بـاسـم جـلالـة الملـك وطبقا للقانون
نحـن محمد لمزوغي رئيـس المحكمـة الإداريـة بالدارالبيضـاء،
بصفتنـا قـاضيـا للمسـتعجـلات
وبمسـاعـدة السيـدة أمينة بنعبود كـاتبة الضبـط.
أصدرنـا الأمـرالإستعجـالي الآتي نصـه يـوم 02 رجب 1438هـ الموافق لـ 30 مارس 2017.
بيـن المدعية : شركة ...... الدار البيضاء
نائبها : الأستاذ نعيم سبيك المحامي بهيئة الدار البيضاء
مـن جـهـة
وبيـن المدعى عليها : الجماعة الحضرية للدار البيضاء في شخص رئيسها الكائن مقرها الاجتماعي بساحة محمد الخامس الدار البيضاء
نائبها : الأستاذ عبد الرحمن حسون الفيلالي المحامي بهيئة الدار البيضاء
مـن جـهـة أخـرى
بحضور:
- السيد رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
- السيد وزير الداخلية بمكاتبه بوزارة الداخلية بالرباط
- ولاية الدار البيضاء في شخص السيد والي ولاية الدار البيضاء
- السيد الوكيل القضائي للمملكة بمكتبه بالرباط
الـوقـائـع
بناء على المقال الاستعجالي المرفوع إلى هذه المحكمة بتاريخ 20/02/2017 من طرف الطالبة المذكورة حوله ، والرامي إلى الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل اقتحام واستيلاء الجماعة الحضرية للعقار الذي تكتريه الشركة المدعية الكائن بسوق الجملة القديم للخضر والفواكه بمقاطعة الصخور السوداء وذلك بتمكين المدعية من استرجاع العقار المذكور وتمكينها من الدخول إليه تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 20.000,00 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ مع النفاذ المعجل وجعل الصائر على المدعى عليها.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدم بها المطلوب حضوره في الدعوى السيد والي جهة الدار البيضاء سطات بواسطة نائبه بتاريخ 02/03/2017 والرامية إلى إخراجه من الدعوى.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدمت بها الجماعة المدعى عليها بواسطة نائبها بتاريخ 09/03/2017 والرامية إلى التصريح أساسا بعدم الاختصاص للبت في الطلب واحتياطيا التصريح بعدم قبوله واحتياطيا في الموضوع الحكم برفضه.
وبناء على المذكرة التعقيبية التي تقدمت بها الشركة المدعية بواسطة نائبها بتاريخ 15/03/2017 والرامية إلى استبعاد كل الدفوع الواردة بالمذكرة الجوابية المشار إليها أعلاه والحكم وفق ما جاء في المقال.
وبناء على الأوراق الأخرى المدرجة بالملف.
وبناء على الإعلام بإدراج القضية بعدة جلسات كانت آخرها الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 16/03/2017.
وبناء على المناداة على الطرفين وحضور كل من الأستاذة مسجد عن نائب الجماعة المدعى عليها والأستاذة مكري عن نائب الشركة المدعية ، وألفي بالملف المذكرة التعقيبية لهذا الأخير سلمت نسخة منها إلى الأستاذة مسجد فالتمست اعتبار القضية جاهزة مع حفظ حق الأستاذ عبد الرحمن الفيلالي في الإدلاء بتعقيبه أثناء التأمل ، لذا قررنا اعتبار القضية جاهزة وإدراجها في التأمل لجلسة 30/03/2017 مع حفظ حق نائب الجماعة المدعى عليها بالإدلاء بتعقيبه أثناء التأمل.
وبعـد التأمل طبقـا للقـانـون :
في الدفع بعدم الاختصاص للبت في الطلب : حيث دفعت الجماعة المدعى عليها بواسطة نائبها بعدم الاختصاص للبت في الطلب على اعتبار هذا الطلب يتعلق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وهو طلب لا يدخل ضمن اختصاص المحكمة الإدارية طبقا لمقتضيات المادة 8 من القانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية الذي حصر اختصاص هذه المحاكم في قضايا معينة على سبيل الحصر ولم يرد من ضمنها طلب إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد تنفيذ قرار إداري الذي لا يمكن إلغاؤه إلا في إطار فحص شرعيته ، ومن جهة أخرى فإن الطلب موضوع النازلة ليس بطلب وقتي أو تحفظي وإنما هدفه هو إلغاء قرار إداري وهو المقرر عدد 71/2013 الذي تم تنفيذه بواسطة القوة العمومية بعد أن ألغت محكمة الاستئناف الإدارية الحكم القاضي بإيقاف تنفيذه ، والتمست لكل هذه العلل التصريح بعدم الاختصاص للبت في الطلب.
وحيث عقبت الشركة المدعية بواسطة نائبها ملاحظة أن المحكمة الإدارية مختصة للبت في الطلب في إطار القضاء الاستعجالي لرفع الاعتداء المادي البين الذي تعرضت له ملتمسة استبعاد الدفع المثار بهذا الشأن والتصريح باختصاص القضاء المستعجل للبت في الطلب.
وحيث إنه بعد تفحصنا لما أوردته الجماعة المدعى عليها بخصوص هذا الدفع والتعقيب المقدم بشأنه تبين لنا أن الجماعة المذكورة لم تبين بالدقة المتطلبة قانونا ما إذا كان دفعها يتعلق بعدم الاختصاص النوعي للقضاء الإداري للبت في الطلب، أم بعدم اختصاص قاضي المستعجلات الإداري للبت في الطلب المذكور لتفادي المساس بجوهر النزاع.
وحيث إنه بالرجوع إلى العلل التي بنت عليها الجماعة المدعى عليها دفعها يتضح بجلاء أن من بينها ما يؤدى في حالة اعتمادها إلى عدم الاختصاص النوعي للبت في الطلب، ومنها ما يؤدى في حالة اعتمادها أيضا إلى عدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب.
وحيث إنه بعد تفحصنا للعلل التي يستشف منها أن الجماعة المدعى عليها تهدف إلى الدفع بعدم الاختصاص النوعي والمتمثلة في كون طلب إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لا يدخل ضمن الحالات المنصوص عليها حصريا في المادة الثامنة من القانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية تبين لنا أنه ما دامت المدعية ترى أن الطريقة التي تمت بها عملية إخلائها من العقار الذي كانت تكتريه من الجماعة تكتسي طابعا تعسفيا وتنطوي على خرق سافر للقانون ، ملتمسة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه للحفاظ على مركزها القانوني وحمايته، فإن قاضي المستعجلات الإداري يبقى هو المختص للبت في الطلب نوعيا على اعتبار أن النزاع بين الطرفين يكتسي طابعا إداريا محضا إذ يتعلق بتنفيذ قرار إداري صادر عن سلطة إدارية استنادا إلى حكم صادر عن القضاء الإداري ، فإن الاجتهاد القضائي قد استقر منذ أمد بعيد على أن طلب الرجوع ورد الحالة إلى ما كانت عليه من المسائل الاستعجالية التي تكون إجراء تحفظيا كما جاء في قرار المجلس الأعلى – محكمة النقض حاليا – عدد 198 بتاريخ 15/06/1979.
