الوقـــائــع:
بناء على عريضة الطعن المقدمة من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم بكتابة ضبط هذه المحكمة بـتاريخ 18/08/2016 عرضوا من خلالها أنه انعقد بمقر الجمعية المغربية بحقوق الإنسان جمع عام لتأسيس جمعية تحمل اسم "الحرية الآن – لجنة حماية الصحافة وحرية التعبير"، وعلى إثر ذلك تقدموا في إطار المادة الخامسة من الظهير الصادر بتاريخ 15/11/1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات بتصريح لوالي جهة الرباط سلا القنيطرة بتاريخ 20/06/2016 يتضمن ملف التأسيس، غير أن الجهة الإدارية المذكورة رفضت تسلم الملف كما يتبين ذلك من محضر المفوض القضائي المدلى بها في النازلة، وهو ما يعتبر قرارا غير مشروع لكونه يمس بالحق في تأسيس الجمعيات ونتجت عنه عدة أضرار مادة ومعنوية لحقت بهم جراء حرمانهم غير المشروع من تحقيق الأهداف المرجوة من تأسيس الجمعية بعقد اللقاءات والندوات والتجمعات في إطار الأنشطة التي تدخل في أهدافها، لأجله التمسوا الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبأداء الجهة المدعى عليها تعويضا عن الضرر المعنوي قدره 40.000,00 درهم، وعن الضرر المادي قدره 10.000,00 درهم مع الفوائد القانونية والنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليها الصائر. وأدلوا بمحضر ونسخ من وثائق تتعلق بملف التأسيس وصورة من حكم.
وبناءً على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بتاريخ 15/09/2016 التمس من خلالها عدم قبول الطلب شكلا لكون الطاعنين لم يبينوا صفتهم أو مهنتهم كما لم يضمنوا موطن أو محل إقامتهم خرقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، وكذا لعدم وجود سند مشترك بينهم يبرر إقامة دعوى واحدة من طرفهم خلافا للفصل 14 من القانون المذكور، ولكون الطعن انصب على قرار غير مؤثر بذاته، لأن التأثير في النازلة مصدره عدم تسليم الوصل المؤقت عن إيداع الملف وليس مصدره قرار رفض تسلف الملف الذي انصب عيه الطعن، وفي الموضوع، التمس رفض الإلغاء لكون الطاعنين لم يتقيدوا عند عقد جمعهم التأسيسي بمقتضيات الفصل الثالث من الظهير المتعلق بالتجمعات العمومية، لعدم تقديمهم تصريحا مسبقا للسلطة الإدارية المحلية، والتمس رفض طلب التعويض لكون القرار مشروع والطاعنين لا يوجدون في وضعية قانونية تستوجب الحماية القضائية.
وبناءً على مذكرة التعقيب المدلى بها من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم بجلسة 07/10/2016 التمسوا من خلالها رد الدفوع الشكلية المثارة من طرف الوكيل القضائي للمملكة لعدم ارتكازها على أساس، وفي الموضوع عرضوا أن الدفع المتعلق بمخالفتهم لظهير التجمعات العمومية يبقى غير مؤسس، لكون الاجتماع الذي انعقد يتعلق بتأسيس جمعية خاضعة لظهير تأسيس الجمعيات وليس لظهير التجمعات العمومية.
وبناءً على المذكرة المدلى بها من طرف ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة بواسطة نائبها بجلسة 07/10/2016 التمست من خلالها الاستجابة لما ورد بمذكرة الوكيل القضائي للمملكة.
وبناءً على المذكرة المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بتاريخ 21/10/2016 التمس من خلالها رد ما تمسك به الطاعنون في مذكرتهم التعقيبية وأكد مذكرته الجوابية السابقة.
وبناءً على المذكرة المدلى بها من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم بجلسة 21/10/2016 أكدوا من خلالها ما سبق.
وبناءً على باقي الأوراق المدلى بها في الملف.
وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات آخرها بتاريخ 21/10/2016 حضر خلالها الأستاذ الدعنوني عن النقيب عبد الرحمن بن عمرو وأدلى بمذكرة سلمت نسخة منها للأستاذ السعيدي الحاضر عن الأستاذ الغرمول نيابة عن ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة وحضر ممثل الوكيل القضائي للمملكة، فتقرر اعتبار القضية جاهزة، واقترح المفوض الملكي الاستجابة للطلب، فتم وضع القضية لجلسة اليوم.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في الشكل:
حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب شكلا لكون الطاعنين لم يبينوا صفتهم أو مهنتهم كما لم يضمنوا موطن أو محل إقامتهم خرقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، وكذا لعدم وجود سند مشترك بينهم يبرر إقامة دعوى واحدة من طرفهم خلافا للفصل 14 من القانون المذكور، ولكون الطعن انصب على القرار غير المؤثر بذاته، لأن التأثير في النازلة مصدره عدم تسليم الوصل المؤقت عن إيداع تأسيس جمعية الحرية الآن وليس قرار رفض تسلف الملف الذي انصب عليه الطعن.
