأخير جعل المشروع ممارسة حق الإضراب مقرونة بفشل المفاوضات وأخر الحلول.
نصت المادة 8 من المشروع على أنه" يعتبر باطلا بقوة القانون كل شرط تعاقدي أو التزام يقضي بتنازل الأجير عن ممارسة حق الإضراب.غير أنه يجوز التنصيص في اتفاقيات الشغل الجماعية على تعليق ممارسة حق الإضراب خلال مدة محددة، شريطة أن تتضمن الإجراءات الواجب اتخاذها لتسوية كل نزاع جماعي يحدث خلال مدة تعليق الإضراب.[161]
وبتحليلنا لهذه المادة، يتبين أن المشروع اعتبر باطلا بقوة كل شرط يقضي بتنازل الأجير عن ممارسة حق في الإضراب، غير أنه أورد على هذه القاعدة استثناء، بحيث يجوز التنازل عن ممارسة حق الإضراب لمدة محددة بمقتضى اتفاقية شغل جماعية.
نصت المادة 9 من المشروع على أنه" يمنع على المشغلين ومنظماتهم المهنية وعلى المنظمات النقابية للأجراء عرقلة ممارسة حق الإضراب بواسطة الاعتداء أو الانتقام أو الإغراء أو بواسطة أي وسيلة من الوسائل التي يمكن أن تحول دون ممارسة الأجراء حقهم في الإضراب"[162]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع وفّر مجموعة من الضمانات لممارسة حق الإضراب من بينها منع عرقلة ممارسة حق الإضراب، غير أن نطاق المنع هنا لم يكن سليما لأنه بالإضافة إلى الأشخاص التي منعها المشروع من عرقلة ممارسة حق الإضراب ،وكان من الأحسن إضافة الأجير انسجاما مع مقتضيات المادة 36 من المشروع التي تعاقبه على نفس الإخلال، أيضا إضافة الأغيار لأنه قد يحدث أحيانا عرقلة ممارسة حق الإضراب من طرف الأغيار.
نصت المادة 10 من المشروع على أنه"يمنع على المشغل خلال مدة سريان الإضراب، أن يحل محل الأجراء المضربين أجراء آخرين، لا تربطهم به أي علاقة شغل قبل تاريخ تبليغه قرار الإضراب.
غير أنه يجوز للمشغل في حالة رفض الأجراء المكلفين بتوفير حد أدنى من الخدمة أداء المهام المسندة إليهم في المرافق الحيوية طبقا لأحكام المادة 34 من هذا القانون التنظيمي، إحلال أجراء آخرين محل الأجراء المكلفين بتوفير حد أدنى من الخدمة، وذلك خلال مدة سريان الإضراب.
وفي حالة تعذر ذلك، أمكن للسلطات المحلية المختصة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استمرارية المقاولة في تقديم خدماتها على مسؤولية المشغل"[163]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع منع إحلال أجراء أغيار محل الأجراء المضربين وفي المقابل أجاز إحلال أجراء أغيار محل الأجراء المضربين المكلفين بتوفير الحد الأدنى من الخدمة أو عند تأثير هذا الإضراب على تزويد السوق بالخدمات والمواد الأساسية أو عندما يتعلق الأضراب بالمرافق الحيوية.
نصت المادة 11 من المشروع على أنه" يمنع على المشغل اتخاذ أي إجراء تمييزي في حق الأجراء بسبب ممارستهم حق الإضراب، من شأنه خرق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والمساس بالضمانات الممنوحة لهم والمتعلقة على الخصوص بحقوقهم ووضعياتهم ومسارهم المهني"[164]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع وفر مجموعة من الضمانات لممارسة حق الإضراب من بينها منع المشغل من اتخاذ أي إجراء تمييزي ضد الأجراء الممارسين للإضراب، وكان من الإحسن من وجهة نظرنا المتواضعة أن يتم منع المشغل أيضا اتخاذ أي إجراء تمييزي ضد الأجراء الغير ممارسين للإضراب.
نصت المادة12 من المشروع على أنه" يمنع كل توقف مدبر عن العمل يتم بالتناوب وبكيفية متتالية بين فئات مهنية معينة أو مختلفة، تعمل في المقاولة أو المؤسسة نفسها أو في إحدى المؤسسات التابعة لها، سواء تعلق هذا التوقف بنشاط واحد من أنشطة المقاولة أو المؤسسة أو بعدة أنشطة"[165]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع من ممارسة الإضراب التناوبي أوما يسمى بالإضراب الدائري.[166]
نصت المادة 13 من المشروع على أنه" يمنع عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب. يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بعرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب، كل فعل يؤدي أو قد يؤدي إلى منع الأجير غير المضرب أو المشغل من ولوج أماكن العمل أو من القيام بمزاولة نشاطه المهني بواسطة الإيذاء أو العنف أو التهديد أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها"[167]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع لازال متمسكا بمقتضيات الفصل 288 من القانون الجنائي[168] بالرغم من الجدال الكبير الذي نتج عن تطبيق مقتضيات هذا الفصل وما ترتب عن تطبيقه من توقيفات واعتقالات في صفوف الأجراء المضربيين، وقد اعتبره البعض متناقضا مع مقتضيات الفصل29 من الدستور لأنه يحد من ممارسة حق الإضراب.
نصت المادة 14 من المشروع على أنه" يعتبر الأجراء المشاركون في الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم، وفي هذه الحالة لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن المدة المذكورة "[169]
يلاحظ أن هذه المادة تؤسس لقاعدة الأجر مقابل العمل عند توقف عقد الشغل.
نضت المادة 15 من المشروع على أنه" يمكن أن يتخذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني في جميع القطاعات أو بعضها أو في قطاع واحد أو في أنشطة معينة داخل نفس القطاع أو في قطاعات مختلفة ، من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني وذلك طبقا لأنظمتها الأساسية"[170]
يلاحظ أن هذه المادة من المشروع اشترطت اتخاذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني من قبل الجهاز التداولي للنقابة الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني.
نصت المادة 16 من المشروع على أنه " يمكن أن يتخذ قرار الإضراب على صعيد كل مقاولة أو مؤسسة من قبل الجمع العام للأجراء، الذي يجب أن تدعو إليه الجهة الداعية إلى الإضراب خلال (15) يوما على الأقل من التاريخ المزمع عقد الجمع العام فيه.
يجب تبليغ المشغل بكيفية رسمية من قبل الجهة المذكورة بتاريخ ومكان انعقاد الجمع العام، وذلك سبعة (7) أيام على الأقل قبل تاريخ انعقاده.
يجتمع الجمع العام بصورة قانونية بحضور ما لا يقل عن ثلاثة أرباع (3/4) أجراء المقاولة أو المؤسسة، ويتخذ قرار الإضراب بواسطة الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للأجراء الحاضرين.
تقوم الجهة الداعية للإضراب بإعداد محضر اجتماع الجمع العام المذكور الذي يجب أن يتضمن عدد أجراء المقاولة أو المؤسسة المعنية، وعدد الحاضرين منهم في الجمع العام، والنسبة التي يمثلونها من مجموع الأجراء، وأسماءهم وأرقام بطائقهم الوطنية للتعريف وتوقيعاتهم ونسبة الأغلبية التي اتخذ بموجبها قرار الإضراب"[171]
يلاحط من خلال مقتضيات المادة أعلاه أن المشروع حدد مسطرة اتخاذ قرار الإضراب على صعيد المقاولة أوالمؤسسة بحسب الحالة من قبل الجمع العام للأجراء، غير أنه هنا هنا كما أشرنا سابقا لم يوضح مفهوم الجمع العام للأجراء وكيف يتم عقد هذا الجمع العام وهل يجب أن يكون داخل أوقات العمل أم خارجها وهل يكون داخل المقاولة أم خارجها وما الجهة المكلفة بمراقبة هذا الجمع العام....
نصت المادة 17 من المشروع على أنه" يجب أن يتضمن قرار الإضراب على الصعيد الوطني البيانات التالية :
1 - اسم النقابة الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني
التي اتخذت قرار الإضراب :
2 - الأسباب الداعية إلى اتخاذ قرار الإضراب ؛
3 - أمكنة تنفيذ الإضراب ؛
4 - تاريخ وساعة الشروع في تنفيذ الإضراب ؛
5 - المدة أو المدد المزمع خوض الإضراب خلالها.
وإذا تعلق الأمر بإضراب يهم مقاولة أو مؤسسة واحدة، أو عدة مقاولات أو مؤسسات متعددة، وجب أن يتضمن قرار الإضراب بالنسبة لكل مقاولة أو مؤسسة على حدة، البيانات الواردة في البنود المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه ، ويرفق بنسخة من محضر اجتماع الجمع العام للأجراء الذي اتخذ قرار الإضراب"[172]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع حدد الشروط والبيانات التي ينبغي أن تتوفر في قرار الإضراب. غير أنه صراحة بالإضافة إلى الشروط التي نص عليها المشروع التي يجب أن تتوفر في قرار الإضراب . وكان يجب التنصيص على شرط الجهة الداعية للإضراب من بين هذه البيانات لأن قرار الإضراب بحسب المشروع قد يصدر من النقابة أو من قبل الجمع العام للأجراء.كما أن المشروع صراحة لم يتطرق لجزاء عدم احترام هذه الشروط في قرار اتخاذ الإضراب، وإن كان المشروع نص في المادة 5 على أن كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون تعتبر باطلة. ويلاحظ أيضا أن المشروع من خلال هذه المادة جعل مسطرة اتخاذ قرار الإضراب كتابية.
نصت المادة 18 من المشروع على أنه" مع مراعاة أحكام المادة 7 أعلاه، يتعين قبل الشروع الفعلي في تنفيذ الإضراب، قيام الجهة الداعية للإضراب بتبليغ المشغل بقرار الإضراب بأي وسيلة من وسائل التبليغ المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل، وذلك خمسة عشر(15) يوما على الأقل قبل التاريخ المقرر لخوضه.[173]
(مادة واضحة لا تثير أي اشكال).
نصت المادة19 من المشروع على أنه " يجب على الجهة الداعية إلى الإضراب أن تحيط علما الجهات المعنية التالية بقرار الإضراب سبعة (7) أيام على الأقل قبل الشروع الفعلي في تنفيذه :
أ)- رئيس الحكومة والسلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والتشغيل والمنظمات المهنية للمشغلين، إذا تعلق الأمر بالدعوة إلى ممارسة حق الإضراب على الصعيد الوطني.
كما يجب أن تحيط الجهة الداعية إلى الإضراب السلطة الحكومية التابع لها قطاع الأنشطة المعني علما بقرار الإضراب، إذا تعلق الأمر بالدعوة إلى ممارسة حق الإضراب في جميع القطاعات أو بعضها أو في قطاع واحد أو في أنشطة معينة داخل نفس القطاع أو في قطاعات مختلفة
أ)- المشغل ووالي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، وممثل السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل على صعيد الجهة أو العمالة أو الإقليم حسب الحالة، إذا تعلق الأمر بممارسة حق الإضراب على صعيد كل مقاولة أو مؤسسة.[174]
يلاحظ أن هذه المادة من المشروع حددت مسطرة تبليغ قرار اتخاذ الإضراب وذلك بحسب نطاقه.
نصت المادة 20 من المشروع على أنه "تتولى الجهة الداعية إلى الإضراب، علاوة على المهام المسندة إليها بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي ممارسة المهام التالية قبل وأثناء سريان الإضراب :
أ- تأطير الأجراء المضربين وتدبير ممارسة الإضراب والإشراف على مختلف مراحلها.
ب -السهر، باتفاق مع المشغل على ضمان استمرار الخدمات الأساسية لتفادي إتلاف الممتلكات والتجهيزات والآلات في أماكن العمل وعلى التدابير اللازمة الواجب مراعاتها لحفظ الصحة والسلامة المهنية، بما في ذلك الحفاظ على سلامة الأجراء وحياتهم، وكذا على تعيين من سيكلف منهم بتقديم الخدمات المذكورة.
وفي حالة عدم الاتفاق، يمكن للمشغل أن يطلب من قاضي المستعجلات تحديد هذه الخدمات وتعيين الأجراء الذين سيكلفون بتقديمها.
لا يمكن ممارسة الإضراب إلا بعد صدور أمر قاضي المستعجلات"[175]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع حدد واجبات ومهام الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب سواء قبل ممارسته أو أثناء سريانه. غير أن اتفاق الجهة الداعية للإضراب مع المشغل لتحديد الخدمات الأساسية والأجراء الذين يلتزمون بضمان الحد الأدنى من الخدمة تبقى قضية صعبة المنال، خاصة في ظل الجو المشحون والمتوتر بين الطرفين. كما أن إمكانية اللجوء إلى قاضي المستعجلات في حالة عدم اتفاق الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب والمشغل من شانها أن تزيد الأوضاع توترا.
نصت المادة 21 من المشروع على أنه" يمكن للمشغل وللجهة الداعية للإضراب، على حد سواء، أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة تعيين مفوض قضائي أو أي شخص آخر مؤهل لذلك داخل أجل لا يتعدى 48 ساعة لإجراء معاينة لظروف سير الإضراب وللواقعة أو الوقائع المصاحبة له، وأن يطلب من المحكمة ترتيب الآثار القانونية، إذا ثبت حدوث أي عرقلة لممارسة حق الإضراب أو عرقلة حرية العمل بالنسبة للمشغل والأجراء غير المضربين، أو أي خرق لأحكام هذا القانون التنظيمي أثناء سريان الإضراب، دون المساس بحق النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية وإنجاز الأبحاث اللازمة إذا اقتضى الأمر ذلك.[176]
يلاحظ من خلال هذه المادة من المشروع ،أنها فتحت المجال للأطراف من أجل الإستعانة بمفوض قضائي من أجل تتبع سير ممارسة حق الإضراب والوقائع المصاحب له كعرقلة ممارسة حق الإضراب أوعرقلة حرية العمل. غير أن من شان إقحام الجهاز القضائي هنا الزيادة في توترالعلاقة بين الأطرف.
نصت المادة 22 من المشروع على أنه" للجهة الداعية للإضراب، كلما اقتضت الظروف ذلك، إنهاء الإضراب أو إلغاءه أو توقيفه مؤقتا.
كما يمكن للإطراف المعنية،في كل وقت وحين، الاتفاق على توقيف الإضراب مؤقتا أو بصورة نهائية.
وفي حالة توقيف الإضراب مؤقتا لمدة معينة من أجل التفاوض بشأن الملف المطلبي فإنه يمكن استئنافه، دون التقيد بالآجال المنصوص عليها في المادة 18 من هذا القانون التنظيمي، إذا لم تسفر المفاوضات على نتائج، داخل أجل 30 يوما من بدءها. [177]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال)
نصت المادة 23 من المشروع على أنه " لا يجوز، في حالة إنهاء الإضراب أو إلغائه بمقتضى اتفاق مبرم بين الأطراف المعنية على إثر الاستجابة للملف المطلبي، اتخاذ قرار إضراب جدید دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد انصرام أجل سنة على الأقل يبتدئ من تاريخ إنهاء الإضراب أو إلغائه.
يعتبر الإتفاق المبرم المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه ملزما للأطراف على الرغم من جميع الاتفاقات الأخرى السابقة"[178]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 24 من المشروع على أنه" يمنع على المشغل أن يقوم خلال مدة الإضراب، بمناولة أو نقل أو ترحيل آليات وأجهزة وباقي وسائل عمل المقاولة أو المؤسسة كلاأو بعضا.[179]
أحيانا عندما يمارس حق الإضراب يقوم بعض المشغلين سيئي النية خلال مدة الإضراب بنقل أجهزة ووسائل العمل، كرد فعل مضاد على ممارسة حق الإضراب. ويلاحظ أن هذه المادة من المشروع تطرقت لهذه المسألة المهمة وحسمت هذه الإشكالية التي تثار عند ممارسة حق الإضراب في كل مرة.
نصت المادة 25 من المشروع على أنه " يجب على المشغل الإمتناع عن الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولةأو المؤسسة بسبب ممارسة حق الإضراب.
ويمكنه في حالة الإضرار بممتلكات المقاولة أو المؤسسة لا سيما منها التجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية أو السلع أو البضائع، أو عدم مراعاة تدابير حفظ الصحة والسلامة المهنية، تقديم طلب إلى قاضي المستعجلات لاستصدار أمر قضائي من أجل اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية ممتلكات المقاولة أو المؤسسة وحفظ الصحة والسلامة المهنية، أو إغلاقها الجزئي أو الكلي مؤقتا،حسب وضعية المقاولة وطبيعة نشاطها.[180]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 26 من المشروع على أنه " يمكن للمشغل في حالة ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي أن يطالب الجهة الداعية للإضراب والأجراء المضربين بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة من جراء الإضراب الذي تمت ممارسته بها بكيفية غير مشروعة.[181]
يلاحظ من خلال هذه المادة من المشروع، أنها خولت للمشغل إمكانية المطالبة بالتعويض أمام القضاء في حالة إلحاق خسائر بالمقاولة، نتيجة لمارسة حق الإضراب بكيفية غير مشروعة، لكنها لم تتطرق لمسألة المطالبة بالتعويض من طرف المضربين أو الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب نتيجة لعرقلة ممارسة حق الإضراب أو التعويض نتيجة للإغلاق الغير قانوني الكلي أو الجزئي للمقاولة أو الترحيل الغير قانوني لوسائل العمل بسبب ممارسة حق الإضراب. كما أن هذه المادة لم تتطرق لمسألة إمكانية تعويض الأغيار المتعاملين مع المقاولة بسبب ممارسة حق الإضراب.
نصت المادة 27 من المشروع على أنه" يمنع على الأجراء المضربين احتلال أماكن العمل خلال مدة سريان الإضراب.[182]
يلاحظ من خلال هذه المادة من المشروع أنها منعت ممارسة حق الإضرب مع احتلال أماكن العمل.[183]
نصت المادة 28 من المشروع على أنه"يمكن لرئيس الحكومة،في حالة حدوث آفات أو كوارث طبيعية أو أزمة وطنية، أن يأمر بصفة استثنائية بموجب قرار معلل،بمنع الإضراب أو وقفه لمدة محددة.[184]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 29 من المشروع على أنه" يمكن تعليق الإضراب بمقتضى أمر القاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة في حالة ما إذا كانت ممارسته ستؤدي إلى تهديد النظام العام أو وقف تقديم الخدمات الأساسية في حدودها الدنيا، بناء على طلب من رئيس الحكومة وبمبادرة من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.[185]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
الفقرة الثالثة: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الثالث من المشروع المعنون بـ شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام
قبل البدء في تحليل مقتضيات هذا الباب المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع العام، وجب أن نشير أن المشروع خصص لهذا الباب 4 مواد فقط، وفي المقابل تم تخصص22 مادة للباب المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص. وكأن الإشكالات التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في القطاع العام أقل بكثير من الإشكالات التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في الخاص. والممارسة العملية لحق الإضراب فإنها عكس ذلك بحيث كلما نسمع اليوم عن ممارسة حق الإضراب فغالبا ما يرتبط بالقطاع العام لاسيما مرفق التعليم والصحة.
نصت المادة 30 من المشروع على أنه " علاوة على الأحكام العامة المنصوص عليها في الباب الأول أعلاه تطبق أحكام الباب الثاني من هذا القانون التنظيمي على ممارسة حق الإضراب من قبل الأجراء العاملين بالقطاع العام، باستثناء أحكام المواد 8 الفقرة الثانية و 15 و 16 و 17 ( الفقرة الثانية و 19 و 24.[186]
وبالعودة إلى مقتصيات أحكام المادة 30 من المشروع نجد أنها استثنت مجموعة من المواد المتعلقة بتنظيم ممارسة حق الإضرب في القطاع الخاص من تطبيقها في القطاع العام وهي أحكام المواد 8 (الفقرة الثانية) و 15 و 16 و 17 ( الفقرة الثانية) و 19 و 24 والتي سنتطرق لها تفصيلا كل استثناء على حدة:
استثناء تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 8 من المشروع:
بالعودة إلى مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 8 من المشروع نجد أنها تتحدث على إمكانية التنصيص في اتفاقيات شغل جماعية على تعليق ممارسة حق الإضراب لمدة محددة. وبمفهوم المخالفة فالمشروع منع إمكانية التنازل أو تعليق ممارسة حق الإضراب لمدة محددة في القطاع العام.
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 15 من المشروع:
تتحدث المادة 15 من المشروع على إمكانية اتخاذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني في جميع القطاعات أو بعضها أو في قطاع واحد أو في أنشطة معينة داخل نفس القطاع أو في قطاعات مختلفة ، من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني وذلك طبقا لأنظمتها الأساسية"، وبمفهوم المخالفة فلا يمكن أن يتخذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني في جميع القطاعات أو بعضها في القطاع العام لأن هناك بعض المرافق العمومية بحكم طبيعتها لا يمكن أن يمارس فيها الإضراب كمرفق القضاء والأمن.....
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 16 من المشروع:
تتحدث المادة 16 من المشروع على مسألة اتخاذ قرار الإضراب على صعيد كل مقاولة أو مؤسسة من قبل الجمع العام للأجراء، وبمفهوم المخالة فالمشروع يبدو أنه منع ذلك في القطاع العام.
استثناء تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 17 من المشروع
تتحدث الفقرة الثانية من المادة 17 على الشروط التي ينبغي أن تتوفر في قرار الإضرا ب إذا تعلق بمؤسسة أو مقاولة بالإضافة إلى ارفاق قرار الإضراب بنسخة من محضر اجتماع الجمع العام للأجراء الذي اتخذ فيه قرار الإضراب. وبمفهوم المخالفة منع ذلك في القطاع العام على اعتبار أن قرار الإضراب في المشروع في القطاع العام لايمكن أن يتخذ إلا من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني وليس من قبل الجمع العام للأجراء.
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 19 من المشروع :
تتحدث المادة 19 من المشروع على الجهات التي يجب على على الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب إخبارها بقرار الإضراب وآجل ذلك قبل الشروع في ممارسته. وبمفهوم المخالفة لا تطبق مقتضيات هذه المادة في نطاق ممارسة حق الإضراب في القطاع العام، على اعتبار أن المشروع حدد الجهات التي يجب على الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب في القطاع العام إخبارها في المادة 32 من المشروع.
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 24 من المشروع:
تتحدث المادة 24 من المشروع على منع المشغل أن يقوم خلال مدة الإضراب بنقل أو ترحيل أجهزة ووسائل عمل المقاولة وبمفهوم المخالفة لا يمكن تطبيق مقتضيات هذه المادة في نطاق ممارسة حق الإضراب في القطاع العام.
نتصت المادة 31 من المشروع على أنه يمكن أن يتخذ قرار الإضراب في القطاع العام، وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي على الصعيد الوطني من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني.
يقصد في مدلول هذا القانون التنظيمي بالقطاع العام كل المرافق التابعة للدولة أو للجماعات الترابية أو للمؤسسات أو للمقاولات العمومية أو لكل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام. [187]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 32 من المشروع على أنه "يجب على الجهة الداعية إلى الإضراب أن تحيط علما الجهات المشار إليها بعده بقرار الإضراب في أحد المرافق العمومية أو في بعضها أو في جميعها، سبعة (7) أيام على الأقل قبل تاريخ الشروع الفعلي في تنفيذه :
- رئيس الحكومة والسلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والوظيفة العمومية والتشغيل ؛
- السلطات الحكومية التابع لها المرفق المعني، أو التي تمارس الوصاية والإشراف عليه إذا تعلق الأمر بمؤسسة أو مقاولة عمومية، وإلى مدير المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية، وكل مسؤول عن المرفق العمومي المعني ؛
- عامل العمالة أو الإقليم المعني.[188]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 33 من المشروع على أنه " لا يمكن للفئات التالية ممارسة حق الإضراب :
القضاة وقضاة المحاكم المالية :
موظفو إدارة الدفاع الوطني وأفراد القوات المسلحة الملكيةوالدرك الملكي :
موظفو الأمن الوطني والقوات المساعدة :
رجال وأعوان ومساعد و السلطة، وجميع فئات الموظفين العاملين بوزراة الداخلية الموظفون الديبلوماسيون والقنصليون ؛
موظفو وأعوان إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ؛
موظفو وأعوان إدارة السجون وإعادة الإدماج ؛
موظفو الهيئة الوطنية للوقاية المدنية وجميع الفئات الأخرى العاملة بها ؛ موظفو وأعوان المياه والغابات حاملو السلاح
القيمون الدينيون
مراقبو الملاحة الجوية والبحرية.
كما لا يمكن للأشخاص الآتي ذكرهم ممارسة حق الإضراب
الأشخاص الذين يتم تكليفهم بضمان حد أدنى من الخدمة
الأشخاص الذين يتم تكليفهم بالسهر على الصحة والسلامة المهنية بأماكن العمل أثناء فترة سريان الإضراب.[189]
يلاحظ من خلا هذه المادة من المشروع أنها حددت الفئات الممنوعة من ممارسة حق الإضراب ،وذلك نظرا لحساسية وطبيعة المرافق التي تعمل بها، لأنه من شأن ممارسة حق الإضراب في هذه المرافق السيادسة للدولة ، تهديد استمرارية الدولة وسيادتها الداخلية والخارجية.
من خلال قراءتنا وتحليلنا لهذه المواد الأربع السالفة الذكر المتعلقة بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع العام يتبين أن المشروع طبق نفس المقتضيات المتعلقة بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص على القطاع العام، بما في ذلك عدم ممارسة حق الإضراب إلا بعد انصرام 30 يوما من تاريخ تقديم الملف المطلبي، وإجراء المفاوضات والتصالح بشأنه من طرف الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب، وعدم عرقلة ممارسة حق الإضراب وعدم عرقلة حرية العمل... ). ماعدا الإستثناءات المشار إليها أعلاه.
المطلب الثاني : تحليل مقتضيات الباب الرابع والخامس والسادس من مشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب وأسباب عدم خروجه إلى حيز الوجود
و تأسيسا على ما سبق سوف نقوم بقراءة تحليلة لمقتضيات الباب الرابع المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في المرافق الحيوية(الفقرة الأولى) ،وبعدها سنقوم بقراءة تحليلية لمقتضيات الباب الخامس المتعلق بالعقوبات والباب السادس المتعلق بالأحكام الختامية للمشروع (الفقرة الثانية) ،ثم بعد ذلك سوف نتطرق لأسباب عدم خروج مشروع قانون تنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود وسبل إخراجه(الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: تحليل مقنضيات الباب الرابع المعنون بـ أحكام خاصة بالإضراب في المرافق الحيوية
يلاحظ أن المشروع خصص مادة واحدة فقط لأهذا الباب وهي على النحو التاني:
نصت المادة 34 من المشروع على انه يمارس حق الإضراب في المرافق الحيوية طبقا للشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، شريطة توفير حد أدنى من الخدمة في هذه المرافق، ولا سيما منها :
المؤسسات الصحية
المحاكم بمختلف أصنافها ودرجاتها
رافق الأرصاد الجوية
مرافق النقل السككي
قطاعات النقل البري بمختلف أصنافه
شركات الاتصال السمعي البصري العمومي
شركات صناعة وتوزيع الأدوية وشركات إنتاج وتوزيع مادة
مجين ذات الاستعمال الطبي
مصالح المراقبة الصحية في الحدود والمطارات والموانئ
المصالح البيطرية :
مرافق إنتاج وتوزيع الماء والكهرباء
مرافق إنتاج وتوزيع المواد الطاقية :
مرافق التطهير السائل والصلب
مرافق جمع النفايات بجميع أصنافها
يحدد اتفاق يبرم بين الجهة الداعية إلى الإضراب والمشغل المعني بمساهمة السلطة أو السلطات الإدارية المحلية المختصة، عند الاقتضاء، الحد الأدنى من الخدمة الواجب تأمينها في المرافق المذكورة وكذا الأجراء المكلفين بتوفيرها.
وفي حالة تعذر إبرام هذا الاتفاق، يتعين على المشغل استصدار أمر قضائي من قبل قاضي المستعجلات يحدد بموجبه الحد الأدنى المذكور والأجراء المكلفين بتوفيرها.
ويمكن تتميم لائحة المرافق الحيوية التي تستوجب توفير حد أدنى من الخدمة بها بقانون، بعد استشارة المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني والمنظمات المهنية للمشغلين التابع لها المرفق المعني عند وجودها.[190]
يلاحظ من خلال هذه المادة، أن المشروع حدد المرافق الحيوية التي يجب على العاملين فيها عند ممارسة حق الإضراب الإلتزام بضمان الحد الأدنى من الخدمة وذلك نظرا لطبيعة الخدمات الحساسة والسيادية التي تقدمها هذه المرافق السالفة الذكر أعلاه.
الفقرة الثانية: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الخامس المعنوب بـ العقوبات والباب السادس المتعلق بالأحكام الختامية
الملاحظ قبل تحليل مقتضيات هذا الباب المتعلق بالعقوبات أن المشروع خصص له 12 المادة من أصل 49 مادة من هذا المشروع وهي على النحو التالي:
نصت المادة 35 من المشروع على أنه"علاوة على العقوبات المنصوص عليها في هذا الباب، يعتبر في حالة تغيب عن العمل بصفة غير مشروعة، كل أجير مارس الإضراب في القطاع العام أو القطاع الخاص، دون التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، وتطبق في حقه، عند الاقتضاء، العقوبات التأديبية المنصوص عليها في النصوص التشريعية والأنظمة الخاصة بالأجراء الجاري بها العمل"[191]
نصت المادة 36 من المشروع على انه" يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل مشغل أو منظمة مهنية للمشغلين أو منظمة نقابية عرقلت ممارسة الأجراء حقهم في الإضراب خلافا لما هو منصوص عليه في المادة 9 من هذا القانون التنظيمي.
ويعاقب بغرامة من 2.000 إلى 5.000 درهم كل أجير ارتكب نفس الفعل خلافا لأحكام المادة 9 المذكورة.[192]
نصت المادة المادة 37 منالمشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل مشغل أحل أجراء آخرين محل الأجراء المضربين خلافا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 10 من هذا القانون التنظيمي، مع مراعاة أحكام الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة المذكورة.[193]
نصت المادة 38 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 15.000 إلى 30.000 درهم كل مشغل اتخذ خلافا لأحكام المادة 11 أعلاه، إجراء تمييزيا ضد أجرائه بسبب ممارستهم حق الإضراب.[194]
نصت المادة 39 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 2.000 إلى 5.000 درهم كل من خالف أحكام المادة 12 من هذا القانون التنظيمي دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.[195]
نصت المادة 40 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 5.000 إلى 10.000 درهم كل من عرقل حرية العمل خلافا لما هو منصوص عليه في المادتين 13 و 27 من هذا القانون التنظيمي، دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.
ويمكن لقاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة في الحالات المنصوص عليها في المادتين المذكورتين بطلب من المشغل أن يأمر باتخاذ جميع التدابير اللازمة للحيلولة دون عرقلة حرية العمل، بما في ذلك وقف الإضراب
دون الإخلال بتطبيق أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة، يعاقب على كل مخالفة للأمر القضائي المذكور بالحبس من شهر إلى ثلاثة (3) أشهر وبغرامة من 10.000 إلى 20.000 درهم.[196]
نصت المادة 41 من المشروع على انه: يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل من دعا إلى ممارسة حق الإضراب دون التقيد بأحكام الفقرة الأولى من المادة 7 من هذا القانون التنظيمي دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.[197]
نصت المادة 42 من المشروع على انه" يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 30.000 درهم كل من اتخذ قرار الإضراب دون التقيد بأحكام المواد 15 و 16 و 18 و 19 و 23 و 31 و 32 من هذا القانون التنظيمي.[198]
نصت المادة 43 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل من خالف أحكام المادتين 24 و 25 الفقرة الأولى من هذا القانون التنظيمي"[199]
: نصت المادة 44 من المشروع على أنه " يعاقب بغرامة من 5.000 إلى 10.000 درهم كل أجيرر:
فض القيام بالخدمات الأساسية التي كلف بتقديمها، خلافا الأحكام البند 2 من الفقرة الأولى من المادة 20 من هذا القانون التنظيمي –رفض توفير الحد الأدنى من الخدمة التي كلف بها خلافا لأحكام المادة 34 من هذا القانون التنظيمي"-[200]
نصت المادة 45 من المشروع هعلى أنه" في حالة العود، تضاعف العقوبة.
يعتبر في حالة العود كل من سبق الحكم عليه من أجل مخالفة أحكام هذا الباب بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، ثم ارتكب مخالفة مماثلة قبل مضي سنتين من صدور المقرر المذكور أو تقادم العقوبة.
لتطبيق أحكام هذه المادة تعتبر مخالفات مماثلة جميع مخالفات أحكام هذا الباب.[201]
نصت المادة 46 من المشروع على أنه"يقوم ضباط الشرطة القضائية بتحرير محاضر المعاينة وإثبات المخالفات لأحكام هذا القانون التنظيمي.
ترسل المحاضر إلى النيابة العامة بالمحكمة المختصة داخل أجل أقصاه 24 ساعة من تحريرها داخل أجل معقول.[202]
بعد قراءتنا للمواد الإثني عشر من المشروع السالفة الذكر المتعلقة بهذا البابّ. يتبين أن جميع الجرائم المنصوص عليها فيه، عبارة عن جنح ضبطية معاقب عليها بغرامة أقصى حد لها يتراوح ما بين 20.000 و50.000 درهم.وأدناها مابين 2.000 و5.000 درهم بالإضافة إلى عقوبة حبسية واحدة تتمثل في الحبس من شهر إلى تلاثة أشهر. وبهذا يكون المشروع قد استحضر الطابع الجزري بكثرة وبكيفية غير متوازنة في تنظيم ممارسة حق الإضراب.
أما فيما يخص مقتضيات الباب السادس فإنه يتضمن أحكام مختلفة وختامية موزعة بين ثلاثة مواد وهي على النحو التالي:
نصت المادة 47 من المشروع على أنه"تؤهل السلطات العمومية المعنية، خلال مدة سريان الإضراب لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لحفظ النظام العام وحماية الأشخاص والأموال والممتلكات، بما في ذلك العمل على فك الاعتصامات والحيلولة دون احتلال المباني وأماكن العمل والمرافق الملحقة بها، ومنع كل تجاوز يروم إغلاق مقرات العمل ومداخلها في وجه العاملين والمرتفقين.
كما يمكنها، عند الاقتضاء، وخلافا للأحكام التشريعية الجاري بها العمل اللجوء إلى مسطرة التسخير من أجل تأمين استمرارية المرافق الحيوية في تقديم خدماتها وتأمين تزويد السوق بالمواد الأساسية"[203]
نصت المادة 48 من المشروع على أنه"تعتبر الآجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي آجالا كاملة لا يحتسب فيها اليوم الأول واليوم الأخير"[204]
نصت المادة 49 من المشروع على أنه" دخل هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ بعد انصرام أجل ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، وينسخ ابتداء من التاريخ نفسه جميع الأحكام المخالفة"[205]
الفقرة الثالثة : أسباب عدم خروج مشروع قانون تنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود وسبل إخراجه
بعد قيامنا بهذه القراءة التحليلية المتواضعة لهذا المشروع قانون تنظيمي المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 .يبدو جليا سبب عدم خروج هذا القانون التنظيمي لحيز الوجود . وذلك راجع لمضامينه التكبيلية بحيث جاء في المادة 5 منه أن كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة. ويعتبر كل إضراب الأهداف سياسية ممنوعا" وكما رأينا سابقا يصعب التمييز بين الإضراب السياسي والإضراب المهني.وهذا المشروع لم يضع معايير واضحة ومحددة تتسم بالدقة للتميز بين الإضرا ب المشروع والغير مشروع.
والمادة 7 من المشروع تؤسس لقاعدة جديدة على مستوى الممارسة العملية لحق الإضراب وهي جعل ممارسة حق الإضراب مشروطة بانصرام أجل 30 يوما بعد التوصل بالملف المطلبي واجراء المفاوضات بشأنه.فالممارسة العملية لحق الإضراب غالبا ماتعرف ممارسة حق الإضراب ثم فيما بعدها يتم التفاوض بشان المطالب المطروحة وسبل إنهاء الإضراب وهذه المادة من المشروع أتت بعكس ذلك.
كما أن المشروع يؤسس لقاعدة الإجر مقابل العمل سواء في نطاق القطاع الخاص أو في نطاق القطاع العام، بصريح المادة 14 التي نصت على أنه" يعتبر الأجراء المشاركون في الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم، وفي هذه الحالة لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن المدة المذكورة ". وبمقاربتنا للحق الدستوري المتمثل في الحق في الإضراب وما يقابله في المقابل من حرمان من الأجر المتمثل في الإقتطاع فإننا نسقط أمام مفارقة متناقضة وهي كون أنه عندما نقول الحق في الإضراب الحق، ولاسيما أنه مكرس دستوريا فمثله مثل الحق في الصحة أو في التعليم فلا ينبغي أن يقابل عند ممارسته بالجزاء السلبي المتمثل في الإقتطاع أو الحرمان من الأجر، إلا عند التعسف في استعماله.
كما أن المادة 13 من المشروع تمنع عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب والتي يبدو أن المشروع من خلالها لازال متمسكا بمقتضيات الفصل 288 من القانون الجنائي الذي أثارالجدل بين الأوساط المهنية والحقوقية. ومادة أخرى تعطي الحق للمشغل للمطالبة بالتعويض في حالة ما إذا لحق الأدوات ووسائل العمل ضرر بسبب ممارسة حق الإضراب.
بالتالي كل مضامين هذا المشروع التكبيلية لحق الإضراب جعلت هذا المشروع يقابل بالرفض من قبل النقابات والأوساط المهنية ومختلف الحقوقين والفاعلين الإجتماعيين.