وحيث إنه فيما يخص الدفع المتعلق بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب لتفادي المساس بجوهر النزاع فإنه بعد تفحصنا لما جاء في هذا الدفع تبين لنا أنه ما دام الدور الأساسي للقضاء المستعجل هو حماية المراكز القانونية للطرفين معا ووضع حد لكل اعتداء بين أو تعسف في استعمال الحق وأن المدعية قد أسست طلبها على وجود اعتداء مادي بين وتعسف في استعمال الحق فإن البت في الطلب المذكور يبقى من صميم اختصاص قاضي المستعجلات اعتبارا لدوره الأساسي في حماية المراكز القانونية للأطراف ولو كانت هناك دعوى رائجة أمام محكمة الموضوع على اعتبار أن الأمر يتعلق بالحفاظ على المراكز القانونية على حالتها إلى حين البت بصفة نهائية في جوهر النزاع دون أن يشكل ذلك مساسا بأصل الحق وبصرف النظر عن جدية الوسائل المثارة في طلب الإلغاء ومآل الحكم فيه إذ يبقى دور قاضي المستعجلات هو حماية المراكز القانونية كما سبق ذكره.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك يبقى الدفع المثار بهذا الشأن غير ذي جدوى ويتعين استبعاده.
في الشكل : حيث قدم الطلب مستوفيا لسائر شروطه الشكلية فهو لذلك مقبول.
في الموضوع : حيث يستفاد من المقال والوثائق المدلى بها في الملف أن الشركة المدعية قد أبرمت بتاريخ 14/03/2002 مع الجماعة الحضرية للدار البيضاء عقد كراء، وفي ضوء هذا العقد قامت بتجهيز العين المكراة بكل الآلات والمنقولات والمعدات بعد استيرادها من الخارج بالإضافة إلى قيامها بكل الأشغال الكبرى بلغت قيمتها 60.000.000,00 درهم بالإضافة إلى مصاريف أخرى بلغت قيمتها 11.000.000,00 درهم إلا أن مجلس الجماعة المذكورة قد أصدر مقررا بتاريخ 31/10/2013 تحت عدد 71 قضى بفسخ عقد الكراء وبعد ذلك المقرر أصدر السيد رئيس الجماعة قرارا بتاريخ 06/08/2015 تحت عدد 15 قضى بإخلائها من العين المكراة وعلى إثر ذلك تقدمت بالطعن في هذا القرار أمام هذه المحكمة فتح له الملف عدد 201/7110/2016 كما تقدمت بطلب إيقاف تنفيذه فتح له الملف عدد 49/2016 قضى بالاستجابة لهذا الطلب الأخير بمقتضى الحكم الصادر بتاريخ 06/08/2015 القاضي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه (أي القرار عدد 15 بتاريخ 06/08/2015 المشار إليه أعلاه) كما أن الأمر الاستعجالي الذي سبق للجماعة المدعى عليها أن استصدرته في غيبتها بتاريخ 07/04/2016 تحت عدد 209 القاضي بإفراغها قد صدر بشأنه أمر قضائي بتاريخ 19/08/2016 قضى بوجود صعوبة قانونية وواقعية في تنفيذه وبعد ذلك صدر عن محكمة الاستئناف الإدارية قرار بتاريخ 10/10/2016 في الملف عدد 556/7202/2010 قضى بإلغاء الأمر الاستعجالي القاضي بإفراغها من العين المكراة وتصديا الحكم برفض الطلب، غير أن الجماعة المدعى عليها لم تمتثل للحكم القاضي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه ، إلى حين البت في الدعوى المعروضة على محكمة الموضوع تحت عدد 201/7110/2016 ، وكذا إلى القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية المشار إليه أعلاه القاضي برفض إفراغ العين المكراة ، وإنما لجأت إلى إصدار قرار جديد بتاريخ 01/02/2017 تحت عدد 1 يقضي بتنفيذ مقرر المجلس الجماعي عدد 71/2013 ثم قامت بتبليغه إليها بتاريخ 14/02/2017 خارج أوقات العمل إذ بلغ إليها على الساعة السابعة وخمسة وأربعين دقيقة مساء، ثم قررت تنفيذه في اليوم الموالي أي بتاريخ 15/02/2017 ورغم ضيق الوقت وعدم منحها أي أجل للإفراغ فقد تقدمت بالطعن فيه بالإلغاء مع طلب إيقاف تنفيذه في نفس اليوم المقرر فيه إنجاز عملية الإفراغ وعلى الرغم من توصل الجماعة بنسخة من المقال وتقديم أوجه دفاعها بواسطة نائبها فقد عمدت إلى اقتحام مقر العين المكراة بواسطة القوة العمومية بمجرد النطق بالحكم القاضي بإيقاف إجراءات تنفيذ القرار الجديد المطعون فيه ضاربة عرض الحائط بقدسية القضاء والأحكام الصادرة عنه، وهو ما يعتبر تحديا سافرا لمؤسسة القضاء ويعصف بمبادئ الديمقراطية وخاصة في مجال حقوق الإنسان لا سيما وأن الجماعة المدعى عليها كانت حاضرة بواسطة نائبها بالجلسة التي نوقشت فيها القضية وصدر فيها الحكم كما تم اطلاعها على الحكم بعين المكان مع دعوتها إلى التراجع عن موقفها إلا أنها قد تجاهلت كل ذلك وأصرت على اقتحام المقرر وانتزاعه منها دون مراعاة لأي معطى كيفما كان نوعه وخاصة المعطى المتعلق بحجم الأشغال التي أنجزتها وقيمة الاستثمار التي تتجاوز 60.000.000,00 درهم ، لذا واستنادا إلى كل ما ذكر فقد التمست (أي المدعية) الحكم لفائدتها بما سطر أعلاه.
وحيث أجابت الجماعة الحضرية للدار البيضاء بواسطة نائبها مذكرة بالتطور التاريخي للقضية الذي يرجع إلى تاريخ 30/10/1996 عندما اتخذ المجلس الحضري لجماعة الصخور السوداء سابقا مقررا يقضي بكراء سوق الجملة القديم للخضر والفواكه البالغة مساحته 5000 م2 لشركة المنعش العقاري والتجاري DIMCO من أجل استغلاله كمركب تجاري بما فيه إحداث أسواق السلام مع توظيف يد عاملة تستفيد منها منطقة جماعة الصخور السوداء المذكورة، غير أن الشركة قد خالفت التصميم المتفق عليه والمرخص به بتاريخ 20/05/1998 كما أنها لم تؤد الواجبات الكرائية المستحقة في 1.000.000,00 درهم سنويا ، وفي إطار التوصل إلى حل حبي تمت إعادة صياغة العقد من جديد بتاريخ 14/02/2002 على أساس تحديد السومة الكرائية الجديدة في 1.200.000,00 درهم سنويا مع زيادة 10% عن كل سنة ، وبعد توحيد المدينة صدر مقرر عن مقاطعة الصخور السوداء بتاريخ 29/06/2012 تضمن توصية إلى مجلس المدينة قصد فسخ العقد لكون شركة ديمكو (المدعية) لم تف بتعهداتها وبأداء الواجبات المستحقة ، وتبعا لهذه التوصية وأمام تقاعس الشركة في إنجاز المشروع أصدر مجلس الجماعة بتاريخ 31/10/2013 مقررا قضى بفسخ عقد استغلال سوق الجملة القديم للخضر والفواكه لعدم احترام شروط العقد، وقد بلغ إلى الشركة المدعية بتاريخ 06/03/2014، وعندما باشرت إجراءات تنفيذ مقرر المجلس عدد 71/2013، امتنع ممثل الشركة عن تسليم ممتلكات الجماعة موضوع المقرر غير أن المدعية قد طعنت في هذا المقرر كما تقدمت بطلب إيقاف تنفيذه فصدر حكم في غيبتها بتاريخ 19/06/2014 تحت عدد 1791 قضى بإيقاف تنفيذ المقرر المطعون فيه ، إلا أن محكمة الاستئناف الإدارية قد قضت بإلغائه وبعد التصدي الحكم برفض الطلب وذلك بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 03/03/2015 تحت عدد 922، وبعد حصولها على هذا القرار تابعت إجراءات