مقدمــــة
يعتبر العقار الركيزة الأساسية لانطلاق المشروعات و توسيع الاستثمارات و توفير فرص الشغل، و تقتضي مساهمته بشكل فعال في البناء الاقتصادي ضرورة الحفاظ على استقراره و ثباته القانوني، عبر تنظيم أحكامه بنصوص تشريعية كفيلة بحماية الملاك و أصحاب الحقوق الواردة عليه من أوجه الغصب و العمليات غير المشروعة.
وتحقيقا لهذه الغاية، عمل المشرع المغربي على وضع النظام الذي يكفل حماية أصحاب الحقوق العقارية من كل غش و سطو، إنه نظام التحفيظ العقاري(1) الذي يمكن اعتباره من أرقى القوانين حماية للمعاملات العقارية، أضف إلى ذلك سنه لقوانين عقارية جديدة و تحيين أخرى استجابة لمتطلبات العصر أهمها إخراج مدونة الحقوق العينية إلى حيز الوجود بمقتضى القانون رقم 39.08(2) و القانون المعدل لظهير التحفيظ العقاري الصادر به القانون 14.07(3) .
ويأتي تعديل القانون الأخير بعد تنامي الوعي المجتمعي و القانوني بأهمية و دور التحفيظ العقاري إذ أصبح هدفا راسخا وأمرا مرغوبا فيه ، لما يضفيه و يضيفه من قيمة فائقة على الملكية العقارية سواء من حيث التحصين أو من حيث اعتبارها سندا من سندات الائتمان التي تساهم في إنماء الاقتصاد الوطني ، و هذا من شأنه أن يجعل الإقبال على أبواب المحافظات العقارية متناميا لتقديم مطالب التحفيظ .
وتحقيقا لهذه الغاية ظهر ما يسمى بنظام الشهر العقاري كوسيلة تروم إخضاع العقار لتقنيات حديثة تمنحه هوية يعرف بها من حيث مساحته و مشتملاته و ارتباطه بالشخص صاحبه... فكانت البداية مع نظام الشهر الشخصي الذي يعتمد سجلات يقيد فيها كل تصرف منشئ لحق عيني وفقا لأسماء الأشخاص بحيث لا يعتد من مواصفات العقار بقدر ما يعتد بالهوية الكاملة للأشخاص المالكين، فكانت العقارات في هذا النظام لا تعرف بموقعها و إنما
بأسماء مالكيها إلا أن النواقص التي اعترته حالت دون استقرار المعاملات العقارية و ازدهار عمليات الائتمان، مما أدى إلى ظهور نظام الشهر العيني الذي يعتمد التنظيم العيني للعقارات من خلال إنشاء رسوم خاصة بها تتضمن رقما و اسما تتميز به و خريطة تبين حدودها و مساحتها و معالمها بكل تدقيق(4) .
ويمكن تعريف التحفيظ العقاري انطلاقا من الفصل الأول من الظهير أعلاه بكونه مجموع الإجراءات التي تهدف إلى جعل العقار خاضعا لنظام خاص من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد.
ويعتبر اللجوء إلى تقديم مطلب التحفيظ عملية اختيارية في الأصل إلا ما استثني بنص صريح ، غير أنه إذا قدم مطلب التحفيظ فإنه لا يمكن سحبه مطلقا حسب ما ينص عليه الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري.
و تعتبر مسطرة التحفيظ العقاري في الأصل مسطرة إدارية تعلن بإبداء الرغبة في تحفيظ العقار و ذلك بتقديم مطلب التحفيظ لجهة إدارية واحدة حيث تبقى المسطرة إدارية من بدايتها إلى نهايتها(5) ، إلا أنه قد تتخللها بعض المراحل القضائية في حالة الطعن في قرار المحافظ بشأن مطلب التحفيظ أو التعرض أو في حالة وجود تعرضات على مطلب التحفيظ و عدم التوصل إلى صلح يرضي الأطراف أو عدم رفع التعرض أو قبوله من طرف طالب التحفيظ بعد تشبت كل طرف بمطالبه (6)، فيقتضي الأمر أنذاك إحالة الملف على المحكمة المختصة للبت فيه طبقا للقانون لتنتهي بذلك المسطرة القضائية و يعود الملف للمحافظة بعد صيرورة الحكم الصادر بشأنه باتا و نهائيا لمتابعة باقي الإجراءات الإدارية التي تنتهي بتأسيس رسم عقاري خاص بالعقار ، هو بمثابة حالته المدنية.
______________________
(1) تم تأسيس نظام التحفيظ العقاري بظهير 9 رمضان 1331 الموافق ل 12 غشت 1913 الجريدة الرسمية باللغة الفرنسية عدد 46 بتاريخ 12 سبتمبر 1913- ص209.
(2) – القانون الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 178.11.1 بتاريخ 22 نونبر 2011 .
(3) – القانون الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 177.11.1 بتاريخ 22 نونبر 2011 . منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011. ص 5575 .
ويكتسي التطرق لموضوع المسطرة القضائية للتحفيظ العقاري أهمية بالغة باعتباره مرحلة مهمة من مراحل عملية تأسيس الرسم العقاري لتعلقها بجهاز آخر غير المحافظة العقارية و المتمثل في الجهاز القضائي، الذي تكتنف عمله مجموعة من الإشكالات و الصعوبات سواء القانونية منها أو التقنية و هي صعوبات لا شك سوف تلقي بظلالها على
قاضي التحفيظ و هو بصدد النظر في ملفات من نوع خاص و من العيار الثقيل، و في هذا الإطار تبرز إشكالية أساسية تتعلق بمدى أهمية المرحلة القضائية و دورها في خدمة عملية التحفيظ العقاري و تأسيس الرسوم العقارية و بالتالي أهميتها في ضمان استقرار المعاملات العقارية.
و للإحاطة بهذا الموضوع من جميع جوانبه سوف نعمل على دراسته وفق المبحثين التاليين:
المبحث الأول:القواعد الإجرائية والمسطريةالمؤطرة للمرحلة القضائية للتحفيظ العقاري.
المبحث الثاني:البت في التعرضات، و الطعن في قرار المحافظ على الأملاك العقارية.
_______________________
(4) – خير الدين الطاوس، إشهار الحقوق المكتسبة خلال مسطرة التحفيظ و آثارها في ضوء مستجدات القانون 14.07 الطبعة الأولى 2015، مطبعة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع ،الرباط، ص :11-12 .
(5) – عمر أزوكار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري و قضاء محكمة النقض،الطبعة الاولى 2014، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص:7
(6) – محمد خيري ، حماية الملكية العقارية و نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، طبعة 2001، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط ،ص: 209 .
المبحث الأول: القواعد الإجرائية و المسطرية المؤطرة للمرحلة القضائية للتحفيظ العقاري
إن تجهيز ملف التحفيظ من طرف القاضي المقرر للفصل فيه(المطلب الثاني) يقتضي مبدئيا معرفة حدود اختصاصه (المطلب الأول).
المطلب الأول:نطاق اختصاص المحكمة أثناء البت في ملف التحفيظ
إن إحالة ملف التحفيظ على المحكمة من طرف المحافظة على الأملاك العقارية يجعل نظرها يقتصر فقط على البت في التعرضات دون مطلب التحفيظ (الفقرة الأولى) و ما يستلزمه ذلك من عدم جواز تقديم التعرضات و التدخل مباشرة أمامها(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: اقتصار نظر المحكمة على البت في التعرضات دون مطلب التحفيظ
إن اختصاص محكمة التحفيظ أثناء نظرها في دعوى التعرض- خلافا لباقي الدعاوى العينية العقارية الأخرى-هو اختصاص ذو حدود ضيقة تتعلق بأسباب إحالة الملف على المحكمة من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.
فنقطة انطلاقة ملف التحفيظ هي المحافظة العقارية، إذ أن التعرض هو دعوى تقدم أمام هذه الجهة فيعمل المحافظ على حصر موضوعها و نطاقها، بناء على الطلب الذي تقدم به المعني بالأمر، و إذا كان المبدأ أن القاضي لا يحكم إلا وفق طلبات الأطراف فان هذه القاعدة تكون أكثر أهمية في قضايا التحفيظ العقاري، لأن المحكمة في هذا الإطار تكون مقيدة بعدم توسيع نطاق التعرض([1])، حيث لا يمكن للقضاء أن يقر للمتعرض حقوقا تفوق تلك المطالب بها أمام المحافظ العقاري،كما لا يمكنه أن يوسع نطاق تعرضه بعد إحالة الملف على المحكمة، و هذا مايستفاد من الفقرة الثانية من الفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري التي جاء فيها "تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين و طبيعته و مشتملاته و نطاقه، و تحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به..."
فقاضي التحفيظ و هو ينظر في التعرض، يمنع عليه أن يخلص في منطوقه إلى الحكم للمتعرض بحق عيني لم يكن محل تعرض، أو أن يحكم بحق تتجاوز حدوده تلك الواردة بالتعرض المقدم للمحافظة ،كما يمنع عليه البت في مطلب التحفيظ من حيث شكلياته المتعلقة بمقدمه و العمليات الهندسية المتعلقة به و الرسوم المؤداة عنه،أومناقشة الشروط
المتعلقة بصفة و مصلحة و أهلية طالب التحفيظ و المتعرض، و لا من حيث موضوعه المتعلق بصحة المطلب من عدمه، فذلك يرجع لسلطة المحافظ على الأملاك العقارية، وإلا اعتبر ذلك خرقا لأحكام الفصل أعلاه الذي جاء فيه "... المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا ..." والمحكمة ملزمة بالتقيد بالفصل المذكور، تحت طائلة تعريض قرارها للنقض، حيث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض: "إن القرار الذي قبل النظر في مطلب التحفيظ و قضى برفضه، يكون قضاته قد تجاوزوا في استعمال سلطتهم ببثهم فيماهو موكول للمحافظ على الأملاك العقارية، بينما نظرها مقتصرا قانونا على البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين و نوعه و محتواه و خرقوا مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري و عرضوا قرارهم للنقض"(2) .
فالدعاوى المتعلقة بالتعرضات على مطالب التحفيظ يجب أن تكون الغاية منها المطالبة بحقوق عينية عقارية،أي تلك الحقوق التي يمكن تسجيلها على السجلات العقارية و هي التي حددها المشرع في الفصل 9 من مدونة الحقوق العينية ،مما يجعل محكمة التحفيظ غير مختصة للنظر في أي ادعاء آخر ليست له علاقة بالحالة القانونية للعقار، و في هذا الإطار جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 3591 بتاريخ 04/07/1995 في الملف عدد 3182/91 "ان المحكمة التي قضت بعدم صحة تعرض المتعرض الذي بناه على أن الشرفة التي بناها طالب التحفيظ في ملكه بدعوى أن هذه الشرفة تزاحمه عند دخوله بيته بعلة أن تعرضه لا ينصب على المطالبة بحق عيني كما هو محدد في الفصل 8 من ظهير 02 يونيو 1915 ،تكون قد عللت قضاءها تعليلا كافيا "(3).
من هذا المنطلق فان الحقوق الخاضعة للإشهار الناشئة على عقار في طور التحفيظ و المودعة بملف التحفيظ في إطار الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري من أجل ترتيبها و التمسك بها في مواجهة الأغيار لا تشكل تعرضات بالمفهوم التقني و القانوني للكلمة، وإن تم إدراجها بشهادة التعرض ، و بالتالي فلا يبت فيها من طرف محكمة التحفيظ(4) ، إلا __________________________
(2)- قرار صادر عن محكمة النقض رقم 81 بتاريخ 01/02/1996، في الملف الاداري عدد 552/1/90 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد: 51، يناير 1998، ص:25
(3) _ ابراهيم ضرضور ،حماية الملكية العقارية خلال المرحلة القضائية للتحفيظ ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون
العقود و العقار،جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2010_2011 ،ص:10
(4)-للمزيد من التفاصيل حول موضوع ايداع الحقوق طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري يرجى الرجوع لمؤلف عمرأزوكار،التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري و قضاء محكمة النقض،الطبعة الأولى 2014،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص:186-192
أنه يمكن الإشارة في منطوق الحكم الصادر في الملف إلى تقييدها بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت لها إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك.
وإذا كان ملف التحفيظ المتضمن لتعرض واحد هو الصورة البسيطة لدعوى التعرض، فقد تتعدد التعرضات المقدمة على مطلب التحفيظ الواحد و المحكمة أثناء فصلها فيالنزاعلا تنظر إلا في التعرضات الموجودة بين المتعرضين في مواجهة مطلب التحفيظ كل على حدى، و لا يمكن أن تبت في تعرض ضد تعرض آخر، باعتبار أن كل تعرض يشكل دعوى مستقلة(5)، و هو ما قررته محكمة النقض في إحدى قرارتها(6) إذ جاء في حيثياته"حيث انه بمقتضى الفصل 37 من ظهير 12 غشت 1913 ،فان محكمة التحفيظ إنما تفصل في النزاع الذي يثيره المتعرضون ضد طالب التحفيظ و لا تختص بالنظر في النزاع الذي يثيره المتعرضون فيما بينهم ،حيث أن جميع ما يآخذه الطاعنون على المحكمة إنما ينصرف إلى النزاع القائم بينهم و بين فريق من المتعرضين، و هذه الانتقادات غير واردة على قضاء المحكمة إنما قضت بصحة التعرضات في مواجهة طالبي التحفيظ و ليس فيما بينهم،فهي لهذا غير جديرة بالاعتبار و غير مرتكزة على أساس".