وقد أكد أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط،عبد الحفيظ أدمينو، من جهته أن تأخر إخراج هذا القانون راجع أساسا إلى المقاربة التي تعتمدها الحكومة موضحا أنها "تعتبره مشروع قانون يجب التداول بشأنه في مجلس النواب وعبر النقابات من خلال تمثيليتها خاصة في مجلس المستشارين على أن تقدم التعديلات المهمة على هذا النص ".
وأضاف أدمينو موضحا ،أنه في المقابل ترى النقابات دائما بأنه يجب أن يتم أولا الاتفاق على المبادئ والأسس المرتبطة بالمشروع في إطار الحوار الاجتماعي، وتليها اللحظة البرلمانية من أجل ترسيم والتنصيص على هذه الخيارات وهذه المبادئ.[206]
ومن وجهة نظرنا الشخصية المتواضعة فإنه يجب إعادة صياغية بنود وأحكام هذا المشروع قانون المتعلق بتنظيم حق الإضراب .لاسيما المواد التي تقيد وتحد من ممارسة هذا الحق الدستوري والتي أشرنا إليها سابقا.
خاتمة:
الحمد لله الذي وفقنا لإتمام هذا البحث المتواضع، ووفقنا لهذا الخير ونرجو منه تعالى العفو والمغفرة.
بناء على ماسبق يتبين أن ممارسة حق الإضراب سواء في نطاق القطاع العام أو القطاع خاص، تعتبر من بين أخطر المسائل التي تهدد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات. وما يترتب عن ذلك من هضر وتضارب للمصالح، والمتمثلة في الأساس في تأخير مصالح المرتفقين والإخلال بالنظام العام. على الرغم من أن الأمر يتعلق هنا بحق وحرية سياسية أقرتها مختلف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .وأكدتها بعد ذلك التشريعات الوطنية لمختلف الدول من بينها المغرب.
بالتالي نصبح أمام تعارض ومفارقة مثيرة للجدل، وذلك بين الإضراب كحق دستوري الذي لا يمارس إلا من خلال التوقف المدبر والجماعي عن العمل داخل المرافق العمومية وما يصاحب ذلك من تداعيات خطيرة على مفهوم المصلحة العامة بمفهومها الشاسع،وبين استمرارية المرفق العمومي، كمبدأ دستوري والذي لا يحتاج تقريره لنص قانوني، نظرا لارتباطه بالمنفعة العامة والقاضي باستمرار المرفق العمومي في أداء خدماته بانظام واطراد مهما كانت الصعوبات.
لذا فالأمر على هذا النحو يفرض التوفيق بين الأمرين على نحو قانوني سليم وفعال،لكن الأمر صعب إلّا أنه ضروري، ومن وجهة نظرنا المتواضعة لن يتم ذلك إلا في إطار قانون تنظيمي فعّال يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب يراعي مختلف الخطوط العريضة وهي على النحو التالي:
الإضراب حق دستوري مثله كباقي الحقوق الدستورية الأخرى ولا ينبغي أن يقابل عند ممارسته بالجزاء السلبي المتمثل في الحرمان من الأجر أثناء مدة الأضراب، إلا عند التعسف في استعمال هذا الحق.
وضع معايير وشروط دقيقة جدا لممارسة حق الإضراب، لاسيما فيما يخص مدة الإضراب والإخطار ووضع معايير دقيقة لتمييز بين الإضراب المشروع والغير مشروع.
اعتماد المقاربة التشراكية لصياغية بنود هذا المشروع، وذلك عبر إشراك النقابات المهنية ومختلف الفاعلين الحقوقين.
التنصيص على أن قرار الإضراب يجب أن يؤخذ عن طريق الإستفتاء المباشر من من يعنيهم الأمر، خاصة أن اليوم الكثير من الموظفين والأجراء لم يعودوا يثقوا في النقابات بعد أن ارتدت عباءة السياسي.
الحسم في الإقتطاع من الأجور بسبب ممارسة حق الإضراب، وذلك بوضع أساس قانوني له يحدد حالات الإقتطاع ومدى شموله لتوابع الأجر وملحقاته.
ضرورة أن يبقى الإضراب وسيلة لتحقيق المطالب المهنية المشروعة والممكنة،وأن لا يقحم بأهداف أو مزاعم سياسية.
العمل على تقوية آليات التفاوض بين الأطراف المعنية، وتشجيع الوسائل السلمية لحل النزاع بحيث يبقى الإضراب آخر الحلول.
التعامل بمرونة مع ظاهرة الحق في الإضراب كحركة احتجاجية وضرورة اجتماعية وسياسية عميقة ملحة وليس ميدان للصراع اختبار القوى.
ضرورة ملائمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية.
[1] يستعمل مفهوم الضبط الإداري أو الشرطة الإدارية للدلالة على الوظيفة التي تقوم بها الدولة أو الإدارة للحفاظ على النظام العام بمدلولاته الأربع وهي:الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة ووالأخلاق والأداب العامة.
[2] بحيث جرى التنصيص عليه في الفصل 154من الدستور ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 27 من شعبان 1432(29يوليو2011)بتنفيذ نص الدستور، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان1432 (30 يوليو2011)،الصفحة3600.
[3] يعرف القانون الأساسي للوظيفة العمومية الموظف العمومي في المادة 2 منه على أنه"كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة.
[4] دخلت ممارسة حق الإضراب منعطف واضحا بعد إصدار أول دستور للمملكة، ذلك أن دستور 1962 نص في الفصل 14 منه على أن " حق الإضراب مضمون" مع الإشارة إلى أن تنظيمه سيتم عن طريق قانون تنظيمي وقد حافظ هذا الفصل على نفس الصياغة في الدساتيراللاحقة إلى غاية دستور 2011.
[5] أحمد بوعشيق،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة، دارالنشرالمغربية ،الدار البيضاء ،الطبعة الثامنة،2004،الصفحة60.
[6] يقصد بالأشخاص المعنوية العامة هي الأشخاص المعنوية العامة الترابية وهي الدولة والجماعات الترابية والأشخاص المعنوية العامة المرفقية وهي المؤسسات العمومية.
[7] أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مطبعة وراقة سجلماسة مكناس، الطبعة 2015.2016 ،الصفحة63.
[8] هبة الله عيسى الداهوك ،الاضراب في المرافق العامة وفق التشريع الفلسطيني ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام،كلية الشريعة والقانون،قسم القانون العام،الجامعة الإسلامية –غزة- السنة الجامعية: 2015/2016، الصفحة67.
[9] عرفت مرحلة الاستعمار تنزيل العديد من النصوص القانوني التي بقيت حبر على ورق ويتعلق الأمر بـ:
ظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بالأجور وساعات العمل وإحداث مفتشية الشغل.
ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بتنظيم المسؤولية في مجال حوادث الشغل.
ظهير 4 دجنبر 1936 المتعلق بتنظيم الحق النقابي للموظفين الفرنسين والأجانب بالمغرب.
ظهير 1955 المتعلق بالحق النقابي للمغاربة العاملين.
[10] راجع الظهير الشريف رقم 1.57.119 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376 (16 يوليو 1957) بشأن النقابات المهنية، الجريدة الرسمية عدد 2340 بتاريخ 3 صفر 1377 (30 غشت 1957) الصفحة 1937.
[11] راجع المرسوم رقم 2.57.1465 الصادر بتاريخ 15 رجب 1377 (5 فبراير 1958) بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، الجريدة الرسمية عدد 2772 الصادر بتاريخ 21 رمضان 1377/ 11 أبريل 1959 الصفحة 922.
[12] بحيث نصت المادة الخامسة منه على انه " بالنسبة لموظفين فإن أي إنهاء منسق للخدمة وأي عمل جماعي من عدم الانضباط الملحوظ يمكن أن يعاقب عليه خارج الضمانات التأديبية" مما نتج عن تطبيق هذه المادة من تضيق على ممارسة العمال لحقوقهم النقابية لاسيما الحق في الاضراب.
[13] راجع الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة631.
[14] بحيث نص الفصل 14 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه" يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج على الإنتماء أو عدم الإنتماء إلى نقابة ما،أية تبعبة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم، أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة.
[15] دستور 1962 الصادر الامر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.59.413 ،الصادر يوم الجمعة 17 رجب الموافق ل 14 دجنبر 1962،الصادر بالجريدة الرسمية،عدد 2616مكرر ،الصادر في 21 رجب 1382،الموافق ل19دجنبر 1962،الصفحة 2993.
[16] بحيث تم التنصيص عليه في الفصل 29 من الدستورالصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة3600.
[17] بحيث نص على عدم مشروعيته النظام الأساسي للموظفين،قانون 14 سبتنبر سنة 1941،الفصل 14.
[18] الحاج الكوري و أحمد بوهرو ،إشكالية تنظيم وتقنين ممارسة الإضراب بين القانون الدولي والتشريعات الوطنية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى، 2012،الصفحة 44.
[19] القرار الشهير الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 7يوليوز 1950، أورده أحمد أجعون،مرجع سابق، الصفحة،66.
[20] أحمد بوهرو،مرجع سابق ،الصفحة 45.
[21] بحيث نص الفصل 154من الدستور على أنه " يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات، وتخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور".
[22] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[23] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،إشكالية تنظيم وتقنين ممارسة حق الإضراب بين القانون الدولي والتشريعات الوطنية ،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط، 2012،الطبعة الأولى،الصفحة 9.
[24] المعجم الوسيط ،باب الضاد ،ضرب، الصفحة 536.
[25]ابن منظور :لسان العرب ،دار المعارف بيروت، الطبعة الثالثة،1414هـ،الصفحة 2568.
[26] عبد الرحمان بن ناصر السعيدي ،تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،دار السلام للنشر والتوزيع، شارع الأمير عبد العزيز بن جلوي،الطبعة الثانية ، 2002، تفسير سورة الزخف ،الصفحة 898.
[27] المادة357 من القانون رقم 2004-017 صادر بتاريخ 06 يوليو2004 المتضمن مدونة الشغل المورتانية.
[28] الفصل 29، من دستور 2011.
[29] المادة 32 من القانون رقم65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424،الموافق لـ 11 سبتنبر 2003، الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق ل 8 ديسمبر 2003،الصفحة 3996.
[30] الفصل 14 من الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة 631.
المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.[31]
[32] cass.soc.28/6/1951.revue droit socail.1951 p532 حكم أورده مصطفى أحمد أبو عمرو، علاقات العمل الجماعية: المفاوضات الجماعية –النقابات العمالية- اتفاثات العمل الجماعية-منازعات العمل الجماعية (الإضراب-الإغلاق –التحكيم الوساطة-المفاوضة) في ضوء قانون العمل الجديد رقم 125لسنة 2003،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الإسكندرية،2005،الصفحة342.
[33] cass.soc.3/10/1963.revue droit socail.1964 p3. أورده مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق.الصفحة 342
[34] cass.soc.26/1/1968 bulletin civil .n 35 p30. أورده الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 12
[35] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد حكم 732 بتاريخ 2007/07/17 في الملف عدد358ع/2007 أورده محمد مومن وآخرون:حق الإضراب في الإجتهاد القضائي المغربي،مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[36] قرار محكمة النقض عدد 314، الملف الاجتماعي عدد 488/5/1/2020 الصادر بتاريخ 17 مارس 2021، منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 1 المشار إليه في الصفحة 110.
[37] محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، سلسلة مواضيع الساعة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد124، الطبعة السابعة2024،الصفحة 490.
[38] قرار محكمة النقض رقم 190،الملف الاجتماعي عدد 651/5/1/99،المؤرخ في 14/3/2000، منشور على الموقع الرسمي الإلكتروني لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 2 المشار إليه في الصفحة 112.
[39] Savatier: Rivero - le droit du Travail 9 édition coll thémis Paris Puf 1984, - page 277.أورده الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 10.
[40] Latournerie jean :le droit français de la grève-sirey.1972 ،p266. أورده الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،ص10.
[41] محمد الأعرج ، الإضراب في أحكام القضاء الإداري المغربي ،تعليق على حكم المحكمة الإدارية بمكناس في نازلة محمد شيبان ،منشور في المجلة المغربية للمنازعات القانونية، عدد 2-2004 الصفحة 92.
[42] أحمد بوعشيق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة ،الطبعة الثامنة ، دار النشر المغربية ،الدار البيضاء، 2004،
الصفحة 202.
[43] مليكة الصروخ،نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة) ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1992،الصفحة 113.
[44] أسماء بوشمط وحورية بوزردوم، حق الموظف في الإضراب، مذكرة لنيل شهادة الماستر في القانون العام :تخصص قانون عام داخلي،كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد الصديق بن يحي جيجل الجزائر،السنة الجامعية:2016/2017،الصفحة 47.
[45] مصطفى أحمد أبو عمرو، علاقات العمل الجماعية: المفاوضات الجماعية –النقابات العمالية- اتفاثات العمل الجماعية-منازعات العمل الجماعية (الإضراب-الإغلاق –التحكيم الوساطة-المفاوضة) في ضوء قانون العمل الجديد رقم 125لسنة 2003،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الإسكندرية،2005،الصفحة 348.
[46] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 348.
[47] حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/2001، للمزيد أكثر حول هذا الحكم أنظر الملحق رقم 3 المشار إليه في الصفحة 115.
المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب[48]
[49] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق، الصفحة 349.
[50] بوشرنوح فاطمة الزهراء،حفيفي أمال،النظام القانوني لممارسة حق الإضراب،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الضمان الاجتماعي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق جامعة الجيلالي بونعامة بخميس مليانة، السنة الجامعية: 2017/2018،الصفحة 22-23.
[51] أنظرالصفحة 16و17و18و19و20.
[52] أنظر المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[53]حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/2001،المشار إليه سابقا.
[54] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق، الصفحة 358.
[55] عبد اللطيف خالفي الوسيط في مدونة الشغل الجزء الثاني علاقات الشغل الجماعية 1 مفهوم وماهية نزاع الشغل الجماعي الإضراب والإغلاق المصالحة والتحكيم في نزاعات الشغل الجماعية و المفاوضة الجماعية ،المطبعة والوراقة الوطنية،زنقة أبوعبيدة - الحي المحمدي -مراكش،الطبعة الأولى،2006،الصفحة 117.
[56] عزيزة إكنو وآخرون،أنواع الإضراب وتميزه عن الأنظمة المشابهة، مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية، كلية الحقوق مراكش،يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[57] بحيث نصت المادة12 من المشروع على أنه" يمنع كل توقف مدبر عن العمل يتم بالتناوب وبكيفية متتالية بين فئات مهنية معينة أو مختلفة، تعمل في المقاولة أو المؤسسة نفسها أو في إحدى المؤسسات التابعة لها، سواء تعلق هذا التوقف بنشاط واحد من أنشطة المقاولة أو المؤسسة أو بعدة أنشطة".
[58] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 14.
[59] أنظر سابقا الصفحة، 21و23و24.
[60] قرار محكمة الإستئناف بمكناس رقم 558 بتاريخ 1982، أورده محمد مومن وآخرون:حق الإضراب في الإجتهاد القضائي المغربي،مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[61] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 362.
[62] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 14.
[63] قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 9/6/1996ملف اجتماعي عدد 4973،أورده إليه الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 88.
[64] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 361.
[65] عبد اللطيف خالفي،مرجع سابق،الصفحة 121.
[66] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 364.
[67] حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس،عدد 732مؤرخ ب17/7/2007،ملف رقم 358 أورده محمد مومن وآخرون:حق الإضراب في الإجتهاد القضائي المغربي،مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[68] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة16.
[69] بحيث تم التنصيص عن هذه الحقوق في الفصل 31 من دستور 2011.
[70] مرسـوم رقـم 2.23.819 صـادر فــي 20 مـن ربيـع الأول 1445 (6 أكتوبر 2023) في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية
[71] قرار المجلس الأعلى عدد 190 ملف اجتماعي رقم 651/5/1/99 مؤرخ في 14/3/2000، منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 2 الصفحة المشار إليه في الصفحة 112.
[72] حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بالرباط رقم 29 مؤرخ ب6/1/1984، أشار إليه الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة88.
[73] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 16.
[74] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 368.
[75] الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة 631.
[76] المرسوم الملكي رقم 330.66 الصادر بتاريخ 10 محرم 1387(21أبريل 1967) بسن نظام المحاسبة العمومية.
[77] القانون رقم 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.83.230 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة ،الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10/12/1984.
[78] المرسوم رقم 2.99.1216 الصادر بتاريخ 10 ماي 2000 بتحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 81-12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، الجريدة الرسمية عدد 4801 بتاريخ 2000/6/5، الصفحة1333.
[79] الدكتو المنتصر السويني، الحق في الإضراب مشروط بضمان اسنمرارية المرفق العام، مقال منشور في الموقع الإلكتروني هسبريس:https://www.hespress.com،تاريخ الإطلاع17/03/2024، على الساعة15:38.
[80] قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 730 بتاريخ 2007/10/17 في الملف عدد 05/7/201، أورده أجعون، أحمد. "مبدأ استمرارية المرافق العمومية وفقا لاجتهادات القضاء الإداري المغربي. "مجلة الحقوق عدد 19 (2016) الصفحة51 - 63. مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي:
http://search.mandumah.com/Record/743470
[81] قرار محكمة النقض عدد 498،الملف الإداري عدد 58/4/1/2019، الصادر بتاريخ 18 أبريل 2019،منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions.
[82] قرار محكمة النقض عدد 291،الملف الإداري عدد 3029/4/1/2020، الصادر بتاريخ 05 مارس 2020، منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions
[83] حكم المحكمة الإدارية بمكناس، في قضية محمد شيبان،المشار إليه سابقا.
[84] عبد المحسن. عبد الباسط "آثار اضراب الموظف العمومي:محاولة في تحديد طبيعة حق الإضراب ومشروعية الإقتطاع من الراتب"مجلة الحقوق، عدد7 2009، الصفحة 19-27 مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي: http://search.mandumah.com/Record/59233
[85] القانون رقم65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424 ، الموافق لـ 11 سبتنبر 2003، الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق ل 8 ديسمبر 2003،الصفحة 3996.
[86] الميلودي زلماط، ممارسة حق الإضراب على ضوء مدونة الشغل ومشروع القانون التنظيمي للإضراب، مقال منشور في الموقع الإلكتروني لمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية،
https://revuealmanara.com ، تاريخ الإطلاع18 /03/2024، على الساعة12:38.
[87] المادة 39 من مدونة الشغل.
[88] اكضيض عبد الغني، الإضراب وزمن التمدرس، مقال منشور في الموقع الإلكتروني لجردة هسبريس ،https://www.hespress.com تاريخ الإطلاع18 /03/2024، على الساعة16:54.
[89] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[90] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[91] أحمد أجعون"مبدأ استمرارية المرافق العمومية وفقا لاجتهادات القضاء الإداري المغربي. "مجلة الحقوق عدد 19 (2016) الصفحة51، مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي: http://search.mandumah.com/Record/743470
[92] بحيث سنتطرق للشروط والضوابط التي ابتدعها القضاء الإداري المغربي لممارسة حق الإضراب في المبحث الأول من الفصل الثاني لهذا البحث المتواضع.
[93] عبد القادر حيضرة، القانون الإداري المغربي، النشاط الإداري، مكتبة المعرفة، مراكش 2009 الطبعة الثالثة، الصفحة67.
[94] مليكة الصروخ، القانون الإداري(دراسة مقارنة)(التنظيم الإداري-النشاط الإداري –أسلوب الإدارة وامتيازاتها –رقابة القضاء على أعمال الإدارة)،الشركة المغربية لتوزيع الكتب ،الدار البيضاء،الطبعة السادسة نونبر 2006،الصفحة 368.
[95] مليكة الصروخ،نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة) ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1992،الصفحة 113.
[96]عبد القادر حيضرة،مرجع سابق ،الصفحة67.
[97] الفصل 89 من دستور 2011.
[98] ظهير شريف رقم 1.21.58 صادر في 3 ذي الحجة 1442 (14) يوليو (2021) بتنفيذ القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية، الجريدة الرسمية،عدد 7006-11 ذو الحجة 1442( 22يوليو 2021) الصفحة 5661.
[99] ظهير شريف رقم 1.06.15 صادر في 15 من محرم 1427 (14) فبراير (2006) بتنفيذ القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبيرالمفوض للمرافق العامة، الجريدة الرسمية، عدد 5404 -15 صفر 1427 (16 مارس2007) الصفحة 744.
[100] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[101] مليكة الصروخ، نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقانة)،مرجع سابق،الصفحة 125.
[102] عبد القادر حيضرة،مرجع سابق،الصفحة 71.
[103] الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة631.
[104] أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مطبعة وراقة سجلماسة مكناس، الطبعة 2015.2016 ،الصفحة73.
[105] ظهير شريف رقم 202-02-1 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جمادى 1423 (12 أغسطس 2002)الصفحة 2282.
[106] مليكة الصروخ، نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة)،مرجع سابق،الصفحة 142.
[107] الفصل 1241 من ظهير 9 رمضان 1331(12 أغسطس1913) بمثابة قانون الإلتزامات والعقود
[108] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 833 الصادر بتاريخ 2002/12/10 جماعة فاس ضد الملياني، أورده أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة) مرجع سابق،الصفحة87.
[109] القانون رقم 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.83.230 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة ،الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10/12/1984.
[110] المرسوم رقم 2.99.1216 الصادر بتاريخ 10 ماي 2000 بتحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 81-12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، الجريدة الرسمية عدد 4801 بتاريخ 2000/6/5، الصفحة،1333.
[111] أحمد أجعون،النشاط الإداري(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مرجع سابق،الصفحة 84.
[112] مليكة الصروخ، نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة)،مرجع سابق،الصفحة 130.
[113] أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مرجع سابق،الصفحة 85.
[114] -C.E. 30 mars 1916, compagnie générale d'éclairage de Bordeaux, 125.أورده أحمد أجعون،النشاط الإداري،مرجع سابق.الصفحة85.
[115] ظهير شريف رقم 1.06.15 صادر في 15 من محرم 1427 (14) فبراير (2006) بتنفيذ القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبيرالمفوض للمرافق العامة. الجريدة الرسمية، عدد 5404 -15 صفر 1427 (16 مارس2007) الصفحة 744.
[116] القانون رقم 12 .86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 192 . 1.14 بتاريخ 24 ديسمبر 2014، جريدة رسمية عدد 6328 بتاريخ 22 يناير2015.
[117]- دستور 1962 ، الصادر الأمر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف الصادر يوم الجمعة في 17 رجب 1382، الموافق ل 14 دجنبر 1962،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2616 مكرر، الصادرة في 21 رجب 1382 ، الموافق ل 19 دجنبر 1962، الصفحة 2993.
[118] دستور 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[119] عرفت مرحلة الاستعمار تنزيل العديد من النصوص القانوني التي بقيت حبر على ورق ويتعلق الأمر بـ:
ظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بالأجور وساعات العمل وإحداث مفتشية الشغل.
ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بتنظيم المسؤولية في مجال حوادث الشغل.
ظهير 4 دجنبر 1936 المتعلق بتنظيم الحق النقابي للموظفين الفرنسين والأجانب بالمغرب.
ظهير 1955 المتعلق بالحق النقابي للمغاربة العاملين.
[120] راجع الظهير الشريف رقم 57.19 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376 (16 يوليو 1957) بشأن النقابات المهنية، الجريدة الرسمية عدد 2340 بتاريخ 3 صفر 1377 (30 غشت 1957) الصفحة 1937.
[121] راجع المرسوم رقم 2.57.1465 الصادر بتاريخ 15 رجب 1377 (5 فبراير 1958) بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، الجريدة الرسمية عدد 2772 الصادر بتاريخ 21 رمضان 1377/ 11 أبريل 1959 الصفحة 922.
[122] قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى رقم 66 في الملف رقم 94.018 بتاريخ 25 ماي 1984،أورده عبد القادر باينة،الموظفون العموميون بالمغرب - النظام الأساسي العام، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2002،الصفحة 270.
[123] دستور 1962 الصادر الامر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.59.413 ،الصادر يوم الجمعة 17 رجب الموافق ل 14 دجنبر 1962،الصادر بالجريدة الرسمية،عدد 2616مكرر ،الصادر في 21 رجب 1382،الموافق ل19دجنبر 1962،الصفحة 2993.
[124] راجع الظهير الشريف رقم 1.63.038 الصادر في 5 شوال (1 مارس 1963) بشأن النظام الأساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية، الجريدة الرسمية عدد 2629 بتاريخ 19 شوال 1982 (15 مارس 1963).
[125] راجع الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 شوال 1394 (11 نونبر 1974) بشأن النظام الأساسي لرجال القضاء صادر بالجريدة الرسمية عدد 3237 بتاريخ 28 شوال 1394 ( 13 نونبر 1974) الصفحة 3315.
[126] مرسوم رقم 22.73.668 بتاريخ 27 شوال 1394 (12 نونبر 1974) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي إدارة السجون، جريدة رسمية عدد 3237 بتاريخ 28 شوال 1394 (13 نونبر 1974) الصفحة 3323.
[127] ظهير شريف رقم 1.79.306 بتاريخ 17 ذي الحجة 1399 (8 نونبر 1979) يتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 79.19 الذي ينظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة، جريدة رسمية عدد 3499 بتاريخ فاتح محرم (21 نونبر 1979) الصفحة 3003 وما بعدها.
[128] تنص المادة 43 من هذا القانون على ما يلي: " يمنع على المحامين أيا كان السبب أن يتفقوا اتفاقا مطلقا متواطئين بينهم على إيقاف المساعدات الواجبة عليهم إزاء القضاة في المسطرة الكتابية وخلال الجلسات.غير أنه يحق لهم دائما رفع كل شكاية أو تظلم إلى الرئيس الأول لدى محكمة الاستيناف والوكيل العام للملك بواسطة النقيب".
[129] حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/ 2001 المشار إليه سابقا.
[130] حكم المحكمة الإدارية بالرباط، عدد 192 بتاريخ 07/02/2006، أورده أحمد أجعون،مرجع سابق،الصفحة 67.
[131] أحمد أجعون، مرجع سابق،الصفحة66.
[132] حيضرة، عبد الكريم. الدور الإنشائي للقاضي الإداري التجليات والمعيقات."المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنميةعدد 148 (2019):الصفحة 39 – 48، مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي::
http://search.mandumah.com/Record/1132657
[133] الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية،الجريدة الرسمية، عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة631.
[134] بحيث نص الفصل الأول من الظهير الشريف رقم 1.57.119 بشأن النقابات المهنية المشار إله سابقا على أن" إن القصد الوحيد من النقابات المهنية هو الدرس والدفاع عن المصالح الاقتصادية والصناعية والتجارية والفلاحية الخاصة بالمنخرطين فيها".
[135] قرار محكمة النقض عدد 314، في الملف الاجتماعي عدد 2020/1/5/488، الصادر بتاريخ 17 مارس 2021 ، منشور في الموقع الإلكتروني الرسمي التالي لمحكمة النقض المغربية:
https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 1 الصفحة 110.
[136] أنظر الصفحة 27و28و29و30.
[137] حكم المحكمة الإدارية بالرباط ،عدد 141في الملف عدد 5/1/33، أورده أحمد أجعون ،مرجع سابق،الصفحة66.
[138] أنظر الصفحة 26.
[139] ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26) نونبر (1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5) يونيو (1963)، الصفحة 1253.
[140] عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق،الصفحة 105.
[141] أنظر الفصول 400 و425 و427 و540 من القانون الجنائي المغربي
[142] عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق،107.
[143] المادة 39 من القانون رقم65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424 ، الموافق لـ 11 سبتنبر 2003، الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق ل 8 ديسمبر 2003الصفحة 3996.
[144] الداودي محمد الحق في ممارسة الإضراب على ضوء مشروع القانون التنظيمي رقم ".97.15 مجلة الشؤون القانونية والقضائية عدد13 (2022) الصفحة 77 - 87 مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي: http://search.mandumah.com/Record/1328699
[145] المادة 1 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[146] المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[147] للمزيد أكثر حول الإضراب المفاجئ أنظر الصفحة 30.
[148] عدنان بوشان، تعليق على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مقال منشور على الموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية: https://www.droitetentreprise.com تاريخ الإطلاع 04/03/2024
[149] قرار محكمة النقض عدد 314 ، الملف الاجتماعي عدد 488/5/1/2020 الصادر بتاريخ 17 مارس 2021 المشار إليه سايقا.
[150] حكم المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 7/2/2006 في الملف عدد 192، المشار إليه سابقا.
[151] عدنان بوشان، مرجع سابق.
[152] المادة 3 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[153] المادة 4 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[154] المادة 5 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[155] المادة 6 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[156] أنظر المواد: 16و32و549و496 من مدونة الشغل
[157] الفصل 288 من القانون الجنائي
[158] الفصل 41 من المرسوم الملكي رقم 330.66 الصادر بتاريخ 10 محرم 1387(21أبريل 1967) بسن نظام المحاسبة العمومية.
[159] القانون رقم 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.83.230 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة ،الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10/12/1984."
[160] المادة 7 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[161] المادة 8 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[162] المادة 9 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[163] المادة 10 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[164] المادة 11 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[165] المادة 12 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[166] للمزيد أكثر حول الإضراب الدائري أنظر الصفحة 28.
[167] المادة 13من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[168] أنظر الصفحة 80و81.
[169] المادة 14 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[170] المادة 15 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[171] المادة 16 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[172] المادة 17 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[173] المادة 18 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[174] المادة 19من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[175] المادة 20 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[176] المادة 21 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[177] المادة 22 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[178] المادة 23 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[179] المادة 24 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[180] المادة 25 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[181] المادة 26 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[182] المادة 27 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[183] للمزيد أكثر حول الإضراب مع احتلال أماكن العمل أنظر الصفحة 30.
[184] المادة 28 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[185] المادة 29 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[186] المادة 30 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[187] المادة 31 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[188] المادة 32 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[189] المادة 33 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[190] المادة 34 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[191] المادة 35 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[192] المادة 36 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[193] المادة 37 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[194] المادة 38 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[195] المادة 39 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[196] المادة 40 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[197] المادة 41 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[198] المادة 42 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[199] المادة 43 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[200] المادة 44 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[201] المادة 45 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[202] المادة 46 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[203] المادة 47 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[204] المادة 48 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[205] المادة 49 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[206] عبد الحفيظ أدمينو، ما الذي يؤخر إخراج القانون التنظيمي للحق في الإضراب بالمغرب، مقال منشور في الموقع الإلكتروني التالي:
https://www.maghrebvoices.com تاريخ الإطلاع 2024/04/11
نسخة للتحميل
تسعى الدولة لتحقيق وظائفها وأهدافها إلى القيام بأنشطة متعددة في سبيل إشباع الحاجات العامة. وتتخذ هذه الأنشطة الإدارية للدولة أسلوبين أساسين هما : أسلوب الضبط الإداري وأسلوب المرفق العام،واللذان يعتبران من أساسيات أدوار الدولة.
بحيث يهدف الأسلوب الأول إلى مراقبة وتنظيم نشاط الأفراد ذاتيين أو اعتباريين من أجل حماية المصلحة العامة والنظام العام، في إطار ما يسمى بالشرطة الإدارية أو الضبط الإداري[1]. في حين يتمثل الأسلوب الثاني في المرفق العام والذي من خلاله تتدخل الدولة لإشباع الحاجات العامة وأداء الخدمات العامة، غير أنه لما كان من شأن إشباع هذه الحاجات العامة المساس بصميم حياة الأفراد، فقد استقر الرأي الفقهي والقضائي على إخضاع المرافق العمومية لمجموعة من القواعد والمبادئ التي تمليها الإعتبارات العملية والعدالة الاجتماعية، ومن بين هذه المبادئ نجد مبدأ المساواة ومبدأ قابلية المرفق العمومي للتعديل والتغيير ومبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، الذي يعتبر من بين أهم المبادئ التي تحكم سير المرافق العمومية نظرا للأهداف التي يحققها ولرتباطه بالمصلحة العامة.وفضلا عن كونه إحدى أوجه استمرارية الدولة ودوامها.
الأمر الذي دفع المشرع الدستوري المغربي إلى الإرتقاء به إلى مصاف القواعد الدستورية[2]، جاعلا منه الضمانة الأساسية التي تحكم المرافق العمومية في أداء خدماتها. وبهذا يعتبر هذا المبدأ أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العمومية، ويقتضي أن تستمر مرافق الدولة بانتظام ودون انقطاع في تقديم الخدمات الضرورية للأفراد، فالحاجة الجماعية التي ينشأ المرفق العام لإشباعها ،لا تعتبر قد اشبعت بشكل كافي إلا إذا كان هذا الإشباع بشكل مستمر ومستدام.
لكن بالرغم من الأهمية التي يحظى بها هذا المبدأ،إلّا أنه يثير مجموعة من الإشكالات الكبرى، لاسيما عندما يتعلق الأمر بممارسة الحقوق والحريات النقابية للموظف العمومي[3]، لاسيما الحق في الإضراب الذي يعتبر من بين أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للموظف العمومي.ويستمد هذا الحق مشروعيته من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكذا من الدستور والقوانين الوطنية التي تكرسه كإحدى الحقوق والحريات الأساسية، بحيث يلجأ إليه الموظفون العموميون كآخر وسيلة للضغط على الإدارة أو الجهات المعنية بحسب الحالة، من أجل تحقيق مطالبهم المهنية وذلك عبر التوقف الجماعي المدبر والمؤقت عن أداء واجباتهم المهنية.
غير أن ممارسة هذا الحق لاسيما في المرافق العمومية سيؤدي لا محالة إلى الإخلال والمس بمدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، و تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الإخلال بالنظام العام ، بالتالي فالأمر على هذا النحو يؤدي إلى تضارب المصلحة العامة المتمثلة في استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات والمصلحة الخاصة المتمثلة في حق الموظف العمومي في حق الإضراب.
وبالتالي فالحق في الإضراب يعد من بين أخطر الحقوق التي تهدد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدما ت، الأمر الذي دفع المشرع إلى تجريمه، ثم تقييده أحيانا، لاسيما في المرافق العمومية. وإذا كانت بعض التشريعات قد وفقت نوعا ما،في التوفيق بين الحق في الإضراب كحق دستوري واستمرارية المرفق العمومي كمبدأ دستوري أيضا،فإن بعض التشريعات لازال يعتريها الكثيرالغموض، وهو حال التشريع المغربي في انتظار صدور قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة الاضراب، والذي وعد به المشرع الدستوري منذ صدور أول دستور للمملكة المغربية سنة 1962[4].
تحديد المفاهيم:
قبل البدء في دراسة وتحليل محاور هذا البحث، فإنه يكون من اللازم علينا التوقف على مسألة شرح وتحليل الجوانب المفاهمية للموضوع، والتي ستساعدنا في تأطير مسار هذا البحث و معرفة الخطوط العريضة والركائز التي يقوم عليها، ومن خلال الصياغة المعتمدة كعنوان لهذا البحث، يتضح على أنه يقوم على ثلاثة مفاهيم رئيسية وهي على النحو التالي:
المرفق العام: يقصد به ذلك النشاط الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة ، يدار من قبل ألاشخاص المعنوية العمومية أو الخاصة أو هما معا وبتمتعه ببعض امتيازات السلطة العامة فهو يخضع كليا أو جزئيا للقانون الإداري كما يخضع لمراقبة سلطة الوصاية.[5]
وعموما تعتبر المرافق العمومية إحدى الأساليب التي تتدخل الدولة من خلالها لإشباع الحاجات العامة إما بطريقة مباشرة بواسطة ألاشخاص المعنوية العامة،[6] أو بطريقة غير مباشرة عن طريق منح تسييرها لفائدة الخواص.
الإضراب : يعد حق الإضراب من أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للموظف ويقصد به الامتناع عن العمل لمدة لمدة معينة بهدف الاحتجاج على وضعية أو المطالبة بحقوق.وعليه، فالإضراب يشكل تهديدا لمبدأ دوام سير المرافق العمومية بانتظام واطراد ،لهذا بادرت معظم الدول في بداية الأمر إلى منعه وتحريمه.[7]
مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات: يعد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، من بين أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العمومية. ويقتضي هذا المبدأ أن يستمر المرفق المرفق العمومي في أداء خدماته بانتظام واطراد ودون انقطاع مهما كانت الصعوبات.
التطور التاريخي:
إن الإضراب يعتبر ظاهرة عالمية في عالم العمل،فقد ظهر نتيجة لنضالات عمالية قادها العمال والنقابيون منذ بروز الحركة العمالية في تنظيم العمل، وكان الإضراب في بداية ظهوره عملا مجرما ، ومن تم أصبح الإضراب كخطأ يستوجب العقوبة أو الفصل عن العمل، وبعد ذلك تم الاعتراف بالحق في الإضراب وفق ضوابط وشروط محددة،إلى أن وصل الإضراب الى مرحلة الاعتراف به كحق دستوري ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين. فأصبح الإضراب من الحقوق السامية للعامل والموظف في أغلب التشريعات.[8]
وقد عرفت ممارسة حق الإضراب مجموعة من التحولات والمراحل الداخلية والخارجية الكبرى. وبناء على هذا النحو سنتطرق للتطور التاريخي للحق في الإضراب على مستوى التشريع المغربي ثم على مستوى التشريع الفرنسي الذي كان له الفضل الكبير في تطور ظاهرة الحق في الإضراب سواء في فرنسا أو في المغرب.
وعلى المستوى الوطني، عرفت ممارسة حق الإضراب مدا وجرا على مر تاريخ الحياة السياسية المغربية، حيث يرجع أصل ممارسة هذا الحق إلى فترة احتلال المغرب (أ) واتخذ منحى آخر تمثل في إصدار بعض القوانين والتشريعات في فجر الاستقلال (ب) كما اكتسب زخما أكبر مع الدخول في مرحلة دسترة هذا الحق في أول دستور للمملكة (ج) إلا أن هذا التنصيص الدستوري الذي لم يعرف طريقه إلى التنظيم خلق ارتباكا وفوضى كبيرة جراء الفراغ القانوني، وذلك بمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة.