وحيث إنه بخصوص ما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة من تحقق اختلال الدعوى شكلا لعدم بيان الطاعنين صفتهم أو مهنتهم بالمقال الافتتاحي وعدم تضمينه موطن أو محل إقامتهم خرقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، فإنه لما كان ثابتا في الملف أن المقال الافتتاحي جاء مرفقا بوثائق ملف تأسيس الجمعية التي تضمنت البيانات الشخصية الخاصة بكل من الطاعنين بصفتهم أعضاءها المؤسسين، من بينها الموطن والمهنة الخاص بكل منهم على حدة، فإن الإخلال الشكلي المتمسك به يكون غير متحقق، ما دام أن المقال الافتتاحي بوثائقه المدلى بها يعتبر وحدة تتكامل أجزاؤها فيما بينها، وفضلا عن ذلك فإن الطاعنين تداركوا ما تمسك به الوكيل القضائي بتوصيفه نقصا في بيانات المقال من خلال مذكرتهم المدلى بها لجلسة
07/10/2016 التي ضمنوها عناوينهم والمهن التي يزاولها كل منهم، لتكون معه الغاية من مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية المحددة للبيانات الواجبة تضمينها بالمقال الافتتاحي قد تحققت، سيما في ظل عدم ثبوت أي ضرر لاحق بالمدعى عليهم جراء النقص المتمسك به، على أساس أن الإخلالات الشكلية لا ترتب البطلان إلا بتحقق ضرر ناتج عنها وفقا للفصل 49 من قانون المسطرة المدنية، مما يجعل الدفع في شقه أعلاه غير ذي أساس.
وحيث إنه بخصوص الدفع بعدم القبول في شقه المستمد من غياب السند المشترك بين الطاعنين الذي يبرر إقامتهم دعوى واحدة، فإنه لما كان البين في الملف أن الطعن قدم من طرف مؤسسي جمعية الحرية الآن – لجنة حماية الصحافة والتعبير بالمغرب - في مواجهة قرار إداري قضى برفض تسلم ملف التأسيس الخاص بجمعيتهم، فإن سندا مشتركا بينهم يكون قد توفر بما يسوغ معه رفع دعوى واحدة من طرفهم لطلب إلغاء قرار الرفض المذكور، ما دام أن مدخل تحقق وحدة السند المشترك يكون متوفرا في النازلة، اعتبارا لكون التأثير في مركزهم القانوني المعتبر مناط الطعن بالإلغاء يجد مصدره في النازلة في سند واحد متمثل في قرار رفض تسلم ملف التأسيس الصادر في مواجهتهم جميعا، فضلا على أن الوضعية المستمد منها الحق الذي تمسك الطاعنون بالمس به تنبني على سند واحد متمثل في الاتفاق الحاصل بينهم على تأسيس جمعيتهم بأهدافها المشتركة المحددة من قبلهم، مما يجعل الدعوى الحالية المرفوعة من طرف مجموع الطاعنين غير مخالفة للفصل 14 من قانون المسطرة المدنية، باعتبار أن إقامة دعوى واحدة من قبل مؤسسي جمعية للطعن في قرار مرتبط بمرحلة التأسيس، وخلافا لما أثير من قبل الوكيل القضائي للمملكة، تعد من أبرز صور الدعاوى التي يكون فيها السند المشترك بين رافعيها متوفرا بما يبرر تقديمها بمقال افتتاحي واحد باسمهم جميعا، ومن ثم ينتفي الخرق الشكلي المتمسك به، ويكون الدفع في شقه المثار على غير أساس.
وحيث إنه بخصوص ما تأسس عليه الدفع بعدم القبول في شقه المستمد من توجيه الطعن ضد قرار غير مؤثر بذاته في المركز القانوني للطاعنين بعلة أن التأثير في النازلة مصدره عدم تسليم الوصل المؤقت عن إيداع تأسيس جمعية الحرية الآن وليس مصدره قرار رفض تسلم الملف الذي انصب عيه الطعن، فإنه خلافا لما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة، فإن قرار رفض تسلم ملف تأسيس جمعية الحرية الآن في النازلة يبقى بذاته مؤثرا في المركز القانوني لمؤسسيها، نظرا لما يترتب عنه من حرمانهم من الحق في تسلم وصل الإيداع وبالتالي عدم استكمال أحد إجراءات تأسيس الجمعية وحرمانها من وجودها القانوني الذي يخول لها اكتساب شخصيتها المعنوية المستقلة التي ترتب لها صلاحية التمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات، مما يتعين معه رد الدفع بعدم القبول في شقه الأخير.
حيث إنه فضلا عن ذلك فقد قدم الطلب مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا لذا يتعين التصريح بقبوله.
في الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن والي جهة الرباط سلا القنيطرة بتاريخ 26/06/2016 القاضي برفض تسلم ملف التصريح بتأسيس "جمعية الحرية الآن – لجنة حماية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب" مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبأداء الجهة المدعى عليها تعويضا لفائدة الطاعنين عن الضرر المعنوي بقيمة 40.000,00 درهم وعن الضرر المادي بقيمة 10.000,00 درهم وشمول الحكم بالنفاذ المعجل والفوائد القانونية ابتداءً من تاريخ النطق بالحكم مع تحميل الجهة المدعى عليها الصائر.
