مقدمة
يعتبر القضاء سلطة من سلطات الدولة، لا يستطيع ممارسة أعماله وإعطاء أحكامه قوتها ومعناها إلا في مجتمع منظم تسود فيه دولة مبنية طبقا لأحكام قوانين تضعها وتعتبرها عنوانا للعدالة والحق، فخضوع الدولة بحكامها ومحكوميها لهذه القوانين هو أفضل الحلول الممكنة للتوفيق بين ما تتمتع به هيئات الدولة من سلطات لا غنى عنها لانتظام حياة الأفراد في المجتمع، وبين حرية الأفراد التي يحتفظون بها رغم وجود الدولة بسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع ما يتضمن من تقييد لجانب من هذه الحريات (1).
إن أشد السلطات خطرا على الحريات العامة هي السلطة التنفيذية، وذلك بحكم طبيعة وظيفتها، وبما لديها من إمكانيات كبيرة تمس الأفراد في مختلف حرياتهم، وقد حذر الفقيه (جان ريفيرو J. RIVERO) في كتابه الحريات العامة، من هذه السلطة، إذ قال : « إن على الدولة التقيد بالقواعد القانونية التي صاغتها »، فلم يعد للدولة ذلك المفهوم في نظرية العالم الألماني هيغل، الذي يقول بأنها العقل المتيقن الذي لا يعترف بسلطان دون سلطانه، فقد أصبحت الدولة الحديثة تخضع بصورة متزايدة لحكم القانون، وظهرت وسائل متعددة لرقابة أوجه نشاطاتها المختلفة، والاتجاه مستمر نحو التوسع في الحماية القضائية المقررة للمواطنين في مواجهة السلطات غير المألوفة للإدارة (2).
ويعتبر القانون الإداري هو الأداة التي تحكم الإدارة العامة في نشاطاتها المختلفة، وقد تزايدت أهمية هذا القانون مع اتساع نطاق الوظيفة الإدارية للدولة، حيث لا يكاد ينجو أحد الآن من الاحتكاك في حياته اليومية بالإدارة العامة والدخول في علاقات معها، وبناء على ذلك، فكل فرد من أفراد المجتمع تربطه بالإدارة أكثر رابطة بصفته معاونا لها في تسيير مرافقها، وبطبيعة الحال، فإن الرقابة على هذه العلاقات تتولاها المحاكم التي تعد ضمانا لحقوق وحريات الأفراد، نظرا لما ينطوي عليه القضاء من حياد ونزاهة استقلال عن أطراف النزاع، وكونه له دراية بالشؤون القانونية ومسائل المنازعات، ذلك أن مبدأ خضوع الدولة للقانون يعني خضوعها للقضاء، فلا قيمة للقضاء بدون تنفيذ أحكامه، فعدم تنفيذ الأحكام يجر المرء إلى التفكير في انحلال الدولة (3)، أو كما قال العميد DUGUIT « الإخلال بمبدأ ضرورة احترام الأحكام يصير بمبدأ المشروعية إلى العدم » (4).
إن احترام أحكام القضاء في دولة من الدول يعبر عن مدى تقدم هذه الدولة ومدى تطورها، فقد عرضت على رئيس وزراء بريطانيا المشهور « وينستون تشرتشل » أيام الحرب العالمية الثانية قضية تتعلق بحكم قضى بمنع تحليق الطائرات العسكرية أثناء انعقاد الجلسات نظرا للإزعاج الذي كانت تسببه، فكان جواب « تشرتشل» بعبارته الحكيمة الخالدة عندما قال « لا بد من تنفيذ الحكم، فإنه أهون أن يكتب التاريخ أن إنجلترا هزمت في الحرب من أن يكتب فيه أنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي » (5).
وإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية تكمن في الأساس في غياب مسطرة فعالة وناجعة لإجبار الإدارة على التنفيذ، فقانون المحاكم الإدارية (6) وكذلك قانون المسطرة المدنية (7) لا يتضمنان الوسائل اللازمة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي بها (8).
فالمشرع في القانون 41.90 من خلال الفصل 49 منه اكتفى بالقول على أنه يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم ويمكن للمجلس أن يعهد تنفيذ قراراته إلى محكمة إدارية كما أن المادة 7 منه نصت على أن تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك وإذا كانت الأحكام القضائية الصادرة ضد الأفراد الحائزة لقوة الشيء المقضي به تتضمن في مواجهتهم إمكانية التنفيذ الجبري المنصوص عليها في الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية فإن هذه القواعد الجبرية المحال عليها بموجب الفصل 7 من القانون 41.90 لا نجد لها تطبيقا في مواجهة أشخاص القانون العام لاعتبارات خاصة تحذر التنفيذ الجبري ضد الإدارة في مواجهة القاضي وامتياز التنفيذ المباشر واختلاف الصيغة التنفيذية للأحكام الإدارية عن الأحكام العادية القابلة للتنفيذ الجبري وحسن سير المرفق العام بانتظام وعدم تعطيل وظيفة النفع العمومي، ومن ثم يبقى تنفيذ الأحكام الإدارية مرتبط بأخلاقيات الإدارة وامتثالها طواعية للتنفيذ.
إضافة إلى هذه الصعوبات القانونية، نجد صعوبات واقعية تتمثل في الغالب في كون عدم التنفيذ ناتج عن موقف سلبي من قبل الإدارة، بحيث تقوم الإدارة بالمناورة من أجل تفادي آثار الشيء المقضي به ضدها، وذلك من خلال خلق صعوبات قانونية أو مادية للتخلص من تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها
ويعتبر التنفيذ السيئ أو الناقص مظهرا من مظاهر هذه المناورة، وكمثال على ذلك إرجاع الموظف المفصول الذي ألغى القضاء قرار عزله، بعد مرور ثلاث سنوات من صدور الحكم، وعندما أرجعته إلى عمله امتنعت عن أداء مرتبه.
كما أن المحكمة الإدارية بالرباط في قضية سامية البقالي اعتبرت قبول رئيس المجلس البلدي لتطوان الأزهر تنفيذ الحكم القاضي بإلغاء سحب رخصة بناء صيدلية تعتبر مناورة في تنفيذ الحكم لأن عون التنفيذ عند مباشرته لإجراءات التنفيذ تبين له أن المجلس البلدي يتذرع بكون الأرض المرخص ببناء الصيدلية فوقها ليست هي الأرض موضوع الرخصة المسحوبة، رغم حضور المهندس الذي وضع تصميم الصيدلية الموافق عليه من طرف نفس البلدية.
كما أن الإدارة قد تمتنع عن تنفيذ الحكم حتى قبل صدوره كما حصل في قضية مطبعة طنجة ضد بلدية القصر الكبير، « بحيث تقدم المدعي بطلب يرمي إلى الحكم له بأداء دين ناتج عن عقد توريد أبرمه مع البلدية، ولما أمرت المحكمة بإجراء معاينة صحبة خبير، استمع المستشار المقرر إلى رئيس المجلس البلدي الذي صرح له بصفة خاصة بأن ما تم توريده إلى الجماعة كان بأمر من الرئيس السابق، وأن هذا الأخير هو الذي يجب مطالبته بالتعويض، وبأنه حتى في حالة الحكم على البلدية فإنه لن ينفذ ما قد يحكم به عليها، وذلك لأنه لم يكن هو رئيس البلدية وقت توريد السلعة المذكورة، مع أن هذا الرئيس لم ينازع في تسليم البلدية للسلعة موضوع الدين المتنازع بشأنه »
وهكذا فإن امتناع الإدارة عن التنفيذ يتخذ أشكالا مختلفة ( التراخي، التنفيذ المعيب أو الناقص، الامتناع الصريح عن التنفيذ..).
ويمكن تفسير هذا الامتناع، بكون المسؤولين في الإدارة يعتقدون، أن لجوء الطاعن إلى المحاكم يعتبر تحديا لقرارهم، وطعنا في شخصهم، وبذلك يمتنعون عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضد تصرفاتهم، لإثبات مدى السلطة التي يتمتعون بها (9).
وإزاء هذا المشكل عملت مجموعة من الدول على انتهاج آليات ووسائل من أجل التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة (10).
ويقصد بالتنفيذ الجبري للحكم الإداري الصادر ضد الإدارة، تنفيذ ما جاء به الحكم رغم إرادة الإدارة من قبل هيئة مختصة بذلك، وقد تكون هذه الهيئة قضائية، كما قد تكون إدارية بشرط أن تكون هذه الأخيرة أجنبية عن هيئة الإدارة المسؤولة عن التنفيذ أو الهيئات الإدارية العليا، رئاسية كانت أو صائبة (11).
من بين هذه الوسائل نميز بين الوسائل التقليدية والوسائل الجديدة (12). فيما يخص الوسائل التقليدية نميز بين مايلي :
1. الطعن بالإلغاء
تعرف دعوى الإلغاء بأنها الدعوى التي يرفعها أحد الأفراد إلى الجهة القضائية المختصة يطلب منها إلغاء القرار الإداري غير المشروع (13).
وإذا كانت دعوى الإلغاء تعرف في فرنسا بدعوى تجاوز السلطة، فإنه في المغرب وقبل صدور قانون المحاكم الإدارية كانت هذه الدعوى تعرف بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة، أما بعد صدور هذا القانون فإن المشرع قد استعاض عن الشطط بمصطلح التجاوز، فأصبحت دعوى الإلغاء تعرف بمقتضى المادة 8 من القانون المذكور بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة (14).
تتميز دعوى الإلغاء بجملة من الخصائص، تجعل منها دعوى مستقلة ومتميزة عن غيرها من الدعاوي القضائية الأخرى، ولقد حاول الفقهاء رد هذه الخصائص إلى الأمور الآتية :
أ. دعوى الإلغاء دعوى القانون العام
تعتبر دعوى الإلغاء من دعاوي القانون العام، فهي توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح في القانون بذلك.
من تطبيقات هذه الخاصية في قضاء المحاكم الإدارية، ما ورد في حكم المحكمة الإدارية بأكادير الذي بررت فيه : « وحيث تنقسم دعوى الإلغاء في المغرب بأنها دعوى القانون العام لإلغاءات القرارات الإدارية عموما، أي يمكن أن توجه ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى نص قانوني صريح.
وحيث أنه لا يستساغ وفقا لروح قانون 41.90 حرمان المواطن في دولة الحق والقانون ضمانا لحقوقه وحرياته من مراقبة أعمال الإدارة عن طريق دعوى الإلغاء التي تمارسها هيئة مستقلة عن الإدارة تتكون من قضاة تابعين للسلطة القضائية ولا يخضعون للتسلسل الترابي الرئاسي أو لأي نوع من الوصاية ويستعملون اختصاصاتهم من أجل حماية المواطن والإدارة معا » (15).
ب. دعوى الإلغاء دعوى المشروعية
يتجه أغلب الفقهاء إلى اعتبار دعوى الإلغاء بأنها دعوى المشروعية، فدور القاضي في هذه الدعوى ينحصر في فحص المشروعية و لا يتعداها إلى مراقبة الملائمة.
ت. دعوى الإلغاء من الدعاوى العينية ( الموضوعية)
تتميز دعوى الإلغاء بالطبيعة الموضوعية أو العينية.
فدعوى الإلغاء إذن، لا يخاصم فيها السلطة الإدارية ذاتها، بل يخاصم فيها القرار الإداري غير المشروع.
كما أن دعوى الإلغاء لا تستهدف حماية المصلحة الشخصية لرافع الدعوى في حد ذاتها بل تستهدف بالأساس حماية مبدأ المشروعية والنظام القانوني السائد في الدولة.
2. مسؤولية الأعوان العموميين
تخضع هذه المسؤولية لمقتضيات الفصلين 79 و 80 من ظهير الالتزامات والعقود (16)، إذ نص الفصل 79 على أن : « الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إداراتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها ». ونص الفصل 80 على أن : « مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها ».
مع الإشارة إلى أن مسؤولية الجماعات مسؤولية مستقلة عن مسؤولية الدولة، ولا محل حسب أحكام القضاء الإداري لإدخال وزارة الداخلية والدولة في الدعوى. وبما أن الجماعات الترابية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، فلا حاجة لإدخال العون القضائي.