تنفيذ مقررها عدد 71/2013 إلا أن ممثل الشركة المدعية رفض تسليمها الملك الجماعي وذلك حسب ما هو ثابت بمحضر المفوض القضائي السيد بومديان عبد الفتاح بتاريخ 22/06/2015 علما أن المدعية كانت قد طعنت في المقرر عدد 71/2013 أمام هذه المحكمة التي أصدرت حكما بتاريخ 18/07/2016 قضى بعدم قبول الطلب ، ومن جهة أخرى فإن السيد رئيس الجماعة كان قد أصدر قرارا بتاريخ 08/06/2015 قضى بتنفيذ مقرر 71/2013 المشار إليه أعلاه، والذي يعتبر مجرد إشعار بالتنفيذ بلغ إلى المدعية قصد إشعارها بالتنفيذ بتاريخ 09/09/2015 إلا أنها قد تقدمت بالطعن فيه بالإلغاء بعد ما يقارب 9 أشهر من تاريخ التبليغ أي خارج الأجل القانوني ورغم ذلك فإن المحكمة قد استجابت لطلب إيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه بمقتضى حكمها الصادر بتاريخ 23/11/2016 والذي طعنت فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف الإدارية فتح له الملف عدد 953/7205/2016 والذي لا زال رائجا أمام المحكمة السالفة الذكر، وبما أن تصميم التهيئة الجديد قد جعل سوق الجملة للخضر والفواكه القديم المملوك للجماعة فضاء ترفيهيا وتربويا ورياضيا لفائدة ساكنة الدار البيضاء ، وفي نطاق هذا التصميم أمر السيد رئيس الجماعة الحضرية بتاريخ 01/02/2017 بمتابعة تنفيذ المقرر عدد 71/2013 الصادر بتاريخ 31/10/2013 بعدما كانت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط قد أصدرت قرارها القاضي برفض طلب إيقاف تنفيذه، ورغم أن قرار السيد رئيس الجماعة هو مجرد أمر بمواصلة التنفيذ فإن المدعية قد طعنت فيه في الوقت الذي باشرت فيه إجراءات التنفيذ وتم إدراج الملف بجلسة 15/02/2017 حجز للمداولة زولا من نفس اليوم بعد أن انتظرت المدعية آخر يوم للإشعار من أجل حرمانها من حقوق الدفاع والإدلاء بدفوعها ، وبما أنها استندت في إقدامها على التنفيذ إلى قرار محكمة الاستئناف المشار إليه أعلاه فقد قامت بمؤازرة السلطات العمومية طبقا لمقتضيات المادة 108 من قانون الجماعات الترابية بتنفيذ مقرر المجلس الجماعي عدد 71/2013، وسلمت العقار إلى شركة التنمية المحلية للدار البيضاء للتراث في نطاق العقد المبرم بينهما من أجل إعادة التأهيل وتثمين المعطيات السالفة الذكر فإن طلب إرجاع الحالة في مثل هذه النازلة لا أساس له ولم يرد أي نص قانوني بشأنه، ومن جهة أخرى فإن ما تدعيه المدعية بكون الجماعة ودفاعها كانا على علم بصدور حكم إيقاف تنفيذ قرار رئيس الجماعة لا أساس له من الصحة إذ لم تبلغ بالحكم المذكور إلا بتاريخ 17/02/2017 أي بعد يومين من تاريخ التنفيذ مما يجعل الطلب الحالي غير ذي موضوع وبالتالي يكون مجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء قد مارس حقه داخل نطاق اختصاصاته ونفذ مقرره في نطاق الحفاظ على ممتلكات ومداخيل الجماعة وإيقاف هدر المال العام ، إذ لا يعقل أن تبقى عقاراتها عرضة للضياع والتخريب بدون مقابل ولأجل ذلك التمست التصريح برفض الطلب.
وحيث عقبت الشركة المدعية بواسطة نائبها ملتمسة استبعاد كل الدفوع الواردة في الجواب أعلاه لعدم ارتكازها على أساس قانوني ومنطقي سليم.
وحيث إنه بعد دراستنا لكافة معطيات القضية تبين لنا أن الطلب قد أسس – حسب ما يستشف من كتابات المدعية - على وسيلة واحدة وهي : "تعسف الجماعة الحضرية المدعى عليها في شخص رئيسها في استعمال حقه في تنفيذ مقرر مجلسها الجماعي بشأن فسخ عقد الكراء الرابط بين الجماعة وبين الشركة المدعية والقيام بإخلاء هذه الأخيرة من العين المكتراة دون احترام المسطرة القانونية الواجبة الاتباع ودون اعتبار للحكم القاضي بإيقاف تنفيذ القرار التنفيذي لمقرر المجلس السالف الذكر مما يمس بمبدأ قدسية الأحكام القضائية وبمبدأ حق اللجوء إلى القضاء المضمون دستوريا."
وحيث إنه بعد تفحصنا لما أوردته الشركة المدعية بخصوص هذه الوسيلة والدفوع المقدمة بشأنها تبين لنا فيما يخص الدفع المتعلق بكون الجماعة المدعى عليها قد قامت بتنفيذ مقرر مجلس الجماعة عدد 71/2013 بعد أن قضت محكمة الاستئناف الإدارية بإلغاء الحكم القاضي بإيقاف تنفيذه وبعد أن قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الطعن بالإلغاء المقدم بشأنه فإنه بعد دراستنا لكل المعطيات الواردة في الدفع تبين لنا أن الطعن كان منصبا على مقرر مجلس الجماعة وليس على قرار تنفيذه الذي ينبغي أن يصدره رئيس الجماعة الحضرية على اعتبار أن مقررات المجالس الجماعية المتخذة خلال دوراتها العادية أو الاستثنائية غير قابلة للطعن بالإلغاء إذ تعد أعمالا تحضيرية لا تؤثر في المراكز القانونية للأشخاص المعنيين بها أو المخاطبين بها.
وحيث إنه على هذا الأساس قضت هذه المحكمة بعدم قبول الطعن بمقتضى حكمها عدد 1858 بتاريخ 18/07/2016 ، وأن الحكم الذي أصدرته نفس المحكمة بتاريخ 19/06/2014 تحت عدد 1791 القاضي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه قد تم تصحيحه من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط لما قضت بإلغائه وتصديا التصريح برفض الطلب وذلك بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 03/03/2015 تحت عدد 922 وعللت قرارها بكون المحكمة الإدارية قد حكمت بعدم قبول الطلب مما يجعل الشروط الموضوعية المتطلبة لإيقاف تنفيذ القرارات الإدارية غير متوفرة.
وحيث إن هذا القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية لا يخول للجماعة المدعى عليها حق التنفيذ المباشر لمقرر المجلس عدد 71/2013 وإنما لا بد من إصدار قرار إداري من طرف رئيس الجماعة وهو ما تم فعلا إذ أصدر هذا الأخير قرارا تحت عدد 15 بتاريخ 06/08/2015 يقضي بإيقاف استغلال المرفق الذي تستغله المدعية وأن هذه الأخيرة قد طعنت فيه بالإلغاء أمام هذه المحكمة فتح له الملف عدد 201/7110/2016 كما استصدرت حكما قضى بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى حين البت في الدعوى المعروضة على محكمة الموضوع تحت الرقم السالف الذكر.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك يبقى ادعاء الجماعة المدعى عليها بكونها قد نفذت مقرر المجلس الجماعي عدد 71/2013 استنادا إلى قرار محكمة الاستئناف المشار إليه أعلاه القاضي تصديا برفض طلب إيقاف تنفيذه بعيدا عن كل منطق قانوني سليم ويعد مجرد ذريعة لاستبعاد الرقابة القضائية وفرض الأمر الواقع لا سيما وأن المحكمة لم تبت بعد في الطعن المقدم ضد القرار رقم 15/2015 والذي صدر بشأنه حكم بإيقاف تنفيذه.