بخصوص طلب الإلغاء:
حيث يؤاخذ الطاعنون على القرار المطعون فيه اتسامه بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون.
وحيث أجاب الوكيل القضائي للمملكة بكون قرار رفض تسلم الملف يبقى مبررا نظرا لعدم قانونية الاجتماع التأسيسي للجمعية الذي لم يكن موضوع تصريح مسبق مقدم للسلطة الإدارية المحلية يتضمن بيان اليوم والساعة والمكان الذي ينعقد فيه الاجتماع وفقا للفصل الثالث من الظهير الصادر بتاريخ 15/11/1958.
وحيث إن الثابت من وثائق الملف وخاصة المحضر المنجز من طرف المفوض القضائي عبد الله العيشي بتاريخ 26/06/2016 أن هذا الأخير انتقل إلى مكتب الجمعيات بمقر عمالة الرباط في طابقه الثالث برقم 317 قصد إيداع ملف تأسيس جمعية الحرية الآن وأطلع الموظف المسؤول هناك على صفته وموضوع مهمته، غير أن المسؤول المذكور رفض تسلم الملف بعلة سبقية صدور حكم عن المحكمة الإدارية بالرباط يتعلق بنفص الموضوع.
وحيث إن الثابت من الفصل الثاني من الظهير رقم 1.58.376 الصادر في 15 نونبر 1958 المتعلق بحق تأسيس الجمعيات كما تم تعديله وتتميمه بالقوانين اللاحقة أنه يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إِذْنٍ بشرط أن تُراعى في ذلك مقتضيات الفصل الخامس، وهو الفصل الذي يلزم كل جمعية أن تتقدم إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن بها مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي، ويسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال، وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور (...) وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك فإن تأسيس الجمعيات غير متوقف على إذن أو ترخيص من السلطة الإدارية المحلية، وإنما يكفي تقديم التصريح المذكور في الفصل الخامس أعلاه حتى تُعتبر الجمعية مستوفية لإجراءات تأسيسها قانونا بعد الحصول على الوصل المؤقت الذي يُسلم فورا، ثم الوصل النهائي الذي يمكن أن يسلم صراحة داخل أجل ستين يوما أو يُعتبر مسلما ضمنا بسكوت السلطة الإدارية المعنية طيلة المدة المذكورة، ومن ثم فإن تسلم ملف التأسيس وتسليم الوصل المؤقت تبقى إجراءات غير خاضعة لأي سلطة تقديرية من جانب الجهة الإدارية المشار إليها، ما دام أن المشرع قيد صراحة صلاحيتها في تسليم الوصل بطابع الفورية التي تعني توقيع الوصل وتسليمه على إثر تلقي التصريح في الحال كما ينص على ذلك الفصل الخامس أعلاه، بما معناه أن هذا الإجراء لا يتعين أن ينبني على سلطة تقديرية للسلطة الإدارية مستمدة من فحص وثائق الملف، ما دام أن هذا الفحص المطلوب يبقى عملا لاحقا يمكن أن تقوم به الإدارة بدليل تنصيص الفصل الخامس المذكور على صلاحياتها في إجراء الأبحات اللازمة في فقرة لاحقة، بعد تنصيصه على دورها في توجيه الملف إلى النيابة العامة، وهو ما يستفاد منه أن دور السلطة الإدارية في إطار مقتضيات الفصل الخامس المشار إليه، يقتصر على تلقي التصريح وتسليم الوصل المؤقت، ثم إحالة نسخة من التصريح إلى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية المختصة من أجل إبداء رأيها قبل تسليم الوصل النهائي إثر مرور ستين يوما على الإيداع الأول، وتبقى السلطة القضائية وحدها المختصة في مراقبة قانونية التأسيس عن طريق التحقق من توافر شروط بطلان الجمعية أو حلها طبقا للمادة السابعة من الظهير المذكور أعلاه باعتبارها الجهة المخول لها حماية حقوق وحريات المواطنين وضمان أمنهم القضائي طبقا للفصل 109 من الدستور، ومن ثم يكون ما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة من أحقية السلطة الإدارية في رفض تلقي ملف التأسيس بعلة عدم قانونية الاجتماع التأسيسي المنعقد بدون تصريح مسبق خلافا للظهير المتعلق التجمعات العمومية غير سليم، ما دام أن مراقبة قانونية التأسيس يظل اختصاصا قضائيا أصيلا موكولا للمحكمة الابتدائية وفقا لما تم تفصيله أعلاه، مما يجعل الدفع المثار غير مُجْدٍ في تصحيح ما اعترى القرار المطعون فيه من عيوب قانونية، بصرف النظر عن سلامة ما ورد في الدفع من عدمه بخصوص اعتبار اجتماع أعضاء الجمعية لتأسيس جمعيتهم داخلا في مفهوم التجمعات العمومية التي تخضع للتصريح المسبق.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك يكون قرار رفض تسلم ملف الجمعية موضوع الطعن، مخالفا للفصل الخامس من الظهير المستدل به أعلاه، وماسا بحرية تأسيس الجمعيات باعتبارها مندرجة ضمن الحقوق الأساسية المعترف بها لجميع الأشخاص في نطاق ما يُقره القانون، مما يجعله قرارا مشوبا بعيب مخالفة القانون وبالتالي متسما بتجاوز السلطة، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه.
