يعد الحق في الحياة الخاصة أحد أهم حقوق الانسان اللصيقة بشخصيته، فمن خلاله يتمكن الفرد من الاحتفاظ بممتلكاته ومعلوماته الخاصة دون تدخل طرف آخر،
لذلك عمدت المواثيق الدولية والتشريعات اليمنية على حمايته من مختلف الانتهاكات التي قد تعترضه، إلا أن اجتياح العصر الرقمي لمختلف مناحي الحياة أفرز
اعتداءات جديدة على هذا الحق، لتمس بذلك خصوصية الأفراد المادية والمعنوية وكذلك المعلوماتية، كالاعتداء على الحق في الصورة، والتهديد او الابتزاز الالكتروني،
والاعتداء على المعلومات أو المعطيات ذات الطابع الشخصي، وكذا المحادثات الخاصة سواء باستماعها او تسجيلها او نقلها، وكذلك الاعتداء على المراسلات الخاصة.
لقد وضع المشرع اليمني نصوصا فضفاضه في قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994، سنتناول منها في دراستنا هذه ما يخص الاعتداء على الحياة الخاصة في الفضاء الرقمي، ومدى انطباقها على الانتهاكات الواقعة على الحياة الخاصة في الفضاء الرقمي، ونشير أيضا الى ان المشرع اليمني أورد نصوصاً متفرقة تجرم بعضا من صور الاجرام المعلوماتي منها تلك الواردة في قانون أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية رقم(40) لسنة 2006م، والذي نص في المادة 41 على أن يعاقب كل من يرتكب فعلا يشكل جريمة بموجب أحكام القوانين النافذة بواسطة استخدام الوسائل الإلكترونية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف ريال ولا تزيد على مليون ريال.
في هذه المقالة سوف نتناول التقاط او نقل الصورة وكذا التهديد بإفشاء أو إذاعة تلك الصور بالإضافة الى إذاعة أو تسهيل إذاعة أو استعمال الصورة، ومناقشة ما اذا كان للشخص الاعتراض على حقه في صورته التي التقطت له في مكان عام دون رضاه وبغير الأحوال المصرح بها قانونا، وتبيان أركان قيام الجريمة وتقادمها.
أولا: التقاط او نقل الصورة
لقد جرم المشرع الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة،من ضمنها انتهاك الحق في الصورة، حيث بينت المادة (256) من قانون الجرائم والعقوبات النافذ، جريمة الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة، سواء باستخدام الوسائل التقليدية او الحديثة، ويتضح جليا ان أي التقاط للصور جرت في مكان خاص او عن طريق الهاتف او (نقلها) بأي جهاز من الأجهزة (أيا كان نوعه) في غير الأحوال الغير مصرح بها أو بغير رضاء المجني عليه يعتبر جريمة، هذا من جهة.
ثانيا: التهديد بإفشاء أو إذاعة تلك الصور
ومن جهة أخرى كرس المشرع الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة بشكل أكثر، من خلال تجريمه التهديد بإفشاء أو إذاعة تلك الصور التي تم التقاطها أو نقلها، حيث عاقب المشرع كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور الشخصية التي تم الحصول عليها بطريقة تقليدية او حديثة، حسب نص المادتين (257،254) من ذات القانون.
ثالثا: إذاعة أو تسهيل إذاعة أو استعمال الصورة
برجوعنا لنص المادة 257 من نفس القانون يتبين أن المشرع استخدم عبارات أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل وحيث إن المقصود بهذه العبارات حسب ما بين أستاذنا الدكتور خالد الخطيب في كتابه جرائم الاعتداء على الأشخاص في القانون اليمني في الصفحة رقم 261 كالآتي، أولا المقصود بالإذاعة: النشر باطلاع عدد غير محدد من الناس على المستند أو الصور أو التسجيل، بمعنى أن النشر يفترض العلانية، ولا فرق بين أن يتم النشر عن طريق الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون، أو الموقع الإلكتروني، أو أي وسيلة من وسائل الإعلام العادية أو الإلكترونية أو غيرها. ثانيا يقصد بتسهيل الإذاعة: تقديم العون والمساعدة إلى من يقوم بالإذاعة أو النشر أو الإعلان بأي صورة من الصور، فيعتبر فاعلا أصليا خلافا لما تقضي به القواعد العامة التي تعتبر المسهل شريكا وليس فاعلا أصليا.