إن إعمال هذه القاعدة سوف يضع المتقاضين في وضعية شادة إزاء المحافظة العقارية لأن الحكم الصادر وفق هذا الشكل لا يكتسب حجية الشئ المقضي به فيما بين المتعرضين الذي قد تكون تعرضاتهم متداخلة فيما بينها، و هذا يحول دون تصفية النزاع بصفة نهائية بخصوص العقار، و هو ما قد يؤدي في بعض الحالات إلى الحكم بصحة تعرضين على نفس مطلب التحفيظ ،إذ يمكن أن يتقدم أحد المتعرضين من جديد بمطلب للتحفيظ يكون موضوعا لنفس التعرض المقدم سابقا(7) ، و بالتالي يحال الملف مرة أخرى على أنظار المحكمة ، وما يعنيه ذلك من فتح باب النزاع من جديد و ما يستتبعه من عدم استقرار الوضعية القانونية للعقار.
كما يحدث أن ينصب أكثر من مطلب تحفيظ على نفس الوعاء العقاري،فنكون إزاء تعرضات متبادلة بين المطلبين،إما بشكل كلي أو جزئي، و هو مايطرح إشكالية البت في المطلبين منفصلين أو منضمين إلى بعضهما.__________________________________
(5)-محمد خيري،العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي،دار نشر النعرفة ،مطبعة المعارف الجديدة، الرباط ،طبعة 2014، ص:258
(6)-قرار عدد 1983 بتاريخ 13/06/1988،ملف مدني عدد 127،ادريس ملين، مجموعة قرارات المجلس الأعلى ،المادة المدنية،الجزء الثاني 1983_1991،منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية،دار المعرفة للنشر،الرباط،ص:581
(7)–ابراهيم ضرضور،مرجع سابق،ص:28
فعلى عكس حالات التعرض التي سبق توضيحها فان هذه الحالة هي مختلفة تماما، على اعتبار انه في حالة التعرض المتبادل،فإننا لا نجد كما في السابق شخص هو طالب التحفيظ وآخر يتعرض عليه يسمى المتعرض، بل إن كل من طرفي النزاع هو طالب تحفيظ و متعرض في نفس الوقت، و كمثال على ذلك شخصان يملكان نفس العقار لمساحة قدرها 100 متر مربع، فيبادر الشخص الأول إلى إيداع مطلب التحفيظ، ثم يتقدم الشخص الثاني بمطلب التحفيظ لنفس العقار،فيتم تضمين تعرض متبادل في كناش التعرضات(8).
فقد جرى العمل القضائي أنه في حالة تداخل مطالب التحفيظ فيما بينها فان القاضي يقوم بضم ملفي التحفيظ لبعضهما البعض إذا ما كانت كتابة الضبط قد فتحت لهما ملفين مستقلين و ذلك للبت فيها بحكم واحد تفاديا لصدور حكمين متناقضين، فيعتبرمطلب التحفيظ اللاحق تعرضا على المطلب السابق، و نسوق على سبيل المثال لا الحصر الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور بتاريخ26/03/2012 القاضي بالفصل في تعرضين متبادلين بعد ضم الملف عدد 56/98 للملف عدد 159/97 مع اعتبار هذا الأخير هو الأصل لكونه سابقا في تاريخ تسجيله عن الملف الأول(المرفق رقم 1)، و الحكم الصادر في الملف العقاري عن نفس المحكمة بتاريخ 11/12/2014 القاضي بضم الملفات ذات الأعداد 18/01 و 19/01 و 20/01 و 21/01 إلى بعضها لنفس العلة (المرفق رقم 2).
وقد تنشأ عن التعرضات المتبادلة بين مطالب التحفيظ حالة قانونية أخرى تعرف في الفقه و القضاء بالتعرضات الانعكاسية كأن يرد على إحدى مطالب التحفيظ المتداخلة تعرضا فينعكس بدوره على باقي المطالب، فيكون على المحكمة البت فيه هو الآخر في مواجهة كل مطلب تحفيظ وفق ما جاء في في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور تحت عدد 270 في الملف عدد 103/98 بتاريخ 29/06/2009(المرفق رقم 3).
فإذا كان نطاق اختصاص محكمة التحفيظ ينحصر فقط في الحكم بصحة التعرض من عدمه، فان النزاع قد ينتهي بتوافق أطرافه على صيغة معينة، أوبتنازل أحدهم للآخر عن
___________________ (8)–المسطرة القضائية للتحفيظ العقاري،مجلة المعرفة القانونية، القانونية مأخوذ من موقعanibrass .blogspot .com- تاريخ الولوج 28/04/2015
طلبه إما جزئيا أو كليا، فإذا قبل التعرض مثلا أثناء جريان الدعوى من طرف طالب التحفيظ،أو من مستفيد من حق تم التصريح به طبقا للفصل 84 ، أوتنازل المتعرض عن تعرضه، فان المحكمة المعروض عليها النزاع تشهد بذلك القبول أو التنازل ، و تحيل الملف على المحافظ على الأملاك العقارية الذي يقوم عند الاقتضاء بالتحفيظ، مع اعتبار اتفاقات الأطراف أو تصالحهم، و هو ما نصت عليه الفقرة الرابعة من الفصل 37 من ظهيرالتحفيظ العقاري.
كما أنه إذا كانت دعوى التعرض وسيلة مشروعة لحماية الحق، فإن ممارستها بشكل تعسفي ليس من المشروعية في شيئ بل يجب أن تتم في إطار حسن النية و الجدية،كي لا يتم الإضرار بطالب التحفيظ ولا بالمستفيد من الإيداعات و إلا أصبح المتعرض متعسفا في استعمال هذا الحق(9). وقد أوجب المشرع على القاضي في حالة ثبوت ذلك، الحكم على المتعرض أوطالب التحفيظ بغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية لا تقل عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به .
و إذا كان المشرع قد حدد ضوابط ممارسة حق التعرض في توافر المصلحة و أن يمارس بدون تعسف و لا كيد و لا سوء نية طبقا للفصل 48 من الظهير المذكور،فانه مع ذلك لم يحدد حالات التعرضات التعسفية تاركا بذلك لقاضي التحفيظ السلطة التقديرية لتطبيق مقتضيات الفصل المذكور المغربي زجرا منه لأصحاب النيات السيئة، أوجب على القاضي الحكم على كل طالب تحفيظ أو متعرض التقدم بمطلب التحفيظ أو التعرض.
_______________________________
(9)–فاطمة الداودي،دور المحافظ العقاري و تدخل القضاء في قضايا التحفيظ بين التعزيز و المحدودية،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،السنة الجامعية 2014_2015 ،ص:135
الفقرة الثانية:عدم جواز التدخل في الدعوى بعد إحالة ملف التحفيظ على المحكمة
إن قاضي التحفيظ ملزم ليس فقط بالتقيد بنطاق الدعوى من حيث الموضوع كما سبق تفصيله أعلاه،إنما هو ملزم كذلك بالتقيد أثناء بته في القضايا المعروضة عليه بأطراف النزاع الذين يتم تحديدهم أمام المحافظ و هذا يقتضي مبدئيا عدم قبول التدخل في الدعوى(10)
وبرجوعنا إلى قانون المسطرة المدنية نجده قد أتاح في الفصول 111 منه ما يليها لكل من له مصلحة في النزاع المطروح إمكانية التدخل في الدعوى و اعتبره مقبولا من أجل الدفاع و المؤازرة و كذا لتصحيح المسطرة أمام المحاكم الابتدائية، أما التدخل في المرحلة الاستئنافية فقد حصره المشرع فيمن لهم الحق في استعمال التعرض الخارج عن الخصومة ، و في مرحلة النقض فالتدخل لا يكون إلا انضماميا.
وعلى خلاف ذلك فان ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله و تتميمه لم يرد فيه نص يتناول ذلك بالتنظيم حيث أحال فقط في فصله 43 على الفصل 144 من قانون المسطرة المدنية حين تكون الدعوى أمام محكمة الاستئناف، و الفصل 47 أحال على الفصل 377 من نفس القانون حين تكون الدعوى أمام محكمة النقض.
فمن خلال ما سبق يتضح أن المحكمة لا يمكنها توسيع نطاق الخصومة من حيث أطرافها و عليها البت في ملف التحفيظ على الحالة التي أحيل عليها من المحافظة العقارية، و في حدود التعرضات المسجلة به دون غيرها، و لا أن تقبل تعرض جديد أو تدخل في المسطرة على غرار ما هو جار به العمل في القواعد العامة لقانون المسطرة المدنية على اعتبار أن هذه المسطرة تتسم بمجموعة من العمليات التقنية و القانونية و المسطرية المعقدة التي يلعب فيها المحافظ دورا محوريا تحت طائلة إمكانية إثارة مسؤوليته الشخصية عن كل خلل أو تقصي قد يشوب المسطرة ، و ما قد يعترض ذلك من صعوبات قانونية أو قانونية ،يستحيل معها تنفيذ الحكم الصادر في الموضوع(11) .
و هذا المنع يستفاد من قراءتنا للفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري بمفهوم المخالفة الذي أتاح إمكانية التدخل في مسطرة التحفيظ أثناء المرحلة الإدارية عن طرق التعرض خلال الآجال المحددة لذلك ،كما حدد نفس الظهيرفي فصله 25 الجهات التي يمكن التدخل أمامها أو يقدم إليها التعرض في المحافظ و المساح الطبوغرافي المنتدب أثنا إجراء التحديد
_________________________
(10)-فاطمة الداودي،مرجع سابق، ص:112
(11)–السكتاني عمر،مرجع سابق
فالتعرض إذا لا يمكن تقديمه مباشرة إلى المحكمة،لأن ذلك يشكل كما سبق بيانه تدخلا في مسطرة التحفيظ و من شأن قبوله أمامها تغيير أطراف الدعوى، و تغير في مراكزهم القانونية، و هو ماسيجعل المحكمة تبث فيما لم يطلب منها من طرف المحافظة العقارية خلافا لأحكام المادة 3 من قانون المسطرة المدنية(12).
فإذا كان التدخل الأصلي بهذا المفهوم غير مقبول اعتبارا لكون المتدخل في هذه الحالة يدعي حقا عينيا لنفسه في مواجهة أطراف الخصومة، فان التدخل الانضمامي أو التبعي يمكن تصور قبوله أمام المحكمة على اعتبار أن المتدخل انضماميا لا يطالب بحق أو بمركز قانوني لنفسه و انما يتدخل لتأييد طلبات المتعرض أو طالب التحفيظ ، و كل ما يشترط فيه أن تكون له مصلحة في تدخله(13)مثلا كأن يعمد دائنو طالب التحفيظ و المرتهنين و المشتري في الدعوى حفاظا على حقوقهم و تأييدا منهم لمدينهم(14) ، أو كأن يتدخل مالك على الشياع لم يتعرض على مطلب التحفيظ في أوانه لتأييد تعرض شريكه، لما له من مصلحة في الحكم بصحة تعرض هذا الأخير .
إلا أن هناك رأي آخر يذهب الى جواز هذا التدخل ،إذ يرى الأستاذ عبد العزيز حضري أنه يتعين تفسير سكوت ظهير التحفيظ العقاري عن امكانية التدخل أمام المحكمة بأنه سكوت يفيد الجواز و الاباحة لا المنع و التحريم.
و في نظرنا، أن الرأي الراجح الذي يتوافق مع فلسفة التحفيظ العقاري و الغاية منه هو الذي يسير في اتجاه منع و عدم قبول كل تدخل أصلي في ملف التحفيظ أمام المحكمة، على اعتبار أن هذه الأخيرة ملزمة بإرجاعه إلى المحافظة على الأملاك العقارية على الحالة التي أحيل عليها،كما أن قبولها من شأنه نسف الغاية من تحديد أجال معينة لتقديم التعرضات، كما أن ملف التحفيظ له طابع تقني إذ تخضع مطالب التحفيظ و التعرضات لعمليات التحديد و المسح، لا تملك المحكمة إمكانية القيام بها في كل الملفات لما من شأنه إطالة المسطرة و أمد النزاع.
و هذا الاتجاه هو الذي تسير عليه محكمة النقض و قد كرسته في قرارها الذي جاء في
_________________________
(12) -تنص المادة 3 من قانون المسطرة المدنية : يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف و لايسوغ لها أن تغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات، و تبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة و لو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة.
(13)– عبد الحميد أخريف،محاضرات في القانون القضائي الخاص ، طبعة 2001_2002 ،ص:237
(14)–عبد الخالق أحمدون ،التحفيظ العقاري بالمغرب،مطبعة طوب بريس،الرباط طبعة 2010 ،ص:126
إحدى حيثياته" لما كان أجل التعرضات قد انتهى و أحال المحافظ مطلب التحفيظ على
المحكمة للنظر في تعرض كان قد سجله عليه، و لم يحصل الطاعنون على قرار من وكيل
الملك بفتح أجل استثنائي لتعرضهم على المطلب و إنما تقدموا مباشرة أمام المحكمة بمقال تدخلالتمسوا فيه الاشهاد عليه بالتعرض ، و الحكم باستحقاق الملك ،فان المحكمة كانت على صواب عندما صرحت بعدم قبول تعرضهم نتطبيقا لمقتضيات الفصول منة 24 إلى 29 من ظهير12/08/1913 "(15) .