حول التعويض:
حيث أسس الطاعنون طلبهم على قيام المسؤولية الإدارية للدولة نتيجة قرار رفض تسلم ملف تأسيس جمعية الحرية الآن باعتباره قرارا غير مشروع، وتحقق علاقته السببية مع الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بهم جراء حرمانهم بصورة تعسفية من تحقيق الأهداف المرجوة من تأسيس الجمعية بعقد اللقاءات والندوات والتجمعات في إطار الأنشطة التي تدخل في أهدافها.
وحيث أجاب الوكيل القضائي للمملكة بعدم قيام المسؤولية الإدارية للجهة المدعى عليها لكون القرار الذي تأسس طلب التعويض على عدم مشروعيته يعتبر غير منطوٍ على أي خرق قانوني وأن الطاعنين لا يوجدون في وضعية قانونية تستوجب الحماية القضائية.
وحيث إن المستقر عليه في اجتهاد القضاء الإداري أنه متى ثبتت عدم مشروعية قرار إداري بموجب حكم قضائي، فإن الجهة مصدرته تكون مسؤوليتها قائمة تجاه الأغيار المتضررين من هذا القرار، ذلك أن قرينة مشروعية القرار الإداري تزول بصدور قرار قضائي يقضي بإلغائه وهو ما يتولد عنه تقرير مسؤولية الإدارة،حسب ما أقرته محكمة النقض في قرارها عدد 108 الصادر بتاريخ 21/02/2013 في الملف الإداري عدد 1181/4/2/2011.
وحيث إنه لما كان الثابت في الملف أن القرار الصادر عن السلطة الإدارية المحلية بالرباط (عمالة الرباط) القاضي برفض تسلم ملف تأسيس الجمعية موضوع الطلب، قد ثبتت عدم مشروعيته لكونه مشوب بعيب مخالفة القانون حسب ما تم بسطه أعلاه، فإن المسؤولية الإدارية للجهة مصدرته قائمة في النازلة تجاه الطاعنين، نظرا لتحقق العلاقة السببية بين القرار غير المشروع والأضرار المادية اللاحقة بهم والمتمثلة في حرمانهم من الحق في تسلم وصل الإيداع وبالتالي عدم استكمال أحد إجراءات تأسيس الجمعية وحرمانها من وجودها القانوني الذي يُكْسِبُها شخصيتها المعنوية المستقلة التي تخول لها التمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات، وممارسة الأنشطة التي التي تدخل في إطار تحقيق الأهداف المتفق عليها بين أعضائها، مما تكون معه المسؤولية الإدارية للجهة مصدرة القرار غير المشروع قائمة في النازلة، والأمر الذي يجعل طلب التعويض مؤسسا ويتعين الاستجابة له.
وحيث إن تقدير قيمة التعويض في إطار المسؤولية الإدارية ينبغي أن يكون عادلا وشاملا لكل الأضرار المحققة، ولئن كان تحديده يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، فإن هذه الأخيرة تكون ملزمة بتفصيل العناصر التي انبنت عليها سلطتها التقديرية، إعمالا للمستقر عليه في عمل محكمة النقض.
وحيث إنه استنادا لسلطة المحكمة التقديرية المرتكزة على عناصر الضررين المادي والمعنوي اللاحق بالطاعنين جراء حرمانهم من استكمال إجراءات تأسيس جمعيتهم وممارسة نشاطهم المشترك في إطارها من أجل تحقيق أهدافها المتفق عليها، فقد ارتأت المحكمة حصر تعويض شامل للأضرار المادية والمعنوية اللاحقة بالمؤسسين محدد في مبلغ 50.000,00 درهم.
وحيث يتعين رفض طلب النفاذ المعجل لعدم تحقق مبرراته القانونية والواقعية.
وحيث إن طلب الفوائد القانونية يبقى غير مؤسس، مما يتعين معه الحكم برفضه.
وحيث يتعين تحميل الدولة – وزارة الداخلية (ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة) الصائر.
الـمنطـوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.
لـهـذه الأسـبـاب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا.
في الشكل: بقبول الدعوى.
في الموضوع: بإلغاء القرار الإداري الصادر عن ولاية الرباط سلا القنيطرة بتاريخ 26/06/2016 القاضي برفض تسلم ملف تأسيس "جمعية الحرية الآن – لجنة حماية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب" مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبأداء الدولة – وزارة الداخلية (ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة) في شخص ممثلها القانوني تعويضا لفائدة الطاعنين قدره 50.000,00 درهم مع تحميل المدعى عليها الصائر ورفض باقي الطلب.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر والسنة أعلاه ………................