أ-) مرحلة الحماية:
عرف المغرب في هذه المرحلة حدث عنيفا هز كيانه السياسي، وكان له انعكاس كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد، وتمثل هذا الحدث في توقيع معاهدة الحماية في 30 مارس سنة 1912، لتبدأ فرنسا في سياستها الإستعمارية في البلاد. وابتداء من سنة 1912 الى غاية سنة 1956 فقد عرفت هذه الفترة حرمان الموظفين المغاربة من الحق في الاضراب، على اعتبار أن النصوص القانونية التي كانت في هذه الفترة كانت تهم الموظفين المستوطنين الفرنسيين وفقط[9].
ب – مرحلة الإستقلال و ما قبل وضع الدستور:
بعد حصول المغرب على استقلاله ، اقتضت الضرورة انفتاح السلطات على القيام بمجموعة من الإجراءات التي تعكس أهمية هذه اللحظة التارخية. وهو ما تجلى في إعادة النظر في ظهير سنة 1936 المتعلق بالنقابات العمالية، وتبلور ذالك عبر اصدار ظهير جديد يعيد الإعتبار للعمل والحريات النقابية بالمغرب، وتمظهر ذلك في ظهير 16 يوليوز 1957[10]. إضافة إلى اصدار مرسوم 5 فبراير 1958[11]. الذي بموجبه تم الاعتراف للموظفين المغاربة بالحق النقابي دون الحق في الإضراب، وذلك بصريح المادة الخامسة من نفس المرسوم[12] السالف الذكر.
غير أن ما ينبغي أن نشير إليه في هذا الاطار، هو أنه إذا كان المرسوم الأخير اعترف للموظفين بالحق النقابي بمفهومه الشامل بموجب الفصل الأول منه، فإنه سرعان ما تراجع على ذلك بموجب الفصل الخامس والأخير من نفس المرسوم، وبشكل مثير للغرابة، وهو ما أثار العديد من الإشكالات خاصة بعد صدور الظهير المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية بتاريخ 24 فبراير 1958[13]، والذي لم يتطرق لمقتضيات متعلقة بتوقف الموظفين عن العمل تلغي مقتضيات مرسوم 5 فبراير 1958، وإنما اكتفى بالإشارة إلى الحق النقابي في الفصل 14[14] منه دون الحق في الإضراب.
ج- مرحلة دسترة حق الإضراب :
دخلت ممارسة حق الإضراب منعطف واضحا بعد إصدار أول دستور للمملكة[15]، ذلك أن دستور 1962 نص في الفصل 14 منه على أن " حق الإضراب مضمون" مع الإشارة إلى أن تنظيمه سيتم عن طريق قانون تنظيمي، وقد حافظ هذا الفصل على نفس الصياغة في الدساتير اللاحقة إلى غاية آخر دستور عرفه المغرب وهو دستور 2011[16]، بحيث تم التأكيد مرة أخرى على الإضراب كحق دستوري مطلق ولم يقيده المشرع الدستوري بأي شرط أو قيد، مع الإحالة أنه سيصدر قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة هذا الحق ، والذي لم يصدر الى حدود اليوم ونحن في سنة 2024.
أما على مستوى التشريع المقارن لاسيما التشريع الفرنسي، باعتباره المرجع التاريخي للقانون المغربي، فقد عرفت ممارسة حق الإضراب مجموعة من التحولات والمراحل الكبرى فقبل سنة 1946 اعتبر الإضراب عملا غير مشروعا في جميع المرافق العمومية الفرنسية لأسباب عدة، أهمها المساس والإخلال بمدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات ويعتبر الإضراب خطأ جسيما لا يتمتع به الموظف بضمانات المسطرة التأديبية.[17]
ولقد استمر هذا الوضع إلى غاية سنة 1864، حيث صدر قانون بتاريخ 25 مايو والذي أزال الطابع الجنحي على تكتل(تجمع) المهنيين لتمكينهم من الدفاع عن مصالحهم المهنية من جهة، وجرم عرقلة حرية العمل، لكن على مستوى القانون المدني كانت ممارسة الإضراب تعتبر خطأ يبرر فسخ عقد الشغل، وذلك إلى حين صدور قانون 11 فبراير 1950 الذي أقر أن الإضراب يوقف عقد الشغل ولا ينهيه . وفي إطار الدستور الصادر في 1946/10/27 تم التنصيص على أن حق الإضراب يمارس في إطار القوانين التي تنظمه واعتبرت ديباجة الدستور أن الإضراب وسيلة أساسية للدفاع عن المصالح المهنية.[18]
ولقد تفادى المشرع الفرنسي وضع إطار قانوني يحدد كيفيات وشروط ممارسة حق الاضراب، الأمر الذي دفع القضاء الإداري الفرنسي إلى تفعيل دوره الإنشائي. وقام بابتكار وابتداع مبادئ وقواعد جديدة تحدد كيفية وشروط ممارسة حق الاضراب. والتأكيد على مشروعيته، وذلك بموجب القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي Dehaen[19] . لكن بعد إحداث المجلس الدستوري الفرنسي سنة 1958، برز توجه جديد للإجتهاد القضائي الدستوري بحيث اعتبر المجلس أن الطابع الدستوري للإضراب يتوجب تحديد شروط وضوابط ممارسة هذا الحق، عن طريق قوانين يقرها المشرع الفرنسي لكن المشرع الفرنسي اكتفى بهذا التقنين فقط في القطاع العام. في حين أن التقنين في القطاع الخاص لم يرى النور بعد، لكن الاجتهاد القضائي الفرنسي لعب دورا مهما في تأطير ممارسة الحق في الإضراب في هذا المجال.[20]
أهمية الموضوع:
يستمد هذا الموضوع أهمية كونه يتناول بالدراسة والتحليل المسائل الأكثر جدلا اليوم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المغربية، فعلى المستوى النظري تكمن أهمية هذا البحث،كون أن المنظومة القانونية المغربية اليوم لازالت لم تشهد قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب فضلا عن قلة البحوث الأكاديمية والاحكام القضائية المرتبطة بهذا الموضوع، ولاسيما أن الحق في الاضراب يعد ممارسة دستورية، بالتالي فهذا البحث يعتبر إغناء للنقاش العمومي الدائر اليوم حول الحق في الإضراب .أما على المستوى العملي فتتجلى أهمية التطرق لموضوع الحق في الإضراب إلى الإشكالات الكبرى التي تثيرها ممارسة هذا الحق من تضارب للمصالح فضلا عن تعطيل سير المرافق العمومية والإخلال بالنظام العام.
دواعي اختيار الموضوع:
إستنادا لمبدأ السببية الذي ينص على أن لكل بحث سبب أو أسباب، فأسباب اختيارينا لموضوع " إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي بالمغرب " تتراوح بين ما هو "ذاتي"، وما هو "عملي"
ففيما يخص الدواعي الذاتية التي جعلتنا نختارالبحث في هذا الموضوع، هو الراهنية السياسية والأكاديمية له خاصة على المستوى الوطني، ولاسيما أننا اليوم عشنا إضراب شل المنظومة التعليمية من قبل الأساتذة الممضربين لأكثر من شهرين متتالية ،فضلا عن مواكبتنا المستمرة للمستجدات ذات الصلة بهذا الموضوع ،بالإضافة الى اهتماماتنا الشخصية بموضوعات القانون الإداري، كالموظف العمومي والوظيفة العمومية والمرفق العام.
أما فيما يتعلق بالدواعي الموضوعية، فاختيارنا هذا الموضوع راجع بالأساس إلى كون الحق في الإضراب إحدى تجليات الحرية النقابية المكفولة ممارستها دستوريا. والذي يعتبر إحدى أهم الوسائل التي يستخدمها الموظفون والعمال للمطالبة بحقوقهم المهنية أو الاحتجاج على وضعياتهم قصد تحسينها، فضلا على كونه إحدى مواضيع الساعة المطروحة بقوة اليوم على مستوى النقاش العمومي.
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على مفهوم وأنواع وآثارالحق في الإضراب، وذلك بالتطرق الى تطوره التاريخي وموقف القضاء الإداري منه، والتعرف على كيفية ممارسته ولاسيما أن اليوم، أن أكثر ممارسي حق الاضراب يجهلون ضوابط وشروط وحدود ممارسته. بالإضافة إلى التعرف إلى أي حد تؤثر ممارسة حق الاضراب على استمرارية المرفق العمومي. والتعرف أيضا إلى أي حد استطاع القضاء الإداري المغربي التوفيق بين الحق الدستوري(الإضراب) واستمرارية المرفق العمومي(المبدأ الدستوري)[21].
صعوبات البحث:
لقد واجهتنا العديد من الصعوبات التي كادت أن تدفعنا إلى العدول عن انجاز هدا البحث لولا اصرارنا ورغبتنا القوية على المضي فيه، ومن بين هذه الصعوبات قلة المراجع باللغة العربية المخصصة لهذا الموضوع ،أما بالنسبة للمراجع باللغة الفرنسية فإنها متوفرة، لكن بالإضافة الى الصعوبات الني تعترضنا في اللغة الفرنسية، فإن كل هذه المراجع تتحدث عن الإضراب في التشريع الفرنسي والدول الأوربية، إضافة الى قلة البحوث الأكادمية المخصصة لهذا الموضوع بسبب الفراغ التنظيمي التي تعرفه ممارسة حق الإضراب على مستوى التشريع المغربي، الأمر الذي خلق ارتباكا كبيرا بمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة.
الإشكالية الرئيسية: إذا كان الإضراب يعتبر حقا دستوريا لا نقاش فيه، ويستمد مشروعيته أيضا من المواثيق الدولية، يتمتع به الموظفون والعمال على حد سواء ،وهو بذلك إحدى أهم الوسائل التي يلجأ إليها المضربون سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص لتحقيق مطالبهم المهنية وتحسين أوضاعهم الاجتماعية، وذلك من خلال التوقف المدبر الجماعي والمؤقت عن أداء واجباتهم المهنية، فممارسة هذا الحق على هذا النحو، تؤدي الى الاخلال بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات وبالتالي تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الاخلال بالنظام العام الأمر الذي طرح إشكالية وجدلية التوفيق بين الحق الدستوري (الحق في الإضراب) واستمرارية المرفق العمومي (المبدأ الدستوري).لذا فالأمر على هذا النحو يفرض التوفيق بين الأمرين على نحو قانوني سليم وفعال، لكن الأمر صعب إلا أنه ضروري الأمر الذي يدفعنا الى التساؤل : إلى أي حد استطاع القضاء الإداري المغربي في ظل غياب قانون تنظيمي يؤطر ممارسة حق الإضراب الموازنة والتوفيق بين الحق الدستوري واستمرارية المرفق العمومي؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية الكبرى مجموعة من الإشكاليات الفرعية وهي كالتالي:
ما المفهموم اللغوي والفقهي والقانوني لحق في الإضراب؟
ما أنوع الإضراب وما هي آثاره؟
ما المكانة التي يحظى بها الإضراب على المستوى الوطني والدولي ؟
كيف تعامل القضاء الإداري المغربي مع الحق في الإضراب ؟
إلى أي حد تعد ممارسة الحق في الإضراب مسا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي؟
إلى أي حد استطاع القضاء الإداري المغربي إرساء ضوابط وشروط تحدد كيفية ممارسة الحق في الإضراب في ظل غياب القانون التنظيمي؟
وإلى أي حد وصل مسلسل القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب والذي وعد به المشرع الدستوري في أول دستور للمملكة ؟
ما هي الأسباب التي حالت دون صدور هذا القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع الدستوري منذ أول دستور للمملكة؟
هذه الإشكالات السابقة فإنه يمكن معالجتها من خلال فرضيتين أساسيتين وهما على النحو التالي:
الفرضية الأولى:
هو أن إضراب الموظفين والمستخدمين والعمال في المرافق العمومية للدولة يتعارض مع مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، ويترتب عن ممارسته تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الاخلال بالنظام العام،وعليه فالامر هنا يفرض هنا تحريم وتجريم الإضراب في المرافق العمومية للدولة أو تقييده بشروط تكبيلية شديدة تحول دون المس باستمرارية المرفق العمومي، وهو الاتجاه الذي ذهبت إليه بعض الدول لاسيما تلك التي لم تكرسه دستوريا في تشريعاتها الوطنية.
الفرضية الثانية:
وتتمثل في الاعتراف والإقرار بممارسة حق الإضراب كما هم منصوص عليه في الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتوفيق والموازنة بينه وبين استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات.
المنهج المعتمد:
لمقاربة موضوع "إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي" بشكل يتماشى مع حجم الإشكالات التي يثيرها هذا الموضوع، ووفق منهجية قانونية سليمة. فإننا سنوظف بعض مناهج البحث العلمي، من بينها المنهج التاريخي وذلك بالتطرق للتطور التاريخي للتنظيم القانوني لحق الإضراب على المستوى الوطني والتشريع المقارن لاسيما التشريع الفرنسي، باعتباره المرجع التاريخي للقانون المغربي، كما سنوظف أيضا المنهج التحليلي الوصفي من خلال تحليل وتشخيص مفهوم الإضراب وبيان وأنواعه وعناصره وآثاره على مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، كما سنوظفه أيضا من خلال قراءة تحليلية لمقتضيات مشروع قانون تنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 وبيان أسباب عدم خروجه إلى حيز الوجود.
خطة البحث:
تأسيسا على ماسبق وبهدف الوصول إلى إجابة وافية للإشكالات المطروحة سابقا، واتباعا منا للمنهجية القانونية، وأخذا بعين الاعتبار الصعوبات المشار إليها أعلاه، فإننا سنعالج موضوع إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي من خلال فصلين أساسين وهما على النحو التالي:
الفصل الأول : التأطير النظري لإشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي.
الفصل الثاني: تنظيم ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي.
الفصل الأول : التأطير النظري لإشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي
يتخد تدخل الدولة للقيام بأداء الخدمات العامة في أغلبيته صورة المرفق العام، الذي أصبح بمثابة الوظيفة الأساسية للدولة، التي تتسع كلما نقص النشاط الفردي الخاص في الدولة و تضيق كلما زادت الأنشطة الخاصة للإفراد في الدولة، فالمرفق العام يعد من بين المفاهيم الأساسية في القانون الإداري .والذي من خلاله تتدخل الدولة لتلبية الخدمات العامة.
ولما كان من شأن تدخل الدولة لإشباع هذه الحاجات العامة المساس بصميم حياة الافراد، فقد استقر الرأي الفقهي على إخضاع المرافق العمومية لمجموعة من المبادئ والقواعد التي تمليها الإعتبارات العملية والعدالة الاجتماعية، من بينها مبدأ استمراررية المرفق العمومي في أداء الخدمات ، والذي يقضي أن يستمر المرفق العمومي في أداء خدماته بانتظام وا طراد مهما كانت الصعوبات.
غير أن هذا المبدأ يثير مجموعة من الصعوبات والإشكالات التي تحد من تطبيقه بصورة مطلقة، خاصة عندما يتعلق بممارسة الحقوق والحريات النقابية للموظف لاسيما الحق في الإضراب، الذي يعتبر من بين أكثر المسائل جدلا اليوم في المغرب، وذلك لكون الإضراب وسيلة احتجاج يلجأ إليها الموظفون والمستخدمون من أجل تحقيق مطالبهم المهنية المتنوعة، خاصة اليوم في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية التي تعرفها سائر المجتمعات، الأمر الذي طرح إشكالية التوفيق بين الإضراب كحق دستوري وبين استمرارية المرفق العمومي كمبدأ دستوري تقتضيه المصلحة العامة.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سوف نعالج هذه الإشكالية من خلال تخصيص (المبحث الأول ) للحديث عن مفهوم الحق في الإضراب وعناصره وأنواعه و آثاره، وفيما بعد سنخصص (المبحث الثاني ) للحديث عن مبدأ استمرارية المرفق العمومي، وذلك من خلال التطرق لمضمونه والضمانات التي أقرها المشرع والإجتهاد القضائي، ومدى تأثر هذا المبدأ بممارسة الحق في الإضراب.
المبحث الأول:الإطار النظري للحق في الإضراب
يعتبر حق الإضراب من بين أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكفولة ممارستها دستوريا بموجب التشريعات الوطنية، ودوليا بموجب المواثيق الدولية، والذي يتمتع به الموظفون والاجراء والمستخدمون على حد سواء، غير أن هذا الحق يعد من بين أكثر المفاهيم إثارة للجدل، مما جعل منه مجالا خصبا لاختلاف فقهاء القانون العام سواء تعلق الأمر بتحديد مفهوم الحق في الاضراب أوعناصره (المطلب الأول) أو تعلق الأمر بتحديد أنواعه وآثاره ومرجعيته القانونية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم الاضراب وعناصره
يعتبر الاضراب حقا دستوريا،[22] غير أن هذا الحق يعتبر من بين أكثر المفاهيم تعقيدا وإثارة للجدل، سواء أمورس هذا الحق في القطاع العام أوالقطاع الخاص، مماجعل منه مجالا خصبا لتضارب واختلاف آراء الفقهاء ورجال القضاء الإداريين، بشأن إيجاد تعريف جامع ومانع له، (الفقرة الأولى) كما أن ممارسة حق الاضراب تستلزم توفر مجموعة من العناصر والأركان منها ماهو مادي، ومنها ما هو معنوي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم الحق في الإضراب
تعتبر مسالة تعريف الحق في الإضراب تعريفا جامعا ومانعا من المسائل التي اشتد الخلاف حولها في الفقه والقضاء الإداريين معا، ومرد ذلك أن المشرع في كل من القانونين المغربي والفرنسي لم يعرف حق الإضراب بطريقة محددة ومباشرة، نظرا لكونه من بين الحقوق والمسائل الحساسة والأكثر إثارة للجدل ، ومن تم فقد ترك المجال لاجتهاد الفقه والقضاء الإداريين.
وعليه فإننا سنتحدث( أولا) عن تعريف الحق في الإضراب لغة وتشريعا وفيما بعد سنتحدث (ثانيا )تعريف الإضراب فقها وقضاء.
أولا:التعريف اللغوي والتشريعي لحق الإضراب
يشير الدكتور صلاح علي حسن في كتابه>>تنظيم حق الإضراب<< إلى أن >>الأصل التاريخي لكلمة الإضراب<<La grève>> يرجع إلى مكان يوجد بالعاصمة الفرنسية باريس يطلق عليه<<Place de grève>> وهذا المكان يقع بجوار البلدية << Hôtel de ville>> حيث كان العمال العاطلون يتجمعون في هذا المكان للبحث عن العمل ،ومن اسم هذا المكان أخذ الإضراب نفس التسمية.
ووجدت عبارة<<Fait grève>>وكان يقصد بها السيطرة على مكان ما، وذلك للمطالبة بالحصول على فرصة عمل، وبعد ذلك ارتبط الإضراب بنزاعات العمل الجماعية.[23] غير أن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الإطار هو أنه ليس هناك تعريف موحد لحق الإضراب.و>Fait greve المكان أخذ الاضراب نفس التسمية،ووجدت عبارة الد هذا الفراغ التشريعيددة ومباشرة .نظرا لكونه من بين الحقوق والمسائل ال
أ): التعريف اللغوي لحق الإضراب
يُعرف الإضراب لغة بأنه الكف والإعراض. فيقال : " أضرب عن الشيء " أي كف وأعرض عنه ويقال: أضرب العمال، أي كفوا عن العمل حتى يُجاب إلى مطالبهم. والإضراب مصدر من الفعل الرباعي " أضرب " ، وبالتالي فالإضراب في اللغة يعني الإعراض عن القيام بشيء معين، و (أضرب) في الْمَكَانِ أَقَامَ وَلم يبرح وسكن لا يَتَحَرَّك .وأطرق. والعمال وَنَحْوهم: كفوا عَن الْعَمَل حَتَّى تُجاب مطالبهم.[24]
ويقصد بالإضراب لغة :الكف عن الشيء أو الإعراض: ويقال أضربت عن الشيء أي كففت وأعرضت،وضرب عنه الذكر وأضرب عنه أي أعرض.[25]
"[وقال الله تعالى: "فنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين"] [الاية الخامسة سورة الزخف]" ، أي: أفنعرض عنكم، ونترك إنزال الذكر إليكم، ونضرب عنكم صفحا، لأجل إعراضكم، وعدم انقيادكم له؟ بل ننزل عليكم الكتاب، ونوضح لكم فيه كل شيء، فإن آمنتم به واهتديتم، فهو من توفيقكم، وإلا قامت عليكم الحجة، وكنتم على بينة من أمركم.[26]
ب): التعريف التشريعي
لقد درج المشرع في جل الدول التي تعترف بالحق في الإضراب على عدم إعطاء تعريف محدد للحق في الإضراب وعدم إبراز عناصره وأركانه المختلفة. وذلك نظرا لصعوبة استيعاب كل جوانب هذا الحق. وهكذا فإن التعاريف التشريعية تعتبر ناذرة. لكن بعض التشريعات وضعت تعاريف لمفهوم الحق في الإضراب انطلاقا من تعاريف عمل الإجتهاد القضائي.
وعلى سبيل المثال فإن مدونة الشغل الموريتانية عرفت الاضراب بأنه" الإضراب العام أو الجزئي هو توقف جماعي عن العمل متفق عليه من طرف عمال مؤسسة او عدة مؤسسات للحصول على الإستجابة لمطالبهم المهنية طبقا للقوانين المعمول بها".[27]
وفي المقابل فإن المشرع المغربي سار على نهج غالبية التشريعات، بحيث لم يضع تعريفا محددا لحق الاضراب، وإنما اكتفى منذ أول دستور للمملكة بالإعتراف به كحق دستوري مطلق، ولم تردعليه أي قيود مع الإشارة أنه سينظم ممارسته قانون تنظيمي والذي لم يخرج على حدود اليوم.[28]
مع الإشارة أيضا له في نصوص قانونية متفرقة دون تعريفه، ومنها مدونة الشغل التي اعتبرته حالة من حالات توقف الشغل،[29] وتم الإشارة إليه أيضا عندما اعترف المشرع بالحق النقابي للموظف العمومي دون الإعتراف بحق الإضراب صراحة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.[30]
وأخيرا بقي أن نشير إلى أن مشروع قانون المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 والذي لم يخرج إلى حدود اليوم ، عرف الإضراب بأنه:" هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة ، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أوالاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين.[31]
ثانيا:التعريف القضائي والفقهي
إذا كان المشرع في جل الدول والتشريعات تفادى تعريف مفهوم الحق في الإضراب نظرا لحساسية هذا الحق، إضافة إلى الإشكالات التي يثيرها من تضارب للمصالح، فإن نفس الامر انعكس على مجال الفقه والقضاء بحيث اعتبر تعريف حق الإضراب مجالا خصبا لتضارب واختلاف آراء الفقهاء ورجال القضاء الإداريين.
أ):التعريف القضائي لحق الإضراب
يعتبر الاجتهاد القضائي مصدرا من مصادر القانون، إلا أن الإ جتهاد القضائي لاينشئ نصوص قانونية أو يعدلها، وإنما يفسر القواعد القانونية ويؤولها من أجل سد الفراغ الذي يشوب التشريع. وبما أن جل التشريعات لم تعرف مفهوم الحق في الأضراب، فإن ذلك جعل منه مجالا خصبا للإجتهاد القضائي ولتفعيل الدور الإنشائي لهذا الأخير.
ساهم مجلس الدولة الفرنسي إلى جانب محكمة النقض الفرنسية في تعريف مفهوم الحق في الإضراب، وذلك من خلال إعطاء مجموعة من التعاريف وهي على النحو التالي:
وهكذا قد عرفت محكمة النقض الفرنسية الإضراب في الحكم الصادر في 28 يونيو1951 بكونه" وسيلة العمال للدفاع عن المطالب المهنية"[32] وأضافت في حكم آخر بأنه"توقف العمال المدبر عن العمل بقصد الموافقة على تحسين شروط عمل"[33].وبصفة عامة قد استقر موقف محكمة النقض الفرنسية على أن الإضراب هو "توقف مدبر عن العمل بغرض تأييد مطالب مهنية محددة سلفا رفض صاحب العمل تحقيقها ".[34]
وعلى مستوى الإجتهاد القضائي المغربي فقد ذهب الى ما استقر عليه الإجتهاد القضائي الفرنسي،مؤكدا على أن الإضراب حق مشروع منصوص عليه في أسمى قانون في البلاد وهو الدستور شريطة. وينبغي عند ممارسته مراعاة مجموعة من الضوابط والقيود وهي على النحو التالي:
فمن جهة أولى فقد اشترط الا جتهاد القضائي المغربي في الإضراب التوقف الجماعي عن العمل، حيث جاء في حكم المحكمة الإدارية في فاس[35] أن : "حق الإضراب هو توقف بعض أو كل موظفي المرافق العامة عن العمل كوسيلة للضغط على جهة الإدارة قصد إظهار الاستياء من أمر محدد من أجل تحسين ظروف العمل أو القيام بنشاط معين...".
ومن جهة أخرى يجب أن يكون الإضراب لمدة محددة وهو ما جاء في قرار محكمة النقض[36] أن "لما كان الثابث من إقرار الأجير بمذكرة دفاعه أنه قد خاض إضرابا عن العمل لمدة غير محددة وأنه قد إقترن باعتصام بمقر الشركة المشغلة، فإن الإضراب وإن كان حق دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفا".وهو أيضا ما تم التأكيد عليه من خلال حكم المحكمة الإدارية بالرباط[37].
ومن جهة أخرى اشترط الاجتهاد القضائي المغربي أن يهدف الإضراب إلى تحقيق مطالب مهنية، وبهذا يعتبر الإضراب السياسي والتضامني غير مشروع[38].
ب):التعريف الفقهي
لقد تعددت التعاريف الفقهية لمفهوم الحق في الإضراب سواء في الفقه الفرنسي أو الفقه المغربي.
فعلى مستوى الفقه الفرنسي، عرف الاستاذان الفرنسيان Jean savatier وjean rivero الإضراب بأنه "كل توقف جماعي عن العمل من الأجراء يهدف حمل المؤاجر على قبول وجهة نظرهم في المسألة التي كانت موضوع خلاف".[39]
كما عرفه الأستاذ jean latournerie بأنه " كل توقف جماعي عن العمل من طرف أجراء مؤسسة أو عدة مؤسسات أوبعض من هؤلاء حينما يكون هذا التوقف ناتجا عن خلاف جماعي بينهم وبين مؤاجرهم بهدف الضغط عليه وحمله على الإستجابة لمطالبهم".[40]
أما على مستوى الفقه المغربي فقد عرفه الأستاذ محمد الأعرج بأنه "اتفاق مجموعة من الموظفين و المستخدمين على الامتناع عن العمل لفترة مؤقتة قصد إبراز استيائهم من أمر ما أو تحقيق بعض المطالب المتعلقة بظروف العمل و الحياة المعيشية بصفة عامة ".[41] أما الأستاذ أحمد بوعشيق فيرى بأن الإضراب هو كل توقف عن العمل بصفة مدبرة بقصد الضغط على المشغل للإستجابة للمطالب النقابية للعمال دون أن تنصرف نية المضربين إلى التخلي عن وظائفهم نهائيا،[42] كما عرفته الأستاذة مليكة الصروخ بأنه "اتفاق بعض العمال على الإمتناع عن تأدية أعمالهم بصفة مؤقتة، تعبيرا عن عدم الرضى عن أمر معين،هدفهم الوصول إلى تحقيق بعض المطالب.[43]
وعموما فمن خلال التعاريف السالفة الذكر بكل أنواعها، يمكن أن نعرف الإضراب بأنه ذلك التوقف الجماعي عن العمل لمدة محددة ومؤقتة بهدف الضغط على الإدارة أو المشغل من أجل تحقيق مطالب وحقوق مهنية ممكنة ومشروعة سواء في القطاع العام أو الخاص.
الفقرة الثانية: عناصر الحق في الإضراب
لممارسة حق الإضراب على نحو سليم لابد من توفر مجموعة من الأركان والعناصر لكي يعتبر الإضراب مشروعا وهي العناصر المادية( أولا )والعناصر المعنوية (ثانيا).
أولا: العناصر المادية لممارسة حق الإضراب
تتكون العناصر المادية لحق الإضراب من عنصرين وهما التوقف عن العمل (أ) والتوقف الجماعي عن (ب).
أ) التوقف عن العمل
يعتبر التوقف عن العمل العنصر الجوهري لحق الإضراب، حيث يؤدي تخلفه إلىى عدم إضفاء صفة الإضراب عن العمل الصادر عن الموظفين والعمال، ويقتضي هذا الركن أن يكون الموظفون أو المستخدمون أو الاجراء ملزمون قانونا بأداء العمل الذي امتنعوا عن تنفيذه سواء كان مصدر هذا الإلتزام عقد شغل أوعقد نظامي أو نص قانوني أو نظاما داخليا. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون التوقف عن العمل كامل، بمعنى على العمال الإمتناع عن أداء العمل المطلوب منهم كاملا، فإذا قام العمال بالإبطاء في العمل فذلك غير كافي لتحقق عنصر التوقف عن العمل، لأن التوقف الكامل عن العمل من شأنه أن يظهر بوضوح الرغبة الشديدة في ممارسة حق الإضراب للدفاع عن مصالحهم المهنية، كما يجب أن يكون التوقف عن العمل ملزم، بمعنى أنه يجب أن يكون هذا الامتناع عن أداء عمل ملزم بغض النظر عن مصدر هذا الإلزام سواءا كان نتيجة عقد عمل فردي، اتفاقية عمل جماعية.[44]
غير أن ما ينبغي ان نشير إليه في هذا الإطار هوأن الإمتناع عن العمل في الساعات الإضافية لا يدخل في حكم مفهوم حق الإضراب.
ب) التوقف الجماعي عن العمل
يعتبر التوقف الجماعي عن العمل العنصر الثاني من العناصر المادية للإضراب. ويقصد بالتوقف الجماعي: امتناع عدد من العمال عن أداء العمل امتناعا مدبرا. ويعني ذلك أن توقف عامل بمفرده عن أداء العمل لا يعد إضرابا ولو كان ذلك بقصد تحقيق مطالب مهنية.[45]
لكن الإشكال المطروح هنا هو مامدى شرعية الإضراب الذي يقوم به أجير أو موظف واحد خاصة أمام الصيغة المطلقة التي تم التنصيص فيها على الإضراب سواء في الدستور أو المواثيق الدولية. لكن غالبية الفقه والقضاء الإداريين أقرو على ضرورة أن يتأخذ الإضراب شكلا جماعيا وأن يتم تأطيره من طرف نقابة ذات تمثيلية ومشكلة تشكيلا قانونية.
غير أنه إذا كانت الجماعية صفة أساسية في التوقف عن العمل كعنصر الإنضمام الى الإضراب فإنه يلزم وضع معيار لتحديد عدد العمال الذي يحقق التوقف الجماعي. ويوجد معيارين في هذا الشأن أحدهما عضوي والأخر عددي:[46]
1: المعيار العضوي ( التنظيم النقابي)
يقتضي هذا المعيار أن يتم تأطير ممارسة حق الإضراب من طرف نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا ، وفي المغرب يأخذ التشريع المغربي بهذا المعيار وهم ما تم التأكيد عليه في حكم المحكمة الإدارية بمكناس.[47] وهو أيضا ما أكد عليه في مشروع قانون تنظيمي المتعلق بالإضراب رقم 97.15.[48]
2: المعيار العددي
خلافا للمعيار العضوي يوجد المعيار العددي الذي يفيد أن الإمتناع الجماعي عن أداء العمل الملزم يعد إضرابا سواء تم تنظيم الإضراب وإعلانه عن طريق منظمة نقابية أو عن طريق الجمع العام للعمال وقد تبني قانون العقوبات المصري هذا المعيار حيث استلزمت المادة 124 منه أنه يمتنع عن أداء العمل ثلاثة أو أكثر من الموظفين أو المستخدمين.[49]
لكن نادرا ما يتم اللجوء لهذا المعيار،إذ أن غالبية التشريعات تأخذ بالمعيار العضوي (التنظيم النقابي) لإضفاء المشروعية على ممارسة حق الإضراب.
ثانيا:العناصر المعنوية لحق الإضراب
لا يكفي أن تتوفر في التوقف الجماعي العناصر المادية للإضراب ، بل لابد أن تتوفر مجموعة من العناصر المعنوية وهي نية أو قصد الإضراب (أ) وتدبير الإضراب (ب) ثم المطالب المهنية المشروعة (ج).
نية الإضراب
يقصد بنية الإضراب توجه إرادة المضربين إلى التحلل مؤقتا من تنفيذ واجباتهم المهنية الملزمون بها، طبقا للأنظمة والمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. دون أن تنصرف إرادتهم إلى التخلي عن العمل نهائيا، كما لا يعد الإمتناع الذي يرجع لسبب خارجي، كالقوة القاهرة أو خطأ صاحب العمل إضرابا، لأن التوقف هنا يكون رغما عن إرادة العمال وليس برغبتهم، كذلك توقف العمال أو امتناعهم عن أداء العمل بموافقة صاحب العمل، لانتفاء نية الإضراب ففي هذه الحالة لا يعتبر من قبيل الإضراب، والجدير بالذكر أن نية العمال أوالموظفين يجب أن تتجه إلى أن يكون التوقف الجماعي عن العمل يرمي للضغط على صاحب العمل أو الإدارة من أجل تحقيق مطالبهم المهنية المشروعة والممكنة.[50]
تدبير الإضراب
يعتبر تدبير الإضراب من العناصر المعنوية لحق الإضراب. وهو ما تم التأكيد عليه سواء في التعاريف الفقهية أو القضائية،[51] بأن الإضراب هو ذلك التوقف المدبرعن العمل من أجل تحقيق مطالب مهنية، بالتالي لا يجب أن يكون التوقف عن الشغل بطريقة جماعية مجرد تزامن لحالات امتناع فردية لأسباب متباينة. وقد تم التأكيد أيضا على هذا العنصر في مشروع قانون تنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15، بأن الإضراب هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة..."[52]
ويتأكد هذا العنصر من خلال اتخاذ قرار الإضراب من طرف النقابات الأكثر تمثيلا،أو الجموع العامة للأجراء في حالة عدم وجود نقابة، ويتم هذا الاتفاق في الغالب قبل إعلان الإضراب بأي طريقة ينظمها القانون، أوبواسطة الانظمة الأساسية للنقابة،أو اتفاقات الأطراف سواء عن طريق التصويت فيما بين العمال أو بواسطة النقابة. ويتحقق تدبير الإضراب في حالتين:
الحالة الأولى :وهي الإتفاق السابق على الإضراب، وهي الحالة الأكثر شيوعا في الإعلان عن اتخاذ قرار الإضراب.
الحالة الثانية : و تتمثل عندما يتم تدبير والقيام بلإضراب عند تلاقي نوايا المضربين حول الإضراب، بمعنى أن يكون كل واحد منهم قد توقف عن العمل بهدف تحقيق نفس الهدف وهو تحقيق مطالب مهنية. أما إذا اختلفت أسباب الإضراب بين الأجراء أو الموظفين فلا نكون أمام إضراب، ومثال ذلك عندما يمتنع موظف أو أجير عن العمل لإعتقاده بوجود عطلة في حين يتوقف الثاني عن العمل على أساس موافقة المشغل،بينما يمتنع الثالث عن العمل العمل لتحقيق مطالب مهنية فهذا لا يدخل في حكم الإضراب.
ج) المطالب المهنية المشروعة
تعتبر المطالب المهنية العنصر الجوهري للعناصر المعنوية لحق الإضراب، بحيث يؤدي تخلفها إلى انتفاء صفة الإضراب عن التوقف الجماعي عن العمل،ويقصد بهذا العنصر: أنه يجب أن يكون الدافع والباعث على الإضراب هو المطالب المهنية. أما إذا امتنع العمال عن العمل بصفة جماعية دون أن يهدفون إلى تحقيق مطالب مهنية فإن هذا الإضراب لايعتبر مشروعا.لأن الإضراب في نهاية المطاف ما هوإلا وسيلة للضغط على الإدارة أوصاحب العمل من أجل تحقيق مطالب مهنية ومشروعة وممكنة، وهو ما التأكيد عليه في حكم المحكمة الإدارية بمكناس في قضية محمد شيبان ضدد وزير التربية الوطنية.[53]
وفي حالات عديدة قد يكون التوقف الجماعي عن العمل، مبعثه اعتبارات سياسية لا مطالب مهنية ومثاله الإضراب للتضامن مع قضية سياسية ما ،ويطلق على هذا النوع من الإضراب (الإضراب السياسي) ويرى الإجتهاد القضائي المغربي أن هذا النوع من الإضراب غير مشروع كما سنرى لاحقا.
المطلب الثاني :أنواع الإضراب وآثاره ومرجعيته القانونية
أدى الإعتراف الدستوري بالحق في الإضراب وتكريسه في المواثيق الدولية إلى تعدد أشكال ممارسته، لاسيما في الدول التي كرسته في دساتيرها الوطنية. خاصة أمام تنامي دور النقابات كطرف أساسي في التشجيع على اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب كوسيلة للمطالبة بمطالب مهنية، كل هذه المعطيات أفرزت العديد من أنواع الإضراب.غيرأنه إذا كان الإضراب وسيلة يحقق بها المضربون مطالبهم المشروعة، عن طريق التوقف عن العمل، إلا أن ذلك غالبا يؤدي إلى الإخلال بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، وأحيانا الإخلال بالنظام العام وتعطيل مصالح المرتفقين ،بل تصل آثار الإضراب إلى المضربين أنفسهم ،وذلك من خلال حرمانهم من الأجر، وإن اقتضى الأمر اتخاذ عقوبات تأديبية في حقهم.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سنحاول التحدث عن أنواع الإضراب وآثاره (الفقرة الأولى) ثم سنتطرق بعد ذلك إلى المرجعية القانونية لممارسة حق الإضراب(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أنواع الإضراب وآثاره
أولا: أنواع الإضراب
يتخذ الإضراب صورا وأشكالا متعددة، وذلك بالنظر الى مكان ممارسته، أو الهدف الذي يسعى الموظفون والمستخدمون إلى تحقيقه أو المدة التي يستغرقها ، أو الكيفية التي يمارس بها، لا سيما في الدول التي تعترف بمشروعية هذا الحق.
