لا يخفى على أحد أن جهاز الدولة يتكون من حكومة، برلمان، مؤسسات، أحزاب ومنظمات حكومية، والتي تضطلع بمهام عدة، لكن هناك بعض المهام أسندها جهاز الدولة لمنظمات وهيئات غير حكومية تقوم بأنشطة ومهام أخرى لها اهتمامات مختلفة فيها ما هو اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، سياسي، وحقوقي...إلخ.
وبفعل التطور الذي شهدته وسائل الإعلام وانتشار تكنولوجيا الثورة المعلوماتية، بحيث تراجع الإعلام الورقي وظهر مكانه الإعلام الرقمي وأصبحت المعلومات تتداول بشكل سريع بين أقطاب العالم ككل. وبفعل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعرفها المجتمع المغربي، وارتفاع نسبة التمدرس والوعي عند المغاربة كل هذه العوامل جعلتهم يهتمون بالأوضاع اليومية وتدبير الشؤون السياسية.
ولقد جاء القانون 103.13 نتيجة محطات لعب فيها المجتمع المدني دورا طلائعيا بغية استصداره، وكذا لتحقيق مطالبه والمتمثلة أساسا في إقرار هذا القانون.
يرتبط هذا الموضوع بمفهوم المجتمع المدني الذي اكتسح عدة مجالات، وأصبح متداولا في جميع المنابر الإعلامية الورقية والرقمية. يضم هذا المكون السياسي مجموع الفاعليين الذين ينشطون في قطاعات اجتماعية، اقتصادية، حقوقية... إلخ بصفة تطوعية وهدفهم الأسمى هو تحقيق المصلحة العامة للمواطنين، وبتعبير آخر الهدف ليس ربحيا وإنما الإرتقاء بالمستوى المعيشي وتحسين ظروفهم الإجتماعية.
و في هذا الصدد نتبنى الطرح الذي ذهب إليه هابرماس في تعريفه للمجتمع المدني، بحيث إن دلالة تعريفه تترجم على مستوى المجتمع المدني المغربي. إذ عرفه يورغن هابرماس على أنه: يمثل تلك الروابط والمؤسسات التي ينظمها المواطنون في فضاء عمومي حر، وهي ليست اقتصادية بالضرورة، كما أنها ليست تابعة للدولة.
طبعا هذا التعريف له محدوديته إذ إن الفضاء العمومي الذي يتحدث عنه هابرماس باعتباره مقوم جوهري من مقومات المجتمع المدني، نجده في السياق المغربي لم ينسلخ بعد عن الدولة وعن الفردانية، فالدولة دوما ما نجدها ترفض مثل هذه الفضاءات وتواجهها بالقمع، وفي أحيان أخرى نجد مثل هذه الفضاءات والصالونات غير محايدة عن الدولة، كما نجد أحيانا هذا الفضاء مدعما من قوى أخرى من أجل مصالحها الخاصة؛ وبالتالي لم يتحرر عن الفردانية. تحدث هابرماس أيضا عن مقومات أخرى للمجتمع المدني والتي تتحدد عنده في عناصر جوهرية وهي: التعدد الثقافي، الفعل التواصلي والديمقراطية التشاركية.
ففكرة التعدد الثقافي والفعل التواصلي في المجتمع المدني المغربي يصعب تحقيقها، فغالبا ما يكون هناك إقصاء أو هيمنة لثقافة معينة على الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى استحالة تحقيق فكرة التوافق والإجتماع، هذه الفكرة هي التي تمنح للفضاء العمومي قوته كي يفرضها على المؤسسات المشرعة وعلى الحكومات. كما يرى هابرماس أن فكرة الإجتماع هذه هي التي تفرض فكرة الحرية ضد أي حوار يؤدي إلى التأثير بل الإقناع العقلاني عن طريق المحاججة العقلانية في كل القضايا، من خلال إخضاع الحوار لمنطق التعدد الثقافي.
وبالنسبة للمقوم الأخير للمجتمع المدني عند هابرماس هو ما يسمى بالديمقراطية التشاركية التي تقوم على التحاور، فهو يرفض رفضا تاما ديكتاتورية الحزب الأغلبي. فعند هابرماس حينما يتوافق الناس، الأقلية تلتزم. ولا يمكن أن يتحقق هذا إلا عند تحقيق فعل تواصلي سليم. كما انتقد هابرماس الديمقراطية التمثيلية، فالسلطة عنده تنبع من السياسة التشاورية التشاركية. الحق المشروع عنده وهو المشترك، ليس ناتج عن صناديق الإقتراع، بل الذي ينتج عن تشاور وشراكة وتوافق. طبعا ما نظر له هابرماس صعب التحقق في المجتمع المدني المغربي لأنه لم يقدم لنا حلولا واقعية، بل أفكاره يغلب عليها الطابع المثالي. لكنه على الأقل حاول تقديم مبادئ يمكن الإستيناد إليها لتصحيح مسار الدولة ومنح أدوات تساعد للتخلص من هيمنة الأغلبية.