إلى جانب الوسائل التقليدية، نجد وسائلا جديدة في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية تتمثل فيما يلي :
1. الغرامة التهديدية
تعد الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به. وفرض هذه الغرامة لا يعتبر تدخلا من قبل القاضي ضد الإدارة بتوجيه الأوامر أو الحلول محلها في التنفيذ أو مساسا بمبدأ فصل السلط (17)، بل هو فقط يهدف من خلال هذا العمل دفع الإدارة إلى احترام التزاماتها وتحسيسها بواجبها في تنفيذ أحكامه (18).
ولقد عرفها بعض الفقهاء على أنها عقوبة مالية تفرض عن كل يوم تأخير يحكم بها القاضي لضمان تنفيذ الحكم من قبل المحكوم ضده، وتبدأ من يوم إصدار الحكم بالغرامة إلى غاية امتثال المحكوم عليه بالتنفيذ (19)، وهي بهذا تعد وسيلة مهمة يلجأ إليها القاضي لإلزام المدين بتنفيذ التزاماته خلال مدة معينة وكل تأخير في التنفيذ يفرض على الملتزم أداء مبلغ مالي يحدده القاضي (20).
لكن إذا كانت الغرامة التهديدية هي وسيلة في يد القاضي العادي يحبر بها الأشخاص الطبيعيين على تنفيذ أحكامه (21) فهذا لم يمنع القاضي الإداري من اعتمادها كذلك لفرض تنفيذ أحكامه في مواجهة أشخاص القانون العام، غير أنه ملزم بتحديدها بالقدر الذي يتماشى وإمكانيات الإدارة المادية وفي مستوى معقول، كي لا تتعنت الإدارة وتفضل سلك طرق غير فعالة وأقل تكلفة من امتثالها للحكم الصادر ضدها.
وبما أن الغرامة التهديدية تعتبر صورة من صور التنفيذ الجبري، فلا يتم اللجوء إليها إلا بعد امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ وإثبات ذلك في محضر يحرره أحد الأعوان المكلفين بالتنفيذ. كما يجب أن لا يتم الحكم بالغرامة التهديدية إلا بعد أن يكتسي الحكم موضوع التنفيذ قوة الشيء المقضي به. فهي إذن وسيلة قانونية تحذيرية وتحكيمية لا يقضى بها إلا بناء على طلب (22) من صاحب الشأن. وإلى جانب هذه الخصائص هناك مجموعة من المبررات التي تم اعتمادها في مواجهة الإدارة من قبل القاضي الإداري معتمدا على قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية وقواعد المسطرة المدنية.
وبهذا جاز القول أن القاضي الإداري في المغرب- وبعد صدور قانون 41.90 – أصبح يعتمد في فرضه لهذه الغرامة على قانون المسطرة المدنية عملا بنظام وحدة القضاء، وحدة المسطرة بعد أن سمح له المشرع صراحة بتطبيق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية خاصة مع غياب أي نص يستثني الإدارة من تطبيق هذه الوسيلة عليها (23).
في هذا الصدد، نستشهد بقراري المحكمة الإدارية بمكناس ل 3 أبريل 1998 في قضية عطاوي و ل 23 يونيو من نفس السنة في قضية إسماعيلي العلوي (24).
تتعلق القضية الأولى في أن السيد محمد عطاوي تقدم بمقال بتاريخ 16 مارس 1998 إلى المحكمة الإدارية بمكناس بطلب إلغاء قرار العزل المطعون فيه، وهو الحكم الذي أصبح نهائيا، فسعى المستفيد منه إلى تنفيذه، لكن رئيس المجلس القروي امتنع بصفة شخصية وبدون مبرر قانوني مقبول تنفيذ الحكم المذكور، فراجع السيد عطاوي رئيس المحكمة الإدارية بمكناس من لأجل فرض غرامة تهديدية على رئيس الجماعة للانصياع إلى مقتضيات الحكم، فأصدر رئيس المحكمة أمرا بفرض مبلغ ألف درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ على رئيس الجماعة موحى حاحو شخصيا، فاستأنف هذا الأخير هذا الأمر أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى التي ألغته (25).
أما القضية الثانية فتتعلق بإفراغ ملكية محتلة من طرف الإدارة حيث أنه بعد الحصول على حكم يقضي بإرجاع الملكية في 17 دجنبر 1997، تقدم السيد إسماعيلي علوي لقاضي المستعجلات من أجل إصدار غرامة تهديدية مستندا على محضر أتبث رفض التنفيذ من قبل رئيس المجلس البلدي لمولاي علي الريصاني، مما دفع رئيس المحكمة إلى الحكم بغرامة تهديدية قدرها 1.000 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ ابتداء من تاريخ رفض التنفيذ.
2. الحجز على الأموال الخاصة للجماعات الترابية
يعتبر الحجز لدى الغير من أهم الإجراءات التحفظية والتنفيذية المنصوص عليها بالباب الثالث من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بقواعد التنفيذ الجبري للأحكام الإلزامية، لما يترتب عليه من غل يد المدين في التصرف في أمواله وصيرورتها جبرا لفائدة الدائن بعد استيفاء مسطرة التصديق على الحجز (26).
وهكذا فقد ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة (27) وهي تأمر بإجراء حجز تحفظي على عقار مملوك ملكية خاصة لبلدية وجدة ضمانا لأداء ديون في ذمتها ناتجة عن مسطرة نزع الملكية إلى القول بما يلي :
« حيث أن المشرع المغربي لم يمنع صراحة حجز الأموال الخاصة للأشخاص المعنوية كما فعل بالنسبة للأموال العمومية، انظروا الفصل 4 من ظهير 1914 (28) والفصل 3 من ظهير 1921 (29) والفصل 8 من ظهير 28 يونيو 1954 (30) ».
وحيث أن وزير الداخلية المغربي أشار في منشوره لسنة 1991 (31) إلى أن ممتلكات الجماعات العمومية التي لا تقبل أن تكون محلا للحجز، هي الأموال العمومية وحدها دون الأملاك الخاصة التي ليس هناك من الناحية القانونية والقضائية ما يمنع من إيقاع الحجز عليها.
وحيث أن الأموال الخاصة للشخص العام تنزل منزلة أموال الشخص العادي مما تكون معه هذه الأموال قابلة للحجز عليها.
وإذا كان العمل القضائي الإداري أعلاه إمكانية إيقاع الحجوزات التحفظية على العقارات المملوكة ملكية خاصة لأشخاص القانون العام على اعتبار أنها تنزل منزلة الأملاك الخاصة لأشخاص القانون الخاص مما يجوز حجزها سواء تحفظيا أو تنفيذيا وبيعها قضاء لاستيفاء الدين المترتب بذمة الشخص المعنوي العام فقد استقر الاجتهاد القضائي (33) على مستوى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى على رفض إيقاع الحجز التحفظي على العقارات المملوكة ملكية خاصة للشخص المعنوي بعلة أنه يفترض فيه ملاءة الذمة ولا يخشى عليه العسر ويؤدي ديونه وفق قواعد المحاسبة العامة.
منذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم في 23 يوليوز 1999 تكثفت وتيرة ورش الإصلاحات وتوجت بالإعلان عن إصلاح دستوري شامل يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة المغربية (34).
وقد مثلت سنة 2011، دون أدنى شك، منعطفا تاريخيا فاصلا ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل المتمثل في مختلف الأوراش الإصلاحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق، وفي خضم الأحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا لها، توج الإصلاح بالمغرب بالخطاب الملكي لتاسع مارس 2011 ليعلن عن المبادرة الملكية الداعية إلى إجراء تعديلات دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير مسبوقة.
وقصد أجرأة هذه المبادرة ذات الدلالة القوية، قرر الملك إحداث آليتين سياسيتين، مهمتها التشاور والمتابعة، وتبادل الرأي بشأن الإصلاح المقترح، تضمان بصفة خاصة متخصصين في المجالات الدستورية والسياسية، ورؤساء الهيئات السياسية والنقابية ( خطاب 10 مارس 2011 بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور).
وبعد عدة أسابيع من الحوار والمناقشة، خلصت اللجنة إلى صياغة مشروع الدستور أبرز جلالة الملك أهم مضامينه في خطاب 17 يونيو 2011 وعرض على الاستفتاء الشعبي يوم فاتح يوليوز من نفس السنة. على الرغم من بعض الدعوات الرامية إلى مقاطعة الاستفتاء، فإن الشعب المغربي عبر عن إرادته بكثافة ورضي بالوثيقة الدستورية الجديدة بأغلبية ساحقة (35)، وهو ما خلف أيضا صدى طيبا في الأوساط الدولية عبر التنويه بدخول المغرب مرحلة جديدة من تاريخه السياسي والدستوري، ولا أدل على ذلك من منح الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا للمغرب وضع الشريك من أجل الديمقراطية (21 يونيو 2011).
إن دراسة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية على ضوء مقتضيات الدستور المغربي الجديد تكتسي أهمية بالغة نظرا لكونها ستكمن من معرفة المقتضيات الدستورية الخاصة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية وآفاق الإصلاح.
وتبعا لذلك فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف تعاطى الدستور المغربي الجديد مع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية وآية آفاق يمكننا استشرافها في هذا الصدد ؟ وتتفرع عن هذه الإشكالية أسئلة فرعية :
ماهي الآليات القانونية التي نص عليها الدستور المغربي الجديد في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية ؛
آية آفاق يمكننا استشرافها لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية.
مما سبق، فقد تقرر تناول موضوع تدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مقتضيات الدستور المغربي الجديد على ضوء المبحثين الآتيتين :
المبحث الأول : المقتضيات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية ؛
المبحث الثاني : آفاق الإصلاح.
المبحث الأول
المقتضيات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية
لقد خصص الدستور الجديد للمملكة مكانة بارزة للسلطة القضائية (36)، ويتضح ذلك من خلال عدد الفصول المكرسة لهذا الموضوع، حيث انتقل من 8 فصول مخصصة في دستور 1996 (37) إلى 22 فصلا، أي ما يقارب 15 % من المقتضيات الدستورية.
إن الدستور الجديد حدد مجموعة من التدابير الهامة المساهمة من جهة في حماية استقلال القاضي وتهدف من جهة أخرى إلى تخليق القضاء.
من بين هذه التدابير نجد الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية (38).
كما تم التنصيص على كون قضاة الأحكام لا يلزمون إلا بتطبيق القانون. و لا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها (39).
وأخيرا تم التنصيص على أن القاضي يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون (40).
وتمت أيضا الإشارة إلى أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع. يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المساعدة، إذ صدر الأمر إليها بذلك، ويجب المساعدة على تنفيذ الأحكام (41).
تبعا لذلك فقد ارتأينا تناول هذا المبحث وفق المطلبين الآتيين : تعزيز استقلال القضاء ( المطلب الأول)، وتدعيم حقوق المتقاضين (المطلب الثاني).
المطلب الأول : تعزيز استقلال القضاء
ليس هناك من ريب أن مبدأ استقلال السلطة القضائية، يعتبر القطب الذي تجوبه حوله رحى الديمقراطية، وتكريس دولة المؤسسات القائمة على سيادة القانون، والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية...
ونزولا عند هذا الاعتبار، يتبين أن الحقيقة الفلسفية لهذا المبدأ، لا تنحصر فقط في حق القاضي بأن يكون مستقلا، وإنما هو حق للمجتمع اتجاه الدولة عموما، والقاضي خصوصا (42).
كل هذه المعطيات تمت دسترتها في المقتضيات الدستورية التالية :
« يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء ؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط.
يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية
المحتملة.
يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة.» (43) ؛
« لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون. ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة
عن السلطة التي يتبعون لها. » (44) ؛
« يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، ولاسيما فيما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم.
يضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بمبادرة منه، تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، ويُصدر التوصيات الملائمة بشأنها.
يُصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان، آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط.» (45) ؛
يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويتألف هذا المجلس من :
الرئيس الأول لمحكمة النقض، رئيسا منتدبا ؛
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ؛
رئيس الغرفة الأولى بمحكمة النقض ؛
أربعة ممثلين لقضاة محاكم الاستئناف، ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ؛
ستة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة، ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ؛
ويجب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل
السلك القضائي ؛
الوسيط ؛
رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ؛
خمس شخصيات يعينها الملك، مشهود لها بالكفاءة والتجرد والنزاهة، والعطاء المتميز في سبيل استقلال القضاء وسيادة القانون ؛ من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى (46).
إضافة إلى تعزيز استقلال القضاء، فقد دعم الدستور المغربي لسنة 2011 حقوق المتقاضين كلازمة لتكريس دولة القانون والمؤسسات.