ثالثا يقصد بالإستعمال: استخدام، أو توظيف المستند، أو التسجيل، أو الصور بهدف تحقيق غرض ما، وسواء كان الاستخدام علنيا أو غير علنيا، بالتالي فإن أي اعتداء على حرمة الحياة الخاصة وتهديدها، بإذاعة تلك الصور التي تم التقاطها أو نقلها عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه، يعتبر جريمة الكترونية عمدية.
وبمعنى اخر إذا قام الجاني في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه بإذاعة أو استعمال الصور التي تم التقاطها او التي تم الحصول عليها بطريقة حديثة (عن طريق الهاتف أو عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه)، فإن ذلك يعتبر اعتداءً وانتهاكاً للحق في الصورة.
وبرجوعنا للمقصود من العبارات - أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل - التي أوردها المشرع، كما فصلنا معناها أعلاه، بالإضافة الى الطرق التي من خلالها يتم الإذاعة او التسهيل او الاستعمال يتضح أن النص التقليدي ينبطق على الجرائم التي تتم في الفضاء الرقمي، وبهذا المفهوم فإن أي إذاعة سر من الأسرار الخاصة - كالصورة مثلا – عن طريق الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال والتواصل، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجني عليه يعتبر جريمة الكترونية طبقا لنص المادتين 256،257 من قانون الجرائم والعقوبات النافذ.
(الصورة الملتقطة في مكان عام)
رابعا: الصورة الملتقطة في مكان عام
طبقا لمفهوم نص المادة 256 باعتبارها أكدت على الالتقاط أو نقل الصورة يكون في مكان خاص، يثار سؤال هل يمكن للشخص الاعتراض على حقه في صورته التي التقطت له في مكان عام دون رضاه وبغير الأحوال المصرح بها قانونا؟
يمكننا القول أننا أمام حالتين. الحالة الأولى: إذا كانت صورة الإنسان قد التقطت له بمناسبة حادث وقع في مكان عام، فإنه لا يجوز له الإعتراض على إلتقاطها أو نشرها دون رضاه، و الأمر كذلك أيا كان دور هذا الشخص في الحادث العلني، يظل ضحية أو مجرد شاهدا، وكذلك حتى اذا التقطت الصورة والشخص مختلطا بالجمهور ومتصلا بهم وسواء كان هذا الاتصال او ذاك الاختلاط في الشارع او في مكان العمل او في وسائل المواصلات.
أما الحالة الثانية: إذا كان الشخص هو الموضوع الرئيسي للصورة و ما العناصر الأخرى إلا مجرد خلفية له، هنا لا يجوز إلتقاط هذه الصورة أو نشرها إلا برضا من تمثله، فالحق في الصورة من حقوق الشخصية، استنادا للمادة 47 من القانون المدني اليمني رقم 14 لسنة 2002 والتي تنص على أنه:" لكل من وقع عليه اعتداء غيرمشروع في حق من حقوقه الشخصية أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر". والقضاء الفرنسي يؤيد هذا التكييف بحيث أكد أن "حرمة الحياة الخاصة تدخل في الذمة المعنوية لكل شخص طبيعي وتكون شأنها شأن صورته إمتدادا لشخصيته".وإعتبار حق الإنسان على صورته حقا من حقوق الشخصية ميزة هامة بالنسبة لحماية هذا الحق، لأن الإعتداء على هذا الحق يخول المعتدي عليه اللجوء إلى القضاء طالبا رد هذا الإعتداء دون حاجة لإثبات توافر عناصر المسؤولية المدنية.