وفي هذا الصدد يمكن طرح إشكالية تتعلق بما مدى تأثير مكونات المجتمع المدني وفعاليتها في استصدار القانون رقم 103.13 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء؟
إن ما ينبغي تأكيده أن الحــركات الاجتماعية عمومــا والحــركات النســائية بشــكل خـاص، تعـد مثالاً حيـا علـى التغيـرات المجتمعيـة العميقــة التــي عرفهــا المغــرب منذ بداية الألفية الثالثة. وفي وقتنا الحاضر، نتحدث عن حركة نسائية مغربية وازنة، لها حضور فعال وقوي في الحقل السياسي المغربي، بالرغم من إختلاف مرجعيــاتها، وتباين توجهاتها وإختلاف طـرق ووسـائل اشتغالها، والتي يمكـن أحيانا أن تتداخـل أو تصطـدم فيما بينها، لكنهـا تحتـج وتطالـب بمسـاحة لهـا فـي المشـهد العـام. ورغـم أنهـا لـم تسـتطيع لحـد الآن العمـل سـويا علـى القضايـا التــي تتفــق عليهــا مبدئيــا بســبب خلافاتهــا الأيديولوجية والمرجعيــة، فــإن عملهــا بشــكل فــردي فــي إطــار شــبكات موضوعاتيــة وطنيــة وإقليميــة يتقاطــع مع العديــد من الملفـات التـي تهـم قضايـا النسـاء ومناهضــة العنــف ضدهــن.
ومن أبرز دواعي صدور القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء إلى الوجود، ارتفاع نسبة العنف ضد العنصر النسوي إذ بلغت نسبتها خلال السنة الفارطة، ما مجموعه 61 ألف و388 قضية عنف ضد المرأة بجميع أشكاله، مما أثار جدلا واسعا بين أوساط المجتمع المغربي، وخاصة بين الحقوقيين وأصحاب القرار. كما أنه من دواعي صدور هذا القانون اعتبار ظاهرة العنف ضد النساء موضوعا متداولا بين الحقوقيين ووسائل الإعلام، على اعتبارها تمس بصميم الحياة اليومية.
وبالرغم من خروج هذا القانون من رحم المداولات بعد مخاض عسير، إلا أنه لازال إلى حدود الآن محط جدال ونقاش عميق.
وبفعل التطور الذي شهدته وسائل الإعلام وانتشار تكنولوجيا الثورة المعلوماتية، بحيث تراجع الإعلام الورقي وظهر مكانه الإعلام الرقمي وأصبحت المعلومات تتداول بشكل سريع بين أقطاب العالم ككل. وبفعل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعرفها المجتمع المغربي، وارتفاع نسبة التمدرس والوعي عند المغاربة كل هذه العوامل جعلتهم يهتمون بالأوضاع اليومية وتدبير الشؤون السياسية.
ولقد جاء القانون 103.13 نتيجة محطات لعب فيها المجتمع المدني دورا طلائعيا بغية استصداره، وكذا لتحقيق مطالبه والمتمثلة أساسا في إقرار هذا القانون.
يرتبط هذا الموضوع بمفهوم المجتمع المدني الذي اكتسح عدة مجالات، وأصبح متداولا في جميع المنابر الإعلامية الورقية والرقمية. يضم هذا المكون السياسي مجموع الفاعليين الذين ينشطون في قطاعات اجتماعية، اقتصادية، حقوقية... إلخ بصفة تطوعية وهدفهم الأسمى هو تحقيق المصلحة العامة للمواطنين، وبتعبير آخر الهدف ليس ربحيا وإنما الإرتقاء بالمستوى المعيشي وتحسين ظروفهم الإجتماعية.
و في هذا الصدد نتبنى الطرح الذي ذهب إليه هابرماس في تعريفه للمجتمع المدني، بحيث إن دلالة تعريفه تترجم على مستوى المجتمع المدني المغربي. إذ عرفه يورغن هابرماس على أنه: يمثل تلك الروابط والمؤسسات التي ينظمها المواطنون في فضاء عمومي حر، وهي ليست اقتصادية بالضرورة، كما أنها ليست تابعة للدولة.
