مقدمة:
تعتبر مشكلة التشغيل واحدة من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الجهة الشرقية في المغرب. ترتبط هذه الإشكالية بتزايد معدلات البطالة، التي وصلت وفق الإحصائيات الأخيرة الصادرة في ديسمبر 2024 إلى 30.4%، ما يجعل الجهة الشرقية من أكثر المناطق تضررًا على الصعيد الوطني. هذا الرقم يعكس أزمة هيكلية ناتجة عن تركز فرص العمل في المدن الكبرى، مثل الرباط، الدار البيضاء، وفاس، مقابل تهميش واضح للمناطق الشرقية والجهات البعيدة عن المركز.
بحيث يجد شباب الجهة الشرقية أنفسهم عالقين بين ارتفاع معدلات البطالة وغياب فرص عمل محلية، وبين تحمل أعباء مادية ونفسية مرتبطة بالسفر المتكرر إلى المدن الكبرى لاجتياز مباريات التوظيف. وتؤدي هذه الأوضاع إلى إقصاء غير مباشر لفئات واسعة، خاصة تلك المنتمية للأسر محدودة الدخل، وهو ما يبرز تناقضًا واضحًا بين مبادئ الدستور المغربي، الذي ينص على تعزيز اللامركزية، والواقع الذي يعكس تركيزًا مفرطًا للفرص في المناطق المركزية.
فكيف تؤثر المركزية في الإعلان عن مباريات التوظيف العمومي على تفاقم البطالة في الجهة الشرقية؟ وما هي الآليات الممكنة لتحقيق اللامركزية الفعلية وضمان توزيع عادل للفرص؟
في هذا المقال، سنحاول تسليط الضوء على إشكالية التشغيل في الجهة الشرقية من خلال محورين رئيسيين:
1. تحليل دور المركزية في تفاقم أزمة التشغيل.
2. استعراض تأثير هذه الإشكالية على الشباب والتنمية الجهوية، مع تقديم حلول عملية للحد منها.
المحور الأول: دور المركزية في تفاقم أزمة التشغيل بالجهة الشرقية
- المركزية في الإعلان عن مباريات التوظيف
هذا الواقع يجعل حاملي الشهادات في الجهة الشرقية يضطرون للسفر لمسافات طويلة لتحصيل فرص العمل. على سبيل المثال، يحتاج المتقدم لمباراة في الرباط إلى تكاليف تتراوح بين 2000 و3000 درهم، تشمل النقل والإقامة والطعام، وهو مبلغ يصعب توفيره على كثير من الأسر في الجهة الشرقية، حيث يقدر متوسط الدخل الشهري للفرد بحوالي 1200 درهم فقط وفق المندوبية السامية للتخطيط.
- غياب العدالة المكانية في توزيع الفرص
- أثر المركزية على البطالة في الجهة الشرقية
المحور الثاني: تأثير إشكالية التشغيل على الشباب والتنمية الجهوية
- التأثير الاجتماعي والاقتصادي على الشباب
علاوة على ذلك، يعاني الشباب في الجهة الشرقية من نقص حاد في التكوين والتأهيل المهني، ما يجعلهم غير قادرين على المنافسة في سوق العمل الوطني. وفي ظل ضعف الاستثمارات المحلية، يظل هؤلاء الشباب عالقين في دائرة الفقر والتهميش.
- تأثير البطالة على التنمية الجهوية
- التحديات المؤسسية والبنية التحتية
خاتمة:
تظهر أزمة التشغيل في الجهة الشرقية الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في السياسات المركزية واعتماد استراتيجيات تنموية قائمة على اللامركزية الفعلية. فالتفاوتات الجهوية في توزيع فرص العمل لا تقتصر على التأثير السلبي على الجهة الشرقية فقط، بل تضر بالاقتصاد الوطني ككل.
لذلك، ينبغي على الدولة العمل على تفعيل مبدأ العدالة المكانية، من خلال توزيع متوازن للفرص والاستثمارات، وتعزيز التنمية الجهوية التي تضمن إشراك جميع المناطق في عملية النمو.
التوصيات العملية
- توزيع مباريات التوظيف العمومي بشكل عادل: تخصيص نسب محددة لكل جهة، مع إنشاء مراكز جهوية لاستقبال وإجراء المباريات.
- دعم النقل والإقامة للشباب: توفير دعم مالي مباشر أو غير مباشر للشباب المتقدمين للمباريات من الجهات البعيدة.
- تعزيز الاستثمار في الجهة الشرقية: إطلاق مشاريع كبرى في قطاعات الصناعة، الفلاحة، والسياحة، لتوفير فرص عمل محلية.
- تطوير البنية التحتية: تحسين شبكة الطرق والنقل العمومي لجعل الجهة الشرقية أكثر جاذبية للاستثمارات.
- إصلاح نظام التعليم والتكوين المهني: توفير برامج تأهيلية متخصصة تستجيب لمتطلبات سوق العمل.
المراجع
1. المندوبية السامية للتخطيط، تقرير حول البطالة في الجهة الشرقية (ديسمبر 2024).
2. المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تقرير حول التنمية الجهوية (2024).
3. وزارة التجهيز والنقل، تقرير حول البنية التحتية الوطنية (2024).
4. المركز المغربي للدراسات الاجتماعية، دراسة حول تأثير البطالة على الشباب (2024).
5. الدستور المغربي لسنة 2011، الفصل المتعلق باللامركزية.