المطلب الثاني : تدعيم حقوق المتقاضين
إن تقدم الدول وإن كان يقاس بدرجة نموها الاقتصادي فإن حضارتها تقاس بمدى ضمانها لحقوق الأفراد وحمايتها. والدول تسمو وترتفع بسمو قضائها وانتشار عدلها ولذلك قيل « العدل أساس الملك »
ولقد سجل تاريخ الأمة الإسلامية صفحات خالدة لسيرة القضاء المشرفة التي تنطق بصلاح وحنكة وصحة رأي القضاة المسلمين (47).
والقضاء في الشريعة الإسلامية له طبيعة خاصة تميزه عن باقي الأنظمة القضائية وهي الالتزام بأحكام الشريعة والفصل في الخصومات بالإخبار عن هذه الأحكام حتى قيل أن فصل الخصومات بغير حكم الله تعالى ليس بقضاء حقيقة (48).
وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين الناس بما أراه ونهاه أن يحكم وفق أهواء قومه فقال تعالى : « وإن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون » (49)، كما قال تعالى : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » (50)، وقال سبحانه : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون » (51).
وقد رغب الإسلام في الحكم بين الناس بالحق وجعله من الغبطة. وروى البخاري عن عبد الله بن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : « لا حسد إلا في اثنتين : رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقي بها ويعلمها للناس ».
كدولة إسلامية ذات سيادة كاملة، أخذ المغرب على عاتقه تدعيم حقوق المتقاضين في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية لصالحهم من خلال المقتضيات الدستورية :
يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون (52) ؛
حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة (53) ؛
لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول.
حقوق الدفاع مضمونة أمام المحاكم (54) ؛
يكون التقاضي مجانيا في الحالات المنصوص عليها قانونا لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي (55) ؛
تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون (56) ؛
تكون الأحكام معللة وتصدر في جلسة علنية، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون (57) ؛
الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع.
يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحاكمة، إذ صدر الأمر إليها بذلك، ويجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام (58).
بعد استعراض هذه المعطيات الهامة عن المقتضيات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو آية آفاق يمكننا استشرافها في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية ؟
المبحث الثاني
آفاق الإصلاح
نظرا لطبيعتها كأشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، فإن الجماعات الترابية تتمتع بدرجة معينة من الحرية في ممارسة اختصاصاتها بما يتوافق مع المبادئ الكبرى لدولة الحق والقانون المبنية على حماية الحريات، الحفاظ على الحقوق.
هذه المعطيات دفعت بعض الجماعات الترابية إلى احترام الأحكام القضائية الصادرة ضدها دونما حاجة إلى القاضي الإداري، بينما الباقي لم تحترم الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به نظرا للأسباب التي أشرنا إليها في مقدمة هذا البحث.
إن بعض البلدان كفرنسا ومصر والجزائر أنشأت عدة إجراءات في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية لهذه البلدان.
أما في المغرب، فهناك مشروع قانون معروض حاليا على البرلمان بخصوص تنفيذ الأحكام الإدارية قد يحل الإشكال إذا تمت المصادقة عليه وتفعيله، حيث تناول في مادته الأولى وجوب تنفيذ الأحكام دون تأخير أو تماطل مع إمكانية إعطاء مهلة للتنفيذ أقصاها 90 يوما.
فيما عرفت المادة الثانية من مشروع القانون المقصود بأشخاص القانون العام وحددتها في الدولة، والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، فيما اعتبرت المادة الثالثة المسؤولين الإداريين عن التنفيذ...
كما منح المشروع إمكانية المطالبة بالتعويض عند ثبوت الامتناع، بل واعتبرته تنفيذا لأحكام الواجب المهني يعرض الموظف للمسؤولية التأديبية.
على ضوء ما سبق فقد قررنا التطرق إلى المسطرة الخاصة المعتمدة في بعض البلدان (المطلب الأول)، وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام في المغرب (المطلب الثاني).
المطلب الأول : المسطرة الخاصة المعتمدة في بعض البلدان
إذا كان بعض الفقه يعتبر أن تجاهل مبدأ حجية الشيء المحكوم من شأنه أن يؤثر سلبا على الاستثمارات الأجنبية في المغرب، على اعتبار أن هاجس المستثمر الأجنبي يتمثل في توفير الضمانات القانونية الكفيلة بضمان حقوقه ، فإنه في المقابل يجهز على الثقة التي يمكن أن يعقدها المواطن على العدالة في البلاد، لاسيما حينما يؤدي ذلك إلى ضياع الحقوق وانتهاك الحريات (59).
لذلك أصبح من الضروري، مواجهة مشكلة عدم تنفيذ الأحكام القضائية من طرف الأشخاص المعنوية العامة وذلك بإصدار نص صريح ودقيق يلزمها بالامتثال لأحكام القضاء، والعمل على تنفيذها، وتحميلهم المسؤولية الشخصية إداريا ومدنيا والمسؤولية الجنائية إن اقتضى الحال.
لكل هذه الأسباب، فقد ارتأينا الاستعانة بتجربة بعض البلدان التي خصصت مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية بكل من فرنسا (الفقرة الأولى)، مصر (الفقرة الثانية)، وأخيرا الجزائر (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى : التجربة الفرنسية
لقد مر موضوع تنفيذ الأحكام القضائية من طرف الإدارة في فرنسا بعدة مراحل ابتدأت بإحداث لجنة التقرير والدراسات بمقتضى مرسوم 30 يوليوز 1963 (60) الذي عدل بعدة مراسيم بعد ذلك. وتسهر هذه اللجنة على تنفيذ الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة، وذلك بتقديم الإرشادات إلى الإدارة بقصد مساعدتها على تنفيذ الأحكام، ويتم ذلك إما بطلب من الإدارة نفسها أو بطلب من الشخص الذي صدر الحكم لفائدته.
وتجدر الملاحظة أن هذه اللجنة رغم الدور الذي قامت به في حل عدة مشاكل تتعلق بالتنفيذ (61)، فإنها لا تتوفر على وسائل الضغط القانونية اتجاه الإدارة، بحيث تكتفي بتوجيه المراسلات إلى الإدارة أو تقوم باتصالات شخصية مع رؤساء الإدارات.
وفي إطار حماية حقوق وحريات الأفراد من تعسف الإدارة فقد اتخذ المشرع الفرنسي خطوة هامة تتمثل في توجيه أوامر للإدارة قصد تنفيذ بعض الأحكام التي امتنعت عن تنفيذها أو عرقلت هذا التنفيذ، وقد تم ذلك من خلال نظام الوسيط « Le médiateur » (62) ، الذي أسس بقانون 3 يناير 1973 والذي عدل بالنصوص القانونية الآتية :
قانون 24 دجنبر 1976 ؛
قانون 13 يناير 1989 ؛
قانون توجيهي 6 فبراير 1992 ؛
قانون 30 دجنبر 2005 ؛
قانون 2 فبراير 2007.
ويعتبر قانون 16 يوليوز 1980 (63) مرحلة متطورة في تنفيذ أحكام القضاء من طرف الإدارة، بحيث نص في مادته الثانية على أنه في حالة عدم تنفيذ حكم قضائي ضد الإدارة، فإنه يمكن لمجلس الدولة تلقائيا أو بناء على طلب لجنة التقرير والدراسات، أن يحكم بغرامة على الشخص المعنوي العام، المعني بالأمر، بقصد ضمان تنفيذ الحكم وذلك بعد مرور سنة على صدور الحكم.
ومن جهة ثانية، فإن هذا القانون حمل مسؤولية التأخير في التنفيذ إلى الشخص المشرف على تسيير الإدارة التي تصدرها ضدها الأحكام، ولذلك أعطى صلاحية لمجلس الدولة من تحديد الغرامة التهديدية التي تفرض على الشخص المعنوي العام الذي لا يحترم تنفيذ أحكام القضاء.
وأخيرا في سنة 2011، تم إحداث نظام المدافع عن الحقوق « Le défenseur des droits » كمؤسسة دستورية معينة من طرف رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات، إن المدافع عن الحقوق هو المكلف بالدفاع عن حقوق الموطنين في وجه الإدارات، ويتمتع بصلاحيات خاصة في تعزيز حقوق الطفل، ومكافحة التمييز، واحترام أخلاقيات الأنشطة الأمنية (64).
إلى جانب التجربة الفرنسية، نجد نموذجا رائدا ألا وهو التجربة المصرية.
الفقرة الثانية : التجربة المصرية
في القانون المصري نجد المادة 54 من القانون رقم 47 المتعلق بمجلس الدولة تنص على شكلين مختلفين للصيغة التنفيذية للأحكام الإدارية (65)، حيث أن الأحكام الصادرة بإلغاء القرارات الإدارية تكون مذيلة بالصيغة التنفيذية التالية : « على الوزراء ورؤساء المصالح المختصين تنفيذ هذا الحكم وإجراء مقتضاه ».
أما الأحكام الإدارية الأخرى، فتكون نسختها التنفيذية مذيلة بالصيغة التنفيذية التالية : « على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها، وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة ».
وهذا يؤكد على أن المشرع المصري أعطى أهمية كبرى لأحكام الإلغاء بجعله صيغة تنفيذية خاصة بها، حتى يبادر رجال الإدارات العمومية إلى تنفيذ تلك الأحكام ولا يكون لهم مهما علا شأنهم، أي سلطة في التعقيب عليها (66).
نظرا لما تحمله مخالفة الامتناع عن تنفيذ الأحكام في طياتها من خروج سافر عن القوانين، فقد اعتبرها المشرع المصري جريمة معاقبا عليها، فقد نصت المادة 123 من قانون العقوبات المصري على ما يلي : « يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة عن الحكومة أو الأحكام أو اللوائح، أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر عن المحكمة أو من أية جهة مختصة، كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أم ر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر في اختصاص الموظف » (67). هذا وقد ذهب القضاء الإداري في مصر إلى أبعد من ذلك حينما اعتبر خطأ الوزير الممتنع عن تنفيذ الحكم خطأ شخصيا يستوجب مساءلته شخصيا وفي ذمته المالية الخاصة عن تعويض الأضرار المترتبة عليه (68).
بعد التطرق للتجربتين الفرنسية والمصرية، سنستعرض آخر تجربة في هذا المطلب ألا وهي التجربة الجزائرية.
الفقرة الثالثة : التجربة الجزائرية
تنص المادة 171 من الدستور الجزائري لسنة 1976 : « على كل أجهزة الدولة المختصة أن تقوم، في كل وقت وفي كل مكان وفي كل الظروف، بتنفيذ أحكام القضاء » (69)، فهذا النص يتضمن التزاما عاما بتنفيذ أحكام القضاء ، أما الالتزام الخاص الذي يهم الإدارة بخصوص الأحكام الصادرة في مواجهتها، فيتجلى في الصيغة التنفيذية التالية المنصوص عليها في المادة 600 من قانون الإجراءات المدنية وهي : « لا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص القانون، إلا بموجب نسخة من السند التنفيذي، ممهورة بالصيغة التنفيذية الآتية... وفي القضايا الإدارية تكون الصيغة التنفيذية على الشكل التالي : الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تدعو وتأمر الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، وكل مسؤول إداري آخر، كل فيما يخصه، وتدعو وتأمر كل المحضرين المطلوب إليهم ذلك، فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة ضد الخصوم الخواص، أن يقوموا بتنفيذ هذا الحكم، القرار..» (70).
بعد استعراض المسطرة الخاصة المعتمدة في كل من فرنسا، ومصرن والجزائر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه حول وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام في المغرب ؟
المطلب الثاني : وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الإدارية في المغرب
لقد أصبح من الضروري بل ومن الملح أن توضع آليات عملية لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، نظراً لتزايد عدد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، وما يصدر حاليا عن محكمتي الاستئناف الإداريتين المحدثتين بالرباط ومراكش (71).