وتأسيسا على ماسبق فإننا سوف نتحدث عن أنواع حق الإضراب من حيث الشكل (أ) ثم فيما بعد سنتحدث عن أنواع حق الإضراب من حيث الأهداف (ب).
أ-) أنواع الإضراب من حيث الشكل
يتخذ حق الإضراب من حيث الشكل صورا عديدة، فهناك الإضراب التقليدي والإضراب الدائر والإضراب عن الإنتاج والإضراب المبرقع والإضراب مع احتلال أماكن العمل وأخيرا الإضراب القصير والمتكرر.
الإضراب التقليدي(la grève classique )
يقصد بالإضراب التقليدي: امتناع العمال عن أداء العمل بشكل جماعي وكامل ومدبر.[54] وهذا النوع من الإضراب هوالأكثر شيوعا بين أنواع الإضراب الأخرى، ويتم فيه انقطاع المضربين عن العمل في نفس الوقت وبكيفية محكمة ومنظمة ومدروسة، وإذا كان الإضراب التقليدي متصفاً في الماضي بالبساطة والمحدودية، فإنه خرج اليوم عن هاتين الصفتين اللتين كان معروفا بهما، بحيث صار يتطلب لضمان فرص نجاحه تنظيما محكما،[55] وغالبا ما يتم ذلك بواسطة النقابات والتي تأخذ فيه هذه الأخيرة جميع الإحتياطات اللازمة وتراعي الظروف الاقتصادية المحيطة من أجل نجاح الإضراب، بهدف تحقيق المطالب المهنية. كما تلتزم النقابة بضمان الحد الأدنى من الخدمة من أجل ضمان استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات.
بالتالي فإن هذا الشكل من الإضراب يبقى مشروعا طالما أنه استجمع كافة عناصر الإضراب المشروع: شكلا باعتباره توقف جماعي مدبر عن العمل، وموضوعا: باعتباره يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية تخص العمال المضربين أنفسهم،[56]أوالموظفين العموميون بحسب الحالة.
الإضراب الدائر (la grève tournante )
يتطلب هذا النوع من الإضراب تخطيطا محكما ومنسجما، بحيث يتميز هذا النوع من الإضراب بكونه يتمثل في التوقف عن العمل في عدة وحدات وأقسام للمرفق العمومي بصفة متتالية ومتتابعة، إذ يبدأ الموظفون والمستخدمون في الإضراب في مصلحة ثم ينتقل بعد ذلك الإضراب إلى المصالح الأخرى بالتتباع والتناوب ،وهكذا فإن الموظفون والمستخدمون يتناوبون فيما بينهم على القيام بالإضراب إذ تضرب مجموعة منهم ثم تستأنف عملها وبعد ذلك تضرب مجموعة ثانية وثالثة.
أما بخصوص شرعية أو عدم مشروعية هذا النوع من الإضراب فإن الراجح لدى الفقه المغربي هو عدم مشروعية هذا النوع من الإضراب لعدم توفر ركن التوقف الجماعي عن العمل فضلا عن النتائج الخطيرة التي يخلفها هذا النوع من الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص.
وهو ما تم الـتأكيد عليه أيضا في مشروع قانون تنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15.[57]
الإضراب المبرقع (la grevé perlée )
يتخذ هذا النوع من الإضراب تسميات عديدة، فيسمى الإضراب عن الإنتاج أو المردودية أو الجزئي. وهو الأخطر على المرفق العمومي من بين أنواع الإضراب الأخرى بحيث يؤثر على جودة ومردودية المرفق العمومي في أداء الخدمات، ويتميز هذا النوع من الإضراب بكونه لايؤدي إلى التوقف الكلي عن العمل،ولكنه يؤدي إلى البطء في الإنجاز أي نقص الإنتاج عمدا،[58] بالتالي التأثير على وثيرة الإنتاج وإلحاق خسارة كبيرة بالمرفق العمومي وذلك من خلال الإبطاء في معدل الأداء الوظيفي للمضربين، وغالبا ما يلجأ الموظفون والمستخدمون لهذا النوع من الإضراب من أجل المحافظة على أجورهم وحتى لا يتعرض المضربون لعقوبات تأديبية، أويتم تعويض المضربين بعمال أخرين أو فشل الإضراب.
وقد ذهب أغلب الفقه إلى عدم اعتبار الإبطاء في العمل إضرابا لعدم توفر أركان الإضراب لاسيما الأركان المادية كالتوقف عن العمل والتوقف الجماعي عن العمل،[59] كما يرى أستاذنا الدكتور عبد اللطيف خالفي أن مثل هذا التصرف لا يمكن أن تضفى عليه صفة "الإضراب"فهذا الأخير يقتضي توقفا جماعيا ومدبراً عن الشغل، في حين أن "إضراب" الإنتاج لا يتوقف خلاله الأجراء عن الشغل، بل يستمرون فيه، وفي تنفيذ عقود شغلهم،ولكن في ظل شروط وظروف غير تلك المتفق عليها بموجب هذه العقود، فما يسمى بإضراب الإنتاج في نظرنا هو تنفيذ معيب لمقتضيات عقد الشغل بما يخل بمبدأ حسن النية وبالتزامات الأجراء التعاقدية، مع ما يترتب على ذلك من نتائج، ولا مجال للتحدث عن إضراب غير مشروع أو حتى تعسفي لانتقاء العناصر اللازمة في أي إضراب،لذلك نرى أنه فيما يسمى بإضراب الإنتاج، نكون في الحقيقة إزاء تصرف غير مشروع للأجراء مع كل ما يستتبع ذلك من آثار قانونية.
وفيما يخص موقف القضاء المغربي من مدى مشروعية هذا النوع من الإضراب فقد ذهب إلى اعتباره عملا غير مشروع بل خطأ جسيما وهو ما أكدت عليه محكمة الإستئناف بمكناس في إحدى قراراتها.[60]
الإضراب مع احتلال أماكن العمل((Grève avec occupation des lieux du travail يعتبر عدم تواجد العمال بمكان العمل في الوقت المحدد لأدائه وسيلة لإثبات الإضراب، على أن الإضرب قد يقترن باحتلال أماكن العمل.[61] وهذا النوع من الإضراب يتميز بكونه يمارس في ظروف شديدة التوتر وأنه يمثل وسيلة من وسائل الضغط من طرف المضربين على المشغل وعلى السلطات العمومية لإثارة الإنتباه إلى مشاكلهم وإيجاد الحلول لها.[62]
وفيما يخص موقف القضاء المغربي من مشروعية هذا النوع من الإضراب فقذ ذهب في نفس الإتجاه الذي ذهب إليه المشرع الفرنسي، ألا وهو اعتبار الإضراب مع احتلال أماكن العمل غير مشروع طالما اتخذ شكل اعتصام داخل مقرات العمل.[63]
الإضراب القصير والمتكرر(Grève de courte durée et répétées )
يتمثل الإضراب القصير المدة والمتكرر، في امتناع العمال عن أداء العمل لفترات قصيرة ومتكررة فقد يتم التوقف عن العمل لمدة نصف ساعة ثم يعودوا للعمل ثم يتوقفوا ربع ساعة أخرى ثم يعودوا للعمل وهكذا.[64] بالتالي فهذا الإضراب هو عبارة عن توقفات عديدة ومتكررة للمضربين مع البقاء في أماكن العمل.ومايميز هذا النوع من الإضراب عن الإضراب مع احتلال أماكن العمل هو تواجد المضربين في أماكن العمل ويقومون بأداء عملهم لكن على فترات متقطعة مختلفة.
وفيما يخص مدى مشروعية هذا النوع من الإضراب فإن أغلب الفقه والقضاء يجمعون على مشروعية هذا النوع من الإضراب طالما أنه استجمع كافة عناصر وأركان الإضراب المشروع، فلا يعقل أن يتحول الحق المشروع إلى حق غير مشروع نتيجة تكرار استعماله لذلك فالإضرابات القصيرة المدة والمتكررة تعتبر مشروعة.[65]
الإضراب المفاجئ (Grève soudaine)
يقصد بالإضراب المباغث أو المفاجئ توقف العمال بغتة ودون إخطار سابق لصاحب العمل أو الجهة الإدارية بنيتهم في ذلك.[66] وبالتالي فهذا النوع من الإضراب يتم بصورة فجائية ودون سابق إنذار أو إخبار للجهات المعنية ،ويعتبر هذا النوع من الإضراب غير مشروع ويعرض الموظف أو المستخذم المشارك فيه للمسائلة التأديبية.
وبخصوص مدى مشروعية الإضراب المباغث اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس أن ممارسة حق الإضراب "تستلزم قيام التنظيم النقابي بإخطار الإدارة مسبقا يتضمن الهدف من اللجوء إلى الإضراب وبدايته ونهايته ،وإعطائه مهلة محددة قبل القيام به حتى يمكن اتخاذ الإجراءات والإحتياطات الضرورية للمحافظة على الأمن العام وتأمين تقديم الخدمات للجمهور لكون الإضراب المباغث أو الطارئ يعتبر غير مشروع"[67] وبهذا يكون الإضراب المباعث غير مشروع.
ب-) أنواع الإضراب من حيث الأهداف
يتخذ الإضراب صورا وأشكالا مختلفة، وذلك بحسب الأهذاف التي يهدف تحقيقها الموظفون والمستخدمون. فهناك الإضراب المهني والإضراب السياسي والإضراب التضامني والإضراب الدفاعي.
الإضراب المهني(Grève professionnelle )
إن الإضراب الذي يمارسه الموظفون والمستخدمون لاسيما بعد فشل المفاوضات الجماعية، من أجل الضغط على المشغل أو الإدارة أو الجهة المعنية بحسب الحالة، لتحقيق مطالبهم المهنية المشروعة والممكنة دون أن تنصرف نيتهم وإرادتهم لتحقيق مطالب سياسية أو غيرها، يعد إضرابا مهنيا ووسيلة مشروعة يلجأ إليها الموظفون والمستخدمون للمطالبة بتحقيق مطالبهم المهنية كتحسين ظروف العمل وتحسين الأجور وغيرها من المطالب المهنية الأخرى.
الإضراب الدفاعي(Grève défensive )
يرمي الإضراب الدفاعي إلى الحفاظ على المكتسبات والحقوق التي يقرها التشريع الوطني أو اتفاقيات الشغل الجماعية.[68] بمعنى أن هذا النوع من الإضراب يهدف إلى الدفاع عن الحقوق والمكتسبات التي تقرها الدساتير، كالحق في ولوج الوظائف العمومية حسب الإستحقاق[69] ،أو حتى تلك التي تقرها المواثيق الدولية شريطة أن تكون الدولة المعنية قد صادقت عليها، وغالبا ما يمارس هذا النوع من الإضراب على مستوى نطاق القطاع أو الوزارة أوعلى المستوى الوطني، تنديدا واستنكارا بتشريعات جديدة تمس الحقوق والمكتسبات السابقة. كالإضراب الذي عرفه مرفق التعليم مؤخرا في سنة 2024 والذي استمر لمدة دامت لأكثر من شهرين على المستوى الوطني نتيجة لإخراج النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية[70]،والذي تم تجميده بسبب هذا الإضراب الدفاعي.
الإضراب التضامني(Grève solidarité )
يعتبر إضرابا تضامنيا ذلك الإضراب الذي يمارسه الموظفون والمستخدمون ليس لتحقيق مطالب مهنية تهم مباشرة، بل لتحقيق مطالب مهنية تتعلق بموظفين ومستخدمين آخرين يشتغلون في مرفق أو مقاولة أخرى. وذلك للتضامن معهم، ولتحسين معنوياتهم ولتحقيق مطالبهم المهنية الأمر الذي يثير إشكالية مدى مشروعية هذا النوع من الإضراب؟
وفيما يخص مدى مشروعية الإضراب التضامني يرى المجلس الأعلى سابقا أن" الإضراب،وإن كان حقا مشروعا فإن الغاية منه الدفاع عن حقوق مشروعة للعمال، وأن الإضراب التضامني مع عامل تم توقيفه لا يهدف إلى مصلحة عامة للمضربين ويشكل بالتالي عملا غير مشروع"[71] أما محاكم الموضوع فإنها تسير في اتجاه آخر وترى أن "الإضراب التضامني مشروع ما دام لم يخرج عن نطاق المؤسسة."[72]
الإضراب السياسي(Grève politique )
يمارس هذا النوع من الإضراب للمطالبة بمطالب سياسية، بحيث أنه عندما يقوم به الموظفون والمستخدمون فإنهم لا يطالبون بمطالب مهنية اتجاه المشغل أو السلطات الإدارية المسؤولة عن المرفق، وإنما للتعبير عن مواقف سياسية كرفض مواقف حكومية أو معارضتها أوتأيدها أو للتعبير عن مواقف اتجاه قضايا وطنية ودولية. ويدعم مؤيدو هذا النوع من الإضرابات باستحالة الفصل بين ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي ومهني.[73]
وينفرد الإضراب السياسي عن الإضراب المهني بمجموعة من الخصائص وهي كالتالي:
الإضراب السياسي لا يوجه ضد الإدارة أو المشغل.
الإضراب السياسي يهدف إلى الإعتراض على قضايا سياسية وطنية أودولية. ولا يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية مشروعة وممكنة.
الموظف أو المستخدم الذي يشارك في الإضرب السياسي يتصرف كمواطن عادي وليس كموظف أو مستخدم.
بالتالي فإذا كان هذا النوع من الإضراب يهدف إلى تحقيق مطالب سياسية لا مهنية،فإن هذا يثير إشكالية مدى مشروعة هذا النوع من الإضراب؟ خاصة وأن الإضراب ما هو إلا وسيلة لتحقيق مطالب مهنية مشروعة وممكنة.
وقد اختلف الفقه بشأن مشروعية هذا النوع من الإضراب حيث يوجد اتجاهين في هذا الصدد أولهما يقر بمشروعيته، والآخر يرى عكس ذلك.
الاتجاه الأول : يعتقد أنصار هذا الاتجاه أن الإضراب السياسي شأنه شأن الإضراب المهني من حيث المشروعية، وذلك نظرا لصعوبة التمييز أو الفصل بينهما .كما أنه لا يوجد نص تشريعي ينفى مشروعية الإضراب السياسي حيث جاء الاعتراف الدستوري بمشروعية حق الإضراب عاماً.[74]
الإتجاه الثاني: وهو الغالب في الفقه والقضاء. والذي ينفي المشروعية عن هذا النوع من الإضراب لكونه لا يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية مشروعة وممكنة.
وفيما يخص مشروعية هذا النوع من الإضراب اعتبرت المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها رقم 63/2001 بتاريخ 12/07/2001 المشار إليه سابقا، أنه يجب أن يهدف الإضرب إلى تحقيق مطالب مهنية أو الدفاع عنها، وبمفهوم المخالفة فإن الإضراب السياسي لا يعتبر إضرابا مشروعا. وعموما وإن كان الإضراب حقا مضمونا بموجب الدستور لتحقيق مطالب مهنية في إطار التمثيلية النقابية فإنه لا ينبغي أن يمارس بشكل تعسفي أو يستغل لتحقيق مكاسب سياسية.
ثانيا: آثار ممارسة حق الإضراب
يترتب عن ممارسة حق الإضراب والشروع فيه بالمرافق العمومية مجموعة من الأثار سواء بالنسبة للموظفين أو المستخدمين المضربين، أو بالنسبة للمرفق العام الذي مورس به هذا الإضراب.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سنتحدث عن الأثار المترتبة عن ممارسة حق الإضراب بالنسبة للموظفين والمستخدمين (أ) ثم سنتحدث بعد ذلك عن آثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمرفق العام"مرفق التعليم نمودجا"(ب).
أ-) أثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمضربين بالمرفق العمومي
يترتب عن ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمضرب مجموعة من النتائج بالمرفق العمومي. والتي تختلف باختلاف طبيعة العلاقة التي تجمع المضرب بالمرفق العمومي، بحيث أن نتائج ممارسة هذا الحق تختلف بحسب ما إذا كان المضرب موظفا عموميا خاصعا للنظام العام الأساسي للوظيفة العمومية(1) أو مستخدما خاضعا لمدونة الشغل(2).
آثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للموظف العمومي
يلاحظ من خلال ما دأب إليه العمل القضائي في المملكة في ملفات كثيرة، وما جرت به العادة عند ممارسة حق الإضراب في نطاق الوظيفة العمومية هو الإقتطاع من أجور المضربين وحرمانهم منه طيلة مدة الإضراب. الأمر الذي أثار مجموعة من الإشكالات الكبرى، تتمثل في أساسا حول مدى مشروعية الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين،خاصة أما التنصيص الدستوري على هذا الحق واعتبار أن هذا الإقتطاع ما هو إلا تكبيل لهذا الحق الدستوري وإفراغ من محتواه.
بالرجوع إلى الإجتهاد القضائي المغربي علاقة بموضوع الحق في الإضراب. نجد تضارب الأحكام والقرارات القضائية حول مسألة مشروعية الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين حيث نجد اتجاهين أساسيين: يتمثل الإتجاه لأول في اعتبار الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين قرارا قانونيا مشروعا، في حين يعتبر الإتجاه الثاني أن الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين قرار قانونيا غير مشروع.
الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين يعد قرارا قانونيا مشروعا
يؤسس هذا الإتجاه القضائي مشروعية الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين على مجموعة من المقتضيات القانونية سواء تلك الواردة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية أو تلك الواردة في نصوص قانونية أخرى خاصة أو ما سار عليه الإجتهاد القضائي المغربي في هذا الشأن.
فبالعودة إلى مقتضيات الفصل الثالث من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.[75] نجد أنه ينص على أنه يوجد"الموظف في حالة قانونية ونظامية إزاء الإدارة" الأمر الذي يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي: هل يوجد الموظف المضرب في علاقة نظامية اتجاه الإدارة؟ أي هل يعتبر المشرع المغربي الموظف المضرب في وضعية القيام بالوظيفة العمومية؟
للإجابة عن هذا التساؤل نعود للفصل السابع والثلاثين من نفس القانون الذي نص على أنه "يكون كل موظف في إحدى الوضعيات الآتية:
1)-في حالة القيام بالوظيفة؛ 2)-في حالة الإلحاق؛ 3)-في حالة التوقيف المؤقت عن العمل؛ 4)-في وضعية الجندية.
الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل من جديد مرة أخرى: هل يعتبر الموظف المضرب في وضعية القيام بالوظيفة؟ وهنا تفرض الإجابة ضرورة العودة إلى التعريف الذي قدمه المشرع المغربي للموظف الذي يوجد في وضعية القيام بالوظيفة، وفي هذا الإطار نصت المادة الثامنة وثلاثون على أنه" يعتبر الموظف في وضعية القيام بالوظيفة إذا كان مرسما في درجة ومزاولا بالفعل مهام إحدى الوظائف المطابقة لها بالإدارة التي عين بها. ويعتبر في نفس الوضعية الموظف الموضوع رهن الإشارة والموظف المستفيد من الرخص الإدارية والرخص لأسباب صحية والرخص الممنوحة عن الولادة والأبوة والكفالة والرضاعة، والرخص بدون أجرة والتفرغ النقابي لدى إحدى المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا".
من خلال ما سبق يمكن القول أن المشرع المغربي من خلال قانون الوظيفة العمومية أنه لم يعتبر الموظف المضرب في حالة القيام بالوظيفة العمومية، وبالتالي إذا كان الموظف المضرب لا يوجد لا في وضعية نظامية ولا وضعية القيام بالوظيفية العمومية فإنه لا يستحق تلقي الأجر خلال مدة إضرابه عن العمل، طبقا لمقتضيات قانون الوظيفية العمومية. واستنادا أيضا لقاعدة الأجر مقابل العمل.
وما يعزز هذا التوجه هو ذهاب القضاء الأداري المغربي إلى تطبيق قاعدة الأجر مقابل العمل في نطاق الوظيفة العمومية، من خلال مقتضيات الفصل 41 من القانون المنظم للمحاسبة العمومية.[76] الرامي إلى تعليق الأداء إلا بعد التأكد من انجاز العمل المطلوب،وكذا مقتضيات القانون 81.12 [77] والذي صدر لتنفيذه المرسوم رقم 2.99.1216 [78]بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية المتغيببن عن العمل بصفة غير مشروعة والذي قد نقل الموظف المضرب من وضعية عدم القيام بالالتزامات المهنية المطلوبة منه (إمكانية التعرض للعقوبات التأديبية) إلى وضعية التغيب وعدم إنجاز المهام، التي تعرضه فقط للاقتطاع من راتبه بما يوازي مدة العمل غير المنجز.[79]
وهو الموقف الذي تبنته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قضية خالد روشدي ضد وزير الصحة العمومية.[80] عندما اعتبرت أن ممارسة حق الإضراب في شكل امتناع عن العمل يؤدي إلى فقدان حق الحصول على أجرة استنادا على مقتضيات الفصل 41 من نظام المحاسبة العمومية والقانون81.12 ومما جاء في قرارها ما يلي : لئن كان حق الإضراب مضمونا دستوريا ومكرسا في مختلف المواثيق الدولية، فإنه لا يعني بالضرورة أن يتم في شكل الانقطاع عن العمل قصد شل حركة المرفق العمومي وخاصة مرفق الصحة هذا فضلا عن أن الطاعن لم يدل بما يثبت أنه قد تقدم بطلب الإذن بالتغيب، حتى تتمكن الإدارة المذكورة من اتخاذ التدابير الكفيلة بحسن سير مرفق الصحة العمومية مما يبقى معه ما أثير من أسباب بدون أساس.
وهو نفس الموقف أيضا الذي تبنته محكمة النقض في مجموعة من القرارات الكثيرة. وقد جاء في إحدى قراراتها ما يلي: إن الوظيفة الأساسية للأجر تتجلى في كونه يقابل العمل الذي يؤديه الموظف، وأن ثبوت امتناع الموظف أو المستخدم عن القيام بعمله يقابله الاقتطاع من أجره ولو كان حاضرا بمقر عمله، فعلة الاقتطاع هي عدم إنجاز العمل وليس التغيب غير المشروع عن العمل،وأن قاعدة الأجر مقابل العمل تقتضي ألا يستحق أجرا متى ثبت عدم إنجاز العمل،واعتبارا لكون الأجر يؤدى مقابل قيامه بالوظيفة المسندة إليه، وبالتالي فإن السبب القانوني لأداء الأجر هو إنجاز العمل، ومشروعية الوقفة الاحتجاجية من عدمها لا علاقة لها باستحقاق الأجر من عدمه وبالتبعية بقانونية الاقتطاع من عدمه، والمحكمة لما بتت،دون مراعاة ما ذكر، لم تجعل لما قضت به أساسا من القانون وعللت قرارها تعليلا فاسدا يوازي انعدامه."[81]
كما جاء أيضا في إحدى قراراتها ما يلي: من حق الإدارة الاقتطاع من أجر الموظف إذا تغيب للمشاركة في وقفة احتجاجية بمقتضى القانون رقم 81.12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين بصفة غير مشروعة، وكذا المرسوم عدد 2.99.1216 الصادر في مايو 2000 حول شروط وكيفيات تطبيق هذا القانون. وإضفاء الشرعية على الوقفة الاحتجاجية لا يجعل قرار الاقتطاع من أجر الموظف مشوبا بالشطط في استعمال السلطة.[82]
بالتالي فوفقا لهذا الإتجاه القضائي فالإدارة عندما تقوم بالإقتطاع من أجور الموظفين المضربين، فإنها لاتقوم به بسبب ممارسة حق الإضراب ولا علاقة لهذا الإقتطاع من الأجر بشرعية أو عدم شرعية ممارسة حق الإضراب. بل تقوم به بعلة التغير الغير المشروع أو بعبارة أخرى التغيب بدون ترخيص عن العمل. وحق الإضراب كما رأينا سابقا لا يتم إلا في إطار التوقف الجماعي والمدبر عن العمل.
وبالتالي فإذا أردنا أن تتم ممارسة حق الإضراب بدون إقتطاع من الأجر بسبب ممارسة هذا الأخير، فالأمر هنا على هذا النحو يفرض إيجاد صيغة جديدة لممارسة حق الإضراب تكون فيها ممارسة حق الإضراب غير مقرونة بالتوقف عن العمل أو مقرونة بالتوقف عن العمل المرخص به وهذا يبدو صعب المنال نوعا ما.
وأخيرا بقي أن نشير إلى أن هناك الكثير من القرارات لمحكمة النقض المغربية التي تصب في نفس الإتجاه والتي لا يسعنا عرضها والتفصيل فيها كلها.
الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين يعد قرارا غير مشروع
يؤسس هذا الاتجاه قراراته بالربط ما بين مشروعية الإضراب والاقتطاع من أجور الموظفين المضربين، وذلك من خلال مراقبته مدى احترام الموظفين المضربين للإجراءات والشروط التي استقر عليها الفقه والقضاء الإداريين، بمعنى ضرورة إخطار السلطات الإدارية بالإضراب وتحديد أسبابه موضوعه ومدته وصدوره من نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا وضرورة ضمان الحد الأدنى من الخدمة ، وذلك طبعا حتى لا يتأثر السير العادي للمرفق العمومي في أداء خدماته. وهو ما صرحت به المحكمة الإدارية بمكناس في أحد أحكامها حيث جاء فيه ما يلي " حق الإضراب حق دستوري أكدته جميع الدساتير المتعاقبة ..... وعدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الاضراب، لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود بل لابد من ممارسته في إطار ضوابط تمنع من إساءة استعماله مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العامة ... وعدم ثبوت كون الاضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة لذلك لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني وبالتالي تكون عقوبة الانذار على هذه الواقعة لاغية".[83]
وعليه، حسب هذا الإتجاه فالإضراب عندما يمارس طبقا للشروط والكيفيات التي أقرها الإجتهاد القضائي، فإن الإقتطاع من الأجر في هذه الحالة لا يعتبر مشروعا. وقد بنى هذا الإتجاه موقفه على مجموعة من الأسس وهي على النحو التالي:[84]
إن ممارسة الحق لا يقابل بالجزاء السلبي أو السيء، إلا إذا تبث التزيد أو التعدي.
القانون 81.12 بشأن الإقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية يتحدث عن الإقتطاع مقابل التغيب غير مشروع بدون ترخيص، وحق الإضراب ممنوح دستوريا ولا يحتاج لترخيص، ثم إنه تغيب مشروع ومضمون بصريح الفصل 14 من دستور 1962 والفصل 29 من دستور 2011 وليس بغير مشروع.
إن المرسوم رقم 2.99.1216 بشأن تحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 81.12 يتحدث عن التغيب بدون ترخيص،وكما ذكرناسابقا الإضراب لا يحتاج لترخيص.
إن الإقتطاع الممكن إعماله عند إضراب الموظف العمومي هو في حالة الإضراب المفاجئ والغير معلن عنه، والمتسب في سوء سير المرافق العامة، شريطة أن يكون الإقتطاع متناسبا مع حجم الضرر الذي خلفه هذا الإضراب، الذي إن صحت لدينا تسميته بالغير مشروع، فإنه لدى غيرنا مشروع وهنا تتضح الأهمية الإجرائية والضرورة القصوى لصدور قانون تنظيمي يتعلق بالإضراب.
القول بأنه يحق للإدارة أن تنظم ممارسة حق الإضراب تحت رقابة قاضي المشروعية مادام لم يصدر القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، هو قول يفتقر للصحة والأساس القانوني السليم. إذا لاحق للمحكمة الإدارية أن تنحو هذا المنحى. فغني عن البيان أن القوانين التنظيمية من اختصاص السلطة التشريعية ولا علاقة لها بالمجال التنظيمي الذي يدخل في اختصاص رئيس الحكومة بصريح الفصل 90 من دستور 2011.
بالتالي فهذا التوجه القضائي يشكل قفزة نوعية في مجال المنازعات التأديبية المتعلق بممارسة حق الإضراب. وذلك بالإنتقال إلى عدم ترتيب جزاء أو عقوبات تأديبية عند ممارسة هذا الحق في انتظار صدور القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب.
وأخيرا بقي أن نشير إلى أنه حتى إذا تقبلنا تطبيق قاعدة الأجر مقابل العمل في نطاق الوظيفية العمومية. وأنه من نتائج ممارسة حق الإضراب الحرمان من الأجر طول مدة الإضراب، على اعتبار أن الإضراب ما هو إلا توقف عن العمل وأن الموظف المضرب لا يستحق الأجر خلال مدة الإضراب، لأنه لم يقم بواجباته المهنية. فإنه يحق لنا التساؤل اليوم عن مدى مشروعية التوقيفات الكثير عن العمل في صفوف الموظفين المضربين لاسيما موظفي وزارة التربية والتكوين. الذين بالإضافة إلى الإقتطاع من أجورهم طيلة مدة الإضراب،يقابلون اليوم بتوقيفات كثيرة عن العمل وعقوبات تأديبية تتسم نوعا ما بالتعسف في استعمال السلطة بسبب ممارسة حق الإضراب؟.
أثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمستخدم في المرفق العمومي
عرف تدبير المرافق العمومية في المغرب تغيرات وتطورات عميقة في الأونة الأخيرة، تمثلث أساسا في إشراك القطاع الخاص في تدبير المرافق العمومية، بعدما كان ذلك حكرا على الدولة، أو بالأحرى الأشخاص المعنوية العامة، وهو ما ترتب عليه إمكانية تصور ممارسة حق الأضراب من طرف المستخدمين الذين يعملون في هذه المرافق العمومية لاسيما تلك المسيرة من طرف الخواص سواء في بواسطة أسلوب التدبير المفوض أو أسلوب الإمتياز أو باقي أساليب إدارة المرافق العمومية الأخرى. كما أنه ليس هناك ما يمنع أن تلجأ السلطات الإدارية المسؤولة عن تدبيرالمرافق العمومية إلى توظيف مستخدمين في نطاق مدونة الشغل.
في ظل غياب صدور القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب حاولت مدونة الشغل الجديدة[85] التنصيص على أحكام تنظيمية لممارسة هذا الحق في نطاق القطاع الخاص وإن كانت قليلة.
يلاحظ بداية أن مدونة الشغل من خلال المادة 32 اعتبرت أن من بين أسباب توقف عقد الشغل مدة الإضراب الأمر الذي يشكل تطورا مهما في نظرة المشرع المغربي لهذا الحق كحق لا يترتب عليه فسخ عقد الشغل، وإنما تعليقه بكافة عناصره المتمثلة أساسا في الأجر والعمل وعلاقة التبعية.[86]
كما أنه ضمانة من المشرع ولتكريس ضمان ممارسة حق الإضراب منع إحلال عمال أو مستخدمين جدد محل العمال المضربين بصريح المادة 496 من مدونة الشغل. نفس الأمر أكد عليه المشرع في المادة 16 من نفس القانون المتعلقة بحالات إبرام عقد الشغل المحدد المدة بحيث منع إحلال أجير محل آخر إذا كان التوقف ناتج عن ممارسة حق الإضراب.
وفي باب معالجة نزاعات الشغل الجماعية أشارت المدونة في مادتها 549 إلى إمكانية أن يكون أحد طرفي نزاعات الشغل الجماعية جماعة من الأجراء. وفي ذلك إضفاء لطابع الشرعية على الإضرابات العفوية الغير مؤطرة بواسطة النقابات.
غير أن ما يأخذ على المشرع هو تصنيفه عرقلة حرية العمل ضمن الأخطاء الجسيمة التي تبرر فصل الأجير بالرغم بالتنصيص على معاينة مفتش الشغل لعرقلة حرية العمل وتحرير محضر بشأنها.[87]وفي اتجاه التضيق من دائرة مشروعية الإضراب نجد المادة 549 من مدونة الشغل أنها ربطت نزاعات الشغل الجماعية بالمطالب المهنية الجماعية وفي ذلك استبعاد للإضرابات السياسية والتضامنية.
وأخير بقي أن نشير أن إشكالية تنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص لا تثير العديد من الإشكالات خلافا لنظيرتها في القطاع العام، وذلك بسبب الطبيعة التعاقدية للقطاع الخاص والتي تجعل قاعدة الأجر مقابل العمل تطبق بسلاسة ودون أن تثير أية مشاكل.
ب-) آثار ممارسة حق الإضراب بالنسبة للمرفق العام"مرفق التعليم نمودجا"
يعد الإضراب من بين أهم الحقوق التي يمارسها موظفي وزارة التربية والتكوين للمطالبة بحقوقهم والمهنية والأجتماعية، ولأهمية قطاع التعليم ونظرا للآثار السلبية التي يتركها الإضراب على المتمدرسين والمجتمع، ففي كل إضراب وطني، وككل احتقان مألوف في مجال التربية والتعليم، تتفاقم الاحتجاجات بشدة، وتكثر تذمرات الكثيرين من هدر الزمن المدرسي، وتتوتر أعصاب أولياء وآباء وأمهات التلاميذ، ويستمر الوضع المتأزم كما كان عليه منذ سنوات، والنتيجة الحتمية والمفروضة، استعباد للأساتذة والمعلمين، وحرمان جرمي للمتعلمين من حق مقدس، وهو حق التربية والتعليم.[88]
وقد عرف قطاع التعليم في المغرب مجموعة من الإضرابات التي شلت المنظومة التعليمية، منذ عهد الإستقلال، كان آخرها الإضراب الذي عرفه قطاع التعليم في بداية الموسم الدراسي الجاري لسنة 2023/2024 والذي استمر لأكثر من شهرين ونصف، وما ترتب عن ذلك من هدر للزمن المدرسي. واستياء كبير لدى أباء وأولياء التلاميذ بخصوص المدرسة العمومية، مما دفع عدد كبير من الأسر إلى تنقيل أبنائهم إلى المدارس الخصوصية إضطرارا. بالرغم من زيادة الأعباء المالية لدى هذه الأسر، وقد قوبل ذلك بإصلاحات ترقيعية قامت بها الوزارة الوصية على القطاع "وزارة التربية الوطنية والتعليم" والمتمثلة أساسا في تمديد السنة الدراسية لمدة أسبوع واحد في جميع المسالك فكيف يعقل أن يتم الإضراب لمدة دامت لأكثر من شهرين وفي المقابل يتم تمديد السنة الدراسية لمدة أسبوع؟.
الفقرة الثانية: المرجعية القانونية لممارسة حق الإضراب
بعد الإعتراف بحق الإضراب كوسيلة قانونية للدفاع عن المطالب المهنية والاجتماعية للموظفين والعمال فقد تمت دسترت هذا الحق في دساتير العديد من الدول، من بينها المغرب، بحيث نص الفصل 29 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 "حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظیمی شروط و كيفيات ممارسته "،[89] كما وردت هذه العبارة أيضا في جميع الدساتير السابقة التي عرفها المغرب منذ دستور سنة 1962 ، غير أن هذا القانون التنظيمي الذي أحالت عليه هذه الدساتير لم يصدر بعد لحدودالساعة.
كما صادق المغرب أيضاعلى العديد من المواثيق الدولية، التي تؤكد وتقر الحق في الإضراب من بينها العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والميثاق العربي لحقوق الإنسان والعديد من المواثيق الدولية الأخرى سواء تلك ذات الطابع الإقليمي أو العالمي.
و يجد حق الأضرب مشروعيته وسنده القانوني في مجموعة من المصادر كالمصادر الدولية (أولا) مثل المواثيق الدولية والتوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية ذات الصلة بالشغل والعمل، والمصادر الوطنية(ثانيا) كالتشريعات الداخلية والمقتضيات الدستورية والإجتهادات القضائية الإدارية بالخصوص.
أولا) المصادر الدولية لممارسة حق الإضراب
ليست هناك أي اتفاقية دولية، تطرقت بصفة مباشرة وصريحة إلى الحق في الإضراب، وإنما تم التطرق لحق الإضراب، إما ضمن الحرية النقابية أو المفاوضة الجماعية، ومن بين الإتفاقيات التي تناولت حق الإضراب نجد:
الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي والمفاوضات الجماعية: والتي كان الإضراب أحد اهم مظاهرها، حيث أشارت إلى حق منظمات العمال والمشغلين، التي تستهدف إنعاش والدفاع عن حقوق أعضائها، في تنظيم طرق تدبيرها وأنشطتها وبلورة برامج عملها.
العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية: كفل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 16 دجنبر 1966، والذي دخل حيز التنفيذ في 3 يناير 1976،ممارسة حق الإضراب بحيث نصت المادة الثامنه منه على مايلي:
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:
(أ) حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها، دون قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، من أجل تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها. ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرينوحرياتهم.
(ب) حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الإنضمام إليها.
(ج) حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دون قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعنى.(....).
وقد صادت المملكة المغربية على العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية بتاريخ 3مايو 1979.
الميثاق الاجتماعي الأوربي لـ 18 أكتوبر 1961: والموقع من قبل ستة عشر دولة أوربية، والذي يضم مادة فريدة خاصة بحق الإضراب، فبعد أن نص هذا الميثاق في مادته الخامسة على ضرورة أن تضمن الدول المتعاقدة تدعيم حرية الأجراء والمؤاجرين في تكوين منظمات محلية ووطنية ودولية لحماية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، نص في مادته السادسة على حق الأجراء في اللجوء إلى الإضراب، بل إن هذا النص الأوربي أشار صراحة إلى حق المواطنين من الموظفين في اللجوء إلى هذه الوسيلة للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، مع بعض الاستثناءات التي تشمل بعض الفئات التي بحكم المهام المنوطة بها يمنع عليها هذا الحق.
الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 1994:والذي نص في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة وثلاثون منه "تكفل كل دولة طرف الحق في الإضراب في الحدود التي ينص عليها التشريع النافذ.
ثانيا) المصادر الوطنية لممارسة حق الإضراب
أما على المستوي الوطني فقد تمت دسترة حق الإضراب منذ أول دستور لسنة 1962 وكذا جميع دساتير المملكة المتعاقبة لسنوات1970و1973و1992و1992و2011. وبدوره هذا الأخير، لم يأت بأي جديد فيما يخص الإضراب وإنما إكتفى بدوره في المادة 29 بإعادة نفس الصياغة الواردة في الفصل 14 من أول دستور للمملكة.
بحيث نص الفصل 29 من دستور المملكة لسنة 2011 في الفقرة الثانية منه على أن" حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظیمی شروط و كيفيات ممارسته "،[90] هذا القانون التنظيمي التي لم يكتب له الصدور إلى غاية اليوم ونحن في سنة 2024، كما أن الحكومة المغربية تسعى جاهدة إلى إخراجه إلى حيز الوجود، وذلك لتنظيم ممارسته سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، حيث كان أخر مشروع هو القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. والذي سنتناوله بالدراسة والتحليل في المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذا البحث المتواضع.
فبعدما كرس دستور 2011 حق الإضراب وأحال على قانون تنظيمي سينظم هذا الحق. تم التنصيص في الفصل 86 من نفس الدستور على أنه "تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لايتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور "، وها نحن اليوم في سنة 2024 بعد تلاثة عشر سنة من صدور دستور 2011 .الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الجزاء المترتب في حالة عدم احترام الأجل المنصوص عليه في هذا الفصل لعرض مشاريع القوانين التنظيمية، نعتقد أن الدستور لم يتضمن جزاء محددا، وهو ما يجعل هذا الالتزام سياسيا معنويا وفقط. كما أن مشاريع القوانين التنظيمية قد يكون مصدرها الحكومة أو البرلمان، ومن تم فالمسؤولية ملقاة على المؤسستين معا.[91]
وأمام هذا الفرغ التنظيمي لتنظيم حق الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص فعل القضاء الإداري المغربي دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الشروط والضوابط التي ينبغي احترامها لممارسة حق الإضراب،[92] في انتظار صدور القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع منذ أول دستور للمملكة المغربية.
المبحث الثاني: الإطار النظري لمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات
لقد أصبح تدخل الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة الأخرى للقيام بأداء الخدمات العامة يتخذ في أغلبيته صورة المرفق العام .الذي أصبح بمثابة الوظيفة الرئيسية للدولة التي تتسع كلما نقص النشاط الفردي الخاص في الدولة، وتضييق كلما زادت الأنشطة الخاصة للأفراد في الدولة ،فالمرفق العام عد من المفاهيم الأساسية في القانون الإداري . فالعلامة "Duguit"، مؤسس مدرسة المرفق العام، اعتبر أن فكرة المرفق العام، تفسر كل القانون الإداري، وفي نظر هذه المدرسة فإن القانون الإداري هو قانون المرفق العام، والدولة هي مجموعة من المرافق العامة: فالمرافق العامة في الدولة تهدف إلى إشباع الحاجات الحيوية، والخدمات الأساسية للجمهور، ولما كانت من شأن هذه الخدمات المساس بصميم حياة الأفراد الشخصية. كان من الضروري أن تخضع في إدارتها لمجموعة من القواعد التي تضمن تحقيق الغرض من إحداثها.و لهذا استقر الفقه والقضاء الإداريين وبعدهما المشرع على إخضاع المرافق العمومية لمجموعة من المبادئ و القواعد الأساسية التي تمليها الاعتبارات العملية والعدالة الاجتماعية.
ويعد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات بانتظام واطراد من أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة، ويقتضي هذا المبدأ ضرورة أن تستمر مرافق الدولة بانتظام دون توقف أو انقطاع في تقديم الخدمات الضرورية للجمهور.
فالحاجة الجماعية التي ينشأ المرفق العام لإشباعها لا تعتبر قد أشبعت بشكل كاف إذا كان هذا الإشباع بشكل وقتي ومتقطع،بالتالي فإن حدوث أي انقطاع أو تعطيل في استمرارية خدمات المرفق العمومي سيؤدي لا محالة إلى تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الإخلال بالنظام العام ،ولهذا عمل المشرع والإجتهاد القضائي الإداري على تنظيم المعيقات والأوضاع القانونية التي تحول دون استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات.
وبناء على ما سبق فإننا سوف نتحدث عن مضمون مبدأ استمرارية المرفق العمومي وأساسه القانوني(المطلب الأول) ثم سنتحدث بعد ذلك عن معيقات مبدأ استمرارية المرفق في الظروف العادية والإستثنائية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: مضمون مبدأ استمرارية المرفق العمومي وأساسه القانوني
نظرا للأهمية البالغة والمميزة التي يحظى بها مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، بانتظام ودون انقطاع ونظرا لكونه أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة، تعين علينا التطرق لمضمونه وأهميته ( الفقرة الأولى) ثم التطرق فيما بعد لأساسه القانوني (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : مضمون مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات
يعتبر مبدأ استمرارية المرفق العمومي أهم المبادئ التي تحكم سير المرافق العامة ،وهو أحد أوجه مبدأ استمرارية الدولة ودوامها، ويحتم هذا المبدأ على السلطات الإدارية ضمان سير المرفق بانتظام، فهدف المرفق العام هو إشباع حاجة لها طابع المنفعة العامة.[93] فالمرافق العامة تقوم بخدمات أساسية لازمة للجمهور وللنظام العام. فإذا توقف سيرها أو تعطلت ولو مؤقتا عن العمل نتجت عن ذلك أضرار ومضايقات عديدة للجمهور من ناحية،وإخلال بالنظام العام من ناحية أخرى. ولهذا كان من أهم واجبات السلطة العامة أن تعمل على ضمان سير المرافق العامة بانتظام واستمرار ولهذا يلزم الموظفون الذين يعملون في خدمة المرافق بتحقيق هذا الغرض.[94] بالتالي فأي توقف في خدمات المرفق العمومي سيؤدي إلى تأخر مصالح المرتفقين وأحيانا الإخلال بالنظام العام في الدولة، ولنا أن نتصور مدى حجم الاضرار التي سوف تقع عند توقف مرفق التعليم أو الصحة أو الأمن وما يترتب عن ذلك من انعكاسات على الأمن الداخلي أو الخرجي للدولة . لذلك فإن مبدأ دوام سير المرافق العامة يعد من المبادئ الأساسية التي لا يحتاج تقريرها لنص تشريعي خاص لأن طبيعة المرافق العامة تستلزم ضمان سيرها بانتظام واستمرار في خدمة النفع العام[95].
ويتنافى مبدأ استمرارية المرفق العام مع تذرع السلطة العامة بوجود صعوبات مالية أو إدارية، للإمتناع عن ضمان تقديم خدمات للمرتفقين، فالمرفق العام ولو كان تجاريا أو صناعيا فهو لا يهدف الحصول على الأرباح كما هو شأن المقاولات بل تحقيق النفع العام، لذلك فإذا كانت الضرورة تدعو إلى تنظيم المرافق العامة وفق معايير المردودية فإن هذا لا يمكن أن يبرر تعطيل نشاط المرفق لمجرد ظهور عجز في تدبير شؤونه،[96] ولذا يتعين على السلطات الإدارية المسؤولة على المرفق العمل على ضمان استمراريته مهما كانت الصعوبات لارتباطه بالمصلحة العامة.
الفقرة الثانية: الأساس القانوني لمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات
فضلا على أن مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات يعتبر من المبادئ التي لا يحتاج تقريرها نصا تشريعيا، نظرا لإرتباطه بالمصلحة العامة وبطبيعة نشاط المرفق العام التي تستدعي الإستمرارية والإنتظام بدون انقطاع. فإن هذا لم يمنع المشرع من التدخل لإرساء أحكام هذا المبدأ، وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 154من الدستور على أنه " يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات، وتخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور". [97]وبعد التكريس الدستوري لهذا المبدأ فقد أكد عليه المشرع في مجموعة من القوانين الأخرى ذات الصلة بتدبير المرافق العمومية والحكامة الجيدة.
وهذا فقد نصت المادة 5 من القانون 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية على أنه "تخضع المرافق العمومية للمبادئ التالية:... الأستمرارية في أداء الخدمات، من خلال ضمان انتظام سير المرفق العام..."[98]. كما نصت المادة 3 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية على أنه" يتولى المفوض إليه مسؤولية المرفق العام مع التقيد بمبدأ المساواة بين المرتفقين ومبدأ استمرارية المرفق ومبدأ ملاءمته مع التطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية.ويقدم المفوض إليه خدماته بأقل كلفة وفي أحسن شروط السلامة والجودة والمحافظة على البيئة.[99]
فمن خلال ما سبق يتبين أن المشرع المغربي اعتبر مبدأ استمرارية المرفق العمومي من المبادئ الدستورية التي يقوم عليها النسق السياسي المغربي. كما عمل أيضا على التأكيد عليه في مختلف النصوص القانونية، ذات الصلة بالوظيفة العمومية وتدبير المرافق العمومية والحكامة الجيدة. أما فيما يخص الإجتهاد القضائي الإداري المغربي فقد اعتبر ضمان استمرارية المرفق العمومي مقرونة بمشروعية ممارسة حق الإضراب كما سنرى لاحقا.
المطلب الثاني: معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي
بالرغم من الأهمية التي يحظى بها مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى الإجتهاد القضائي ،إلّا أنه لا يمكن تطبيقه بكيفية مطلقة، بحيث تحول دون تطبيقه مجموعة من المعيقات التي نميز فيها بين معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف العادية (الفقرة الأولى) التي نظمها المشرع ومعيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف الإستثنائية (الفقرة الثانية)التي أقرها الإجتهاد القضائي الإداري.
الفقرة الأولى : معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف العادية
تحول دون تطبيق مبدأ استمرارية المرفق العمومي بكيفة مطلقة في الظروف العادية مجموعة من المعيقات. لذا عمل المشرع على تنظيم ممارسة حق الإضراب(أولا) وتنظيم ممارسة حق الإستقالة (ثانيا)فضلا عن إقرار قاعدة منع الحجز على أموال المرافق العمومية(ثالثا) وزجر تغيبات الموظفين الغير مشروعة بالمرافق العمومية (رابعا).
أولا: تنظيم ممارسة حق الإضراب
يقصد بالإضراب هو ذلك التوقف الجماعي المدبر والمؤقت عن العمل، الذي يقوم به مجموعة من الموظفين والمستخدمين والعمال من أجل تحقيق مطالب مهنية ممكنة ومشروعة. وبهذا يكون الإضراب من بين المسائل التي تهدد مبدأ استمرارية المرافق العمومية في أداء الخدمات، بالتالي تأخير مصالح المرتفقين وأحيانا الإضرار بالمصلحة العامة.
وبالرغم من التكريس الدستوري لهذا الحق كما ورد في الفصل 29 من الدستور الحالي على أن" حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظیمی شروط و كيفيات ممارسته. [100] إلا انه بسبب عدم خروج هذا القانون التنظيمي إلى حيز الوجود الذي يؤطر هذه الممارسة الدستورية ، وبمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة وما صاحب ذلك من إضرار بالمصلحة العامة وتعطيل للمرافق العمومية. فقد دفع ذلك القاضي الإداري إلى تفعيل دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الضوابط التي ينبغي احترامها عند ممارسة حق الإضراب كما سنرى لاحقا.
ثانيا: تنظيم ممارسة حق الإستقالة
تعتبر الإستقالة إحدى وضعيات الخروج من الوظيفة العمومية ويقصد بها رغبة الموظف في أن يترك العمل نهائيا وهي حق للموظف يجوز له استعماله متى شاء،[101] أو بصيغة أخرى فالإستقالة هي الوسيلة التي يمكن بواسطتها للموظف ان يضع حدا للعمل الذي يقدمه للإدارة.[102] وعموما يمكن اعتبار الإستقالة رغبة الموظف في أن يترك العمل نهائيا وليس بصفة مؤقتة كما هو الأمر في الإضراب. بالتالي فالإستقالة حق للموظف العمومي يجوز له استعماله متى شاء وتبعا لذلك لايجوز إرغام موظف على القيام بعمل لا يريد القيام به. لكن مادامت الإستقالة حق يترتب عن ممارسته تأثير وتهديد لمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات فقد أقر القضاء والتشريع ضوابط وقيود تحد من التعسف في اسعمال هذا الحق، على نحو يوفق بين مبدأ استمرارية المرفق العمومي والحق في ترك الوظيفة وهو ماقام به المشرع عندما نص في الفصل 76 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية[103] على اعتبار الإستقالة المقبولة بصفة قانونية كإحدى حالات الإنقطاع عن العمل التي تؤدي إلى فقدان صفة الموظف وفي نفس الوقت حدد ضوابط وشروط تقديم الإستقالة والموافقة عليها في الفصل 77 من قانون الوظيفة العمومية فنص على أنه:
"لا تنتج الإستقالة إلا عن طلب كتابي يعرب المعني بالأمر فيه من غير غموض عن رغبته في مغادرة أسلاك إدارته أو مصلحته بكيفية غير التي يحال بها على التقاعد. ولا عمل للاستقالة إلا إذا قبلتها السلطة التي لها حق التسمية والتي يجب أن تصدر مقررها في أجل شهر واحد ابتداء من التاريخ الذي تسلمت فيه طلب الاستقالة. ويجري العمل بالاستقالة ابتداء من التاريخ الذي تحدده السلطة المذكورة."
وجاء أيضا في الفصل 78 من نفس القانون على " إن قبول الإستقالة يجعلها غير مستدركة. ولا تمنع الاستقالة عند الاقتضاء من القيام بمتابعة تأديبية بسبب الأعمال التي ربما تتجلى للإدارة بعد ذلك القبول. وإذا امتنعت السلطة ذات النظر من قبول الإستقالة يجوز للموظف المعني بالأمر أن يحيل القضية على اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء التي تبدي رأيا معللا بالأسباب وتوجهه إلى السلطة ذات النظر".
وجاء في الفصل 79من نفس القانون" أن الموظف الذي يوقف قبل التاريخ المحدد من طرف السلطة التي يرجع لها النظر في قبول الإستقالة، يمكن أن تصدر عليه عقوبة تأديبية."
ويلاحظ أن المشرع المغربي من خلال الفصول المذكورة أعلاه، عمل على تحديد شروط الإستقالة، وعمل القضاء كلما اتيحت له الفرصة على تأكيدها وتوضحيها. ومن بين القواعد التي أرساها التشريع والقضاء في هذا الإطار ما يلي:[104]
إن طلب الإستقالة ينبغي أن يكون مكتوبا بشكل صريح: بحيث لا يعتد بالإستقالة المقدمة شفويا ولا بالاستقالة الضمنية ولا بالإستقالة المكتوبة التي لا يعبر فيها الموظف عن رغبته الحقيقية في مغادرة أسلاك الوظيفة العمومية الوظيفة بشكل نهائي. أو تلك التي تصدرعن الموظف في حالة غضب أوطيش أو الطلب الذي يتضمن مجرد التهديد بالإستقالة.
إن قبول الإستقالة يكون من قبل سلطة التعيين: فطبقا لقاعدة توازي الشكليات السلطة التي لها حق التسمية لها أيضا سلطة قبول أو رفض الإستقالة .
لا تسري الإستقالة ولا تنتج أثرها إلا من تاريخ قبولها من طرف السلطة المختصة ومن التاريخ الذي تحدده هي.
ضرورة استمرار الموظف أو المستخدم في أداء مهامه إلى حين قبول إستقالته:بحيث لا يجوز للموظف الذي قدم طلبا بالإستقالة أن يتوقف عن مباشرة مهام وظيفته قبل قبول الإستقالة أو قبل التاريخ المحدد لسريانها، وإلا فإن السلطة المختصة يمكنها أن تتابعه تأديبيا وهو ما تم التأكيد عليه في الفصل 79 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية المشار إليه سابقا.
إن تقديم الإستقالة وقبولها لا تمنع عند الاقتضاء من القيام بمتابعة الموظف تأديبيا بسبب الأعمال التي تظهر للإدارة بعد ذلك القبول، ولا يمكنه التذرع بقبول إستقالته للإفلات من المتابعة .
السلطة المختصة يجب أن تصدر مقررها بالقبول أو الرفض في أجل شهر واحد ابتداء من التاريخ الذي تسلمت فيه طلب الإستقالة .
في حالة رفض الإستقالة من طرف السلطة المختصة، يجوز للموظف المعني بالأمر أن يحيل القضية على اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء التي تبدي رأيها مسببا وتوجهه إلى السلطة المختصة.
إن الرأي المعلل الذي تبديه اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء غير ملزم للإدارة في حالة إصرارهاعلى موقفها الرافض لطلب الإستقالة .
يبقى دائما للموظف إمكانية الطعن بالإلغاء أمام القضاء الإداري في قرار الرفض الصريح أو الضمني لطلب الإستقالة .
لا يمكن الإعتداد بالإستقالة المقدمة تحت التهديد أو من طرف موظف في حالة مرض نفسي أوتحت إكراه مادي.
الإستقالة الجماعية محرمة وتعتبرها معظم الدول نوعا من أنواع الإضراب بل تعاقب الموظفين العموميين المستقيلين جماعيا بالعقوبات الجنائية وذلك لما ترتبه من آثار سيئة على المرافق العمومية .
إن قبول الإستقالة يجعلها نهائية وغير مستدركة، ما لم يكن الطلب في أصله غير مستوفي للشروط المطلوبة.
وحينما يتقدم الموظف بطلب الإستقالة إلى السلطة المختصة، فإن هذه الأخيرة تتوفر على أجل شهر واحد للجواب على الطلب. وموقف الإدارة لن يخلو من إحدى الحالات الثلاث الآتية :
قبول الإستقالة، ومن ثم فالأمر هنا لا يطرح أي إشكال .
رفض صريح للإستقالة: والأمر في هذه الحالة يستلزم ضرورة تعليل قرار الرفض أي تضمينه الأسباب الحقيقية التي دعت السلطة المختصة إلى الرفض، طبقا للقانون رقم 03.01[105] المتعلق بإلزام الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بضرورة تعليل قراراتها السلبية تحت طائلة عدم المشروعية . وفي هذه الحالة يمكن للمعني بالأمر عرض الأمر على أنظار اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء لإبداء رأيها المعلل أو الطعن مباشرة في قرار الرفض أمام القضاء الإداري .
رفض ضمني ناتج عن عدم جواب الإدارة داخل الأجل المخول لها : فبالرغم من أن المشرع لم يحدد لنا مآل طلب الإستقالة في حالة سكوت الإدارة وعدم جوابها، رغم انتهاء الأجل المحدد لها قانونا هل يشكل ذلك قبولا أو رفض لطلب الإستقالة. إلاّ أنه بالرجوع إلى القواعد العامة يعتبر سكوت الإدارة وعدم جوابها على طلبات الأفراد في مدة معينة بمثابة رفض، يخول للمعنيين بالأمر إمكانية الطعن فيه بالإلغاء أمام القضاء الإداري.
ومن خلال ما سبق يتبين أن ممارسة حق الإستقالة تشكل تهديدا لمبدأ استمرارية المرفق العمومي. شأنها شأن ممارسة حق الإضراب، بحيث أن كلا التصرفين يتخدان صورة الإمتناع عن العمل فضلا عن مشروعيتهما معا ويختلفان في كون أن ممارسة حق الإضراب تكون بصورة جماعية أما الإستقالة فغالبا ما تتم ممارستها بصفة فردية.
ثالثا:قاعدة تحريم الحجز على أموال المرافق العمومية
يحتاج المرفق العامأساسا إلى أموال تمكنه من أداء الخدمة الموكولة إليه أداؤها،[106] بانتظام ودون انقطاع ضمانا لاستمرارية اشباع الحاجات العامة، لكن التساؤل المطروح في هذا الإطار هو ما إذا كان من الممكن الحجز على أموال المرفق العمومي أو بيعها في المزاد العلني في حالة عدم الوفاء بديونه خاصة في حالة تمتعه بالشخصية العنوية؟
فالقاعدة العامة المعمول بها القانون المدني أن "أموال المدين ضمان عام لدائنيه"....[107]
لكن تطبيق هذه القاعدة على أموال المرافق العمومية يهدد مبدأ استمرارية المرفق بانتظام واطراد، ويتعارض مع تخصيصها للمنفعة العامة، فظهرت الحاجة إلى تحريم الحجز على أموال المرافق العمومية أيا كانت طريقة إدارتها( مؤسسة عمومية- الإستغلال المباشر- أسلوب الإمتياز- التدبير المفوض...)
غير أن هناك اتجاه قضائي جديد يقضي بجواز الحجز على أموال الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية في حالة رفضها تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها ومنها المرافق العمومية ذات الطبيعة الاقتصادية التجارية أو الصناعية، المتمتعة بالشخصية المعنوية العامة التي تستهدف من نشاطها تحقيق الربح . فوفقا لهذا الاتجاه أموال المرافق العمومية غير المخصصة لاستخدام الجمهور ومنتجاتها المعروضة للبيع لا يؤثر الحجز عليها أو بيعها على سير المرفق العمومي . كما أن السيارات المخصصة للتنقلات الشخصية لمسؤولي المرافق العمومية التي ليست من قبيل الأموال العامة المرصدة الخدمة المرفق العمومي لا يترتب على حجزها وبيعها تعطيل المرفق العمومي.[108]
رابعا: زجر تغيبات الموظفين الغير مشروعة عن العمل بالمرافق العمومية
يعتبر كل تغيب عن العمل خارج إطار الرخص المسموح بها طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل ، تغيبا غير مشروع. يترتب عنه تعطيل مصالح المرتفقين و إعاقة السير العادي و المطرد للمرفق العام وأحيانا الإخلال بالنظام العام . وهو ما تطلب من المشرع التدخل لزجر كل تغيب غير مشروع من خلال إصدار القانون رقم 81.12[109] الذي صدر لتنفيذه المرسوم رقم 2.99.1216[110]بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، وعليه يعتبر كل تغيب عن العمل خارج الحالات المنصوص عليها في النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل ، إخلالا بالالتزامات الوظيفية، ولا تتردد معه الإدارة المعنية في تطبيق المقتضيات و المساطر القانونية لاسيما منها تلك المتعلقة بترك الوظيفة (1) ، و المسطرة التأديبية ( 2) . والإقتطاع من الأجور(3).
ترك الوظيفة
يعد في حالة ترك الوظيفة كل موظف تعمد الانقطاع عن العمل خارج الحالات المبررة قانونا . ويعد حينئذ متخليا عن الضمانات التأديبية المنصوص عليها في الباب الخامس من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية .وفي هذه الحالة تقوم المصالح المعنية بتفعيل مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي نص على أنه: " باستثناء حالات التغيب المبررة قانونا، فإن الموظف الذي يتعمد الانقطاع عن عمله، يعتبر في حالة ترك الوظيفة.ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات التأديبية التي ينص عليها هذا النظام الأساسي. و يوجه رئيس الإدارة إلى الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة، إنذارا لمطالبته باستئناف عمله: يحيطه فيه علما بالإجراءات التي يتعرض لها في حالة رفضه استئناف عمله. ويوجه هذا الإنذار إلى الموظف بآخر عنوان شخصي له مصرح به للإدارة وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول بإشعار بالتسلم.
إذا انصرم أجل سبعة أيام عن تاريخ تسلم الإنذار ولم يستأنف المعني بالأمر عمله فلرئيس الإدارة صلاحية إصدار عقوبة العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف حق المعاش وذلك مباشرة وبدون سابق استشارة المجلس التأديبي. إذا تعذر تبليغ الإنذار أمر رئيس الإدارة فورا بإيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة. إذا لم يستأنف هذا الأخير عمله داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ قرار إيقاف الأجرة وجب تطبيق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة أعلاه، وفي حالة ما إذا استأنف الموظف عمله داخل الأجل المذكور عرض ملفه على المجلس التأديبي. وتسري عقوبة العزل في الحالات المنصوص عليها في هذا الفصل، ابتداء من تاريخ ترك الوظيفة."
المسطرة التأديبية
يعتبر كل تغيب عن العمل دون ترخيص مسبق أو مبرر مقبول ، إخلالا بالواجبات المهنية مما يدفع السلطة الإدارية المختصة لتحريك المسطرة التأديبية في حق المعني بالأمر، وترتيب العقوبة المناسبة حسب الحالة ،تفعيلا لمقتضياتالفصل 66 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والذي نص على أنه " تشتمل العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على ما يأتي، وهي مرتبة حسب تزايد الخطورة :
1 - الانذار؛
2 - التوبيخ ؛
3 - الحذف من لائحة الترقي ؛
4 - الانحدار من الطبقة ؛
5 - القهقرة من الرتبة ؛
6 - العزل من غير توقيف حق التقاعد ؛
7 - العزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد...
الإقتطاع من الأجور
يؤدي تغيب الموظف عن عمله بدون ترخيص مسبق ، ولا عذر مقبول، إلى الاقتطاع من الراتب الشهري ، وذلك وفقا للقانون رقم 81.12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة.
الفقرة الثانية : معيقات مبدأ استمرارية المرفق العمومي في الظروف الإستثنائية
يخول مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات للسلطات العمومية اتخاذ مختلف التدابير لضمان استمرارية المرفق العمومي. وتبقى مسؤولة عن الأضرار اللاحقة بالمرتفقين، ما لم يثبت وجود قوة قاهرة أو حدث فجائي والذي يخول لها من أجل ضمان استمرارية المرفق العمومي اتخاذ تدابير استثنائية قد تكون غير مشروعة في الظروف العادية لسير المرفق العمومي.
ولضمان استمرارية المرفق العمومي في الظروف الأستثنائية كحالة الحرب أو الحصار. أقر الإجتهاد القضائي لاسيما الفرنسي مجموعة النظريات لضمان استمرارية المرفق العمومي في الظروف الإستثنائية ويتعلق الأمر بنظرية الموظف الفعلي (أولا) ونظرية الظروف الطارئة (ثانيا).
أولا: نظرية الموظف الفعلي
يقصد بالموظف الفعلي أو الواقعي ذلك الشخص الذي يعترف القضاء في بعض الظروف بصحة تصرفاته في ميدان الوظيفة التي يزاول مهامها فيها رغم أنه لم يعين تعيينا صحيحا،[111] فالموظف الفعلي أو الواقعي هو ذلك الشخص الذي عين في الوظيفة العمومية تعيينا معيبا أو لم يصدر بتعيينه أي قرار. ومع ذلك فإن الأعمال التي صدرت عنه تعتبر مشروعة وفق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي، التي خلقها وطبق أحكامها مجلس الدولة الفرنسي سواء في الظروف الاستثنائية أو الظروف العادية.[112]
فالأصل في ممارس الوظيفة العمومية أن تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون للتعيين في تلك الوظيفةالعمومية. إلا أنه حفاظا على استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات اعتبر القضاء الأعمال الصادرة عن الأشخاص الذين يحلون محلهم، والذين لا تتوفر فيهم صفة الموظف العمومي أعمالا مشروعة ومنتجة لكافة آثارها القانونية. لأن الفعل والواقع هو الذي جعل منهم موظفين عموميين وليس القانون.
ويعود الفضل في ابتكار هذه النظرية للقضاء الإداري الفرنسي وذلك للحفاظ على استمرار سير المرافق العمومية بانتظام واطراد. فقد طبقها أول مرة أثناء إحتلال الألمان لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية وما نتج عن ذلك من فتن واضطرابات أدت إلى تغيب وفرار الموظفين المختصين من أماكن عملهم، فحل محلهم في مزاولة مهامهم أشخاص عاديين،وذلك لضمان استمرار سير المرافق العمومية، فاعتبرت تصرفاتهم مشروعة.[113]
وتجد هذه النظرية تطبيقاتها في الظروف العادية مثلا، في ذلك الموظف التي يتم توظيفه بناء على شواهد معينة، ثم يتبين لاحقا أن هذه الشواهد مزورة ففي هذه الحالة تعتبر تصرفات هذا الموظف صحيحة ومنتجة لكافة آثارها رغم بطلان قرار توظيفه.وفي الظروف الإستثنائية كحالة الحرب أو الحصار...).
ثانيا: نظرية الظروف الطارئة
ترتبط نظرية الظروف الطارئة ارتباطا وثيقا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، وتطبق أساسا في مجال العقود الإدارية، والمقصود بهذه النظرية أن المتعاقد مع الإدارة الذي يجد صعوبة في تنفيذ التزاماته التعاقدية بسبب وقوع أحداث مفاجئة وغير متوقعة أو وجود قوة قاهرة، له الحق في أن تتدخل الإدارة مرة أخرى لتصحيح وإعادة العقد لتوازنه المالي والإقتصادي، حرصا منها على ضمان استمرارية المرفق في أداء خدماته.
و لقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظرية في قراره الصادر بتاريخ 30 مارس 1916 في قضية الشركة العامة لإنارة بوردو. [114]وتتلخص وقائع هذه القضية في كون الشركة المذكورة عملت على استغلال مرفق الغاز والكهرباء بمقتضى عقد امتياز، إلا أن الحرب العالمية الأولى أدت إلى ارتفاع في أسعار الفحم الذي يستخدم في إنتاج الغاز مما أدى إلى الارتفاع في تكلفته ،وبالتالي أدى ذلك إلى قلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة استحال معها تنفيذه من قبل الشركة، بالشروط المتفق عليها مسبقا مع الإدارة مانحة الامتياز، وهذه الزيادة لم يكن يستطيع الطرفان المتعاقدان توقعها. فأقامت الشركة العامة للإنارة بوردو دعوى ضد مدينة بوردو أمام مجلس الدولة الذي قضى بضرورة استمرار العقد وتحمل السلطة العامة مانحة الامتياز الأعباء التي يتطلبها استمرار المرفق العمومي في أداء الخدمات.
غير أنه لتطبيق هذه النظرية يجب توفر مجموعة من الشروط وهي على النحو التالي:
أن يصبح تنفيذ العقد مهددا للمتعاقد بخسائر دون أن تجعله مستحيلا.
أن ينتج ذلك عن حوادث غير عادية وغير متوقعة عند إبرام العقد كالحرب أو الجفاف أوالفيضانات...)
أن تؤدي هذه الظروف إلى قلب التوازن المالي للعقد رأسا على عقب.
ألا يكون لأحد المتعاقدين دور في حدوث الظرف الطارئ.
وقد نص المشرع المغربي سواء في القانون رقم 54.05 [115]المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية أو في القانون رقم [116]86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص على بعض المقتضيات المتعلقة بحق المتعاقد مع الشخص العام في إعادة التوازن المالي للعقد إذا حدث ما من شأنه أن يخل بهذا التوازن.
الفصل الثاني: تنظيم ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي
تعتبر ممارسة حق الإضراب، أحد أبرز تجليات الحريات النقابية، باعتباره وسيلة في يد الطبقة العاملة من أجل تحقيق مطالبها، والدفاع عن حقوقها المهنية والإجتماعية، كما أنه حق دستوري تم التنصيص عليه منذ إقرار أول دستور للمملكة بعد الاستقلال ،حيث نص الفصل 14 من الدستور المغربي لسنة 1962[117] على أن "حق الإضراب مضمون". وقد تم الاحتفاظ بنفس الصيغة في جميع المراجعات الدستورية اللاحقة، مقرونا بفقرة ثانية تنص على أنه سيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات اللازمة لممارسة هذا الحق". وعلى نفس النهج نصت الفقرة الثانية من الفصل 29 من الدستور المغربي لسنة2011[118]على أن "حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته. وإذا كان هذا الفصل قد جاء لتأكيد حق دستوري معترف به منذ أول دستور مغربي بعد الاستقلال، فإنه قد جاء أيضا بجديد سواء على مستوى الهيكلة الدستورية لهذا الحق من خلال التنصيص عليه في فصل واحد مع سائر الحريات الجماعية التي من بينها الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي، بعد أن كان يخصص له المشرع الدستوري فصلا فريدا في باقي المراجعات الدستورية منذ 1962 . وعلى مستوى الصياغة ألغى أيضا عبارة " سيبين" التي تدل على المستقبل مستعملا عبارة " يحدد" التي تدل على الحاضر، أثناء إحالته على شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق التي يحددها قانون تنظيمي.
كما أن الفصل 86 من الدستور المغربي لسنة 2011 نص على أنه " تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لايتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور ". الأمر الذي دفع الحكومة إلى إعداد مجموعة من صيغ مشاريع قوانين تنظيمية متعلقة بالإضراب، كان أخرها مشروع قانون تنظيمي متعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15. لكن ها نحن اليوم في سنة 2024 بعد تلاثة عشر سنة من صدور دستور 2011. الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الجزاء المترتب في حالة عدم احترام الأجل المنصوص عليه في هذا الفصل لعرض مشاريع قوانين تنظيمية قصد المصادقة عليها، نعتقد أن الدستور لم يتضمن جزاء محددا، وهو ما يجعل هذا الالتزام سياسيا معنويا وفقط.
وأمام هذا الفرغ التشريعي لتنظيم ممارسة حق الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص. فعل القضاء الإداري المغربي دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الشروط والضوابط التي ينبغي احترامها لممارسة حق الإضراب ،والمستلهمة من الإجتهاد القضائي الفرنسي. في انتظار صدور القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع منذ أول دستور للمملكة المغربية.
وتأسيا على ما سبق فإننا سنحاول التحدث عن التكييف القانوني لتنظيم ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية (المبحث الأول)ثم بعد ذلك سنقوم بقراءة تحليلية تحليلية لمشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب (المبحث الثاني)باعتباره آخر مشروع قانون تنظيمي تم إعداده من طرف الحكومة.
المبحث الأول: التكييف القانوني لتنظيم ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
يعد الحق في الإضراب من بين أخطر الحقوق التي تهدد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدما ت، الأمر الذي دفع المشرع في أغلب التشريعات إلى تجريمه، ثم تقييده أحيانا لاسيما في المرافق العمومية ،وإذا كانت أغلب التشريعات قد وفقت نوعا ما بين الحق في الاضراب كحق دستوري واستمرارية المرفق العمومي كمبدأ دستوري أيضا،فإن بعض التشريعات لازال يعتريها الكثيرالغموض وهو حال التشريع المغربي، في انتظار صدور قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة الاضراب والذي وعد به المشرع الدستوري منذ صدور أول دستور للمملكة المغربية سنة 1962.
وقد عرفت ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية مدا وجرا على مر تاريخ الحياة السياسية المغربية، بحيث كان محرما على العاملين في المرافق العمومية وفيما بعد تم الإعتراف به كحق دستوري مطلق لم ترد عليه أي قيود ،والإحالة على أنه سيصدر قانون تنظيمي ينظم هذا الحق منذ أول دستور للمملكة، غير أن هذا القانون التنظيمي لم يكتب له الصدور بعد، وبمناسبة ممارسة هذا الحق في كل مرة لاسيما في مرفق الصحة والتعليم. فعّل القضاء الإداري دوره الإنشائي، وأرسى مجموعة من الضوابط والشروط التي ينبغي مراعاتها واحترامها عند ممارسة حق الإضراب في انتظار صدور القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع منذ أول دستور للمملكة.
وتأسيسا على ما سبق فإننا سنحاول التطرق إلى تطور ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي (المطلب الأول ) ثم سنتطرق فيما بعد إلى الشروط والضوابط التي وضعها الإجتهاد القضائي المغربي لتنظيم ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية في ظل الفراغ التنظيمي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تطور تنظيم ممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي
إذا كان حق الإضراب يعتبر من بين أهم الحقوق التي تشكل ممارستها مسا صارخا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، فإن المشرع المغربي على طول تاريخ الحياة السياسية المغربية، قد تردد في الإعتراف بمشروعية هذا الحق لاسيما في المرافق العمومية. بحيث تميزت المرحلة الأولى بمنع ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية (الفقرة الأولى) في حين تميزت المرحلة الثانية بالإقرار بمشروعية ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مرحلة منع ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
عرف المغرب في هذه المرحلة حدث عنيفا هز كيانه السياسي، وكان له انعكاس كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد وتمثل هذا الحدث في توقيع معاهدة الحماية في 30مارس سنة 1912، لتبدأ فرنسا سياستها الإستعمارية في البلاد،وابتداء من سنة 1912 الى غاية سنة 1956 فقد عرفت هذه الفترة حرمان الموظفين المغاربة من الحق في الاضراب ، على اعتبار النصوص القانونية التي كانت في هذه الفترة كانت تهم الموظفين المستوطنين الفرنسيين فقط[119]، استجابة للنقابات العمالية الفرنسية التي كانت تدعوا إلى ذلك. وقد استمر الوضع لما هو عليه إلى غاية نهاية الاحتلال الفرنسي سنة 1958.
بعد حصول المغرب على استقلاله ، اقتضت الضرورة انفتاح السلطات على القيام بمجموعة من الإجراءات التي تعكس أهمية هذه اللحظة التارخية ،وهو ما تجلى في إعادة النظر في ظهير سنة 1936 المتعلق بالنقابات العمالية ،وتبلور ذالك عبر اصدار ظهير جديد يعيد الإعتبار للعمل والحريات النقابية بالمغرب وتمظهر ذلك في ظهير 16 يوليوز 1957[120] بشأن النقابات المهنية،. إضافة إلى اصدار مرسوم 5 فبراير 1958[121] بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي الذي بموجبه تم الاعتراف للموظفين المغاربة بالحق النقابي بصريح الفصل الأول منه الذي نص على أنه "يعترف بالحق النقابي لموظفي وأعوان الإدارات والمكاتب والمؤسسات العمومية طبق الشروط والتحفظات المبينة فيما بعد". لكن في نفس الوقت نص الفصل الخامس من نفس المرسوم على أنه " كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الإنقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عنه علاوة على (بدون مراعاة) الضمانات التأديبية ويعم هذا جميع الموظفين".