الرئيس المقرر كاتبة الضبط
بناء على عريضة الطعن المقدمة من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم بكتابة ضبط هذه المحكمة بـتاريخ 18/08/2016 عرضوا من خلالها أنه انعقد بمقر الجمعية المغربية بحقوق الإنسان جمع عام لتأسيس جمعية تحمل اسم "الحرية الآن – لجنة حماية الصحافة وحرية التعبير"، وعلى إثر ذلك تقدموا في إطار المادة الخامسة من الظهير الصادر بتاريخ 15/11/1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات بتصريح لوالي جهة الرباط سلا القنيطرة بتاريخ 20/06/2016 يتضمن ملف التأسيس، غير أن الجهة الإدارية المذكورة رفضت تسلم الملف كما يتبين ذلك من محضر المفوض القضائي المدلى بها في النازلة، وهو ما يعتبر قرارا غير مشروع لكونه يمس بالحق في تأسيس الجمعيات ونتجت عنه عدة أضرار مادة ومعنوية لحقت بهم جراء حرمانهم غير المشروع من تحقيق الأهداف المرجوة من تأسيس الجمعية بعقد اللقاءات والندوات والتجمعات في إطار الأنشطة التي تدخل في أهدافها، لأجله التمسوا الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبأداء الجهة المدعى عليها تعويضا عن الضرر المعنوي قدره 40.000,00 درهم، وعن الضرر المادي قدره 10.000,00 درهم مع الفوائد القانونية والنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليها الصائر. وأدلوا بمحضر ونسخ من وثائق تتعلق بملف التأسيس وصورة من حكم.
وبناءً على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بتاريخ 15/09/2016 التمس من خلالها عدم قبول الطلب شكلا لكون الطاعنين لم يبينوا صفتهم أو مهنتهم كما لم يضمنوا موطن أو محل إقامتهم خرقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، وكذا لعدم وجود سند مشترك بينهم يبرر إقامة دعوى واحدة من طرفهم خلافا للفصل 14 من القانون المذكور، ولكون الطعن انصب على قرار غير مؤثر بذاته، لأن التأثير في النازلة مصدره عدم تسليم الوصل المؤقت عن إيداع الملف وليس مصدره قرار رفض تسلف الملف الذي انصب عيه الطعن، وفي الموضوع، التمس رفض الإلغاء لكون الطاعنين لم يتقيدوا عند عقد جمعهم التأسيسي بمقتضيات الفصل الثالث من الظهير المتعلق بالتجمعات العمومية، لعدم تقديمهم تصريحا مسبقا للسلطة الإدارية المحلية، والتمس رفض طلب التعويض لكون القرار مشروع والطاعنين لا يوجدون في وضعية قانونية تستوجب الحماية القضائية.
وبناءً على مذكرة التعقيب المدلى بها من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم بجلسة 07/10/2016 التمسوا من خلالها رد الدفوع الشكلية المثارة من طرف الوكيل القضائي للمملكة لعدم ارتكازها على أساس، وفي الموضوع عرضوا أن الدفع المتعلق بمخالفتهم لظهير التجمعات العمومية يبقى غير مؤسس، لكون الاجتماع الذي انعقد يتعلق بتأسيس جمعية خاضعة لظهير تأسيس الجمعيات وليس لظهير التجمعات العمومية.
وبناءً على المذكرة المدلى بها من طرف ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة بواسطة نائبها بجلسة 07/10/2016 التمست من خلالها الاستجابة لما ورد بمذكرة الوكيل القضائي للمملكة.
وبناءً على المذكرة المدلى بها من طرف الوكيل القضائي للمملكة بتاريخ 21/10/2016 التمس من خلالها رد ما تمسك به الطاعنون في مذكرتهم التعقيبية وأكد مذكرته الجوابية السابقة.
وبناءً على المذكرة المدلى بها من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم بجلسة 21/10/2016 أكدوا من خلالها ما سبق.
وبناءً على باقي الأوراق المدلى بها في الملف.
وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات آخرها بتاريخ 21/10/2016 حضر خلالها الأستاذ الدعنوني عن النقيب عبد الرحمن بن عمرو وأدلى بمذكرة سلمت نسخة منها للأستاذ السعيدي الحاضر عن الأستاذ الغرمول نيابة عن ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة وحضر ممثل الوكيل القضائي للمملكة، فتقرر اعتبار القضية جاهزة، واقترح المفوض الملكي الاستجابة للطلب، فتم وضع القضية لجلسة اليوم.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في الشكل:
حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب شكلا لكون الطاعنين لم يبينوا صفتهم أو مهنتهم كما لم يضمنوا موطن أو محل إقامتهم خرقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، وكذا لعدم وجود سند مشترك بينهم يبرر إقامة دعوى واحدة من طرفهم خلافا للفصل 14 من القانون المذكور، ولكون الطعن انصب على القرار غير المؤثر بذاته، لأن التأثير في النازلة مصدره عدم تسليم الوصل المؤقت عن إيداع تأسيس جمعية الحرية الآن وليس قرار رفض تسلف الملف الذي انصب عليه الطعن.