ولهذا نرى طرح هذا التصور العملي لتحقيق هذا الهدف ويتمثل ذلك فيما يلي :
أولا : تجميع النصوص القانونية المطبقة على المنازعات الإدارية خصوصا الإجرائية منها في مدونة مستقلة، يتم فيها تدارك كل ما عرض أمام القضاء الإداري في هذه الفترة لتفادي تضارب الاتجاهات في الموضوع الواحد وتضمينها قسم خاص بتنفيذ الأحكام الإدارية يأخذ بعين الاعتبار ما هو متضمن في مشروع القانون المتعلق بتنفيذ الأحكام الإدارية المشار إليه سلفا ؛
ثانيا : التنصيص صراحة على مسؤولية الموظف العمومي الشخصية عندما يثبت بقاطع تعنته أو امتناعه عن التنفيذ مدنيا وجنائيا وحتى تأديبيا ؛
ثالثا : تعيين جهاز حكومي يكلف بالتنفيذ، أو تفعيل دور الوكيل القضائي في ذلك أو تحديد جهة معينة بكل وزارة تختص بالنظر في الأحكام الموجهة إليها من أجل التنفيذ، يعلن عنه بصفته رسمية وخاصة بتحديد اسم المسؤول عنه وينشر بالجريدة الرسمية (72) ؛
رابعا : إدراج بند في ميزانيات الوزارات والجماعات الترابية بخصوص تنفيذ الأحكام (لقد اعتمد هذا المبدأ جزئيا في الميزانية العامة لسنة 2006) ؛
خامسا : تعيين قاض للإشراف على تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري نظرا لكون عملية التنفيذ تعرف بطئاً وعوائق تؤثر سلبا على قوة الأحكام القضائية وتمس بسمعة القضاء، لذا فإن أغلب المهتمين ينادون بإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ بالنظر إلى النتيجة الإيجابية التي حققتها في البلدان التي اعتمدتها، وجعل هذه المؤسسة تحقق الآمال المعقودة عليها لتسريع عملية التنفيذ بتجاوز كل الصعوبات وتحقيق توازن المصالح بين الإدارة والمتعاملين معها، وذلك بجعل الأول يستوفي حقه في آجال معقولة ودون كبير عناء، ثم حمايته من التعسف الذي يباشر عليه من تعنت رجل الإدارة، ومراوغته للخضوع للحكم الواجب التنفيذ.
خاتمة عامة
وخلاصة القول يتبين لنا أن المشرع المغربي حاول جاهدا إيجاد حلول ناجعة لظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية خصوصا بعد صدور الدستور المغربي لسنة 2011 الذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من خلال تجريم كل تدخل في شؤون القضاء عبر إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية وعزز حقوق المتقاضين.
إن كل هذه المستجدات الدستورية تفرض الإسراع بسن القوانين المواكبة للنص الدستوري والتعجيل بتفعيل المقترحات الواردة أعلاه في وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الإدارية في المغرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) الصايغ أحمد : « إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية بالمغرب : دراسة تطبيقية »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 62، 2009، ص.27.
(2) الصايغ أحمد : « الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مؤلفات وأعمال جامعية »، العدد 55، 2004، ص.19.
(3) أو على حد تعبير المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه : « فعدم التنفيذ أو التماطل في التنفيذ يجر المرء إلى تفكير آخر هو انحلال الدولة »، في كلمته السامية التي فاه بها عند ترأسه لاجتماع قضاة المملكة في 31 فبراير 1982، راجع الجزء 27 من انبعاث أمة، مطبوعات القصر الملكي، السنة 1982.
(4) سعد عبد الواحد حسني: « تنفيذ الأحكام الإدارية »، مطابع مجلس الدفاع الوطني، القاهرة، 1984، ص.7.
(5) مرغني خيري محمد : « القضاء الإداري ومجلس الدولة »، مجلس الدولة وقضاء الإلغاء، جزء 1، 1991-1992، ص.3-5.
(6) ظهير شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، ج.ر عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 (3 نوفمبر 1993)، ص.2168.
(7) ظهير شريف رقم 1.47.744 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، ج.ر عدد 2303 مكرر بتاريخ 13 رمضان 1391 (30 شتنبر 1974)، ص.2741.
(8) قصري محمد : « تنفيذ الأحكام الإدارية " الغرامة التهديدية" " الحجز"»، الندوة العلمية حول تدبير المنازعات في مجال الإسكان والتعمير، المملكة المغربية، الوزير الأول، الوزارة المنتدبة المكلفة بالإسكان والتعمير، الرباط، 12 مارس 2007، ص.99.
(9) بوطاهر نورة : « إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية »، مأخوذة من الموقع الإلكتروني http://messaoui.jeeran.com/archive/2006/5/53050.html، الخميس 27 ربيع الثاني 1427، ص.7-8.
(10) بنجلون عصام : « التنفيذ الجبري ضد الإدارة »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، نونبر- دجنبر، 2004، ص.80.
(11) أوفادة إبراهيم : « تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة »، بحث لنيل شهادة الماجستير في الإدارة والمالية العامة، جامعة الجزائر، معهد العلوم القانونية والإدارية، الجزائر، 1986، ص.254.
(12)CHEGGARI Karim : « La problématique de l’exécution des décisions de justice rendues contres les collectivités locales au Maroc », projet de fin d’étude du Master en Droit public : Option : Droit des collectivités locales, Université Mohammed V- Souissi, Faculté des Sciences Juridiques, Économiques et Sociales, Salé, Année Universitaire : 2009-2010, p.31.
(13) ROUSSET Michel, GARAGNON Jean, BASRI Driss, BELHAJ Ahmed : « Droit administratif Marocain », Éditions la Porte, 3e édition, Rabat, 1979, p.474.
(14) الأعرج محمد : « القانون الإداري المغربي »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 66 مكرر، 2010، ص.200.
(15) حكم المحكمة الإدارية بأكادير، عدد 95/63 بتاريخ 20 يوليوز 1995 بيزكان أحمد ضد رئيس مجلس الوصاية بوزارة الداخلية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 14-15، يناير- يوليوز 1996، ص.172.
(16)Dahir formant code des obligations et contrats du 12 août 1913, B.O n° 46 du 12 septembre 1913, p.78.
(17) قصري محمد : « الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 34، شتنبر-أكتوبر، 2000، ص.12.
(18) الأعرج محمد : « قانون منازعات الجماعات المحلية »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 58، 2008، ص.92.
(19) الشرقاوي سعاد : « المسؤولية الإدارية »، دار المعرفة، الطبعة الثانية، مصر، 1972، ص.265.
(20) سلمان عائشة : « إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 72-73، يناير- أبريل، 2007، ص.72.
(21) الصايغ أحمد : « الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية »، مرجع سابق، ص.38-39.
(22) قصري محمد : « الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها »، مرجع سابق، ص.13.
(23) نفس المرجع، ص.43.
(24)BENABDELLAH Mohammed Amine : « L’astreinte contre le responsable administratif opposant le refus d’exécution d’une décision de justice contre l’administration », REMALD, n° 27, avril-juin 1999, p.111.
(25) الصايغ أحمد : « الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية »، مرجع سابق، ص.57.
(26) بنجلون عصام : « التنفيذ الجبري ضد الإدارة »، مرجع سابق، ص.81.
(27) أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بوجدة بالملف 04/95 بتاريخ 14 أبريل 1995.
(28) ظهير شريف صادر بتاريخ 7 شعبان 1332 (1 يوليه 1914) في شأن الأملاك العمومية بالايالة الشريفة، ج.ر عدد 62 بتاريخ 10 يوليه 1914، ص.275.
(29)Dahir du 17 safar 1340 (19 octobre 1921) sur le domaine municipal, B.O n° 470 du 25 octobre 1921, p.1660.
(30) Dahir du 28 juin 1954 (26 chaoual 1373) relatif aux domaines des communes rurales tel que modifié par Dahir du 4 ramadan 1374 (27 avril 1955), B.O n° 2177 du 16 juillet 1954, p.1005.
(31) منشور وزير الداخلية عدد 182 بتاريخ 22 ماي 1991 إلى كافة ولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة حول : ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية وإحداث وهيكلة مصلحة جماعية للمنازعات
(33) قرار الغرفة عدد 794 بتاريخ 30 أكتوبر 2003، ملف إداري عدد 1070/4/1/03 قضية محمد بلقاضي ضد جماعة سيدي احرازم.
قرار عدد 120 بتاريخ 2 نونبر 2000 ملف إداري 1313/4/1/2000 قضية منانة لحلو ضد الجماعة القروية لزواغة.
(34) ورقة تقديمية للندوة العلمية المنظمة تحت شعار : « الدستور المغربي 2011 : مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة »، جامعة محمد الأول- وجدة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- شعبة القانون العام-، مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية- وجدة، 20-21 أبريل 2012 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة.
(35) ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، ج.ر عدد 5964 بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص.3600.
(36) BENYAHYA Mohammed : « Le pouvoir judicaire dans la nouvelle constitution du Royaume », REMALD, Collection « Thèmes actuels », n°77, 2012, p.119.
(37) ظهير شريف رقم 1.96.157 صادر في 23 من جمادى الأولى 1417 (7 أكتوبر 1996) بتنفيذ نص الدستور المراجع، ج.ر عدد 4420 بتاريخ 26 من جمادى الأولى 1417 (10 أكتوبر 1996)، ص.2281.
(38) الفصل 107 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(39) الفصل 110 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(40) الفصل 117 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(41) الفصل 126 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(42) الجباري عبد الرزاق : « نادي قضاة المغرب وحق المجتمع في " استقلال القضاء" »، مأخوذة من الموقع الإلكتروني http://hespress.com/writers/46709.html، الأربعاء 1 فبراير 2012.
(43) الفصل 109 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(44) الفصل 110 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(45) الفصل 113 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(46) الفصل 115 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(47) بلعسري فائزة : « ولاية المظالم والقضاء الإداري »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 20، 2000، ص.29.
(48) مليجي أحمد محمد : « تحديد نطاق الولاية القضائية والاختصاص القضائي : دراسة مقارنة »، جامعة المنصورة، 1979، ص.328.
(49) سورة المائدة، الآية 49.
(50) سورة المائدة الآية 44.
(51) سورة المائدة الآية 45.
(52) مشار إليه سابقا.
(53) الفصل 118 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(54) الفصل 120 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(55) الفصل 121 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(56) الفصل 124 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(57) الفصل 125 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(58) الفصل 126 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(59) حبيب حسن : « إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، نونبر- دجنبر، 2004، ص.67.
(60) www.conseil-Etat.fr
(61) VEDEL Georges, DEVOLVÉ Pierre : « Droit administratif », PUF, Thémis, 11e édition, 1990, p.353.
(62) DE LAUBADÈRE André : « Traité de Droit administratif », L.G.D.J, 9e édition, 1984, p.281.
(63) Loi n°80-539 du 16 juillet 1980 relative aux astreintes prononcées en matière administrative et à l’exécution des jugements par les personnes morales de Droit public, JORF du 17 juillet 1980, p.1799.
(64) http://fr.wikipedia.org/wiki/Défenseur des droits
(65) الجرف طعيمة : « رقابة القضاء لأعمال الإدارة العامة، قضاء الإلغاء »، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984، ص.360.
(66) محكمة القضاء الإداري 7 فبراير 1961 مجموعة الخمس عشرة سنة، الجزء الثاني، ص.1137.
(67) بسيوني حسن السيد : « دور القضاء في المنازعة الإدارية: دراسة تطبيقية مقارنة للنظم القضائية في مصر وفرنسا والجزائر »، عالم الكتاب، القاهرة، 1981، ص.445.
(68) محكمة القضاء الإداري، حكم 29 يونيو 1950، مجموعة الخمس عشرة سنة، الجزء الثاني، ص.1139.
(69) دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة 1976، مأخوذ من الموقع الإلكتروني للمجلس الدستوري الجزائري http://www.conseil-constitutionnel.dz
(70) قانون الإجراءات المدنية والإدارية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، رئاسة الجمهورية، الأمانة العامة للحكومة، سنة 2008، مأخوذ من الموقع الإلكتروني للجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، http://www.joradp.dz
(71) لقد تضمن القانون 80.03 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.07 صادر في 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006) المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية في المادة 18 منه على ما يلي : « تنفذ القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية من طرف المحاكم الإدارية المصدرة للحكم ».
(72) بعض القطاعات الحكومية وخاصة وزارة التربية الوطنية تسند مهمة ربط العلاقة مع المحاكم إلى جهات مختلفة داخل الوزارة، فعند انتقال عون التنفيذ إلى الوزارة يكون ملزماً بالاتصال بعدة جهات نظراً لأن كل جهة مكلفة بنوع معين من القضايا بما فيها حتى المنازعات أمام المحاكم ومن ثم تنفيذ القرارات بشأنها.