ومن ثم فمن يقوم بتصوير غيره أو نشر صورته دون رضاه يعتبر معتديا على الحق في الصورة، والاعتداء يتمثل في واقعة التصوير أو النشر دون رضا من تمثله الصورة دون إثبات الخطأ أو الضرر، لأن دعوى هذا الأخير لا تقوم على أساس المسؤولية المدنية وإنما على أساس المساس بحق معين من حقوق الشخصية، وبهذا تكون الحماية القانونية أكثر قوة وفعالية مما لو تركنا الأمر لقواعد المسؤولية المدنية.
خامسا: الركن المادي والمعنوي
يتحقق الركن المادي لجريمة انتهاك الحق في الصورة: بإتيان الجاني بإلتقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص أو في مكان عام وشريطة أن يكون الشخص هو الموضوع الرئيسي للصورة و ما العناصر الأخرى إلا مجرد خلفية له، وفي جميع الأحوال يكون الإلتقاط بغير رضاه وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا، بإستخدام وسيلة أيا كان نوعها أوأية تقنية كانت.
يتحقق الركن المعنوي لجريمة انتهاك الحق في الصورة: وذلك بإن يكون الجاني على علم بإن هذه الواقعة مجرمة، كما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى الإلتقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص، او عام على النحو الذي بيناه، دون الحصول على موافقته أو رضاه.
سادسا: تقادم انتهاك الحق في الصورة
نشير في الأخير الى أن الحق في الصورة من الجرائم التي لا تتقادم بمرور المدة، كما أكدت المادتين 14 و 16 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم 13 لسنة 1994م والواردة ضمن المبادئ والمهام الأساسية في الباب الثاني من القانون، إذ تنص المادة (14) على أنه:" لا يجوز المساس بحرية الحياة الخاصة للمواطن في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون ، ويعتبر مساسا بها ارتكاب أحد الأفعال الآتية:1- استراق السمع أو تسجيل أو نقل المحادثات التي تجري في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه. 2- التقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه. 3- الاطلاع على الخطابات، أو الرسائل، أو البرقيات، أو مصادرتها. وتنص المادة (16) على أنه: "استثناء من أحكام المادة (37) لا تنقضي بمضي المدة الدعوى الجزائية في الجرائم الماسة بحرية المواطنين أو كرامتهم أو التي تتضمن اعتداء على حرية الحياة الخاصة".
لذلك عمدت المواثيق الدولية والتشريعات اليمنية على حمايته من مختلف الانتهاكات التي قد تعترضه، إلا أن اجتياح العصر الرقمي لمختلف مناحي الحياة أفرز
اعتداءات جديدة على هذا الحق، لتمس بذلك خصوصية الأفراد المادية والمعنوية وكذلك المعلوماتية، كالاعتداء على الحق في الصورة، والتهديد او الابتزاز الالكتروني،
والاعتداء على المعلومات أو المعطيات ذات الطابع الشخصي، وكذا المحادثات الخاصة سواء باستماعها او تسجيلها او نقلها، وكذلك الاعتداء على المراسلات الخاصة.
لقد وضع المشرع اليمني نصوصا فضفاضه في قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994، سنتناول منها في دراستنا هذه ما يخص الاعتداء على الحياة الخاصة في الفضاء الرقمي، ومدى انطباقها على الانتهاكات الواقعة على الحياة الخاصة في الفضاء الرقمي، ونشير أيضا الى ان المشرع اليمني أورد نصوصاً متفرقة تجرم بعضا من صور الاجرام المعلوماتي منها تلك الواردة في قانون أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية رقم(40) لسنة 2006م، والذي نص في المادة 41 على أن يعاقب كل من يرتكب فعلا يشكل جريمة بموجب أحكام القوانين النافذة بواسطة استخدام الوسائل الإلكترونية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف ريال ولا تزيد على مليون ريال.
في هذه المقالة سوف نتناول التقاط او نقل الصورة وكذا التهديد بإفشاء أو إذاعة تلك الصور بالإضافة الى إذاعة أو تسهيل إذاعة أو استعمال الصورة، ومناقشة ما اذا كان للشخص الاعتراض على حقه في صورته التي التقطت له في مكان عام دون رضاه وبغير الأحوال المصرح بها قانونا، وتبيان أركان قيام الجريمة وتقادمها.