وحيث إنه بخصوص ما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة من تحقق اختلال الدعوى شكلا لعدم بيان الطاعنين صفتهم أو مهنتهم بالمقال الافتتاحي وعدم تضمينه موطن أو محل إقامتهم خرقا للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، فإنه لما كان ثابتا في الملف أن المقال الافتتاحي جاء مرفقا بوثائق ملف تأسيس الجمعية التي تضمنت البيانات الشخصية الخاصة بكل من الطاعنين بصفتهم أعضاءها المؤسسين، من بينها الموطن والمهنة الخاص بكل منهم على حدة، فإن الإخلال الشكلي المتمسك به يكون غير متحقق، ما دام أن المقال الافتتاحي بوثائقه المدلى بها يعتبر وحدة تتكامل أجزاؤها فيما بينها، وفضلا عن ذلك فإن الطاعنين تداركوا ما تمسك به الوكيل القضائي بتوصيفه نقصا في بيانات المقال من خلال مذكرتهم المدلى بها لجلسة
07/10/2016 التي ضمنوها عناوينهم والمهن التي يزاولها كل منهم، لتكون معه الغاية من مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية المحددة للبيانات الواجبة تضمينها بالمقال الافتتاحي قد تحققت، سيما في ظل عدم ثبوت أي ضرر لاحق بالمدعى عليهم جراء النقص المتمسك به، على أساس أن الإخلالات الشكلية لا ترتب البطلان إلا بتحقق ضرر ناتج عنها وفقا للفصل 49 من قانون المسطرة المدنية، مما يجعل الدفع في شقه أعلاه غير ذي أساس.
وحيث إنه بخصوص الدفع بعدم القبول في شقه المستمد من غياب السند المشترك بين الطاعنين الذي يبرر إقامتهم دعوى واحدة، فإنه لما كان البين في الملف أن الطعن قدم من طرف مؤسسي جمعية الحرية الآن – لجنة حماية الصحافة والتعبير بالمغرب - في مواجهة قرار إداري قضى برفض تسلم ملف التأسيس الخاص بجمعيتهم، فإن سندا مشتركا بينهم يكون قد توفر بما يسوغ معه رفع دعوى واحدة من طرفهم لطلب إلغاء قرار الرفض المذكور، ما دام أن مدخل تحقق وحدة السند المشترك يكون متوفرا في النازلة، اعتبارا لكون التأثير في مركزهم القانوني المعتبر مناط الطعن بالإلغاء يجد مصدره في النازلة في سند واحد متمثل في قرار رفض تسلم ملف التأسيس الصادر في مواجهتهم جميعا، فضلا على أن الوضعية المستمد منها الحق الذي تمسك الطاعنون بالمس به تنبني على سند واحد متمثل في الاتفاق الحاصل بينهم على تأسيس جمعيتهم بأهدافها المشتركة المحددة من قبلهم، مما يجعل الدعوى الحالية المرفوعة من طرف مجموع الطاعنين غير مخالفة للفصل 14 من قانون المسطرة المدنية، باعتبار أن إقامة دعوى واحدة من قبل مؤسسي جمعية للطعن في قرار مرتبط بمرحلة التأسيس، وخلافا لما أثير من قبل الوكيل القضائي للمملكة، تعد من أبرز صور الدعاوى التي يكون فيها السند المشترك بين رافعيها متوفرا بما يبرر تقديمها بمقال افتتاحي واحد باسمهم جميعا، ومن ثم ينتفي الخرق الشكلي المتمسك به، ويكون الدفع في شقه المثار على غير أساس.
وحيث إنه بخصوص ما تأسس عليه الدفع بعدم القبول في شقه المستمد من توجيه الطعن ضد قرار غير مؤثر بذاته في المركز القانوني للطاعنين بعلة أن التأثير في النازلة مصدره عدم تسليم الوصل المؤقت عن إيداع تأسيس جمعية الحرية الآن وليس مصدره قرار رفض تسلم الملف الذي انصب عيه الطعن، فإنه خلافا لما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة، فإن قرار رفض تسلم ملف تأسيس جمعية الحرية الآن في النازلة يبقى بذاته مؤثرا في المركز القانوني لمؤسسيها، نظرا لما يترتب عنه من حرمانهم من الحق في تسلم وصل الإيداع وبالتالي عدم استكمال أحد إجراءات تأسيس الجمعية وحرمانها من وجودها القانوني الذي يخول لها اكتساب شخصيتها المعنوية المستقلة التي ترتب لها صلاحية التمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات، مما يتعين معه رد الدفع بعدم القبول في شقه الأخير.
حيث إنه فضلا عن ذلك فقد قدم الطلب مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا لذا يتعين التصريح بقبوله.
في الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن والي جهة الرباط سلا القنيطرة بتاريخ 26/06/2016 القاضي برفض تسلم ملف التصريح بتأسيس "جمعية الحرية الآن – لجنة حماية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب" مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبأداء الجهة المدعى عليها تعويضا لفائدة الطاعنين عن الضرر المعنوي بقيمة 40.000,00 درهم وعن الضرر المادي بقيمة 10.000,00 درهم وشمول الحكم بالنفاذ المعجل والفوائد القانونية ابتداءً من تاريخ النطق بالحكم مع تحميل الجهة المدعى عليها الصائر.