يعتبر القضاء سلطة من سلطات الدولة، لا يستطيع ممارسة أعماله وإعطاء أحكامه قوتها ومعناها إلا في مجتمع منظم تسود فيه دولة مبنية طبقا لأحكام قوانين تضعها وتعتبرها عنوانا للعدالة والحق، فخضوع الدولة بحكامها ومحكوميها لهذه القوانين هو أفضل الحلول الممكنة للتوفيق بين ما تتمتع به هيئات الدولة من سلطات لا غنى عنها لانتظام حياة الأفراد في المجتمع، وبين حرية الأفراد التي يحتفظون بها رغم وجود الدولة بسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع ما يتضمن من تقييد لجانب من هذه الحريات (1).
إن أشد السلطات خطرا على الحريات العامة هي السلطة التنفيذية، وذلك بحكم طبيعة وظيفتها، وبما لديها من إمكانيات كبيرة تمس الأفراد في مختلف حرياتهم، وقد حذر الفقيه (جان ريفيرو J. RIVERO) في كتابه الحريات العامة، من هذه السلطة، إذ قال : « إن على الدولة التقيد بالقواعد القانونية التي صاغتها »، فلم يعد للدولة ذلك المفهوم في نظرية العالم الألماني هيغل، الذي يقول بأنها العقل المتيقن الذي لا يعترف بسلطان دون سلطانه، فقد أصبحت الدولة الحديثة تخضع بصورة متزايدة لحكم القانون، وظهرت وسائل متعددة لرقابة أوجه نشاطاتها المختلفة، والاتجاه مستمر نحو التوسع في الحماية القضائية المقررة للمواطنين في مواجهة السلطات غير المألوفة للإدارة (2).
ويعتبر القانون الإداري هو الأداة التي تحكم الإدارة العامة في نشاطاتها المختلفة، وقد تزايدت أهمية هذا القانون مع اتساع نطاق الوظيفة الإدارية للدولة، حيث لا يكاد ينجو أحد الآن من الاحتكاك في حياته اليومية بالإدارة العامة والدخول في علاقات معها، وبناء على ذلك، فكل فرد من أفراد المجتمع تربطه بالإدارة أكثر رابطة بصفته معاونا لها في تسيير مرافقها، وبطبيعة الحال، فإن الرقابة على هذه العلاقات تتولاها المحاكم التي تعد ضمانا لحقوق وحريات الأفراد، نظرا لما ينطوي عليه القضاء من حياد ونزاهة استقلال عن أطراف النزاع، وكونه له دراية بالشؤون القانونية ومسائل المنازعات، ذلك أن مبدأ خضوع الدولة للقانون يعني خضوعها للقضاء، فلا قيمة للقضاء بدون تنفيذ أحكامه، فعدم تنفيذ الأحكام يجر المرء إلى التفكير في انحلال الدولة (3)، أو كما قال العميد DUGUIT « الإخلال بمبدأ ضرورة احترام الأحكام يصير بمبدأ المشروعية إلى العدم » (4).
إن احترام أحكام القضاء في دولة من الدول يعبر عن مدى تقدم هذه الدولة ومدى تطورها، فقد عرضت على رئيس وزراء بريطانيا المشهور « وينستون تشرتشل » أيام الحرب العالمية الثانية قضية تتعلق بحكم قضى بمنع تحليق الطائرات العسكرية أثناء انعقاد الجلسات نظرا للإزعاج الذي كانت تسببه، فكان جواب « تشرتشل» بعبارته الحكيمة الخالدة عندما قال « لا بد من تنفيذ الحكم، فإنه أهون أن يكتب التاريخ أن إنجلترا هزمت في الحرب من أن يكتب فيه أنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي » (5).
وإشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية تكمن في الأساس في غياب مسطرة فعالة وناجعة لإجبار الإدارة على التنفيذ، فقانون المحاكم الإدارية (6) وكذلك قانون المسطرة المدنية (7) لا يتضمنان الوسائل اللازمة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي بها (8).
فالمشرع في القانون 41.90 من خلال الفصل 49 منه اكتفى بالقول على أنه يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم ويمكن للمجلس أن يعهد تنفيذ قراراته إلى محكمة إدارية كما أن المادة 7 منه نصت على أن تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك وإذا كانت الأحكام القضائية الصادرة ضد الأفراد الحائزة لقوة الشيء المقضي به تتضمن في مواجهتهم إمكانية التنفيذ الجبري المنصوص عليها في الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية فإن هذه القواعد الجبرية المحال عليها بموجب الفصل 7 من القانون 41.90 لا نجد لها تطبيقا في مواجهة أشخاص القانون العام لاعتبارات خاصة تحذر التنفيذ الجبري ضد الإدارة في مواجهة القاضي وامتياز التنفيذ المباشر واختلاف الصيغة التنفيذية للأحكام الإدارية عن الأحكام العادية القابلة للتنفيذ الجبري وحسن سير المرفق العام بانتظام وعدم تعطيل وظيفة النفع العمومي، ومن ثم يبقى تنفيذ الأحكام الإدارية مرتبط بأخلاقيات الإدارة وامتثالها طواعية للتنفيذ.
إضافة إلى هذه الصعوبات القانونية، نجد صعوبات واقعية تتمثل في الغالب في كون عدم التنفيذ ناتج عن موقف سلبي من قبل الإدارة، بحيث تقوم الإدارة بالمناورة من أجل تفادي آثار الشيء المقضي به ضدها، وذلك من خلال خلق صعوبات قانونية أو مادية للتخلص من تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها
ويعتبر التنفيذ السيئ أو الناقص مظهرا من مظاهر هذه المناورة، وكمثال على ذلك إرجاع الموظف المفصول الذي ألغى القضاء قرار عزله، بعد مرور ثلاث سنوات من صدور الحكم، وعندما أرجعته إلى عمله امتنعت عن أداء مرتبه.
كما أن المحكمة الإدارية بالرباط في قضية سامية البقالي اعتبرت قبول رئيس المجلس البلدي لتطوان الأزهر تنفيذ الحكم القاضي بإلغاء سحب رخصة بناء صيدلية تعتبر مناورة في تنفيذ الحكم لأن عون التنفيذ عند مباشرته لإجراءات التنفيذ تبين له أن المجلس البلدي يتذرع بكون الأرض المرخص ببناء الصيدلية فوقها ليست هي الأرض موضوع الرخصة المسحوبة، رغم حضور المهندس الذي وضع تصميم الصيدلية الموافق عليه من طرف نفس البلدية.
كما أن الإدارة قد تمتنع عن تنفيذ الحكم حتى قبل صدوره كما حصل في قضية مطبعة طنجة ضد بلدية القصر الكبير، « بحيث تقدم المدعي بطلب يرمي إلى الحكم له بأداء دين ناتج عن عقد توريد أبرمه مع البلدية، ولما أمرت المحكمة بإجراء معاينة صحبة خبير، استمع المستشار المقرر إلى رئيس المجلس البلدي الذي صرح له بصفة خاصة بأن ما تم توريده إلى الجماعة كان بأمر من الرئيس السابق، وأن هذا الأخير هو الذي يجب مطالبته بالتعويض، وبأنه حتى في حالة الحكم على البلدية فإنه لن ينفذ ما قد يحكم به عليها، وذلك لأنه لم يكن هو رئيس البلدية وقت توريد السلعة المذكورة، مع أن هذا الرئيس لم ينازع في تسليم البلدية للسلعة موضوع الدين المتنازع بشأنه »
وهكذا فإن امتناع الإدارة عن التنفيذ يتخذ أشكالا مختلفة ( التراخي، التنفيذ المعيب أو الناقص، الامتناع الصريح عن التنفيذ..).
ويمكن تفسير هذا الامتناع، بكون المسؤولين في الإدارة يعتقدون، أن لجوء الطاعن إلى المحاكم يعتبر تحديا لقرارهم، وطعنا في شخصهم، وبذلك يمتنعون عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضد تصرفاتهم، لإثبات مدى السلطة التي يتمتعون بها (9).
وإزاء هذا المشكل عملت مجموعة من الدول على انتهاج آليات ووسائل من أجل التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة (10).
ويقصد بالتنفيذ الجبري للحكم الإداري الصادر ضد الإدارة، تنفيذ ما جاء به الحكم رغم إرادة الإدارة من قبل هيئة مختصة بذلك، وقد تكون هذه الهيئة قضائية، كما قد تكون إدارية بشرط أن تكون هذه الأخيرة أجنبية عن هيئة الإدارة المسؤولة عن التنفيذ أو الهيئات الإدارية العليا، رئاسية كانت أو صائبة (11).
من بين هذه الوسائل نميز بين الوسائل التقليدية والوسائل الجديدة (12). فيما يخص الوسائل التقليدية نميز بين مايلي :
1. الطعن بالإلغاء
تعرف دعوى الإلغاء بأنها الدعوى التي يرفعها أحد الأفراد إلى الجهة القضائية المختصة يطلب منها إلغاء القرار الإداري غير المشروع (13).
وإذا كانت دعوى الإلغاء تعرف في فرنسا بدعوى تجاوز السلطة، فإنه في المغرب وقبل صدور قانون المحاكم الإدارية كانت هذه الدعوى تعرف بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة، أما بعد صدور هذا القانون فإن المشرع قد استعاض عن الشطط بمصطلح التجاوز، فأصبحت دعوى الإلغاء تعرف بمقتضى المادة 8 من القانون المذكور بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة (14).
تتميز دعوى الإلغاء بجملة من الخصائص، تجعل منها دعوى مستقلة ومتميزة عن غيرها من الدعاوي القضائية الأخرى، ولقد حاول الفقهاء رد هذه الخصائص إلى الأمور الآتية :
أ. دعوى الإلغاء دعوى القانون العام
تعتبر دعوى الإلغاء من دعاوي القانون العام، فهي توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح في القانون بذلك.
من تطبيقات هذه الخاصية في قضاء المحاكم الإدارية، ما ورد في حكم المحكمة الإدارية بأكادير الذي بررت فيه : « وحيث تنقسم دعوى الإلغاء في المغرب بأنها دعوى القانون العام لإلغاءات القرارات الإدارية عموما، أي يمكن أن توجه ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى نص قانوني صريح.
وحيث أنه لا يستساغ وفقا لروح قانون 41.90 حرمان المواطن في دولة الحق والقانون ضمانا لحقوقه وحرياته من مراقبة أعمال الإدارة عن طريق دعوى الإلغاء التي تمارسها هيئة مستقلة عن الإدارة تتكون من قضاة تابعين للسلطة القضائية ولا يخضعون للتسلسل الترابي الرئاسي أو لأي نوع من الوصاية ويستعملون اختصاصاتهم من أجل حماية المواطن والإدارة معا » (15).
ب. دعوى الإلغاء دعوى المشروعية
يتجه أغلب الفقهاء إلى اعتبار دعوى الإلغاء بأنها دعوى المشروعية، فدور القاضي في هذه الدعوى ينحصر في فحص المشروعية و لا يتعداها إلى مراقبة الملائمة.
ت. دعوى الإلغاء من الدعاوى العينية ( الموضوعية)
تتميز دعوى الإلغاء بالطبيعة الموضوعية أو العينية.
فدعوى الإلغاء إذن، لا يخاصم فيها السلطة الإدارية ذاتها، بل يخاصم فيها القرار الإداري غير المشروع.
كما أن دعوى الإلغاء لا تستهدف حماية المصلحة الشخصية لرافع الدعوى في حد ذاتها بل تستهدف بالأساس حماية مبدأ المشروعية والنظام القانوني السائد في الدولة.
2. مسؤولية الأعوان العموميين
تخضع هذه المسؤولية لمقتضيات الفصلين 79 و 80 من ظهير الالتزامات والعقود (16)، إذ نص الفصل 79 على أن : « الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إداراتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها ». ونص الفصل 80 على أن : « مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها ».
مع الإشارة إلى أن مسؤولية الجماعات مسؤولية مستقلة عن مسؤولية الدولة، ولا محل حسب أحكام القضاء الإداري لإدخال وزارة الداخلية والدولة في الدعوى. وبما أن الجماعات الترابية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، فلا حاجة لإدخال العون القضائي.
إلى جانب الوسائل التقليدية، نجد وسائلا جديدة في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية تتمثل فيما يلي :
1. الغرامة التهديدية
تعد الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به. وفرض هذه الغرامة لا يعتبر تدخلا من قبل القاضي ضد الإدارة بتوجيه الأوامر أو الحلول محلها في التنفيذ أو مساسا بمبدأ فصل السلط (17)، بل هو فقط يهدف من خلال هذا العمل دفع الإدارة إلى احترام التزاماتها وتحسيسها بواجبها في تنفيذ أحكامه (18).