و سيرا على هذا النهج و تجاوزا للسلبيات المذكرة التي يمكن أن تترتب عن قبول تدخل في ملف التحفيظ بعد احالته على المحكمة،فقد ألغى ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون رقم14/07 الصلاحية التي كانت مخولة سابقا لوكيل الملك في فتح آجال استثنائي للتعرض، وما كان يرتبه ذلك من تأخر في البت في الملف و ارجاعه الى نقطة البداية ، بل قد يخلق وضعية شادة فقد يكون الملف قد تم البت فيه ابتدائيا و معروض أمام محكمة الاستئناف فتضطر المحكمة الابتدائية الى فتح ملف جديد يتضمن فقط التعرض المسجل خارج الأجل، و بالتبعية تضطر محكمة الاستئناف الى وقف البت في الملف المعروض أمامها الى حين البت في الملف الابتدائي(16)، و ما يعنيه ذلك من ضياع لحقوق الأطراف.
______________________
(15)–قرارعدد 2234 ، بتاريخ 01/04/1998 ،ملف مدني عدد :3432/93 ،منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53 _54 ،دجنبر ،2000 ،ص:80
- و قد جا في قرار في قرار آخر صادر عن محكمة النقض تحت عدد 2639 بتاريخ 13/11/1985 في الملف رقم 74015 جاء فيه :" أن أطراف الدعوى تتحدد في مسطرة التحفيظ بدءا بالتعرض أمام المحافظة العقارية حيث يتضح المدعي من المدعى عليه ، و ان التدخل في مسطرة التحفيظ غير مسموح بهالا اذا كان لتأييد أحد أطراف الدعوى" منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 43 ماي_ يونيو 1986 ص:73 .
(16)–و كنموذج لهذا الاشكال نسوق القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 03/12/2008 عدد 4216 في الملف المدني عدد 606-1-20071 الذي جاء فيه "حيث يعيب الطاعنون القرار فيها،بعدم الارتكاز على أساس قانوني و انعدام التعليل و نقصانه و المنزل منزلة انعدامه ،ذلك أنه ارتكز على أنه لا يجوز تقديم تعرض مباشر سواء أمام محكمة الدرجة الأولى ،أو أمام محكمة الدرجة الثانية، في صورة تدخل ارادي، الا أن ملف التعرض الموجه من المحافظة العقارية بطنجة الى المحكمة بتاريخ 23/09/1999 تحت عدد 2931 ،يثبت أن المتدخلين قد تعرضوا جزئيا أمام المحافظ على الأملاك العقارية بطنجة ضد مطلب التحفيظ عدد 11851/ط، و ذلك بناء على قرار من وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بطنجة بفتح أجل جديد للتعرض، و ان المحافظ قد تلقى التعرض المذكور وفق أحكام الفصلين 24 و 29 من ظهير التحفيظ العقاري، و قام تبعالذلك بتهيئ ملفه قبل احالته على المحكمة للبت في موضوعه، و أن مقال تدخل الطاعنين المقدم بتاريخ 08/11/1999 جاء تأييدا للتعرض المذكور .
المطلب الثاني: تجهيز ملف التحفيظ من طرف القاضي المقرر
تتميز القواعد الإجرائية و المسطرية المطبقة من طرف قاضي التحفيظ العقاري بنوع من الدقة و الضبط كونها تمزج بين القواعد المسطرية العامة و أخرى خاصة(الفقرة الأولى) الغرض منها هو تحقيق الدعوى القضائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:الاجراءات القضائية للتحفيظ العقاري،بين الخصوصية و القواعد العامة.
إن التعرض على مطلب التحفيظ و إحالته على المحكمة الابتدائية يطرح بعض التساؤلات حول النصوص و القواعد القانونية المسطرية التي يتعين تطبيقها لحسم النزاع، فهل يجب تطبيق مقتضيات قانون التحفيظ العقاري على اعتبار أن العقار يوجد في وضعية خاصة، أم يتعين تطبيق مقتضيات قانون المسطرة المدنية باعتبارها الشريعة العامة لقواعد المسطرة.
فإذا كانت دعوى التعرض تخضع من ناحية الموضوع لقواعد مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود، و هذا لا يثير أي إشكال،فان تحديد القواعد الاجرائية و المسطرة الواجبة التطبيق يثير بعض الاشكالات، إذ أنه من المعلوم أن النص الخاص أولى و أسبق في التطبيق من النص العام ، و يترتب عن إعمال هذه القاعدة ضرورة تطبيق النصوص المسطرية الواردة في ظهير التحفيظ العقاري بالأسبقية عن نظيرتها الواردة في قانون المسطرة المدنية،لكن الاشكال يطرح عند سكوت ظهير التحفيظ عن معالجة مسألة مسطرية معينة ، هل يجوز اللجوء بشأنها الى النص المسطري العام ؟ أم يجب التمسك باستبعاد نصوص المسطرة المدنية مطلقا،إلا في الحالات التي يحيل عليها ظهير التحفيظ صراحة(17).
فإذا كان الأصل في الدعوى العقارية أن ترفع الى المحكمة بواسطة مقال افتتاحي،طبقا للأحكام الواردة في الفصلين 31 و 32 من قانون المسطرة المدنية، فان دعوى التعرض
______________________________
_لكن، ردا على الوسيلة أعلاه ، فان مجرد كون الطاعنين تعرضوا على المطلب محل النزاع ،لا يخولهم التدخل أمام محكمة الدرجة الثانية،مادام تعرضهم المذكور لازال معروضا على محكمة الدرجة الأولى . و لذلك فان القرار حين علل بأن ’’التدخلين تعرضوا بطريق التعرض الاستثنائي طبقا للفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري، و تم فتح ملف هذا التعرض على نفس مطلب التحفيظ للدولة،الملك الخاص لدى محكمة الدرجة الأولى. و هو الطريق الطبيعي لممارسة المنازعة في عقار في طور التحفيظ ’’.فانه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معللا تعليلا كافيا و مرتكزا على أساس قانوني، و الوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار" .
(17)-عبد العزيز حضري ،تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ العقاري،رسالة الدفاع،العدد الثاني،نونبر 2001،ص:
التعرض تفتتح باحالة ملف التحفيظ على المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها العقار، من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، و هذه الاحالة يجب أن تتم خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرامالأجل المنصوص عليه في الفصل 23 من ظهير التحفيظ العقاري.
فبمجرد إحالة المحافظ ملف التحفيظ الى كتابة ضبط المحكمة المختصة تقوم هذه الأخيرة بفتح ملف خاص به، يعطى له رقم تسلسلي يضمن بسجل خاص بقضايا التحفيظ(18)، ثم يعمد رئيس المحكمة إلى تعيين قاض مقرر يتولى تجهيز الملف تمهيدا للبت فيه من طرف الهيئة الجماعية.
و لهذه الغاية يقوم القاضي المقرر بتعيين تاريخ أول جلسة ويستدعي أطراف الدعوى لحضورها وفق القواعد المقررة في الفصول 36 و ما يليها من قانون المسطرة المدنية، على الطريقة الادارية المتمثلة في أعوان السلطة الادارية،أو عن الطريق القضائي بواسطة الأعوان القضائيين المكلفين بالتبليغ أو عن طريق البريد المضمون مع الاشعار بالتوصل طبقا للفصل 37 من نفس القانون، غير أنه إذاكان موطن أحد الأطراف بالخارج فان التبليغ يتم لزوما عن الطريق الديبلوماسي .
و التبليغ كي يكون قانونيا يجب أن يتم وفق ضوابط محددة، سواء فيما يتعلق بالأشخاص المبلغ لهم أو فيما يتعلق ببيانات الاستدعاء و شهادة التسليم (19)،فالتبليع هو عملية مركبة بالاضافة لأشخاص التبليغ الذين قد يكونون كمفترضات طبيعية لا قيام للتبليغ بدونهم،أي الشخص نفسه، و قد يكونوا كمتسلمين للتبليغ و هذا حال الخدم و الأقارب، نجد أيضا السند المادي للتبليغ أو ما يسميه الفقه المصري بورقة التبليغ، و الذي يتميز بالشكلية كشرط صحة لا شرط إثبات، و الشرط هنا يكون عنصرا من عناصر التبليغ القضائي، إذ حدده القانون كوسيلة يتم بها باعتباره إجراءا مسطريا.
و لتسهيل عملية التبليغ فقد أوجب الفصل 13 من مدونة الحقوق العينية على كل طالب________________________________
(18) – مأخوذ من موقع: anibrass.blogspot.com تاريخ الولوج السابق.
(19 )-فشهادة التسليم مثلا التي لا تتضمن المكان الذي تم فيه التبليغ لأقارب المعني بالأمر تعتبر باطلة ،كما جاء في حكم لابتدائية أربعاء الغرب" و حيث يتبين من شواهد التسليم ...أنها قد ذيلت بملاحظة أن المعنيات بالأمر انتقلن من العنوان المذكور فيها و يوجدن حاليا بمدينة القنيطرة حسب افادة بعض الجوار...أما شواهد التسليم المؤرخة في 31/05/2002 فقد رجعت بافادة أن ش.ح أخ زوج المدعية الأولى و عم باقي المدعيات، رفض تسلم الطي ، و أنه عامل عند ب ح ،الا أن شواهد التسليم هذه لم تبين ما اذا كان التبليغ قد تم في موطن المدعيات أو في محل عمل المسمى ح.ش أم في الشارع مخالفة بذلك مقتضيات الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية ".حكم رقم 135/02 م م بتاريخ 05/06/02،ملف عدد 04/02 أوردهرشيد حوبابي،التبليغ الافتراضي و بعض عوارض التبليغ كمحددات لمدى تأثير اجراءاته على سير الدعوىالمدنية و الفصل فيها، مجلة القصر،العدد 13 يناير 2006 ،ص:98
تحفيظ أن يحدد عنوان أو موطن مختار في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ المحافظة العقارية الموجود بها الملك، اذا لم يكن لطالب التحفيظ محل اقامة في هذه الدائرة ، إلا أنه في حالة عدم تحديد مكان المخابرة من طرف طالب التحفيظ أو كل متدخل في مسطرة التحفيظ فان الفصل 26 من القرار الوزيري المؤرخ في 03/06/1915 اعتبر ذلك بمثابة تنازل صريح عن الخيار في التعيين و بالتالي الخضوع الاجباري للموطن القانوني،ألا و هو تبليغ استدعاؤه لمقر النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية(20 )، فيعتبر قد توصل توصلا قانونيا، خلافا للقاعد العامة للتبليغ التي توجب اجراء مسطرة القيم في حق الطرف الذي افيد عنه أنه غير مقيم بالعنوان أو عنوانه غير مضبوط.
وإذا كان تنصيب محام في القضايا العقارية شرطا ضروريا لقبول الدعوى طبقا لأحكام الفصل 31 من قانون المحاماة، فان تنصيبه في قضايا التحفيظ العقاري يعتبر أمرا اختياريا، كما أن المسطرة تكون شفوية اذ يمكن الاعتداد بجميع الوسائل و المؤيدات و الدفوع المقدمة شخصيا من الأطراف و بدون مذكرات مكتوبة و هي قواعد تجد اساسها في الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري حيث أشار الى امكانية الاستماع الى الأطراف شخصيا أو بواسطة وكيلهم ...
و يترتب عن شفوية المسطرة و عدم ضرورة تنصيب المحامي نتيجة بالغة الأهمية تتعلق بوصف الحكم أو القرار ومدى قابليته للطعن، ذلك أن الحكم الصادر في قضايا التحفيظ يصدر دائما حضوريا في مواجهة أطرافه(21 ) و لوتخلفوا عن حضور جلسات الدعوى، كون الملف يحال جاهزا من المحافظة العقارية و أن الأطراف يعتبرون حاضرون بحججهمووثائقهم الواردة فيه .
ومادام أن الحكم الصادر في مادة التحفيظ العقاري يكون دائما حضوريا ،فانه لا يمكن الطعن فيه بالتعرض الذي هو طريق للطعن في الأحكام الغيابية(22)،و لا بتعرض الغير الخارج عن الخصومة كونه طعن مفتوح في وجه من لم يكن طرفا في الحكم و لكنه أضر______________________________
(20)-حكيم غلام ، خصوصيات نزاعات مسطرة التحفيظ العقاري بين النص القنوني و العمل القضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قوانين التجارة و الأعمال،السنة الجامعية 2013_2014 ،ص:66
(21)-عمر أزوكار،مرجع سابق ،ص:201
(22) –تنص الفقرة الأولى من الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري:...تبت محكمة الاستئناف في القضية اما في الحين أو بعد المداولة، سواء حضر الأطراف أو تخلفوا، دون أن يقبل أي تعرض ضد القرار الصادر...
بمصالحه، و ملف التحفيظ كما أشرنا الى ذلك أعلاه ،لا يقبل التدخل من طرف أشخاص لم يسجلوا تعرضهم أمام المحافظ.
فبعد قيام المقرر باصدار أمر بتبليغ المقال و تعيين أول جلسة علنية ،تدرج القضية أمام هيئة الحكم في هذه الجلسة، حيث تقوم بعد اطلاعها على مستنتجات طالب التحفيظ بحجز القضية للمداولة اذا كانت جاهزة ، أو بارجاعها للمقرر لمباشرة اجراءات التحقيق من جديد و تولي الاشراف على تبادل المذكرات الجوابية بين الأطراف ،دون أن يكون للهيئة الجماعية أن تعمد الى إصدار الأمر بتبليغ و تداول هذه المذكرات، و العلة في ذلك أن هذه الأخيرة هي جهة حكم و ليس جهة تحقيق(23).
