الأستاذة عادلة الوردي
باحثة بسلك الدكتوراه "القانون العام والعلوم السياسية" فاس
مستشارة الشؤون الخارجية والتعاون
الرباط
تقديم
دأب المغرب منذ حصوله على الاستقلال على الانخراط في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، وذلك بمصادقته وانضمامه للعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، مؤمنا بأن هذه المواثيق تعتبر كسبا ديمقراطيا وحقوقيا كبيرا له ولغيره من البلدان التي تنشد تحقيق ديمقراطية فعلية في كل المجالات.
ويشكل حرص المغرب على تسجيل انخراطه الفعلي والدائم في المنتظم الدولي أحد المحددات الأساسية لسياسته الخارجية، والتي تتخذ تمظهرات عدة في مقدمتها الاستناد إلى احترام المواثيق الدولية المصادق عليها ودسترة هذا الموقف في مختلف الوثائق الدستورية للمملكة. غير أن الموقف من المواثيق الدولية تطور بشكل ملحوظ ما بين دساتير عهد الراحل الحسن الثاني ودستور عهد الملك محمد السادس.
وفي هذا الصدد، طرح السؤال الذي تنازعته منذ سنوات مختلف التيارات الحقوقية والمدنية والسياسية في المغرب، وهو لمن تكون الأولوية حين تعارض نص قانوني ومعاهدة دولية؟ هل الترجيح يكون لمقتضيات الاتفاقيات الدولية أم للتشريع الوطني؟.
ملامسة هذه الإشكالية ستتم من خلال التعرف على موقف المشرع الوطني منها في فترة ما بعد دستور 2011 وكذلك من خلال المقتضيات المضمنة بدستور 2011.
محور أول: الوضعية قبل التعديل
إذا كان القانون الأساسي للمملكة المغربية[1] - والذي تضمن مجموعة من المبادئ لتسيير الحكومة إلى حين إنجاز الدستور – قد أعلن في فصله الخامس عشر (15)[2] عن تعلق المغرب بمبادئ مؤتمر باندونغ[3]، ووفاءه لجامعة الدول العربية[4]، ولميثاق منظمة الأمم المتحدة[5]، فإن هذا الإعلان سرعان ما تم الارتقاء به إلى تصدير دستور 1962[6] الذي جاء فيه " إدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية التي أصبحت عضوا عاملا نشيطا في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات"[7].
وستتم في المراجعة الدستورية لسنة 1992[8] إضافة " ...وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا...". وهذا الالتزام بصيغته هاته سيدخل خانة الثوابت في دستور 1996[9] بعدم تعرضه لأي تعديل.
فالملاحظ إذن، أن المرجعية الدولية حاضرة بقوة في كافة الوثائق الدستورية المغربية منذ استقلال البلاد، غير أن الحدود الدستورية للالتزامات الدولية للمغرب أثارت عدة إشكاليات ترتبط أساسا بمدى ملاءمة النص القانوني مع أحكام الاتفاقيات الدولية، وهو تعارض يمكن مقاربته من مستويين، مستوى نظري يحيل على حدود المرجعية ومستوى عملي يسائل الحدود التطبيقية.
المستوى النظري: الاتفاقيات الدولية بين خصوصية الدولة وكونية حقوق الإنسان.
في المغرب وغيره من البلدان لطالما شغلت إشكالية ملاءمة المواثيق الدولية مع النصوص التشريعية الوطنية بال العديد من المتتبعين والمهتمين بمجال حقوق الإنسان، وكانت موضوع عدد من الندوات والأيام الدراسية داخل الجامعة المغربية، يتجاذبها اتجاهين فكريين: أول يرى أن كل الاتفاقيات مقبولة ما دامت لا تتعارض مع ثوابت المملكة المغربية وخاصة عدم المساس بالمرجعية الإسلامية والحق في السيادة الوطنية ( هذا الاتجاه يمثله التيار الإسلامي أي الحركة الإسلامية المغربية)[[10]]url:#_ftn10 ، وثان معارض متشبث بضرورة التنصيص الدستوري على أولوية المرجعية الدولية(يمثله اليسار المغربي)[[11]]url:#_ftn11 .
التوجه الأول: الاتفاقيات مقبولة ما دامت لا تتعارض والسيادة الوطنية.
لطالما دافع هذا التوجه الفكري على مشروعية الدول على ملاءمة القوانين الدولية بشكل لا يتعارض مع الثوابت الوطنية والدينية والسيادية للدولة والمنصوص عليها في دستورها، وبشكل يحفظ خصوصيات الدولة، ويرى هذا التوجه أن التوازن ضروري حيث يقر بضرورة الانفتاح على القوانين والمواثيق الدولية لكن بشكل يضمن الحفاظ والدفاع على السيادة الوطنية والاحتكام إلى المرجعية الإسلامية باعتبار الإسلام هو دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية (الفصل 3 من دستور 2011). فحسب متبني هذا التوجه فكل الاتفاقيات مقبولة ما دامت لا تتعارض مع الثوابت وتراعي الخصوصيات الوطنية والتاريخية والحضارية للمغرب.
التوجه الثاني: أولوية المرجعية الدولية لحقوق الإنسان .
في مقابل التوجه الأول، الذي يدافع بشدة على ضرورة خلق توازن بين مبدأ سيادة وخصوصية الدولة وبين اعتماد المواثيق والمعاهدات الدولية، برز هذا التوجه الفكري الذي يدعو إلى سمو المرجعية الدولية لحقوق الإنسان على باقي الدساتير والقوانين الوطنية، ويدافع بشدة على سمو المرجعية الدولية على القوانين الوطنية وملاءمة التشريعات الوطنية مع كل الاتفاقيات الدولية بغض النظر عن مدى تعارضها مع الثوابت الوطنية والمرجعية الإسلامية. ويدعو إلى ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية مع كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بل ورفع التحفظات على هذه الاتفاقيات، معتبرا أن الغاية من إقرار الأمم المتحدة نظام التحفظات هي تشجيع الدول على التوقيع والانضمام إلى هذه المواثيق، وبالتالي استغلال الدول لمبدأ التحفظات لمنع تنفيذ الاتفاقيات والتحفظ على بنود أساسية ومهمة في هذه الاتفاقيات من شأنه إفراغ هذه المواثيق من محتواها ومضامينها. ويعتبر بالتالي تحايل على هذه المواثيق بشكل من شأنه التأثير على الهدف من سنها.