ولقد عرفها بعض الفقهاء على أنها عقوبة مالية تفرض عن كل يوم تأخير يحكم بها القاضي لضمان تنفيذ الحكم من قبل المحكوم ضده، وتبدأ من يوم إصدار الحكم بالغرامة إلى غاية امتثال المحكوم عليه بالتنفيذ (19)، وهي بهذا تعد وسيلة مهمة يلجأ إليها القاضي لإلزام المدين بتنفيذ التزاماته خلال مدة معينة وكل تأخير في التنفيذ يفرض على الملتزم أداء مبلغ مالي يحدده القاضي (20).
لكن إذا كانت الغرامة التهديدية هي وسيلة في يد القاضي العادي يحبر بها الأشخاص الطبيعيين على تنفيذ أحكامه (21) فهذا لم يمنع القاضي الإداري من اعتمادها كذلك لفرض تنفيذ أحكامه في مواجهة أشخاص القانون العام، غير أنه ملزم بتحديدها بالقدر الذي يتماشى وإمكانيات الإدارة المادية وفي مستوى معقول، كي لا تتعنت الإدارة وتفضل سلك طرق غير فعالة وأقل تكلفة من امتثالها للحكم الصادر ضدها.
وبما أن الغرامة التهديدية تعتبر صورة من صور التنفيذ الجبري، فلا يتم اللجوء إليها إلا بعد امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ وإثبات ذلك في محضر يحرره أحد الأعوان المكلفين بالتنفيذ. كما يجب أن لا يتم الحكم بالغرامة التهديدية إلا بعد أن يكتسي الحكم موضوع التنفيذ قوة الشيء المقضي به. فهي إذن وسيلة قانونية تحذيرية وتحكيمية لا يقضى بها إلا بناء على طلب (22) من صاحب الشأن. وإلى جانب هذه الخصائص هناك مجموعة من المبررات التي تم اعتمادها في مواجهة الإدارة من قبل القاضي الإداري معتمدا على قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية وقواعد المسطرة المدنية.
وبهذا جاز القول أن القاضي الإداري في المغرب- وبعد صدور قانون 41.90 – أصبح يعتمد في فرضه لهذه الغرامة على قانون المسطرة المدنية عملا بنظام وحدة القضاء، وحدة المسطرة بعد أن سمح له المشرع صراحة بتطبيق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية خاصة مع غياب أي نص يستثني الإدارة من تطبيق هذه الوسيلة عليها (23).
في هذا الصدد، نستشهد بقراري المحكمة الإدارية بمكناس ل 3 أبريل 1998 في قضية عطاوي و ل 23 يونيو من نفس السنة في قضية إسماعيلي العلوي (24).
تتعلق القضية الأولى في أن السيد محمد عطاوي تقدم بمقال بتاريخ 16 مارس 1998 إلى المحكمة الإدارية بمكناس بطلب إلغاء قرار العزل المطعون فيه، وهو الحكم الذي أصبح نهائيا، فسعى المستفيد منه إلى تنفيذه، لكن رئيس المجلس القروي امتنع بصفة شخصية وبدون مبرر قانوني مقبول تنفيذ الحكم المذكور، فراجع السيد عطاوي رئيس المحكمة الإدارية بمكناس من لأجل فرض غرامة تهديدية على رئيس الجماعة للانصياع إلى مقتضيات الحكم، فأصدر رئيس المحكمة أمرا بفرض مبلغ ألف درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ على رئيس الجماعة موحى حاحو شخصيا، فاستأنف هذا الأخير هذا الأمر أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى التي ألغته (25).
أما القضية الثانية فتتعلق بإفراغ ملكية محتلة من طرف الإدارة حيث أنه بعد الحصول على حكم يقضي بإرجاع الملكية في 17 دجنبر 1997، تقدم السيد إسماعيلي علوي لقاضي المستعجلات من أجل إصدار غرامة تهديدية مستندا على محضر أتبث رفض التنفيذ من قبل رئيس المجلس البلدي لمولاي علي الريصاني، مما دفع رئيس المحكمة إلى الحكم بغرامة تهديدية قدرها 1.000 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ ابتداء من تاريخ رفض التنفيذ.
2. الحجز على الأموال الخاصة للجماعات الترابية
يعتبر الحجز لدى الغير من أهم الإجراءات التحفظية والتنفيذية المنصوص عليها بالباب الثالث من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بقواعد التنفيذ الجبري للأحكام الإلزامية، لما يترتب عليه من غل يد المدين في التصرف في أمواله وصيرورتها جبرا لفائدة الدائن بعد استيفاء مسطرة التصديق على الحجز (26).
وهكذا فقد ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة (27) وهي تأمر بإجراء حجز تحفظي على عقار مملوك ملكية خاصة لبلدية وجدة ضمانا لأداء ديون في ذمتها ناتجة عن مسطرة نزع الملكية إلى القول بما يلي :
« حيث أن المشرع المغربي لم يمنع صراحة حجز الأموال الخاصة للأشخاص المعنوية كما فعل بالنسبة للأموال العمومية، انظروا الفصل 4 من ظهير 1914 (28) والفصل 3 من ظهير 1921 (29) والفصل 8 من ظهير 28 يونيو 1954 (30) ».
وحيث أن وزير الداخلية المغربي أشار في منشوره لسنة 1991 (31) إلى أن ممتلكات الجماعات العمومية التي لا تقبل أن تكون محلا للحجز، هي الأموال العمومية وحدها دون الأملاك الخاصة التي ليس هناك من الناحية القانونية والقضائية ما يمنع من إيقاع الحجز عليها.
وحيث أن الأموال الخاصة للشخص العام تنزل منزلة أموال الشخص العادي مما تكون معه هذه الأموال قابلة للحجز عليها.
وإذا كان العمل القضائي الإداري أعلاه إمكانية إيقاع الحجوزات التحفظية على العقارات المملوكة ملكية خاصة لأشخاص القانون العام على اعتبار أنها تنزل منزلة الأملاك الخاصة لأشخاص القانون الخاص مما يجوز حجزها سواء تحفظيا أو تنفيذيا وبيعها قضاء لاستيفاء الدين المترتب بذمة الشخص المعنوي العام فقد استقر الاجتهاد القضائي (33) على مستوى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى على رفض إيقاع الحجز التحفظي على العقارات المملوكة ملكية خاصة للشخص المعنوي بعلة أنه يفترض فيه ملاءة الذمة ولا يخشى عليه العسر ويؤدي ديونه وفق قواعد المحاسبة العامة.
منذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم في 23 يوليوز 1999 تكثفت وتيرة ورش الإصلاحات وتوجت بالإعلان عن إصلاح دستوري شامل يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة المغربية (34).
وقد مثلت سنة 2011، دون أدنى شك، منعطفا تاريخيا فاصلا ونتاجا لسنوات من العمل المتواصل المتمثل في مختلف الأوراش الإصلاحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق، وفي خضم الأحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا لها، توج الإصلاح بالمغرب بالخطاب الملكي لتاسع مارس 2011 ليعلن عن المبادرة الملكية الداعية إلى إجراء تعديلات دستورية عميقة وشاملة أقل ما يقال عنها أنها غير مسبوقة.
وقصد أجرأة هذه المبادرة ذات الدلالة القوية، قرر الملك إحداث آليتين سياسيتين، مهمتها التشاور والمتابعة، وتبادل الرأي بشأن الإصلاح المقترح، تضمان بصفة خاصة متخصصين في المجالات الدستورية والسياسية، ورؤساء الهيئات السياسية والنقابية ( خطاب 10 مارس 2011 بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور).
وبعد عدة أسابيع من الحوار والمناقشة، خلصت اللجنة إلى صياغة مشروع الدستور أبرز جلالة الملك أهم مضامينه في خطاب 17 يونيو 2011 وعرض على الاستفتاء الشعبي يوم فاتح يوليوز من نفس السنة. على الرغم من بعض الدعوات الرامية إلى مقاطعة الاستفتاء، فإن الشعب المغربي عبر عن إرادته بكثافة ورضي بالوثيقة الدستورية الجديدة بأغلبية ساحقة (35)، وهو ما خلف أيضا صدى طيبا في الأوساط الدولية عبر التنويه بدخول المغرب مرحلة جديدة من تاريخه السياسي والدستوري، ولا أدل على ذلك من منح الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا للمغرب وضع الشريك من أجل الديمقراطية (21 يونيو 2011).
إن دراسة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية على ضوء مقتضيات الدستور المغربي الجديد تكتسي أهمية بالغة نظرا لكونها ستكمن من معرفة المقتضيات الدستورية الخاصة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية وآفاق الإصلاح.
وتبعا لذلك فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف تعاطى الدستور المغربي الجديد مع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية وآية آفاق يمكننا استشرافها في هذا الصدد ؟ وتتفرع عن هذه الإشكالية أسئلة فرعية :
ماهي الآليات القانونية التي نص عليها الدستور المغربي الجديد في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية ؛
آية آفاق يمكننا استشرافها لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية.
مما سبق، فقد تقرر تناول موضوع تدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مقتضيات الدستور المغربي الجديد على ضوء المبحثين الآتيتين :
المبحث الأول : المقتضيات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية ؛
المبحث الثاني : آفاق الإصلاح.
المبحث الأول
المقتضيات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية
لقد خصص الدستور الجديد للمملكة مكانة بارزة للسلطة القضائية (36)، ويتضح ذلك من خلال عدد الفصول المكرسة لهذا الموضوع، حيث انتقل من 8 فصول مخصصة في دستور 1996 (37) إلى 22 فصلا، أي ما يقارب 15 % من المقتضيات الدستورية.
إن الدستور الجديد حدد مجموعة من التدابير الهامة المساهمة من جهة في حماية استقلال القاضي وتهدف من جهة أخرى إلى تخليق القضاء.
من بين هذه التدابير نجد الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية (38).
كما تم التنصيص على كون قضاة الأحكام لا يلزمون إلا بتطبيق القانون. و لا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها (39).
وأخيرا تم التنصيص على أن القاضي يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون (40).
وتمت أيضا الإشارة إلى أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع. يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المساعدة، إذ صدر الأمر إليها بذلك، ويجب المساعدة على تنفيذ الأحكام (41).
تبعا لذلك فقد ارتأينا تناول هذا المبحث وفق المطلبين الآتيين : تعزيز استقلال القضاء ( المطلب الأول)، وتدعيم حقوق المتقاضين (المطلب الثاني).
المطلب الأول : تعزيز استقلال القضاء
ليس هناك من ريب أن مبدأ استقلال السلطة القضائية، يعتبر القطب الذي تجوبه حوله رحى الديمقراطية، وتكريس دولة المؤسسات القائمة على سيادة القانون، والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية...
ونزولا عند هذا الاعتبار، يتبين أن الحقيقة الفلسفية لهذا المبدأ، لا تنحصر فقط في حق القاضي بأن يكون مستقلا، وإنما هو حق للمجتمع اتجاه الدولة عموما، والقاضي خصوصا (42).
كل هذه المعطيات تمت دسترتها في المقتضيات الدستورية التالية :
« يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء ؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط.
يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية
المحتملة.
يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة.» (43) ؛
« لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون. ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة
عن السلطة التي يتبعون لها. » (44) ؛
« يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، ولاسيما فيما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم.
يضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بمبادرة منه، تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، ويُصدر التوصيات الملائمة بشأنها.
يُصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان، آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط.» (45) ؛
يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويتألف هذا المجلس من :
الرئيس الأول لمحكمة النقض، رئيسا منتدبا ؛
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ؛
رئيس الغرفة الأولى بمحكمة النقض ؛
أربعة ممثلين لقضاة محاكم الاستئناف، ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ؛
ستة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة، ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ؛
ويجب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل
السلك القضائي ؛
الوسيط ؛
رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ؛
خمس شخصيات يعينها الملك، مشهود لها بالكفاءة والتجرد والنزاهة، والعطاء المتميز في سبيل استقلال القضاء وسيادة القانون ؛ من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى (46).
إضافة إلى تعزيز استقلال القضاء، فقد دعم الدستور المغربي لسنة 2011 حقوق المتقاضين كلازمة لتكريس دولة القانون والمؤسسات.