وحيث إنه وفضلا عما ذكر فإن السيد رئيس الجماعة المدعى عليها قد لجأ إلى إصدار قرار ثان تحت عدد 1/2017 في نفس موضوع القرار عدد 15/2015 بشأن إيقاف استغلال مرفق سوق الجملة القديم للخضر والفواكه وتسليمه للمصالح الجماعية وبالتالي يكون هذا القرار هو الذي تم تنفيذه خلافا لما جاء في جواب الجماعة المبسوط أعلاه ، وأن ما يؤكد ذلك هو ما ورد في كتاب السيد رئيس الجماعة الموجه إلى السيدة المديرة العامة لشركة التنمية المحلية للدار البيضاء للتراث إذ جاء فيه : "أن الجماعة قد استرجعت الملك العمومي الجماعي المسمى سوق الجملة للخضر والفواكه تنفيذا للقرار رقم 1/2017.
وحيث إنه أمام هذا المعطى تكون الجماعة قد وقعت في تناقض صارخ وبين مع ما تضمنه الكتاب المشار إليه أعلاه الذي يكتسي طابعا رسميا وما جاء في دفعها بواسطة نائبها مما يجعل الدفع المثار بهذا الشأن غير ذي أساس لا من حيث القانون ولا من حيث المنطق وهو ما يستوجب معه استبعاده.
وحيث إنه بعد دراستنا للكيفية التي تمت بها عملية تنفيذ القرار السالف الذكر اتضح لنا بجلاء أن هذا القرار لا يعدو أن يكون مجرد استنساخ للقرار الأول أي للقرار رقم 15/2015 الذي لا زال موضوع طعن أمام هذه المحكمة.
وحيث إن لجوء السيد رئيس الجماعة المدعى عليها إلى استنساخ القرار المذكور لتبرير تنفيذه بشكل فوري دون سحب قراره الأول الذي لا زال موضوع طعن أمام المحكمة يعد محاولة للالتفاف على المساطر القضائية الجارية ، ويفرغ الطعن الأول من محتواه في خرق سافر لمبدأ التقاضي بحسن نية.
وحيث إن مما يعزز هذا الطرح طريقة تنفيذ القرار الثاني إذ أنه مما لا نزاع فيه أنه قد بلغ خارج أوقات العمل وعلى الساعة السادسة وخمسة وأربعين دقيقة مساء، ونفذ في اليوم الموالي حوالي الساعة الثالثة مساء بواسطة القوة العمومية مع أن المحكمة قد قضت بإيقاف تنفيذ هذا القرار في نفس اليوم بعد الزوال وقبل ساعة تنفيذه رغم حضور نائب الجماعة المدعى عليها وإدلائه بأوجه دفاعه شفويا بالجلسة التي تم في آخرها النطق بالحكم حضوريا بالنسبة إليه وبالتالي تكون الجماعة عالمة علما يقينيا بمنطوق الحكم قبل تنفيذه خلافا لما تدعيه.
وحيث إنه ولئن كانت العبرة بتاريخ تبليغ الحكم كما جاء في جواب الجماعة المدعى عليها إلا أن طبيعة النزاع وارتباطه بتنفيذ عقد تم إبرامه في إطار الاستثمار تطلب إمكانيات مادية ومالية ضخمة وفق ما هو ثابت في تقرير الخبرة المدرج بالملف وموضوع نزاع جدي بين أطرافه كل ذلك كان يستوجب التروي وانتظار مآل المساطر القضائية المذكورة بدل الإسراع في التنفيذ بواسطة القوة العمومية ثم إبرام الاتفاقية مع شركة التنمية المحلية "الدار البيضاء للتراث" بشأن المرفق موضوع النزاع قبل انتهاء المساطر القضائية الرائجة بشأنه كل ذلك يشكل انتهاكا سافرا للمساطر المذكورة.
وحيث إنه باستحضار كل هذه المعطيات فقد قدرنا بصفتنا قاضيا للمستعجلات من صميم اختصاصه الحفاظ على المراكز القانونية للأطراف وحماية حقوقهم الوقتية ورفع كل اعتداء مادي بين ينطوي على خرق سافر للقانون وتصرف منقطع الصلة بالمشروعية ما دام أن قرينة المشروعية تكتسيها القرارات الإدارية وأن حق الإدارة في تنفيذها يبقى مقرونا بعدم وجود تعسف في استعمال هذا الحق يراقب من المحكمة الإدارية في نطاق اختصاصاتها كما يراقب أيضا من القاضي الاستعجالي الذي يستمد اختصاصه منها ويقضي برفع كل اعتداء مادي بين كما يضع حدا لأي تعسف في استعمال الحق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
وحيث إنه وتأسيسا عما ذكر فإن لجوء الجماعة المدعى عليها إلى محاولة فرض الأمر الواقع وتنفيذ قراراتها في التفاف على المساطر القضائية الجارية يعد تصرفا منافيا لمبادئ العدالة ومساسا بقدسية القضاء وإهدارا لدوره في حماية حقوق المتقاضين وإشاعة جو عدم الثقة في سلطة القضاء وفعاليته في الرقابة على عمل الإدارة وهو ما ينطوي على هدم لمبدأ الأمن القضائي الذي كرسه الدستور المغربي من خلال الفصل 117 منه الذي ينص على أنه : "يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون" وهو المبدأ الذي أكدت عليه المواثيق الدولية ذات الصلة مما يبرر تدخل قاضي المستعجلات لإعادة الأمور إلى نصابها كما كانت عليه من قبل من منطلق الحرص على ضمان قدسية القضاء وتعزيز الثقة فيه والاطمئنان إلى فعاليته ومصداقيته ودوره في حماية الاستثمار وكسب ثقة المستثمرين فيه مغاربة كانوا أم أجانب، وتقيد بمبدأ التطبيق العادل للقانون المنصوص عليه دستوريا.
وحيث إنه واستنادا إلى كل ما ذكر يبقى الطلب وجيها ومبررا مما يستوجب الاستجابة إليه.
وحيث إن الأوامر الاستعجالية تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
وحيث إنه فيما يخص طلب الغرامة التهديدية فإنه سابق لأوانه على اعتبار أن الغرامة التهديدية لن تكون مبررة إلا بعد امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ لا سيما وأن تقدير مبلغ الغرامة المذكورة يراعى فيه مدى تعنت المنفذ عليه من عدمه .
وحيث يتعين جعل الصائر على الجماعة المدعى عليها.
المـنـطـوق
وتطبيقـا لمقتضيـات المـادتيـن 7 و19 من القـانـون رقـم 41/90 المحـدث للمحـاكـم الإداريـة.
لهـذه الأسـبـاب
نأمر علنيا ابتدائيا حضوريا :
في الشكل : بقبول الطلب
في الموضوع : على الجماعة الحضرية للدار البيضاء في شخص رئيسها بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل إخلاء الشركة المدعية بواسطة القوة العمومية من العقار موضوع عقد الكراء المتعلق باستغلال سوق الجملة القديم للخضر والفواكه وتمكين المدعية من ولوجه من جديد إلى حين البت النهائي في الحكم القاضي بإيقاف تنفيذ قراري رئيس المجلس الجماعي عدد 15/2015 وعدد 1/2017 مع النفاذ المعجل وتحميل المدعى عليها الصائر وبرفض الطلب فيما عدا ذلك.