بخصوص طلب الإلغاء:
حيث يؤاخذ الطاعنون على القرار المطعون فيه اتسامه بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون.
وحيث أجاب الوكيل القضائي للمملكة بكون قرار رفض تسلم الملف يبقى مبررا نظرا لعدم قانونية الاجتماع التأسيسي للجمعية الذي لم يكن موضوع تصريح مسبق مقدم للسلطة الإدارية المحلية يتضمن بيان اليوم والساعة والمكان الذي ينعقد فيه الاجتماع وفقا للفصل الثالث من الظهير الصادر بتاريخ 15/11/1958.
وحيث إن الثابت من وثائق الملف وخاصة المحضر المنجز من طرف المفوض القضائي عبد الله العيشي بتاريخ 26/06/2016 أن هذا الأخير انتقل إلى مكتب الجمعيات بمقر عمالة الرباط في طابقه الثالث برقم 317 قصد إيداع ملف تأسيس جمعية الحرية الآن وأطلع الموظف المسؤول هناك على صفته وموضوع مهمته، غير أن المسؤول المذكور رفض تسلم الملف بعلة سبقية صدور حكم عن المحكمة الإدارية بالرباط يتعلق بنفص الموضوع.
وحيث إن الثابت من الفصل الثاني من الظهير رقم 1.58.376 الصادر في 15 نونبر 1958 المتعلق بحق تأسيس الجمعيات كما تم تعديله وتتميمه بالقوانين اللاحقة أنه يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إِذْنٍ بشرط أن تُراعى في ذلك مقتضيات الفصل الخامس، وهو الفصل الذي يلزم كل جمعية أن تتقدم إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن بها مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي، ويسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال، وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور (...) وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك فإن تأسيس الجمعيات غير متوقف على إذن أو ترخيص من السلطة الإدارية المحلية، وإنما يكفي تقديم التصريح المذكور في الفصل الخامس أعلاه حتى تُعتبر الجمعية مستوفية لإجراءات تأسيسها قانونا بعد الحصول على الوصل المؤقت الذي يُسلم فورا، ثم الوصل النهائي الذي يمكن أن يسلم صراحة داخل أجل ستين يوما أو يُعتبر مسلما ضمنا بسكوت السلطة الإدارية المعنية طيلة المدة المذكورة، ومن ثم فإن تسلم ملف التأسيس وتسليم الوصل المؤقت تبقى إجراءات غير خاضعة لأي سلطة تقديرية من جانب الجهة الإدارية المشار إليها، ما دام أن المشرع قيد صراحة صلاحيتها في تسليم الوصل بطابع الفورية التي تعني توقيع الوصل وتسليمه على إثر تلقي التصريح في الحال كما ينص على ذلك الفصل الخامس أعلاه، بما معناه أن هذا الإجراء لا يتعين أن ينبني على سلطة تقديرية للسلطة الإدارية مستمدة من فحص وثائق الملف، ما دام أن هذا الفحص المطلوب يبقى عملا لاحقا يمكن أن تقوم به الإدارة بدليل تنصيص الفصل الخامس المذكور على صلاحياتها في إجراء الأبحات اللازمة في فقرة لاحقة، بعد تنصيصه على دورها في توجيه الملف إلى النيابة العامة، وهو ما يستفاد منه أن دور السلطة الإدارية في إطار مقتضيات الفصل الخامس المشار إليه، يقتصر على تلقي التصريح وتسليم الوصل المؤقت، ثم إحالة نسخة من التصريح إلى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية المختصة من أجل إبداء رأيها قبل تسليم الوصل النهائي إثر مرور ستين يوما على الإيداع الأول، وتبقى السلطة القضائية وحدها المختصة في مراقبة قانونية التأسيس عن طريق التحقق من توافر شروط بطلان الجمعية أو حلها طبقا للمادة السابعة من الظهير المذكور أعلاه باعتبارها الجهة المخول لها حماية حقوق وحريات المواطنين وضمان أمنهم القضائي طبقا للفصل 109 من الدستور، ومن ثم يكون ما تمسك به الوكيل القضائي للمملكة من أحقية السلطة الإدارية في رفض تلقي ملف التأسيس بعلة عدم قانونية الاجتماع التأسيسي المنعقد بدون تصريح مسبق خلافا للظهير المتعلق التجمعات العمومية غير سليم، ما دام أن مراقبة قانونية التأسيس يظل اختصاصا قضائيا أصيلا موكولا للمحكمة الابتدائية وفقا لما تم تفصيله أعلاه، مما يجعل الدفع المثار غير مُجْدٍ في تصحيح ما اعترى القرار المطعون فيه من عيوب قانونية، بصرف النظر عن سلامة ما ورد في الدفع من عدمه بخصوص اعتبار اجتماع أعضاء الجمعية لتأسيس جمعيتهم داخلا في مفهوم التجمعات العمومية التي تخضع للتصريح المسبق.