المطلب الثاني : تدعيم حقوق المتقاضين
إن تقدم الدول وإن كان يقاس بدرجة نموها الاقتصادي فإن حضارتها تقاس بمدى ضمانها لحقوق الأفراد وحمايتها. والدول تسمو وترتفع بسمو قضائها وانتشار عدلها ولذلك قيل « العدل أساس الملك »
ولقد سجل تاريخ الأمة الإسلامية صفحات خالدة لسيرة القضاء المشرفة التي تنطق بصلاح وحنكة وصحة رأي القضاة المسلمين (47).
والقضاء في الشريعة الإسلامية له طبيعة خاصة تميزه عن باقي الأنظمة القضائية وهي الالتزام بأحكام الشريعة والفصل في الخصومات بالإخبار عن هذه الأحكام حتى قيل أن فصل الخصومات بغير حكم الله تعالى ليس بقضاء حقيقة (48).
وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين الناس بما أراه ونهاه أن يحكم وفق أهواء قومه فقال تعالى : « وإن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون » (49)، كما قال تعالى : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » (50)، وقال سبحانه : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون » (51).
وقد رغب الإسلام في الحكم بين الناس بالحق وجعله من الغبطة. وروى البخاري عن عبد الله بن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : « لا حسد إلا في اثنتين : رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقي بها ويعلمها للناس ».
كدولة إسلامية ذات سيادة كاملة، أخذ المغرب على عاتقه تدعيم حقوق المتقاضين في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية لصالحهم من خلال المقتضيات الدستورية :
يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون (52) ؛
حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة (53) ؛
لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول.
حقوق الدفاع مضمونة أمام المحاكم (54) ؛
يكون التقاضي مجانيا في الحالات المنصوص عليها قانونا لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي (55) ؛
تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون (56) ؛
تكون الأحكام معللة وتصدر في جلسة علنية، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون (57) ؛
الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع.
يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحاكمة، إذ صدر الأمر إليها بذلك، ويجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام (58).
بعد استعراض هذه المعطيات الهامة عن المقتضيات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو آية آفاق يمكننا استشرافها في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية ؟
المبحث الثاني
آفاق الإصلاح
نظرا لطبيعتها كأشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، فإن الجماعات الترابية تتمتع بدرجة معينة من الحرية في ممارسة اختصاصاتها بما يتوافق مع المبادئ الكبرى لدولة الحق والقانون المبنية على حماية الحريات، الحفاظ على الحقوق.
هذه المعطيات دفعت بعض الجماعات الترابية إلى احترام الأحكام القضائية الصادرة ضدها دونما حاجة إلى القاضي الإداري، بينما الباقي لم تحترم الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به نظرا للأسباب التي أشرنا إليها في مقدمة هذا البحث.
إن بعض البلدان كفرنسا ومصر والجزائر أنشأت عدة إجراءات في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية لهذه البلدان.
أما في المغرب، فهناك مشروع قانون معروض حاليا على البرلمان بخصوص تنفيذ الأحكام الإدارية قد يحل الإشكال إذا تمت المصادقة عليه وتفعيله، حيث تناول في مادته الأولى وجوب تنفيذ الأحكام دون تأخير أو تماطل مع إمكانية إعطاء مهلة للتنفيذ أقصاها 90 يوما.
فيما عرفت المادة الثانية من مشروع القانون المقصود بأشخاص القانون العام وحددتها في الدولة، والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، فيما اعتبرت المادة الثالثة المسؤولين الإداريين عن التنفيذ...
كما منح المشروع إمكانية المطالبة بالتعويض عند ثبوت الامتناع، بل واعتبرته تنفيذا لأحكام الواجب المهني يعرض الموظف للمسؤولية التأديبية.
على ضوء ما سبق فقد قررنا التطرق إلى المسطرة الخاصة المعتمدة في بعض البلدان (المطلب الأول)، وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام في المغرب (المطلب الثاني).
المطلب الأول : المسطرة الخاصة المعتمدة في بعض البلدان
إذا كان بعض الفقه يعتبر أن تجاهل مبدأ حجية الشيء المحكوم من شأنه أن يؤثر سلبا على الاستثمارات الأجنبية في المغرب، على اعتبار أن هاجس المستثمر الأجنبي يتمثل في توفير الضمانات القانونية الكفيلة بضمان حقوقه ، فإنه في المقابل يجهز على الثقة التي يمكن أن يعقدها المواطن على العدالة في البلاد، لاسيما حينما يؤدي ذلك إلى ضياع الحقوق وانتهاك الحريات (59).
لذلك أصبح من الضروري، مواجهة مشكلة عدم تنفيذ الأحكام القضائية من طرف الأشخاص المعنوية العامة وذلك بإصدار نص صريح ودقيق يلزمها بالامتثال لأحكام القضاء، والعمل على تنفيذها، وتحميلهم المسؤولية الشخصية إداريا ومدنيا والمسؤولية الجنائية إن اقتضى الحال.
لكل هذه الأسباب، فقد ارتأينا الاستعانة بتجربة بعض البلدان التي خصصت مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية بكل من فرنسا (الفقرة الأولى)، مصر (الفقرة الثانية)، وأخيرا الجزائر (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى : التجربة الفرنسية
لقد مر موضوع تنفيذ الأحكام القضائية من طرف الإدارة في فرنسا بعدة مراحل ابتدأت بإحداث لجنة التقرير والدراسات بمقتضى مرسوم 30 يوليوز 1963 (60) الذي عدل بعدة مراسيم بعد ذلك. وتسهر هذه اللجنة على تنفيذ الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة، وذلك بتقديم الإرشادات إلى الإدارة بقصد مساعدتها على تنفيذ الأحكام، ويتم ذلك إما بطلب من الإدارة نفسها أو بطلب من الشخص الذي صدر الحكم لفائدته.
وتجدر الملاحظة أن هذه اللجنة رغم الدور الذي قامت به في حل عدة مشاكل تتعلق بالتنفيذ (61)، فإنها لا تتوفر على وسائل الضغط القانونية اتجاه الإدارة، بحيث تكتفي بتوجيه المراسلات إلى الإدارة أو تقوم باتصالات شخصية مع رؤساء الإدارات.
وفي إطار حماية حقوق وحريات الأفراد من تعسف الإدارة فقد اتخذ المشرع الفرنسي خطوة هامة تتمثل في توجيه أوامر للإدارة قصد تنفيذ بعض الأحكام التي امتنعت عن تنفيذها أو عرقلت هذا التنفيذ، وقد تم ذلك من خلال نظام الوسيط « Le médiateur » (62) ، الذي أسس بقانون 3 يناير 1973 والذي عدل بالنصوص القانونية الآتية :
قانون 24 دجنبر 1976 ؛
قانون 13 يناير 1989 ؛
قانون توجيهي 6 فبراير 1992 ؛
قانون 30 دجنبر 2005 ؛
قانون 2 فبراير 2007.
ويعتبر قانون 16 يوليوز 1980 (63) مرحلة متطورة في تنفيذ أحكام القضاء من طرف الإدارة، بحيث نص في مادته الثانية على أنه في حالة عدم تنفيذ حكم قضائي ضد الإدارة، فإنه يمكن لمجلس الدولة تلقائيا أو بناء على طلب لجنة التقرير والدراسات، أن يحكم بغرامة على الشخص المعنوي العام، المعني بالأمر، بقصد ضمان تنفيذ الحكم وذلك بعد مرور سنة على صدور الحكم.
ومن جهة ثانية، فإن هذا القانون حمل مسؤولية التأخير في التنفيذ إلى الشخص المشرف على تسيير الإدارة التي تصدرها ضدها الأحكام، ولذلك أعطى صلاحية لمجلس الدولة من تحديد الغرامة التهديدية التي تفرض على الشخص المعنوي العام الذي لا يحترم تنفيذ أحكام القضاء.
وأخيرا في سنة 2011، تم إحداث نظام المدافع عن الحقوق « Le défenseur des droits » كمؤسسة دستورية معينة من طرف رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات، إن المدافع عن الحقوق هو المكلف بالدفاع عن حقوق الموطنين في وجه الإدارات، ويتمتع بصلاحيات خاصة في تعزيز حقوق الطفل، ومكافحة التمييز، واحترام أخلاقيات الأنشطة الأمنية (64).
إلى جانب التجربة الفرنسية، نجد نموذجا رائدا ألا وهو التجربة المصرية.
الفقرة الثانية : التجربة المصرية
في القانون المصري نجد المادة 54 من القانون رقم 47 المتعلق بمجلس الدولة تنص على شكلين مختلفين للصيغة التنفيذية للأحكام الإدارية (65)، حيث أن الأحكام الصادرة بإلغاء القرارات الإدارية تكون مذيلة بالصيغة التنفيذية التالية : « على الوزراء ورؤساء المصالح المختصين تنفيذ هذا الحكم وإجراء مقتضاه ».
أما الأحكام الإدارية الأخرى، فتكون نسختها التنفيذية مذيلة بالصيغة التنفيذية التالية : « على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها، وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة ».
وهذا يؤكد على أن المشرع المصري أعطى أهمية كبرى لأحكام الإلغاء بجعله صيغة تنفيذية خاصة بها، حتى يبادر رجال الإدارات العمومية إلى تنفيذ تلك الأحكام ولا يكون لهم مهما علا شأنهم، أي سلطة في التعقيب عليها (66).
نظرا لما تحمله مخالفة الامتناع عن تنفيذ الأحكام في طياتها من خروج سافر عن القوانين، فقد اعتبرها المشرع المصري جريمة معاقبا عليها، فقد نصت المادة 123 من قانون العقوبات المصري على ما يلي : « يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة عن الحكومة أو الأحكام أو اللوائح، أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر عن المحكمة أو من أية جهة مختصة، كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أم ر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر في اختصاص الموظف » (67). هذا وقد ذهب القضاء الإداري في مصر إلى أبعد من ذلك حينما اعتبر خطأ الوزير الممتنع عن تنفيذ الحكم خطأ شخصيا يستوجب مساءلته شخصيا وفي ذمته المالية الخاصة عن تعويض الأضرار المترتبة عليه (68).
بعد التطرق للتجربتين الفرنسية والمصرية، سنستعرض آخر تجربة في هذا المطلب ألا وهي التجربة الجزائرية.
الفقرة الثالثة : التجربة الجزائرية
تنص المادة 171 من الدستور الجزائري لسنة 1976 : « على كل أجهزة الدولة المختصة أن تقوم، في كل وقت وفي كل مكان وفي كل الظروف، بتنفيذ أحكام القضاء » (69)، فهذا النص يتضمن التزاما عاما بتنفيذ أحكام القضاء ، أما الالتزام الخاص الذي يهم الإدارة بخصوص الأحكام الصادرة في مواجهتها، فيتجلى في الصيغة التنفيذية التالية المنصوص عليها في المادة 600 من قانون الإجراءات المدنية وهي : « لا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص القانون، إلا بموجب نسخة من السند التنفيذي، ممهورة بالصيغة التنفيذية الآتية... وفي القضايا الإدارية تكون الصيغة التنفيذية على الشكل التالي : الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تدعو وتأمر الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، وكل مسؤول إداري آخر، كل فيما يخصه، وتدعو وتأمر كل المحضرين المطلوب إليهم ذلك، فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة ضد الخصوم الخواص، أن يقوموا بتنفيذ هذا الحكم، القرار..» (70).
بعد استعراض المسطرة الخاصة المعتمدة في كل من فرنسا، ومصرن والجزائر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه حول وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام في المغرب ؟
المطلب الثاني : وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الإدارية في المغرب
لقد أصبح من الضروري بل ومن الملح أن توضع آليات عملية لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، نظراً لتزايد عدد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، وما يصدر حاليا عن محكمتي الاستئناف الإداريتين المحدثتين بالرباط ومراكش (71).