هذا المرسوم الذي تضمن خمسة فصول فقد أثار مجموعة من الإشكالات، بحيث أعطى الحق النقابي بمفهومه الشامل لجميع الموظفين، بمقتضى الفصل الأول، ويلاحظ أن المرسوم تراجع عنه وبشكل مثير للغرابة بمقتضى الفصل الخامس والأخير من المرسوم،مما أثار العديد من الإشكالات الكبرى خاصة بعد صدور الظهير المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 والذي لم يتعرض لمقتضيات توقف الموظفين عن العمل تلغي مقتضيات مرسوم 5 فبراير 1958، وإنما اكتفى بالإعتراف للموظف العمومي بالحق النقابي دون الحق في الإضراب بحيث نص الفصل 14 من قانون الوظيفة العمومية على أنه"يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج على الإنتماء أو عدم الإنتماء إلى نقابة ما،أية تبعبة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم، أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة" وبهذا عندما يكون المشرع المغربي قد اعترف للموظف العمومي بالحق النقابي مرة أخرة. فإنه يكون ضمنيا قد اعترف للموظف العمومي بالحق في الإضراب، نظرا لوجود ارتباط قوي بين الحق النقابي والحق في الإضراب.
كما أن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) ظل متمسكا بتطبيق مقتضيات الفصل الخامس من مرسوم 5 فبرابر 1958 وهو ما يتضح بجلاء في قضة السيد الحيحي محمد. ويتعلق الأمر هنا بطعن قدمه السيد الحيحي محمد ، وكان آنذاك معلماً بمدينة آزرو،بتاريخ 8 شتنبر 1960 يطلب فيه من المجلس الأعلى إلغاء قرار وزير التربية الوطنية والشبيبة والرياضة الصادر بتاریخ 28 مارس 1960. والقاضي بتوقيف الطاعن ابتداء من 25 من نفس الشهر، وبدون راتب، من منصبه في قسم الشبيبة والرياضة بالرباط، وكذلك إبطال قرار نفس الوزير بتاريخ 15 أبريل 1960 بفسخ عقد الطاعن بعد غيابه يوم 25 مارس 1960. وبحذف اسمه من أطر قسم الشبيبة والرياضة ابتداء من فاتح أبريل 1960.[122]
وقد قرر المجلس الأعلى في نهاية المطاف رفض الطعن المقدم من قبل السيد محمد الحيحي. وبالتالي اعتبار قرار وزير التربية قراراً شرعياً يتوقيف وطرد الطاعن، لأنه ارتكز على الفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958، والذي اعتبره المجلس الأعلى يدخل ضمن اختصاصه.
بالتالي يلاحظ أن القضاء الإداري المغربي اعتبر ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية أمرا ممنوعا خلال هذه الفترة،ويمكن معاقبة ممارسه خارج الضمانات التأديبة المنصوص عليها قانونا، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958.
الفقرة الثانية: مرحلة الإقرار بمشروعية ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
دخلت ممارسة حق الإضراب منعطف واضحا بعد إصدار أول دستور للمملكة، ذلك أن دستور 1962[123] نص في الفصل 14 منه على أن " حق الإضراب مضمون" مع الإشارة إلى أن تنظيمه سيتم عن طريق قانون تنظيمي وقد حافظ هذا الفصل على نفس الصياغة في الدساتير اللاحقة، إلى غاية دستور 2011.
غير أنه بمناسبة ممارسة حق الإضراب كل مرة وخوفا من شل المرافق العمومية لاسيم تلك المرافق السيادسة كمرفق الأمن والقضاء والجيش...) عمل المشرع المغربي على إصدار مجموعة من القوانين الرامية إلى منع ممارسة حق الإضراب في مجموعة من القطاعات الحساسة والتي تشكل ممارسة حق الإضراب فيها تهديدا لسيادة الدولة الداخلية والخارجية.
وهكذا فقد تم إصدار ظهير فاتح مارس من سنة 1963[124] المتعلق بمتصرفي وزارة الداخلية، حيث ينص في فصله الخامس عشر على أنه " كل انقطاع مدبر عن العمل... أوكل عمل جماعي يتسم بالخروج عن النظام يجردهم من الضمانات التأديبية".
كما ثم إصدار ظهير يهم رجال القضاء وذلك في 11 من نوفمبر 1974[125] حيث يمنع بمقتضى الفصل الثالث عشر منه " كل عمل من شأنه إيقاف أو عرقلة سير المحاكم...".
كما تم إصدار مرسوم بتاريخ 12 نونبر 1974[126] والخاص بموظفي إدراة السجون والذي منع كسابقه على هذه الفئة ممارسة حق الإضراب حيث نص في الفصل 24 منه على أن " موظفي مؤسسة السجون ملزمون بالإقامة في المدينة التي يعملون فيها ويتعين عليهم الاستجابة لطلبات رؤسائهم كلما احتاجوا إليها ليلا أو نهارا" مما يعني معه عدم إمكانية الدخول في إضراب يمنع من الاستجابة لرؤساء العمل.
بل إن المنع تجاوز موظفي الدولة الذين اعتبرت المهام الموكولة إليهم حساسة، ومن شأن دخولهم في الإضراب الإخلال بالنظام العام.
بحيث تجاوزهم إلى غيرهم من أصحاب المهن الحرة كالمحاماة والتي تم منع الإضراب فيها بموجب القانون رقم 19.79[127] والذي صدر في 8 نونبر 1979 والمتعلق بتنظيم نقابة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة ، حيث بفهم من هذا المنع[128] بأنه حفاظا على مبدأ الإستمرارية في أداء الخدمات وضمان الخدمة داخل المحاكم أن منع الإضراب عن المحامين ولو إنها مهنة حرة إلى أن عمل موظفي الدولة (القضاة) رهينا بعمل مهنة المحاماة، وهو توسيع في مفهوم النظام العام الذي يصعب ضبطه أو حصره.
وتبقى هذه النماذج المقدمة على سبيل المثال لاعلى سبيل الحصر ، إذ هناك فئات أخرى تمنع من العمل النقابي برمته بما فيه ممارسة حق الإضراب، تماشيا مع فكرة ضرورة اتصافها بالحياد والاستقامة والانضباط التام والجهوزية على مدار الأسبوع والشهر.. كالقوات المسلحة الملكية بمختلف تشاكيلها والدرك والوقاية المدنية.
ورغم المنع الصريح لهذه الفئات العريضة من ممارسة الحق الدستوري المتمثل في حق ممارسة الإضراب، إلا أن الموظفون والعمال تمكنوا على الأقل من انتزاع الاعتراف الدستوري وإن بقي دون تنظيم إلى حدود اليوم .غيرأنه رغم الفراغ التنظيمي لممارسة حق الإضراب في التشريع المغربي وبمناسبة ممارسة هذا الحق كل مرة ،وأخذا بعين الإعتبار الإشكالات التي تثيرها ممارسة هذا الحق لاسما تعطيل المرافق العمومة، وأحيانا الإخلال بالنظام العام. فعّل القضاء الإداري المغربي دوره الإنشائي، وأرسى مجموعة من الضوابط والشروط التي يتعين احترامها لممارسة الحق في الإضراب، ويكون أنا داك أكد على مشروعية ممارسة حق الإضراب مرة أخرى بالمرافق العمومية.
وهو ما تجسد من خلال موقف المحكمة الإدارية بمكناس في حكم السيد محمد شيبان.[129] وتتلخص وقائع هذا الحكم "كون أن المعلم محمد شيبان لم يحضر إلى مقر عمله في 1 مارس 2000 لأنه كان مضربا، وتزامن هذا الإضراب مع زيارة المفتش، ونتيجة لهذا حصلى على عقوبة تأديبية (الإنذار) من وزير التربية الوطنية تحذيرا له على إخلاله بواجباته المهنية.
واستأنف السيد محمد شيبان بالطعن أمام المحكمة الإدارية بمكناس، من أجل إلغاء القرار الإداري الصادر عن وزير التربية الوطنية حيث اعتبر أن العقوبة المتخذة في حقه تتناقض مع حقه في الاضراب المنصوص عليه بمقتضى الدستور وقد قضت المحكمة الإدارية بمكناس بإلغاء القرار الصادر عن وزير التربية الوطنية بتاريخ 18 أبريل 2001 القاضي باتخاذ عقوبة الإنذار في حق السيد محمد شيبان"، واعتبرت المحكمة أن:
الإضراب حق دستوري أكدته جميع الدساتير المتعاقبة.
عدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الإضراب لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود، بل لابد من ممارسته في إطار ضوابط تمنع إساءة استعماله وتضمن انسجامه مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العمومية على تحو لا يمس سيرها المنتظم بشكل مؤثر.
عدم ثبوت كون الإضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة، لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني
وهو نفس الموقف الذي سارت عليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 7 فبراير 2006، مؤكدة على حق الموظفين في ممارسة حق الإضراب. وأن ذلك لا يتوقف على صدور القانون التنظيمي مكرسة مجموعة من الضوابط التي يجب أن تضبط ممارسته [130].
وبهذا يكون القضاء الإداري المغربي قد أكد على عدم مشروعية مقتضيات مرسوم 5فبرير1958، والتي تضمنت منعا كاملا لممارسة حق الإضراب المكفول دستوريا منذ أول دستور للمملكة . بالتالي التأكيد على أن القواعد الدستورية تحتل الصدارة في نطاق تدرج القواعد القانونية وأن مقتضيات المرسوم السابق تعتبر لاغية لكونها تخالف أسمى قانون في البلاد وهو الدستور.كما أن مقتضيات هذا المرسوم تنظم اختصاصا جعله المشرع الدستوري من اختصاص السلطة التنظيمة (القانون التنظيمي) بالتالي التأكيد مرة أخرى على مشروعية ممارسة حق الإضراب وعلى عدم مشروعية مرسوم 5فبراير 1958.
ويلاحظ أن موقف المحكمة الإدارية بمكناس يماثل تماما ما انتهى إليه قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية Dehaene الصادر بتاريخ 7 يوليوز 1950 الذي أقر بحق ممارسة الإضراب بالاستناد إلى تصدير الدستور (دستور الجمهورية الرابعة ) الذي كان ينص على أن حق الإضراب يمارس في إطار القوانين التي تنظمه» دون الالتفات إلى بعض القوانين التي كانت تحرم الإضراب على بعض الفئات من الموظفين، وبالمقابل اعتبر أن ممارسة حق الإضراب يجب أن تتم دون تعسف مقرا بحق الإدارة في تقييد ممارسته حفاظا على استمرارية المرافق العمومية، تحت رقابة القضاء. فدور القاضي الإداري هو إيجاد التوازن بين مبدأ استمرارية المرفق العمومي وحق ممارسة حق الإضراب.[131]
المطلب الثاني: ممارسة حق الإضراب بين الفراع التنظيمي واجتهادات القضاء الإداري والقيود القانونية الواردة عليه
بعدما نص الفصل 29 من دستور 2011 على على أن "حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته"، وها نحن اليوم في سنة 2024 ولم يصدر هذا القانون التنظيمي الذي وعد به المشرع الدستوري منذ أول دستور للمملكة سنة 1962، وبمناسبة ممارسة هذا حق الأضراب كل مرة لاسيما في مرفق الصحة والتعليم... فعّل القاضي الإداري دوره الإنشائي وابتدع مجموعة من الضوابط والشروط التي يتعين احترامها لممارسة حق الإضراب (الفقرة الأولى)، غير أنه إذا كانت ممارسة حق الإضراب تتعلق بممارسة دستورية مؤطرة بموجب أسمى قانون في البلاد ،إلا أنه توجد مجموعة من النصوص القانونية التي تحد من هذه الممارسة الدستورية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجتهاد القضائي وتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية
تجدر الإشارة بداية أن مهمة القاضي تقتصر على تطبيق القانون والنطق بحكمه بصدد حالة معينة، لكن وظيفة القاضي الإداري تتجاوز ذلك، فالقضاء الإداري لم يكن مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني، بل قضاء إنشائيا يبتدع النظريات ويبتكر المبادئ القانونية، ويجد الحلول المناسبة التي تتفق مع طبيعة العلاقات التي تنشأ بين الإدارة والأفراد، خاصة عند غياب نص قانوني يحكم المنازعة الناشئة عن مثل هذه العلاقات.[132] بالتالي أمام غياب القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب فعّل القاضي الإداري المغربي دوره الإنشائي وابتكر وابتدع مجموعة من الشروط والضوابط لممارسة حق الإضراب بالمرافق العمومية والتي استلهمها من الإجتهاد القضائي الفرنسي وهي على النحو التالي:
أن يؤطر الإضراب من طرف نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا:
نص الفصل 14 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية[133] على أنه "يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج على الانتماء أو عدم الانتماء إلى نقابة ما، أية تبعة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم ، أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة."
وبهذا يكون المشرع المغربي اعترف للموظفين والمستخدمين الخاضعين لهذا القانون بالحق في تنظيم وتسيير المرافق العمومية ،لأنه جوهر مبدأ الديمقراطية الإدارية، وذلك بالسماح لهم بالحق في تشكيل نقابات مهنية وظيفية والتي أضحت وسيلة لتحقيق مطالبهم المهنية والدفاع عن مصالح المنخرطين فيها.[134]
بالتالي وفقا لهذا الشرط، يجب أن يصدر ويؤطر قرار اتخاذ الإضراب من قبل نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونية. طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 1.57.119 بشأن النقابات المهنية المحددة لشروط تأسيس النقابة المهنية.غير أن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الإطار هو أن القضاء لم يتطرق بشكل أساسي لاشتراط اشراف النقابة على الإضراب لكي يعتبر مشروعا، ماعدا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها عدد دد 63-2001 بتاريخ12/7/2001 المشار إليه سابقا الذي أكد على أن "ممارسة حق الإضراب يجب أن تكون بناء على توجيه من نقابة ذات تمثيلة ومشكلة تشكيلا قانونيا".
وجدير بالذكر أن الإضرابات التي تقوم بها أطر وزارة التربية التكوين اليوم تعتبر غير مشروعة لكونها صادرة عن تنسيقيات ليس لها تشكيلا قانونيا ولا شرعية اتخاذ قرار الإضراب ، لكن السؤال المطروح اليوم ماهو دافع اللجوء إلى اتخاذ قرار الإضراب من طرف التنسيقيات التي ليس لها إطار قانوني، ولا يعرف من يقودها بالرغم من وجود النقابات التي لها شرعية اتخاذ قرار الإضراب ؟
للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نشير إلى أننا اليوم في المغرب، لازلنا لم نفهم معنى الديمقراطية بعد، وأن مقولة "الحقوق تأخذ ولا تعطى" لا زالت تعرف صدى وانتشار كبيرا في المجتمع المغربي بسبب تراجع منسوب الثقة في رجل السياسة والنقابات لكونها حسب الكثيرين لا تعتبر ممثلا حقيقيا للطبقة الشغيلة .الأمر الذي دفع الطبقة الشغيلة إلى إنشاء هذه التنسيقات كبديل لممارسة العمل النقابي والدفاع عن مصالح وحقوق الطبقة الشغيلة عوض النقابات التي تعاني اليوم من الشيخوخة سواء في هياكلها التنظيمية أو البشرية، وبالتالي اليوم أصبحت التنسيقيات امتدادا للإرادة الجماعية وسلطة بديلة مضادة في ظل تراجع وتكاسل واضمحلال دور النقابات ومؤسسات الوساطة بعد أن ارتدت عباءة السياسي، وابتعدت كل البعد عن هدفها الرئيسي وهو الدفاع عن المصالح والحقوق المهنية للطبقة الشغيلة.
لكن بالرغم من الطبيعة اللاقانونية للتنسيقيات والقرارات التي تتخذها، إلا أنه لا يمكننا أن ننكر اليوم التأثير الكبير الذي تحدثه هذه التنسيقيات على استمرارية المرفق العمومي. لاسيما في مرفق التعليم عندما تتخذ قرار الإضراب وأبرز مثال على ذلك الإضراب الأخير الذي عرفه مرفق التعليم خلال الموسم الدراسي الحالي لسنة 2023/2024 والذي دام لمدة لأكثر من شهرين وما ترتب عن ذلك من هدر للزمن المدرسي واقتطاع من أجور المضربين وتوقيفهم أحيانا عن العمل.
تحديد مدة الإضراب:
من خصائص ممارسة حق الإضراب أن يكون محدد المدة حتى لايتحول إلى تعطيل تام للمرفق العمومي في أداء خدماته.
غير أن تحديد مدة الإضراب لا تخضع لقواعد محكمة ومحددة، وإنما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار اختلاف المرافق العمومية ونوعية الخدمات التي تؤديها،فالإضراب في مرفق الصحة ليس هو الإضراب في مرفق التعليم بالرغم من أهميت المرفقين معا . في هذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها في قضية محمد شيبان المشار إليه سابقا بشرعية الإضراب الذي لم يدم سوى يوم واحد. نفس الأمر أكدت عليه محكمة النقض في إحدى قراراتها وهو أن الإضراب وإن كان حقا دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفا.[135]
تحديد أسباب الإضراب وموضوعه:
فضلا عن الضوابط السالفة الذكر، فالإضراب ماهو إلا ذلك التوقف المؤقت المدبر عن العمل من أجل تحقيق مطالب مهنية، بالتالي لايمكن استغلاله لتحقيق مطالب أو مزاعم سياسية فكل إضراب يخرج عن المطالب المهنية لا يعتبر اضرابا مشروع.[136] وهو ما أكدت عليه المحكمة الإدارية بمكناس في حكم قضة السيد محمد الشيبان والمحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 2006.[137] كما أن تحديد أسباب الإضراب وموضوعه يعطي للجهات المعنية دراسته وإمكانية تداركه.
ممارسة حق الإضراب لا تخول احتلال الأماكن الإدارية من قبل المضربين:
منعت المحاكم الإدارية على المضربين أن يحتلوا أماكن الإدارة باعتبارها فضاء للعمل و الأداء الخدمات لا فضاء للتجمعات و النداءات.[138]
وجوب إخبار السلطات الإدارية بالإضراب:
طبقا لهذا الشرط يجب على كل من أراد القيام بالإضراب لأسباب مهنية كما أشرنا سابقا أن يخبر الإدارة أو الجهات المعنية بحسب الحالة بالإضراب، لكي يتنسنى لها أن تتخذ احتياطاتها الضرورية. ويجب أن يضم هذا الإخبار أوالإخطار أسباب الإضراب ومدته وموضوعه والجهة الداعية إليه.
وعمليا فالإخبار وسيلة مهمة لفتح الحوار بين المضربين والجهات المعنية. لأنه يمكن لهذه الأخيرة الإطلاع عن على أسباب الإضراب (المطالب المهنية) وتستجيب لها بالتالي تفادي الإضراب المفاجئة. ومعنى الإخبار هنا لا يفيد الترخيص بل مجرد إخبار للجهات المعنية. كما أقرت بذلك المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 7 فبراير 2006 والمشار إليه سابقا : " الإضراب الذي انخرط فيه المعني بالأمر لم يكن مسبوقا بإشعار، الشرط الأساسي لشرعيته ".
الحد الأدنى من الخدمة كضمانة للموازنة بين حق الإضراب واستمرارية المرفق العمومي
إذا كانت ممارسة حق الإضراب من الناحية المبدئية تشكل مسا بمبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات، فإن بعض التشريعات قد وفقت نوعا ما في التوفيق بين استمرارية المرفق العمومي وممارسة حق الإضراب، ويكون ذلك عن طريق التزام المضربين بتقديم الحد الأدنى من الخدمة لضمان استمرارية المرفق العمومي ويتعلق الأمر هنا بالخدمات الأساسية والضرورية التي يقدمها المرفق العمومي.
وهو ما دأب إليه الإجتهاد القضائي المغربي بحيث جاء في حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/2001 المشار إليه سابقا أن" عدم صدور تشريع تنظيمي يحدد كيفية ممارسة حق الإضراب لا يعني إطلاق هذا الحق بلا قيود بل لابد من ممارسته في إطار ضوابط تمنع من إساءة استعماله وتضمن انسجامه مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق العامة على نحو لا يمس بسيرها المنتظم ... وأن عدم ثبوت كون الإضراب الذي خاضه الطاعن فيه خروج عن الضوابط المذكورة، لذلك لا يمكن اعتباره تقصيرا في الواجب المهني، وبالتالي تكون عقوبة إنذار المؤسسة على هذه الواقعة لاغية...".
الفقرة الثانية: القيود القانونية الواردة على ممارسة حق الإضراب
بالرغم من التكريس الدستوري لحق الإضراب منذ أول دستور للمملكة سنة 1962 إلى غاية دستور 2011. إلا أنه توجد مجموعة من النصوص القانونية لاسيما في القانون الجنائي ومدونة الشغل التي تحد من هذه الممارسة الدستورية، وهكذا فقد نص الفصل 288 من القانون الجنائي[139] على أنه " يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه، أو حاول ذلك مستعملا الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس متى كان الغرض منه هو الإجبار على رفع الأجور أو خفضها أو الإضرار بحرية الصناعة أو العمل.
وإذا كان العنف أو الإيذاء أو التهديد أو التدليس قد ارتكب بناء على خطة متواطأ عليها، جاز الحكم على مرتكبي الجريمة بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات".
وتعتبر النقابات ومختلف الفاعلين الحقوقيين والإجتماعيين أن هذا الفصل من القانون الجنائي يناقض الفصل 29 من الدستور، الذي ينص على أن “حق الإضراب مضمون”؛ ويعتبر إحدى مظاهر التضييق على ممارسة حق الإضراب والمساس به أحيانا وإذا كان المشرع بموجب هذا الفصل من القانون الجنائي يهدف إلى حماية حرية الشغل من المساس بها من قبل المضربيين، فإن موقفه هذا كان ومازال محط انتقاد الفقه المغربي،[140] كما نجد أن مختلف المنظمات الحقوقية والنقابية لا تتردد في كل مرة بالمطالبة بإلغاء هذا الفصل بحيث لا يمكن أن نتعرف من جهة بشرعية ممارسة حق الإضراب. ومن جهة أخرى نجرم الأفعال التي تصاحب ممارسة حق الإضراب.
وفي هذا الإطار يؤكد أستاذنا عبد اللطيف خالفي، وعلى غرارباقي التنظيمات النقابية الأخرى بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، باعتباره قيداً تشريعيا على ممارسة الحق في الإضراب، يمس في الجوهر فعاليته من جهة، ومن جهة ثانية لأن الحماية القانونية التي توفرها قواعد القانون الجنائي في غير نص الفصل 288. كافية لصيانة حقوق الأجراء غير المضربين من أي عنف أو تهديد أو إيذاء قد يتعرضون له أثناء الإضراب، فلا حاجة إذن إلى فصل خاص، يتضمن عقوبة أشد من العقوبات الواردة في غير الفصل 288، [141] الذي يكشف عن تبعية مشوهة من قانوننا للقانون الفرنسي، تبعية لم تراع خصوصية تطور النظام القانوني" للإضراب بالمغرب.[142]
وبالعودة إلى مقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل نجد أن المشرع ذهب إلى نفس الأمر، عندما صنف عرقلة حرية العمل ضمن الأخطاء الجسيمة التي تبرر فصل الأجير بالرغم بالتنصيص على معاينة مفتش الشغل لعرقلة حرية العمل وتحرير محضر بشأنها.[143] وفي ذلك أيضا تضييق على شرعية ممارسة حق الإضراب.
المبحث الثاني :قراءة تحليلية لمشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب وأسبابه عدم خروجه الى حيز الوجود
إذا كان الفصل 29 من دسور 2011 أكد على مشروعية ممارسة حق الإضراب، وأحال على على قانون تنظيمي سيحدد كيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب، فإن الفصل 86 من نفس الدستور نص على أن" تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لايتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور ". الأمر الذي ألزم الحكومة إعداد مجموعة من صيغ مشاريع قوانين تنظيمية متعلقة بالإضراب كان أخرها مشروع قانون تنظيمي متعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 الذي يتكون من 49 مادة مبوبة على ستة أبواب.
وقد أثار هذا المشروع الكثير من الجدل بين الأوساط المهنية بسبب الصيغة والمضامين التي جاء بها، بحيث تم رفضه رفضا تاما من طرف النقابات والفاعلين الإجتماعيين والحقوقيين واعتبره البعض مشروع تكبيلي يتناقض مع مقتضيات الفصل 29 من الدستور الذي يضمن ممارسة حق الإضراب. لكن السؤال المطروح هنا إلى أي حد استطاع هذا المشروع المثير للجدل التوفيق بين الحق في الإضراب واستمرارية المرفق العمومي؟ وإلى أي حد استطاع هذا المشروع وضع آليات وشروط واضحة لضمان ممارسة الحق في الإضراب؟ وهل فعلا أجاب على مختلف الاشكاليات المتعلقة بممارسة حق الاضراب ؟أم أنه مجرد قانون وضع لنقول انه لدينا مشروع قانون تنظيمي للإضراب فقط؟ وما هي أسباب عدم خروج هذا المشروع قانون إلى حيز الوجود إلى الأن؟
وقد ورد في مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب الذي تمت إحالته على البرلمان سنة 2016 وتم سحبه فيما بعد، في 49 مادة موزعة على ست أبواب جاءت وفق الشكل التالي:
الباب الأول: أحكام عامة (من المادة 1 إلى المادة6)
الباب الثاني: شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص (من المادة 7 إلى المادة29)
الباب الثالث: شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (من المادة 30 إلى المادة33)
الباب الرابع: أحكام خاصة بالإضراب في المرافق الحيوية (المادة 34)
الباب الخامس: العقوبات(من المادة 35 إلى المادة 46)
الباب السادس: أحكام مختلفة وختامية (من المادة 47 إلى المادة 49)
غير أنه قبل دراسة الجانب الموضوعي لهذا المشروع فقد تم تسجيل مجموعة من الملاحظات المثيرة للجدل على المستوى الشكلي وهي على النحو التالي:
غياب الدباجة: يتضح ان هذا المشروع صدر بدون ديباجة بل تم حذفها بعد دراسته والمصادقة عليه من قبل المجلس الحكومي، حيث أن مشروع القانون من حيث طريقة الوضع لدى البرلمان قدم بدون مذكرة تقديمية توضح خلفيات تنزيله والمرجعيات التي ينهل منها.[144]
عدم توازن أبواب المشروع: يلاحظ أن أغلب مقتضيات هذا المشروع تتعلق بممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، بحيث تم تخصص 22 مادة من أصل 49 كلها تتحدث كيفيات وشروط ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، وكأن الإضراب يمارس في القطاع الخاص فقط، في حين تم تخصيص 4 مواد من أصل 49 لتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام، مما يجعلنا نستنتج أن هذا القانون جاء بعيدا كل البعد عن الممارسة العملية والواقعية للإضراب لأن الإشكالات التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (مرفق التعليم والصحة نودجا) أكثر بكثير وأقل تأثيرا من تلك التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص.
هيمنة الطابع الجزري على المشروع: يلاحظ أن الباب الخامس المخصص للعقوبات تضمن 12 المادة من أصل 49 مادة من هذا المشروع، بالتالي فالمشرع من خلال هذا المشروع استحضر البعد الجزري أكثر لتنظيم هذا الحق الدستوري.
للإجابة عن مختلف هذه الإشكالات السالفة الذكرأعلاه ، فإننا سوف نقوم بقراءة تحليلية لهذا المشروع وذلك بالقيام بتحليل كل باب على حدة ثم كل مادة على حدة، وذلك وفق التصميم التالي:
المطلب الأول:قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الأول والثاني والثالث من مشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب
المطلب الثاني : قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الرابع والخامس والسادس من مشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب وأسباب عدم صدوره
المطلب الأول: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الأول والثاني والثالث من مشروع قانون رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب
و بناء على ما سبق سوف نقوم بقراءة تحليلية للباب الأول المعنون بـ أحكام عامة (الفقرة الأولى) وبعدها نقوم بقراءة تحليلية للباب الثاني المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص(الفقرة الثانية)، ثم بعدها سنقوم بقراءة تحليلية للباب الثالث المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الأول المعنون بـ أحكام عامة
نصت المادة 1 على أنه" تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من الدستور، يحدد هذا القانون التنظيمي شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب"[145]
يلاحظ أن المشروع من خلال هذه المادة أعاد التأكيد على مشروعية ممارسة الحق الدستوري المتمثل في الإضراب، تطبيقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من دستور 2011. وأن هذا المشروع سيحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب كما أحال عليه المشرع الدستوري.
نصت المادة 2 على أنه "الإضراب هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين.[146]
إذا كان المشرع في أغلب الدول التي تعترف بمشروعية ممارسة حق الإضراب، تتفادى تعريف الحق في الإضراب، نظرا لحساسية هذا الحق الدستوري وأيضا لحجم للإشكالات التي يثيرها على مستوى سير المرافق العمومية. بالإضافة إلى إلى أن تعريف المصطلحات والمفاهيم القانونية من اختصاص الفقه والقضاء، فإن المشرع من خلال هذا المشروع عرف الحق في الإضراب وضيق نطاقه، بالرغم شساعة هذا الحق ويثير هذا التعريف مجموعة من الملاحظات بخصوص ممارسة حق الإضراب وهي على النحو التالي:
أن يكون الإضراب في شكل توقف جماعي: اشترط المشروع في الإضراب أن يتم بشكل جماعي. ويكون بذلك قد استبعد الإضراب الفردي.
أن يتم الإضراب بصفة مدبرة: اشترط المشروع في الإضراب أن يتم بصفة مدبرة، ويكون بذلك قد استبعد الإضراب المفاجئ[147] من نطاقه. والإضراب المدبر غالبا ما يكون تحت تأطير واشراف النقابة أو الجمع العام للعمال أو الموظفين عند غياب النقابة.
أن يكون الإضراب لمدة محددة: اشترط المشروع أيضا في الإضراب أن يكون في مدة محددة. ويكون بذلك استبعد الإضراب الغير محدد المدة من نطاق مشروعيته، غيرأنه إذا كان المشروع اشترط في الإضراب أن يكون محدد المدة ،فإنه يعاب عليه أنه لم يحدد الحد الأدنى أو الأقصى لمدة الإضراب، وجعلها خاضعة للقواعد العامة بحسب المرفق الذي مورس فيه هذا الإضراب. وإذا كان البعض يعتبر تحديد مدة الإضراب تقيدا لهذا الحق[148]. فمحكمة النقض مؤخرا ترى خلاف ذلك، بحيث جاء في إحدى قراراتها[149] أن "لما كان الثابث من إقرار الأجير بمذكرة دفاعه أنه قد خاض إضرابا عن العمل لمدة غير محددة وأنه قد إقترن باعتصام بمقر الشركة المشغلة، فإن الإضراب وإن كان حق دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفا".وهو أيضا ما تم التأكيد عليه من خلال حكم المحكمة الإدارية بالرباطةسابقا.[150]
أن يهدف الإضراب إلى الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين: اشترط المشروع في الإضراب أن يهدف إلى الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين، كان من الأجدر والأحسن أن يستبدل هذا العبارة بعبارة " يهدف الإضراب إلى الدفاع عن المصالح المهنية والمشروعة والممكنة للمضربين"، لأن مفهموم المصالح الاجتماعية والإقتصادية مفهوم شاسع يصعب تحديد نطاقه. كما أن المشروع ربط مشروعية ممارسة حق الإضراب بالمصالح المباشرة للأجراء المضربين، ويكون ذلك واضعوا المشروع قد استبعدو مجموعة من أنواع الإضراب من نطاق المشروعية،لاسيما الإضراب التضامني والسياسي والإضراب العام.
وإذا كان هذا المشروع يهدف إلى تنظيم ممارسة حق الإضراب بشكل عام في جميع القطاعات والأنشطة، فإننا نعتقد من وجهة نظرا المتواضعة، أنه يجب إعادة صياغة المشروع كاملا، حتى تتلائم مقتضياته مع بعض الفئات الخاصة، والأجراء المستقلين، والعاملات والعمال المنزليين، وبعض المهن الحرة، وغيرها من الفئات،[151] لأن المشروع ربط ممارسة حق الإضراب بالأجراء المضربين كما ورد في آخر عبارة من هذه المادة.
نصت المادة 3 على أنه" يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بالمصطلحات التالية،ما يلي:
أ) - الأجير : كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني، ويعمل تحت إمرة مشغل، يكون تابعا له، وذلك مقابل أجر، أيا كان نوعه أو طريقة أدائه سواء كان يعمل في القطاع الخاص أو في القطاع العام ؛
ب) - المشغل : يعتبر مشغلا في القطاع الخاص كل شخص ذاتي أو اعتباري خاضع للقانون الخاص، يستأجر خدمات أجير للقيام بأعمال، في مقاولة أو مؤسسة. ويعتبر مشغلا في القطاع العام كل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام يسهر على تدبير مرفق عمومي، ويمارس بهذه الصفة صلاحيات السلطة العمومية ؛
ج) - الجهة الداعية إلى الإضراب هي :
النقابة الأكثر تمثيلا، طبقا للتشريع الجاري به العمل، أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني سواء تعلق الأمر بإضراب على الصعيد الوطني في القطاع العام أو القطاع الخاص ؛
النقابة الأكثر تمثيلا، طبقا للتشريع الجاري به العمل على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي المعني، وفي حالة عدم وجودها، النقابة التي حصلت على أكبر نسبة من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو أغلبية المأجورين في حالة عدم وجود تمثيلية عن النقابة في المقاولة أو المؤسسة المعنية أو المرفق العمومي المعني إذا تعلق الأمر بإضراب على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي ؛
د) - المرافق الحيوية : هي المرافق التي تقدم خدمات أساسية والتي من شأن توقف العمل بها كليا أو جزئيا أن يعرض حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم للخطر؛
هـ) - الحد الأدنى من الخدمة : قدر كاف من الخدمات الأساسية يجب تأمينه لضمان استمرارية تقديمها للمرتفقين في حالة ممارسة حق الإضراب."[152]
يلاحظ أن واضعوا المشروع ذهبوا إلى تعريف المفاهيم والمصطلحات الواردة في هذا المشروع كالأجير والحد الأدنى من الخدمة والمشغل والمرافق الحيوية.. ) غير أنه كان من الأجدر أن يعرف هذا المشروع مجموعة من المفاهيم والمصطلحات الغامضة والتي تم تكرارها أكثر من مرة في هذ المشروع،ويتعلق الأمر بالقطاع العام والقطاع الخاص والجمع العام للأجراء والخدمات الأساسية.
نصت المادة 4 على أنه"يمكن أن يمارس حق الإضراب وفق أحكام هذا القانون التنظيمي كل من :
-الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة لشغل :
-الموظفين والأعوان والمستخدمين لدى إدارات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية ولدى كل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام"[153]
يلاحظ من خلال هذه المادة أنها تتناقض مع مقتضيات الدستور وسنوضخ ذلك على النحو التالي:
نصت الفقرة الأولى من الفصل السادس من دستور 2011 للمملكة على أنه" القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له." في حين نصت الفقرة الثانية من الفصل 29 من نفس الدستور على أنه " حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته" بالتالي فالصيغة التي جاء بها الفصل 29 من الدستور جاءت مطلقة ولم ترد عليها شروط، وتبعا لهذا فالأمر يفرض هنا أن يتمتع بممارسة حق الإضراب جميع الفئات الشغيلة والطبقة العاملة. لكن المشروع قيد التحليل اسثنى مجموعة من الفئات من ممارسة هذا الحق الدستوري، لاسيما الأشخاص الذين لا تسري عليهم مدونة الشغل كعمال المنازل وبوابوا العمارات وأجراء القطاع التقليدي الصرف بالإضافة إلى مجموعة من الفئات الأخرى التي لا تسري عليها مدونة الشغل.
وإذا كان واضعوا المشروع حددو نطاق ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، وذلك باقتصاره على الفئات الخاضعة لمدونة الشغل كما يظهر جليا في المادة الرابعة، فإن واضعوا المشروع لم يتطرقوا إلى مسألة غاية في الأهمية ،وهي هل يمارس حق الإضراب وفق أحكام هذا المشروع قانون على الأشخاص الخاضعون بشكل مطلق لمدونة الشغل أم الأشخاص الخاصعون لمدونة الشغل احتياطيا أم استثناء. بالتالي فالأمر هنا يفرض حسما في هذه المسألة المهمة لأن هذا سيؤدي إلى حرمان فئات عريضة من هذا الحق الدستوري لذلك يجب أن يعاد النظر في صياغة هذه المادة لأنها تتسم بالمحدودية وعدم الدقة.
نصت المادة 5 من المشروع على أنه" كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة. ويعتبر كل إضراب الأهداف سياسية ممنوعا"[154]
بتحليلنا هذه المادة يتبين أن واضعوا المشروع اعتبرو أن كل دعوة إلى الإضراب تمت خلافا للكيفيات والشروط التي حددها المشروع، تعتبر باطلة ويكون المشروع بهذا قنن وحدد وضيق نطاق مشروعية الإضراب بحيث يسهل التمييز بين الإضراب المشروع والغير مشروع نوعا ما.