و يجب أن يتوصل الأطراف بالاستدعاء لحضور الجلسة العلنية قبل خمسة عشرة يوما على الأقل قبل انعقادها، و يعتبر حضور الأطراف فيها غير إلزامي ما لم يطلبوا الاستماع إليهم ، وفق مانص عليه الفصل 44 من ظهير التحفيظ العقاري في حين تكون المدة الفاصلة في باقي القضايا العقارية محددة في خمسة أيام كاملة اذا كان للطرف موطن أو محل إقامة داخل دائرة نفوذ المحكمة طبقا للفصل 40 من قانون المسطرة المدنية.
و خلافا لما نص عليه الفصل 53 من ق م م من إمكانية تسليم نسخة من جميع الأحكام بواسطة كاتب الضبط بمجرد طلبها، فان الفصل 40 من قانون 14.07 قد أوجب على كتابة الضبط لدى المحكمة الصادر عنها الحكم بضرورة تبليغه تلقائيا الى جميع أطراف النزاع داخل أجل ثمانية أيام من صدوره، و الغاية من وضع هذا الأجل القصير هو تسريع مسطرة التحفيظ و تقليص آجال البت خدمة لنظام التحفيظ العقاري الذي يعتبر كآلية فعالة لتوجيه سياسة التعمير و تشجيع الاقتصاد الوطني(24).
_____________________________
(23) –عبد الحميد أخريف مرجع سابق ،ص:267-268.
(24) –حكيم غلام ،مرجع سابق،ص:60 .
- و في هذا الاطار جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1100 صادر بتاريخ 16/05/1990 في الملف المدني عدد 1140/86 "يقع تبليغ الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري طبقا للمادة 40 من ظهير التحفيظ التي توجب تبليغ ملخص الحكم مع الاشارة الى امكانية استئنافه داخل الأجل ، و لا يجوز تبليغ منطوق هذه الأحكام بالجلسة وفق المقتضيات العامة ..."
قرار غير منشور أورده ، محمد خيري ،مرجع سابق ،ص 269 .
الفقرة الثانية: تحقيق دعوى التعرض من طرف القاضي المقرر
بعد إدراج ملف التحفيظ من طرف القاضي المقرر في أول جلسة التي يعين تاريخها و يستدعي الأطراف لحضورها قد تعمد المحكمة إلى حجزه للمداولة إذا ما اعتبرت القضية جاهزة و لا تحتاج الى تحقيق لبساطتها،أو أن يتم إرجاعه إلى القاضي المقرر قصد اتخاذ الاجراءات الضرورية لتجهيزه .
فكما هو معلوم فالملف التقني الذي يحال على المحكمةيتضمن مجموعة من الوثائق المدلى بها من الأطراف لإثبات الدعوى و التي قد يشوبها بعض الغموض لهذا فقد منح الفصل 34 من ظ ت عللقاضي المقرر صلاحيات واسعة للقيام بجميع الإجراءات التي يراها ضرورية للوصول إلى حل النزاع، و بهذا الخصوص تحيل الفقرة الثانية من الفصل34 من نفس الظهير على قانون المسطرة المدنية إذ تقضي بأنه : يراعي حينئذ و القاضي المقرر أو القاضي المنتدب من طرفه القواعد المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية .
فيحق له تبعا لذلك استدعاء الخصوم إلى مكتبه إما تلقائيا أو بناء على طلبهم قصد إيجاد صيغة توافقية بينهم لحل النزاع إذا تعلق الأمر بنزاع بسيط يمكن تجاوزه بسهولة(25)أو لاستفسارهم عن بعض النقط الغامضة و التي يراها ضرورية للبت في ملف ، كما له أن يستمع إلى الشهود و تلقي تصريحاتهم خاصة بالنسبة للشهادات اللفيفية المتناقضة فيما بينها إذ يعمد إلى استفسار شهودها حول الوقائع التي شهدوا بها ، بأن يطرح عليه أسئلة محددة و واضحة لمعرفة ما إذا كان الشاهد يعرف الأماكن موضوع شهادته إذ كثيرا ما يحدث أن يأتي طالب التحفيظ أو المتعرض بشهود من منطقة بعيدة عن النزاع ليأكدوا حيازة من يشهدون له ثم يتبين أنه عاجزون عن الإدلاء بما يطلب منهم من بيانات إذ قد يعترفون في النهاية أنهم لا يعرفون من كان يتصرف في العقار موضوع التعرض ، كما يمكن للقاضي إعادة سماع الشهود في مواجهة بعضهم لبعض(26) إذا ما دعت الضرورة لذلك.
ولقد برهنت التجربة أن عددا كبيرا من الشهود يدعون أمام المحكمة أنهم لم يؤدوها كما هي محررة في الرسم العدلي (27).
_______________________
(25) –فاطمة الداودي، مرجع سابق، ص 152
(26)- محمد خيري ، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ، مرجع سابق ، ص291
(27)- محمد خيري ، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ، مرجع سابق ، ص293
ونظرا لكون ملف التحفيظ هو ذو طبيعة تقنية تخرج عن نطاق التكوين العام للقاضي فإنه غالبا ما يلجأ إلى انتداب أحد الخبراء لمعاينة الوقائع المادية المعروضة عليه و تتم عملية الإنتداب هذه بموجب حكم تمهيدي يأمر بإجراء خبرة و يعين الخبير و يحدد مصاريفها و الطرف المكلف بإيداعها بصندوق المحكمة، كما يحدد النقط التي تجري فيها الخبرة في شكل أسئلة فنية لا علاقة لها بالقانون و تجري الخبرة بحضور الأطراف و دفاعهم بعد استدعائهم بطريقة قانونية (28).
كما له أن ينتقل شخصيا رفقة كاتب الضبط إلى عين المكان قصد إجراء المعاينات اللازمة على موضوع النزاع إذا ما رأى ضرورة لذلك قصد الوقوف على حقيقة الوضع و تطبيق الرسوم و الحجج المدلى بها على أرض النزاع(29) و هذا الإجراء له مكانة هامة في نظام التحفيظ العقاري إذ بموجبه يزداد القاضي معرفة بخيوط النزاع و يقف بنفسه على عناصر مهمة تساعده و معه هيئة الحكم على إصدار حكم في القضية .
و إذا كان التحقيق في عين المكان يتطلب حضور مهندس يمكن للقاضي المقرر طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري كما تم التنصيص عليه في الفصل 34 من ظ ت ع و ذلك في حالة وجود خلاف في مساحة العقار أو حدوده أو تداخل عقارين(30) كما جاء في قرار صادر عن محكمة الإستئناف بتازة " ...بناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 14/04/2005 القاضي بإجراء معاينة من طرف القاضي المقرر رفقة خبير عقاري ..."(31)
____________________
(28)- عبد الحميد أخريف، مرجع سابق،ص 248
(29)- حيث جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1156 بتاريخ 26/03/2008 الصادر في الملف المدني عدد 178- 1-1-2005 "في حين أن الطاعنين بكون رسم شراء المتعرضين أعلاه لا ينطبق على أرض النزاع و إنما يتعلق بأرض وقع تحفيظها مجاورة لأرض المطلب ، كما تمسكوا أنهم الحائزون والمتصرفون ، الأمر الذي كان ينبغي معه للمحكمة مصدرة القرار طبقا للفصل 43 من ظهير 12/08/1913 أن تقف على عين المكان و لو رفقة المهندس طبوغرافي إن اقتضى الأم ذلك للتأكد من انطباق رسم الشراء المعتمد من طرف المتعرضين الذين يعتبرون طبقا للفصل 37و 45 من نفس الظهير في حكم المدعي يقع عليه عبئ الإثبات أولا التأكد أيضا ممن بيده حيازة العقار المتنازع عليه و لتطبيق باقي حجج الطرفين ، الأمر الذي يكون معه القرار فاسد التعليل الموازي لانعدامه مما عرضه للنقض و الإبطال "
- قرار أورده عمر أزوكار، مرجع سابق، ص 206
(30)- موقع anibrass.blogspot.comنفس تاريخ الولوج
(31)- قرار عدد 42 بتاريخ 3/3/2008 الصارد عن استئنافية تازة في الملف العقاري عدد 164/2006 أورده حكيم غلام مرجع سابق ، ص 31.
و غالبا ما يلجأ القاضي المقرر إلى انتداب خبير طبوغرافي في الحالة التي تكون فيها مساحة العقار شاسعة يتطلب مسحها الإستعانة بالأدوات و التقنيات الهندسية، أما في غيرها من الحالات فإن القاضي يسند مهمة الخبرة العقارية لمجرد خبير عقاري دون مراعات الشروط المذكورة في الفصل 34 أعلاه .
و قد أشارت المادة 34 إلى أنه يمكن للقاضي طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي من جهاز المسح العقاري بعد الإتفاق مع المحافظ على الأملاك العقارية على تعيينه و على تاريخ انتقاله إلى عين المكان والمبلغ الذي يجب أن يودعه المعني بالأمر بصندوق المحكمة حسب الأشغال التي ستنجز و التعويضات التي تقتضيها،فما الغاية التي ارتآها المشرع المغربي من انتداب المساح الطبوغرافي باتفاق مع المحافظ على الأملاك العقارية؟
قد يقول قائل أن ربط تعيين المساح لمساعدة القاضي المقرر بالاتفاق مع المحافظ يحمل دلالة تمس باستقلال القضاء، غير أن الحقيقة خلال ذلك، إذ أن المساحين المقيدين في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين، أصبحوا معتمدين لدى المحافظة العقارية ،للقيام بأعمال التحديد التي تعهد بها إليهم، و تبعا لذلك فان المحافظ تكون لديه معرفة كاملة بالبرامج اليومية لهؤلاء المهندسين،بحكم تتبعه لأشغالهم تفاديا لتعيين أحدهم في يوم يصادف تكليفه بمهمة أخرى مما يتسبب في عرقلة المسطرة القضائية(32)،سيما أمام الخصاص المسجل بخصوص المهندسين الطبوغرافيين المحلفين.
و على الخبير المنتدب أن يجيب المحكمة عن جميع النقط الفنية التي حددها الحكم التمهيدي،كما ليس له أن يورد في تقريره عمليات لم تطلب منه(33)، و أن المحكمة اذا ارتأت أن الخبير لم يجب بدقة عن النقط المحددة له،أو أن تقريره يتضمن نتائج متناقضة، فانها تكون ملزمة بالوقوف بعين المكان أو أن ترد بمقبول عن عدم استجابتها للإنتقال الى عين________________________
(32)- علي الهلالي،البت القضائي في التعرضات على مساطر التحفيظ ،نظام التحفيظ العقاريدعامة اساسية للتنمية،قراءة في مستجدات القانون رقم 14.07 ،سلسلة دفاتر محكمة النقض ،العدد 21 ،مطبعة الأمنية،الرباط،2015 ،ص:135 .
(33) –فقد جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 2185 بتاريخ11/06/2008،ملف مدني عدد:2756-1-1-2007 "حيث صح ما عابه الطاعن على القرار،ذلك أنه اعتمد تقرير الخبرة المشار اليها في كون حجة المطلوب فب النقض منطبقة على موضوع النزاع، وعلل ما قضى به بأنه’’منطبق على المدعى فيه انطباقا كليا حسب ما أكده الخبير المعين في المرحلة الاستئنافية’’،في حين أنه طبقا للفصل 43 من ظ ت ع ،فان تطبيق الرسوم يتعين أن يقوم به المستشار المقرر الذي يمكنه فقط عند الاقتضاء الاستعانة بمهندس عقاري طبقا للشروط المحددة في الفصل 34 من نفس الظهير،الأمر الذي يعتبر معه خارقا للمقتضى القانونيالمحتج به، و معرضا للنقض".
المكان لمطابقة الرسوم على المدعى فيه(34)
ويتعين على القاضي المقرر لزوما طبقا للفصل 37 من ظ ت ع إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها في القضية، إذا ما توافرت أسباب الإحالة الوجوبية، المنصوص عليها في الفصل 9 من ق م م، سيما إذا كانت أحد إدارات الدولة، أو قاصرين أو فاقدي الأهلية أطرافا في الدعوى،وحين انتهاء القاضي المقرر من جميع الاجراءات، يصدر أمرا بالتخلي يعلن بواسطته انتهاء التحقيق و تخليه عن ملف القضية لفائدة هيئة الحكم ، و به يتم الفصل بين مرحلة التحقيق و مرحلة الحكم ، و هو إجراء شكلي إجباري يترتب عن خرقه بطلان المسطرة ، و الغاية منه هي منع الخصوم من تقديم مذكراتهم بصفة متأخرة ،مما يطيل من مسطرة التحقيق و يؤخر البت في القضية،لذلك يمنع الأمر بالتخلي ابتداء من تاريخ صدوره تقديم أي مذكرات أو مستنتجات جديدة و يقفل باب المرافعة(35)
وقد أوضح المشرع في الفصلين 335 و 336 من ق م م الوقت الذي يمكن أن يصدر فيه الأمر بالتخلي فنص في الفصل الأول :"إذا تم تحقيق الدعوى أوإذا انقضت آجال تقديم الردودو اعتبر المقرر أن الدعوى جاهزة للحكم أصدر أمرا بتخليه عن الملف و حدد تاريخ الجلسة التي تدرج فيها القضيةّ".
و تعتبر القضية جاهزة للحكم فيها(36):
_إذا أسند الأطراف النظر للمحكمة .
_ إذا سكت أحد الأطراف عن الرد.