وبالرجوع إلى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 نجد أن النقطة (د) من المادة الثانية هي السند القانوني لممارسة حق التحفظ، حيث تعرف هذه النقطة التحفظ بأنه:" إعلان من جانب واحد ، أيا كانت صيغته أو تسميته، تصدره دولة ما عند توقيعها أو تصديقها أو قبولها أو إقرارها أو انضمامها إلى معاهدة، مستهدفة به استبعاد أو تغيير الأثر القانوني لبعض أحكام المعاهدة من حيث سريانها على تلك الدولة؛".
وإذا كان البعض يرى أن لجوء الدولة لممارسة حق التحفظ ما هو إلى وسيلة لإفراغ المعاهدات الدولية من مضامينها، فإن ما يمكن قوله في هذا الشأن هو أن التحفظ لا يكون على المعاهدة كلها وإنما على بند واحد أو بعض البنود التي يكون من شانها المس بخصوصياتها وبثوابتها الدينية
وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن التحفظ لا تمارسه الدول العربية فقط بل إن دولا قوية تحفظت على مجموعة من بنود بعض أهم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان لما تعلق الأمر بسيادتها الوطنية أو تعارضها مع ثوابتها الدينية، بل الأكثر من ذلك رفضت التوقيع عليها[[12]]url:#_ftn12 .
* تجليات مبدأ الأولوية في القانون المغربي.
لقد سار المشرع المغربي في اتجاه ترجيح الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي المغربي منذ مدة طويلة، ويمكن تحديد ملامح ومظاهر الأولوية في التشريع المغربي من خلال عدة تشريعات متفرقة من بينها:
- قانون الجنسية[[13]]url:#_ftn13 ، والذي نص في مادته الأولى (1) بخصوص المصادر القانونية في مادة الجنسية على أن الأحكام المتعلقة بالجنسية المغربية تحدد بموجب القانون، وعند الاقتضاء بمقتضى المعاهدات أو الأوفاق الدولية المتعلقة بالجنسية المصادق عليها والموافق على نشرها والتي ترجح على أحكام القانون الداخلي. إذن فمقتضيات المعاهدات أو الأوفاق الدولية المصادق عليها والموافق على نشرها ترجح على أحكام القانون الداخلي.
- ظهير تسليم المجرمين الأجانب إلى حكومتهم[[14]]url:#_ftn14 ، نص في مادته الأولى (1) على أن التسليم والمسطرة المتبعة في هذا الشأن تخضع للفصول التالية ما لم تكن هناك مقتضيات مخالفة لها ناجمة عن المعاهدات.
- القانون المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة[[15]]url:#_ftn15 ، نص صراحة على هذا المبدأ من خلال منطوق المادة 68 : " إن مقتضيات أي معاهدة دولية متعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والتي تكون المملكة المغربية قد صادقت عليها، تعتبر قابلة للتطبيق على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون.
- القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية[[16]]url:#_ftn16 ، ينص في مادته 713 على أولوية الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية فيما يخص التعاون القضائي مع الدولة الأجنبية، وهو ما تؤكده الفقرة الأخيرة من المادة 724 فيما يخص تسليم المجرمين والمادة 741 التي تنص على أنه : "يكون التسليم الذي تحصل عليه السلطات المغربية باطلا إذا تم إجراؤه في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون، ما عدا إذا نصت اتفاقيات دولية نافذة المفعول على مقتضيات مخالفة".
- بل إن ديباجة هذا القانون اعتبرت أن : "... مصادقة المملكة المغربية على جملة من المواثيق والاتفاقيات الدولية أصبحت تفرض تدخل المشرع من أجل ملاءمة قانونه مع التوجه العالمي"؛ وأن القانون الجديد سلك في معالجته لقضايا الأحداث اعتماد مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية.
- - قانون المحاماة[[17]]url:#_ftn17 : تنص المادة 5 من هذا القانون على أنه يشترط في المرشح لمهنة المحاماة أن يكون مغربيا أو من رعايا دولة بينها وبين المملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى.
- - القانون المتعلق بحماية الملكية الصناعية[[18]]url:#_ftn18 : تنص المادة 3 على أنه يستفيد من الحماية رعايا البلدان المشتركة في كل معاهدة مبرمة في مجال الملكية الصناعية يكون المغرب طرفا فيها وينص في أحكامها بالنسبة لرعاياه على معاملة لا تقل عن المعاملة التي يستفيد منها بالبلدان المعنية.
- وحسما لكل خلاف مرتبط بهذه المسألة، جاء في تصدير الدستور الجديد 2011 التزام واضح بقواعد القانون الدولي المصادق عليها من طرف المملكة المغربية. " ...فإن المملكة المغربية...تؤكد وتلتزم بما يلي:
- جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة".
ويبدو جليا من خلال هذه النصوص تفاوت القيمة القانونية للقانون الدولي من تشريع وطني لأخر وذلك إما من خلال مجرد الإحالة عليه أو من خلال الاعتراف صراحة بسموه على القانون الداخلي عند التعارض.
* موقف القضاء من إشكالية الأولوية[19].
رغم ما كان يستفاد من الدساتير المغربية (1962-1996) من التزام بالمواثيق الدولية فإن غياب مقتضيات صريحة تعطي للاتفاقيات الدولية المصادق عليها سموا على القوانين الداخلية، يثير عدة صعوبات وعراقيل تطرح في توصيف مكانة الاتفاقيات الدولية في القانون المغربي بما لهذا التوصيف من خطورة لارتباطه الوثيق بالعمل القضائي وبالتالي بحقوق وحريات الأفراد والجماعات، علما أن دساتير دول متقدمة وضعت حدا لمثل هذه الإشكاليات بإقرار مكانة متميزة لالتزاماتها الدولية.
وقد اختلفت الدساتير في نظرتها للقيمة القانونية للمعاهدات الدولية مقارنة بالتشريعات الوطنية وباختلاف القيمة القانونية للمعاهدة، حيث أن دساتير اعتبرت المعاهدات الدولية أقوى من القانون الداخلي، بحيث تزداد مكانة هذه المعاهدات إذ يصل الأمر إلى إمكانية تعديل الدستور نفسه إذا ظهر تعارض بين الدستور والمعاهدة[20].