ولهذا نرى طرح هذا التصور العملي لتحقيق هذا الهدف ويتمثل ذلك فيما يلي :
أولا : تجميع النصوص القانونية المطبقة على المنازعات الإدارية خصوصا الإجرائية منها في مدونة مستقلة، يتم فيها تدارك كل ما عرض أمام القضاء الإداري في هذه الفترة لتفادي تضارب الاتجاهات في الموضوع الواحد وتضمينها قسم خاص بتنفيذ الأحكام الإدارية يأخذ بعين الاعتبار ما هو متضمن في مشروع القانون المتعلق بتنفيذ الأحكام الإدارية المشار إليه سلفا ؛
ثانيا : التنصيص صراحة على مسؤولية الموظف العمومي الشخصية عندما يثبت بقاطع تعنته أو امتناعه عن التنفيذ مدنيا وجنائيا وحتى تأديبيا ؛
ثالثا : تعيين جهاز حكومي يكلف بالتنفيذ، أو تفعيل دور الوكيل القضائي في ذلك أو تحديد جهة معينة بكل وزارة تختص بالنظر في الأحكام الموجهة إليها من أجل التنفيذ، يعلن عنه بصفته رسمية وخاصة بتحديد اسم المسؤول عنه وينشر بالجريدة الرسمية (72) ؛
رابعا : إدراج بند في ميزانيات الوزارات والجماعات الترابية بخصوص تنفيذ الأحكام (لقد اعتمد هذا المبدأ جزئيا في الميزانية العامة لسنة 2006) ؛
خامسا : تعيين قاض للإشراف على تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري نظرا لكون عملية التنفيذ تعرف بطئاً وعوائق تؤثر سلبا على قوة الأحكام القضائية وتمس بسمعة القضاء، لذا فإن أغلب المهتمين ينادون بإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ بالنظر إلى النتيجة الإيجابية التي حققتها في البلدان التي اعتمدتها، وجعل هذه المؤسسة تحقق الآمال المعقودة عليها لتسريع عملية التنفيذ بتجاوز كل الصعوبات وتحقيق توازن المصالح بين الإدارة والمتعاملين معها، وذلك بجعل الأول يستوفي حقه في آجال معقولة ودون كبير عناء، ثم حمايته من التعسف الذي يباشر عليه من تعنت رجل الإدارة، ومراوغته للخضوع للحكم الواجب التنفيذ.
خاتمة عامة
وخلاصة القول يتبين لنا أن المشرع المغربي حاول جاهدا إيجاد حلول ناجعة لظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية خصوصا بعد صدور الدستور المغربي لسنة 2011 الذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من خلال تجريم كل تدخل في شؤون القضاء عبر إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية وعزز حقوق المتقاضين.
إن كل هذه المستجدات الدستورية تفرض الإسراع بسن القوانين المواكبة للنص الدستوري والتعجيل بتفعيل المقترحات الواردة أعلاه في وجوب اعتماد مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الإدارية في المغرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) الصايغ أحمد : « إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية بالمغرب : دراسة تطبيقية »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 62، 2009، ص.27.
(2) الصايغ أحمد : « الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مؤلفات وأعمال جامعية »، العدد 55، 2004، ص.19.
(3) أو على حد تعبير المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه : « فعدم التنفيذ أو التماطل في التنفيذ يجر المرء إلى تفكير آخر هو انحلال الدولة »، في كلمته السامية التي فاه بها عند ترأسه لاجتماع قضاة المملكة في 31 فبراير 1982، راجع الجزء 27 من انبعاث أمة، مطبوعات القصر الملكي، السنة 1982.
(4) سعد عبد الواحد حسني: « تنفيذ الأحكام الإدارية »، مطابع مجلس الدفاع الوطني، القاهرة، 1984، ص.7.
(5) مرغني خيري محمد : « القضاء الإداري ومجلس الدولة »، مجلس الدولة وقضاء الإلغاء، جزء 1، 1991-1992، ص.3-5.
(6) ظهير شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، ج.ر عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 (3 نوفمبر 1993)، ص.2168.
(7) ظهير شريف رقم 1.47.744 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، ج.ر عدد 2303 مكرر بتاريخ 13 رمضان 1391 (30 شتنبر 1974)، ص.2741.
(8) قصري محمد : « تنفيذ الأحكام الإدارية " الغرامة التهديدية" " الحجز"»، الندوة العلمية حول تدبير المنازعات في مجال الإسكان والتعمير، المملكة المغربية، الوزير الأول، الوزارة المنتدبة المكلفة بالإسكان والتعمير، الرباط، 12 مارس 2007، ص.99.
(9) بوطاهر نورة : « إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية »، مأخوذة من الموقع الإلكتروني http://messaoui.jeeran.com/archive/2006/5/53050.html، الخميس 27 ربيع الثاني 1427، ص.7-8.
(10) بنجلون عصام : « التنفيذ الجبري ضد الإدارة »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، نونبر- دجنبر، 2004، ص.80.
(11) أوفادة إبراهيم : « تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة »، بحث لنيل شهادة الماجستير في الإدارة والمالية العامة، جامعة الجزائر، معهد العلوم القانونية والإدارية، الجزائر، 1986، ص.254.
(12)CHEGGARI Karim : « La problématique de l’exécution des décisions de justice rendues contres les collectivités locales au Maroc », projet de fin d’étude du Master en Droit public : Option : Droit des collectivités locales, Université Mohammed V- Souissi, Faculté des Sciences Juridiques, Économiques et Sociales, Salé, Année Universitaire : 2009-2010, p.31.
(13) ROUSSET Michel, GARAGNON Jean, BASRI Driss, BELHAJ Ahmed : « Droit administratif Marocain », Éditions la Porte, 3e édition, Rabat, 1979, p.474.
(14) الأعرج محمد : « القانون الإداري المغربي »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 66 مكرر، 2010، ص.200.
(15) حكم المحكمة الإدارية بأكادير، عدد 95/63 بتاريخ 20 يوليوز 1995 بيزكان أحمد ضد رئيس مجلس الوصاية بوزارة الداخلية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 14-15، يناير- يوليوز 1996، ص.172.
(16)Dahir formant code des obligations et contrats du 12 août 1913, B.O n° 46 du 12 septembre 1913, p.78.
(17) قصري محمد : « الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 34، شتنبر-أكتوبر، 2000، ص.12.
(18) الأعرج محمد : « قانون منازعات الجماعات المحلية »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 58، 2008، ص.92.
(19) الشرقاوي سعاد : « المسؤولية الإدارية »، دار المعرفة، الطبعة الثانية، مصر، 1972، ص.265.
(20) سلمان عائشة : « إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 72-73، يناير- أبريل، 2007، ص.72.
(21) الصايغ أحمد : « الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية »، مرجع سابق، ص.38-39.
(22) قصري محمد : « الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها »، مرجع سابق، ص.13.
(23) نفس المرجع، ص.43.
(24)BENABDELLAH Mohammed Amine : « L’astreinte contre le responsable administratif opposant le refus d’exécution d’une décision de justice contre l’administration », REMALD, n° 27, avril-juin 1999, p.111.
(25) الصايغ أحمد : « الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية »، مرجع سابق، ص.57.
(26) بنجلون عصام : « التنفيذ الجبري ضد الإدارة »، مرجع سابق، ص.81.
(27) أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بوجدة بالملف 04/95 بتاريخ 14 أبريل 1995.
(28) ظهير شريف صادر بتاريخ 7 شعبان 1332 (1 يوليه 1914) في شأن الأملاك العمومية بالايالة الشريفة، ج.ر عدد 62 بتاريخ 10 يوليه 1914، ص.275.
(29)Dahir du 17 safar 1340 (19 octobre 1921) sur le domaine municipal, B.O n° 470 du 25 octobre 1921, p.1660.
(30) Dahir du 28 juin 1954 (26 chaoual 1373) relatif aux domaines des communes rurales tel que modifié par Dahir du 4 ramadan 1374 (27 avril 1955), B.O n° 2177 du 16 juillet 1954, p.1005.
(31) منشور وزير الداخلية عدد 182 بتاريخ 22 ماي 1991 إلى كافة ولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة حول : ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية وإحداث وهيكلة مصلحة جماعية للمنازعات
(33) قرار الغرفة عدد 794 بتاريخ 30 أكتوبر 2003، ملف إداري عدد 1070/4/1/03 قضية محمد بلقاضي ضد جماعة سيدي احرازم.
قرار عدد 120 بتاريخ 2 نونبر 2000 ملف إداري 1313/4/1/2000 قضية منانة لحلو ضد الجماعة القروية لزواغة.
(34) ورقة تقديمية للندوة العلمية المنظمة تحت شعار : « الدستور المغربي 2011 : مستجدات وآفاق المقتضيات الجديدة »، جامعة محمد الأول- وجدة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- شعبة القانون العام-، مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية- وجدة، 20-21 أبريل 2012 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة.
(35) ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، ج.ر عدد 5964 بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص.3600.
(36) BENYAHYA Mohammed : « Le pouvoir judicaire dans la nouvelle constitution du Royaume », REMALD, Collection « Thèmes actuels », n°77, 2012, p.119.
(37) ظهير شريف رقم 1.96.157 صادر في 23 من جمادى الأولى 1417 (7 أكتوبر 1996) بتنفيذ نص الدستور المراجع، ج.ر عدد 4420 بتاريخ 26 من جمادى الأولى 1417 (10 أكتوبر 1996)، ص.2281.
(38) الفصل 107 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(39) الفصل 110 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(40) الفصل 117 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(41) الفصل 126 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(42) الجباري عبد الرزاق : « نادي قضاة المغرب وحق المجتمع في " استقلال القضاء" »، مأخوذة من الموقع الإلكتروني http://hespress.com/writers/46709.html، الأربعاء 1 فبراير 2012.
(43) الفصل 109 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(44) الفصل 110 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(45) الفصل 113 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(46) الفصل 115 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(47) بلعسري فائزة : « ولاية المظالم والقضاء الإداري »، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة « مواضيع الساعة »، عدد 20، 2000، ص.29.
(48) مليجي أحمد محمد : « تحديد نطاق الولاية القضائية والاختصاص القضائي : دراسة مقارنة »، جامعة المنصورة، 1979، ص.328.
(49) سورة المائدة، الآية 49.
(50) سورة المائدة الآية 44.
(51) سورة المائدة الآية 45.
(52) مشار إليه سابقا.
(53) الفصل 118 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(54) الفصل 120 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(55) الفصل 121 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(56) الفصل 124 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(57) الفصل 125 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(58) الفصل 126 من الدستور المغربي لسنة 2011.
(59) حبيب حسن : « إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة »، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، نونبر- دجنبر، 2004، ص.67.
(60) www.conseil-Etat.fr
(61) VEDEL Georges, DEVOLVÉ Pierre : « Droit administratif », PUF, Thémis, 11e édition, 1990, p.353.
(62) DE LAUBADÈRE André : « Traité de Droit administratif », L.G.D.J, 9e édition, 1984, p.281.
(63) Loi n°80-539 du 16 juillet 1980 relative aux astreintes prononcées en matière administrative et à l’exécution des jugements par les personnes morales de Droit public, JORF du 17 juillet 1980, p.1799.
(64) http://fr.wikipedia.org/wiki/Défenseur des droits
(65) الجرف طعيمة : « رقابة القضاء لأعمال الإدارة العامة، قضاء الإلغاء »، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984، ص.360.
(66) محكمة القضاء الإداري 7 فبراير 1961 مجموعة الخمس عشرة سنة، الجزء الثاني، ص.1137.
(67) بسيوني حسن السيد : « دور القضاء في المنازعة الإدارية: دراسة تطبيقية مقارنة للنظم القضائية في مصر وفرنسا والجزائر »، عالم الكتاب، القاهرة، 1981، ص.445.
(68) محكمة القضاء الإداري، حكم 29 يونيو 1950، مجموعة الخمس عشرة سنة، الجزء الثاني، ص.1139.
(69) دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة 1976، مأخوذ من الموقع الإلكتروني للمجلس الدستوري الجزائري http://www.conseil-constitutionnel.dz
(70) قانون الإجراءات المدنية والإدارية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، رئاسة الجمهورية، الأمانة العامة للحكومة، سنة 2008، مأخوذ من الموقع الإلكتروني للجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، http://www.joradp.dz
(71) لقد تضمن القانون 80.03 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.07 صادر في 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006) المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية في المادة 18 منه على ما يلي : « تنفذ القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية من طرف المحاكم الإدارية المصدرة للحكم ».
(72) بعض القطاعات الحكومية وخاصة وزارة التربية الوطنية تسند مهمة ربط العلاقة مع المحاكم إلى جهات مختلفة داخل الوزارة، فعند انتقال عون التنفيذ إلى الوزارة يكون ملزماً بالاتصال بعدة جهات نظراً لأن كل جهة مكلفة بنوع معين من القضايا بما فيها حتى المنازعات أمام المحاكم ومن ثم تنفيذ القرارات بشأنها.