__________________________________
(34) –فقد جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1827،بتاريخ20/04/2010،ملف مدني عدد 4430-1-1-2008 " حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه اعتمد في تطبيق الرسوم على أرض النزاع على خبرة الخبير...في حين أن مقتضيات الفصل 43 من ظهير 12/08/1913 المطبق في النازلة تقضي بأن المستشار المقرر يمكنه اتخاذ جميع التدابير التكميلية للتحقيق و بالخصوص ان يقف على عين العقار المدعى فيه مستعينا عند الاقتضاء بمهندس لتطبيق الرسوم، و بذلك فان القرار،حين اعتمد الخبرة المشار اليها فقط دون أن يجيب على ملتمس الطاعن الرامي الى وقوف المحكمة بنفسها على عين المكان يكون غير مرتكز على أساس ،فتعرض بذلك للنقض و الابطال ".
(35)-عبد الحميد أخريف،مرجع سابق،ص:271-272 .
(36)- عبد الحميد أخريف ،مرجع سابق،ص:272.
_إذا انقضى أجل الرد و لم يدل الطرف بمذكراته.
_إذا أدلى الخصم بمذكرة لا تتضمن عنصرا جديدا يستوجب الرد.
وإذا كان ق م م لم يحدد أجلا معينا فاصلا بين تاريخ الاستدعاء و تاريخ انعقادها،إذ يبقى ذلك خاضعا للآجال المنصوص عليها في الفصل 40 من نفس القانون فان الفصل 35 من ظ ت ع أوجب إخبار الأطراف بيوم الجلسة العلنية قبل موعدها بثمانية أيام على الأقل بعد التوصل بالاستدعاء.
المبحث الثاني:البت في التعرضات، و الطعن في قرار المحافظ على الأملاك العقارية
إن الغاية من تحقيق دعوى التحفيظ هو الوصول الى حل معين للنزاع عن طريق البت في التعرض( المطلب الأول)استنادا الى التطبيق السليم للقانون، و ذلك بعد استنفاذ المرحلة الادارية التي قد تتخللها طعون في قرارات معينة للمحافظ على الأملاك العقارية(المطلب الثاني)
المطلب الأول:البت في التعرضات
إن دراسة أسباب و شروط الترجيح بين الحجج و الوثائق تمهيدا للبت في ملف التحفيظ (الفقرة الثانية)، تقتضي منا ضرورة دراسة الوثيقة التي تعد سندا للاثبات في المادة العقارية(الفقرة الأولى)
الفقرة الأولى :إحكام الوثيقة و دورها في البت في ملف التحفيظ
لقد اهتمت الشريعة الاسلامية بكتابة المعاملات،بحيث أمر الحق سبحانه و تعالى بتحريرها وتوثيقها في الوثيقة المكتوبة ،مصداقا لقوله عز و جل:"يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، و ليكتب بينكم كاتب بالعدل" .(37)
لذا فقد عمل المشرع المغربي على سن مجموعة من القوانين التي تعنى بالوثيقة العدلية و أحكامها، وعيا منه بأهمية الوثيقة و دورها في توثيق و إثبات الحقوق و المعاملات العقارية .
_________________________
(37)-سورة البقرة الآية 282،
فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية،أنه" يجب أن تحرر –تحت طائلة البطلان- جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بانشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو اسقاطها بموجب محرر رسمي،أو بمحرر ثابت التاريخ،يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض،ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك".
ونظرا لشيوع العمل بالوثيقة(38) العدلية كأهم دليل كتابي يعتمد عليه الأفراد في اثبات حقوقهم،فسوف نركز الدراسة على الوثيقة العدلية لأهميتها في توثيق التصرفات العقارية(39).
فما هي ضوابط إحكام الوثيقة العدلية المعتبرة في الاثبات؟
بما أن العدول و الموثقين هم المؤهلون رسميا للتوثيق فإن تحرير الوثائق العدلية تتطلب دراية عالية ، و كفاءة علمية و عملية رفيعة، و في هذا الصدد فان منشور وزير العدل(40 ) حث العدول على تحرير الرسوم بخط واضح و أسلوب سهل الفهم سعيا وراء اجتناب ما يمكن أن يقع من لبس في فهمها أو تأويلها.
فالوثيقة العدلية كي تكون حجة صحيحة و مقبولة في الاثبات يجب أن تكون متضمنة لأسماء الأطراف المتعاقدة و ذكر كل ما يميزهم عن غيرهم و يعينهم بأشخاصهم، و ذلك
___________________________
(38 )- الوثيقة في اللغة لها معنيان،الأول:الأحكام من وثق الشيئ بمعنى محكم، و على هذا المعنى سميت بالوثيقة لأنها تحكم ما جرى بين المتعاقدين من معاملة، و المعنى الثاني:الشد و الربط من الوثائق و هو ما يشد به من حبل و قيد و نحوهما، و من قوله تعالى":فشدوا الوثاق" و منه الميثاق بمعنى العهد، و يقال استوثقت منه:أخذت الوثيقة، و قد سميت الوثيقة وثيقة لأنها تشد المتعاقدين بما جرى حتى يصير ميثاقا عليهما، و الوثيقة بهذا المعنى قريبة من معنى العقد، و لذلك يطلق "العقد" بمعنى" الوثيقة"
- ادريس بلمحجوب ،من أهم توجهات المجلس الأعلى و رقابته في مجال شروط و تقنيات تحرير الوثيقة العدلية و صحتها ،التقرير السنوي للمجلس الأعلى 2004،مطبعة الأمنية ،الرباط،الطبعة الأولى 2006 ،ص:44
(39)- يعتبر التوثيق العدلي الركيزة الأساسية في المنظومة التوثيقية المغربية،و الذي يعتبر الى حد ما هو الملاذ الوحيد الذي يطمئن اليه المواطن المغربي، في توثيق معاملاته المدنية و الشخصية:فهو يحتل مكانة مرموقة بين محررات الموثقين و المحررات العرفيةإلا أنه يمتاز عنهما معا بكون محرراته تعتبر شهادة تخضع للمعايير و المقاييس التي تنظم الشعادة كوسيلة اثبات رسمية رئيسية و هذا هو توجه المشرع المغربي حاليا حول مبدأ رسمية العقود.
-عبد السلام البوريني،ضمانات الوثيقة العدلية في توثيق التصرفات العقارية،توثيق التصرفات العقارية،منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مركز الدراسات القانونية المدنية و العقارية ،مراكش،سلسلة الندوات و الأيام الدراسيةعدد 23،المطبعة و الوراقة الوطنية ،الحي المحمدي،مراكش،الطبعة الثانية،ص:281 .
(40 )-منشور عدد 17/61 بتاريخ 07/04/1961
بتحديد أسمائهم الشخصية و العائلية و اسم الأب و الجد إن اقتضى الحال ، و بطاقة تعريفهمالوطنية ،كما أوجبت ذكر عناوينهم بكيفية تامة(41 ) ، بما يرفع الجهالة عنهم.
كما يتعين على العدل الموثق أن يبن الموضوع الذي وقع عليه الاشهاد،فيبين نوع المعاملةمن بيع و شراء و مناقلة وهبة... و أن يصفه و صفا تاما بذكر نوعه بكل تدقيق، فإذا تعلق الأمر بعقار محفظ أو في طور التحفيظ وجب تعيينه بذكر اسمه و رقم رسمه العقاري أو رقم المطلب،و إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ وجب تحديد مساحته و حدوده (42 )، و تحدد بالأرقام و الحروف المساحات التي يجب تعيينها بالمقاييس الرسمية أو المصطلح عليها، و لا يمكن الاكتفاء ببعض العبارات التي قد تزيد غموضا و تثير نزاعا كتحديد مساحة العقار المبيع بزريعة الشعير أو مقدار ما يغرس فيها من الخضروات،فإنها مظنة للطعن فيها،مع أنها أسست لقطع المنازعة بين المتعاقدين (43).
ويجب أن تتضمن الوثيقة بيان اسمي العدلين و دائرة تعيينهما اي بيان محكمة الاستئناف و المحكمة الابتدائية أو حتى المركز القضائي الذي يمارس العدلان عملهما في دائرة نفوذها(44)
كما يتعين ذكر تاريخ و مكان تلقي الشهادة، لما له من أهمية كبيرة في حسم نزاعات ناشئة عن الوثيقة، و ينبغي أن تؤرخ بالساعة واليوم و الشهر و السنة(45 ). و بيان مراجع
___________________________
(41 )- فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 13 من القانون رقم 16.03 المتعلق بالتوثيق العدلي عل أنه:"يتعين أن تشتمل الشهادة على الهوية الكاملة للمشهود عليه ، وحقه في التصرف في المشهود فيه ، وكونه يتمتع بالأهلية القانونية لهذا التصرف". ونصت الفقرة الثالثة من المادة 25 من المرسوم التطبيقي لنفس القانون على ما يلي: " تشتمل أيضا على الحالة المدنية الكاملة للمشهود عليهم و جنسيتهم و مهنتهم و عنوانهم الكامل ، و كذا رقم بطاقة التعريف الوطنية و تاريخها إن وجدت ، أو أي وثيقة إدارية تفيد التعريف".
(42 ) – سليمان أدخول،المركز القانوني للوثيقة العدلية في نظام السجلات العقارية، دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع،الرباط،الطبعة الأولى،2015 ،ص38 .
(43 )- أحمد خرطة،الوثيقة العدلية و حتمية تجديدها شكلا و مضمونا،توثيق التصرفات العقارية ،مرجع سابق،ص:305.
(44)-نصت الفقرة الثانية من المادة 25 من المرسوم التطبيقي للقانون المنظم للتوثيق العدلي على أنه:"تشتمل الوثيقة في طليعتها على إسمي عدلي التلقي و دائرة انتصابهما..."
(45 )–تنص المادة 21 من المرسوم التطبيقي للقانون المنظم للتوثيق العدلي على أنه:"تشتمل الوثيقة في طليعتها على ... ذكر التاريخ بالساعة و اليوم و الشهر و السنة ، و أن يكتب ذلك بالحروف و الأرقام و اعتماد التقويم الهجري مع بيان ما يوافقه من التقويم الميلادي ".
مذكرة الحفظ و اسم العدل الماسك لها، و مراجع التضمين بسجلات المحكمة و مراجع التسجيل لدى إدارة التسجيل و التنب،كما يجب أن يشار فيها الى مراجع تسجيل الوثيقة المستند عليها كأصل للتملك في عقد التفويت.
ولابد من الاشارة في صلب الوثيقة الى مستند علم الشهود وهو على نوعين:
- مستند عام: كالمجاورة و المخالطة، و الاطلاع على الأحوال، أو السماع الفاشي... و هذا يكون في الشهادات الإسترعائية.
- مستند خاص:كالحضور و الاقرار و الرضى، و القبول، و يكون في الشهادات الأصلية عامة(46 ) .
إضافة الى البيانات الموضوعية اللازم تضمينها في الوثيقة فان هذه الأخيرة يلزم أن تتوافر على بيانات شكلية منها وضع الختم و التوقيع عليها عن طريق وضع دلالات و مصطلحات للدلالة على أنها نافذة و صحيحة47 ) ، و أن تكون مذيلة بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق عليها بعد التأكد من استيفائها للبيانات المتطلبة قصد إعطائها صبغة الورقة الرسمية(48 ).
وقد يحدث أن يقع من الموثقسهو أثناء تحرير الوثيقة فيسقط كلمة أو يكررها أو يبشر كلمة أو يضرب عليها أو يمحوها ، و كل ذلك لا يؤثر في صحة الوثيقة بشرط أن يعتذر و ينبه على ذلك بعد الانتهاء من تحريرها ،فإذا نسي الكلمة ألحقها و إذا زادها ضرب عليها أو محاها،و إذا غيرها بشرها وأصلحها، وفي آخر الوثيقة يقول فيه ملحق كذا أو مصلح كذا،أو بشر كذا... (49 )و قد نصت المادة 29 من القانون المنظم للتوثيق العدلي على أنه"تكتب الشهادة في وثيقة واحدة دون انقطاع، أو بياض، أو بشر، أو إصلاح، أو إقحام أو إلحاق، أو تشطيب، إلا ما اعتذر عنه بالنسبة الى غير البشر،فلا يقبل الاعتذار فيه.
__________________________
(46)-سليمان أدخول،مرجع سابق،ص:52.
(47 )- تنص المادة 29 من القانون المنظم لخطة العدالة على أن الشهادة المحررة تذيل بتوقيع عدليها
(48 )- تنص المادة 35 من القانون رقم 16.03 المتعلق بالتوثيق العدلي"يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام الاجراءات اللازمة و التأكد من خلوها من النقص و سلامتها من الخلل، و ذلك بالاعلام بآدائها و مراقبتها . يتعين على القاضي ألا يخاطب على الشهادات الخاضعة لواجبات التسجيل الا بعد تأديتها. لا تكون الوثيقة تامة الا إذا كانت مذيلة بالخطاب، و تعتبر حينها وثيقة رسمية".
(49)- عبد السلام الزياني ،شروط الموثق و ضوابط تحرير الوثيقة العدلية،توثيق التصرفات العقارية ،مرجع سابق،ص:302.