فقد اختلفت الدساتير في نظرتها للقيمة القانونية للمعاهدات الدولية مقارنة بالتشريعات الوطنية وباختلاف القيمة القانونية للمعاهدة ومن هذه الدساتير من وضعت الاتفاقيات الدولية في مكانة أقوى من القانون الداخلي، فالدستور الفرنسي لسنة 1958 كما جرى تعديله في 23 يوليوز 2008 خص في مادته 55[21] المعاهدات والاتفاقيات التي تم التصديق أو الموافقة عليها قانونا، بقوة تفوق قوة القوانين، شريطة مبدأ المعاملة بالمثل، كما أن الدستور الألماني ل 23 ماي 1949 المعدل بتاريخ 20 دجنبر 1993 اعتبر في مادته 25[22] أن القواعد العامة للقانون الدولي تشكل جزءا لا يتجزأ من القانون الفيدرالي، ولها أسبقية على القوانين.
وقد كان من أهم نتائج غموض موقف الدستور المغربي من إشكالية الأولوية هو تضارب الاجتهاد القضائي بين اتجاه يرجح القانون الوطني و آخر مقابل يجعل الاتفاقية الدولية في وضعية أسمى من القانون الوطني. حيث عرضت على القضاء المغربي عدة قضايا أثير خلالها موضوع مدى سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني، واتخذت المحاكم بشأنها مواقف متباينة ومختلفة بين أحكام رجحت الاتفاقيات الدولية وأخرى رجحت القانون الداخلي. خصوصا وأن المشرع المغربي ينص صراحة في بعض الحالات على مبدأ ترجيح الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية كما سبق الذكر.
- قرارات رجحت القانون الوطني
من خلال تصفح الأحكام القضائية نجد أن هناك العديد من الحالات التي سار فيها القضاء إلى ترجيح القانون الوطني على الاتفاقيات الدولية مؤمنا بمبدأ سمو التشريع الداخلي على الالتزام الدولي حتى ولو كانت البلاد مصادقة أو موقعة أو منضمة إلى تلك المعاهدة. ومن بين الحالات نذكر على سبيل المثال:
- قضية السيدة " كرير" ، حيث جنح المجلس الأعلى إلى ترجيح القانون الوطني على الاتفاقية الدولية بنصه على أنه :" لكن حيث أن ظهير 20 فبراير 1961 الذي ينظم تحديد الإكراه البدني لا زال ساري المفعول ولم يصدر أي قانون يأمر بإلغائه، والمحكمة ملزمة بتطبيق القانون وليس من اختصاصها تعديل القانون أو إلغاؤه وعليه فإن ما قضت به المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه مرتكز على أساس قانون" [23].
- أمر استعجالي[24] صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط جاء فيه:" حيث دفع الطالب بعدم قانونية الاعتقال لأن الإكراه البدني إجراء يخالف مقتضيات المادة 11 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[25] التي تنص على أنه لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي"[26].
- قرارات رجحت الاتفاقية الدولية
يلاحظ من خلال تصفح عدة أحكام قضائية أن العديد من الاجتهادات القضائية تسير في اتجاه ترجيح أحكام المعاهدات الدولية سواء منها الثنائية أو المتعددة الأطراف على القانون الداخلي، وهذا ما تدل عليه القرارات والأحكام التالية:
- قضية "السيد ميلان MEYLAN" الخاصة بالتسجيل في نقابة المحامين بالنسبة للفرنسيين، حيث رفض مجلس الهيئة بالدار البيضاء إعادة تسجيل السيد "ميلان" بذريعة أنه لا يتكلم اللغة العربية والتي أصبحت بمقتضى قانون 26 يناير 1965 اللغة الرسمية الوحيدة المتعامل بها لدى المحاكم المغربية، وقد أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط حكما مهما في هذه القضية، إذ أبطل القاضي الحكم مستندا على الاتفاقية الدولية المغربية الفرنسية المبرمة في 2 أكتوبر 1957 وبروتوكولها الإضافي المؤرخ في 20 ماي 1965، وقد سار المجلس الأعلى في هذا الاتجاه في قراره الصادر بتاريخ 1 أكتوبر 1976 والذي أكد على أن جهل لغة البلدين لا يحول دون تسجيل محامي فرنسي أو محامي مغربي بجدول إحدى هيئات المحامين الموجودة في البلدين، إذ يكفي أن ينيب المحامي الفرنسي الذي لا يتكلم اللغة العربية زميلا عنه يتكلم هذه اللغة في جميع مراحل المسطرة غير المكتوبة.
- قضية "السيدة فرانسواز كازالس GHAZAL" الفرنسية الجنسية، والتي رفض تسجيلها بهيئة الدار البيضاء كمحامية متدربة، بحجة أنها لا تتكلم اللغة العربية ولا يمكنها بالتالي ممارسة المهنة في المغرب بعد صدور قانون تعريب العدالة سنة1965، غير أن محكمة الاستئناف بالرباط اعتبرت أن المقتضيات الوحيدة التي يمكن تطبيقها في طلب السيدة كازالس هي مقتضيات المادة 23 من ظهير 19 ماي 1959 المنظم لمهنة المحاماة في المغرب والذي ينص في فقرته الثالثة على أرجحية تطبيق المعاهدة القضائية الفرنسية المغربية والبروتوكول الإضافي لسنة 1965، فقضت محكمة الاستئناف بالاستجابة لطلب السيدة كازالس، وبالتالي رجحت من خلال هذا الحكم مقتضيات الاتفاقية الدولية على القانون الداخلي.
- قضية " السالمي" ضد البنك الشعبي بالرباط، حيث اعترف المجلس الأعلى ضمنيا بالميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وذلك بنصه في قرار له[[27]]url:#_ftn27 على أنه " إذا كان الفصل 11 من ميثاق الأمم المتحدة المؤرخ في 16/12/1966 المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والمصادق عليه بالمغرب بتاريخ 27/03/1979، يقضي بعدم جواز سجن إنسان بسبب عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي، فإن القرار المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي القاضي بتحديد مدة الإكراه البدني في حق الطالب في حالة امتناعه عن الأداء، ولم يحدده في حالة عدم استطاعته الاداء وعدم قدرته عليه يون غير خارق للفصل المذكور".
- قضية " هاروشي" اعترف المجلس الأعلى في هذا الملف اعترافا صريحا بالمادة 11 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ جاء في قراره[[28]]url:#_ftn28 "...فإنه ليس بالملف ما يفيد أن الطالب ادعى واثبت أنه غير قادر على الوفاء بالتزامه التعاقدي اتجاه المطلوب ومن ثم فإنه طبقا لمفهوم المخالفة للميثاق المذكور يمكن تحديد مدة الإكراه في حق الطرف المدني القادر على الوفاء".
