تداول أكاديميون وفاعلون مدنيون في ندوة بوجدة، السبت، في قانون الحق في الحصول على المعلومات على ضوء المراجعات المرتقبة له، هادفين إلى تعميق الفهم القانوني والحقوقي حول هذا الحق.
الندوة المنظمة من قبل جمعية رواد التغيير للتنمية والثقافة، بتنسيق مع ماستر التحول الرقمي.. الإعلام وحماية المعطيات، وبشراكة مع المؤسسة الألمانية “هنريش بول”، عرفت مداخلات عدة من أساتذة وطلبة ينتمون إلى جامعة محمد الأول بوجدة وباحثين في القانون وحقوق الإنسان، الذين سلّطوا الضوء على الإطار الدستوري والقانوني لقانون الحق في الحصول على المعلومات رقم 31.13، الذي دخل حيز التنفيذ منذ مارس 2018.
وأشار المتدخلون إلى أهمية هذا القانون في تعزيز الشفافية والمساءلة على مستوى المؤسسات العمومية، كما تم ربطه بالتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، خاصة في ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، التي يعتبر الحق في الحصول على المعلومات وجها آخر لها. غير أنهم نبّهوا، في الوقت ذاته، إلى “قصوره وضعف الاستفادة منه على أرض الواقع”.
كما تناول المشاركون حصيلة تفعيل القانون على المستوى الوطني والجهوي، حيث أشاروا إلى التحديات والإكراهات التي واجهت تطبيقه، مثل النشر الاستباقي للمعلومات والتفاعل مع طلبات المواطنين، موازاة مع التطرق إلى تجارب جماعات ترابية ومؤسسات عمومية في تفعيل القانون.
وشدّد المشاركون في الندوة على “ضرورة تحسين آليات تطبيق القانون بما يعزز من الحكامة الجيدة والديمقراطية التشاركية”، مقدّمين توصيات عملية للمراجعات المرتقبة لقانون الحق في الحصول على المعلومات بما يسهم في تيسير الولوج إلى المعلومة وتحسين العلاقة بين المواطنين والمؤسسات العمومية.
في هذا السياق، اعتبر بنيونس المرزوقي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بوجدة، أن أي تفكير في تعديل هذا القانون “الذي واكبت مختلف مراحل إصداره، يتطلب استحضار ثلاثة عناصر، من بينها أن لا مراجعة لهذا النص إلا بإعادة النقاش لإعادة تفسير الفصل 27 من الدستور”.
وقال المرزوقي في مداخلته: “إننا أمام نص ضيق بمسطرة طويلة وسط منظومة قانونية غير منسجمة”، داعيا إلى ملاءمته مع قانون الأرشيف وميثاق المرافق العمومية، مع توسيع ما أمكن الجهات التي يحق طلب الحصول على المعلومات منها.
ونبّه الأستاذ الجامعي ذاته إلى إشكالية عدم وضوح المقصود بالمرفق العمومي، الأمر الذي يشجع العديد من المؤسسات المطلوب منها الحصول على معلومات على رفض الطلب، بدعوى أنها ليست مرفقا عموميا، ضاربا المثال بالمكاتب القطاعية التابعة للوزارات.
من جانبه، رأى عبد الرحمان علال، باحث في حقوق الإنسان، أن انطلاق النقاش العمومي حول مراجعة القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، “يمثل فرصة مواتية لكل الفاعلين والمهتمين من أجل تدارك مختلف النقائص التي وسمت القانون منذ دخوله حيز التطبيق، ومناسبة لتمكين الجمعيات من الحصول على المعلومات، من خلال إعادة قراءة أحكام الفصل 27 من دستور 2011 في هذا الاتجاه، خصوصا بعد تصريح لجنة الحق في الحصول على المعلومات بأنه ترسخ لديها الاقتناع بضرورة مراجعته، وذلك في مداولتها الصادرة بتاريخ 12 مارس 2023”.
وأكد علال في مداخلته أن مواكبة لجنة الحق في الحصول على المعلومات، والسلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة لهذا النقاش العمومي، “يتعين أن يتم على قاعدة التشاور العمومي الواسع والمنفتح”.
ودعا الباحث ذاته، في هذا السياق، إلى “الانكباب على معالجة إشكاليات المجانية والكلفة والمعالجة، عملا بما ورد في التعليق العام رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي يعهد إليها السهر على حسن تطبيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي يوصي بألا تمثل كلفة الرسوم المفروضة على الطلبات المقدمة للحصول على المعلومات عائقا غير معقول للحصول عليها”.