طبعا هذا التعريف له محدوديته إذ إن الفضاء العمومي الذي يتحدث عنه هابرماس باعتباره مقوم جوهري من مقومات المجتمع المدني، نجده في السياق المغربي لم ينسلخ بعد عن الدولة وعن الفردانية، فالدولة دوما ما نجدها ترفض مثل هذه الفضاءات وتواجهها بالقمع، وفي أحيان أخرى نجد مثل هذه الفضاءات والصالونات غير محايدة عن الدولة، كما نجد أحيانا هذا الفضاء مدعما من قوى أخرى من أجل مصالحها الخاصة؛ وبالتالي لم يتحرر عن الفردانية. تحدث هابرماس أيضا عن مقومات أخرى للمجتمع المدني والتي تتحدد عنده في عناصر جوهرية وهي: التعدد الثقافي، الفعل التواصلي والديمقراطية التشاركية.
ففكرة التعدد الثقافي والفعل التواصلي في المجتمع المدني المغربي يصعب تحقيقها، فغالبا ما يكون هناك إقصاء أو هيمنة لثقافة معينة على الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى استحالة تحقيق فكرة التوافق والإجتماع، هذه الفكرة هي التي تمنح للفضاء العمومي قوته كي يفرضها على المؤسسات المشرعة وعلى الحكومات. كما يرى هابرماس أن فكرة الإجتماع هذه هي التي تفرض فكرة الحرية ضد أي حوار يؤدي إلى التأثير بل الإقناع العقلاني عن طريق المحاججة العقلانية في كل القضايا، من خلال إخضاع الحوار لمنطق التعدد الثقافي.
وبالنسبة للمقوم الأخير للمجتمع المدني عند هابرماس هو ما يسمى بالديمقراطية التشاركية التي تقوم على التحاور، فهو يرفض رفضا تاما ديكتاتورية الحزب الأغلبي. فعند هابرماس حينما يتوافق الناس، الأقلية تلتزم. ولا يمكن أن يتحقق هذا إلا عند تحقيق فعل تواصلي سليم. كما انتقد هابرماس الديمقراطية التمثيلية، فالسلطة عنده تنبع من السياسة التشاورية التشاركية. الحق المشروع عنده وهو المشترك، ليس ناتج عن صناديق الإقتراع، بل الذي ينتج عن تشاور وشراكة وتوافق. طبعا ما نظر له هابرماس صعب التحقق في المجتمع المدني المغربي لأنه لم يقدم لنا حلولا واقعية، بل أفكاره يغلب عليها الطابع المثالي. لكنه على الأقل حاول تقديم مبادئ يمكن الإستيناد إليها لتصحيح مسار الدولة ومنح أدوات تساعد للتخلص من هيمنة الأغلبية.
وفي هذا الصدد يمكن طرح إشكالية تتعلق بما مدى تأثير مكونات المجتمع المدني وفعاليتها في استصدار القانون رقم 103.13 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء؟
إن ما ينبغي تأكيده أن الحــركات الاجتماعية عمومــا والحــركات النســائية بشــكل خـاص، تعـد مثالاً حيـا علـى التغيـرات المجتمعيـة العميقــة التــي عرفهــا المغــرب منذ بداية الألفية الثالثة. وفي وقتنا الحاضر، نتحدث عن حركة نسائية مغربية وازنة، لها حضور فعال وقوي في الحقل السياسي المغربي، بالرغم من إختلاف مرجعيــاتها، وتباين توجهاتها وإختلاف طـرق ووسـائل اشتغالها، والتي يمكـن أحيانا أن تتداخـل أو تصطـدم فيما بينها، لكنهـا تحتـج وتطالـب بمسـاحة لهـا فـي المشـهد العـام. ورغـم أنهـا لـم تسـتطيع لحـد الآن العمـل سـويا علـى القضايـا التــي تتفــق عليهــا مبدئيــا بســبب خلافاتهــا الأيديولوجية والمرجعيــة، فــإن عملهــا بشــكل فــردي فــي إطــار شــبكات موضوعاتيــة وطنيــة وإقليميــة يتقاطــع مع العديــد من الملفـات التـي تهـم قضايـا النسـاء ومناهضــة العنــف ضدهــن.
ومن أبرز دواعي صدور القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء إلى الوجود، ارتفاع نسبة العنف ضد العنصر النسوي إذ بلغت نسبتها خلال السنة الفارطة، ما مجموعه 61 ألف و388 قضية عنف ضد المرأة بجميع أشكاله، مما أثار جدلا واسعا بين أوساط المجتمع المغربي، وخاصة بين الحقوقيين وأصحاب القرار. كما أنه من دواعي صدور هذا القانون اعتبار ظاهرة العنف ضد النساء موضوعا متداولا بين الحقوقيين ووسائل الإعلام، على اعتبارها تمس بصميم الحياة اليومية.
وبالرغم من خروج هذا القانون من رحم المداولات بعد مخاض عسير، إلا أنه لازال إلى حدود الآن محط جدال ونقاش عميق.