- مجال النقل البحري، رجحت اتفاقية هامبورج على القانون التجاري الوطني في موضوع مسؤولية الناقل البحري[[29]]url:#_ftn29 ، إذ جاء في قرار الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى الصادر بتاريخ 19/05/1999 تحت عدد 4356/90[[30]]url:#_ftn30 المبدأ التالي : "إن اتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع الموقع عليها بهامبورج بتاريخ 31/03/1978 المنضم إليها المغرب بتاريخ 17/07/1978 تعتبر نافذة المفعول منذ تاريخ 01/11/ 1992 وقانونا ملزما في النطاق الوطني منذ هذا التاريخ.
ويهم التناقض الفصلين 231 و262 من القانون التجاري البحري واللذان يقضيان بامتداد مسؤولية الناقل البحري من تاريخ تسلمه البضاعة إلى تاريخ الوضع الفعلي لها رهن إشارة المرسل إليه، بينما تشير اتفاقية هامبورج إلى أن مسؤولية الناقل تنتهي بتسليمها لمكتب استغلال الموانئ حيث تبدأ من هذا التاريخ مسؤولية هذا الأخير تجاه المرسل إليه.
- اتفاقية فارسوفيا: والملاحظ أن المجلس الأعلى وبموجب قراره الصادر بتاريخ 3/2/99 رجح اتفاقية وارسو لسنة 1929 المتعلقة بالنقل الجوي الدولي على القانون الداخلي[[31]]url:#_ftn31 .
- وفي تعليلها للقرار رقم 1413 الصادر بتاريخ 23/05/2007 أوردت الغرفة الشرعية لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ما يلي :" وحيث أن الاتفاقية الدولية هي قانون خاص ومقدم في التطبيق على القانون الوطني، وهو هنا مدونة الأحوال الشخصية ومدونة الأسرة التي هي قانون عام، وذلك طبقا لمبدأ سمو هذه الاتفاقيات على القانون الوطني الذي أكده المجلس الأعلى في قراره عدد 754 بتاريخ 19/05/1999 في الملف التجاري رقم 4356/1990 والمنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 56 " وهو ما يدل على تطبيق مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني بما فيه مدونة الأسرة.
- وفي القرار عدد 426 الصادر في الملف التجاري عدد 1716/99 بتاريخ 22/03/2003 قضى المجلس الأعلى برفض تطبيق الإكراه البدني نتيجة العجز عن الوفاء بالرغم مما يقضي به ظهير 8 فبراير 1961 المتعلق بممارسة الإكراه البدني في المادة المدنية على الخصوص، حيث تشبت المجلس بتطبيق الفصل 11 من ميثاق الأمم المتحدة المؤرخ في 16/12/1966 المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف المغرب بتاريخ 18/11/1979 والذي يقضي بأنه : "لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي"، فمن خلال هذا الاجتهاد القضائي تمت مناقشة الفصل 11 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 والتي صادق عليها المغرب ونشرت بالجريدة الرسمية سنة 1980.
- قرار المجلس الأعلى عدد 61 بتاريخ 13/02/1992، اعتبرت الغرفة الإدارية الاتفاقية الدولية من مصادر القانون التي ينبغي احترامها فلا يمكن إصدار قرارات إدارية مخالفة لأحكام اتفاقية دولية وهو الأمر الذي يستدعي إلغاءها لاتسامها بعدم الشرعية.
- حكم المحكمة الابتدائية بالحسيمة الصادر بتاريخ 22/02/2007 في الملف عدد 14/2007 : " ... حيث أن حق الأبناء في متابعة دراستهم من أهم الحقوق الواجب على الأب والأم ومنصوص عليها دستوريا وفي جميع المواثيق الدولية ...".
- حكم المحكمة الابتدائية بطنجة بتاريخ 26/11/2009 في الملف عدد 2495/08 : ..."حيث يؤخذ من الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989، المصادق عليها من المغرب في 21/06/1993، أن القضاء يتوجب عليه إيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى عند النظر في النزاعات المتعلقة بالأطفال.
وحيث تنص الفقرة الثانية من المادة العاشرة من الاتفاقية المذكورة على أن للطفل الذي يقيم والداه في دولتين مختلفتين الحق في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة لكلا والديه. وتحقيقا لهذه الغاية ووفقا لالتزام الدول الأطراف بموجب الفقرة 2 من المادة 9 تحترم الدول حق الطفل ووالديه في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلدهم هم، وفي دخول بلدهم، ولا يخضع الحق إلا للقيود التي ينص عليها القانون...".
- حكم المحكمة الابتدائية بطنجة في الملف عدد 616/1607/2009 : " ... وحيث أن المحكمة في قضية الحضانة تراع سائر الظروف والمعطيات الواقعية والقانونية والتي تسير جميعها في اتجاه البحث عن المصلحة الفضلى للمحضون باعتبار المصلحة هي المدار الذي تدور في فلكه الأحكام الخاصة بالمحضون إعمالا لإتفاقية حقوق الطفل المؤرخة في 20 نونبر 1989 والتي انضم إليها المغرب في 21/06/1993....".
من خلال الأحكام والقرارات المفصلة سابقا يتضح أن القضاء المغربي أخذ يميل إلى جانب ترجيح الاتفاقيات الدولية، وهو ما يدل على دور القضاء في بلورة القاعدة القانونية، خاصة وأن اجتهادات وتأويلات القضاء كفيلة بإعطاء البعد الحقيقي للقاعدة القانونية.
المحور الثاني إشكالية أولوية الاتفاقيات الدولية في دستور 2011
تأكيدا للتوجه القضائي الذي سار في اتجاه ترجيح مضامين الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي، وحسما لكل خلاف يثار بخصوص إشكالية سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية، واستجابة كذلك لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تضمنها تقريرها خاصة تلك المتعلقة ب "دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وذلك عبر ترسيخ واضح لمبدأ سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. وبشكل عام سمو معايير القانون الدولي والقانون الإنساني على القوانين الوطنية"، نص دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في تصديره بشكل صريح وواضح على " جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة". ليكون بالتالي نص ولأول مرة على هذا "مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية"، الأمر الذي يعتبر تقدما دستوريا في تاريخ المغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقدم الدستوري الذي يشهده مغرب اليوم لم يأت من فراغ وإنما يجد روافده في جملة من العوامل المنتجة والمحفزة على السواء.
فالانخراط الدولي للمغرب بشكل استراتيجي عميق يؤشر على حصوله على الوضع المتقدم كتعبير عن اعتراف الاتحاد الأوروبي بما حققه المغرب من مكتسبات في ميدان حقوق الإنسان، وفي نفس الوقت ما ينتظر منه من خطوات جريئة في اتجاه ترسيخ الخيار الديمقراطي.