غير أنه بالعودة إلى الفقرة الثانية من هذه المادة يتبين أن المشروع منع الإضراب الذي يمارس لأهداف ومزاعم سياسية، غير أنه في بعض الأحيان يصعب التمييز بين الإضراب السياسي والإضراب الذي يرمي إلى الدفاع عن المصالح المهنية للمضربين. ويحدث ذلك عندما يقوم الموظفون والأجراء والعمال بالإضراب عن العمل ضد سياسة ما للحكومة تمس مصالحهم أوأوضاعهم القانونية كتغيير قيمة الحد الأدنى من الأجور أوتغيير قيمة الضريبة عن الدخل أو الإحتجاج على تمرير هذا المشروع بنفسه ... ) بحيث يصعب هنا التمييز بين الإضراب السياسي والإضراب الرامي إلى الدفاع عن المصالح المهنية للمضربين ، بالتالي كان من الأحسن أن يتضمن هذا المشروع معاييرا وشروط للتميز بين الإضراب المهني والإضراب السياسي نظرا لتداخلهما وصعوبة التمييز بينهما.
نصت المادة 6 من المشروع على أنه " يجب على كل أجير أراد المشاركة في ممارسة حق الإضراب التقيد بأحكام هذا القانون التنظيمي وكذا بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل"[155]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع يخاطب بصفة فردية كل أجير أراد المشاركة في ممارسة حق الإضراب التقيد بأحكام هذا المشروع وكذا بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، دون أن يخاطب النقابة باعتبارها المشرف والمؤطر لممارسة حق الإضراب. كما أن المشرع من خلال هذا المشروع كعادته لم يحدد هذه النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بحيث ترك المجال مفتوحا. فالمغرب بالرغم من عدم وجود قانون تنظيمي يحدد كيفيات وشروط ممارسة حق إلا انه توجد مجموعة من النصوص القانونية المتشتتة المتعلقة بتنظيم بممارسة حق الإضراب أو التوقف عن العمل خاصة في مدونة الشغل[156]والقانون الجنائي[157]ومرسوم المحاسبة العمومية[158] والقانون 81.12 بشأن الإقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة[159]بالإضافة إلى مجموعة من النصوص القانونية الأخرى.
بالتالي كان على المشرع من خلال هذا المشروع تحديد هذه النصوص القانونية حتى لا يبقى الباب مفتوحا لتقييد هذه الممارسة الدستورية.
الفقرة الثانية: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الثاني المعنون بـ شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص
نصت المادة 7 من المشروع على أنه " لا يمكن اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب إلا بعد انصرام أجل 30 يوما من تاريخ توصل المشغل بالملف المطلبي من الجهة التي يمكن لها الدعوة إلى الإضراب.
قبل اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب، يتوجب القيام، خلال الأجل المذكور في الفقرة السابقة، بإجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للأجراء قصد البحث عن حلول متوافق عليها. ولهذه الغاية، يمكن للأطراف الاتفاق على تعيين وسيط.
وفي حالة تعذر إجراء المفاوضات أو فشلها لأي سبب من الأسباب يتعين القيام ببذل جميع المساعي اللازمة لإجراء محاولة التصالح بين الطرفين طبقا للتشريع الجاري به العمل، وطبقا لمقتضيات اتفاقيات الشغل الجماعية عند وجودها.
وإذا لم تؤد محاولة التصالح إلى أي نتيجة، وقررت الجهة المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه الدعوة إلى الإضراب، وجبت ممارسته طبقا للشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي."[160]
بعد قراءتنا لهذه المادة يتبين جليا أن المشروع منع بشكل ضمني الإضراب الفجائي، بحيث جعل ممارسة حق الإضراب مشروطة بانصرام مدة 30 يوما، ابتداء من تاريخ توصل المشغل بالملف المطلبي من طرف الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب، وبذلك يكون المشروع جعل ممارسة حق الإضراب أخر الحلول وفي ذلك إعطاء فرصة للمشغل من أجل تدارس الملف المطلبي وإمكانية تدارك ممارسة حق الإضراب وذلك بالإستجابة لتلك المطالب المدرجة في الملف المطلبي.
غير أن المشروع هنا لم يتطرق لمسألة غاية في الأهمية، وهي ماذا يجب فعله عندما يرفض المشغل تسلم الملف المطلبي، وفي المقابل نجد أن المشروع ربط مشروعية ممارسة حق الإضراب بانصرام 30 يوما بعد تقديم الملف المطلبي بالتالي فالأمر هنا يجعلنا نقر بأن هذا المشروع يحد من هذه الممارسة الدستورية لحق الإضراب.
وإذا كان المشروع خلال مدة الثلاثين يوما السالفة الذكر اشترط اجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي، من أجل الوصول إلى حلول متوافق عليها، وأتاح للأطراف إمكانية تعيين وسيط، فإنه من جهة لم يحدد من هي الجهة التي يجب عليها أن تبادر لفتح باب المفاوضات، ومن جهة أخرى لم يحدد كيفية ومسطرة تعيين هذا الوسيط، هل هو من القطاع العام أم من القطاع الخاص وهل يقوم بهذه الوساطة بشكل مجاني أم بمقابل ومن سيؤدي هذا المقابل وما القانون الواجب التطبيق عن هذه الوساطة.
وإذا كان المشروع نص على أنه في حالة تعذر إجراء المفاوضات أو فشلها لأي سبب من الأسباب يتعين القيام ببذل جميع المساعي اللازمة لإجراء محاولة التصالح بين الطرفين طبقا للتشريع الجاري به العمل، وطبقا لمقتضيات اتفاقيات الشغل الجماعية عند وجودها، فإنه لم يحدد الجهة التي لها صلاحية البث في مدى فشل أونجاح تلك المفاوضات، كما أن المشروع لم يحدد المسؤولية المترتبة عن فشل المفاوضات في حالة ما إذا كان السبب يرجع للمشغل أو المضربين. كما ان المشروع لم يحدد الجهة التي يتعين عليها المبادرة لإجراء التصالح خاصة في ظل توتر العلاقة بين المضربين والمشغل. وفي الأخير جعل المشروع ممارسة حق الإضراب مقرونة بفشل المفاوضات وأخر الحلول.
نصت المادة 8 من المشروع على أنه" يعتبر باطلا بقوة القانون كل شرط تعاقدي أو التزام يقضي بتنازل الأجير عن ممارسة حق الإضراب.غير أنه يجوز التنصيص في اتفاقيات الشغل الجماعية على تعليق ممارسة حق الإضراب خلال مدة محددة، شريطة أن تتضمن الإجراءات الواجب اتخاذها لتسوية كل نزاع جماعي يحدث خلال مدة تعليق الإضراب.[161]
وبتحليلنا لهذه المادة، يتبين أن المشروع اعتبر باطلا بقوة كل شرط يقضي بتنازل الأجير عن ممارسة حق في الإضراب، غير أنه أورد على هذه القاعدة استثناء، بحيث يجوز التنازل عن ممارسة حق الإضراب لمدة محددة بمقتضى اتفاقية شغل جماعية.
نصت المادة 9 من المشروع على أنه" يمنع على المشغلين ومنظماتهم المهنية وعلى المنظمات النقابية للأجراء عرقلة ممارسة حق الإضراب بواسطة الاعتداء أو الانتقام أو الإغراء أو بواسطة أي وسيلة من الوسائل التي يمكن أن تحول دون ممارسة الأجراء حقهم في الإضراب"[162]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع وفّر مجموعة من الضمانات لممارسة حق الإضراب من بينها منع عرقلة ممارسة حق الإضراب، غير أن نطاق المنع هنا لم يكن سليما لأنه بالإضافة إلى الأشخاص التي منعها المشروع من عرقلة ممارسة حق الإضراب ،وكان من الأحسن إضافة الأجير انسجاما مع مقتضيات المادة 36 من المشروع التي تعاقبه على نفس الإخلال، أيضا إضافة الأغيار لأنه قد يحدث أحيانا عرقلة ممارسة حق الإضراب من طرف الأغيار.
نصت المادة 10 من المشروع على أنه"يمنع على المشغل خلال مدة سريان الإضراب، أن يحل محل الأجراء المضربين أجراء آخرين، لا تربطهم به أي علاقة شغل قبل تاريخ تبليغه قرار الإضراب.
غير أنه يجوز للمشغل في حالة رفض الأجراء المكلفين بتوفير حد أدنى من الخدمة أداء المهام المسندة إليهم في المرافق الحيوية طبقا لأحكام المادة 34 من هذا القانون التنظيمي، إحلال أجراء آخرين محل الأجراء المكلفين بتوفير حد أدنى من الخدمة، وذلك خلال مدة سريان الإضراب.
وفي حالة تعذر ذلك، أمكن للسلطات المحلية المختصة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استمرارية المقاولة في تقديم خدماتها على مسؤولية المشغل"[163]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع منع إحلال أجراء أغيار محل الأجراء المضربين وفي المقابل أجاز إحلال أجراء أغيار محل الأجراء المضربين المكلفين بتوفير الحد الأدنى من الخدمة أو عند تأثير هذا الإضراب على تزويد السوق بالخدمات والمواد الأساسية أو عندما يتعلق الأضراب بالمرافق الحيوية.
نصت المادة 11 من المشروع على أنه" يمنع على المشغل اتخاذ أي إجراء تمييزي في حق الأجراء بسبب ممارستهم حق الإضراب، من شأنه خرق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والمساس بالضمانات الممنوحة لهم والمتعلقة على الخصوص بحقوقهم ووضعياتهم ومسارهم المهني"[164]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع وفر مجموعة من الضمانات لممارسة حق الإضراب من بينها منع المشغل من اتخاذ أي إجراء تمييزي ضد الأجراء الممارسين للإضراب، وكان من الإحسن من وجهة نظرنا المتواضعة أن يتم منع المشغل أيضا اتخاذ أي إجراء تمييزي ضد الأجراء الغير ممارسين للإضراب.
نصت المادة12 من المشروع على أنه" يمنع كل توقف مدبر عن العمل يتم بالتناوب وبكيفية متتالية بين فئات مهنية معينة أو مختلفة، تعمل في المقاولة أو المؤسسة نفسها أو في إحدى المؤسسات التابعة لها، سواء تعلق هذا التوقف بنشاط واحد من أنشطة المقاولة أو المؤسسة أو بعدة أنشطة"[165]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع من ممارسة الإضراب التناوبي أوما يسمى بالإضراب الدائري.[166]
نصت المادة 13 من المشروع على أنه" يمنع عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب. يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بعرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب، كل فعل يؤدي أو قد يؤدي إلى منع الأجير غير المضرب أو المشغل من ولوج أماكن العمل أو من القيام بمزاولة نشاطه المهني بواسطة الإيذاء أو العنف أو التهديد أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها"[167]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع لازال متمسكا بمقتضيات الفصل 288 من القانون الجنائي[168] بالرغم من الجدال الكبير الذي نتج عن تطبيق مقتضيات هذا الفصل وما ترتب عن تطبيقه من توقيفات واعتقالات في صفوف الأجراء المضربيين، وقد اعتبره البعض متناقضا مع مقتضيات الفصل29 من الدستور لأنه يحد من ممارسة حق الإضراب.
نصت المادة 14 من المشروع على أنه" يعتبر الأجراء المشاركون في الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم، وفي هذه الحالة لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن المدة المذكورة "[169]
يلاحظ أن هذه المادة تؤسس لقاعدة الأجر مقابل العمل عند توقف عقد الشغل.
نضت المادة 15 من المشروع على أنه" يمكن أن يتخذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني في جميع القطاعات أو بعضها أو في قطاع واحد أو في أنشطة معينة داخل نفس القطاع أو في قطاعات مختلفة ، من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني وذلك طبقا لأنظمتها الأساسية"[170]
يلاحظ أن هذه المادة من المشروع اشترطت اتخاذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني من قبل الجهاز التداولي للنقابة الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني.
نصت المادة 16 من المشروع على أنه " يمكن أن يتخذ قرار الإضراب على صعيد كل مقاولة أو مؤسسة من قبل الجمع العام للأجراء، الذي يجب أن تدعو إليه الجهة الداعية إلى الإضراب خلال (15) يوما على الأقل من التاريخ المزمع عقد الجمع العام فيه.
يجب تبليغ المشغل بكيفية رسمية من قبل الجهة المذكورة بتاريخ ومكان انعقاد الجمع العام، وذلك سبعة (7) أيام على الأقل قبل تاريخ انعقاده.
يجتمع الجمع العام بصورة قانونية بحضور ما لا يقل عن ثلاثة أرباع (3/4) أجراء المقاولة أو المؤسسة، ويتخذ قرار الإضراب بواسطة الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للأجراء الحاضرين.
تقوم الجهة الداعية للإضراب بإعداد محضر اجتماع الجمع العام المذكور الذي يجب أن يتضمن عدد أجراء المقاولة أو المؤسسة المعنية، وعدد الحاضرين منهم في الجمع العام، والنسبة التي يمثلونها من مجموع الأجراء، وأسماءهم وأرقام بطائقهم الوطنية للتعريف وتوقيعاتهم ونسبة الأغلبية التي اتخذ بموجبها قرار الإضراب"[171]
يلاحط من خلال مقتضيات المادة أعلاه أن المشروع حدد مسطرة اتخاذ قرار الإضراب على صعيد المقاولة أوالمؤسسة بحسب الحالة من قبل الجمع العام للأجراء، غير أنه هنا هنا كما أشرنا سابقا لم يوضح مفهوم الجمع العام للأجراء وكيف يتم عقد هذا الجمع العام وهل يجب أن يكون داخل أوقات العمل أم خارجها وهل يكون داخل المقاولة أم خارجها وما الجهة المكلفة بمراقبة هذا الجمع العام....
نصت المادة 17 من المشروع على أنه" يجب أن يتضمن قرار الإضراب على الصعيد الوطني البيانات التالية :
1 - اسم النقابة الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني
التي اتخذت قرار الإضراب :
2 - الأسباب الداعية إلى اتخاذ قرار الإضراب ؛
3 - أمكنة تنفيذ الإضراب ؛
4 - تاريخ وساعة الشروع في تنفيذ الإضراب ؛
5 - المدة أو المدد المزمع خوض الإضراب خلالها.
وإذا تعلق الأمر بإضراب يهم مقاولة أو مؤسسة واحدة، أو عدة مقاولات أو مؤسسات متعددة، وجب أن يتضمن قرار الإضراب بالنسبة لكل مقاولة أو مؤسسة على حدة، البيانات الواردة في البنود المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه ، ويرفق بنسخة من محضر اجتماع الجمع العام للأجراء الذي اتخذ قرار الإضراب"[172]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع حدد الشروط والبيانات التي ينبغي أن تتوفر في قرار الإضراب. غير أنه صراحة بالإضافة إلى الشروط التي نص عليها المشروع التي يجب أن تتوفر في قرار الإضراب . وكان يجب التنصيص على شرط الجهة الداعية للإضراب من بين هذه البيانات لأن قرار الإضراب بحسب المشروع قد يصدر من النقابة أو من قبل الجمع العام للأجراء.كما أن المشروع صراحة لم يتطرق لجزاء عدم احترام هذه الشروط في قرار اتخاذ الإضراب، وإن كان المشروع نص في المادة 5 على أن كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون تعتبر باطلة. ويلاحظ أيضا أن المشروع من خلال هذه المادة جعل مسطرة اتخاذ قرار الإضراب كتابية.
نصت المادة 18 من المشروع على أنه" مع مراعاة أحكام المادة 7 أعلاه، يتعين قبل الشروع الفعلي في تنفيذ الإضراب، قيام الجهة الداعية للإضراب بتبليغ المشغل بقرار الإضراب بأي وسيلة من وسائل التبليغ المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل، وذلك خمسة عشر(15) يوما على الأقل قبل التاريخ المقرر لخوضه.[173]
(مادة واضحة لا تثير أي اشكال).
نصت المادة19 من المشروع على أنه " يجب على الجهة الداعية إلى الإضراب أن تحيط علما الجهات المعنية التالية بقرار الإضراب سبعة (7) أيام على الأقل قبل الشروع الفعلي في تنفيذه :
أ)- رئيس الحكومة والسلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والتشغيل والمنظمات المهنية للمشغلين، إذا تعلق الأمر بالدعوة إلى ممارسة حق الإضراب على الصعيد الوطني.
كما يجب أن تحيط الجهة الداعية إلى الإضراب السلطة الحكومية التابع لها قطاع الأنشطة المعني علما بقرار الإضراب، إذا تعلق الأمر بالدعوة إلى ممارسة حق الإضراب في جميع القطاعات أو بعضها أو في قطاع واحد أو في أنشطة معينة داخل نفس القطاع أو في قطاعات مختلفة
أ)- المشغل ووالي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، وممثل السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل على صعيد الجهة أو العمالة أو الإقليم حسب الحالة، إذا تعلق الأمر بممارسة حق الإضراب على صعيد كل مقاولة أو مؤسسة.[174]
يلاحظ أن هذه المادة من المشروع حددت مسطرة تبليغ قرار اتخاذ الإضراب وذلك بحسب نطاقه.
نصت المادة 20 من المشروع على أنه "تتولى الجهة الداعية إلى الإضراب، علاوة على المهام المسندة إليها بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي ممارسة المهام التالية قبل وأثناء سريان الإضراب :
أ- تأطير الأجراء المضربين وتدبير ممارسة الإضراب والإشراف على مختلف مراحلها.
ب -السهر، باتفاق مع المشغل على ضمان استمرار الخدمات الأساسية لتفادي إتلاف الممتلكات والتجهيزات والآلات في أماكن العمل وعلى التدابير اللازمة الواجب مراعاتها لحفظ الصحة والسلامة المهنية، بما في ذلك الحفاظ على سلامة الأجراء وحياتهم، وكذا على تعيين من سيكلف منهم بتقديم الخدمات المذكورة.
وفي حالة عدم الاتفاق، يمكن للمشغل أن يطلب من قاضي المستعجلات تحديد هذه الخدمات وتعيين الأجراء الذين سيكلفون بتقديمها.
لا يمكن ممارسة الإضراب إلا بعد صدور أمر قاضي المستعجلات"[175]
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشروع حدد واجبات ومهام الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب سواء قبل ممارسته أو أثناء سريانه. غير أن اتفاق الجهة الداعية للإضراب مع المشغل لتحديد الخدمات الأساسية والأجراء الذين يلتزمون بضمان الحد الأدنى من الخدمة تبقى قضية صعبة المنال، خاصة في ظل الجو المشحون والمتوتر بين الطرفين. كما أن إمكانية اللجوء إلى قاضي المستعجلات في حالة عدم اتفاق الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب والمشغل من شانها أن تزيد الأوضاع توترا.
نصت المادة 21 من المشروع على أنه" يمكن للمشغل وللجهة الداعية للإضراب، على حد سواء، أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة تعيين مفوض قضائي أو أي شخص آخر مؤهل لذلك داخل أجل لا يتعدى 48 ساعة لإجراء معاينة لظروف سير الإضراب وللواقعة أو الوقائع المصاحبة له، وأن يطلب من المحكمة ترتيب الآثار القانونية، إذا ثبت حدوث أي عرقلة لممارسة حق الإضراب أو عرقلة حرية العمل بالنسبة للمشغل والأجراء غير المضربين، أو أي خرق لأحكام هذا القانون التنظيمي أثناء سريان الإضراب، دون المساس بحق النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية وإنجاز الأبحاث اللازمة إذا اقتضى الأمر ذلك.[176]
يلاحظ من خلال هذه المادة من المشروع ،أنها فتحت المجال للأطراف من أجل الإستعانة بمفوض قضائي من أجل تتبع سير ممارسة حق الإضراب والوقائع المصاحب له كعرقلة ممارسة حق الإضراب أوعرقلة حرية العمل. غير أن من شان إقحام الجهاز القضائي هنا الزيادة في توترالعلاقة بين الأطرف.
نصت المادة 22 من المشروع على أنه" للجهة الداعية للإضراب، كلما اقتضت الظروف ذلك، إنهاء الإضراب أو إلغاءه أو توقيفه مؤقتا.
كما يمكن للإطراف المعنية،في كل وقت وحين، الاتفاق على توقيف الإضراب مؤقتا أو بصورة نهائية.
وفي حالة توقيف الإضراب مؤقتا لمدة معينة من أجل التفاوض بشأن الملف المطلبي فإنه يمكن استئنافه، دون التقيد بالآجال المنصوص عليها في المادة 18 من هذا القانون التنظيمي، إذا لم تسفر المفاوضات على نتائج، داخل أجل 30 يوما من بدءها. [177]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال)
نصت المادة 23 من المشروع على أنه " لا يجوز، في حالة إنهاء الإضراب أو إلغائه بمقتضى اتفاق مبرم بين الأطراف المعنية على إثر الاستجابة للملف المطلبي، اتخاذ قرار إضراب جدید دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد انصرام أجل سنة على الأقل يبتدئ من تاريخ إنهاء الإضراب أو إلغائه.
يعتبر الإتفاق المبرم المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه ملزما للأطراف على الرغم من جميع الاتفاقات الأخرى السابقة"[178]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 24 من المشروع على أنه" يمنع على المشغل أن يقوم خلال مدة الإضراب، بمناولة أو نقل أو ترحيل آليات وأجهزة وباقي وسائل عمل المقاولة أو المؤسسة كلاأو بعضا.[179]
أحيانا عندما يمارس حق الإضراب يقوم بعض المشغلين سيئي النية خلال مدة الإضراب بنقل أجهزة ووسائل العمل، كرد فعل مضاد على ممارسة حق الإضراب. ويلاحظ أن هذه المادة من المشروع تطرقت لهذه المسألة المهمة وحسمت هذه الإشكالية التي تثار عند ممارسة حق الإضراب في كل مرة.
نصت المادة 25 من المشروع على أنه " يجب على المشغل الإمتناع عن الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولةأو المؤسسة بسبب ممارسة حق الإضراب.
ويمكنه في حالة الإضرار بممتلكات المقاولة أو المؤسسة لا سيما منها التجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية أو السلع أو البضائع، أو عدم مراعاة تدابير حفظ الصحة والسلامة المهنية، تقديم طلب إلى قاضي المستعجلات لاستصدار أمر قضائي من أجل اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية ممتلكات المقاولة أو المؤسسة وحفظ الصحة والسلامة المهنية، أو إغلاقها الجزئي أو الكلي مؤقتا،حسب وضعية المقاولة وطبيعة نشاطها.[180]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 26 من المشروع على أنه " يمكن للمشغل في حالة ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي أن يطالب الجهة الداعية للإضراب والأجراء المضربين بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة من جراء الإضراب الذي تمت ممارسته بها بكيفية غير مشروعة.[181]
يلاحظ من خلال هذه المادة من المشروع، أنها خولت للمشغل إمكانية المطالبة بالتعويض أمام القضاء في حالة إلحاق خسائر بالمقاولة، نتيجة لمارسة حق الإضراب بكيفية غير مشروعة، لكنها لم تتطرق لمسألة المطالبة بالتعويض من طرف المضربين أو الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب نتيجة لعرقلة ممارسة حق الإضراب أو التعويض نتيجة للإغلاق الغير قانوني الكلي أو الجزئي للمقاولة أو الترحيل الغير قانوني لوسائل العمل بسبب ممارسة حق الإضراب. كما أن هذه المادة لم تتطرق لمسألة إمكانية تعويض الأغيار المتعاملين مع المقاولة بسبب ممارسة حق الإضراب.
نصت المادة 27 من المشروع على أنه" يمنع على الأجراء المضربين احتلال أماكن العمل خلال مدة سريان الإضراب.[182]
يلاحظ من خلال هذه المادة من المشروع أنها منعت ممارسة حق الإضرب مع احتلال أماكن العمل.[183]
نصت المادة 28 من المشروع على أنه"يمكن لرئيس الحكومة،في حالة حدوث آفات أو كوارث طبيعية أو أزمة وطنية، أن يأمر بصفة استثنائية بموجب قرار معلل،بمنع الإضراب أو وقفه لمدة محددة.[184]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 29 من المشروع على أنه" يمكن تعليق الإضراب بمقتضى أمر القاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة في حالة ما إذا كانت ممارسته ستؤدي إلى تهديد النظام العام أو وقف تقديم الخدمات الأساسية في حدودها الدنيا، بناء على طلب من رئيس الحكومة وبمبادرة من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.[185]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
الفقرة الثالثة: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الثالث من المشروع المعنون بـ شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام
قبل البدء في تحليل مقتضيات هذا الباب المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع العام، وجب أن نشير أن المشروع خصص لهذا الباب 4 مواد فقط، وفي المقابل تم تخصص22 مادة للباب المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص. وكأن الإشكالات التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في القطاع العام أقل بكثير من الإشكالات التي تثيرها ممارسة حق الإضراب في الخاص. والممارسة العملية لحق الإضراب فإنها عكس ذلك بحيث كلما نسمع اليوم عن ممارسة حق الإضراب فغالبا ما يرتبط بالقطاع العام لاسيما مرفق التعليم والصحة.
نصت المادة 30 من المشروع على أنه " علاوة على الأحكام العامة المنصوص عليها في الباب الأول أعلاه تطبق أحكام الباب الثاني من هذا القانون التنظيمي على ممارسة حق الإضراب من قبل الأجراء العاملين بالقطاع العام، باستثناء أحكام المواد 8 الفقرة الثانية و 15 و 16 و 17 ( الفقرة الثانية و 19 و 24.[186]
وبالعودة إلى مقتصيات أحكام المادة 30 من المشروع نجد أنها استثنت مجموعة من المواد المتعلقة بتنظيم ممارسة حق الإضرب في القطاع الخاص من تطبيقها في القطاع العام وهي أحكام المواد 8 (الفقرة الثانية) و 15 و 16 و 17 ( الفقرة الثانية) و 19 و 24 والتي سنتطرق لها تفصيلا كل استثناء على حدة:
استثناء تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 8 من المشروع:
بالعودة إلى مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 8 من المشروع نجد أنها تتحدث على إمكانية التنصيص في اتفاقيات شغل جماعية على تعليق ممارسة حق الإضراب لمدة محددة. وبمفهوم المخالفة فالمشروع منع إمكانية التنازل أو تعليق ممارسة حق الإضراب لمدة محددة في القطاع العام.
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 15 من المشروع:
تتحدث المادة 15 من المشروع على إمكانية اتخاذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني في جميع القطاعات أو بعضها أو في قطاع واحد أو في أنشطة معينة داخل نفس القطاع أو في قطاعات مختلفة ، من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني وذلك طبقا لأنظمتها الأساسية"، وبمفهوم المخالفة فلا يمكن أن يتخذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني في جميع القطاعات أو بعضها في القطاع العام لأن هناك بعض المرافق العمومية بحكم طبيعتها لا يمكن أن يمارس فيها الإضراب كمرفق القضاء والأمن.....
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 16 من المشروع:
تتحدث المادة 16 من المشروع على مسألة اتخاذ قرار الإضراب على صعيد كل مقاولة أو مؤسسة من قبل الجمع العام للأجراء، وبمفهوم المخالة فالمشروع يبدو أنه منع ذلك في القطاع العام.
استثناء تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 17 من المشروع
تتحدث الفقرة الثانية من المادة 17 على الشروط التي ينبغي أن تتوفر في قرار الإضرا ب إذا تعلق بمؤسسة أو مقاولة بالإضافة إلى ارفاق قرار الإضراب بنسخة من محضر اجتماع الجمع العام للأجراء الذي اتخذ فيه قرار الإضراب. وبمفهوم المخالفة منع ذلك في القطاع العام على اعتبار أن قرار الإضراب في المشروع في القطاع العام لايمكن أن يتخذ إلا من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني وليس من قبل الجمع العام للأجراء.
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 19 من المشروع :
تتحدث المادة 19 من المشروع على الجهات التي يجب على على الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب إخبارها بقرار الإضراب وآجل ذلك قبل الشروع في ممارسته. وبمفهوم المخالفة لا تطبق مقتضيات هذه المادة في نطاق ممارسة حق الإضراب في القطاع العام، على اعتبار أن المشروع حدد الجهات التي يجب على الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب في القطاع العام إخبارها في المادة 32 من المشروع.
استثناء تطبيق مقتضيات المادة 24 من المشروع:
تتحدث المادة 24 من المشروع على منع المشغل أن يقوم خلال مدة الإضراب بنقل أو ترحيل أجهزة ووسائل عمل المقاولة وبمفهوم المخالفة لا يمكن تطبيق مقتضيات هذه المادة في نطاق ممارسة حق الإضراب في القطاع العام.
نتصت المادة 31 من المشروع على أنه يمكن أن يتخذ قرار الإضراب في القطاع العام، وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي على الصعيد الوطني من قبل الجهاز التداولي المختص لإحدى النقابات الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني.
يقصد في مدلول هذا القانون التنظيمي بالقطاع العام كل المرافق التابعة للدولة أو للجماعات الترابية أو للمؤسسات أو للمقاولات العمومية أو لكل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام. [187]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 32 من المشروع على أنه "يجب على الجهة الداعية إلى الإضراب أن تحيط علما الجهات المشار إليها بعده بقرار الإضراب في أحد المرافق العمومية أو في بعضها أو في جميعها، سبعة (7) أيام على الأقل قبل تاريخ الشروع الفعلي في تنفيذه :
- رئيس الحكومة والسلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والوظيفة العمومية والتشغيل ؛
- السلطات الحكومية التابع لها المرفق المعني، أو التي تمارس الوصاية والإشراف عليه إذا تعلق الأمر بمؤسسة أو مقاولة عمومية، وإلى مدير المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية، وكل مسؤول عن المرفق العمومي المعني ؛
- عامل العمالة أو الإقليم المعني.[188]
(مادة واضحة لا تثير أية إشكال).
نصت المادة 33 من المشروع على أنه " لا يمكن للفئات التالية ممارسة حق الإضراب :
القضاة وقضاة المحاكم المالية :
موظفو إدارة الدفاع الوطني وأفراد القوات المسلحة الملكيةوالدرك الملكي :
موظفو الأمن الوطني والقوات المساعدة :
رجال وأعوان ومساعد و السلطة، وجميع فئات الموظفين العاملين بوزراة الداخلية الموظفون الديبلوماسيون والقنصليون ؛
موظفو وأعوان إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ؛
موظفو وأعوان إدارة السجون وإعادة الإدماج ؛
موظفو الهيئة الوطنية للوقاية المدنية وجميع الفئات الأخرى العاملة بها ؛ موظفو وأعوان المياه والغابات حاملو السلاح
القيمون الدينيون
مراقبو الملاحة الجوية والبحرية.
كما لا يمكن للأشخاص الآتي ذكرهم ممارسة حق الإضراب
الأشخاص الذين يتم تكليفهم بضمان حد أدنى من الخدمة
الأشخاص الذين يتم تكليفهم بالسهر على الصحة والسلامة المهنية بأماكن العمل أثناء فترة سريان الإضراب.[189]
يلاحظ من خلا هذه المادة من المشروع أنها حددت الفئات الممنوعة من ممارسة حق الإضراب ،وذلك نظرا لحساسية وطبيعة المرافق التي تعمل بها، لأنه من شأن ممارسة حق الإضراب في هذه المرافق السيادسة للدولة ، تهديد استمرارية الدولة وسيادتها الداخلية والخارجية.
من خلال قراءتنا وتحليلنا لهذه المواد الأربع السالفة الذكر المتعلقة بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع العام يتبين أن المشروع طبق نفس المقتضيات المتعلقة بتنظيم ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص على القطاع العام، بما في ذلك عدم ممارسة حق الإضراب إلا بعد انصرام 30 يوما من تاريخ تقديم الملف المطلبي، وإجراء المفاوضات والتصالح بشأنه من طرف الجهة الداعية لممارسة حق الإضراب، وعدم عرقلة ممارسة حق الإضراب وعدم عرقلة حرية العمل... ). ماعدا الإستثناءات المشار إليها أعلاه.
المطلب الثاني : تحليل مقتضيات الباب الرابع والخامس والسادس من مشروع قانون تنظيمي رقم97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب وأسباب عدم خروجه إلى حيز الوجود
و تأسيسا على ما سبق سوف نقوم بقراءة تحليلة لمقتضيات الباب الرابع المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في المرافق الحيوية(الفقرة الأولى) ،وبعدها سنقوم بقراءة تحليلية لمقتضيات الباب الخامس المتعلق بالعقوبات والباب السادس المتعلق بالأحكام الختامية للمشروع (الفقرة الثانية) ،ثم بعد ذلك سوف نتطرق لأسباب عدم خروج مشروع قانون تنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود وسبل إخراجه(الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: تحليل مقنضيات الباب الرابع المعنون بـ أحكام خاصة بالإضراب في المرافق الحيوية
يلاحظ أن المشروع خصص مادة واحدة فقط لأهذا الباب وهي على النحو التاني:
نصت المادة 34 من المشروع على انه يمارس حق الإضراب في المرافق الحيوية طبقا للشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، شريطة توفير حد أدنى من الخدمة في هذه المرافق، ولا سيما منها :
المؤسسات الصحية
المحاكم بمختلف أصنافها ودرجاتها
رافق الأرصاد الجوية
مرافق النقل السككي
قطاعات النقل البري بمختلف أصنافه
شركات الاتصال السمعي البصري العمومي
شركات صناعة وتوزيع الأدوية وشركات إنتاج وتوزيع مادة
مجين ذات الاستعمال الطبي
مصالح المراقبة الصحية في الحدود والمطارات والموانئ
المصالح البيطرية :
مرافق إنتاج وتوزيع الماء والكهرباء
مرافق إنتاج وتوزيع المواد الطاقية :
مرافق التطهير السائل والصلب
مرافق جمع النفايات بجميع أصنافها
يحدد اتفاق يبرم بين الجهة الداعية إلى الإضراب والمشغل المعني بمساهمة السلطة أو السلطات الإدارية المحلية المختصة، عند الاقتضاء، الحد الأدنى من الخدمة الواجب تأمينها في المرافق المذكورة وكذا الأجراء المكلفين بتوفيرها.
وفي حالة تعذر إبرام هذا الاتفاق، يتعين على المشغل استصدار أمر قضائي من قبل قاضي المستعجلات يحدد بموجبه الحد الأدنى المذكور والأجراء المكلفين بتوفيرها.
ويمكن تتميم لائحة المرافق الحيوية التي تستوجب توفير حد أدنى من الخدمة بها بقانون، بعد استشارة المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني والمنظمات المهنية للمشغلين التابع لها المرفق المعني عند وجودها.[190]
يلاحظ من خلال هذه المادة، أن المشروع حدد المرافق الحيوية التي يجب على العاملين فيها عند ممارسة حق الإضراب الإلتزام بضمان الحد الأدنى من الخدمة وذلك نظرا لطبيعة الخدمات الحساسة والسيادية التي تقدمها هذه المرافق السالفة الذكر أعلاه.
الفقرة الثانية: قراءة تحليلية لمقتضيات الباب الخامس المعنوب بـ العقوبات والباب السادس المتعلق بالأحكام الختامية
الملاحظ قبل تحليل مقتضيات هذا الباب المتعلق بالعقوبات أن المشروع خصص له 12 المادة من أصل 49 مادة من هذا المشروع وهي على النحو التالي:
نصت المادة 35 من المشروع على أنه"علاوة على العقوبات المنصوص عليها في هذا الباب، يعتبر في حالة تغيب عن العمل بصفة غير مشروعة، كل أجير مارس الإضراب في القطاع العام أو القطاع الخاص، دون التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، وتطبق في حقه، عند الاقتضاء، العقوبات التأديبية المنصوص عليها في النصوص التشريعية والأنظمة الخاصة بالأجراء الجاري بها العمل"[191]
نصت المادة 36 من المشروع على انه" يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل مشغل أو منظمة مهنية للمشغلين أو منظمة نقابية عرقلت ممارسة الأجراء حقهم في الإضراب خلافا لما هو منصوص عليه في المادة 9 من هذا القانون التنظيمي.
ويعاقب بغرامة من 2.000 إلى 5.000 درهم كل أجير ارتكب نفس الفعل خلافا لأحكام المادة 9 المذكورة.[192]
نصت المادة المادة 37 منالمشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل مشغل أحل أجراء آخرين محل الأجراء المضربين خلافا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 10 من هذا القانون التنظيمي، مع مراعاة أحكام الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة المذكورة.[193]
نصت المادة 38 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 15.000 إلى 30.000 درهم كل مشغل اتخذ خلافا لأحكام المادة 11 أعلاه، إجراء تمييزيا ضد أجرائه بسبب ممارستهم حق الإضراب.[194]
نصت المادة 39 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 2.000 إلى 5.000 درهم كل من خالف أحكام المادة 12 من هذا القانون التنظيمي دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.[195]
نصت المادة 40 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 5.000 إلى 10.000 درهم كل من عرقل حرية العمل خلافا لما هو منصوص عليه في المادتين 13 و 27 من هذا القانون التنظيمي، دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.
ويمكن لقاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة في الحالات المنصوص عليها في المادتين المذكورتين بطلب من المشغل أن يأمر باتخاذ جميع التدابير اللازمة للحيلولة دون عرقلة حرية العمل، بما في ذلك وقف الإضراب
دون الإخلال بتطبيق أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة، يعاقب على كل مخالفة للأمر القضائي المذكور بالحبس من شهر إلى ثلاثة (3) أشهر وبغرامة من 10.000 إلى 20.000 درهم.[196]
نصت المادة 41 من المشروع على انه: يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل من دعا إلى ممارسة حق الإضراب دون التقيد بأحكام الفقرة الأولى من المادة 7 من هذا القانون التنظيمي دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.[197]
نصت المادة 42 من المشروع على انه" يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 30.000 درهم كل من اتخذ قرار الإضراب دون التقيد بأحكام المواد 15 و 16 و 18 و 19 و 23 و 31 و 32 من هذا القانون التنظيمي.[198]
نصت المادة 43 من المشروع على أنه" يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل من خالف أحكام المادتين 24 و 25 الفقرة الأولى من هذا القانون التنظيمي"[199]
: نصت المادة 44 من المشروع على أنه " يعاقب بغرامة من 5.000 إلى 10.000 درهم كل أجيرر:
فض القيام بالخدمات الأساسية التي كلف بتقديمها، خلافا الأحكام البند 2 من الفقرة الأولى من المادة 20 من هذا القانون التنظيمي –رفض توفير الحد الأدنى من الخدمة التي كلف بها خلافا لأحكام المادة 34 من هذا القانون التنظيمي"-[200]
نصت المادة 45 من المشروع هعلى أنه" في حالة العود، تضاعف العقوبة.