بهذا صدر الأمر في اليوم و الشهر والسنة أعلاه …………………………………………………………
إمـضاء :
قـاضي المستعجـلات كـاتبة الضبط
نحـن محمد لمزوغي رئيـس المحكمـة الإداريـة بالدارالبيضـاء،
بصفتنـا قـاضيـا للمسـتعجـلات
وبمسـاعـدة السيـدة أمينة بنعبود كـاتبة الضبـط.
أصدرنـا الأمـرالإستعجـالي الآتي نصـه يـوم 02 رجب 1438هـ الموافق لـ 30 مارس 2017.
بيـن المدعية : شركة ...... الدار البيضاء
نائبها : الأستاذ نعيم سبيك المحامي بهيئة الدار البيضاء
مـن جـهـة
وبيـن المدعى عليها : الجماعة الحضرية للدار البيضاء في شخص رئيسها الكائن مقرها الاجتماعي بساحة محمد الخامس الدار البيضاء
نائبها : الأستاذ عبد الرحمن حسون الفيلالي المحامي بهيئة الدار البيضاء
مـن جـهـة أخـرى
بحضور:
- السيد رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
- السيد وزير الداخلية بمكاتبه بوزارة الداخلية بالرباط
- ولاية الدار البيضاء في شخص السيد والي ولاية الدار البيضاء
- السيد الوكيل القضائي للمملكة بمكتبه بالرباط
الـوقـائـع
بناء على المقال الاستعجالي المرفوع إلى هذه المحكمة بتاريخ 20/02/2017 من طرف الطالبة المذكورة حوله ، والرامي إلى الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل اقتحام واستيلاء الجماعة الحضرية للعقار الذي تكتريه الشركة المدعية الكائن بسوق الجملة القديم للخضر والفواكه بمقاطعة الصخور السوداء وذلك بتمكين المدعية من استرجاع العقار المذكور وتمكينها من الدخول إليه تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 20.000,00 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ مع النفاذ المعجل وجعل الصائر على المدعى عليها.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدم بها المطلوب حضوره في الدعوى السيد والي جهة الدار البيضاء سطات بواسطة نائبه بتاريخ 02/03/2017 والرامية إلى إخراجه من الدعوى.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدمت بها الجماعة المدعى عليها بواسطة نائبها بتاريخ 09/03/2017 والرامية إلى التصريح أساسا بعدم الاختصاص للبت في الطلب واحتياطيا التصريح بعدم قبوله واحتياطيا في الموضوع الحكم برفضه.
وبناء على المذكرة التعقيبية التي تقدمت بها الشركة المدعية بواسطة نائبها بتاريخ 15/03/2017 والرامية إلى استبعاد كل الدفوع الواردة بالمذكرة الجوابية المشار إليها أعلاه والحكم وفق ما جاء في المقال.
وبناء على الأوراق الأخرى المدرجة بالملف.
وبناء على الإعلام بإدراج القضية بعدة جلسات كانت آخرها الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 16/03/2017.
وبناء على المناداة على الطرفين وحضور كل من الأستاذة مسجد عن نائب الجماعة المدعى عليها والأستاذة مكري عن نائب الشركة المدعية ، وألفي بالملف المذكرة التعقيبية لهذا الأخير سلمت نسخة منها إلى الأستاذة مسجد فالتمست اعتبار القضية جاهزة مع حفظ حق الأستاذ عبد الرحمن الفيلالي في الإدلاء بتعقيبه أثناء التأمل ، لذا قررنا اعتبار القضية جاهزة وإدراجها في التأمل لجلسة 30/03/2017 مع حفظ حق نائب الجماعة المدعى عليها بالإدلاء بتعقيبه أثناء التأمل.
وبعـد التأمل طبقـا للقـانـون :
في الدفع بعدم الاختصاص للبت في الطلب : حيث دفعت الجماعة المدعى عليها بواسطة نائبها بعدم الاختصاص للبت في الطلب على اعتبار هذا الطلب يتعلق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وهو طلب لا يدخل ضمن اختصاص المحكمة الإدارية طبقا لمقتضيات المادة 8 من القانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية الذي حصر اختصاص هذه المحاكم في قضايا معينة على سبيل الحصر ولم يرد من ضمنها طلب إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد تنفيذ قرار إداري الذي لا يمكن إلغاؤه إلا في إطار فحص شرعيته ، ومن جهة أخرى فإن الطلب موضوع النازلة ليس بطلب وقتي أو تحفظي وإنما هدفه هو إلغاء قرار إداري وهو المقرر عدد 71/2013 الذي تم تنفيذه بواسطة القوة العمومية بعد أن ألغت محكمة الاستئناف الإدارية الحكم القاضي بإيقاف تنفيذه ، والتمست لكل هذه العلل التصريح بعدم الاختصاص للبت في الطلب.
وحيث عقبت الشركة المدعية بواسطة نائبها ملاحظة أن المحكمة الإدارية مختصة للبت في الطلب في إطار القضاء الاستعجالي لرفع الاعتداء المادي البين الذي تعرضت له ملتمسة استبعاد الدفع المثار بهذا الشأن والتصريح باختصاص القضاء المستعجل للبت في الطلب.
وحيث إنه بعد تفحصنا لما أوردته الجماعة المدعى عليها بخصوص هذا الدفع والتعقيب المقدم بشأنه تبين لنا أن الجماعة المذكورة لم تبين بالدقة المتطلبة قانونا ما إذا كان دفعها يتعلق بعدم الاختصاص النوعي للقضاء الإداري للبت في الطلب، أم بعدم اختصاص قاضي المستعجلات الإداري للبت في الطلب المذكور لتفادي المساس بجوهر النزاع.
وحيث إنه بالرجوع إلى العلل التي بنت عليها الجماعة المدعى عليها دفعها يتضح بجلاء أن من بينها ما يؤدى في حالة اعتمادها إلى عدم الاختصاص النوعي للبت في الطلب، ومنها ما يؤدى في حالة اعتمادها أيضا إلى عدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب.
وحيث إنه بعد تفحصنا للعلل التي يستشف منها أن الجماعة المدعى عليها تهدف إلى الدفع بعدم الاختصاص النوعي والمتمثلة في كون طلب إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لا يدخل ضمن الحالات المنصوص عليها حصريا في المادة الثامنة من القانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية تبين لنا أنه ما دامت المدعية ترى أن الطريقة التي تمت بها عملية إخلائها من العقار الذي كانت تكتريه من الجماعة تكتسي طابعا تعسفيا وتنطوي على خرق سافر للقانون ، ملتمسة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه للحفاظ على مركزها القانوني وحمايته، فإن قاضي المستعجلات الإداري يبقى هو المختص للبت في الطلب نوعيا على اعتبار أن النزاع بين الطرفين يكتسي طابعا إداريا محضا إذ يتعلق بتنفيذ قرار إداري صادر عن سلطة إدارية استنادا إلى حكم صادر عن القضاء الإداري ، فإن الاجتهاد القضائي قد استقر منذ أمد بعيد على أن طلب الرجوع ورد الحالة إلى ما كانت عليه من المسائل الاستعجالية التي تكون إجراء تحفظيا كما جاء في قرار المجلس الأعلى – محكمة النقض حاليا – عدد 198 بتاريخ 15/06/1979.