وكذلك من خلال الحرص المتزايد للمغرب على دعم إشعاعه العالمي والحفاظ على مكانته الدولية من خلال تحديث الترسانة القانونية بما يتلاءم مع المنظومة الحقوقية الكونية ويقفز على الانتقادات التي توجه إلى المغرب كلما تقدم لعرض تقاريره أمام المنتظم الدولي وفي مقدمتها مسألة عدم الحسم في سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها بنص دستوري. وذلك إلى جانب الحراك الاجتماعي والسياسي الذي شهدته المنطقة والذي خلف مناخا مناسبا لتسريع وثيرة الإصلاحات بمبادرة ملكية وفي إطار مقاربة تشاركية اعتمدتها لجنة مراجعة الدستور، كلها عوامل للمساهمة في خروج وثيقة دستورية متقدمة كرست المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، إلى جانب الثوابت والتي هي: الدين الإسلامي ،الوحدة الترابية والنظام الملكي.
وقد تضمنت بنود الدستور العديد من المقتضيات التي تشكل الإطار القانوني لتبني المرجعية الكونية لحقوق الإنسان وهي:
- التعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من حقوق وواجبات؛
- التأكيد على التشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا؛
-التأكيد والالتزام بترجيح الاتفاقيات الدولية المصادق عليها في نطاق أحكام الدستور على التشريعات الوطنية؛
- الالتزام بالعمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية للمغرب؛
- العمل على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمغاربة المقيمين بالخارج في إطار احترام القانون الدولي ( الفصل 16).؛
- إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والحريات الواردة في المقتضيات الدولية كما صادق عليها المغرب، وذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها (الفصل 19)؛
- الاعتراف للأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون؛
- الاعتراف بحق المشاركة السياسية للأجانب المقيمين بالمغرب في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل (الفصل 30).؛
-دسترة جملة من الحقوق التي تشكل موضوعا لاتفاقيات دولية صادق عليها المغرب مثلا، منع المعاملة القاسية واللا إنسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة، ومنع التعذيب، الاعتقال التعسفي أو القسري، حظر التحريض على العنصرية او الكراهية أو العنف، الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتوفير الحماية للأطفال.
إلا أن التعبير الاسمي عن الحسم في إشكالية سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية يظل هو الالتزام الوارد في تصدير الدستور، الذي نص وبشكل واضح على "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة". وليعترف صراحة بتبني المملكة المغربية مبدأ سمو المواثيق الدولية مسايرا بذلك خطى الدساتير المتقدمة، كدستور الجمهورية الفرنسية الذي نص في فصله 55 على أولوية المعاهدات والاتفاقيات التي تم التصديق أو الموافقة عليها قانونا، بقوة تفوق قوة القوانين، شريطة مبدأ المعاملة بالمثل[[32]]url:#_ftn32 . وكذلك دستور الفيدرالية الألمانية الذي أقر هذا المبدأ في المادة 25 بتأكيده على أن القواعد العامة للقانون الدولي تشكل جزءا لا يتجزأ من القانون الفيدرالي، ولها أسبقية على القوانين[[33]]url:#_ftn33 .
ويستقي التزام المغرب بمبدأ سمو المواثيق الدولية أهميته بالأساس من العناصر المشكلة لهذا المبدأ والضمانات التي يوفرها.
أولا: عناصر مبدأ سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية
تتحدد هذه العناصر في شروط إعمال المبدأ وإجراءات المصادقة على الاتفاقيات الدولية.
- الشروط : حدد المشرع الدستوري العناصر الأساسية الثلاث التي يتم في نطاقها ترجيح الاتفاقية الدولية على القانون الوطني فيما يلي:
ثانيا : الحدود الثلاثية : احترام الدستور، وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة، تشكل الشرط الثاني لجعل الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية، وهو الشرط الذي يموقع هذه الاتفاقيات في درجة أعلى من القوانين الوطنية وأدنى من الدستور، وبهذا يكون المشرع الدستوري المغربي قد تجنب ما قد يثار من إشكالات في حالة الاعتراف بسمو القواعد الدولية على الدستور وتطرح بالتالي إشكالية وضع القضاء الدستوري في نقطة تماس حادة بين القانون الدولي والقانون الدستوري، أي بين دوره كحارس للدستور وبين تعبير السلطات العامة عن الإرادة السياسية، ولعل هذا الهاجس هو الذي كان وراء حذف إمكانية المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون غير متلائمة مع نصوص الدستور وفق مسطرة تعديل هذا الأخير.
ثالثا: النشر : يتضح من خلال قراءة النص الدستوري أنه جعل نشر الاتفاقية الدولية منشئا لسموها على التشريعات الوطنية، علما أن مسألة النشر تحيل في التعبير القانوني الدقيق على النشر في الجريدة الرسمية[[35]]url:#_ftn35 ، وهذا قد يطرح عدة صعوبات قانونية وعملية تشكل مدخلا للمساس بالحقوق والحريات.
و من الناحية القانونية، فنشر الاتفاقيات الدولية يعد أحد الالتزامات التي تنص عليها هذه الاتفاقيات ضمن أحكامها، ويتم النشر وفق هذه الاتفاقيات بوسائل متنوعة، ومن ثم فالأحرى اعتماد المفهوم الدولي للنشر تجاوزا لما قد يثار من إشكاليات. أما من الناحية العملية، فالواقع أن الاتفاقيات المصادق عليها والتي لم تنشر بعد ليست بالقليلة، وإن كانت تفسيرات عدم النشر تتراوح بين اعتبارات سياسية محضة وأخرى تقنية مرتبطة بتصور الأمانة العامة للحكومة كمقبرة للقوانين والمعاهدات.
- الإجراءات: لأول مرة يتم التنصيص دستوريا وصراحة على إجراءات المصادقة على اتفاقية دولية، والتي تختلف باختلاف طبيعة الاتفاقية.
فإلى جانب الاتفاقيات المحددة بحسب طبيعتها في الفصل 55 ( معاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة) التي يتعين مصادقة البرلمان عليها بقانون، يمكن للملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة، إضافة إلى ذلك فمصادقة الملك على باقي الاتفاقيات لا تتم إلا بعد تداول مجلس الحكومة بشأنها، تحت رئاسة رئيس الحكومة، وذلك قبل عرضها على المجلس الوزاري حسب الفصل 92 من دستور 2011. فكيف سيتم التعامل مع هذه الإشكالية في ضوء المستجدات الدستورية؟.