فإذا استجمعت الوثيقة أركانها و شروط صحتها كما تم تفصيله أعلاه فإنها تكون حجة مثبتتة للملك في دعوى التعرض، مالم تواجه بحجة أخرى اذ يتعين أنذاك الترجيح بينهما، فكيف يسار الى الترجيح بين الحجج؟ و ماهي أسبابه؟
الفقرة الثانية:الترجيح بين حجج طالب التحفيظ و حجج المتعرض
إن الترجيح بين حجج طرفي ملف التحفيظ يقتضي تحديد المراكز القانونية لكل من طالب التحفيظ و المتعرض،هذا الأخير الذي يتخذ صفة المدعي فيكون مكلف ابتداء بإثبات دعواه بحجة مقبولة في مجال الاستحقاق، بينما يكون طالب التحفيظ في مركز المدعى عليه المعفى مبدئيا من الاثبات(50)،إلا أنه إذا أدلى المتعرض بوجه مدخله في تملك العقار فعلى طالب التحفيظ أن يبين وجه مدخله و إلا استحق العقار من يده و لا يكفيه أن يدفع بقوله حوزي و ملكي(51)، و هذا ما كرسته محكمة النقض في العديد من قراراتها،منهاالقرارالصادر بتاريخ 21/03/227 إذ جاء فيه(52):"لكن ردا على الوسيلة فإن المتعرض يظل هو المدعي و عليه يقع عبئ إثبات ما يدعيه أولا، و لا ينظر في حجج طالب التحفيظ إلا بعد إدلاء المتعرض بحجج مثبتة و منطبقة على عقار النزاع ، و بذلك فإن المحكمة لم تكن في حاجة إلى تقييم حجج طالبي التحفيظ، مادام ثبت لها عدم انطباق حجج الطاعنين بوصفهم متعرضين لتأخر مطلبهم تاريخا على مطلب المطلوبين على أرض النزاع".
و هذا ما سارت عليه المحكمة الابتدائية بالناظور في العديد من أحكامها منها الحكم الصادر بتاريخ 26/03/2012 الذي جاء في حيثياته(53):"و حيث انه من المتعارف عليه فقها و قضاء أن محكمة التحفيظ لاتنتقل الى فحص حجج طالب التحفيظ الا بعد ان تصح حجج المتعرض و تكون عاملة في النزاع كما أنها ملزمة بالبت في كل تعرض على حدة و ذلك في مواجهة مطلب التحفيظ المقدم ضده التعرض..."
__________________________
(50)–حكيم غلام، مرجع سابق،ص:47.
(51)- الدليل العملي للعقار غير المحفظ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية، سلسلة الدراسات و الأبحاث ،العدد :2 ،الطبعة الثانية مطبعة فضالة،2007،ص:33
(52)- قرار عدد 996،صادر في الملف عدد:4510/1/1/2003 ،أورده سليمان أدخول ،مرجع سابق،ص:159.
(53)- حكم صادر في ملفين عقاريين مضمومين تحت عدد:56/98و159/97
فاللجوء إلى الترجيح بين الحجج لا يكون إلا بعد فحص الوثائق التي أدلى بها طالب التحفيظ و المتعرض و مراقبة صحتها شكلا و مضمونا،قبل إعمالها و لو لم يقع الطعن فيها بأي طعن من لدن المحتج بها عليه،في إطار السلطة التقديرية لقاضي الموضوع،كما أكدت ذلك محكمة النقض بمقتضى القرار المدني الصادر عنها تحت عدد 217 بتاريخ 08 ماي1968 الذي جاء فيه:"إن من شروط الحيازة أن تطول عشر سنين مع حضور المدعي و سكوته بلا مانع طول المدة المذكورة"(54). فرسم الملكية مثلا يجب أن تتوافر فيه شروط الملك الخمسة لقول الزقاق في لاميته:
يد نسبة طول كعشرة أشهر و فعل بلا خصم به الملك يجتلى
وهل عدم التفويت في علمهم كما ل أم صحة للحي للميت ذا اجعلا
كما أن استبعاد الحجة و إسقاطها لنقص فيها يقتضي إبراز هذا النقص و الخلل في صلب الحكم(55)،كما أن الترجيح بين الحجج يكون بين وثيقتين لا يمكن الجمع بينهما نظرا للتناقض و التعارض بينهما و ذلك لقول الشيخ خليل:( و إن أمكن جمع بين البينتين جمع)، و كما جاء في لامية الزقاق:
بأسباب ملك رجحن إن تعارض بدا من شهود و انتفى الجمع أولا
كنسج لنفس أو نتاج ورجحن على الملك إلا من مقاسم اقبلا
إذ لا تعادل بين بينة مستوفية لشروط الملك و أخرى مجردة منها، فرسم زمام التركة مثلا يعد مجرد إحصاء متروك و لا يكون حجة لإثبات التملك إلا إذا كان معززا بما يفيد التملك المنسوب للهالك، و أقيم باعتراف كافة الورثة(56)
___________________________
(54) مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد1 ،ص:26.
(55)- و قد جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 2بتاريخ 4 نونبر 1969 و الذي اعتبر"الحكم.. المعلل بأن اللفيفية..ناقصةعن درجة الاعتبار لخلوها من شروط الاثبات ،دون أن يتوفر على مضمن اللفيفية المشار إليها وإلى هدفها و..أوجه نقصانها من حيث شروط الاثبات، دون سؤال المدلي بها هل في استطاعته إتمامها أو الاتيان بغيرها من وسائل الاثبات،غير معلل تعليلا كافيا و معرض للنقض".
- مجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية،إعداد ادريس ملين،منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية،الجزء الأول من 1965 الى 1989 ،ص130 و ما بعدها .
(56)-عادل حاميدين القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية،في ضوء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الإسلامي،الطبعة الثانية 2015،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،ص:605.
يعني ذلك أنه عند تعارض بينتين و لم يمكن الجمع بينهما صير الى ترجيح إحداهما على الأخرى بأحد المرجحات المذكورة في البيتين و هي عشرة(57):سبب الملك و الملك على الحضور، و اليد على مجرد الدعوى، و النقل على الاستصحاب، و الإثبات على النفي، و الأصالة على خلافها، و تعدد الشهود على الواحد، و المؤرخة على غيرها، و قدم التاريخ، و التفصيل على الإجمال.
-المرجح الأول:الترجيح ببيان وجه المدخل:فإذا شهدت بينتان بملكية شيئ و بينت إحداهما السبب و لم تبينه الأخرى، قدمت ذات السبب ،لكن شريطة أن تكون مستوفية لكافة شروط الملك المعتبرة شرعا ، فإذا اقتصرت على بيان السبب و وجه المدخل و لم تنص على شروط الملك الخمسة و نصت الأخرى على هذه الشروط و لم تذكر السبب و وجه المدخل فصاحبة الشروط مقدمة، إلا إذا كانت بينة السبب ناقلة فتقدم(58).
- المرجح الثاني: الملك على الحوز: فإذا شهدت إحدى البينتين بالملك و الأخرى بالحوز قدمت الشاهدة بالملك، و لو كان تاريخ الحوز سابقا، لأن الحوز أعم من الملك، لأنه يكون بالملك و بالإكراء و بالوديعة و بغير ذلك، و الأعم لا يعارض الأخص لأنه إشعار له بأخص معين(59).
و في هذا الإطار ذهبت محكمة النقض في قرار صادر عنها تحت عدد 2153 بتاريخ 20/06/2007 ملف عدد 1594/3/2006 إلى أن "حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أن كل حكم يجب أن يكون معللا تعليلا صحيحا و إلا كان باطلا، و أن نقصان التعليل يوازي انعدامه، و أن دعوى نازلة الحال تهدف إلى الاستحقاق التي تعني دفع ملك شيء
_____________________________
-و قدجاء في قرار لمحكمة النقض بهذا الخصوص:أن موجب إحصاء المتروك المقام من طرف أحد الورثة في غياب الباقي و المجرد من شروط الملك الخمسة المقررة فقها يعتبر مجرد زمام لا تثبت به التركة.
قرار عدد251 بتاريخ 26/04/2006 ،الملف الشرعي عدد 439/2/1/2005 ،أورده عمر أزوكار،قضاء محكمة النقض في الترجيح بين البينات و الحجج.منشورات دار القضاء بالمغرب،طبعة 2014،ص:282.
(57)- و هي المذكورة في المادة 3 من مدونة الحقوق العينية .
(58)- الدليل العملي للعقار غير المحفظ، مرجع سابق، ص71 .
(59)- عبد الإله عزمي،إعمال قواعد الترجيح في دعاوى استحقاق العقار وفق قرارات المجلس الأعلى،المنازعات العقارية ،مطبعة الأمنية الرباط 2007 ص 333.
بثبوت ملك قبله، و أن الملك لمن أقام عليه البينة، و أن بينة ثبوت الملك مقدمة على بينة ثبوت الحوز إن تعارضتا لقول خليل:‘و بالملك على الحوز‘ " (60).
- المرجح الثالث: اليد على مجرد الدعوى
إذا تساوت البينتان بالملك، فالقاعدة أن بينة الداخل مقدمة على بينة الخارج أي أن الترجيح يقع باليد عندما تتعارض البينات و تسقطان، و ذلك عملا بقول الشيخ خليل " بيد إن لم ترجح بينة مقابلة"(61).
و كذلك إذا كانت الدعوى مجرة من البينة، فإن العقار يبقى بيد حائزه،لقول لبن عاصم في تحفته:
و المدعي استحقاق شيء يلزم ببينة مثبتة لما يزعم
من غير تكليف لمن تملكه من قبل ذا بأي وجه ملكه
- المرجح الرابع: ترجيح البينة الناقلة على البينة المستصحبة
إذا تضمنت الوثيقة شهادة شهودها بأن عقارا في ملك شخص و أنهم لا يعلمون أنه خرج عن ملكه إلى الآن، و تضمنت وثيقة ثانية شهادة شهودها بأنه المشهود له اشترى العقار المذكور منه، فتقدم هذه الأخيرة لأنها علمت ما لم تعلمه المستصحبة(62).
- المرجح الخامس: ترجيح بينة الإثبات على بينة النفي
إذا وقع تعارض بين وثيقتين إحداهما تشهد بالإثبات و الثانية بالنفي، فإن بينة الإثبات تقدم على بينة النفي. كما لو تنازعا في حوز التبرع فالبينة الشاهدة به مثبتة و البينة الشاهدة بعدمه نافية .
____________________________
(60)- قرار أورده عمر أزوكار ,قضاء محكمة النقض في الترجيح بين البينات و الحجج ،مرجع سابق ،ص 42.
(61)- الدليل العملي للعقار غير المحفظ، مرجع سابق، ص73 .
(62)- نفس المرجع، نفس الصفحة.
-في نفس الإتجاه ذهبت محكمة النقض في قرار لها، تحت عدد 76 بتاريخ 26/2/2003 ملف شرعي عدد 205/2/2002 إلى أن " حيث تبين صحة ما ورد بالسبب ذلك أن قاعدة الاستصحاب تستوجب بقاء ما كان على ما كان حتى يظهر ما يخالفه بناقل..." ، أورده عمر أزوكار نفس المرجع ص 57 .
في المعيار "من أثبت شيئا أولى ممن نفاه هذا الذي تقررعليه مذهب مالك وأصحابه" (63)
-المرجح السادس: ترجيح الأصالة على الفرعية
إذا تعارضت بينتا الصحة على المرض ، و الحرية على الرق،و الرشد على السفه ، و العسر على اليسر،و الإكراه على الطوع ،فتقدم بينة الإكراه و الصحة و الحرية و الرشد (64).
- المرجح السابع: ترجيح البينة السابقة تاريخا
إن التاريخ الذي ترجح الوثيقة بتقدمه هو تاريخ مدة الحيازة و ليس تاريخ تلقي الشهادة أو تحرير الوثيقة أو الخطاب عليها، إذ تقدم الوثيقة الشاهدة بقدم تاريخ الحيازة على المتأخرة به، و لو كانت أعدل من المتقدمة، أو كان المتنازع فيه بيد صاحب المتأخرة ، لأن الوثيقتان تساقطتا فيما تعارضتا فيه من مدة و يبقى استصحاب الحال لذات التاريخ الأقدم بالنسبة للمدة الزائدة خاليا من المعارض(65).
قال ابن عاصم في تحفته:
و قدم التاريخ ترجيح قبل ولو مع يد و العكس عن بعض نقل
__________________________________
(63)- الدليل العملي للعقار غير المحفظ ، مرجع سابق، ص 74.
- جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 1575 بتاريخ 23/4/2008 ملف مدني عدد 3075/1/1/2006 بأنه " لا يمكن أن يناهض باللفيف لنفي حيازة المتصدق به ما شهد به العدلان لحيازة المتصدق عليه للمتصدق به معاينة طوافا. إن المثبت مقدم على النافي لأنه علم ما لم يعلمه الآخر" أورده عمر أزوكار مرجع سابق ص 64
(64)- عبد الإله عزمي، مرجع سابق، ص 333 .
- جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 318 بتاريخ 24/5/2006 ملف شرعي عدد 358/2/1/ 2004 " إن البينة الأصلية مقدمة على سواها كما هو مقرر في باب البينات و طرق الترجيح"
(65)- الدليل العملي للعقار غير المحفظ، نفس المرجع ، ص74.
- جاء في قرار لمحكمة النقض، تحت عدد 750 بتاريخ 8/3/2006 ملف مدني عدد 3605/1/1/2005 " حيث يعيب الطاعن القرار في السبب الثالث بنقصان التعليل الموازي لانعدامه و عدم الارتكاز على أساس قانوني. ذلك أنه اعتمد على ترجيح ملكية المطلوبين في النقض على ملكيته من حيث التاريخ و بالرجوع إلى ملكيته يلقى أنها أنجزت بتاريخ29/8/1987 في حين ملكية المطلوبين أنجزت بتاريخ 10/9/1987 و هذا يكفي لترجيح ملكيته على ملكيتهم..."