وحيث إنه فيما يخص الدفع المتعلق بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب لتفادي المساس بجوهر النزاع فإنه بعد تفحصنا لما جاء في هذا الدفع تبين لنا أنه ما دام الدور الأساسي للقضاء المستعجل هو حماية المراكز القانونية للطرفين معا ووضع حد لكل اعتداء بين أو تعسف في استعمال الحق وأن المدعية قد أسست طلبها على وجود اعتداء مادي بين وتعسف في استعمال الحق فإن البت في الطلب المذكور يبقى من صميم اختصاص قاضي المستعجلات اعتبارا لدوره الأساسي في حماية المراكز القانونية للأطراف ولو كانت هناك دعوى رائجة أمام محكمة الموضوع على اعتبار أن الأمر يتعلق بالحفاظ على المراكز القانونية على حالتها إلى حين البت بصفة نهائية في جوهر النزاع دون أن يشكل ذلك مساسا بأصل الحق وبصرف النظر عن جدية الوسائل المثارة في طلب الإلغاء ومآل الحكم فيه إذ يبقى دور قاضي المستعجلات هو حماية المراكز القانونية كما سبق ذكره.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك يبقى الدفع المثار بهذا الشأن غير ذي جدوى ويتعين استبعاده.
في الشكل : حيث قدم الطلب مستوفيا لسائر شروطه الشكلية فهو لذلك مقبول.
في الموضوع : حيث يستفاد من المقال والوثائق المدلى بها في الملف أن الشركة المدعية قد أبرمت بتاريخ 14/03/2002 مع الجماعة الحضرية للدار البيضاء عقد كراء، وفي ضوء هذا العقد قامت بتجهيز العين المكراة بكل الآلات والمنقولات والمعدات بعد استيرادها من الخارج بالإضافة إلى قيامها بكل الأشغال الكبرى بلغت قيمتها 60.000.000,00 درهم بالإضافة إلى مصاريف أخرى بلغت قيمتها 11.000.000,00 درهم إلا أن مجلس الجماعة المذكورة قد أصدر مقررا بتاريخ 31/10/2013 تحت عدد 71 قضى بفسخ عقد الكراء وبعد ذلك المقرر أصدر السيد رئيس الجماعة قرارا بتاريخ 06/08/2015 تحت عدد 15 قضى بإخلائها من العين المكراة وعلى إثر ذلك تقدمت بالطعن في هذا القرار أمام هذه المحكمة فتح له الملف عدد 201/7110/2016 كما تقدمت بطلب إيقاف تنفيذه فتح له الملف عدد 49/2016 قضى بالاستجابة لهذا الطلب الأخير بمقتضى الحكم الصادر بتاريخ 06/08/2015 القاضي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه (أي القرار عدد 15 بتاريخ 06/08/2015 المشار إليه أعلاه) كما أن الأمر الاستعجالي الذي سبق للجماعة المدعى عليها أن استصدرته في غيبتها بتاريخ 07/04/2016 تحت عدد 209 القاضي بإفراغها قد صدر بشأنه أمر قضائي بتاريخ 19/08/2016 قضى بوجود صعوبة قانونية وواقعية في تنفيذه وبعد ذلك صدر عن محكمة الاستئناف الإدارية قرار بتاريخ 10/10/2016 في الملف عدد 556/7202/2010 قضى بإلغاء الأمر الاستعجالي القاضي بإفراغها من العين المكراة وتصديا الحكم برفض الطلب، غير أن الجماعة المدعى عليها لم تمتثل للحكم القاضي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه ، إلى حين البت في الدعوى المعروضة على محكمة الموضوع تحت عدد 201/7110/2016 ، وكذا إلى القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية المشار إليه أعلاه القاضي برفض إفراغ العين المكراة ، وإنما لجأت إلى إصدار قرار جديد بتاريخ 01/02/2017 تحت عدد 1 يقضي بتنفيذ مقرر المجلس الجماعي عدد 71/2013 ثم قامت بتبليغه إليها بتاريخ 14/02/2017 خارج أوقات العمل إذ بلغ إليها على الساعة السابعة وخمسة وأربعين دقيقة مساء، ثم قررت تنفيذه في اليوم الموالي أي بتاريخ 15/02/2017 ورغم ضيق الوقت وعدم منحها أي أجل للإفراغ فقد تقدمت بالطعن فيه بالإلغاء مع طلب إيقاف تنفيذه في نفس اليوم المقرر فيه إنجاز عملية الإفراغ وعلى الرغم من توصل الجماعة بنسخة من المقال وتقديم أوجه دفاعها بواسطة نائبها فقد عمدت إلى اقتحام مقر العين المكراة بواسطة القوة العمومية بمجرد النطق بالحكم القاضي بإيقاف إجراءات تنفيذ القرار الجديد المطعون فيه ضاربة عرض الحائط بقدسية القضاء والأحكام الصادرة عنه، وهو ما يعتبر تحديا سافرا لمؤسسة القضاء ويعصف بمبادئ الديمقراطية وخاصة في مجال حقوق الإنسان لا سيما وأن الجماعة المدعى عليها كانت حاضرة بواسطة نائبها بالجلسة التي نوقشت فيها القضية وصدر فيها الحكم كما تم اطلاعها على الحكم بعين المكان مع دعوتها إلى التراجع عن موقفها إلا أنها قد تجاهلت كل ذلك وأصرت على اقتحام المقرر وانتزاعه منها دون مراعاة لأي معطى كيفما كان نوعه وخاصة المعطى المتعلق بحجم الأشغال التي أنجزتها وقيمة الاستثمار التي تتجاوز 60.000.000,00 درهم ، لذا واستنادا إلى كل ما ذكر فقد التمست (أي المدعية) الحكم لفائدتها بما سطر أعلاه.
وحيث أجابت الجماعة الحضرية للدار البيضاء بواسطة نائبها مذكرة بالتطور التاريخي للقضية الذي يرجع إلى تاريخ 30/10/1996 عندما اتخذ المجلس الحضري لجماعة الصخور السوداء سابقا مقررا يقضي بكراء سوق الجملة القديم للخضر والفواكه البالغة مساحته 5000 م2 لشركة المنعش العقاري والتجاري DIMCO من أجل استغلاله كمركب تجاري بما فيه إحداث أسواق السلام مع توظيف يد عاملة تستفيد منها منطقة جماعة الصخور السوداء المذكورة، غير أن الشركة قد خالفت التصميم المتفق عليه والمرخص به بتاريخ 20/05/1998 كما أنها لم تؤد الواجبات الكرائية المستحقة في 1.000.000,00 درهم سنويا ، وفي إطار التوصل إلى حل حبي تمت إعادة صياغة العقد من جديد بتاريخ 14/02/2002 على أساس تحديد السومة الكرائية الجديدة في 1.200.000,00 درهم سنويا مع زيادة 10% عن كل سنة ، وبعد توحيد المدينة صدر مقرر عن مقاطعة الصخور السوداء بتاريخ 29/06/2012 تضمن توصية إلى مجلس المدينة قصد فسخ العقد لكون شركة ديمكو (المدعية) لم تف بتعهداتها وبأداء الواجبات المستحقة ، وتبعا لهذه التوصية وأمام تقاعس الشركة في إنجاز المشروع أصدر مجلس الجماعة بتاريخ 31/10/2013 مقررا قضى بفسخ عقد استغلال سوق الجملة القديم للخضر والفواكه لعدم احترام شروط العقد، وقد بلغ إلى الشركة المدعية بتاريخ 06/03/2014، وعندما باشرت إجراءات تنفيذ مقرر المجلس عدد 71/2013، امتنع ممثل الشركة عن تسليم ممتلكات الجماعة موضوع المقرر غير أن المدعية قد طعنت في هذا المقرر كما تقدمت بطلب إيقاف تنفيذه فصدر حكم في غيبتها بتاريخ 19/06/2014 تحت عدد 1791 قضى بإيقاف تنفيذ المقرر المطعون فيه ، إلا أن محكمة الاستئناف الإدارية قد قضت بإلغائه وبعد التصدي الحكم برفض الطلب وذلك بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 03/03/2015 تحت عدد 922، وبعد حصولها على هذا القرار تابعت إجراءات