إن كانت مسطرة المصادقة على المعاهدات الدولية بالنسبة للمغرب قد حرمت السلطة التشريعية منذ دستور 1962 إلى غاية مراجعة 1996 من مناقشة العديد من الاتفاقيات الهامة للمواطن في حياته اليومية وتؤثر في العديد من التشريعات التي تندرج في اختصاص البرلمان، حيث إن اختصاص المصادقة على المعاهدات كان لا يندرج في مجال القانون إلا بالنسبة للمعاهدات التي تلزم مالية الدولة. فإن المشرع الدستوري في دستور 2011 انتبه لهذه المسألة التي لطالما كانت موضوع نقاش فقهي وحقوقي مستفيض، وعمل على توسيع اختصاص البرلمان في مجال المصادقة على الاتفاقيات الدولية، وذلك بوضعه لائحة للاتفاقيات التي تخضع للمصادقة البرلمانية وهي:
- معاهدات السلم والاتحاد ومعاهدات رسم الحدود؛
- معاهدات التجارة؛
- المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة؛
- معاهدات يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية؛
- معاهدات متعلقة بحقوق وحريات المواطنين العامة والخاصة.
كما أنه إلى جانب الاتفاقيات المحددة بحسب طبيعتها في الفصل 55 سالف الذكر، والتي يتعين مصادقة البرلمان عليها بقانون، يمكن للملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة، إضافة إلى ذلك فمصادقة الملك على باقي الاتفاقيات لا تتم إلا بعد تداول مجلس الحكومة بشأنها، تحت رئاسة رئيس الحكومة، وذلك قبل عرضها على المجلس الوزاري حسب الفصل 92 من دستور 2011.
ودائما في إطار مكانة الاتفاقيات الدولية في دستور 2011، هناك إشكال يطرح في حالة ما إذا كانت بنود هذه المعاهدات الدولية تتعارض ومقتضيات الدستور، وهنا يجيب دستور 2011[[36]]url:#_ftn36 في الفقرة الأخيرة من الفصل 55 بنصه على أنه:”...إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك، أو رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور". وهو ما يفيد أن تقيد المملكة المغربية بأي التزام دولي يتوقف على قرار المحكمة الدستورية التي يبقى من اختصاصها التصريح بما إذا كان هذا الالتزام يتضمن ما من شأنه أن يمس بالمقتضات الدستورية وبالتالي لا يمكن سلوك مسطرة المصادقة عليه إلا بعد إجراء مراجعة للدستور وفق الشكل الديمقراطي المتفق عليه في الديمقراطيات الحديثة وهو الاستفتاء.
من هنا فمبدأ مشاركة البرلمان في إبرام المعاهدات الدولية مرتبط بالتقليد الديمقراطي الذي يقضي بأن يساهم ممثلو الأمة في القرارات الكبرى التي ترتب التزامات ومسؤوليات جديدة على الدولة، والتي ليست بالضرورة مرتبطة بتكاليف تلزم مالية الدولة.
ثانيا: ضمانات مبدأ السمو:
على خلاف كافة الدساتير التي تعاقبت على المغرب، أسس دستور 2011 ترسانة من الضمانات لإعمال مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على القانون العادي[[37]]url:#_ftn37 .
- ضمانة الاختصاص: حيث أن توقيع المعاهدات والمصادقة عليها ظل مجالا محفوظا للملك، غير أن الدستور الجديد يتيح إمكانيات جديدة أهمها توسيع اختصاص البرلمان في مجال المصادقة على الاتفاقيات الدولية، فإذا كانت كافة الدساتير المغربية اعتبرت موافقة البرلمان شرطا للمصادقة على المعاهدات التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة فقط، فإن الدستور وضع لائحة طويلة للاتفاقيات التي تخضع للمصادقة البرلمانية، تضم :
- معاهدات السلم والاتحاد ومعاهدات رسم الحدود؛
- معاهدات التجارة؛
- المعاهدات التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة؛
- معاهدات يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية؛
- معاهدات متعلقة بحقوق وحريات المواطنين العامة أو الخاصة.
وبهذا المقتضى يكون المغرب قد خطا خطوات هامة في اتجاه تعزيز توجهه الديمقراطي بمنح البرلمان اختصاص المصادقة على المعاهدات الأكثر أهمية، التي تلزم الدولة وتكون لها انعكاسات على الحياة الاقتصادية والسياسية والمالية أو لها ارتباط بحقوق وحريات المواطنين، أو لها انعكاس على القوانين؛ وعموما فإن إحاطة المصادقة على الاتفاقيات الدولية بالضمانة الملكية يستمد شرعيته من دور الملك كساهر على احترام المعاهدات الدولية للمملكة (الفصل 42 من الدستور) في حين أن الضمانة البرلمانية تعد تعبيرا عن سيادة الأمة التي تمارسها بواسطة ممثليها حسب الفصل 2 من الدستور الذي ينص على أن السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها".
- ضمانة الرقابة الدستورية: فقد تبنى المشرع الدستوري المغربي في الدستور الجديد الاتجاه الذي تبنته أغلب الدساتير الأوروبية في التعاطي مع رقابة القاضي الدستوري على المعاهدات الدولية من خلال:
- منح الرقابة الدستورية إلى قضاء متخصص، وهي رقابة اختيارية لا إلزامية، إذ "يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، وخمس أعضاء مجلس النواب، وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين أو الاتفاقيات الدولية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها، إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور (الفصل 132).
والجدير بالذكر بهذا الخصوص أن هذه الضمانة سرعان ما تم التراجع عنها بعد أن تم اعتبارها خطأ ماديا بمشروع الدستور، وتم استدراك هذا الخطأ بالجريدة الرسمية للمملكة الصادرة يوم 30 يونيو 2011 أي يوما واحدا فقط قبل فاتح يوليوز (يوم الاستفتاء على المشروع الدستوري)، لتحرم الاتفاقيات الدولية من رقابة المحكمة الدستورية وليحذف لهذا الجهاز اختصاص من الأهمية بمكان[[38]]url:#_ftn38 .
حيث أصبح الفصل 132 كما يلي: " يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو خمس أعضاء مجلس النواب، أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها، إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور"
- اعتماد نظام الرقابة السابقة من خلال عرض التعهدات الدولية على القاضي الدستوري قبل مصادقة الدولة عليها، بحيث أن تصريح المحكمة الدستورية بمخالفة التزام دولي للدستور يجعل التصديق على هذا الالتزام مرتبط بمراجعة سابقة للدستور نص عليها الفصل 55 في فقرته الأخيرة.، والجدير بالذكر أن هذا الشكل من الرقابة هو الأكثر انسجاما مع مقتضيات المادتين 27 و46 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969[[39]]url:#_ftn39 التي تحظر على الدول الأطراف الاحتجاج بقانونها الداخلي لعدم تنفيذ التزاماتها الدولية، ما لم تكن المخالفة لحكم في قانونها الداخلي ذات طبيعة بينة وتتعلق بقاعدة أساسية من قواعد القانون الداخلي.