-المرجح الثامن : تعدد الشهادة على شهادة واحدة
اثنان على شاهد و يمين، و كذا على شاهد و امرأتين ، و هكذا ذهبت محكمة النقض في قرار لها إلى أن " تقدم شهادة الشاهدين على الشاهد و اليمين لقول خليل: و رجح لشاهدين من جانب على شاهد و ليمين من جانب آخر و لو كان أعدل أهل زمامه"(66)
- المرجح التاسع : البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة
إذا أرخت إحدى البينتين ، و لم تؤرخ الأخرى قدمت المؤرخة
- المرجح العاشر: التفصيل على الإجمال
ترجح البينة المفصلة على البينة المجملة إذا لم يوجد مرجح لإحدى البينتين على الأخرى، فإن كانت الشهادتان فيما لا يعلم أصله يبقى الشيء بيد حائزه من المتداعين مع يمينه، وإن كانت فيما عرف أصله ككونه بالإرث من فلان و أمام كل واحد منهما البينة أنه وارثه فلا يختص به الحائز، و قسم بينهما و لو أقام أحدهما أنه وارث فكان وحده و أخذ المال ثم أقام الآخر بينة كذلك يقسم الشيء بينهما(67).
________________________
(66)-قرار عدد 3355 بتاريخ 30/10/2002 ، ملف مدني عدد 2820/1/1/2002 ، أورده عمر أزوكار مرجع سابق ص112.
(67)– الدليل العملي للعقار غير المحفظ ، مرجع سابق، ص 76 .
- جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 224 بتاريخ 20/04/2005 ملف شرعي عدد 167/2/1/2004 " حيث إن قواعد الترجيح المقررة فقها تقضي بأن ترجح البينة المفصلة على المجملة و المثبتة عن النافية ..." أورده عمر أزوكار، نفس المرجع، ص 245
المطلب الثاني: الطعن في قرارت المحافظ
إن مسطرة التحفيظ و إن كانت مبدئيا مسطرة إدارية بحتة عندما تنتهي بقرار صادر عن موظف إداري هو المحافظ على الأملاك العقارية يتضمن تحفيظ العقار على اسم طالب التحفيظ أو رفض هذا التحفيظ ، أو إلغاء لتعرض ، فقد يحصل أن تتخلل هذه المسطرة مرحلة قضائية يعرض فيها الأمر على القضاء ليفصل فيه.
و تتجلى هذه المرحلة القضائية في إحدى الحالتين و هما: الطعن في قرار المحافظ بشأن رفض مطلب التحفيظ (الفقرة الأولى)، و الطعن في قرار المحافظ بشأن إلغاء التعرض (الفقرة الثانية).
الفقرةالأولى: الطعن في قرار المحافظ بشأن رفض مطلب التحفيظ
عندما تنجز مسطرة التحفيظ لمطلب لم يرد عليه أي تعرض، يكون للمحافظ العقاري إما اتخاذ قرار بتحفيظ العقار على اسم طالب التحفيظ فيكون قراره هذا مبررا غير قابل لأي طعن، و إما اتخاذ قرار برفضه و ذلك في حالة عدم توفر الطلب على الشروط المطلوبة بداية، أو لعدم تقديمه وفاقا للقواعد القانونية شكليا و كذا لعدم كفاية المستندات المؤيدة له موضوعيا، فإن قراره يكون قابلا للطعن.
فقد منح المشرع للمحافظ إمكانية إلغاء مطلب التحفيظ في حالات معينة واردةعلى سبيل المثال في الفصول 23و 50 من قانون التحفيظ العقاري و حددها فيما يلي :
-تغيب طالب التحفيظ عن حضور عمليات التحديد أو عدم قيامه بما يلزم لأجرائها دون إدلائه بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار.
-تعذر إنجاز التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك، بحيث يصدر قرار الإلغاء فور تحقق الواقعة دون توجيه أي إنذار.
-تراخي طالب التحفيظ عن متابعة المسطرة، حيث يقوم المحافظ بإنذاره بواسطة البريد المضمون أو عون من المحافظ العقارية أو السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ، فإذا لم يستجب داخل ثلاثة أشهر من يوم التبليغ يبادر نحو إلغائه(68).
________________________
(68)- خير الدين الطاوس،إشهار الحقوق المكتسبة خلال مسطرة التحفيظ و آثارها في ضوء مستجدات القانون 14.07 الطبعة الأولى2015، مطبعة: دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع، الرباط، ص138.
ويتحتم على المحافظ في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ تعليل قراره و تبليغه لطالب التحفيظ، ولتاريخ هذا التبليغ أهمية خاصة إذ يشكل انطلاق احتساب أجل الشهر لمباشرة الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 من نفس القانون أعلاه .
فإذا تبين لذوي العلاقة بأن أسباب الرفض غير مبنية على أساس فيحق لهم الطعن في قرارت المحافظ لدى المحكمة المختصة التي يتعين عليها أن تبت في هذا الطعن مع الحق في الاستئناف و تكون القرارات الإستئنافية قابلة للطعن بالنقض(69)،و بهذا الصدد يثار نقاش حول الجهة المخول لها النظر في الطعن الموجه ضد قرارات المحافظ بهذا الخصوص .
إن الحديث عن الطعن في قرارات المحافظ يجد أساسه و مرجعيته فيما نصت عليه مقتضيات الفصلين 37 مكرر و 96 من القانون 14.07 و الفصل 10 القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 ، فقد طرح الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري سابقا عدة إشكالات من حيث التطبيق فرأي يقول بانعقاد الاختصاص للقضاء العادي و آخر يقول بأن الأصل هو اختصاص القضاء الإداري للبت في تلك الطعون على اعتبار أن قرارات المحافظ تستجمع كل مقومات و أركان القرار الإداري(70).
مبدئيا ما دام المحافظ العقاري يمثل سلطة إدارية يمارسها بواسطة قرارات، و ما دام القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص الأصيل للرقابة على مشروعية القرارات الإدارية عن طريق دعوى الإلغاء، فإنه من الطبيعي أن تكون هذه القرارات خاضعة لرقابة القضاء الإداري عن طريق دعوى الإلغاء، اعتمادا على المعيار العضوي الذي تأخذ به محكمة النقض(71).
______________________
(69)- الفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري" يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل قراره و يبلغه لطالب التحفيظ. يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف و تكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض"
(70) - بوشعيب البوعمري، مسؤولية المحافظ و الطعن في قراراته،نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية ، مرجع سابق، ص 328 .
(71)- عمر الأزمي الإدريسي، القواعد الموضوعية و الشكلية في مساطر المنازعات العقارية، الجزء الثاني، مطبعة الأمنية الرباط ، الطبعة الثانية 2011 ص 141 .
و هو النقاش الذي زادت حدته عقب إحداث المحاكم الإدارية ، حيث أسفر مع مرور الوقت عن تراكم مجموعة من الأحكام و القرارت القضائية، الأمر الذي سمح بالتمييز بين مجال اختصاص كل من جهة القضاء العادي و القضاء الإداري بناء على معايير موضوعية محددة و واضحة(72).
فقد عمد الاجتهاد القضائي على توزيع الاختصاص بين القضاء العادي و القضاء الإداري معيار التفسير الضيق لمقتضيات الفصل 96 حيث اعتبر أن قرارات المحافظ برفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب يكون قابلا للطعن أمام القضاء العادي، متى كان قراره معللا بعدم صحة الطلب أو عدم كفاية الحجج، و متى كان قراره معللا بسبب آخر، أصبح الاختصاص منعقدا للقضاء الإداري طبقا للمبدأ العام، و هوالاجتهاد الذي تواترت عليه محكمة النقض في قراراتها، و إذا اعتبرت قرارات المحافظ و المحافظ العام قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء، وفقا للمبدأ العام، و أن الاستثناء الوارد في المادة 96 من ظهير التحفيظ العقاري يجب أن يفسر تفسيرا ضيقا ينحصر فيما إذا كان قرار المحافظ برفض التحفيظ أو السجيل أو التشطيب مبررا بعدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم. و قد سارت على نفس النهج المحاكم الدنيا سواء الإدارية أو العادية و إن بدرجات مختلفة(73).
فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 03/12/98 (74)" يرجع الطعن ضد قرارات المحافظ القاضية برفض تحفيظ العقار... إلى المحكمة الابتدائية المختصة مكانا عملا بالفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري و ذلك بسبب عدم صحة الرسوم أو عدم كفايتها" .
و قد جاء القانون 14.07 ليحسم هذا الجدل بخصوص الاختصاص النوعي للنظر في هذه الطعون إذ جاء في الفصل 37 من القانون أعلاه" يجب على المحافظ على الأملاك
________________________
(72)- عمر الأزمي الإدريسي مرجع سابق، ص 142.
(73)- عبد الرزاق عريش، مستجدات الطعون القضائية ضد قرارات المحافظ العقاري في ضوء القانون 14.07 تاريخ الولوج 20/05/2015 www .marocdroit.com و مقتضيات الدستور الجديد ، مأخوذ من موقع:
(74)- قرار عدد 1119 ملف إداري عدد 729/5/1/ 98 أورده محمد بفقير، القانون العقاري و العمل القضائي المغربي، منشورات دراسات قضائية سلسلة القانون و العمل القضائي المغربيينالعدد 7 ،الطبعة الأولى 2009 ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص 134.
- و في هذا السياق ورد في قرار صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بتاريخ 27/2/08 تحت عدد 80 في الملف عدد 44/5/07-1 و 35/5/07-1 بأن " الأصل العام أن جميع القرارات الصادرة عن المحافظ على الأملاك العقارية قرارات إدارية و الاستثناء هو ما نص عليه المشرع في الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري ".
العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل قراره و يبلغه لطالب التحفيظ.
يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف و تكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض".
كما نص ذات القانون على إلزامية تعليل قرار رفض التحفيظ و ضرورة تبليغه إلى المعني بالأمر(75)، و قد نظم الفصل 10 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو مسطرة الطعن في قرار المحافظ 1915 بحيث نص على أن كل من يرغب في ممارسة هذا الحق عليه داخل أجل شهر من تاريخ توصله بقرار الرفض أن يقدم مقال الطعن لدى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية المعنية يتضمن الوقائع و الأسباب المستندة عليها في طلب مراجعة القرار المطعون فيه(76).
و للمحافظ أجل 15 يوما على الأقل بعد تبليغه بعريضة دعوى الطعن ليدلي بالأسباب المبررة لقرار الرفض، و الحكم الابتدائي الصادر في هذه الحالة يبقى قابل للاستئناف داخل أجل شهر واحد من تاريخ تبليغه، و نفس الإجراءات تجرى أمام محكمة الاستئناف ، و في حالة ما إذا تمت مراجعة القرار المطعون فيه و عند صيرورة الحكم نهائيا يجب على المحافظ أن يطبقه داخل أجل ثمانية و أربعين ساعة من تاريخ توصله به(77).
فإذا كانت هذه هي المقتضيات المنظمة للطعون التي قد تتعلق بمطلب التحفيظ ،فما هي سلطات المحافظ إزاء التعرضات المقدمة أمامه؟ و هل من إمكانية للطعن في قراراته بخصوصها؟
________________________________
(75)- و قد جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور بتاريخ :08/1/2014، حكم رقم77 في ملف مدني عدد: 430/1401/14إذ جاء فيه" حيث أن المحافظ على الأملاك العقارية قد اتخذ قراره بإلغاء مطلب التحفيظ دون أي تعليل أو تسبيب ، و مادام أن كل قرار إداري يجب أن يكون معللا تعليلا كافيا حتى يتمكن القضاء من بسط رقابته على مدى مشروعيته، فان بقاءه دون ذلك يجعله عرضة للإلغاء"
(76)- إدريس لزرق،مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية و الطعن في قراراته على ضوء مستجدات القانون رقم 14.07 المغير و المتمم لظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية، مرجع سابق،ص351 .
(77)- نفس المرجع، نفس الصفحة.
الفقرة الثانية: الطعن في قرار المحافظ القاضي باعتبار التعرض لاغيا
را لكون التعرض يعتبر من أكثر الإجراءات التي يترتب عنها تعطيل المسطرة العادية للتحفيظ ، و تمديد إجرا
ءاتها من زاوية ما ينجر عنه من انتقال النزاع إلى نظر القضاء ، و بالتالي تأسيس الرسم العقاري و اختتام المسطرة، فقد خص المشرع المقتضيات المتعلقة به بمجموعة من التعديلات التي تجلت غايتها بوضوح في التضييق من إمكانات قبول التعرض بتشديد وطأة الإجراءات على مقدمه و فرض صرامتها(78)، تحسبا لكل تعسف في التعرض دون سبب مشروع إلا أن يكون الإضرار بطالب التحفيظ و بمصالحه غير أن القانون و درءا لإمكانية الإضرار بحق المتعرض خوله إمكانية الطعن في قرار المحافظ .
لقد كان الفصل 32 من القانون العقاري القديم ينص على أنه إذا لم يقدم المتعرضون الرسوم و الوثائق المؤيدة لتعرضهم أو لم يثبتوا أنهم استحال عليهم تقديمها، فيمكن للمحافظ بعد البحث أن يقرر الإبقاء على التعرض أو اعتباره ملغى، و في هذه الحالة الأخيرة يكون قرار المحافظ قابلا للاستئناف أمام المحكمة الابتدائية و تبت هذه بصفة انتهائية و يجب أن يقدم الاستئناف داخل أجل 15 يوما تبتدئ من يوم تبليغ قرار المحافظ(79).
أما قانون التحفيظ العقاري عدد (14.07) فقد نسخ كل مقتضيات الفصل 32 من القانون القديم، و لم يترك أية سلطة تقديرية للمحافظ من أجل الإبقاء على التعرض أو إلغائه، إذا لم يدلي المتعرض بالحجج المؤيدة لتعرضه و لم يؤد الرسوم القضائية، و ذلك لما أكد على أن التعرض يعتبر لاغيا إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 الرسوم و الوثائق المؤيدة لتعرضه، و لم يؤد الرسوم القضائية و حقوق المرافعة، أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية(80).