تنفيذ مقررها عدد 71/2013 إلا أن ممثل الشركة المدعية رفض تسليمها الملك الجماعي وذلك حسب ما هو ثابت بمحضر المفوض القضائي السيد بومديان عبد الفتاح بتاريخ 22/06/2015 علما أن المدعية كانت قد طعنت في المقرر عدد 71/2013 أمام هذه المحكمة التي أصدرت حكما بتاريخ 18/07/2016 قضى بعدم قبول الطلب ، ومن جهة أخرى فإن السيد رئيس الجماعة كان قد أصدر قرارا بتاريخ 08/06/2015 قضى بتنفيذ مقرر 71/2013 المشار إليه أعلاه، والذي يعتبر مجرد إشعار بالتنفيذ بلغ إلى المدعية قصد إشعارها بالتنفيذ بتاريخ 09/09/2015 إلا أنها قد تقدمت بالطعن فيه بالإلغاء بعد ما يقارب 9 أشهر من تاريخ التبليغ أي خارج الأجل القانوني ورغم ذلك فإن المحكمة قد استجابت لطلب إيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه بمقتضى حكمها الصادر بتاريخ 23/11/2016 والذي طعنت فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف الإدارية فتح له الملف عدد 953/7205/2016 والذي لا زال رائجا أمام المحكمة السالفة الذكر، وبما أن تصميم التهيئة الجديد قد جعل سوق الجملة للخضر والفواكه القديم المملوك للجماعة فضاء ترفيهيا وتربويا ورياضيا لفائدة ساكنة الدار البيضاء ، وفي نطاق هذا التصميم أمر السيد رئيس الجماعة الحضرية بتاريخ 01/02/2017 بمتابعة تنفيذ المقرر عدد 71/2013 الصادر بتاريخ 31/10/2013 بعدما كانت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط قد أصدرت قرارها القاضي برفض طلب إيقاف تنفيذه، ورغم أن قرار السيد رئيس الجماعة هو مجرد أمر بمواصلة التنفيذ فإن المدعية قد طعنت فيه في الوقت الذي باشرت فيه إجراءات التنفيذ وتم إدراج الملف بجلسة 15/02/2017 حجز للمداولة زولا من نفس اليوم بعد أن انتظرت المدعية آخر يوم للإشعار من أجل حرمانها من حقوق الدفاع والإدلاء بدفوعها ، وبما أنها استندت في إقدامها على التنفيذ إلى قرار محكمة الاستئناف المشار إليه أعلاه فقد قامت بمؤازرة السلطات العمومية طبقا لمقتضيات المادة 108 من قانون الجماعات الترابية بتنفيذ مقرر المجلس الجماعي عدد 71/2013، وسلمت العقار إلى شركة التنمية المحلية للدار البيضاء للتراث في نطاق العقد المبرم بينهما من أجل إعادة التأهيل وتثمين المعطيات السالفة الذكر فإن طلب إرجاع الحالة في مثل هذه النازلة لا أساس له ولم يرد أي نص قانوني بشأنه، ومن جهة أخرى فإن ما تدعيه المدعية بكون الجماعة ودفاعها كانا على علم بصدور حكم إيقاف تنفيذ قرار رئيس الجماعة لا أساس له من الصحة إذ لم تبلغ بالحكم المذكور إلا بتاريخ 17/02/2017 أي بعد يومين من تاريخ التنفيذ مما يجعل الطلب الحالي غير ذي موضوع وبالتالي يكون مجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء قد مارس حقه داخل نطاق اختصاصاته ونفذ مقرره في نطاق الحفاظ على ممتلكات ومداخيل الجماعة وإيقاف هدر المال العام ، إذ لا يعقل أن تبقى عقاراتها عرضة للضياع والتخريب بدون مقابل ولأجل ذلك التمست التصريح برفض الطلب.
وحيث عقبت الشركة المدعية بواسطة نائبها ملتمسة استبعاد كل الدفوع الواردة في الجواب أعلاه لعدم ارتكازها على أساس قانوني ومنطقي سليم.
وحيث إنه بعد دراستنا لكافة معطيات القضية تبين لنا أن الطلب قد أسس – حسب ما يستشف من كتابات المدعية - على وسيلة واحدة وهي : "تعسف الجماعة الحضرية المدعى عليها في شخص رئيسها في استعمال حقه في تنفيذ مقرر مجلسها الجماعي بشأن فسخ عقد الكراء الرابط بين الجماعة وبين الشركة المدعية والقيام بإخلاء هذه الأخيرة من العين المكتراة دون احترام المسطرة القانونية الواجبة الاتباع ودون اعتبار للحكم القاضي بإيقاف تنفيذ القرار التنفيذي لمقرر المجلس السالف الذكر مما يمس بمبدأ قدسية الأحكام القضائية وبمبدأ حق اللجوء إلى القضاء المضمون دستوريا."
وحيث إنه بعد تفحصنا لما أوردته الشركة المدعية بخصوص هذه الوسيلة والدفوع المقدمة بشأنها تبين لنا فيما يخص الدفع المتعلق بكون الجماعة المدعى عليها قد قامت بتنفيذ مقرر مجلس الجماعة عدد 71/2013 بعد أن قضت محكمة الاستئناف الإدارية بإلغاء الحكم القاضي بإيقاف تنفيذه وبعد أن قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الطعن بالإلغاء المقدم بشأنه فإنه بعد دراستنا لكل المعطيات الواردة في الدفع تبين لنا أن الطعن كان منصبا على مقرر مجلس الجماعة وليس على قرار تنفيذه الذي ينبغي أن يصدره رئيس الجماعة الحضرية على اعتبار أن مقررات المجالس الجماعية المتخذة خلال دوراتها العادية أو الاستثنائية غير قابلة للطعن بالإلغاء إذ تعد أعمالا تحضيرية لا تؤثر في المراكز القانونية للأشخاص المعنيين بها أو المخاطبين بها.
وحيث إنه على هذا الأساس قضت هذه المحكمة بعدم قبول الطعن بمقتضى حكمها عدد 1858 بتاريخ 18/07/2016 ، وأن الحكم الذي أصدرته نفس المحكمة بتاريخ 19/06/2014 تحت عدد 1791 القاضي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه قد تم تصحيحه من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط لما قضت بإلغائه وتصديا التصريح برفض الطلب وذلك بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 03/03/2015 تحت عدد 922 وعللت قرارها بكون المحكمة الإدارية قد حكمت بعدم قبول الطلب مما يجعل الشروط الموضوعية المتطلبة لإيقاف تنفيذ القرارات الإدارية غير متوفرة.
وحيث إن هذا القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية لا يخول للجماعة المدعى عليها حق التنفيذ المباشر لمقرر المجلس عدد 71/2013 وإنما لا بد من إصدار قرار إداري من طرف رئيس الجماعة وهو ما تم فعلا إذ أصدر هذا الأخير قرارا تحت عدد 15 بتاريخ 06/08/2015 يقضي بإيقاف استغلال المرفق الذي تستغله المدعية وأن هذه الأخيرة قد طعنت فيه بالإلغاء أمام هذه المحكمة فتح له الملف عدد 201/7110/2016 كما استصدرت حكما قضى بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى حين البت في الدعوى المعروضة على محكمة الموضوع تحت الرقم السالف الذكر.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك يبقى ادعاء الجماعة المدعى عليها بكونها قد نفذت مقرر المجلس الجماعي عدد 71/2013 استنادا إلى قرار محكمة الاستئناف المشار إليه أعلاه القاضي تصديا برفض طلب إيقاف تنفيذه بعيدا عن كل منطق قانوني سليم ويعد مجرد ذريعة لاستبعاد الرقابة القضائية وفرض الأمر الواقع لا سيما وأن المحكمة لم تبت بعد في الطعن المقدم ضد القرار رقم 15/2015 والذي صدر بشأنه حكم بإيقاف تنفيذه.