- ومن الضمانات أيضا أن قرارات المحكمة الدستورية هي قرارات باتة ونهائية وملزمة لكل السلطات العامة والجهات الإدارية والقضائية (الفصل 134).
عموما، يمكن القول أن هذه الخطوة التي خطاها المغرب في دستور 2011 جاءت كنتيجة لمجموعة من المطالب التي فرضتها الساحة الدولية والحقوقية من ضرورة ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية بل وضرورة ترجيح مقتضيات المواثيق الدولية على القوانين المحلية، وقد كان المغرب مطالبا في إطار مسلسل البناء الديمقراطي بمسايرة الدول الديمقراطية في هذا المجال، وهو ما ترجم من خلال العديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية التي تشهدها بلادنا بقيادة جلالة الملك. الرهان الآن مطروح على مدى تفعيل هذا المقتضى الدستوري من قبل القاضي المغربي.
الهوامش
[[1]]url:#_ftnref1 - ظهير شريف رقم 1.61.167 بإعلان قانون أساسي للمملكة المغربية، جريدة رسمية عدد 2537 الصادرة بتاريخ 24 ذي الحجة 1380 (09 يونيه 1961). ص: 1466-1467.
[[2]]url:#_ftnref2 - ينص الفصل 15 من القانون الأساسي للمملكة المغربية لسنة 1961 على ما يلي: " ينهج المغرب في المجال الخارجي سياسة عدم التبعية، لأنه يرى ذلك أحسن وسيلة للمساهمة في حفظ السلم العالمي.
ويعلن تعلقه بمبادئ مؤتمر باندونغ، ووفاءه لجامعة الدول العربية التي يعمل لتقويتها، ولميثاق منظمة الأمم المتحدة".
ويعلن تعلقه بمبادئ مؤتمر باندونغ، ووفاءه لجامعة الدول العربية التي يعمل لتقويتها، ولميثاق منظمة الأمم المتحدة".
[[3]]url:#_ftnref3 - مؤتمر باندونغ أو Bandung Conférence هو مؤتمر عقد بمدينة باندونغ الاندونيسية في 18 أبريل 1955 (26 شعبان 1374)، حضرته وفود 29 دولة افريقية وأسيوية، استمر لمدة ستة (6) أيام، وكان النواة الأولى لنشأة حركة عدم الانحياز.
[[4]]url:#_ftnref4 - منظمة تضم دولا في الشرق الأوسط وإفريقيا، تأسست في 22 مارس 1945، ويعتبر أعضاؤها دولا عربية. المقر الدائم لجامعة الدول العربية في القاهرة عاصمة مصر، وأمينها العام الحالي هو الدكتور نبيل العربي. والمغرب عضو في هذه الجامعة منذ سنة 1958.
[[5]]url:#_ftnref5 - وقع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية، وأصبح نافذا في 24 أكتوبر 1945.
[[6]]url:#_ftnref6 - ظهير شريف بإصدار الأمر بتنفيذ الدستور المغربي، الجريدة الرسمية عدد 2616 مكرر، الصادرة بتاريخ 22 رجب 1382 (19 دجنبر 1962).
[[7]]url:#_ftnref7 - وهي نفس الصياغة في دستور سنة 1972.
[[8]]url:#_ftnref8 - ظهير شريف رقم 1.92.155 صادر في 11 من ربيع الآخر 1413 (9 أكتوبر 1992) بتنفيذ نص مراجعة الدستور. الجريدة الرسمية عدد 4172 بتاريخ 16 ربيع الآخر 1413 (14 أكتوبر 1992).
[[9]]url:#_ftnref9 - ظهير شريف رقم 1.96.157 صادر في 23 من جمادى الأولى 1417 (7 أكتوبر 1996) بتنفيذ نص الدستور المراجع. الجريدة الرسمية عدد 4420 بتاريخ 26 جمادى الأولى 1417 ( 10 أكتوبر 1996).
[[10]]url:#_ftnref10 - عبد المولى بوخريص: " المعاهدات الدولية والقوانين المغربية: مواءمة صعبة بين الخصوصية والعالمية" سياسة واقتصاد، 23 يوليوز 2011.
[[11]]url:#_ftnref11 - نفس المرجع.
[[12]]url:#_ftnref12 - مثلا الولايات المتحدة الأمريكية دولة متقدمة وقوية إلا أنها لم توقع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ولا على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، بل إنها ترفض التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات الدولية.
[[13]]url:#_ftnref13 - القانون رقم 62.06 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.80 الصادر في 3 ربيع الأول 1428 (23 مارس 2007) بتغيير وتتميم الظهير الشريف 1.58.250 الصادر في 21 من صفر 1378 ( 6 شتنبر 1958) بسن قانون الجنسية المغربية. الجريدة الرسمية عدد 5513 بتاريخ 2 أبريل 2007.
[[14]]url:#_ftnref14 - ظهير شريف رقم 1.58.057 بشأن تسليم المجرمين الأجانب إلى حكوماتهم. الجريدة الرسمية عدد 2408 بتاريخ 19 دجنبر 1958.
[[15]]url:#_ftnref15 - القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.00.20 صادر في 9 ذي القعدة 1920 (15 فبراير 2000). الجريدة الرسمية عدد 4796 بتاريخ 14 صفر 1421 ( 18 ماي 2000).
[[16]]url:#_ftnref16 - القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 (3أكتوبر 2002). الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 30 يناير 2003 .
[[17]]url:#_ftnref17 - القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.101 صادر في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008)، الجريدة الرسمية عدد 5680 الصادرة بتاريخ 7 ذو القعدة 1429 ( 6 نونبر 2008).
[[18]]url:#_ftnref18 - القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.00.19 صادر في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000). الجريدة الرسمية عدد 4776 بتاريخ 9 مارس 2000.
[[19]]url:#_ftnref19 - للتوسع أكثر في الموضوع يراجع : إبراهيم سبتي: "محاولة لتحديد مواقف المجلس الأعلى في حالة تنازع القوانين والاتفاقيات الدولية "، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، شعبة القانون العام، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، السنة الجامعية 2002 2003 صفحة 25و 26. وبلعيد كرومي: "سلطة القاضي في تفسير النصوص الشرعية والوضعية"، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، السنة الجامعية 1990-1991 صفحة 451.