_______________________
(78)- فتح الله الحمداني،أحكام إلغاء التعرض و رفضه في ضوء القانون 14.07 بين هاجس تسريع مسطرة التحفيظ و منزلق المساس بحقوق المتعرضين، ص 91.
(79)- عمر الأزمي الإدريسي، مرجع سابق ، ص150.
(80)- أحمد دحمان، تلقي التعرضات و شروط تقديمها و قرارات المحافظ بشأنها، نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية، مرجع سابق،ص123.
و إذا كان قرار إلغاء التعرض في القانون القديم مصدره قرار المحافظ ، فإن مصدره في القانون الجديد هو القانون الذي حدد الجزاء المترتب عن عدم تعزيز التعرض بالحجج أو عدم أداء الرسوم القضائية و ذلك لما صدر النص بعبارة" يكون التعرض لاغيا و كأن لم يكن له أثر"، و بما أن إلغاء التعرض أصبح حكما قانونيا فإن الفصل 32 لم ينص على أي طعن في حالة إلغاء التعرض للسبب المذكور(81).
فكيف يفسر سكوت المشرع عن إيراد نص يتعلق بإمكانية الطعن في قرار المحافظ بإلغاء أو رفض التعرض من عدمه ؟ هل يحمل على معنى المنع أو الجواز؟ أليس من شأن عدم الحسم في ذلك بنص صريح أن يفتح باب التضارب في العمل القضائي بخصوص قبول الطعن من عدمه ؟.
و في اعتقادنا فإن عدم التنصيص على ذلك، لن يؤثر على قابلية قرار المحافظ بإلغاء التعرض للطعن القضائي، ما دام أن مكنة اللجوء إلى القضاء مكفول للجميع، و حق التقاضي حق دستوري يضمن لكل متضرر الحق في مخاصمة القرارات الإدارية و يدخل ضمنها قرار المحافظ برفض التعرض و أن عدم جواز الطعن هو استثناء من هذه القاعدة لا يجب أن يفهم ضمنيا، و إنما يجب أن يرد به نص صريح ، و أن مشرع قانون 14.07 لو كانت إرادته انصرفت إلى المنع لأورد ذلك صراحة على غرار ما أورده بالنسبة لإمكانية الطعن القضائي في قرار المحافظ برفض التعرض خارج الأجل وفق الوارد في الفصل 29 من القانون المذكور، و كذلك الشأن بالنسبة للإقرار الصريح بقابلية رفض طلب التحفيظ للطعن القضائي المنصوص عليه صراحة في الفصل 37 مكرر.
و ما يزكي هذا الطرح هو على فرض التسليم بعدم قابلية قرار رفض أو إلغاء التعرض المستند على كون الوثائق المعززة للتعرض مثلا قد سبق استعمالها في تأسيس رسم عقاري معين، فهذا من شأنه تجاوز المحافظ لسلطته باعتباره موظفا إداريا و سيجعله في موقع القاضي الذي يقدر حجج المتعرض ليخلص إلى كونها غير منتجة أو غير كافية ليتخذ قرارا بإلغاء التعرض.
فإذا كان الخوض في مناقشة مدى قابلية قرار المحافظ بإلغاء التعرض من شأنه أن يخلق سجالا يفضي في نهاية المطاف إلى ترجيح هذا الاتجاه أو ذاك، فإن المشرع قد حسم في موضوع قابلية قرار المحافظ برفض التعرض المقدم خارج الأجل القانوني و ذلك بإخراجه من دائرة المراقبة القضائية بتنصيصه في الفصل 29 في فقرته الأخيرة: " يكون قرار
______________________
(81)- أحمد دحمان ، مرجع سابق ، ص 123.
المحافظ على الأملاك العقارية غير قابل للطعن القضائي " و ذلك في معرض التنصيص على أحكام التعرض خارج الأجل. و هو ما يشكل بلا شك مسا بالضمانات الدستورية سيما حق التقاضي المكفول بموجب الفقرة الأولى من الفصل 118 من الدستور و كذلك للفقرة الثانية منه التي تنص على إمكانية الطعن في أي قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا أمام القضاء الإداري ، و بناءً عليه يمكن أن نقول بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من الفصل 29(82) .
ويمكن القول بأن التحصين التشريعي ينصرف فقط لقرار رفض التعرض المقدم خارج الأجل ما يعني أن المتضرر منه هو المتعرض، لكن لا ينبغي إغفال أن المحافظ على الأملاك العقارية قد يتخذ قرار بقبول التعرض الاستثنائي خارج الأجل يمكن أن يتضرر منه طالب التحفيظ، و السؤال المطروح هنا هل يشمل التحصين التشريعي هذا القرار الإيجابي أيضا بحيث يمنع طالب التحفيظ من مخاصمته قضائيا؟ في تقديري الشخصي لا يمكن مد التحصين التشريعي إلى هذا القرار و ذلك في إطار الالتزام بالتفسير الضيق للفقرة الثالثة من الفصل 29 التي حصنت قرار رفض التعرض فقط (83)، و كذلك استنادا للتعليل الذي سقناه أعلاه بخصوص قابلية قرار المحافظ بشأن إلغاء التعرض المقدم خارج الأجل القانوني للطعن القضائي.
______________________
(82)- عبد الرزاق عريش ، الموقع الإلكتروني السابق ، نفس تاريخ الولوج.
(83)–عبد الرزاق عريش ، نفس الموقع ، نفس تاريخ الولوج.
خاتمــــة
من خلال دراستنا هذه نخلص بأن مسطرة التحفيظ القضائية تتميز بالبساطة و المرونة وهي بذلك تختلف عن المسطرة المدنية، غير أن مكانتها تبقى ضيقة في مسطرة التحفيظ مقارنة مع مكانة المسطرة الإدارية.
فإذا كانت القوانين المنظمة للتحفيظ العقاري قد عرفت مراجعة في الآونة الأخيرة، فإن تحقيق الأهداف المتوخاة لن يتم إلا بالتطبيق السليم لفصول هذه القوانين سواء خلال المرحلة الإدارية أو أثناء المرحلة القضائية ، فالمحافظ لا ينبغي له أن يتخذ قرارا بإحالة الملف على أنظار القضاء للبت في النزاع القائم بشأنه، إلا بعد التأكد من إتمام كافة الإجراءات القانونية تجنبا لإرجاع الملف إليه لإنجاز إجراء ما بقي ناقصا،نهأ و القاضي ينبغي أن يكون ملما بجميع القوانين العقارية ، و عدم التأخر في تجهيز الملفات .
لكن يبقى من أهم الصعوبات التي تنتج عن مخاض المسطرة القضائية هو تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء على اعتبار مدى وضوحها و تطابقها مع ما يستوجبه مبدأ التطهير في التحفيظ العقاري.
ومما لا شك فيه أن مسألة التكوين و التنسيق بين الجهاز القضائي و مصالح المحافظة العقارية قد أصبح أمرا ملحا، و ذلك من أجل توحيد بعض الرؤى و التغيرات التي قد يثير التباين في تفسيرها الإضرار بمصالح المواطن ، الذي لا يطمح إلا للحصول على حقه من خلال تأسيس رسم عقاري خاص بملكه ، تضمن فيه كافة التقييدات المتعلقة بالتصرفات المنصبة عليه ، و يسمح بالتشطيب على تلك التي لم يعد لها محل.
لائحــــة المراجـــع
الكتــب :
خير الدين الطاوس، إشهار الحقوق المكتسبة خلال مسطرة التحفيظ و آثارها في ضوء مستجدات القانون 14.07 ، مطبعة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع ،الرباط، الطبعة الأولى 2015 .
عمر أزوكار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري و قضاء محكمة النقض، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
محمد خيري ، حماية الملكية العقارية و نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة المعارف
الجديدة- الرباط ،الطبعة الاولى 2014.
محمد خيري،العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، دار نشر المعرفة مطبعة المعارف الجديدة، الرباط ،طبعة 2014،
عبد الحميد أخريف،محاضرات في القانون القضائي الخاص ، طبعة 2001_2002 .
عبد الخالق أحمدون،التحفيظ العقاري بالمغرب،مطبعة طوب بريس،الرباط طبعة 2010
سليمان أدخول،المركز القانوني للوثيقة العدلية في نظام السجلات العقارية، دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع،الرباط،الطبعة الأولى،2015 .
عادل حاميدي، القواعد الفقهية و تطبيقاتها القضائية في المادة العقارية و المدنية،في ضوء مدونة الحقوق العينية و قانون الالتزامات و العقود و الفقه الإسلامي،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،الطبعة الثانية 2015.
عبد الإله عزمي،إعمال قواعد الترجيح في دعاوى استحقاق العقار وفق قرارات المجلس الأعلى،المنازعات العقارية ،مطبعة الأمنية الرباط 2007.
محمد بفقير، القانون العقاري و العمل القضائي المغربي، منشورات دراسات قضائية سلسلة القانون و العمل القضائي المغربيين العدد 7، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،الطبعة الأولى 2009.
عمر الأزمي الإدريسي، القواعد الموضوعية و الشكلية في مساطر المنازعات العقارية، الجزء الثاني، مطبعة الأمنية الرباط ، الطبعة الثانية 2011
المجلات و الندوات
مجموعة قرارات المجلس الأعلى ،المادة المدنية،الجزء الثاني 1983-1991،منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية،دار المعرفة للنشر،الرباط.
مجلة المحاكم المغربية عدد 43 ماي- يونيو 1986 .
رسالة الدفاع،العدد الثاني،نونبر 2001.
مجلة القصر،العدد 13 يناير 2006 .
نظام التحفيظ العقاري دعامة اساسية للتنمية،قراءة في مستجدات القانون رقم 14.07 سلسلة دفاتر محكمة النقض ،العدد 21 ،مطبعة الأمنية،الرباط،2015.
التقرير السنوي للمجلس الأعلى 2004،مطبعة الأمنية ،الرباط،الطبعة الأولى 2006.
توثيق التصرفات العقارية،منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مركز الدراسات القانونية المدنية و العقارية ،مراكش،سلسلة الندوات و الأيام الدراسية عدد 23،المطبعة و الوراقة الوطنية ،الحي المحمدي،مراكش،الطبعة الثانية.
الدليل العملي للعقار غير المحفظ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية، سلسلة الدراسات و الأبحاث ،العدد :2 مطبعة فضالة،الطبعة الثانية 2007.
مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد55،يناير 2000،مطبعة الأمنية ،الرباط .
مجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية ،منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية، الجزء الأول من 1965 إلى 1989.
فتح الله الحمداني،أحكام إلغاء التعرض و رفضه في ضوء القانون 14.07 بين هاجس تسريع مسطرة التحفيظ و منزلق المساس بحقوق المتعرضين.
.الأطروحات و الرسائل:
فاطمة الداودي،دور المحافظ العقاري و تدخل القضاء في قضايا التحفيظ بين التعزيز و المحدودية،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،السنة الجامعية 2014- 2015
ابراهيم ضرضور،حماية الملكية العقارية خلال المرحلة القضائية للتحفيظ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار،السنة الجامعية 2010_2011
حكيم غلام ، خصوصيات نزاعات مسطرة التحفيظ العقاري بين النص القانوني و العمل القضائي،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قوانين التجارة و الأعمال،السنة الجامعية 2013_2014
النصوص القانونية
قانون المسطرة المدنية
قانون التحفيظ العقاري
مدونة الحقوق العينية
القانون المنظم لخطة العدالة
المواقع الالكترونية
www .marocdroit.com تاريخ الولوج : 20/05/2015
droitentreprise.orgتاريخ الولوج :25/04/2015
anibrass .blogspot .comتاريخ الولوج :28/04/2015
الفهــرس
المبحث الأول:القواعد الإجرائية و المسطرية المؤطرة للمرحلة القضائية للتحفيظ العقاري..............1
المطلب الأول:نطاق اختصاص المحكمة أثناء البت في ملف التحفيظ ....................................1
الفقرة الأولى: اقتصار نظر المحكمة على البت في التعرضات دون مطلب التحفيظ ..................1
الفقرة الثانية:عدم جواز التدخل في الدعوى بعد إحالة ملف التحفيظ على المحكمة ......................6
المطلب الثاني: تجهيز ملف التحفيظ من طرف القاضي المقرر.......................................... 9
الفقرة الأولى:الاجراءات القضائية للتحفيظ العقاري،بين الخصوصية و القواعد العامة..................9
الفقرة الثانية: تحقيق دعوى التعرض من طرف القاضي المقرر........................................ 13
المبحث الثاني:البت في التعرضات، و الطعن في قرار المحافظ على الأملاك العقارية............... 17
المطلب الأول:البت في التعرضات ...................................................................... 17
الفقرة الأولى :إحكام الوثيقة و دورها في البت في ملف التحفيظ ......................................17
الفقرة الثانية:الترجيح بين حجج طالب التحفيظ و حجج المتعرض..................................... 21
المطلب الثاني: الطعن في قرارت المحافظ ..............................................................27
الفقرة الأولى: الطعن في قرار المحافظ بشأن رفض مطلب التحفيظ ................................27
الفقرة الثانية: الطعن في قرار المحافظ القاضي باعتبار التعرض لاغيا ...............................31
خاتمــــــــــــــــة ..........................................................................................34
لائحـــة المراجـــــــع..................................................................................... 35