وحيث إنه وفضلا عما ذكر فإن السيد رئيس الجماعة المدعى عليها قد لجأ إلى إصدار قرار ثان تحت عدد 1/2017 في نفس موضوع القرار عدد 15/2015 بشأن إيقاف استغلال مرفق سوق الجملة القديم للخضر والفواكه وتسليمه للمصالح الجماعية وبالتالي يكون هذا القرار هو الذي تم تنفيذه خلافا لما جاء في جواب الجماعة المبسوط أعلاه ، وأن ما يؤكد ذلك هو ما ورد في كتاب السيد رئيس الجماعة الموجه إلى السيدة المديرة العامة لشركة التنمية المحلية للدار البيضاء للتراث إذ جاء فيه : "أن الجماعة قد استرجعت الملك العمومي الجماعي المسمى سوق الجملة للخضر والفواكه تنفيذا للقرار رقم 1/2017.
وحيث إنه أمام هذا المعطى تكون الجماعة قد وقعت في تناقض صارخ وبين مع ما تضمنه الكتاب المشار إليه أعلاه الذي يكتسي طابعا رسميا وما جاء في دفعها بواسطة نائبها مما يجعل الدفع المثار بهذا الشأن غير ذي أساس لا من حيث القانون ولا من حيث المنطق وهو ما يستوجب معه استبعاده.
وحيث إنه بعد دراستنا للكيفية التي تمت بها عملية تنفيذ القرار السالف الذكر اتضح لنا بجلاء أن هذا القرار لا يعدو أن يكون مجرد استنساخ للقرار الأول أي للقرار رقم 15/2015 الذي لا زال موضوع طعن أمام هذه المحكمة.
وحيث إن لجوء السيد رئيس الجماعة المدعى عليها إلى استنساخ القرار المذكور لتبرير تنفيذه بشكل فوري دون سحب قراره الأول الذي لا زال موضوع طعن أمام المحكمة يعد محاولة للالتفاف على المساطر القضائية الجارية ، ويفرغ الطعن الأول من محتواه في خرق سافر لمبدأ التقاضي بحسن نية.
وحيث إن مما يعزز هذا الطرح طريقة تنفيذ القرار الثاني إذ أنه مما لا نزاع فيه أنه قد بلغ خارج أوقات العمل وعلى الساعة السادسة وخمسة وأربعين دقيقة مساء، ونفذ في اليوم الموالي حوالي الساعة الثالثة مساء بواسطة القوة العمومية مع أن المحكمة قد قضت بإيقاف تنفيذ هذا القرار في نفس اليوم بعد الزوال وقبل ساعة تنفيذه رغم حضور نائب الجماعة المدعى عليها وإدلائه بأوجه دفاعه شفويا بالجلسة التي تم في آخرها النطق بالحكم حضوريا بالنسبة إليه وبالتالي تكون الجماعة عالمة علما يقينيا بمنطوق الحكم قبل تنفيذه خلافا لما تدعيه.
وحيث إنه ولئن كانت العبرة بتاريخ تبليغ الحكم كما جاء في جواب الجماعة المدعى عليها إلا أن طبيعة النزاع وارتباطه بتنفيذ عقد تم إبرامه في إطار الاستثمار تطلب إمكانيات مادية ومالية ضخمة وفق ما هو ثابت في تقرير الخبرة المدرج بالملف وموضوع نزاع جدي بين أطرافه كل ذلك كان يستوجب التروي وانتظار مآل المساطر القضائية المذكورة بدل الإسراع في التنفيذ بواسطة القوة العمومية ثم إبرام الاتفاقية مع شركة التنمية المحلية "الدار البيضاء للتراث" بشأن المرفق موضوع النزاع قبل انتهاء المساطر القضائية الرائجة بشأنه كل ذلك يشكل انتهاكا سافرا للمساطر المذكورة.
وحيث إنه باستحضار كل هذه المعطيات فقد قدرنا بصفتنا قاضيا للمستعجلات من صميم اختصاصه الحفاظ على المراكز القانونية للأطراف وحماية حقوقهم الوقتية ورفع كل اعتداء مادي بين ينطوي على خرق سافر للقانون وتصرف منقطع الصلة بالمشروعية ما دام أن قرينة المشروعية تكتسيها القرارات الإدارية وأن حق الإدارة في تنفيذها يبقى مقرونا بعدم وجود تعسف في استعمال هذا الحق يراقب من المحكمة الإدارية في نطاق اختصاصاتها كما يراقب أيضا من القاضي الاستعجالي الذي يستمد اختصاصه منها ويقضي برفع كل اعتداء مادي بين كما يضع حدا لأي تعسف في استعمال الحق بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
وحيث إنه وتأسيسا عما ذكر فإن لجوء الجماعة المدعى عليها إلى محاولة فرض الأمر الواقع وتنفيذ قراراتها في التفاف على المساطر القضائية الجارية يعد تصرفا منافيا لمبادئ العدالة ومساسا بقدسية القضاء وإهدارا لدوره في حماية حقوق المتقاضين وإشاعة جو عدم الثقة في سلطة القضاء وفعاليته في الرقابة على عمل الإدارة وهو ما ينطوي على هدم لمبدأ الأمن القضائي الذي كرسه الدستور المغربي من خلال الفصل 117 منه الذي ينص على أنه : "يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون" وهو المبدأ الذي أكدت عليه المواثيق الدولية ذات الصلة مما يبرر تدخل قاضي المستعجلات لإعادة الأمور إلى نصابها كما كانت عليه من قبل من منطلق الحرص على ضمان قدسية القضاء وتعزيز الثقة فيه والاطمئنان إلى فعاليته ومصداقيته ودوره في حماية الاستثمار وكسب ثقة المستثمرين فيه مغاربة كانوا أم أجانب، وتقيد بمبدأ التطبيق العادل للقانون المنصوص عليه دستوريا.
وحيث إنه واستنادا إلى كل ما ذكر يبقى الطلب وجيها ومبررا مما يستوجب الاستجابة إليه.
وحيث إن الأوامر الاستعجالية تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
وحيث إنه فيما يخص طلب الغرامة التهديدية فإنه سابق لأوانه على اعتبار أن الغرامة التهديدية لن تكون مبررة إلا بعد امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ لا سيما وأن تقدير مبلغ الغرامة المذكورة يراعى فيه مدى تعنت المنفذ عليه من عدمه .
وحيث يتعين جعل الصائر على الجماعة المدعى عليها.
المـنـطـوق
وتطبيقـا لمقتضيـات المـادتيـن 7 و19 من القـانـون رقـم 41/90 المحـدث للمحـاكـم الإداريـة.
لهـذه الأسـبـاب
نأمر علنيا ابتدائيا حضوريا :
في الشكل : بقبول الطلب
في الموضوع : على الجماعة الحضرية للدار البيضاء في شخص رئيسها بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل إخلاء الشركة المدعية بواسطة القوة العمومية من العقار موضوع عقد الكراء المتعلق باستغلال سوق الجملة القديم للخضر والفواكه وتمكين المدعية من ولوجه من جديد إلى حين البت النهائي في الحكم القاضي بإيقاف تنفيذ قراري رئيس المجلس الجماعي عدد 15/2015 وعدد 1/2017 مع النفاذ المعجل وتحميل المدعى عليها الصائر وبرفض الطلب فيما عدا ذلك.
بهذا صدر الأمر في اليوم و الشهر والسنة أعلاه …………………………………………………………
إمـضاء :
قـاضي المستعجـلات كـاتبة الضبط