[[20]]url:#_ftnref20 - للمزيد انظر قيس شهاب حمد يوسف الجعفري :" الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية: دراسة مقارنة"، رسالة الماجستير في القانون العام، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة الكوفة، 2010.
[[21]]url:#_ftnref21 -l’Article 55 de la Constitution de la République Française stipule que : « Les traités ou accords régulièrement ratifiés ou approuvés ont, dès leur publication, une autorité supérieure à celle des lois, sous réserve, pour chaque accord ou traité, de son application par l’autre partie. ».
[[22]]url:#_ftnref22 - تنص المادة 25 من دستور ألمانيا الاتحادية على ما يلي: « The general rules of international law shall be an integral part of federal law. They shall take precedence over the laws and directly create rights and duties for the inhabitants of the federal territory. ».
[[23]]url:#_ftnref23 - قرار غير منشور للمجلس الأعلى بتاريخ 10 يونيو 1997، اشر إليه ابراهيم سنتي، مرجع سابق، صفحة 14.
[[24]]url:#_ftnref24 - أمر استعجالي رقم 2394 صادر بتاريخ 24 نونبر 1926. وارد عند لحسن بيهي وهشام العبودي:" الإكراه البدني في الديون التعاقدية بين الإبقاء والإلغاء" مجلة القانون المغربي عدد 09 دجنبر 2005، صفحة 36.
[[25]]url:#_ftnref25 - هو الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المبرم بنيويورك يوم 3 رمضان 1380 ( 16 دجنبر 1966)، وقد صادقت المملكة المغربية عليه بتاريخ 27 مارس 1979، ونشر بالجريدة الرسمية للمملكة عدد 3525 الصادرة بتاريخ 6 رجب 1400 ( 21 مايو 1980)، بمقتضى ظهير شريف رقم 1.79.186 بتاريخ 17 ذي الحجة 1399 ( 8 نونبر 1979).
[[26]]url:#_ftnref26 L’Article 11 stipule que : « Nul ne peut être emprisonné pour la seule raison qu’il n’est pas en mesure d’exécuter une obligation contractuelle ».
[[27]]url:#_ftnref27 - قرار المجلس الأعلى عدد 2163 بتاريخ 09/04/1997، ملف مدني عدد 2171/1/95، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 52 لسنة 20،ص: 170. والحكم الابتدائي الصادر في نفس القضية منشور بمجلة الإشعاع، عدد 4 دجنبر 1990، صفحة 172-173.
[[28]]url:#_ftnref28 - قرار المجلس الأعلى عدد 426، ملف تجاري رقم 1716/99 بتاريخ 22/03/2000، قرار غير منشور أشار إليه غبراهيم سبتي، مرجع سابق، ص: 20.
[[29]]url:#_ftnref29 - ومن المهم الإشارة إلى أن المجلس الأعلى وإن كان يقر بسمو اتفاقية هامبورغ على القانون الداخلي إلا أنه في بعض الأحيان لا يعلن ذلك صراحة كأن ينعي على المحكمة تطبيقها لقانون التجارة البحري دون توضيح أسباب استبعاد المعاهدة " قرار المجلس الأعلى رقم 380 بتاريخ 21/3/1999 الملف عدد 1994/97 التقرير السنوي للمجلس الأعلى 1999 ص 85. وكان من المحبذ تبني اتجاه واضح بخصوص التعليل وذلك بالإقرار أن المحكمة خرقت مبدأ سمو الاتفاقية الدولية.
[[30]]url:#_ftnref30 - قرار عدد 754 ملف رقم 4356/90 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 56 ص 177.
[[31]]url:#_ftnref31 - قرار رقم 141 الملف عدد 4394/93 التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 1999 ص 117.
[[32]]url:#_ftnref32 - l’Article 55 de la Constitution de la République Française stipule que : « Les traités ou accords régulièrement ratifiés ou approuvés ont, dès leur publication, une autorité supérieure à celle des lois, sous réserve, pour chaque accord ou traité, de son application par l’autre partie ».
[[33]]url:#_ftnref33 -l’Article 25 de la Constitution de la République Fédérale d’Allemagne stipule que : «The general rules of international law shall be an integral part of federal law. They shall take precedence over the laws and directly create rights and duties for the inhabitants of the federal territory. ».
[[34]]url:#_ftnref34 - مثل الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
[[35]]url:#_ftnref35 - هذا الاستنتاج قد يجد سنده أيضا قياسا على ما تم النص عليه من نشر للقوانين، والذي لا يعتد به إلا إذا كان نشرا في الجريدة الرسمية. وقد أكد القضاء المغربي منذ الحماية أن النشر شرط لازم لكي يصبح أي قانون إلزامي. ولقد أكد المجلس الأعلى هذا الاتجاه في قراره الصادر بتاريخ 03/11/72 حيث جاء فيه " إن قرار المقيم العام الصادر بتاريخ 02/9/1912 القاضي بإحداث الجريدة الرسمية في المغرب وإن كان لا يفرض بصفة دقيقة نشر النصوص في هذه الجريدة إلا أنه حدد الهدف من إحداث هذه الجريدة المتجلي في نشر النصوص والمراسيم والقرارات المتخذة بالمطابقة مع المبادئ الأساسية للقانون العام والتي تجعل من نشر النصوص شرطا ضروريا لصيرورتها ملزمة للخواص والمحاكم، وأن النشر هو الضمانة الوحيدة لإيصال العلم بهذه النصوص للأفراد والمجموعات.
[[36]]url:#_ftnref36 - ككل الدساتير المغربية السابقة (1962-1996 ) في الفصل 31 الذي كان ينص على أنه:" ...تقع المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور بإتباع المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع لتعديله".
[[37]]url:#_ftnref37 ظلت هذه الإشكالية متاحة بمقتضى الفصل 31 من دستور 1962 إلى دستور 1996 (نفس الفصل).
[[38]]url:#_ftnref38 للمزيد انظر: عادلة الوردي " استدراك خطا في مشروع الدستور أم فرض تعديل؟" مقال منشور في موقع العلوم القانونية والاقتصادية، سلسلة "وجهة نظر"، بتاريخ 26 يوليوز 2011 www.marocdroit.com
[[39]]url:#_ftnref39 - صادقت المملكة المغربية على هذه الاتفاقية بتاريخ 26 شتنبر 1972 ونشرت بالجريدة الرسمية للمملكة بتاريخ 27 نونبر 1974.