أولا: التقاط او نقل الصورة
لقد جرم المشرع الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة،من ضمنها انتهاك الحق في الصورة، حيث بينت المادة (256) من قانون الجرائم والعقوبات النافذ، جريمة الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة، سواء باستخدام الوسائل التقليدية او الحديثة، ويتضح جليا ان أي التقاط للصور جرت في مكان خاص او عن طريق الهاتف او (نقلها) بأي جهاز من الأجهزة (أيا كان نوعه) في غير الأحوال الغير مصرح بها أو بغير رضاء المجني عليه يعتبر جريمة، هذا من جهة.
ثانيا: التهديد بإفشاء أو إذاعة تلك الصور
ومن جهة أخرى كرس المشرع الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة بشكل أكثر، من خلال تجريمه التهديد بإفشاء أو إذاعة تلك الصور التي تم التقاطها أو نقلها، حيث عاقب المشرع كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور الشخصية التي تم الحصول عليها بطريقة تقليدية او حديثة، حسب نص المادتين (257،254) من ذات القانون.
ثالثا: إذاعة أو تسهيل إذاعة أو استعمال الصورة
برجوعنا لنص المادة 257 من نفس القانون يتبين أن المشرع استخدم عبارات أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل وحيث إن المقصود بهذه العبارات حسب ما بين أستاذنا الدكتور خالد الخطيب في كتابه جرائم الاعتداء على الأشخاص في القانون اليمني في الصفحة رقم 261 كالآتي، أولا المقصود بالإذاعة: النشر باطلاع عدد غير محدد من الناس على المستند أو الصور أو التسجيل، بمعنى أن النشر يفترض العلانية، ولا فرق بين أن يتم النشر عن طريق الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون، أو الموقع الإلكتروني، أو أي وسيلة من وسائل الإعلام العادية أو الإلكترونية أو غيرها. ثانيا يقصد بتسهيل الإذاعة: تقديم العون والمساعدة إلى من يقوم بالإذاعة أو النشر أو الإعلان بأي صورة من الصور، فيعتبر فاعلا أصليا خلافا لما تقضي به القواعد العامة التي تعتبر المسهل شريكا وليس فاعلا أصليا.
ثالثا يقصد بالإستعمال: استخدام، أو توظيف المستند، أو التسجيل، أو الصور بهدف تحقيق غرض ما، وسواء كان الاستخدام علنيا أو غير علنيا، بالتالي فإن أي اعتداء على حرمة الحياة الخاصة وتهديدها، بإذاعة تلك الصور التي تم التقاطها أو نقلها عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه، يعتبر جريمة الكترونية عمدية.
وبمعنى اخر إذا قام الجاني في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه بإذاعة أو استعمال الصور التي تم التقاطها او التي تم الحصول عليها بطريقة حديثة (عن طريق الهاتف أو عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه)، فإن ذلك يعتبر اعتداءً وانتهاكاً للحق في الصورة.
وبرجوعنا للمقصود من العبارات - أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل - التي أوردها المشرع، كما فصلنا معناها أعلاه، بالإضافة الى الطرق التي من خلالها يتم الإذاعة او التسهيل او الاستعمال يتضح أن النص التقليدي ينبطق على الجرائم التي تتم في الفضاء الرقمي، وبهذا المفهوم فإن أي إذاعة سر من الأسرار الخاصة - كالصورة مثلا – عن طريق الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال والتواصل، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجني عليه يعتبر جريمة الكترونية طبقا لنص المادتين 256،257 من قانون الجرائم والعقوبات النافذ.