وحيث إنه استنادا إلى ذلك يكون قرار رفض تسلم ملف الجمعية موضوع الطعن، مخالفا للفصل الخامس من الظهير المستدل به أعلاه، وماسا بحرية تأسيس الجمعيات باعتبارها مندرجة ضمن الحقوق الأساسية المعترف بها لجميع الأشخاص في نطاق ما يُقره القانون، مما يجعله قرارا مشوبا بعيب مخالفة القانون وبالتالي متسما بتجاوز السلطة، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه.
حول التعويض:
حيث أسس الطاعنون طلبهم على قيام المسؤولية الإدارية للدولة نتيجة قرار رفض تسلم ملف تأسيس جمعية الحرية الآن باعتباره قرارا غير مشروع، وتحقق علاقته السببية مع الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بهم جراء حرمانهم بصورة تعسفية من تحقيق الأهداف المرجوة من تأسيس الجمعية بعقد اللقاءات والندوات والتجمعات في إطار الأنشطة التي تدخل في أهدافها.
وحيث أجاب الوكيل القضائي للمملكة بعدم قيام المسؤولية الإدارية للجهة المدعى عليها لكون القرار الذي تأسس طلب التعويض على عدم مشروعيته يعتبر غير منطوٍ على أي خرق قانوني وأن الطاعنين لا يوجدون في وضعية قانونية تستوجب الحماية القضائية.
وحيث إن المستقر عليه في اجتهاد القضاء الإداري أنه متى ثبتت عدم مشروعية قرار إداري بموجب حكم قضائي، فإن الجهة مصدرته تكون مسؤوليتها قائمة تجاه الأغيار المتضررين من هذا القرار، ذلك أن قرينة مشروعية القرار الإداري تزول بصدور قرار قضائي يقضي بإلغائه وهو ما يتولد عنه تقرير مسؤولية الإدارة،حسب ما أقرته محكمة النقض في قرارها عدد 108 الصادر بتاريخ 21/02/2013 في الملف الإداري عدد 1181/4/2/2011.
وحيث إنه لما كان الثابت في الملف أن القرار الصادر عن السلطة الإدارية المحلية بالرباط (عمالة الرباط) القاضي برفض تسلم ملف تأسيس الجمعية موضوع الطلب، قد ثبتت عدم مشروعيته لكونه مشوب بعيب مخالفة القانون حسب ما تم بسطه أعلاه، فإن المسؤولية الإدارية للجهة مصدرته قائمة في النازلة تجاه الطاعنين، نظرا لتحقق العلاقة السببية بين القرار غير المشروع والأضرار المادية اللاحقة بهم والمتمثلة في حرمانهم من الحق في تسلم وصل الإيداع وبالتالي عدم استكمال أحد إجراءات تأسيس الجمعية وحرمانها من وجودها القانوني الذي يُكْسِبُها شخصيتها المعنوية المستقلة التي تخول لها التمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات، وممارسة الأنشطة التي التي تدخل في إطار تحقيق الأهداف المتفق عليها بين أعضائها، مما تكون معه المسؤولية الإدارية للجهة مصدرة القرار غير المشروع قائمة في النازلة، والأمر الذي يجعل طلب التعويض مؤسسا ويتعين الاستجابة له.
وحيث إن تقدير قيمة التعويض في إطار المسؤولية الإدارية ينبغي أن يكون عادلا وشاملا لكل الأضرار المحققة، ولئن كان تحديده يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، فإن هذه الأخيرة تكون ملزمة بتفصيل العناصر التي انبنت عليها سلطتها التقديرية، إعمالا للمستقر عليه في عمل محكمة النقض.
وحيث إنه استنادا لسلطة المحكمة التقديرية المرتكزة على عناصر الضررين المادي والمعنوي اللاحق بالطاعنين جراء حرمانهم من استكمال إجراءات تأسيس جمعيتهم وممارسة نشاطهم المشترك في إطارها من أجل تحقيق أهدافها المتفق عليها، فقد ارتأت المحكمة حصر تعويض شامل للأضرار المادية والمعنوية اللاحقة بالمؤسسين محدد في مبلغ 50.000,00 درهم.
وحيث يتعين رفض طلب النفاذ المعجل لعدم تحقق مبرراته القانونية والواقعية.
وحيث إن طلب الفوائد القانونية يبقى غير مؤسس، مما يتعين معه الحكم برفضه.
وحيث يتعين تحميل الدولة – وزارة الداخلية (ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة) الصائر.
الـمنطـوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية.
لـهـذه الأسـبـاب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا.
في الشكل: بقبول الدعوى.
في الموضوع: بإلغاء القرار الإداري الصادر عن ولاية الرباط سلا القنيطرة بتاريخ 26/06/2016 القاضي برفض تسلم ملف تأسيس "جمعية الحرية الآن – لجنة حماية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب" مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبأداء الدولة – وزارة الداخلية (ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة) في شخص ممثلها القانوني تعويضا لفائدة الطاعنين قدره 50.000,00 درهم مع تحميل المدعى عليها الصائر ورفض باقي الطلب.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر والسنة أعلاه ………................
الرئيس المقرر كاتبة الضبط