يعتبر في حالة العود كل من سبق الحكم عليه من أجل مخالفة أحكام هذا الباب بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، ثم ارتكب مخالفة مماثلة قبل مضي سنتين من صدور المقرر المذكور أو تقادم العقوبة.
لتطبيق أحكام هذه المادة تعتبر مخالفات مماثلة جميع مخالفات أحكام هذا الباب.[201]
نصت المادة 46 من المشروع على أنه"يقوم ضباط الشرطة القضائية بتحرير محاضر المعاينة وإثبات المخالفات لأحكام هذا القانون التنظيمي.
ترسل المحاضر إلى النيابة العامة بالمحكمة المختصة داخل أجل أقصاه 24 ساعة من تحريرها داخل أجل معقول.[202]
بعد قراءتنا للمواد الإثني عشر من المشروع السالفة الذكر المتعلقة بهذا البابّ. يتبين أن جميع الجرائم المنصوص عليها فيه، عبارة عن جنح ضبطية معاقب عليها بغرامة أقصى حد لها يتراوح ما بين 20.000 و50.000 درهم.وأدناها مابين 2.000 و5.000 درهم بالإضافة إلى عقوبة حبسية واحدة تتمثل في الحبس من شهر إلى تلاثة أشهر. وبهذا يكون المشروع قد استحضر الطابع الجزري بكثرة وبكيفية غير متوازنة في تنظيم ممارسة حق الإضراب.
أما فيما يخص مقتضيات الباب السادس فإنه يتضمن أحكام مختلفة وختامية موزعة بين ثلاثة مواد وهي على النحو التالي:
نصت المادة 47 من المشروع على أنه"تؤهل السلطات العمومية المعنية، خلال مدة سريان الإضراب لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لحفظ النظام العام وحماية الأشخاص والأموال والممتلكات، بما في ذلك العمل على فك الاعتصامات والحيلولة دون احتلال المباني وأماكن العمل والمرافق الملحقة بها، ومنع كل تجاوز يروم إغلاق مقرات العمل ومداخلها في وجه العاملين والمرتفقين.
كما يمكنها، عند الاقتضاء، وخلافا للأحكام التشريعية الجاري بها العمل اللجوء إلى مسطرة التسخير من أجل تأمين استمرارية المرافق الحيوية في تقديم خدماتها وتأمين تزويد السوق بالمواد الأساسية"[203]
نصت المادة 48 من المشروع على أنه"تعتبر الآجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي آجالا كاملة لا يحتسب فيها اليوم الأول واليوم الأخير"[204]
نصت المادة 49 من المشروع على أنه" دخل هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ بعد انصرام أجل ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، وينسخ ابتداء من التاريخ نفسه جميع الأحكام المخالفة"[205]
الفقرة الثالثة : أسباب عدم خروج مشروع قانون تنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود وسبل إخراجه
بعد قيامنا بهذه القراءة التحليلية المتواضعة لهذا المشروع قانون تنظيمي المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب رقم 97.15 .يبدو جليا سبب عدم خروج هذا القانون التنظيمي لحيز الوجود . وذلك راجع لمضامينه التكبيلية بحيث جاء في المادة 5 منه أن كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة. ويعتبر كل إضراب الأهداف سياسية ممنوعا" وكما رأينا سابقا يصعب التمييز بين الإضراب السياسي والإضراب المهني.وهذا المشروع لم يضع معايير واضحة ومحددة تتسم بالدقة للتميز بين الإضرا ب المشروع والغير مشروع.
والمادة 7 من المشروع تؤسس لقاعدة جديدة على مستوى الممارسة العملية لحق الإضراب وهي جعل ممارسة حق الإضراب مشروطة بانصرام أجل 30 يوما بعد التوصل بالملف المطلبي واجراء المفاوضات بشأنه.فالممارسة العملية لحق الإضراب غالبا ماتعرف ممارسة حق الإضراب ثم فيما بعدها يتم التفاوض بشان المطالب المطروحة وسبل إنهاء الإضراب وهذه المادة من المشروع أتت بعكس ذلك.
كما أن المشروع يؤسس لقاعدة الإجر مقابل العمل سواء في نطاق القطاع الخاص أو في نطاق القطاع العام، بصريح المادة 14 التي نصت على أنه" يعتبر الأجراء المشاركون في الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم، وفي هذه الحالة لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن المدة المذكورة ". وبمقاربتنا للحق الدستوري المتمثل في الحق في الإضراب وما يقابله في المقابل من حرمان من الأجر المتمثل في الإقتطاع فإننا نسقط أمام مفارقة متناقضة وهي كون أنه عندما نقول الحق في الإضراب الحق، ولاسيما أنه مكرس دستوريا فمثله مثل الحق في الصحة أو في التعليم فلا ينبغي أن يقابل عند ممارسته بالجزاء السلبي المتمثل في الإقتطاع أو الحرمان من الأجر، إلا عند التعسف في استعماله.
كما أن المادة 13 من المشروع تمنع عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب والتي يبدو أن المشروع من خلالها لازال متمسكا بمقتضيات الفصل 288 من القانون الجنائي الذي أثارالجدل بين الأوساط المهنية والحقوقية. ومادة أخرى تعطي الحق للمشغل للمطالبة بالتعويض في حالة ما إذا لحق الأدوات ووسائل العمل ضرر بسبب ممارسة حق الإضراب.
بالتالي كل مضامين هذا المشروع التكبيلية لحق الإضراب جعلت هذا المشروع يقابل بالرفض من قبل النقابات والأوساط المهنية ومختلف الحقوقين والفاعلين الإجتماعيين.
وقد أكد أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط،عبد الحفيظ أدمينو، من جهته أن تأخر إخراج هذا القانون راجع أساسا إلى المقاربة التي تعتمدها الحكومة موضحا أنها "تعتبره مشروع قانون يجب التداول بشأنه في مجلس النواب وعبر النقابات من خلال تمثيليتها خاصة في مجلس المستشارين على أن تقدم التعديلات المهمة على هذا النص ".
وأضاف أدمينو موضحا ،أنه في المقابل ترى النقابات دائما بأنه يجب أن يتم أولا الاتفاق على المبادئ والأسس المرتبطة بالمشروع في إطار الحوار الاجتماعي، وتليها اللحظة البرلمانية من أجل ترسيم والتنصيص على هذه الخيارات وهذه المبادئ.[206]
ومن وجهة نظرنا الشخصية المتواضعة فإنه يجب إعادة صياغية بنود وأحكام هذا المشروع قانون المتعلق بتنظيم حق الإضراب .لاسيما المواد التي تقيد وتحد من ممارسة هذا الحق الدستوري والتي أشرنا إليها سابقا.
خاتمة:
الحمد لله الذي وفقنا لإتمام هذا البحث المتواضع، ووفقنا لهذا الخير ونرجو منه تعالى العفو والمغفرة.
بناء على ماسبق يتبين أن ممارسة حق الإضراب سواء في نطاق القطاع العام أو القطاع خاص، تعتبر من بين أخطر المسائل التي تهدد مبدأ استمرارية المرفق العمومي في أداء الخدمات. وما يترتب عن ذلك من هضر وتضارب للمصالح، والمتمثلة في الأساس في تأخير مصالح المرتفقين والإخلال بالنظام العام. على الرغم من أن الأمر يتعلق هنا بحق وحرية سياسية أقرتها مختلف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .وأكدتها بعد ذلك التشريعات الوطنية لمختلف الدول من بينها المغرب.
بالتالي نصبح أمام تعارض ومفارقة مثيرة للجدل، وذلك بين الإضراب كحق دستوري الذي لا يمارس إلا من خلال التوقف المدبر والجماعي عن العمل داخل المرافق العمومية وما يصاحب ذلك من تداعيات خطيرة على مفهوم المصلحة العامة بمفهومها الشاسع،وبين استمرارية المرفق العمومي، كمبدأ دستوري والذي لا يحتاج تقريره لنص قانوني، نظرا لارتباطه بالمنفعة العامة والقاضي باستمرار المرفق العمومي في أداء خدماته بانظام واطراد مهما كانت الصعوبات.
لذا فالأمر على هذا النحو يفرض التوفيق بين الأمرين على نحو قانوني سليم وفعال،لكن الأمر صعب إلّا أنه ضروري، ومن وجهة نظرنا المتواضعة لن يتم ذلك إلا في إطار قانون تنظيمي فعّال يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب يراعي مختلف الخطوط العريضة وهي على النحو التالي:
الإضراب حق دستوري مثله كباقي الحقوق الدستورية الأخرى ولا ينبغي أن يقابل عند ممارسته بالجزاء السلبي المتمثل في الحرمان من الأجر أثناء مدة الأضراب، إلا عند التعسف في استعمال هذا الحق.
وضع معايير وشروط دقيقة جدا لممارسة حق الإضراب، لاسيما فيما يخص مدة الإضراب والإخطار ووضع معايير دقيقة لتمييز بين الإضراب المشروع والغير مشروع.
اعتماد المقاربة التشراكية لصياغية بنود هذا المشروع، وذلك عبر إشراك النقابات المهنية ومختلف الفاعلين الحقوقين.
التنصيص على أن قرار الإضراب يجب أن يؤخذ عن طريق الإستفتاء المباشر من من يعنيهم الأمر، خاصة أن اليوم الكثير من الموظفين والأجراء لم يعودوا يثقوا في النقابات بعد أن ارتدت عباءة السياسي.
الحسم في الإقتطاع من الأجور بسبب ممارسة حق الإضراب، وذلك بوضع أساس قانوني له يحدد حالات الإقتطاع ومدى شموله لتوابع الأجر وملحقاته.
ضرورة أن يبقى الإضراب وسيلة لتحقيق المطالب المهنية المشروعة والممكنة،وأن لا يقحم بأهداف أو مزاعم سياسية.
العمل على تقوية آليات التفاوض بين الأطراف المعنية، وتشجيع الوسائل السلمية لحل النزاع بحيث يبقى الإضراب آخر الحلول.
التعامل بمرونة مع ظاهرة الحق في الإضراب كحركة احتجاجية وضرورة اجتماعية وسياسية عميقة ملحة وليس ميدان للصراع اختبار القوى.
ضرورة ملائمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية.
[1] يستعمل مفهوم الضبط الإداري أو الشرطة الإدارية للدلالة على الوظيفة التي تقوم بها الدولة أو الإدارة للحفاظ على النظام العام بمدلولاته الأربع وهي:الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة ووالأخلاق والأداب العامة.
[2] بحيث جرى التنصيص عليه في الفصل 154من الدستور ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 27 من شعبان 1432(29يوليو2011)بتنفيذ نص الدستور، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان1432 (30 يوليو2011)،الصفحة3600.
[3] يعرف القانون الأساسي للوظيفة العمومية الموظف العمومي في المادة 2 منه على أنه"كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة.
[4] دخلت ممارسة حق الإضراب منعطف واضحا بعد إصدار أول دستور للمملكة، ذلك أن دستور 1962 نص في الفصل 14 منه على أن " حق الإضراب مضمون" مع الإشارة إلى أن تنظيمه سيتم عن طريق قانون تنظيمي وقد حافظ هذا الفصل على نفس الصياغة في الدساتيراللاحقة إلى غاية دستور 2011.
[5] أحمد بوعشيق،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة، دارالنشرالمغربية ،الدار البيضاء ،الطبعة الثامنة،2004،الصفحة60.
[6] يقصد بالأشخاص المعنوية العامة هي الأشخاص المعنوية العامة الترابية وهي الدولة والجماعات الترابية والأشخاص المعنوية العامة المرفقية وهي المؤسسات العمومية.
[7] أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مطبعة وراقة سجلماسة مكناس، الطبعة 2015.2016 ،الصفحة63.
[8] هبة الله عيسى الداهوك ،الاضراب في المرافق العامة وفق التشريع الفلسطيني ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام،كلية الشريعة والقانون،قسم القانون العام،الجامعة الإسلامية –غزة- السنة الجامعية: 2015/2016، الصفحة67.
[9] عرفت مرحلة الاستعمار تنزيل العديد من النصوص القانوني التي بقيت حبر على ورق ويتعلق الأمر بـ:
ظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بالأجور وساعات العمل وإحداث مفتشية الشغل.
ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بتنظيم المسؤولية في مجال حوادث الشغل.
ظهير 4 دجنبر 1936 المتعلق بتنظيم الحق النقابي للموظفين الفرنسين والأجانب بالمغرب.
ظهير 1955 المتعلق بالحق النقابي للمغاربة العاملين.
[10] راجع الظهير الشريف رقم 1.57.119 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376 (16 يوليو 1957) بشأن النقابات المهنية، الجريدة الرسمية عدد 2340 بتاريخ 3 صفر 1377 (30 غشت 1957) الصفحة 1937.
[11] راجع المرسوم رقم 2.57.1465 الصادر بتاريخ 15 رجب 1377 (5 فبراير 1958) بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، الجريدة الرسمية عدد 2772 الصادر بتاريخ 21 رمضان 1377/ 11 أبريل 1959 الصفحة 922.
[12] بحيث نصت المادة الخامسة منه على انه " بالنسبة لموظفين فإن أي إنهاء منسق للخدمة وأي عمل جماعي من عدم الانضباط الملحوظ يمكن أن يعاقب عليه خارج الضمانات التأديبية" مما نتج عن تطبيق هذه المادة من تضيق على ممارسة العمال لحقوقهم النقابية لاسيما الحق في الاضراب.
[13] راجع الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة631.
[14] بحيث نص الفصل 14 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه" يمارس الموظف الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل. ولا تنتج على الإنتماء أو عدم الإنتماء إلى نقابة ما،أية تبعبة فيما يرجع لتوظيف المستخدمين الخاضعين لهذا القانون الأساسي العام وترقيتهم وتعيينهم، أو فيما يخص وضعيتهم الإدارية بصفة عامة.
[15] دستور 1962 الصادر الامر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.59.413 ،الصادر يوم الجمعة 17 رجب الموافق ل 14 دجنبر 1962،الصادر بالجريدة الرسمية،عدد 2616مكرر ،الصادر في 21 رجب 1382،الموافق ل19دجنبر 1962،الصفحة 2993.
[16] بحيث تم التنصيص عليه في الفصل 29 من الدستورالصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة3600.
[17] بحيث نص على عدم مشروعيته النظام الأساسي للموظفين،قانون 14 سبتنبر سنة 1941،الفصل 14.
[18] الحاج الكوري و أحمد بوهرو ،إشكالية تنظيم وتقنين ممارسة الإضراب بين القانون الدولي والتشريعات الوطنية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى، 2012،الصفحة 44.
[19] القرار الشهير الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 7يوليوز 1950، أورده أحمد أجعون،مرجع سابق، الصفحة،66.
[20] أحمد بوهرو،مرجع سابق ،الصفحة 45.
[21] بحيث نص الفصل 154من الدستور على أنه " يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات، وتخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور".
[22] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[23] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،إشكالية تنظيم وتقنين ممارسة حق الإضراب بين القانون الدولي والتشريعات الوطنية ،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط، 2012،الطبعة الأولى،الصفحة 9.
[24] المعجم الوسيط ،باب الضاد ،ضرب، الصفحة 536.
[25]ابن منظور :لسان العرب ،دار المعارف بيروت، الطبعة الثالثة،1414هـ،الصفحة 2568.
[26] عبد الرحمان بن ناصر السعيدي ،تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،دار السلام للنشر والتوزيع، شارع الأمير عبد العزيز بن جلوي،الطبعة الثانية ، 2002، تفسير سورة الزخف ،الصفحة 898.
[27] المادة357 من القانون رقم 2004-017 صادر بتاريخ 06 يوليو2004 المتضمن مدونة الشغل المورتانية.
[28] الفصل 29، من دستور 2011.
[29] المادة 32 من القانون رقم65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424،الموافق لـ 11 سبتنبر 2003، الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق ل 8 ديسمبر 2003،الصفحة 3996.
[30] الفصل 14 من الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة 631.
المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.[31]
[32] cass.soc.28/6/1951.revue droit socail.1951 p532 حكم أورده مصطفى أحمد أبو عمرو، علاقات العمل الجماعية: المفاوضات الجماعية –النقابات العمالية- اتفاثات العمل الجماعية-منازعات العمل الجماعية (الإضراب-الإغلاق –التحكيم الوساطة-المفاوضة) في ضوء قانون العمل الجديد رقم 125لسنة 2003،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الإسكندرية،2005،الصفحة342.
[33] cass.soc.3/10/1963.revue droit socail.1964 p3. أورده مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق.الصفحة 342
[34] cass.soc.26/1/1968 bulletin civil .n 35 p30. أورده الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 12
[35] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد حكم 732 بتاريخ 2007/07/17 في الملف عدد358ع/2007 أورده محمد مومن وآخرون:حق الإضراب في الإجتهاد القضائي المغربي،مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[36] قرار محكمة النقض عدد 314، الملف الاجتماعي عدد 488/5/1/2020 الصادر بتاريخ 17 مارس 2021، منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 1 المشار إليه في الصفحة 110.
[37] محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، سلسلة مواضيع الساعة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد124، الطبعة السابعة2024،الصفحة 490.
[38] قرار محكمة النقض رقم 190،الملف الاجتماعي عدد 651/5/1/99،المؤرخ في 14/3/2000، منشور على الموقع الرسمي الإلكتروني لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 2 المشار إليه في الصفحة 112.
[39] Savatier: Rivero - le droit du Travail 9 édition coll thémis Paris Puf 1984, - page 277.أورده الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 10.
[40] Latournerie jean :le droit français de la grève-sirey.1972 ،p266. أورده الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،ص10.
[41] محمد الأعرج ، الإضراب في أحكام القضاء الإداري المغربي ،تعليق على حكم المحكمة الإدارية بمكناس في نازلة محمد شيبان ،منشور في المجلة المغربية للمنازعات القانونية، عدد 2-2004 الصفحة 92.
[42] أحمد بوعشيق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة ،الطبعة الثامنة ، دار النشر المغربية ،الدار البيضاء، 2004،
الصفحة 202.
[43] مليكة الصروخ،نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة) ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1992،الصفحة 113.
[44] أسماء بوشمط وحورية بوزردوم، حق الموظف في الإضراب، مذكرة لنيل شهادة الماستر في القانون العام :تخصص قانون عام داخلي،كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد الصديق بن يحي جيجل الجزائر،السنة الجامعية:2016/2017،الصفحة 47.
[45] مصطفى أحمد أبو عمرو، علاقات العمل الجماعية: المفاوضات الجماعية –النقابات العمالية- اتفاثات العمل الجماعية-منازعات العمل الجماعية (الإضراب-الإغلاق –التحكيم الوساطة-المفاوضة) في ضوء قانون العمل الجديد رقم 125لسنة 2003،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الإسكندرية،2005،الصفحة 348.
[46] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 348.
[47] حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/2001، للمزيد أكثر حول هذا الحكم أنظر الملحق رقم 3 المشار إليه في الصفحة 115.
المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب[48]
[49] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق، الصفحة 349.
[50] بوشرنوح فاطمة الزهراء،حفيفي أمال،النظام القانوني لممارسة حق الإضراب،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون الضمان الاجتماعي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق جامعة الجيلالي بونعامة بخميس مليانة، السنة الجامعية: 2017/2018،الصفحة 22-23.
[51] أنظرالصفحة 16و17و18و19و20.
[52] أنظر المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[53]حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/2001،المشار إليه سابقا.
[54] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق، الصفحة 358.
[55] عبد اللطيف خالفي الوسيط في مدونة الشغل الجزء الثاني علاقات الشغل الجماعية 1 مفهوم وماهية نزاع الشغل الجماعي الإضراب والإغلاق المصالحة والتحكيم في نزاعات الشغل الجماعية و المفاوضة الجماعية ،المطبعة والوراقة الوطنية،زنقة أبوعبيدة - الحي المحمدي -مراكش،الطبعة الأولى،2006،الصفحة 117.
[56] عزيزة إكنو وآخرون،أنواع الإضراب وتميزه عن الأنظمة المشابهة، مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية، كلية الحقوق مراكش،يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[57] بحيث نصت المادة12 من المشروع على أنه" يمنع كل توقف مدبر عن العمل يتم بالتناوب وبكيفية متتالية بين فئات مهنية معينة أو مختلفة، تعمل في المقاولة أو المؤسسة نفسها أو في إحدى المؤسسات التابعة لها، سواء تعلق هذا التوقف بنشاط واحد من أنشطة المقاولة أو المؤسسة أو بعدة أنشطة".
[58] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 14.
[59] أنظر سابقا الصفحة، 21و23و24.
[60] قرار محكمة الإستئناف بمكناس رقم 558 بتاريخ 1982، أورده محمد مومن وآخرون:حق الإضراب في الإجتهاد القضائي المغربي،مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[61] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 362.
[62] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 14.
[63] قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 9/6/1996ملف اجتماعي عدد 4973،أورده إليه الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 88.
[64] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 361.
[65] عبد اللطيف خالفي،مرجع سابق،الصفحة 121.
[66] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 364.
[67] حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس،عدد 732مؤرخ ب17/7/2007،ملف رقم 358 أورده محمد مومن وآخرون:حق الإضراب في الإجتهاد القضائي المغربي،مقال متضمن ضمن فعاليات أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والإجتماعية يوم السبت 28 فبرابر 2009.
[68] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة16.
[69] بحيث تم التنصيص عن هذه الحقوق في الفصل 31 من دستور 2011.
[70] مرسـوم رقـم 2.23.819 صـادر فــي 20 مـن ربيـع الأول 1445 (6 أكتوبر 2023) في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية
[71] قرار المجلس الأعلى عدد 190 ملف اجتماعي رقم 651/5/1/99 مؤرخ في 14/3/2000، منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 2 الصفحة المشار إليه في الصفحة 112.
[72] حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بالرباط رقم 29 مؤرخ ب6/1/1984، أشار إليه الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة88.
[73] الحاج الكوري وأحمد بوهرو،مرجع سابق،الصفحة 16.
[74] مصطفى أحمد أبو عمرو،مرجع سابق،الصفحة 368.
[75] الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة 631.
[76] المرسوم الملكي رقم 330.66 الصادر بتاريخ 10 محرم 1387(21أبريل 1967) بسن نظام المحاسبة العمومية.
[77] القانون رقم 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.83.230 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة ،الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10/12/1984.
[78] المرسوم رقم 2.99.1216 الصادر بتاريخ 10 ماي 2000 بتحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 81-12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، الجريدة الرسمية عدد 4801 بتاريخ 2000/6/5، الصفحة1333.
[79] الدكتو المنتصر السويني، الحق في الإضراب مشروط بضمان اسنمرارية المرفق العام، مقال منشور في الموقع الإلكتروني هسبريس:https://www.hespress.com،تاريخ الإطلاع17/03/2024، على الساعة15:38.
[80] قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 730 بتاريخ 2007/10/17 في الملف عدد 05/7/201، أورده أجعون، أحمد. "مبدأ استمرارية المرافق العمومية وفقا لاجتهادات القضاء الإداري المغربي. "مجلة الحقوق عدد 19 (2016) الصفحة51 - 63. مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي:
http://search.mandumah.com/Record/743470
[81] قرار محكمة النقض عدد 498،الملف الإداري عدد 58/4/1/2019، الصادر بتاريخ 18 أبريل 2019،منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions.
[82] قرار محكمة النقض عدد 291،الملف الإداري عدد 3029/4/1/2020، الصادر بتاريخ 05 مارس 2020، منشور على الموقع الإلكتروني الرسمي لمحكمة النقض المغربية: https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions
[83] حكم المحكمة الإدارية بمكناس، في قضية محمد شيبان،المشار إليه سابقا.
[84] عبد المحسن. عبد الباسط "آثار اضراب الموظف العمومي:محاولة في تحديد طبيعة حق الإضراب ومشروعية الإقتطاع من الراتب"مجلة الحقوق، عدد7 2009، الصفحة 19-27 مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي: http://search.mandumah.com/Record/59233
[85] القانون رقم65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424 ، الموافق لـ 11 سبتنبر 2003، الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق ل 8 ديسمبر 2003،الصفحة 3996.
[86] الميلودي زلماط، ممارسة حق الإضراب على ضوء مدونة الشغل ومشروع القانون التنظيمي للإضراب، مقال منشور في الموقع الإلكتروني لمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية،
https://revuealmanara.com ، تاريخ الإطلاع18 /03/2024، على الساعة12:38.
[87] المادة 39 من مدونة الشغل.
[88] اكضيض عبد الغني، الإضراب وزمن التمدرس، مقال منشور في الموقع الإلكتروني لجردة هسبريس ،https://www.hespress.com تاريخ الإطلاع18 /03/2024، على الساعة16:54.
[89] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[90] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[91] أحمد أجعون"مبدأ استمرارية المرافق العمومية وفقا لاجتهادات القضاء الإداري المغربي. "مجلة الحقوق عدد 19 (2016) الصفحة51، مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي: http://search.mandumah.com/Record/743470
[92] بحيث سنتطرق للشروط والضوابط التي ابتدعها القضاء الإداري المغربي لممارسة حق الإضراب في المبحث الأول من الفصل الثاني لهذا البحث المتواضع.
[93] عبد القادر حيضرة، القانون الإداري المغربي، النشاط الإداري، مكتبة المعرفة، مراكش 2009 الطبعة الثالثة، الصفحة67.
[94] مليكة الصروخ، القانون الإداري(دراسة مقارنة)(التنظيم الإداري-النشاط الإداري –أسلوب الإدارة وامتيازاتها –رقابة القضاء على أعمال الإدارة)،الشركة المغربية لتوزيع الكتب ،الدار البيضاء،الطبعة السادسة نونبر 2006،الصفحة 368.
[95] مليكة الصروخ،نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة) ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1992،الصفحة 113.
[96]عبد القادر حيضرة،مرجع سابق ،الصفحة67.
[97] الفصل 89 من دستور 2011.
[98] ظهير شريف رقم 1.21.58 صادر في 3 ذي الحجة 1442 (14) يوليو (2021) بتنفيذ القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية، الجريدة الرسمية،عدد 7006-11 ذو الحجة 1442( 22يوليو 2021) الصفحة 5661.
[99] ظهير شريف رقم 1.06.15 صادر في 15 من محرم 1427 (14) فبراير (2006) بتنفيذ القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبيرالمفوض للمرافق العامة، الجريدة الرسمية، عدد 5404 -15 صفر 1427 (16 مارس2007) الصفحة 744.
[100] الفصل 29 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[101] مليكة الصروخ، نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقانة)،مرجع سابق،الصفحة 125.
[102] عبد القادر حيضرة،مرجع سابق،الصفحة 71.
[103] الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية،عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة631.
[104] أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مطبعة وراقة سجلماسة مكناس، الطبعة 2015.2016 ،الصفحة73.
[105] ظهير شريف رقم 202-02-1 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، الجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جمادى 1423 (12 أغسطس 2002)الصفحة 2282.
[106] مليكة الصروخ، نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة)،مرجع سابق،الصفحة 142.
[107] الفصل 1241 من ظهير 9 رمضان 1331(12 أغسطس1913) بمثابة قانون الإلتزامات والعقود
[108] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 833 الصادر بتاريخ 2002/12/10 جماعة فاس ضد الملياني، أورده أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة) مرجع سابق،الصفحة87.
[109] القانون رقم 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.83.230 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة ،الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10/12/1984.
[110] المرسوم رقم 2.99.1216 الصادر بتاريخ 10 ماي 2000 بتحديد شروط وكيفيات تطبيق القانون رقم 81-12 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، الجريدة الرسمية عدد 4801 بتاريخ 2000/6/5، الصفحة،1333.
[111] أحمد أجعون،النشاط الإداري(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مرجع سابق،الصفحة 84.
[112] مليكة الصروخ، نظرية المرافق العامة الكبرى (دراسة مقارنة)،مرجع سابق،الصفحة 130.
[113] أحمد أجعون،النشاط الإداري،(وظائف الإدارة- وسائل الإدارة)،مرجع سابق،الصفحة 85.
[114] -C.E. 30 mars 1916, compagnie générale d'éclairage de Bordeaux, 125.أورده أحمد أجعون،النشاط الإداري،مرجع سابق.الصفحة85.
[115] ظهير شريف رقم 1.06.15 صادر في 15 من محرم 1427 (14) فبراير (2006) بتنفيذ القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبيرالمفوض للمرافق العامة. الجريدة الرسمية، عدد 5404 -15 صفر 1427 (16 مارس2007) الصفحة 744.
[116] القانون رقم 12 .86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 192 . 1.14 بتاريخ 24 ديسمبر 2014، جريدة رسمية عدد 6328 بتاريخ 22 يناير2015.
[117]- دستور 1962 ، الصادر الأمر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف الصادر يوم الجمعة في 17 رجب 1382، الموافق ل 14 دجنبر 1962،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2616 مكرر، الصادرة في 21 رجب 1382 ، الموافق ل 19 دجنبر 1962، الصفحة 2993.
[118] دستور 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91،الصادر في 28 يوليوز 2011،بتنفيد نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر ،بتاريخ 30 يوليوز 2011 ،الصفحة 3600.
[119] عرفت مرحلة الاستعمار تنزيل العديد من النصوص القانوني التي بقيت حبر على ورق ويتعلق الأمر بـ:
ظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بالأجور وساعات العمل وإحداث مفتشية الشغل.
ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بتنظيم المسؤولية في مجال حوادث الشغل.
ظهير 4 دجنبر 1936 المتعلق بتنظيم الحق النقابي للموظفين الفرنسين والأجانب بالمغرب.
ظهير 1955 المتعلق بالحق النقابي للمغاربة العاملين.
[120] راجع الظهير الشريف رقم 57.19 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376 (16 يوليو 1957) بشأن النقابات المهنية، الجريدة الرسمية عدد 2340 بتاريخ 3 صفر 1377 (30 غشت 1957) الصفحة 1937.
[121] راجع المرسوم رقم 2.57.1465 الصادر بتاريخ 15 رجب 1377 (5 فبراير 1958) بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، الجريدة الرسمية عدد 2772 الصادر بتاريخ 21 رمضان 1377/ 11 أبريل 1959 الصفحة 922.
[122] قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى رقم 66 في الملف رقم 94.018 بتاريخ 25 ماي 1984،أورده عبد القادر باينة،الموظفون العموميون بالمغرب - النظام الأساسي العام، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2002،الصفحة 270.
[123] دستور 1962 الصادر الامر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.59.413 ،الصادر يوم الجمعة 17 رجب الموافق ل 14 دجنبر 1962،الصادر بالجريدة الرسمية،عدد 2616مكرر ،الصادر في 21 رجب 1382،الموافق ل19دجنبر 1962،الصفحة 2993.
[124] راجع الظهير الشريف رقم 1.63.038 الصادر في 5 شوال (1 مارس 1963) بشأن النظام الأساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية، الجريدة الرسمية عدد 2629 بتاريخ 19 شوال 1982 (15 مارس 1963).
[125] راجع الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 شوال 1394 (11 نونبر 1974) بشأن النظام الأساسي لرجال القضاء صادر بالجريدة الرسمية عدد 3237 بتاريخ 28 شوال 1394 ( 13 نونبر 1974) الصفحة 3315.
[126] مرسوم رقم 22.73.668 بتاريخ 27 شوال 1394 (12 نونبر 1974) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي إدارة السجون، جريدة رسمية عدد 3237 بتاريخ 28 شوال 1394 (13 نونبر 1974) الصفحة 3323.
[127] ظهير شريف رقم 1.79.306 بتاريخ 17 ذي الحجة 1399 (8 نونبر 1979) يتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 79.19 الذي ينظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة، جريدة رسمية عدد 3499 بتاريخ فاتح محرم (21 نونبر 1979) الصفحة 3003 وما بعدها.
[128] تنص المادة 43 من هذا القانون على ما يلي: " يمنع على المحامين أيا كان السبب أن يتفقوا اتفاقا مطلقا متواطئين بينهم على إيقاف المساعدات الواجبة عليهم إزاء القضاة في المسطرة الكتابية وخلال الجلسات.غير أنه يحق لهم دائما رفع كل شكاية أو تظلم إلى الرئيس الأول لدى محكمة الاستيناف والوكيل العام للملك بواسطة النقيب".
[129] حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 63-2001 بتاريخ12/7/ 2001 المشار إليه سابقا.
[130] حكم المحكمة الإدارية بالرباط، عدد 192 بتاريخ 07/02/2006، أورده أحمد أجعون،مرجع سابق،الصفحة 67.
[131] أحمد أجعون، مرجع سابق،الصفحة66.
[132] حيضرة، عبد الكريم. الدور الإنشائي للقاضي الإداري التجليات والمعيقات."المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنميةعدد 148 (2019):الصفحة 39 – 48، مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي::
http://search.mandumah.com/Record/1132657
[133] الظهير الشريف رقم 005-58-1 مؤرخ في 4 شعبان1377،موافق ل24 فبراير 1958،بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية،الجريدة الرسمية، عدد 2372،المؤرخة في 11 أبريل 1958،الصفحة631.
[134] بحيث نص الفصل الأول من الظهير الشريف رقم 1.57.119 بشأن النقابات المهنية المشار إله سابقا على أن" إن القصد الوحيد من النقابات المهنية هو الدرس والدفاع عن المصالح الاقتصادية والصناعية والتجارية والفلاحية الخاصة بالمنخرطين فيها".
[135] قرار محكمة النقض عدد 314، في الملف الاجتماعي عدد 2020/1/5/488، الصادر بتاريخ 17 مارس 2021 ، منشور في الموقع الإلكتروني الرسمي التالي لمحكمة النقض المغربية:
https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions وللمزيد أكثر حول هذا القرار أنظر الملحق رقم 1 الصفحة 110.
[136] أنظر الصفحة 27و28و29و30.
[137] حكم المحكمة الإدارية بالرباط ،عدد 141في الملف عدد 5/1/33، أورده أحمد أجعون ،مرجع سابق،الصفحة66.
[138] أنظر الصفحة 26.
[139] ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26) نونبر (1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5) يونيو (1963)، الصفحة 1253.
[140] عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق،الصفحة 105.
[141] أنظر الفصول 400 و425 و427 و540 من القانون الجنائي المغربي
[142] عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق،107.
[143] المادة 39 من القانون رقم65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424 ، الموافق لـ 11 سبتنبر 2003، الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق ل 8 ديسمبر 2003الصفحة 3996.
[144] الداودي محمد الحق في ممارسة الإضراب على ضوء مشروع القانون التنظيمي رقم ".97.15 مجلة الشؤون القانونية والقضائية عدد13 (2022) الصفحة 77 - 87 مسترجع من الموقع الإلكتروني التالي: http://search.mandumah.com/Record/1328699
[145] المادة 1 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[146] المادة 2 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[147] للمزيد أكثر حول الإضراب المفاجئ أنظر الصفحة 30.
[148] عدنان بوشان، تعليق على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مقال منشور على الموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية: https://www.droitetentreprise.com تاريخ الإطلاع 04/03/2024
[149] قرار محكمة النقض عدد 314 ، الملف الاجتماعي عدد 488/5/1/2020 الصادر بتاريخ 17 مارس 2021 المشار إليه سايقا.
[150] حكم المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 7/2/2006 في الملف عدد 192، المشار إليه سابقا.
[151] عدنان بوشان، مرجع سابق.
[152] المادة 3 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[153] المادة 4 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[154] المادة 5 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[155] المادة 6 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[156] أنظر المواد: 16و32و549و496 من مدونة الشغل
[157] الفصل 288 من القانون الجنائي
[158] الفصل 41 من المرسوم الملكي رقم 330.66 الصادر بتاريخ 10 محرم 1387(21أبريل 1967) بسن نظام المحاسبة العمومية.
[159] القانون رقم 81.12 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.83.230 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة ،الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10/12/1984."
[160] المادة 7 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[161] المادة 8 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[162] المادة 9 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[163] المادة 10 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[164] المادة 11 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[165] المادة 12 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[166] للمزيد أكثر حول الإضراب الدائري أنظر الصفحة 28.
[167] المادة 13من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[168] أنظر الصفحة 80و81.
[169] المادة 14 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[170] المادة 15 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[171] المادة 16 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[172] المادة 17 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[173] المادة 18 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[174] المادة 19من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[175] المادة 20 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[176] المادة 21 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[177] المادة 22 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[178] المادة 23 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[179] المادة 24 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[180] المادة 25 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[181] المادة 26 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[182] المادة 27 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[183] للمزيد أكثر حول الإضراب مع احتلال أماكن العمل أنظر الصفحة 30.
[184] المادة 28 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[185] المادة 29 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[186] المادة 30 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[187] المادة 31 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[188] المادة 32 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[189] المادة 33 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[190] المادة 34 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[191] المادة 35 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[192] المادة 36 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[193] المادة 37 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[194] المادة 38 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[195] المادة 39 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[196] المادة 40 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[197] المادة 41 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[198] المادة 42 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[199] المادة 43 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[200] المادة 44 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[201] المادة 45 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[202] المادة 46 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[203] المادة 47 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[204] المادة 48 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[205] المادة 49 من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
[206] عبد الحفيظ أدمينو، ما الذي يؤخر إخراج القانون التنظيمي للحق في الإضراب بالمغرب، مقال منشور في الموقع الإلكتروني التالي:
https://www.maghrebvoices.com تاريخ الإطلاع 2024/04/11
نسخة للتحميل