(الصورة الملتقطة في مكان عام)
رابعا: الصورة الملتقطة في مكان عام
طبقا لمفهوم نص المادة 256 باعتبارها أكدت على الالتقاط أو نقل الصورة يكون في مكان خاص، يثار سؤال هل يمكن للشخص الاعتراض على حقه في صورته التي التقطت له في مكان عام دون رضاه وبغير الأحوال المصرح بها قانونا؟
يمكننا القول أننا أمام حالتين. الحالة الأولى: إذا كانت صورة الإنسان قد التقطت له بمناسبة حادث وقع في مكان عام، فإنه لا يجوز له الإعتراض على إلتقاطها أو نشرها دون رضاه، و الأمر كذلك أيا كان دور هذا الشخص في الحادث العلني، يظل ضحية أو مجرد شاهدا، وكذلك حتى اذا التقطت الصورة والشخص مختلطا بالجمهور ومتصلا بهم وسواء كان هذا الاتصال او ذاك الاختلاط في الشارع او في مكان العمل او في وسائل المواصلات.
أما الحالة الثانية: إذا كان الشخص هو الموضوع الرئيسي للصورة و ما العناصر الأخرى إلا مجرد خلفية له، هنا لا يجوز إلتقاط هذه الصورة أو نشرها إلا برضا من تمثله، فالحق في الصورة من حقوق الشخصية، استنادا للمادة 47 من القانون المدني اليمني رقم 14 لسنة 2002 والتي تنص على أنه:" لكل من وقع عليه اعتداء غيرمشروع في حق من حقوقه الشخصية أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر". والقضاء الفرنسي يؤيد هذا التكييف بحيث أكد أن "حرمة الحياة الخاصة تدخل في الذمة المعنوية لكل شخص طبيعي وتكون شأنها شأن صورته إمتدادا لشخصيته".وإعتبار حق الإنسان على صورته حقا من حقوق الشخصية ميزة هامة بالنسبة لحماية هذا الحق، لأن الإعتداء على هذا الحق يخول المعتدي عليه اللجوء إلى القضاء طالبا رد هذا الإعتداء دون حاجة لإثبات توافر عناصر المسؤولية المدنية.
ومن ثم فمن يقوم بتصوير غيره أو نشر صورته دون رضاه يعتبر معتديا على الحق في الصورة، والاعتداء يتمثل في واقعة التصوير أو النشر دون رضا من تمثله الصورة دون إثبات الخطأ أو الضرر، لأن دعوى هذا الأخير لا تقوم على أساس المسؤولية المدنية وإنما على أساس المساس بحق معين من حقوق الشخصية، وبهذا تكون الحماية القانونية أكثر قوة وفعالية مما لو تركنا الأمر لقواعد المسؤولية المدنية.
خامسا: الركن المادي والمعنوي
يتحقق الركن المادي لجريمة انتهاك الحق في الصورة: بإتيان الجاني بإلتقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص أو في مكان عام وشريطة أن يكون الشخص هو الموضوع الرئيسي للصورة و ما العناصر الأخرى إلا مجرد خلفية له، وفي جميع الأحوال يكون الإلتقاط بغير رضاه وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا، بإستخدام وسيلة أيا كان نوعها أوأية تقنية كانت.
يتحقق الركن المعنوي لجريمة انتهاك الحق في الصورة: وذلك بإن يكون الجاني على علم بإن هذه الواقعة مجرمة، كما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى الإلتقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص، او عام على النحو الذي بيناه، دون الحصول على موافقته أو رضاه.
سادسا: تقادم انتهاك الحق في الصورة
نشير في الأخير الى أن الحق في الصورة من الجرائم التي لا تتقادم بمرور المدة، كما أكدت المادتين 14 و 16 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم 13 لسنة 1994م والواردة ضمن المبادئ والمهام الأساسية في الباب الثاني من القانون، إذ تنص المادة (14) على أنه:" لا يجوز المساس بحرية الحياة الخاصة للمواطن في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون ، ويعتبر مساسا بها ارتكاب أحد الأفعال الآتية:1- استراق السمع أو تسجيل أو نقل المحادثات التي تجري في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه. 2- التقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه. 3- الاطلاع على الخطابات، أو الرسائل، أو البرقيات، أو مصادرتها. وتنص المادة (16) على أنه: "استثناء من أحكام المادة (37) لا تنقضي بمضي المدة الدعوى الجزائية في الجرائم الماسة بحرية المواطنين أو كرامتهم أو التي تتضمن اعتداء على حرية الحياة الخاصة".